محمود فالح مهيدات
09-01-2011, 07:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الدعوة إلى
تجديد الخطاب الإسلامي
1. الإسلام دين عالمي استوعب ويستوعب جميع الأعراق والأجناس، ومختلف صنوف المعارف وضروب العلم، ومختلف ألوان الثقافات العالمية، كما أنه نظم مناحي الحياة كافة. وتأتي عالمية الإسلام من عالمية بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أرسله الله للناس كافة: عربهم وعجمهم، أبيضهم وأسودهم، أصفرهم وأحمرهم، غنيهم وفقيرهم، شريفهم ووضيعهم، قال تبارك وتعالــــــــــــى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ ــــــــــ سبأ:28. وقال جلّ في علاه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ ــــــــــ الحجرات:13 . فالله تبارك وتعالى يذكّر البشرية بأن أصلهم واحد وأن أباهم واحد، وجعل مقياس التقوى المقياس الرباني الدقيق للتمييز بين شخص وآخر وللتفاضل بين الناس؛ وهذا ما أكده عليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع حيث قال ما معناه: ( أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى).
2. بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من دعوات محمومة للحرب على الإرهاب، وما أفضت إليه هذه الدعوات من اجتياح لأفغانستان وغزو واحتلال للعراق، فقد تعالت أصوات في أنحاء العالم ملصقة العنف والإرهاب بالعرب والمسلمين، فبات لسان حال الغرب يقول: " الإسلام والإرهاب صنوان " ... هذا بالتأكيد فهم خاطئ من الغرب للإسلام الحنيف، ويعزى سوء الفهم هذا إلى قصور الإعلام العربي الإسلامي وتقصير الدعاة في إيصال مفاهيم الإسلام الناصعة ودعوته السمحة إلى العقول الغربية، ومخاطبتهم بلغتهم وأساليبهم، ولن يتحقق هذا ما لم يكن هناك إعلام عربي إسلامي منظم، يسبر الأغوار ويعنى باللباب ويبتعد عن السطحية وسفساف الأمور.
3. تعالت الأصوات في العالم لمحاربة الغلو والتطرف، لدرجة أن المسلمين أنفسهم قد وضعوا الإسلام والمسلمين في قفص الاتهام، فنشطت النداءات لتطوير الخطاب الإسلامي ظناً منهم بأن العيب في الإسلام، وحاشاه من ذلك، وصدق الإمام الشافعي حيث قال:
نعيب زماننا والعيب فينـــــــــــــا// وما لزماننـــــــــــــا عيب سوانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب// ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
4. لا شك أن التجديد في كل الأمور أمر جيد ومحبب إلى النفس؛ وينسحب ذلك على الخطاب الديني، تمشياً مع روح العصر والتطور العالمي وليجيب على تساؤلات وتحديات العصر، ويوجه الأمة نحو البناء والتنمية والازدهار الحضاري، وهذه مسؤولية جسيمة يقع ثقلها على كواهل العلماء والمفكرين والدعاة المسلمين، عربهم وعجمهم. ونظراً للتطور العلمي والفكري الإنساني، وعلى ضوء المستجدات والمتغيرات المعاصرة، تبرز أهمية الخطاب الديني الإسلامي المنطلق من ثوابت العقيدة وقيمها الخالدة؛ فثوابت الدين راسخة لا تتغير ولا تتبدل ولا يمكن تجاوزها، إلا أن فهم هذه الثوابت متنوع ومتعدد رؤيوياً، فبات الاختلاف والتعدد الفكري والمذهبي ظاهرة صحية ورحمة للأمة، أما الفرقة والانقسام فداء عضال مدمر لجسم الأمة وكيانها.
الغلو في الدين
5. الغلو يعني الزيادة والارتفاع والمبالغة؛ أما الغلو في الدين فيعني المبالغة والتشدد والتصلب فيه لدرجة مجاوزة الحد.
6. الغلو والعنف صنوان؛ فالغلو ضده الاعتدال والعنف ضده الرفق، قال تبترك وتعالـــــــى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ...﴾ ـــــــــــ البقرة:143. يؤدي الغلو في الدين إلى الفرقة والاختلاف بدلاً من الوحدة وائتلاف، وبالتالي يؤدي إلى العنف، كما نشاهد ونسمع عن أحداث مؤلمة في مختلف أصقاع الدنيا، خصوصاً في العراق العربي المسلم.
7. لقد نهى الله تعالى عن الغلو في الدين في غير موضع ممن كتاب الله الكريم، فقال تعالى في سورة النساء: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ ...﴾ـــــــــ 171،وقال جلّ شأنه في سورة المائدة: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ...﴾ـــــــــ 77.
8. الأمن والسلام مطلب إنساني عالمي ملحٌّ، والإسلام هو الصوت الأقوى والأعلى والمنهج الأقوم والأمثل والأسمى الذي يدعو إلى نبذ العنف والغلوّ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم الأعلى صوتاً ضد المغالين في الدين والمتنطعين الذين يتدينون على نهج منحرف وغير سويّ ولا يتورعون عن استحلال الدماء المعصومة؛ قال عليه الصلاة والسلام: ( هلك المتنطّعون ـــــ قالها ثلاثاً )، وقال: ( إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)، وقال أيضاً: ( إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه)، وقال عليه السلام: ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)، وقال عليه السلام في خطبة حجة الوداع: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا وفي بلدكم هذا)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ألا أخبركم بشرار هذه الأمة؟ الثرثارون المتشدقون المتفيهقون، أولَا أنبؤكم بخيارهم، أحاسنهم أخلاقاً)، وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون) وعن عبد الرحمن بن شبل قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اقرؤوا القرآن ولا تغلوا فيع ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به). ويقول الله تعالى في الحديث القدسي الشريف: ( يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا).
9. من مظاهر الغلو في الدين.
أ. التنطع. هو التعمق والمغالاة ومجاوزة الحدّ في القول والفعل. فالمتنطعون المغالون في الدين هم الذين يتدينون على نهج منحرف وغير سويّ، ولا يتورّعون عن استحلال الدماء المعصومة.
ب. التكفير. يتجرأ المغالون في الدين على تكفير المسلمين الذين لايقتفون أثرهم ولا ينهجون نهجهم، وهم بذلك يحلّون دماء المسلمين بغير الحق، مما يقود إلى العنف والقتل وسفك الدماء البريئة.
جـ. التمسك بالقشور وسفساف الأمور وترك اللب والجوهر؛ فما يضير المسلم إن طالت لحيته أو قصرت أو كان حليقاً؟ وهل يضير المسلم طول ثوبه أو قصره؟
د. تلغيم العقول ومسحها وإفسادها، ويتضح ذلك بإقناع الأفراد بتفجير أنفسهم في المساجد وأماكن العبادة والأماكن العامة والتجمعات السكانية المكتظة، وجعلهم يعشقون القتل وسفك الدماء اعتقاداً منهم بأنهم إن ماتوا فهم شهداء مأواهم جنات الفردوس، ومصير الآخرين النار.
ه. العنف. كما ذُكر آنفاً، فإن العنف والغلو صنوان، فالعنف يؤدي إلى الفرقة والشحناء والاختلاف مما يزعزع كيان الأمة ويهدم بنيانها. وضد العنف الرفق الذي يؤدي إلى المحبة والوئام والائتلاف. وقد نهى المصطفى صلى الله عليه وسلم عن العنف وحثّ على الرفق فقال: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه).
10. إن (السلام) اسم من أسماء الله الحسنى، ومن أسمائه تعالى: اللطيف، الودود، الخبير، الرحمن، الرحيم،العدل، والرؤوف؛ فينبغي الدعوة إلى الله السلام اللطيف الودود الرحمن الرحيم العدل الرؤوف بسلوك متسامح وفعل رفيق مسالم وبعقول نظيفة من التفكير في الإثم والعدوان، والمتدرّع بمفاهيم السلام والأمن والرحمة ومحبة الخير والأمن للإنسانية.
11. ممّا لا شك فيه أن الاحتلال والكبت والحصار وإذلال الشعوب تولد المقاومة والعنف، والإنسان والإنسانية أهم ما في هذا الوجود، فلا بد من احترام الإنسانية وصيانة حقوق الإنسان، بحيث يكون هناك نظام كفؤ قادر يكفل الحريات ويحمي ويصون حقوق الإنسان، ويفتح أبواب المشاركة الاجتماعية على مصاريعها، ويحدّ من التطرف وتغوّل السلطة وهيمنتها، وينظم العلاقات بين مختلف فئات المجتمع الإنساني على أسس راسخة وقواعد متينة قوامها الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة، امتثالاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( خير الناس أنفعهم للناس ). كما ينبغي بثّ الوعي والكلمة الطيبة والدعوة إلى تقبل الآخرين والتعايش معهم، سيراً على هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ونهج الخلفاء المسلمين على مرّ العصور، إذ كانت الدولة الإسلامية المترامية الأطراف تضم مختلف الأعراق والأجناس والأديان والملل والنِحَل، ولكلٍّ حق المواطنة ضمن حدود الوطن، وله حقوق ينالها غير منقوصة، وعليه واجبات يؤديها كاملة، ولنا برسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، فقد حرص كل الحرص على معاملة غير المسلمين ( أهل الذمة ) في الدولة الإسلامية، فقال: ( من آذى ذمياً فقد آذاني ).
12. الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان؛ وبما أنها كذلك، فالتجديد والاجتهاد ضروريان إبرازاً لعمومية الشريعة الإسلامية وعالميتها وحلودها وصلاحيتها في كل زمان ومكان على مرّ العصور وتقلب الدهور. فالتجديد لا يعني بأية حال من الأحوال تغيير النصوص الشرعية وتبديلها، وإنما تطبيق النصوص بما يوافق العصر ويستوعب الأحداث ويتسع لمستجدات العلم والحضارة ومبتكرات السلوك الإنساني؛ فالتمسك بالسطحية والقشور لم يعد ينسجم ومستجدات العصر، فلا بد من الاهتمام بالجوهر والمضمون وترك القشور وسفساف الأمور.
مشروعية الجهاد
13. الجهاد باب من أبواب الجنة، كما قال الإمام علي كرم الله وجهه، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف )، وقال تبارك وتعالى: ﴿ لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾ ــــــــــــ النساء : 95 ، وقال جلّ شأنه: ﴿ ً الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ ﴾ ــــــــــــ التوبة : 20 ، وقال جلّ في علاه: ﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ــــــــــــ الصف : 11 ، وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟ فقال: ( رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه ). لقد شوّه الكثيرون مفهوم الجهاد ظنًّا منهم بأنه يعني القتل وسفك الدماء ليس إلاّ، وتنكبوا الحق وجانبوا الصواب إذ غفلوا أو تغافلوا بأن للجهاد وجوهاً عديدة ومراتب متعددة؛ فهناك الجهاد في ساحات الوغى والجهاد بالمال والجهاد بالقلم والجهاد بالكلمة وغير ذلك من ضروب الجهاد، ولا يعني الجهاد أبداً الاعتداء على الغير، قال تبارك وتعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ ــــــــــــ البقرة : 190. والجهاد لا يعني قتل الأبرياء لمجرد الرغبة في سفك الدماء، ولا قتل أهل الفضل والشيوخ والنساء والأطفال والعُزّل، ولا حتى قتل الحيوان أو عقر الأشجار أو حرق المحاصيل الزراعية ... كل هذا نهى عنه الإسلام ونبي الإسلام وخلفاء المسلمين على مرّ العصور والأزمان.
14. من وجوه التجديد المطلوبة في الخطاب الإسلامي ما يلي:
أ. مخاطبة المجتمع الإسلامي بلغة مفهومة، ومخاطبة شعوب الغرب بلغتهم وأساليبهم.
ب. تحفيز الشعوب والحكام للانخراط في التقدم العلمي.
جـ. فهم الدين فهماً مبنياً على الأسس العلمية الصحيحة والبعد عن التنطع والمغالاة.
د. مراعاة الأولويات وعدم الانشغال بالقضايا الفرعية وإهمال القضايا المهمة الكبرى.
ه. دراسة القضايا المعاصرة من الناحية الشرعية.
و. إطلاق طاقة التفكير السويّ بواسطة التعليم والثقافة والإعلام.
ز. تنقية وتنويع مصادر المعرفة.
ح. تنمية الإنتاج الثقافي.
ط. تنظيم إعلام إسلامي مرئي ومقروء ومسموع، وبالأخص إنشاء قناة فضائية إسلامية تبث بلغات متعددة، ويشرف عليها خبراء إسلاميون متخصصون.
وماذا في الاتجاه المعاكس؟
15. يُطالَب المسلمون بتجديد خطابهم الديني، فبماذا يُطالب الغرب؟ ينبغي أن يطالب الغرب بأشياء كثيرة: تجديد خطابهم الديني والسياسي والثقافي والاجتماعي ليؤدي بالتالي إلى تغيير نظرتهم السوداوية نحو العرب والمسلمين، فقد آن الأوان كي يتخلى الغرب عن غطرسته وغروره، وينظر بالحكمة والعقل والمنطق ليتعرف على الدين الذي رفد الإنسانية بحضارة رائعة ونُظم ٍ اجتماعية وأخلاقية ومالية وسياسية ودولية وديمقراطية ليس لها مثيل على سطح هذا الكوكب.
... محمود فالح مهيدات ...
الدعوة إلى
تجديد الخطاب الإسلامي
1. الإسلام دين عالمي استوعب ويستوعب جميع الأعراق والأجناس، ومختلف صنوف المعارف وضروب العلم، ومختلف ألوان الثقافات العالمية، كما أنه نظم مناحي الحياة كافة. وتأتي عالمية الإسلام من عالمية بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أرسله الله للناس كافة: عربهم وعجمهم، أبيضهم وأسودهم، أصفرهم وأحمرهم، غنيهم وفقيرهم، شريفهم ووضيعهم، قال تبارك وتعالــــــــــــى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ ــــــــــ سبأ:28. وقال جلّ في علاه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ ــــــــــ الحجرات:13 . فالله تبارك وتعالى يذكّر البشرية بأن أصلهم واحد وأن أباهم واحد، وجعل مقياس التقوى المقياس الرباني الدقيق للتمييز بين شخص وآخر وللتفاضل بين الناس؛ وهذا ما أكده عليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع حيث قال ما معناه: ( أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى).
2. بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من دعوات محمومة للحرب على الإرهاب، وما أفضت إليه هذه الدعوات من اجتياح لأفغانستان وغزو واحتلال للعراق، فقد تعالت أصوات في أنحاء العالم ملصقة العنف والإرهاب بالعرب والمسلمين، فبات لسان حال الغرب يقول: " الإسلام والإرهاب صنوان " ... هذا بالتأكيد فهم خاطئ من الغرب للإسلام الحنيف، ويعزى سوء الفهم هذا إلى قصور الإعلام العربي الإسلامي وتقصير الدعاة في إيصال مفاهيم الإسلام الناصعة ودعوته السمحة إلى العقول الغربية، ومخاطبتهم بلغتهم وأساليبهم، ولن يتحقق هذا ما لم يكن هناك إعلام عربي إسلامي منظم، يسبر الأغوار ويعنى باللباب ويبتعد عن السطحية وسفساف الأمور.
3. تعالت الأصوات في العالم لمحاربة الغلو والتطرف، لدرجة أن المسلمين أنفسهم قد وضعوا الإسلام والمسلمين في قفص الاتهام، فنشطت النداءات لتطوير الخطاب الإسلامي ظناً منهم بأن العيب في الإسلام، وحاشاه من ذلك، وصدق الإمام الشافعي حيث قال:
نعيب زماننا والعيب فينـــــــــــــا// وما لزماننـــــــــــــا عيب سوانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب// ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
4. لا شك أن التجديد في كل الأمور أمر جيد ومحبب إلى النفس؛ وينسحب ذلك على الخطاب الديني، تمشياً مع روح العصر والتطور العالمي وليجيب على تساؤلات وتحديات العصر، ويوجه الأمة نحو البناء والتنمية والازدهار الحضاري، وهذه مسؤولية جسيمة يقع ثقلها على كواهل العلماء والمفكرين والدعاة المسلمين، عربهم وعجمهم. ونظراً للتطور العلمي والفكري الإنساني، وعلى ضوء المستجدات والمتغيرات المعاصرة، تبرز أهمية الخطاب الديني الإسلامي المنطلق من ثوابت العقيدة وقيمها الخالدة؛ فثوابت الدين راسخة لا تتغير ولا تتبدل ولا يمكن تجاوزها، إلا أن فهم هذه الثوابت متنوع ومتعدد رؤيوياً، فبات الاختلاف والتعدد الفكري والمذهبي ظاهرة صحية ورحمة للأمة، أما الفرقة والانقسام فداء عضال مدمر لجسم الأمة وكيانها.
الغلو في الدين
5. الغلو يعني الزيادة والارتفاع والمبالغة؛ أما الغلو في الدين فيعني المبالغة والتشدد والتصلب فيه لدرجة مجاوزة الحد.
6. الغلو والعنف صنوان؛ فالغلو ضده الاعتدال والعنف ضده الرفق، قال تبترك وتعالـــــــى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ...﴾ ـــــــــــ البقرة:143. يؤدي الغلو في الدين إلى الفرقة والاختلاف بدلاً من الوحدة وائتلاف، وبالتالي يؤدي إلى العنف، كما نشاهد ونسمع عن أحداث مؤلمة في مختلف أصقاع الدنيا، خصوصاً في العراق العربي المسلم.
7. لقد نهى الله تعالى عن الغلو في الدين في غير موضع ممن كتاب الله الكريم، فقال تعالى في سورة النساء: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ ...﴾ـــــــــ 171،وقال جلّ شأنه في سورة المائدة: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ...﴾ـــــــــ 77.
8. الأمن والسلام مطلب إنساني عالمي ملحٌّ، والإسلام هو الصوت الأقوى والأعلى والمنهج الأقوم والأمثل والأسمى الذي يدعو إلى نبذ العنف والغلوّ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم الأعلى صوتاً ضد المغالين في الدين والمتنطعين الذين يتدينون على نهج منحرف وغير سويّ ولا يتورعون عن استحلال الدماء المعصومة؛ قال عليه الصلاة والسلام: ( هلك المتنطّعون ـــــ قالها ثلاثاً )، وقال: ( إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)، وقال أيضاً: ( إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه)، وقال عليه السلام: ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)، وقال عليه السلام في خطبة حجة الوداع: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا وفي بلدكم هذا)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ألا أخبركم بشرار هذه الأمة؟ الثرثارون المتشدقون المتفيهقون، أولَا أنبؤكم بخيارهم، أحاسنهم أخلاقاً)، وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون) وعن عبد الرحمن بن شبل قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اقرؤوا القرآن ولا تغلوا فيع ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به). ويقول الله تعالى في الحديث القدسي الشريف: ( يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا).
9. من مظاهر الغلو في الدين.
أ. التنطع. هو التعمق والمغالاة ومجاوزة الحدّ في القول والفعل. فالمتنطعون المغالون في الدين هم الذين يتدينون على نهج منحرف وغير سويّ، ولا يتورّعون عن استحلال الدماء المعصومة.
ب. التكفير. يتجرأ المغالون في الدين على تكفير المسلمين الذين لايقتفون أثرهم ولا ينهجون نهجهم، وهم بذلك يحلّون دماء المسلمين بغير الحق، مما يقود إلى العنف والقتل وسفك الدماء البريئة.
جـ. التمسك بالقشور وسفساف الأمور وترك اللب والجوهر؛ فما يضير المسلم إن طالت لحيته أو قصرت أو كان حليقاً؟ وهل يضير المسلم طول ثوبه أو قصره؟
د. تلغيم العقول ومسحها وإفسادها، ويتضح ذلك بإقناع الأفراد بتفجير أنفسهم في المساجد وأماكن العبادة والأماكن العامة والتجمعات السكانية المكتظة، وجعلهم يعشقون القتل وسفك الدماء اعتقاداً منهم بأنهم إن ماتوا فهم شهداء مأواهم جنات الفردوس، ومصير الآخرين النار.
ه. العنف. كما ذُكر آنفاً، فإن العنف والغلو صنوان، فالعنف يؤدي إلى الفرقة والشحناء والاختلاف مما يزعزع كيان الأمة ويهدم بنيانها. وضد العنف الرفق الذي يؤدي إلى المحبة والوئام والائتلاف. وقد نهى المصطفى صلى الله عليه وسلم عن العنف وحثّ على الرفق فقال: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه).
10. إن (السلام) اسم من أسماء الله الحسنى، ومن أسمائه تعالى: اللطيف، الودود، الخبير، الرحمن، الرحيم،العدل، والرؤوف؛ فينبغي الدعوة إلى الله السلام اللطيف الودود الرحمن الرحيم العدل الرؤوف بسلوك متسامح وفعل رفيق مسالم وبعقول نظيفة من التفكير في الإثم والعدوان، والمتدرّع بمفاهيم السلام والأمن والرحمة ومحبة الخير والأمن للإنسانية.
11. ممّا لا شك فيه أن الاحتلال والكبت والحصار وإذلال الشعوب تولد المقاومة والعنف، والإنسان والإنسانية أهم ما في هذا الوجود، فلا بد من احترام الإنسانية وصيانة حقوق الإنسان، بحيث يكون هناك نظام كفؤ قادر يكفل الحريات ويحمي ويصون حقوق الإنسان، ويفتح أبواب المشاركة الاجتماعية على مصاريعها، ويحدّ من التطرف وتغوّل السلطة وهيمنتها، وينظم العلاقات بين مختلف فئات المجتمع الإنساني على أسس راسخة وقواعد متينة قوامها الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة، امتثالاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( خير الناس أنفعهم للناس ). كما ينبغي بثّ الوعي والكلمة الطيبة والدعوة إلى تقبل الآخرين والتعايش معهم، سيراً على هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ونهج الخلفاء المسلمين على مرّ العصور، إذ كانت الدولة الإسلامية المترامية الأطراف تضم مختلف الأعراق والأجناس والأديان والملل والنِحَل، ولكلٍّ حق المواطنة ضمن حدود الوطن، وله حقوق ينالها غير منقوصة، وعليه واجبات يؤديها كاملة، ولنا برسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، فقد حرص كل الحرص على معاملة غير المسلمين ( أهل الذمة ) في الدولة الإسلامية، فقال: ( من آذى ذمياً فقد آذاني ).
12. الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان؛ وبما أنها كذلك، فالتجديد والاجتهاد ضروريان إبرازاً لعمومية الشريعة الإسلامية وعالميتها وحلودها وصلاحيتها في كل زمان ومكان على مرّ العصور وتقلب الدهور. فالتجديد لا يعني بأية حال من الأحوال تغيير النصوص الشرعية وتبديلها، وإنما تطبيق النصوص بما يوافق العصر ويستوعب الأحداث ويتسع لمستجدات العلم والحضارة ومبتكرات السلوك الإنساني؛ فالتمسك بالسطحية والقشور لم يعد ينسجم ومستجدات العصر، فلا بد من الاهتمام بالجوهر والمضمون وترك القشور وسفساف الأمور.
مشروعية الجهاد
13. الجهاد باب من أبواب الجنة، كما قال الإمام علي كرم الله وجهه، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف )، وقال تبارك وتعالى: ﴿ لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾ ــــــــــــ النساء : 95 ، وقال جلّ شأنه: ﴿ ً الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ ﴾ ــــــــــــ التوبة : 20 ، وقال جلّ في علاه: ﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ــــــــــــ الصف : 11 ، وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟ فقال: ( رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه ). لقد شوّه الكثيرون مفهوم الجهاد ظنًّا منهم بأنه يعني القتل وسفك الدماء ليس إلاّ، وتنكبوا الحق وجانبوا الصواب إذ غفلوا أو تغافلوا بأن للجهاد وجوهاً عديدة ومراتب متعددة؛ فهناك الجهاد في ساحات الوغى والجهاد بالمال والجهاد بالقلم والجهاد بالكلمة وغير ذلك من ضروب الجهاد، ولا يعني الجهاد أبداً الاعتداء على الغير، قال تبارك وتعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ ــــــــــــ البقرة : 190. والجهاد لا يعني قتل الأبرياء لمجرد الرغبة في سفك الدماء، ولا قتل أهل الفضل والشيوخ والنساء والأطفال والعُزّل، ولا حتى قتل الحيوان أو عقر الأشجار أو حرق المحاصيل الزراعية ... كل هذا نهى عنه الإسلام ونبي الإسلام وخلفاء المسلمين على مرّ العصور والأزمان.
14. من وجوه التجديد المطلوبة في الخطاب الإسلامي ما يلي:
أ. مخاطبة المجتمع الإسلامي بلغة مفهومة، ومخاطبة شعوب الغرب بلغتهم وأساليبهم.
ب. تحفيز الشعوب والحكام للانخراط في التقدم العلمي.
جـ. فهم الدين فهماً مبنياً على الأسس العلمية الصحيحة والبعد عن التنطع والمغالاة.
د. مراعاة الأولويات وعدم الانشغال بالقضايا الفرعية وإهمال القضايا المهمة الكبرى.
ه. دراسة القضايا المعاصرة من الناحية الشرعية.
و. إطلاق طاقة التفكير السويّ بواسطة التعليم والثقافة والإعلام.
ز. تنقية وتنويع مصادر المعرفة.
ح. تنمية الإنتاج الثقافي.
ط. تنظيم إعلام إسلامي مرئي ومقروء ومسموع، وبالأخص إنشاء قناة فضائية إسلامية تبث بلغات متعددة، ويشرف عليها خبراء إسلاميون متخصصون.
وماذا في الاتجاه المعاكس؟
15. يُطالَب المسلمون بتجديد خطابهم الديني، فبماذا يُطالب الغرب؟ ينبغي أن يطالب الغرب بأشياء كثيرة: تجديد خطابهم الديني والسياسي والثقافي والاجتماعي ليؤدي بالتالي إلى تغيير نظرتهم السوداوية نحو العرب والمسلمين، فقد آن الأوان كي يتخلى الغرب عن غطرسته وغروره، وينظر بالحكمة والعقل والمنطق ليتعرف على الدين الذي رفد الإنسانية بحضارة رائعة ونُظم ٍ اجتماعية وأخلاقية ومالية وسياسية ودولية وديمقراطية ليس لها مثيل على سطح هذا الكوكب.
... محمود فالح مهيدات ...