محمود فالح مهيدات
12-11-2009, 05:38 PM
اتقوا الله يا عرب!!! لغتنا في خطر!!!
اللغةُ العربيةُ لغتُنا وقوامُ هويَّتِنا ومبعثُ عزَّتِنا وركنٌ ركينٌ من أركان شخصيتنا ... بها نعتزُّ ونفخرُ لا تحيزاً ولا تعصباً، وإنَّما لأنها لغةُ القرآنِ الكريمِ وبِهَا نَزلَ، ولولا اللغةُ العربيةُ لما فهمنا كتابَ اللهِ الكريمِ .. فهي لغةٌ اختارَها اللهُ تباركَ وتعالى لتكونَ لغةَ العبادةِ، فلا تُقبلُ الصلاةُ إلاّ بِهَا .. فأيُّ صلاةٍ لا بُدَّ فِيهَا مِنْ قراءةِ فاتحةِ الكتابِ، ولا يمكنُ قراءةُ القرآنِ بغيرِ اللغةِ العربيةِ .. صحيحٌ أنَّ هناك ترجماتٌ، لكنَّ هذه الترجماتُ لا يُتّعبَّدُ بهَا، بلْ هي لتقريبِ المعنى فقط ليتسنَّى لغيرِ الناطقينَ بلسانِ الضَّادِ مِمَّنْ هداهُم اللهُ بنورِ الإسلامِ فَهْمُ معاني آياتِ القرآنِ العظيمِ... أمَّا القراءةُ في الصَّلاةِ فلا بُدَّ إلاّ أنْ تكونَ بالعربيةِ، حتى ولو كان المُصَلِّي هنديا أو روسياً أو صينياً أو أمريكياً أو فرنسياً أو مِنْ أيِّ جنسيةٍ على سطحِ هذا الكوكبِ .. أَلاَ يحقُّ لنا الافتخارُ بهذه اللغةِ السماويةِ؟ ...
يسعى الغربُ المُلحِدُ الحَاقدُ إلى إبعادِنَا عَنِ القرآنِ الكريمِ، ولَنْ يتمَّ لهمْ ذلك إلا بمحاربةِ اللغةِ العربيةِ .. فَقَدْ عرَفوا هَدفَهُمْ حقَّ المعرفةِ، وبدؤوا مشروعَهمْ لتحقيق بُغيَتهمْ، فجاؤونا بما يسموُّنها " مشاريعَ التطويرِ التربويِّ " .. لكنني أسمِّيها " مشاريعَ التوريطِ التربويِّ " ...فجاءنا خبراءُ غربيونَ مِنْ مختلفِ أصقاعهم، من أمريكا، من كندا، من أستراليا، من بريطانيا وغيرها يدَّعُونَ بخبراتِهِمْ التربويةِ، واتخذوا مِنَ الطالبِ العربيِّ حَقْلاً للتجاربِ، فأصبحَ طلابُ المدارسِ في البلادِ العربيةِ بمثابةِ فئرانِ التجاربِ في مختبراتِهم العلميةِ الغربيةِ، فراحوا يطبِّقونَ عليهمْ نظرياتٍ " تربويةٍ " ما أنزلَ اللهُ بها مِنْ سلطانٍ، فيضيعُ الطالبُ ... ويضيعُ المعلِّمُ ... وبالتالي، تضيعُ الأمَّةُ!!
يا وزراءَ التجهيلِ العَرَبِ!! .. يا وزراءَ التعليمِ الهَابطِ العَرَبِ!! .. اتقوا اللهَ بأبنائنا وأبنائكم ... اتقوا اللهَ بأبناءِ وبناتِ الأمَّةِ ... أَمِنْتُمْ لهؤلاءِ الغربيينَ المدَّعينَ وهُمْ ينفثونَ السُّمَ الزُّعافَ ... جاؤوا باختبارٍ يسمونَّه ( السِّيبا ) وطبَّقوه على أبنائنا وبناتِنا في اللغةِ الإنجليزية ... أقولُ من حقِّهمْ، فهذه لغتُهُمْ، فهمْ يَرْعونَ لغتَهمْ فيطوِّرونَ تعليمَهَا داخلَ وخارجَ بلدانِهِمْ ... أمَّا أنْ يتَّدخلوا بلغتِنَا وأساليبِ تدريسِهَا ويطبِّقونَ نظامَ ( السيبا ) على اللغةِ العربيةِ، فهذا أمْرٌ جَلَلٌ ... بَلَغَتْ درجةُ المهزلةُ بأنْ يُدْعَى مُوجِّهو ومُدَرِّسُو اللغةِ العربيةِ مِنْ أجْلِ مناقشةِ أمْرٍ مَا يتعلقُ بتدريسِ اللغةِ العربيةِ، فتكونُ المفاجأةُ الكبرى، لا بَلْ الصَدْمَةُ الكبرى بأنَّ مَنْ يرأسُ الاجتماعِ ومساعديه كنديون أو استراليون أو غيرهم مِنْ جنسياتِ حِلْفِ شمالِ الأطلسيِّ الغربيةِ، فيضطرُ العَرَبُ مدرِّسو لغةِ العربِ في بلادِ العَرَبِ للتحدثِ باللغةِ الإنجليزيةِ للتفاهمِ مَعْ ذلك المطوِّرِ !! بلْ المورِّطِ الذي جاءنا ليعلِّمَنا كيفَ نَنْطقُ لغتَنا وكيفَ نعلِّمهَا أبناءَنا ... فهَلْ بعدَ هذه المهزلةِ مهزلةٌ، وهَلْ بعدَ هذا السُّخْفِ سُخْفٌ؟!.. ألا يدلُّ هذا على استخفافٍ كبيرٍ بالعقليةِ العربيةِ واعتبارِها عقليةً متخلفةً؟! .. هَلْ وَصَلَ بكُمْ الجَهْلُ والهبوطُ يا وزراءَ التجهيلِ ويا وزراءَ التعليمِ الهابطِ إلى هذا الحدِّ فتدينون لهمْ بأمورِ أمِّكُمْ لغةِ العَرَبِ؟؟!! .. أخشى ما أخشاه أن يطبقوا نظام السيبا على تعليم التربية الإسلامية ودراسة القرآن الكريم!!!... صدقتَ يا سيدي يا رسولَ الله حيثُ قلتَ: " لَوْ دَخَلوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُموه " ... ومعذرةً إليك يا شاعرَ النيلِ، حافظ إبراهيم، بَلْ يا شاعرَ العربيةِ، يا مَنْ بثثتَ شكواكَ بلسانِ حالِ اللغةِ العربيةِ فقلتَ:
رجعتُ لنفسي فاتهمتُ حصاتـــي // وناديتُ قومي فاحتسبتُ حياتــــي
رموني بعقمٍ في الشبابِ وليتنـــي // عقمتُ فلم أجزع لقول عُداتـــــي
ولدتُ ولما لم أجـــدْ لعرائســي // رجالاً وأكفاءً وأدتُ بناتـــــــي
وسعتُ كتاب الله لفظاً وغايــــةً // وما ضقتُ عن آي ٍ به وعِظــــاتِ
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلـة // وتنسيق أسماءٍ لمخترعــــــاتِ؟
أنا البحر في أحشائه الدرُّ كامـــن // فهل سألوا الغواصَ عن صدفاتـــي؟
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسنـــي // ومنكم وإن عزَّ الدواء أساتـــــي
فلا تكِلوني للزمان فإننــــــي // أخاف عليكم أن تحين وفاتــــــي
أرى لرجال الغرب عزّاً ومنعـــة // وكم عزَّ أقوامٌ بعــــزِّ لغــــاتِ
أتوا أهلهم بالمعجــــزات تفنناً // فيا ليتكـــم تأتــون بالكلمـــاتِ
أيُطربكم من جانب الغرب ناعــبٌ // ينادي بوأدي في ربيع حياتـــــي؟
سرَتْ لوثة الإفرنج فينا كما سـرى // لُعاب الأفاعـــــي في مسيل فراتِ
فجاءت كثوب ضمَّ سبعين رقعــة // مشكّلـــة الألوان مختلفـــــاتِ
إلى معشر الكتاب والجمع حافــل // بسطتُ رجائي بعد بسط شكاتــــيِ
فإما حياة تبعث المَيْتَ في البِلــى // وتُنبتُ في تلك الرموس رفاتـــــي
وإما ممـــات لا قيامة بعــده // ممات لَعمري لم يُقسْ بممــــــاتِ
فهنيئاً لك لأنك لَمْ تشاهدْ أبناءَ الأمةِ العربيةِ وهمْ يوأدونَ لسانَ الضَّادِ ويدفنونَ معَهَا هويتَهُمْ وكرامتَهُمْ ومجْدَهمْ التليدَ، فأين هُمْ مِنْ قولِ الشاعرِ علي الجارم:
والضادُ حَسْبُ الضادِ فخراً أنَّها // كانتْ لسانَ اللهِ في قرآنـهِ
هي سؤددُ العربيِّ يومَ فخَـارِهِ // وقوامُ نهضتِهِ وسرُّ كَيانِـهِ
مَنْ ذادَ عنْهَا ذادَ عَنْ أحْسَابِـهِ // بَلْ عَنْ عَقيدتٍِهِ وَعَنْ إيمانِهِ
فلَمْ يَعُدْ للعربيِّ سُؤددٌ ولا فخَارٌ .. واستبدَلَ نهضتَهُ بكبوةٍ، فلَمْ يَعُدْ له كيانٌ وتخَلَّى عَنْ أحْسَابِهِ بتخلِّيهِ عَنْ لُغتِهِ، وبالتالي، تخلَّى عَنْ عقيدتِهِ وإيمانِهِ لأنَّهُ شارَكَ الغربِيَّ في وَأْدِ لغةِ العَرَبِ فأصبحَ ينتظرُ مِنْ فرسَانِ حِلْفِ الأطلسيِّ أنْ يعلِّموهُ كيفَ ينْطِقُ الحَاءَ والضَادَ .. فَهَلْ يستطيعُ أيُّ غربيٍّ أنْ ينطِقَ بهذينِ الحرفين؟؟!! فكيف نأتي بهِمْ خبراءَ ليعلِّمونا كيفَ نُدرِّسُ أبناءَنا وبناتِنَا لغةَ قرآنِنَا؟؟!! ... فَهَلْ عَقِمَتْ أرْحَامُ أمَّةِ العَرَبِ فلا تُنْجِبَ مُدرِّسِينَ أكْفَاءَ يُعلِّمونَ أجيالَنا لغتَهُمْ؟! أَمْ هُو عَدَمُ الثقةِ بالنفسِ والانسِحَارُ والانبهارُ بالغربيِّ وانكسارُ النفسِ وانهزامُ الرُّوحِ؟؟!!
عُذراً إليك يا ربّ ... فأنتَ القائلُ وقولُكَ الحَـقُّ: (( إنَّا أنزلناهُ قرآناً عربيَّاً لَعلَّكُمْ تعقِلُون )) 3/ سورة يوسف .. وأنتَ القائلُ وقولُكَ الصِّدقُ: (( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )) 27-28/ سورة الزمر)، وأنتَ القائلُ سبحانك: (( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ))192-195/ سورة الشعراء،وأنتَ القائلُ وأنت أصدقُ القائلين: (( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ)) الأحقاف /12.
معذرةً إليكَ يا سيَِدي يا رسولَ اللهِ، فقَدْ تحقَّقَ مَا حَذَّرْتَ مِنْهُ، فتولَّى أمورَنا شِرَارُنا، وَحَكَمَنا كُلُّ لَئيمٍ وَمَنَّوْنَا بالنَّعيمِ فجاؤونا بِكلِّ ما يتنافَى مَعَ هَدْيكَ القَويمِ ومَنهجَكَ السَّليمِ فأوْردُونَا مَهَالِكَ الجَحيمِ وزجُّوا بِنا في آتونِ الحَميمِ ... حَكَمَنا الأشْرارُ فَجاؤونا بالاستعمارِ وأوْردونا دارَ البَوارِ وقادوا الأمَّةَ مِنْ انهيارٍ إلى انهيارٍ: انهيارُ الأخْلاقِ ونَهْبُ الأرزاقِ وازدهارُ النِّفاقِ.
وَهَا هِيَ اللغةُ العربيةُ تنزِعُ سِتْرَهَا وتُميطُ لِثامَهَا فيبدو مُحيَّاهَا وتَنتهِبُ الخُطَى وتَصْرَخُ بأبنائِهَا بأعلى صَوتِهَا: " وَيْحَكُمْ أنقِذُونِي!!" ... وكأنِّي بِهَا تقولُ:
مَا كانَتِ الحَسْناءُ تَرفَعُ سِتْرَهَا // لَوْ أنَّ في هَذِي الجُموعِ رِجَالا
.... محمود فالح مهيدات / أبو كارم ...
اللغةُ العربيةُ لغتُنا وقوامُ هويَّتِنا ومبعثُ عزَّتِنا وركنٌ ركينٌ من أركان شخصيتنا ... بها نعتزُّ ونفخرُ لا تحيزاً ولا تعصباً، وإنَّما لأنها لغةُ القرآنِ الكريمِ وبِهَا نَزلَ، ولولا اللغةُ العربيةُ لما فهمنا كتابَ اللهِ الكريمِ .. فهي لغةٌ اختارَها اللهُ تباركَ وتعالى لتكونَ لغةَ العبادةِ، فلا تُقبلُ الصلاةُ إلاّ بِهَا .. فأيُّ صلاةٍ لا بُدَّ فِيهَا مِنْ قراءةِ فاتحةِ الكتابِ، ولا يمكنُ قراءةُ القرآنِ بغيرِ اللغةِ العربيةِ .. صحيحٌ أنَّ هناك ترجماتٌ، لكنَّ هذه الترجماتُ لا يُتّعبَّدُ بهَا، بلْ هي لتقريبِ المعنى فقط ليتسنَّى لغيرِ الناطقينَ بلسانِ الضَّادِ مِمَّنْ هداهُم اللهُ بنورِ الإسلامِ فَهْمُ معاني آياتِ القرآنِ العظيمِ... أمَّا القراءةُ في الصَّلاةِ فلا بُدَّ إلاّ أنْ تكونَ بالعربيةِ، حتى ولو كان المُصَلِّي هنديا أو روسياً أو صينياً أو أمريكياً أو فرنسياً أو مِنْ أيِّ جنسيةٍ على سطحِ هذا الكوكبِ .. أَلاَ يحقُّ لنا الافتخارُ بهذه اللغةِ السماويةِ؟ ...
يسعى الغربُ المُلحِدُ الحَاقدُ إلى إبعادِنَا عَنِ القرآنِ الكريمِ، ولَنْ يتمَّ لهمْ ذلك إلا بمحاربةِ اللغةِ العربيةِ .. فَقَدْ عرَفوا هَدفَهُمْ حقَّ المعرفةِ، وبدؤوا مشروعَهمْ لتحقيق بُغيَتهمْ، فجاؤونا بما يسموُّنها " مشاريعَ التطويرِ التربويِّ " .. لكنني أسمِّيها " مشاريعَ التوريطِ التربويِّ " ...فجاءنا خبراءُ غربيونَ مِنْ مختلفِ أصقاعهم، من أمريكا، من كندا، من أستراليا، من بريطانيا وغيرها يدَّعُونَ بخبراتِهِمْ التربويةِ، واتخذوا مِنَ الطالبِ العربيِّ حَقْلاً للتجاربِ، فأصبحَ طلابُ المدارسِ في البلادِ العربيةِ بمثابةِ فئرانِ التجاربِ في مختبراتِهم العلميةِ الغربيةِ، فراحوا يطبِّقونَ عليهمْ نظرياتٍ " تربويةٍ " ما أنزلَ اللهُ بها مِنْ سلطانٍ، فيضيعُ الطالبُ ... ويضيعُ المعلِّمُ ... وبالتالي، تضيعُ الأمَّةُ!!
يا وزراءَ التجهيلِ العَرَبِ!! .. يا وزراءَ التعليمِ الهَابطِ العَرَبِ!! .. اتقوا اللهَ بأبنائنا وأبنائكم ... اتقوا اللهَ بأبناءِ وبناتِ الأمَّةِ ... أَمِنْتُمْ لهؤلاءِ الغربيينَ المدَّعينَ وهُمْ ينفثونَ السُّمَ الزُّعافَ ... جاؤوا باختبارٍ يسمونَّه ( السِّيبا ) وطبَّقوه على أبنائنا وبناتِنا في اللغةِ الإنجليزية ... أقولُ من حقِّهمْ، فهذه لغتُهُمْ، فهمْ يَرْعونَ لغتَهمْ فيطوِّرونَ تعليمَهَا داخلَ وخارجَ بلدانِهِمْ ... أمَّا أنْ يتَّدخلوا بلغتِنَا وأساليبِ تدريسِهَا ويطبِّقونَ نظامَ ( السيبا ) على اللغةِ العربيةِ، فهذا أمْرٌ جَلَلٌ ... بَلَغَتْ درجةُ المهزلةُ بأنْ يُدْعَى مُوجِّهو ومُدَرِّسُو اللغةِ العربيةِ مِنْ أجْلِ مناقشةِ أمْرٍ مَا يتعلقُ بتدريسِ اللغةِ العربيةِ، فتكونُ المفاجأةُ الكبرى، لا بَلْ الصَدْمَةُ الكبرى بأنَّ مَنْ يرأسُ الاجتماعِ ومساعديه كنديون أو استراليون أو غيرهم مِنْ جنسياتِ حِلْفِ شمالِ الأطلسيِّ الغربيةِ، فيضطرُ العَرَبُ مدرِّسو لغةِ العربِ في بلادِ العَرَبِ للتحدثِ باللغةِ الإنجليزيةِ للتفاهمِ مَعْ ذلك المطوِّرِ !! بلْ المورِّطِ الذي جاءنا ليعلِّمَنا كيفَ نَنْطقُ لغتَنا وكيفَ نعلِّمهَا أبناءَنا ... فهَلْ بعدَ هذه المهزلةِ مهزلةٌ، وهَلْ بعدَ هذا السُّخْفِ سُخْفٌ؟!.. ألا يدلُّ هذا على استخفافٍ كبيرٍ بالعقليةِ العربيةِ واعتبارِها عقليةً متخلفةً؟! .. هَلْ وَصَلَ بكُمْ الجَهْلُ والهبوطُ يا وزراءَ التجهيلِ ويا وزراءَ التعليمِ الهابطِ إلى هذا الحدِّ فتدينون لهمْ بأمورِ أمِّكُمْ لغةِ العَرَبِ؟؟!! .. أخشى ما أخشاه أن يطبقوا نظام السيبا على تعليم التربية الإسلامية ودراسة القرآن الكريم!!!... صدقتَ يا سيدي يا رسولَ الله حيثُ قلتَ: " لَوْ دَخَلوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُموه " ... ومعذرةً إليك يا شاعرَ النيلِ، حافظ إبراهيم، بَلْ يا شاعرَ العربيةِ، يا مَنْ بثثتَ شكواكَ بلسانِ حالِ اللغةِ العربيةِ فقلتَ:
رجعتُ لنفسي فاتهمتُ حصاتـــي // وناديتُ قومي فاحتسبتُ حياتــــي
رموني بعقمٍ في الشبابِ وليتنـــي // عقمتُ فلم أجزع لقول عُداتـــــي
ولدتُ ولما لم أجـــدْ لعرائســي // رجالاً وأكفاءً وأدتُ بناتـــــــي
وسعتُ كتاب الله لفظاً وغايــــةً // وما ضقتُ عن آي ٍ به وعِظــــاتِ
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلـة // وتنسيق أسماءٍ لمخترعــــــاتِ؟
أنا البحر في أحشائه الدرُّ كامـــن // فهل سألوا الغواصَ عن صدفاتـــي؟
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسنـــي // ومنكم وإن عزَّ الدواء أساتـــــي
فلا تكِلوني للزمان فإننــــــي // أخاف عليكم أن تحين وفاتــــــي
أرى لرجال الغرب عزّاً ومنعـــة // وكم عزَّ أقوامٌ بعــــزِّ لغــــاتِ
أتوا أهلهم بالمعجــــزات تفنناً // فيا ليتكـــم تأتــون بالكلمـــاتِ
أيُطربكم من جانب الغرب ناعــبٌ // ينادي بوأدي في ربيع حياتـــــي؟
سرَتْ لوثة الإفرنج فينا كما سـرى // لُعاب الأفاعـــــي في مسيل فراتِ
فجاءت كثوب ضمَّ سبعين رقعــة // مشكّلـــة الألوان مختلفـــــاتِ
إلى معشر الكتاب والجمع حافــل // بسطتُ رجائي بعد بسط شكاتــــيِ
فإما حياة تبعث المَيْتَ في البِلــى // وتُنبتُ في تلك الرموس رفاتـــــي
وإما ممـــات لا قيامة بعــده // ممات لَعمري لم يُقسْ بممــــــاتِ
فهنيئاً لك لأنك لَمْ تشاهدْ أبناءَ الأمةِ العربيةِ وهمْ يوأدونَ لسانَ الضَّادِ ويدفنونَ معَهَا هويتَهُمْ وكرامتَهُمْ ومجْدَهمْ التليدَ، فأين هُمْ مِنْ قولِ الشاعرِ علي الجارم:
والضادُ حَسْبُ الضادِ فخراً أنَّها // كانتْ لسانَ اللهِ في قرآنـهِ
هي سؤددُ العربيِّ يومَ فخَـارِهِ // وقوامُ نهضتِهِ وسرُّ كَيانِـهِ
مَنْ ذادَ عنْهَا ذادَ عَنْ أحْسَابِـهِ // بَلْ عَنْ عَقيدتٍِهِ وَعَنْ إيمانِهِ
فلَمْ يَعُدْ للعربيِّ سُؤددٌ ولا فخَارٌ .. واستبدَلَ نهضتَهُ بكبوةٍ، فلَمْ يَعُدْ له كيانٌ وتخَلَّى عَنْ أحْسَابِهِ بتخلِّيهِ عَنْ لُغتِهِ، وبالتالي، تخلَّى عَنْ عقيدتِهِ وإيمانِهِ لأنَّهُ شارَكَ الغربِيَّ في وَأْدِ لغةِ العَرَبِ فأصبحَ ينتظرُ مِنْ فرسَانِ حِلْفِ الأطلسيِّ أنْ يعلِّموهُ كيفَ ينْطِقُ الحَاءَ والضَادَ .. فَهَلْ يستطيعُ أيُّ غربيٍّ أنْ ينطِقَ بهذينِ الحرفين؟؟!! فكيف نأتي بهِمْ خبراءَ ليعلِّمونا كيفَ نُدرِّسُ أبناءَنا وبناتِنَا لغةَ قرآنِنَا؟؟!! ... فَهَلْ عَقِمَتْ أرْحَامُ أمَّةِ العَرَبِ فلا تُنْجِبَ مُدرِّسِينَ أكْفَاءَ يُعلِّمونَ أجيالَنا لغتَهُمْ؟! أَمْ هُو عَدَمُ الثقةِ بالنفسِ والانسِحَارُ والانبهارُ بالغربيِّ وانكسارُ النفسِ وانهزامُ الرُّوحِ؟؟!!
عُذراً إليك يا ربّ ... فأنتَ القائلُ وقولُكَ الحَـقُّ: (( إنَّا أنزلناهُ قرآناً عربيَّاً لَعلَّكُمْ تعقِلُون )) 3/ سورة يوسف .. وأنتَ القائلُ وقولُكَ الصِّدقُ: (( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )) 27-28/ سورة الزمر)، وأنتَ القائلُ سبحانك: (( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ))192-195/ سورة الشعراء،وأنتَ القائلُ وأنت أصدقُ القائلين: (( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ)) الأحقاف /12.
معذرةً إليكَ يا سيَِدي يا رسولَ اللهِ، فقَدْ تحقَّقَ مَا حَذَّرْتَ مِنْهُ، فتولَّى أمورَنا شِرَارُنا، وَحَكَمَنا كُلُّ لَئيمٍ وَمَنَّوْنَا بالنَّعيمِ فجاؤونا بِكلِّ ما يتنافَى مَعَ هَدْيكَ القَويمِ ومَنهجَكَ السَّليمِ فأوْردُونَا مَهَالِكَ الجَحيمِ وزجُّوا بِنا في آتونِ الحَميمِ ... حَكَمَنا الأشْرارُ فَجاؤونا بالاستعمارِ وأوْردونا دارَ البَوارِ وقادوا الأمَّةَ مِنْ انهيارٍ إلى انهيارٍ: انهيارُ الأخْلاقِ ونَهْبُ الأرزاقِ وازدهارُ النِّفاقِ.
وَهَا هِيَ اللغةُ العربيةُ تنزِعُ سِتْرَهَا وتُميطُ لِثامَهَا فيبدو مُحيَّاهَا وتَنتهِبُ الخُطَى وتَصْرَخُ بأبنائِهَا بأعلى صَوتِهَا: " وَيْحَكُمْ أنقِذُونِي!!" ... وكأنِّي بِهَا تقولُ:
مَا كانَتِ الحَسْناءُ تَرفَعُ سِتْرَهَا // لَوْ أنَّ في هَذِي الجُموعِ رِجَالا
.... محمود فالح مهيدات / أبو كارم ...