المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مأساة الأقلام الحرة


الشاعر جمعة عبد العال
10-16-2011, 08:08 PM
مأساة الأقلام الحرة

بقلم / جمعة عبد العال

( ليس كل من يكتب مثقفا ) هذه القضية الكلية السالبة قضية منطقية نستطيع أن نطبقها بجدارة على من يسمون أنفسهم بالمثقفين وأشباه المثقفين مما يجعلنا نميل إلى القول بأن الأمة مطالبة أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة النظر في مثقفيها قبل النظر إلى حكامها ...
إن المثقف الحقيقي هو الذي يفكر ويبحث ويكتب ويجادل في الواقع معتمدا على العقل وهو الأداة الصالحة الوحيدة لإدراك حقائق الوجود ومعيارا لوضع قواعد السلوك ودلالة هامة من دلائل الحياة
إن المثقف الجيد هو الذي لا يقبل بثقافة القمع والقهر والاستلاب وهو الذي لا يمجد ولا يزين لأحد سوء عمله وهو الذي يصدق عليه قول الشاعر :

أنا لا أقر على القبيح مهابة
إن القرار على القبيح نفاق

وهو الذي يؤسس لثقافة وطنية بأبعادها الإنسانية التي تخدم الأمة وتصون كرامتها معتمدا في ذلك على احترام حقوق الإنسان والتعدد الفكري والسياسي كضرورة إنسانية .
إن المثقف الحر هو صاحب رسالة ودور وقضية وهذا الدور ليس مرحليا بل هو رسالة مستقبلية و إن الكثير من المثقفين وأشباههم اندمجوا في التنظيمات التي انتموا إليها وحولوا أنفسهم إلى ثلة من الحزبيين والأتباع والأنصار والى أبواق تدافع عن سياسة أحزابهم وبرامجها , فسيطرت السياسة على الثقافة ولم يعملوا على مساعدة مجتمعهم على التحرر والتطور وأخضعوا وظيفتهم الثقافية والمعرفية للغرض السياسي ولم يميزوا أنفسهم كحملة مشروع فدار المثقفون في فلك الأحزاب مما أدى إلى تراجع المعرفة وتدهورها ...
فنحن لا نتوقع أبدا ممن يدافع عن راتبه ومنصبه وحزبه أن يدافع عن حقوق الإنسان لأن المجتمع الحزبي لا ينتج إلا ثقافة حزبية رخيصة وضيقة وغير قادرة على اتخاذ قرارات لصالح جميع المواطنين
إن طوابير المرتزقة الذين يعيشون على عصير أمعائهم لا ثقافة لهم ولا أخلاق فأصبح المثقف الحقيقي يعيش غربة الوطن في الوطن وطن الحزن الممزوج بأحلام الفقراء التي لا تتساوى مع أحلام الأغنياء والأغبياء
نعم هذا هو زمن الوهم والخديعة الزمن الذي أصبحت فيه الأقلام الحرة أحزمة ناسفة ممنوع حملها وتداولها وأنا لم أكن متطرفا حين أتهم كل الحكومات التي حكمت لدينا أن أوفت بعهودها وعقودها اتجاه مواطنيها فلم نسمع من هذه الحكومات المشغولة بالمناصب وتوزيع ثروات البلاد على المناصرين والأتباع والأعوان سوى التصريحات الفارغة وترتيب البيت الذي لا يتسع إلا لأعضائها فقط البيت الذي كتب على أبوابه :
من لم يكن معنا لا يطرق بابنا ...
إن معظم الناس قد خدعوا بالشعارات الزائفة التي لم نجن منها إلا المزيد من المعتقلات والحروب والصراعات وتحويل الوطن إلى مربعات أمنية أدى ذلك إلى تراجع خطير في مستوى التمنية والخدمات والحريات
ولما كانت الأسئلة أهم من الأجوبة نقول : هل التزمت أي حكومة حزبية بواجباتها كاملة اتجاه مواطنيها ؟؟ هل احترمت آراءهم وقناعاتهم الشخصية ولم يجن ِ مواطنوها سوى التخوين وتلفيق التهم في غرف التعذيب والتلصص عليهم ؟؟ هل شعرت هذه الحكومات بالخجل وهي تتعرض للكتاب والأقلام الوطنية الحرة والمجاهدة ؟؟ هل صدقت هذه الحكومات في احترام برنامجها الانتخابي ولم تكذب على مواطنيها في كل علاقاتها وأخلاقها هل احترمت دماء الشهداء والأبطال الذين سقطوا دفاعا عن الوطن كما تدعي ؟؟
إن هذه الحكومات الحزبية لم تحترم أحدا لا كبيرا ولا صغيرا بل أدخلت الأحزان إلى كل بيت وأوغلت في السلب والنهب والاحتقار والتهميش واستخدام أساليب الاستعلاء والعجرفة مع مواطنيها والتعامل بخسة ونذالة والاستهتار بأرواح وكرامة الناس فانتشرت الأحقاد والصراعات وتفسخ النسيج الاجتماعي كل ذلك بسبب حفنة المراهقين والمقامرين الأشقياء الذين لا يملكون من الحكمة والعقل شيئا مما يجعلنا نصرخ بأعلى أصواتنا لا تلقوا بحكم الشعب في أيدي الأطفال !!!
لقد أصبنا جميعا بالإحباط وفقدان الرؤية والأمل وأصبحنا جميعا غير قادرين على التمييز بين الخير والشر وبين الحرية والعبودية والماضي والحاضر ومن هو المجرم ومن هو القائد ومن هو المفكر ومن هو الدجال ومن هو العدو والصديق ؟؟؟
لقد وصلنا إلى طريق مسدود لا نحسد عليه من التداعي والانهيار في كل أبنية المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والروحانية والجمالية والثقافية
إن ما يشعر الإنسان بالمرارة في هذا الوطن الذي ناضل من اجله ودفع الثمن من خيرة أبنائه وإخوانه من أجل الكرامة والحرية جعلنا نسخر من أنفسنا لنصيح عاليا : آآآه ما أتعسنا إلى الجحيم أيها الوطن الساكن في قلوبنا
نعم إن مناظر هذه الطوابير والجماهير الزاحفة إلى مراكز التموين للحصول على الكابونات وجموع الأرامل والثكالى اللواتي يقصدن المؤسسات الخيرية ومكاتب العمل ومكاتب البطالات وعمال الأنفاق الذين يعملون بنظام السخرة هذه الأنفاق التي أكلت خيرة شبابنا وفلذات أكبادنا من أجل حفنة من أسافل القوم حتى أصبح الوطن قرشا وكرش !!!
فامتلأت بطونهم وجيوبهم من عرق هؤلاء العمال ..
هذا هو وطن الأشقياء الذين يقضون أعمارهم يركضون وراء لقمة العيش دون أن يكون الواحد منهم متأكدا على الحصول عليها لأنه لم يشعر يوما بالأمن والأمان وأن يأمن على غده حتى مساجدنا والتي من المفروض أن تخفف من ويلاتنا أصبحت مقرات اجتماعات وإعلان مواقف سياسية وسيطر الإسلام السياسي على المجتمع عن طرق الكم الهائل من الفتاوى المستندة إلى الحقائق المطلقة في ظل هذه الأوضاع المتردية انتشر ما يعرف بظاهرة الصالونات الأدبية التي يقودها من يحملون حرف الدال وما أكثرهم هذه السنوات هؤلاء الذين لا يهمهم تحليل الواقع واحتياجاته بقدر ما يهمهم التلميع والترويج للثقافة الحزبية وتحولوا إلى أدوات قمع وتنكيل بالخصوم واحتقار المثقف والأديب المبدع وتهميش الإبداع وإسكات الصوت الحر وممارسة العنف ضد المعارضين هؤلاء الذي يصدرون ثقافة جاهزة في غرف الفنادق الفاخرة وأروقة الشاليهات الممتدة على شواطئ أوطاننا لن يفلحوا أبدا في كسب رضا الشعوب لأن الآلام التي نكابدها هائلة وعظيمة ...
في هذا الوضع يجد المثقف الحر نفسه مجردا من حماية المجتمع له لأن الجماعة الجهوية والنخبوية أعطت لنفسها الحق في تمثيل الجماعة وسيطرت على مقدرات الحكم وتسخيرها خدمة لبقائها ونقول لهؤلاء : إن القمع لا يخلق الرضا وإنما يخلق السخط الثوري وإن العلماء والمثقفين هم ضمير الأمة وبوصلتها للوصول إلى توهجها الحضاري وإن سيف الدولة مهما استطال ومهما علا صوت مدافعها لا يمكن أن ينتصر على الأقلام الحرة لأن صوت الأقلام الحرة أقوى من صوت المدافع ...

مها يوسف
10-16-2011, 08:30 PM
الاخ العزيز والشاعر القدير
جمعة عبد العال
شكرا لك على المقال الجميل والمعبر
مقال رائع ومهم ومعبر عن اوجاع الوطن والامة
حرر الله فلسطيننا الحبيبة من أيادي المحتل
وحفظكم الله وحفظ اقلامكم يا رائعون
شكرا لك دام خاطرك والقلم ودمت بخير مشكور يا عزيزي


اعتقد ان المقالة تنقل لمنتدى القلم الحر
شكرالك

ذكرى الغالي
10-17-2011, 01:09 PM
سلمت يداك
تقديري واحترامي لشخصك
وقلمك الراقي
ذكرى الغالي

مها يوسف
10-18-2011, 06:07 PM
الاخ العزيز الشاعر الكريم
جمعة عبد العال
اهنئكم اخي بفرحتكم بعودة الأسرى
الف مبارك لكم ولأخوتنا في فلسطين
المحتل ادعوا لكم بالتحرير العاجل بإذن الله
والله يصلح الاحوال

محمود خير بك
10-20-2011, 11:18 AM
جمعة عبد العال
شكرا على المقال المهم
من قلبي لك كل الود

الشاعر جمعة عبد العال
10-25-2011, 08:44 AM
الرائعة دوما مها يوسف فعلا كان فجرا باسما ويوما رائعا يوم تحرير الاسرى يوما مشهوداخرجت من الصباح الباكر وكنت على معبر رفح فى ذلك اليوم لاننى انا جار المعبر والمعبر لم يبعد عنى سوى امتار وفى اليوم التالى زرت 17 اسيرا فى بلدتى رفح الصمود فلعة التحدى وكان يوما رائعا والمشهد لا يوصف سلامى لكى ولكل الاخوة وشكرا على اهتمامك بقضايا الامة الوطنية دمتى بود

مها يوسف
10-25-2011, 11:57 AM
الرائعة دوما مها يوسف فعلا كان فجرا باسما ويوما رائعا يوم تحرير الاسرى يوما مشهوداخرجت من الصباح الباكر وكنت على معبر رفح فى ذلك اليوم لاننى انا جار المعبر والمعبر لم يبعد عنى سوى امتار وفى اليوم التالى زرت 17 اسيرا فى بلدتى رفح الصمود فلعة التحدى وكان يوما رائعا والمشهد لا يوصف سلامى لكى ولكل الاخوة وشكرا على اهتمامك بقضايا الامة الوطنية دمتى بود



اشكرك اخي العزيز على ردك الطيب
والف حمداُ لله على كل شيء يسعدني ان اسمع اخباركم
بارك الله بك يا غالي وباخوتنا جميعاُ في فلسطين جميعنا اخوة
ودوماً سنبقى نحارب بأقلامنا حتى التحرير
واني اتفاءل بتحرير قريب وبإذن الله نزوركم في قدسنا الغالي
وهذا يا عزيزي رابط الخاطرة التي كتبتها يوم تحرير الآسرى
اتمنى ان تقراءتها واتمنى تعجبك دمت بخير يا اخي الطيب
مشكور

احمد بن هادي
11-04-2011, 04:11 AM
الكاتب القدير جمعة عبد العال
مقال من العيار الثقيل حقاً وللأسف هذا هو واقعنا إلا من رحم ربك منهم أجمعين
ولا يكتب الثقافة إلا مثقف ولا يكتب الشعر إلا شاعر ولا يخط الخطبة إلا خطيب
ولا يكتب النثر إلا ناثر ولا يكتب القصة إلا قاص ولا يكتب المقالة إلا كاتب مقالة
ولا يغني إلا فنان ولا يطرب إلا مطرب ولا يرسم إلا رسام ولا ينحت إلا نحات
أما ما عدا ذلك فلن يستمر مهما دامت له الظروف التي أتاحت له فرصة الظهور

عطر الزهور
12-01-2011, 02:43 PM
http://kll2.com/upfiles/XOT32284.gif (http://kll2.com/)
لحرية قلمك