ياسر العتيق
09-07-2011, 06:35 AM
حياتنا بندول
نستيقظ في الصباح الباكر على تغاريد العصافير، مع قليل من الصداع الذي تحول مع مرور الزمن إلى مزمن، لتأخذ حبة أو اثنتين من (البندول) الذي يصفه لك الطبيب في كل زيارة، فلست بحاجة إلى زيارة أخرى يضيع معها الكثير من الجهد و الوقت.
تتناول الإفطار مع أولادك، و تخرجون سويا لتوصلهم إلى مدارسهم، وفي الطريق تتفاجأ في منتصف الشارع بخسف، تم التعامل معه بطريقة (بندولية) قبل شهر عن طريق ترصيص الإسفلت على التراب، ليعود مرة أخرى كما كان بل أسوء مما كان، وأنت بين خيارين أن تقع في صداع الخسف، أو أن ترمي السيارة بأسلوب (بندولي) على من بجانبك، و الله أعلم بالعواقب.
و ما إن تصل إلى مدرسة أبنائك إلا وتجد صداع الزحام على الأبواب الذي (تبندل) بتعيين حارس لا يحسن ترتيب ملابسه فضلا عن ترتيب السير و تنظيمه ولا ذنب له ولكنه ذنب من وظفه دون دورات أو تدريبات.
وبعد عناء مع الطريق تصل إلى مكتبك و قد بدأ الصداع بالعودة تدريجيا، ليستقبلك المدير بحفاوة امتعاض، و بين أحضانه الكثير من الملفات و المعاملات الطارئة التي تحتاج إلى عمل (بندولي) سريع، يحوّل مكتبك إلى قسم للطوارئ ليس له عمل سوى صرف (البندول) دون أي علاجٍ جذري، بل حين تحاول أن تشرح علاجك للمدير يقاطعك بقوله: "ليس عندي وقت لسماع تفاهاتك، هناك الكثير من القرارات (البندولية) من المدير العام للشركة، ويجب علي تنفيذها بأسرع وقت؛ هل تعلم أن تنفيذها هو من أوصلني إلى ما أنا عليه؟، فأرجوك لا تقطع علينا (بندولنا)".
تدخل عليك المعاملات الطارئة الواحدة تلو الأخرى، وأنت منهمك في صرف (البندول) إلى أن حان وقت الغداء، و الصداع في ازدياد مستمر، تذهب لتناول وجبة (بندولية) تسد بها الجوع فحسب، دون أن تعرف حاجة بدنك من الطعام نوعا وكما، فتحصل البطنة و المغص، علاوة على الصداع المزمن الذي بلغ أشده و استوى، و مع فراغ البندول تذهب إلى طبيب الشركة -إن كان هناك طبيب-، ليصرف لك البندول دون كشف حتى يتملص من المسؤولية، و بعد أخذ البندول، تذهب لتأدية صلاة الظهر بشكل (بندولي)، دون أن تعي ما تقول حتى يسقط عنك صداع الفرض لا غير.
تعود إلى عملك بعد (البندولات) المتتالية، لتقوم أنت بعمل البندول مع المعاملات إلى أن يحين موعد الانصراف ولم تنته بعد، مما يلزمك بالبقاء ساعة إضافية، رغم أن عملك لا يتعدى صرف البندول الذي يمكن أن يقوم به من يحمل شهادة متوسطة فضلا عن الجامعي و صاحب التخصص، كما هو الحال في صيدلياتنا المحترفة، التي توظف أصحاب السوابق في بلدانهم ليأتون إلينا بتأشيرات تخولهم للعمل في الصيدليات التي تصرف (البندولات)، بل وصل الحال بهم أن يصبحوا أطباء يعبثون بأرواحنا و أجسادنا و مديرين يعبثون بأموالنا و ممتلكاتنا.
بعد ساعة إضافية من روشتات (البندول)، تعود للمنزل بعد أن تمضي ساعة أخرى في الطريق رغم قرب المسكن، و ذلك لتضارب أعمال الصيانة (البندولية) بين كهرباء و صرف صحي و أعمال الطرق، كل (بندول) بحسب الصداع الذي يشعر به، ليتصرف قائدو السيارات تصرفات تدل على (بندولاتهم): فهذا يعكس السير، و الآخر يقود على الرصيف، مما يزيد الحاجة إلى جرعة كبيرة من البندول بعد الحوادث المتتالية.
تصل إلى البيت وأنت بأمس الحاجة إلى (بندول أكسترا) الفعال مع فنجان قهوة أو كوب، لتسامر زوجتك و أولادك بحوارات ذات طابع (بندولي)، تحت شعار " البندول و الرأي الآخر" وذلك عن طريق البندولات التالية:
1- ماني فاضي لك ولا لاعيالك.
تعليق: لاقيهم في الشارع مثلا.
2- توك صغير على هالكلام.
تعليق: يعني متى يتعلم بعد ما تموت مثلا.
3- أمسكي اعيالك عني أبلشوني.
يعني: ما أدري هم عيالك ولا معتقلين سياسيين مثلا.
و ما أشبه ذلك من الإجابات (البندولية) التي تهدف إلى إسكات الآخر، وهو أسلوب يستخدمه من يدعي قبول الرأي الآخر وهم قوم (بندوليون)، تطالعنا الصحف بكتاباتهم كل يوم بجواز الاختلاط حتى يتسنى للمرأة العمل و العيش، و يمكن حل مشكلتها المادية (ببندول) الكاشير، و كأنها لا تستطيع العمل إلا عن طريق الاختلاط و التبرج، بينما يحقنون صداع الغرق الذي تسبب به فكرهم (البندولي)، بجرعة عالية من (البندول) تصيب العقل بضمور يصل إلى الإصابة بالزهايمر، فإما أن تقبل (ببندولهم) و تصبح بندوليا -خطأ مطبعي تنويريا- و إلا كنت ظلاميًا متحجرًا رجعيًا.
وبعد الحوارات (البندولية) شديدة الصداع تلجأ للتلفاز محاولا الاستجمام قليلا، تريد أن تعرف ما يدور حولك من أحداث:
- هذا الشعب يتظاهر من أجل استقالة (بندولية)، يسكن بها صداع الغضب الناتج عن الظلم، يخلفه صداع أكبر وهو العيش بلا حكومة و نظام، و تنتقل البلد من حكومة بندولية إلى حكومة بندولية -خطأ مطبعي: حكومة انتقاليه-، و الله أعلم متى تشخص الحالة بشكل عقلاني.
- وفي المقابل تخشى الحكومات الأخرى مما حصل في البلدان المجاورة لتصدر قرارات (بندولية):
تقرأ على الشاشة:"عاجل:صرف رواتب (بندولية) لكل مواطن، و عشرة آلاف لكل مواطن"، و المذيع يقول: "إجازة (بندولية) لكافة القطاعات الحكومية و الأهلية بمناسبة عيد الإستقلال".
دون أي تشخيص مفصل للحالة يساعد على اتخاذ قرارات علاجية لا (بندولية)، يتم من خلالها تغيير الأنظمة الصداعية الأزلية وفق شرع الله بدلا من (البندولات) التي سئمنا منها.
تضغط على زر الريموت باحثًا عن قناة رياضية ترجو المتعة و الإثارة، بعد أن كدرك ما سمعت و قرأت، وإذا بوقت الأخبار الرياضية قد حان:
إنجاز (بندولي): "حقق الدوري الفلاني المركز السادس عشر على العالم في تصنيف العالمي للدوريات"، رغم أنه عجز عن تحقيق كأس الخليج، فضلا عن تجاوز الأدوار التمهيدية في كأس آسيا، ليعقب هذا الفشل قرار (بندولي) باستقالة المسؤول و تعيين نائبه امتصاصا لصداع الشارع الرياضي.
أقولها بحرقة: حياتنا بندول في بندول حتى هذا المقال لا يعدو كونه (بندول)، يطرد به كاتبه صداع التقاعس عن العمل و التطبيق طلبا لراحة مزيفة، يعود بعدها صداع المسؤولية الذي يحتاج إلى جرعة زائدة من الحرف (البندولي)، لنصل إلى مرحلة لا يجدي فيها البندول نفعا، لننتقل إلى الموروفين، حتى نصل إلى نتيجة حتمية: إما الموت البطيء، أو الانفجار الناتجين عن إهمالنا للعلاج الجذري للمشكلة.
البندول مطلوب لتسكين المشكلة حتى يتسنى لنا علاجها بسهولة ويسر دون إزعاج الألم، ولكننا للأسف نستبدل النتائج طويلة الأمد التي يعقبها صحة وعافية، بالنتائج السريعة التي لا تدوم.
للأسف نحن قوم (بندوليون) وحياتنا بندول في بندول.
كتب البندول/
ياسر بن إبراهيم العتيق
: )
نستيقظ في الصباح الباكر على تغاريد العصافير، مع قليل من الصداع الذي تحول مع مرور الزمن إلى مزمن، لتأخذ حبة أو اثنتين من (البندول) الذي يصفه لك الطبيب في كل زيارة، فلست بحاجة إلى زيارة أخرى يضيع معها الكثير من الجهد و الوقت.
تتناول الإفطار مع أولادك، و تخرجون سويا لتوصلهم إلى مدارسهم، وفي الطريق تتفاجأ في منتصف الشارع بخسف، تم التعامل معه بطريقة (بندولية) قبل شهر عن طريق ترصيص الإسفلت على التراب، ليعود مرة أخرى كما كان بل أسوء مما كان، وأنت بين خيارين أن تقع في صداع الخسف، أو أن ترمي السيارة بأسلوب (بندولي) على من بجانبك، و الله أعلم بالعواقب.
و ما إن تصل إلى مدرسة أبنائك إلا وتجد صداع الزحام على الأبواب الذي (تبندل) بتعيين حارس لا يحسن ترتيب ملابسه فضلا عن ترتيب السير و تنظيمه ولا ذنب له ولكنه ذنب من وظفه دون دورات أو تدريبات.
وبعد عناء مع الطريق تصل إلى مكتبك و قد بدأ الصداع بالعودة تدريجيا، ليستقبلك المدير بحفاوة امتعاض، و بين أحضانه الكثير من الملفات و المعاملات الطارئة التي تحتاج إلى عمل (بندولي) سريع، يحوّل مكتبك إلى قسم للطوارئ ليس له عمل سوى صرف (البندول) دون أي علاجٍ جذري، بل حين تحاول أن تشرح علاجك للمدير يقاطعك بقوله: "ليس عندي وقت لسماع تفاهاتك، هناك الكثير من القرارات (البندولية) من المدير العام للشركة، ويجب علي تنفيذها بأسرع وقت؛ هل تعلم أن تنفيذها هو من أوصلني إلى ما أنا عليه؟، فأرجوك لا تقطع علينا (بندولنا)".
تدخل عليك المعاملات الطارئة الواحدة تلو الأخرى، وأنت منهمك في صرف (البندول) إلى أن حان وقت الغداء، و الصداع في ازدياد مستمر، تذهب لتناول وجبة (بندولية) تسد بها الجوع فحسب، دون أن تعرف حاجة بدنك من الطعام نوعا وكما، فتحصل البطنة و المغص، علاوة على الصداع المزمن الذي بلغ أشده و استوى، و مع فراغ البندول تذهب إلى طبيب الشركة -إن كان هناك طبيب-، ليصرف لك البندول دون كشف حتى يتملص من المسؤولية، و بعد أخذ البندول، تذهب لتأدية صلاة الظهر بشكل (بندولي)، دون أن تعي ما تقول حتى يسقط عنك صداع الفرض لا غير.
تعود إلى عملك بعد (البندولات) المتتالية، لتقوم أنت بعمل البندول مع المعاملات إلى أن يحين موعد الانصراف ولم تنته بعد، مما يلزمك بالبقاء ساعة إضافية، رغم أن عملك لا يتعدى صرف البندول الذي يمكن أن يقوم به من يحمل شهادة متوسطة فضلا عن الجامعي و صاحب التخصص، كما هو الحال في صيدلياتنا المحترفة، التي توظف أصحاب السوابق في بلدانهم ليأتون إلينا بتأشيرات تخولهم للعمل في الصيدليات التي تصرف (البندولات)، بل وصل الحال بهم أن يصبحوا أطباء يعبثون بأرواحنا و أجسادنا و مديرين يعبثون بأموالنا و ممتلكاتنا.
بعد ساعة إضافية من روشتات (البندول)، تعود للمنزل بعد أن تمضي ساعة أخرى في الطريق رغم قرب المسكن، و ذلك لتضارب أعمال الصيانة (البندولية) بين كهرباء و صرف صحي و أعمال الطرق، كل (بندول) بحسب الصداع الذي يشعر به، ليتصرف قائدو السيارات تصرفات تدل على (بندولاتهم): فهذا يعكس السير، و الآخر يقود على الرصيف، مما يزيد الحاجة إلى جرعة كبيرة من البندول بعد الحوادث المتتالية.
تصل إلى البيت وأنت بأمس الحاجة إلى (بندول أكسترا) الفعال مع فنجان قهوة أو كوب، لتسامر زوجتك و أولادك بحوارات ذات طابع (بندولي)، تحت شعار " البندول و الرأي الآخر" وذلك عن طريق البندولات التالية:
1- ماني فاضي لك ولا لاعيالك.
تعليق: لاقيهم في الشارع مثلا.
2- توك صغير على هالكلام.
تعليق: يعني متى يتعلم بعد ما تموت مثلا.
3- أمسكي اعيالك عني أبلشوني.
يعني: ما أدري هم عيالك ولا معتقلين سياسيين مثلا.
و ما أشبه ذلك من الإجابات (البندولية) التي تهدف إلى إسكات الآخر، وهو أسلوب يستخدمه من يدعي قبول الرأي الآخر وهم قوم (بندوليون)، تطالعنا الصحف بكتاباتهم كل يوم بجواز الاختلاط حتى يتسنى للمرأة العمل و العيش، و يمكن حل مشكلتها المادية (ببندول) الكاشير، و كأنها لا تستطيع العمل إلا عن طريق الاختلاط و التبرج، بينما يحقنون صداع الغرق الذي تسبب به فكرهم (البندولي)، بجرعة عالية من (البندول) تصيب العقل بضمور يصل إلى الإصابة بالزهايمر، فإما أن تقبل (ببندولهم) و تصبح بندوليا -خطأ مطبعي تنويريا- و إلا كنت ظلاميًا متحجرًا رجعيًا.
وبعد الحوارات (البندولية) شديدة الصداع تلجأ للتلفاز محاولا الاستجمام قليلا، تريد أن تعرف ما يدور حولك من أحداث:
- هذا الشعب يتظاهر من أجل استقالة (بندولية)، يسكن بها صداع الغضب الناتج عن الظلم، يخلفه صداع أكبر وهو العيش بلا حكومة و نظام، و تنتقل البلد من حكومة بندولية إلى حكومة بندولية -خطأ مطبعي: حكومة انتقاليه-، و الله أعلم متى تشخص الحالة بشكل عقلاني.
- وفي المقابل تخشى الحكومات الأخرى مما حصل في البلدان المجاورة لتصدر قرارات (بندولية):
تقرأ على الشاشة:"عاجل:صرف رواتب (بندولية) لكل مواطن، و عشرة آلاف لكل مواطن"، و المذيع يقول: "إجازة (بندولية) لكافة القطاعات الحكومية و الأهلية بمناسبة عيد الإستقلال".
دون أي تشخيص مفصل للحالة يساعد على اتخاذ قرارات علاجية لا (بندولية)، يتم من خلالها تغيير الأنظمة الصداعية الأزلية وفق شرع الله بدلا من (البندولات) التي سئمنا منها.
تضغط على زر الريموت باحثًا عن قناة رياضية ترجو المتعة و الإثارة، بعد أن كدرك ما سمعت و قرأت، وإذا بوقت الأخبار الرياضية قد حان:
إنجاز (بندولي): "حقق الدوري الفلاني المركز السادس عشر على العالم في تصنيف العالمي للدوريات"، رغم أنه عجز عن تحقيق كأس الخليج، فضلا عن تجاوز الأدوار التمهيدية في كأس آسيا، ليعقب هذا الفشل قرار (بندولي) باستقالة المسؤول و تعيين نائبه امتصاصا لصداع الشارع الرياضي.
أقولها بحرقة: حياتنا بندول في بندول حتى هذا المقال لا يعدو كونه (بندول)، يطرد به كاتبه صداع التقاعس عن العمل و التطبيق طلبا لراحة مزيفة، يعود بعدها صداع المسؤولية الذي يحتاج إلى جرعة زائدة من الحرف (البندولي)، لنصل إلى مرحلة لا يجدي فيها البندول نفعا، لننتقل إلى الموروفين، حتى نصل إلى نتيجة حتمية: إما الموت البطيء، أو الانفجار الناتجين عن إهمالنا للعلاج الجذري للمشكلة.
البندول مطلوب لتسكين المشكلة حتى يتسنى لنا علاجها بسهولة ويسر دون إزعاج الألم، ولكننا للأسف نستبدل النتائج طويلة الأمد التي يعقبها صحة وعافية، بالنتائج السريعة التي لا تدوم.
للأسف نحن قوم (بندوليون) وحياتنا بندول في بندول.
كتب البندول/
ياسر بن إبراهيم العتيق
: )