ياسر العتيق
01-03-2012, 06:16 AM
ولدي يقول:
تـثـتهبل-تستهبل-
http://mohamedayash.com/wordpress/wp-content/uploads/2011/03/idea.jpg
فكرةٌ تتمخض في رأسي منذ أسابيع، و قد أخذت بالتخلق رويدًا رويدًا، إلى أن بلغت أشدها و استوت؛ ولكنني لا زلت مترددًا هل أخوض غمارها، و أتحمل نتائجها العكسية الحتمية التي تخالف ما عليه ثقافة المجتمع، أم أحجم مخالفًا لرغبتي، حتى أبقى سالما من كل ضرر نفسي و جسدي محتمل، قلت في نفسي: ما ندم من استشار و ما خاب من استخار، و خير من تستشير هم الأقربون، ولكن للأسف زادوني حيرة على حيرة، ما بين مؤيد و معارض.
فأحدهم يقول: صاحي أنت ولا مهبوووووول...؟!
و نقيضه يقول: أكوس شي والله فله أنت كذا أوكي.
و في المقابل يقول أحدهم: أنت متخيل نفسك تسوي هالشي، بسم الله عليك الرحمن الرحيم، نقرا عليك.
وهذا بسليقته يقول: (أطـ..-تشفير-.. ما تشوف) ما عليك من احد سوها.
وآخر يستخف دمه ويقول: مدري أنت تحس أنك في أمريكا مثلا، ولا أسمك ياسر مايكل مثلا، أركد بس اركد.
و هذا خربها و قال: لا يا شيخ! قل قسم! وش رايك تحلق لحيتك بعد، وتسوي قصة رونالدو، وش تحس به؟!
وخبيرهم يقول: أنـــــــتبه، لا تقدم عليها إلا وقد سبرت أغوار الفكرة، ونظرت لها من كل الزوايا، حتى تعلم ما وراء الأكمة من إيجابياتها و سلبياتها
– يا ساتر حسيت اني بسوي انقلاب-.
(فيس ضايع): يا الله ماذا أفعل؟!،لابد من إعادة التفكير لترتيب الأوراق.
وبعد التمحيص و الرويّة، اتخذت القرار الصارم بتنفيذ الفكرة، ضارب بكل الآراء عرض الحائط – أوخس يا قوي-، و استخرت الله حتى يطمئن قلبي، وخلوت بنفسي من أجل تهيئتها نفسيًا و معنويًا لجميع العواقب المحتملة، وأنا على هذه الحال إلى أن حانت ساعة الصفر.
عدت إلى المنزل في اليوم الذي سأحضر فيه المعدات اللازمة لتطبيق الفكرة، و الحمد لله لم يكن في البيت سوى زوجتي و ولدي إبراهيم.
– يرحم أم الثقة اللي تعرفها، أجل قرار صارم -.
أنا: السلام عليكم، بروح أجيب الـ.........
زوجتي باستغراب: ما شاء الله خلاص قررت يعني.
أنا: نعــــم، و بكل أصرار و عزيمة.
-أستريييييييييييييييييييح-
زوجتي: زيـــن الله يسهل امرك، لكن وش رايك تاخذ برهوم معك، مسكين طفشان ما عنده احد؟
أنا: إن شاء الله باخذه معي.
انتظرت وقت الغروب حتى يسدل الظلام ستاره على العيون، فاخرج و أعود دون أن يلحظني أحد، شربت قهوتي حتى أعدل مزاجي –لابد من صفاء الذهن-، و غيرت ملابسي، و لما لم يبق على المغرب إلا القليل قلت لولدي بعد أن أخذت نفسا عميقًا و ابتسامة تخفيان ترددي:
بروهم تروح معي باشتري لي ....... ؟!
وإذ بعلامة تعجب كبيرة تغطي ملامح الطفولة و البراءة، وهو يرد بكل عفوية مبتسماً: تـثـتـهـبـل –تستهبل-.
ابتسمت و أنا أقول في نفسي:
و الله التحطيم، هذي اولها أبو خمس سنوات ما تقبل الفكرة، كيف بالكبار...؟!
أنا: لا ما أستهبل.
إبراهيم: طيب بروح معك.
أنا: مشينا وانا بوك.
ركبنا السيارة و تلونا دعاء الركوب و دعاء الخروج، وصلينا المغرب بجانب المحل الذي سأحظر منه المعدات، سألت البائع حين دخلت:
وين قسم الـ........
البائع: هناك.
أنا: هذي للأطفال.
البائع: يعني مو لولدك.
-يا ليــــل التحطيـــــم-
(فيس متحطم)
أنا: لا، لي أنا عندك مانع.
(فيس يدخن راسه من العصبية)
البائع: تلقاها على اليسار.
(فيس مصدوم)
أنا: شكرًا
حين رأيت المعدات بالمواصفات التي أريد أبرقت أساريري فرحًا، وسألت المسؤول عن القسم: بكم هذا؟
المسؤول: بـ560 ريال.
أنا: طيب، ما فيه تخفيض.
المسؤول: لا، مافيه هذا سعره.
أنا: ممكن أجربه.
المسؤول: نعم، تفضل.
و بعد التجربة: ممتاز، لكن أريد واحدًا جديدًا غير المعروض؟
المسؤول: لكن سيحتاج إلى تركيب ولن تستلمه إلا غدًا، وهذا جديد وعليه ضمان.
أنا: طيب خلاص سآخذه.
و أعين الناس ترمقني بحدة ما بين مشككٍ و مستغرب،
فعين تقول: شكله مو سعودي ولا ليش يشتري الـ.........
و الأخرى تقول: أكيد شاريه لأحد العمال اللي عنده.
عدت به إلى المنزل و دعوت أختي و زوجتي ليشاركاني لحظة الفرح التي نسيت معها كل عناء كابدته من أجله، فقد استطعت أن أواجه كل العقبات و الصعاب.
هل يهمكم أن تعرفوا ما هي الفكرة، و ما الذي اشتريته؟!
يا سادة إنها دراجة –سيييييييييييييييييييييييييكل-، نعم دراجة أنوي الذهاب بها إلى النادي بدل السيارة، وذلك لقرب المسافة، و تلافيًا للزحام في الطرقات و مواقف السيارات.
هل يحتاج الأمر إلى كل هذا العناء في التفكير و اتخاذ القرار؟
الجواب: من حيث ذات الموضوع، لا، ولكن إذا تعلق الأمر بثقافة المجتمع سيكون الجواب نعم؛ إذا كان الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة لم يستطع أن يتخيل أباه على الدراجة، مما حدا به إلى أن يقول له: تستهبل، فما بالكم بعقولٍ عاشت سينين لا ترى السعودي يقضي حوائجه إلا بالسيارة، والعامل الفقير على الدراجة، حتى أصبح ركوب الدراجة من السعودي أمر مستهجن يمجه العقل، ولو كانت الدراجة باهظة الثمن.
و من خلال هذه التجربة البسيطة يمكنك أن تعرف جمود المجتمع،و مقدار رفضه للتغيير ولو كان للأفضل دون المساس بثوابت الدين، فركوب الدرجة أمر هين وفيه فائدة كبيرة من حرق السعرات الحرارية التي كدسها الخمول و الكسل و قلة الحركة، وفي ذلك وقاية بإذن الله من الأمراض الخطيرة، كالسكري و الضغط و الاكتآب، وكذلك تقليل الزحام في و التلوث بشتى أنواعه السمعي و البصري و البيئي.
ولا زال للسيكل بقية: مع مغامرة اليوم الأول، بعنوان: "سطل مويه".
كتبه/ صاحب السيكل
ياسر العتيق
: )
تـثـتهبل-تستهبل-
http://mohamedayash.com/wordpress/wp-content/uploads/2011/03/idea.jpg
فكرةٌ تتمخض في رأسي منذ أسابيع، و قد أخذت بالتخلق رويدًا رويدًا، إلى أن بلغت أشدها و استوت؛ ولكنني لا زلت مترددًا هل أخوض غمارها، و أتحمل نتائجها العكسية الحتمية التي تخالف ما عليه ثقافة المجتمع، أم أحجم مخالفًا لرغبتي، حتى أبقى سالما من كل ضرر نفسي و جسدي محتمل، قلت في نفسي: ما ندم من استشار و ما خاب من استخار، و خير من تستشير هم الأقربون، ولكن للأسف زادوني حيرة على حيرة، ما بين مؤيد و معارض.
فأحدهم يقول: صاحي أنت ولا مهبوووووول...؟!
و نقيضه يقول: أكوس شي والله فله أنت كذا أوكي.
و في المقابل يقول أحدهم: أنت متخيل نفسك تسوي هالشي، بسم الله عليك الرحمن الرحيم، نقرا عليك.
وهذا بسليقته يقول: (أطـ..-تشفير-.. ما تشوف) ما عليك من احد سوها.
وآخر يستخف دمه ويقول: مدري أنت تحس أنك في أمريكا مثلا، ولا أسمك ياسر مايكل مثلا، أركد بس اركد.
و هذا خربها و قال: لا يا شيخ! قل قسم! وش رايك تحلق لحيتك بعد، وتسوي قصة رونالدو، وش تحس به؟!
وخبيرهم يقول: أنـــــــتبه، لا تقدم عليها إلا وقد سبرت أغوار الفكرة، ونظرت لها من كل الزوايا، حتى تعلم ما وراء الأكمة من إيجابياتها و سلبياتها
– يا ساتر حسيت اني بسوي انقلاب-.
(فيس ضايع): يا الله ماذا أفعل؟!،لابد من إعادة التفكير لترتيب الأوراق.
وبعد التمحيص و الرويّة، اتخذت القرار الصارم بتنفيذ الفكرة، ضارب بكل الآراء عرض الحائط – أوخس يا قوي-، و استخرت الله حتى يطمئن قلبي، وخلوت بنفسي من أجل تهيئتها نفسيًا و معنويًا لجميع العواقب المحتملة، وأنا على هذه الحال إلى أن حانت ساعة الصفر.
عدت إلى المنزل في اليوم الذي سأحضر فيه المعدات اللازمة لتطبيق الفكرة، و الحمد لله لم يكن في البيت سوى زوجتي و ولدي إبراهيم.
– يرحم أم الثقة اللي تعرفها، أجل قرار صارم -.
أنا: السلام عليكم، بروح أجيب الـ.........
زوجتي باستغراب: ما شاء الله خلاص قررت يعني.
أنا: نعــــم، و بكل أصرار و عزيمة.
-أستريييييييييييييييييييح-
زوجتي: زيـــن الله يسهل امرك، لكن وش رايك تاخذ برهوم معك، مسكين طفشان ما عنده احد؟
أنا: إن شاء الله باخذه معي.
انتظرت وقت الغروب حتى يسدل الظلام ستاره على العيون، فاخرج و أعود دون أن يلحظني أحد، شربت قهوتي حتى أعدل مزاجي –لابد من صفاء الذهن-، و غيرت ملابسي، و لما لم يبق على المغرب إلا القليل قلت لولدي بعد أن أخذت نفسا عميقًا و ابتسامة تخفيان ترددي:
بروهم تروح معي باشتري لي ....... ؟!
وإذ بعلامة تعجب كبيرة تغطي ملامح الطفولة و البراءة، وهو يرد بكل عفوية مبتسماً: تـثـتـهـبـل –تستهبل-.
ابتسمت و أنا أقول في نفسي:
و الله التحطيم، هذي اولها أبو خمس سنوات ما تقبل الفكرة، كيف بالكبار...؟!
أنا: لا ما أستهبل.
إبراهيم: طيب بروح معك.
أنا: مشينا وانا بوك.
ركبنا السيارة و تلونا دعاء الركوب و دعاء الخروج، وصلينا المغرب بجانب المحل الذي سأحظر منه المعدات، سألت البائع حين دخلت:
وين قسم الـ........
البائع: هناك.
أنا: هذي للأطفال.
البائع: يعني مو لولدك.
-يا ليــــل التحطيـــــم-
(فيس متحطم)
أنا: لا، لي أنا عندك مانع.
(فيس يدخن راسه من العصبية)
البائع: تلقاها على اليسار.
(فيس مصدوم)
أنا: شكرًا
حين رأيت المعدات بالمواصفات التي أريد أبرقت أساريري فرحًا، وسألت المسؤول عن القسم: بكم هذا؟
المسؤول: بـ560 ريال.
أنا: طيب، ما فيه تخفيض.
المسؤول: لا، مافيه هذا سعره.
أنا: ممكن أجربه.
المسؤول: نعم، تفضل.
و بعد التجربة: ممتاز، لكن أريد واحدًا جديدًا غير المعروض؟
المسؤول: لكن سيحتاج إلى تركيب ولن تستلمه إلا غدًا، وهذا جديد وعليه ضمان.
أنا: طيب خلاص سآخذه.
و أعين الناس ترمقني بحدة ما بين مشككٍ و مستغرب،
فعين تقول: شكله مو سعودي ولا ليش يشتري الـ.........
و الأخرى تقول: أكيد شاريه لأحد العمال اللي عنده.
عدت به إلى المنزل و دعوت أختي و زوجتي ليشاركاني لحظة الفرح التي نسيت معها كل عناء كابدته من أجله، فقد استطعت أن أواجه كل العقبات و الصعاب.
هل يهمكم أن تعرفوا ما هي الفكرة، و ما الذي اشتريته؟!
يا سادة إنها دراجة –سيييييييييييييييييييييييييكل-، نعم دراجة أنوي الذهاب بها إلى النادي بدل السيارة، وذلك لقرب المسافة، و تلافيًا للزحام في الطرقات و مواقف السيارات.
هل يحتاج الأمر إلى كل هذا العناء في التفكير و اتخاذ القرار؟
الجواب: من حيث ذات الموضوع، لا، ولكن إذا تعلق الأمر بثقافة المجتمع سيكون الجواب نعم؛ إذا كان الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة لم يستطع أن يتخيل أباه على الدراجة، مما حدا به إلى أن يقول له: تستهبل، فما بالكم بعقولٍ عاشت سينين لا ترى السعودي يقضي حوائجه إلا بالسيارة، والعامل الفقير على الدراجة، حتى أصبح ركوب الدراجة من السعودي أمر مستهجن يمجه العقل، ولو كانت الدراجة باهظة الثمن.
و من خلال هذه التجربة البسيطة يمكنك أن تعرف جمود المجتمع،و مقدار رفضه للتغيير ولو كان للأفضل دون المساس بثوابت الدين، فركوب الدرجة أمر هين وفيه فائدة كبيرة من حرق السعرات الحرارية التي كدسها الخمول و الكسل و قلة الحركة، وفي ذلك وقاية بإذن الله من الأمراض الخطيرة، كالسكري و الضغط و الاكتآب، وكذلك تقليل الزحام في و التلوث بشتى أنواعه السمعي و البصري و البيئي.
ولا زال للسيكل بقية: مع مغامرة اليوم الأول، بعنوان: "سطل مويه".
كتبه/ صاحب السيكل
ياسر العتيق
: )