مها يوسف
01-05-2012, 08:42 PM
اخطاء نحوية شائعة
كائنْ أرى من أخطاءٍ كثيرةٍ يقعُ فيها جمهرةُ الأدباءِ والكُتّابِ غير معصومٍ منها إلا شرذمةٌ قليلونَ تعدُّهم عدًّا . وتالِكمُ الأخطاءُ تُزري بصاحبِها ، وتَخفِضُ من قدرِه ، وتكشِفُ عن جهلِه بعلومِ العربيةِ من نحوٍ وصرفٍ وبلاغةٍ وغيرِها ، وتنبّهُ على غفلتِه في شئونِ العلمِ ، وضَُعفِ بصرِه بالاستنباطِ ودِقّةِ النظرِ في التصويبِ والتخطئةِ . ولترينّ من أسفٍ كثيرًا من أُلئكَ يتبوءُونَ من الجاهِ منازلَ عليةً ، ولترينَّ الاحتفالَ بهم والاعتدادَ ظاهرًا لدى العامّةِ والخاصّةِ ؛ وهمُْ كما قدمتُ منَ الجاهلينَ أوْ منْ أشباهِ الجاهلينَ . ولا جرمَ أنَّ هذا من فسادِ الزمانِ ، وخُبثِ الطبعِ ، واستواءِ العامةِ والخاصةِ ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ .
منْ أجلِ هذا بدا لي أنْ أنبّهَ على فريقٍ كبيرٍ منْ هذيكَ الأخطاءِ مستعينًا باللهِ ، لائذًا بحماه .
وإن أكن أصبتُ فمن اللهِ ، وإن أكن أخطأتُ فرأيٌ رأيتُه ، والرأيُ فيه مخطئٌ مصيبٌ ( من قولِ خُفافِ بنِ نَُدبة :
فلئن صرمتِ الحبلَ يابنةَ مالكٍ *** والرأيُ فيه مخطئٌ ومصيبُ )
===
* الموضع الأول :
يقولون : ( طبعًا ) . وهاتي الكلمةُ يلوكها في لسانه كل أحدٍ جاهلٍ أو مؤتزرٍ بإزارِ العلمِ . وهي كلمة دخيلة في العربية ، أحسَِبها وردت علينا من ترجمة الكتبِ الأجنبيةِ مع بِداءةِ عصر النهضة أو السقطةِ . وللحديث عما جرته علينا الترجمةُ من مصائبَ مقامٌ طويلٌ . وربتما أراد بعضُ المترجمين أن يترجم الكلمة الإنجليزيةَ ( of course ) فلم يعرف لها في العربية مرادفًا فترجمها لفسادِ الطبعِ ( بالطبع أو طبعًا ) وهي حشوٌ من القولِ ، وعِيّ في الكلامِ لا ينبغي أن يلفظها من في قلبِه ذرةٌ من أنفةٍ ، أو قليلٌ من فقهٍ . ( يُنظر في البيان والتبيين / 1 / 113 ) وإني أرى في العربية بديلاً لها هو ( لا جرم ) و ( حقًّا ) و ( أجَلْ ) و ( نعَم ) و ( لا ريب ) و ( لا شك ) ونحوها .
* الموضع الثاني :
يقولون : نحن كمسلمين نخافُ الله . وهذا التعبير المرذول المحرّف للمعنى عن موضعه من تبِعات الترجمة الرديئة . وأنا أحسبها مترجمة حرفيًّا من الكلمةِ الإنجليزيةِ ( as ) فإنها تستعمل بمعنى الكاف ، ويضعونها موضع الاختصاص في العربية . وذِهِْ مما عمت وطمت حتى لا ترى لسانًا إلا يتشدق بها ، وبئسَ من لسانٍ يتبعُ كل ما يسمعُ ، ويجعل لغته حلالاً لكل مفسدٍ ، إنا لله وإنا إليه راجعون !
وفي لغتنا بديل عن هذا التعبير ، أُفردَ له في النحو بابٌ مستقلٌّ هو بابُ ( الاختصاصِ ) تقولُ ـ مثلاً ـ : نحنُ المسلمين نخافُ الله . نُصب ( المسلمين ) بفعل مضمر وجوبًا تقديره أعني أو نحوُه . أو تقول : نحن أيها المسلمون نخاف الله . ومما ورد في ذلك قول الشاعر :
جُد بعفوٍ فإنني أيها العبـ *** ـدُ إلى العفو يا إلهي فقيرُ
وقول الآخر :
إنا بني نهشلٍ لا ندّعي لأبٍ *** عنه ولا هو بالآباءِ يشرينا
وأنبه على أن هذا التعبيرَ الفاسدَ قد أجازه مجمع اللغة العربية في القاهرة بحجج واهيةٍ داحضةٍ لا يُلتفتُ إليها . وهذا شأن المجمع في كل ما يفشو على ألسنةِ الناسِ ؛ إذ يتكلفونَ له التأويلَ تكلفًا ظاهرًا !
* الموضع الثالث :
يقولون : في هذه الفترة . أو بعد فترة ؛ أي : مدة . وهو خطأ ؛ فإن الفترة في اللغة هي الضعفُ والسكون وانكسارُ الحدة والنشاطِ ؛ ولهذا يطلق على ما بين النبيَّين ، كما قال ـ تعالى ـ : (( يا أهل الكتابِ قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل )) .
والبديل من ذلك هو ( مدة ) و ( زمن ) و ( حقبة ) ...
* الموضع الرابع :
يخطئون من يقولُ من العامة ( تَفْتَر ) في ( دَِفتر ) وهو صواب ؛ فـ ( التفتر ) لغة بني أسدٍ ، حكاها الفراءُ .
* الموضع الخامس :
يقفونَ على التنوين ؛ فيقولون ـ مثلاً ـ هذا كتابُن ، أو قرأت كتابَن ، أو اطلعت على كتابِن . وهو غلط ؛ فإن العربَ لا تقف على التنوين ألبتةَ إلا تنوين الترنم ، والتنوين الغالي ، كما ذكر أبو سعيد السيرافيُّ وابن جني وغيرهما ، وقال ابن مالك في ألفيته :
تنوينًا اثْرَ فتحٍ اجعلْ ألفًا *** وقفًا وتلوَ غيرِ فتحٍ احذفا
كائنْ أرى من أخطاءٍ كثيرةٍ يقعُ فيها جمهرةُ الأدباءِ والكُتّابِ غير معصومٍ منها إلا شرذمةٌ قليلونَ تعدُّهم عدًّا . وتالِكمُ الأخطاءُ تُزري بصاحبِها ، وتَخفِضُ من قدرِه ، وتكشِفُ عن جهلِه بعلومِ العربيةِ من نحوٍ وصرفٍ وبلاغةٍ وغيرِها ، وتنبّهُ على غفلتِه في شئونِ العلمِ ، وضَُعفِ بصرِه بالاستنباطِ ودِقّةِ النظرِ في التصويبِ والتخطئةِ . ولترينّ من أسفٍ كثيرًا من أُلئكَ يتبوءُونَ من الجاهِ منازلَ عليةً ، ولترينَّ الاحتفالَ بهم والاعتدادَ ظاهرًا لدى العامّةِ والخاصّةِ ؛ وهمُْ كما قدمتُ منَ الجاهلينَ أوْ منْ أشباهِ الجاهلينَ . ولا جرمَ أنَّ هذا من فسادِ الزمانِ ، وخُبثِ الطبعِ ، واستواءِ العامةِ والخاصةِ ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ .
منْ أجلِ هذا بدا لي أنْ أنبّهَ على فريقٍ كبيرٍ منْ هذيكَ الأخطاءِ مستعينًا باللهِ ، لائذًا بحماه .
وإن أكن أصبتُ فمن اللهِ ، وإن أكن أخطأتُ فرأيٌ رأيتُه ، والرأيُ فيه مخطئٌ مصيبٌ ( من قولِ خُفافِ بنِ نَُدبة :
فلئن صرمتِ الحبلَ يابنةَ مالكٍ *** والرأيُ فيه مخطئٌ ومصيبُ )
===
* الموضع الأول :
يقولون : ( طبعًا ) . وهاتي الكلمةُ يلوكها في لسانه كل أحدٍ جاهلٍ أو مؤتزرٍ بإزارِ العلمِ . وهي كلمة دخيلة في العربية ، أحسَِبها وردت علينا من ترجمة الكتبِ الأجنبيةِ مع بِداءةِ عصر النهضة أو السقطةِ . وللحديث عما جرته علينا الترجمةُ من مصائبَ مقامٌ طويلٌ . وربتما أراد بعضُ المترجمين أن يترجم الكلمة الإنجليزيةَ ( of course ) فلم يعرف لها في العربية مرادفًا فترجمها لفسادِ الطبعِ ( بالطبع أو طبعًا ) وهي حشوٌ من القولِ ، وعِيّ في الكلامِ لا ينبغي أن يلفظها من في قلبِه ذرةٌ من أنفةٍ ، أو قليلٌ من فقهٍ . ( يُنظر في البيان والتبيين / 1 / 113 ) وإني أرى في العربية بديلاً لها هو ( لا جرم ) و ( حقًّا ) و ( أجَلْ ) و ( نعَم ) و ( لا ريب ) و ( لا شك ) ونحوها .
* الموضع الثاني :
يقولون : نحن كمسلمين نخافُ الله . وهذا التعبير المرذول المحرّف للمعنى عن موضعه من تبِعات الترجمة الرديئة . وأنا أحسبها مترجمة حرفيًّا من الكلمةِ الإنجليزيةِ ( as ) فإنها تستعمل بمعنى الكاف ، ويضعونها موضع الاختصاص في العربية . وذِهِْ مما عمت وطمت حتى لا ترى لسانًا إلا يتشدق بها ، وبئسَ من لسانٍ يتبعُ كل ما يسمعُ ، ويجعل لغته حلالاً لكل مفسدٍ ، إنا لله وإنا إليه راجعون !
وفي لغتنا بديل عن هذا التعبير ، أُفردَ له في النحو بابٌ مستقلٌّ هو بابُ ( الاختصاصِ ) تقولُ ـ مثلاً ـ : نحنُ المسلمين نخافُ الله . نُصب ( المسلمين ) بفعل مضمر وجوبًا تقديره أعني أو نحوُه . أو تقول : نحن أيها المسلمون نخاف الله . ومما ورد في ذلك قول الشاعر :
جُد بعفوٍ فإنني أيها العبـ *** ـدُ إلى العفو يا إلهي فقيرُ
وقول الآخر :
إنا بني نهشلٍ لا ندّعي لأبٍ *** عنه ولا هو بالآباءِ يشرينا
وأنبه على أن هذا التعبيرَ الفاسدَ قد أجازه مجمع اللغة العربية في القاهرة بحجج واهيةٍ داحضةٍ لا يُلتفتُ إليها . وهذا شأن المجمع في كل ما يفشو على ألسنةِ الناسِ ؛ إذ يتكلفونَ له التأويلَ تكلفًا ظاهرًا !
* الموضع الثالث :
يقولون : في هذه الفترة . أو بعد فترة ؛ أي : مدة . وهو خطأ ؛ فإن الفترة في اللغة هي الضعفُ والسكون وانكسارُ الحدة والنشاطِ ؛ ولهذا يطلق على ما بين النبيَّين ، كما قال ـ تعالى ـ : (( يا أهل الكتابِ قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل )) .
والبديل من ذلك هو ( مدة ) و ( زمن ) و ( حقبة ) ...
* الموضع الرابع :
يخطئون من يقولُ من العامة ( تَفْتَر ) في ( دَِفتر ) وهو صواب ؛ فـ ( التفتر ) لغة بني أسدٍ ، حكاها الفراءُ .
* الموضع الخامس :
يقفونَ على التنوين ؛ فيقولون ـ مثلاً ـ هذا كتابُن ، أو قرأت كتابَن ، أو اطلعت على كتابِن . وهو غلط ؛ فإن العربَ لا تقف على التنوين ألبتةَ إلا تنوين الترنم ، والتنوين الغالي ، كما ذكر أبو سعيد السيرافيُّ وابن جني وغيرهما ، وقال ابن مالك في ألفيته :
تنوينًا اثْرَ فتحٍ اجعلْ ألفًا *** وقفًا وتلوَ غيرِ فتحٍ احذفا