عصام كمال
04-26-2012, 09:36 AM
الخطيئة
تَصَدَّعَتْ بِالقَهْرِ أَجْبَالُ الدُّنَا =أَحْزَانُهَا بالوَجدِ تَهْجُو العَادِيَا
جُرْحٌ دَمَى ، قَلْبٌ شَكَا ، حِقْدٌ سَرَى = وَ الحُبُّ بِالأَشْجَانِ يَنعِي جَاثيَا
حَتَّى غَشَى الإِيفَاعَ دَمعٌ ، و أَسَى = أنَّى لَهُ الإِنسَانُ يَمضِي لَاهيَا ؟!
عَنْ رَحمَةٍ يسعَى بهَا صَوبَ الهُدَى = تُحْيِي أَمَانِيِهِ ، وَ تهْدِي عَاصِيَا
تَغدُو سَلَامًا ، وَ تُجِيرُ رَجوَةً = تُشفِي صُدُورَ الجُحْدِ ، تَأسُو بَاكيَا
فَجرٌ دَنَا ثمَّ ازْدَهَتْ أَزهَارُهُ = حينَ اسْتفَاقَتْ وَ النَّدَى تَلَاقِيَا
وَ عَانَقَ الحُبُّ الوَفَا في أَيكَةٍ = أَطيَارُهَا تَرْعَى اللُّقَى شَوَادِيَا
ثمَّ نَزَا طَيرٌ بأَطيَافِ المُنَى= يَسْتَيقنُ الأَحلَامَ ، وَ الرَّوَابِيَا
ثُمَّ انْزَوَى يَحسُو المَخيفَ ، وَ الأَسَى =لَمَّا أَصَابَ الغَدرُ طَيرًا شَادِيَا
فَقَد هَوَى الحُلمُ الجَمِيلُ وَ انْقضَى = عِندَ صَلِيلِ الغَبْنِ أَضحَى عَانِيَا
يَا نَائحَ الطَّيرِ الكَسِيرِ قَد جَرَى = وَيلٌ سَقَى دَرْبَ الوَرَى الدَّّوَاهِيَا
فِي كُلُّ نَهجٍ ، دَمْعَةٌ ، وَ صَرْخَةٌ = شَقَّتْ عُبَابَ البَحْرِ ، وَ الدّيَاجِيَا
كَمَا هَوَى بِالضَّيمِ حُبٌّ قَد سَمَا= فَالشُّرُ يأبَى أَنْ يَرَاهُ سَاريَا
يَزْهِي ذُرَا الأَطوَادِ نُورًا ، وَ سَنَا = لِحِدَّةِ الأَدوَاءِ يبقَى دَاوِيَا
قَد بَلَغَ السَّيلُ الزُّبَى ، أشقَى الدُنَا = وَ أَشْأَمَ الأَيَّامَ ، وَ الأمَانِيَا
فَكَمْ تَوَارَتْ فِي رَبيِعٍ زَهرَةٌ = عَاشَتْ عَلَى وَعدِ النَّدَى تَلاقِيَا
لَكِنْ سَقَاهَا البَينُ منْ غَوَائِلٍ = وَ الحُزْنُ أَدمَى العُودَ خَرَّ وَاهِيَا
يَبكِي علَى ذِكرَى الرَّبيعِ ، وَ اللُّقَى = كَيفَ انْقَضَى ، وَ الشَّوقُ صَارَ زَاوِيَا
يَا وَيلَتَاهُ : وَ اَلهَوَى رَغمَ النَّوَى = بَينَ صَهِيل الوَجْدِ ، يَغدُو دَاعِيَا
ثُمَّ تَصِيرُ النَّفْسُ رَهْنًا بالمُنَى = تَلْقَى شُرُوقَ الوَعدِ ، أَو دَوَاجِيَا
لَو مَا اسْتَدَامَ الحِقدُ يَسرِي كَالرَّدَى= لَدَامَ فَجرُ الكَونِ صَحْوًا زَاهِيَا
لَو مَا الخَرِيفُ قَد أَغَارَ، وَ اعْتَدَى = لَبَاتَ غُصْنُ الوَردِ يَشدُو الرَّاعِيَا
وَ مَا غَفَا زَهرُ الرَّوَابِي بَعدَمَا = أَزرَى الفِرَاقُ مَوعِدًا ، وَ وَافِيَا
وَ ذكرَيَاتُ الوَصلِ تَدْعُو رَجْعَةً = كَيْفَ بَريقُ الوِدِّ أَمسَى خَابِيَا ؟!
يَلقَى سَرَابًا ، وَ يصِيْحُ لَوْعَةً = تَأيَّمَ الوَفَاءُ ، هَامَ نَاعِيَا
تَغفُو خَطِيئَةٌ ، وََ تَصحُو مِثلُهَا = فيَحْتَوِي سَرَابُهَا الأَمَانِيَا
لَمَّا جَلَا زَيْفُ المُنَى قِنَاعَهَا = تَبدَّدَ الوَهْمُ ، وَ صَارَ بَادِيَا
هَلْ يشتَكِي خَطِيئَةً شَابتْ بِهِ = أَمْ أنَّهُ يَرجُو قِنَاعًا تَالِيَا
فَقَد تَلَاحَى النَّاسُ ، وَ البَطشُ طَغَا = حَتَّى رَوَى الدَّمُ الْبَرَى ، وَ الصَّادِيَا
فَمَا بَقَى فِي مُقْلةٍ منْ أَدْمُعٍ = تَنْعِي حِدَادَ اللَّيلِ ، تَأسُو الرَّاجِيَا
لَا تَبْكِ يَا طَيرُ الرُّبَا ، وَ أَيكَةً = تَلْقَى شَتَاتًا ، تَبْتَكِي العَوادِيِا
وَ ابْكِ زَمَانًا ، وَ وُجُودًا قدْ أتَى = دَربَ الخَطًايَا ، عَانَقَ النَّوَاهِيَا
تَسَاءَلَتْ بالدَّمعِ أَرْجَاءُ الدُنَا = إِلَى مَتَى يَغْشَى الرَّدَى النَّوَاحِيَا
أَينَ خَدِيمُ الرُّوحِ دَامَ وَصْلُهُ= يَشدُو نُهُوجَ الخَيرِ يَسمُو حَانِيَا
تكَالَبَ الشَّرُ عَليِهِ ، وَ الأَسَى =أَعيَا ضَميرَ الحَقِّ يَصحُو قَاضِيَا
مِنْ غَضبَةِ الأَقدَارِ صَاحَتْ فِطْرَةٌ = وَ رَجوَةٌ تَلْقَى عَذَابًا لَاظِيَا
لِتَسْمَعَنَّ الغَوْثَ يُدْمِي مُهْجَةً = وَ الأَرضُ تَحْسُو الشَّيبَ ، تَدْعُو حَامِيَا
فَقَد تَهَاوَتْ مُنيةٌ فِي مَهْدِهَا = وَ القَلبُ مِنْ وَجْدٍ يَلُومُ وَالِيَا
حتَّى غَشَى اللَّيلَ جَهَامٌ حَائرٌ= أَعْيَا السَّنَا وَالفَجرُ ، حَلَّ وَاهِيَا
فَأَسدَلَ الغَيْمُ حِجابًا سَاترًا = ثُمَّ تدَّجَى الكَونُ صَارَ باليَا
يَا مَنْ هَدَى كُلٌ شَكَا أَحْزَانَهُ = فَمَنْ هُو الذِي يَجُولُ بَاغِيَا ؟ّ!
فَهَذهِ الدُّنيَا هَوَتْ ظِلَالُهَا= وَ الزَّهرُ شَابَ قَد نَعَى الرَّوَابِيَا
أَنَّى لَهُ الإِنسَانُ يَشدُو جُرْمَهُ= جَابَ الدُّنَا غَدرًا ، وَ صَالَ جَانِيَا
يَزهُو إذَا طَافَ الرَّدَى بِجَارِهِ = حَتَّى ارْتَضَى الأَصْفَادَ ، وَ المَعَاصِيَا
وَقَد رَأَى الْهِلَالَ نَصْلَ خَنْجَرٍ = أَبكَى عُيُونَ الَّليلِ دَمْعًا قَانِيًا
فَاسْتَعْذَبَ الأَوهَامَ تَغْدُو كَالفَنَى = يَدعُو هَجِيْرَ البِيِدِ ، وَ السَّوَافِيَا
مَهْدُ الحَياةِ قَد تسَامَى هَدْيُهُ = لمَّا الْتقَى بِالحِقدِ أَضحَى صَاليَا
كَالنَّفْسِ لَمَّا تَستَجِيبُ لِلْهَوَى = تَجثُو لَهُ ، وَ تَرتَضِيهِ رَاعِيَا
هَلْ أَمِنَتْ صَفوَ الدُّنا بِغِربةٍ = أمْ أَمَلَتْ بَينَ الرَّدَى النَّوَاجيَا
فَقَد غَدَا العَيشُ جَحِيِمًا يَغتَلِي = وَ المَرءُ يلهُو لَا يُباَلي بَاكِيَا
قَد صَارَ مَا لَيسَ لَهُ مِنْ حَقِّهِ = وَ إنْ فنَى خِلاً ، وَ أدمَى رَاجِيَا
أَو بَدَّلَ القَولَ لِقاءَ دَرْهمٍ = أَو أَعلَنَ الزُّورَ ، وَ أمسَى وَاشيَا
ثمُّ ادَّعَى بِأنَّهُ مُسيَّرٌ = كُلٌ بِأمرِ اللهِ يَغدُو سَاريَا
(قُلتُ) هُو (اللهُ)( الوَدُودُ) (خَالقٌ) = وَ (القَادِرُ) الذِي يُجِيبُ الدَّاعيَا
أَعطَى العِبَادَ الحَقَّ في إرِادَةٍ = وَ حُجَّةٍ ، بِالفِكرُ يَمضِي قَاِضيَا
أمَّا الغُيُوبُ أَمرُهَا مُسيَّرٌ = وَ القَدَرُ الجَّاري يَصِيرُ نَاهِيَا
وَالله يُعطي مَنْ يشَاءُ حِكمَةً = إِنْ شَاءَ يَهدِ لَاحدًا ، وَ عَاصِيَا
يَا أَيُّهَا الإنسَانُ أُذكُرْ نِعمَةً = مَا خَلَقَ (الْحَقُّ) الْوُجُودَ لَاهيَا
كَيفَ الأَمَانُ بِالحِمَامِ يَزدَهِي= وَ النَّفسُ تَلقَى الوَعدَ وَهْمًا ثَاوِيَا
مَهمَا تَرَاءَى الحُبُّ يَسري فَائِحًا = تَلْقَ جُحُودًا ، وَ تجِدْ مُجَافِيَا
وَ الرُّوحُ مِنْ حَرِّ الرَّجَا تصْبُو النَّجَا= فَالبَأسُ طَافَ ، أَجدَبَ الغَوَاديَا
وَ مَركِبٌ بِالدَّمعِ يَجري مَوجُهَا= تَنْعِي غَرِيبَ الدَّارِ تَبكَي مَاضِيَا
بَينَ الشَّبابِ ، وَ المَشيبِ مِثلَمَا = يَشدُو الرَّبيعُ ثمَّ يَمضِي جَافِيَا
وَ المَرءُ غَادٍ فِي الدُّنَى ، وَ رَاحِلٌ = وَ العُمْرُ يَزهُو ثُمَّ يَهوِي فَانيَا
فَمَا الحَيَاةُ غَيرُ حَفلٍ وَ انْقَضَى = وَ لَمْ يَعُد فِيْهِ نَدِيمٌ بَاقِيَا
فَهَلْ أَخَذْتَ العَهدَ مِنْ أحوَالِهَا = ثُمَّ ارْتَأَيتَ الوَعدَ مِنْهَا آتِيَا
فَابْكِ عَلَيهَا حِينَ تَرجُو وَصْلَهَا = وَ ابْكِ عَلَيهَا حِينَ تَنأَى خَاوِيَا
فَلَا نَعِيمٌ يفتَدِيكَ لَحْدَهَا = وَ لَو مَلَكْتَ الكْونَ جُنْدًا عَاتِيَا
و انْظُرْ إلَى مَنْ كَانَ شَهْدًا عَيشُهُ = في لَحْظَةٍ كَالحُلْمِ وَلَّى طَاوِيَا
وَاقفِزْ إلَى البِحَارِ والجِبَالِ أَو = كُنْ خَلفَ أَسوَارٍ ودِرْعٍ نَائِيَا
عِشْ في قُصُورٍ ، أَو بُرُوجٍ آمِنًا = تَأْتِ المَنَايَا ، لَنْ تَفرَّ نَاجِيَا
وَعدُ الأَمَانِي ، وَالتَّمنِّي ، وَ الهَوَى = لُقيَا سَرَابٍ حِينَ يَبدُو دَانِيَا
وَ مَنْ يعِشْ دُنياهُ ظِلَّ نفْسهِ = فِي الضِّيقِ لَنْ يرَىَ خَلِيلاً آسِيَا
وَ إنَّ حُبَّ الذَّاتِ دَاءٌ يَبتَلِي = نَفسًا سَعَى البَغْضُ لهَا مُوَاليَا
إِنْ تُخْفِ وَجْهَ الغَدرِ كَاَنَ أنفُهُ= بينَ أُلُوفٍ منْ وُجُوهٍ بَادِيَا
وَ هَذِهِ سَلوَى القُلُوبِ قَد دَعَتْ = نَهْجُ الوَرَى يَسمُو وَ يَغدُو زَاكِيَا
وَ تَسألُ الأَنَامَ ، عَفْوًا وَ رِضَا = فَالشَّرُ يَدعُو البَيْنَ ، وَ الدَّوَاهِيَا
هَلْ مِنْ سَبيلٍ كَي تَسُودَ رَحمَةٌ = وَالمَرءُ يعفُو ، يَهتَدِي طَوَاعيَا
هَلْ مِنْ نُفُوسٍ تَجتَبِي وَعْدَ الحِمَى ؟ = فَالطَّيرُ يَصبُو كَي يَعُودَ شَاديَا
مَتَى السَّلَامُ يَزدَهِي ، يغشَى الدُّنَا ؟ = وَ يَطمَئِنُ الفَجْرُ يَدنُو رَائِيَا
كَيفَ عُيُونُ المَهدِ يَغفُو جَفنُهَا = وَالزَّهرُ يَصحوُ والنَّدى تَلاقيَا
وَالحُلْمُ يَشدُو بينَ أَهدَابِ المُنَى = وَالعَدلُ مِثلُ النُّور يسرِي زَاهِيَا
صَاحتْ دُرُوبٌ للْهُدَى : يَا مَنْ شَكَا = دَربُ الْوُجُودِ لَمْ يزَلْ رَوَاسِيَا
يَا أيُّهَا الإِنسَانُ جَلَّ مَنْ مَحَا = عَنْ قَلبِهِ الحِقدَ وَصَارَ رَاضِيَا
فَانْءَ رَحِيْمًا عنْ سُلوكٍ ظَالمٍ = فَالظُلمُ مِثلُ النَّارِ يَغدُو قَالِيَا
وَ مَنْ نَهَى النَّفسَ لِتَركِ شَهوةٍ = يَجْنِ الصَّفَا ، يَلْقَ النَّعيمَ آتيَا
فلَا تَلِنْ عنْ رَحمَةٍ تسعَى بِهِا = إلَى نُهُوجِ الخَير ، وَ ازْهِ سَاعيَا
وَ ارْمِ الخطَايَا بالجَفَا ، بِجَمْرَةٍ = وَ احْمِلْ علَى الأَهوَاءِ ، وَ امْضِ هَاديَا
فَأَينَمَا تَسْعَ إلَى خَيرٍ تَجِدْ = نَهْجًا سَمَا ، وَعْدًا عَلَا الفيَافيَا
وَ لَو تَكَاثَرَ العِدا فَالخَيرُ لَمْ= يَزَلْ عَلَى الدَّربِ الحِمَى ، وَ الرَّاعِيَا
فَلنْ يَدومَ الدَّمعُ أَو أَحزَانُهُ = وََ لَنْ يَظلَّ الشَّرُ يعثُو بَاغِيَا
فَرُبَّ أَفرَاحٍ هَوَتْ بَوَاكِيَا = وَر ُبَّ أَحزَانٍ غَدَتْ غَوَاليَا
مَا أَجمَلَ الرُّوحَ التِي يَسمُو بِهَا = عَفْوٌ غَشَى القَلبَ فَيَحيَا زَاهِيَا
بِالعَدلِ وَ الإِنصَافِ ، وَ القَولِ النَّدِي = بِالعِلْمِ ، وَ الأَخلَاقِ نَغُدو عَالِيَا
لَو مَا الحيَاةُ لَمْ تَزلْ بِرَحمَةٍ= لكَانَ عَيْشُ النَّاسِ حَتمًا فَانِيَا
شعر : مراد الساعي
الحقوق محفوظة
تَصَدَّعَتْ بِالقَهْرِ أَجْبَالُ الدُّنَا =أَحْزَانُهَا بالوَجدِ تَهْجُو العَادِيَا
جُرْحٌ دَمَى ، قَلْبٌ شَكَا ، حِقْدٌ سَرَى = وَ الحُبُّ بِالأَشْجَانِ يَنعِي جَاثيَا
حَتَّى غَشَى الإِيفَاعَ دَمعٌ ، و أَسَى = أنَّى لَهُ الإِنسَانُ يَمضِي لَاهيَا ؟!
عَنْ رَحمَةٍ يسعَى بهَا صَوبَ الهُدَى = تُحْيِي أَمَانِيِهِ ، وَ تهْدِي عَاصِيَا
تَغدُو سَلَامًا ، وَ تُجِيرُ رَجوَةً = تُشفِي صُدُورَ الجُحْدِ ، تَأسُو بَاكيَا
فَجرٌ دَنَا ثمَّ ازْدَهَتْ أَزهَارُهُ = حينَ اسْتفَاقَتْ وَ النَّدَى تَلَاقِيَا
وَ عَانَقَ الحُبُّ الوَفَا في أَيكَةٍ = أَطيَارُهَا تَرْعَى اللُّقَى شَوَادِيَا
ثمَّ نَزَا طَيرٌ بأَطيَافِ المُنَى= يَسْتَيقنُ الأَحلَامَ ، وَ الرَّوَابِيَا
ثُمَّ انْزَوَى يَحسُو المَخيفَ ، وَ الأَسَى =لَمَّا أَصَابَ الغَدرُ طَيرًا شَادِيَا
فَقَد هَوَى الحُلمُ الجَمِيلُ وَ انْقضَى = عِندَ صَلِيلِ الغَبْنِ أَضحَى عَانِيَا
يَا نَائحَ الطَّيرِ الكَسِيرِ قَد جَرَى = وَيلٌ سَقَى دَرْبَ الوَرَى الدَّّوَاهِيَا
فِي كُلُّ نَهجٍ ، دَمْعَةٌ ، وَ صَرْخَةٌ = شَقَّتْ عُبَابَ البَحْرِ ، وَ الدّيَاجِيَا
كَمَا هَوَى بِالضَّيمِ حُبٌّ قَد سَمَا= فَالشُّرُ يأبَى أَنْ يَرَاهُ سَاريَا
يَزْهِي ذُرَا الأَطوَادِ نُورًا ، وَ سَنَا = لِحِدَّةِ الأَدوَاءِ يبقَى دَاوِيَا
قَد بَلَغَ السَّيلُ الزُّبَى ، أشقَى الدُنَا = وَ أَشْأَمَ الأَيَّامَ ، وَ الأمَانِيَا
فَكَمْ تَوَارَتْ فِي رَبيِعٍ زَهرَةٌ = عَاشَتْ عَلَى وَعدِ النَّدَى تَلاقِيَا
لَكِنْ سَقَاهَا البَينُ منْ غَوَائِلٍ = وَ الحُزْنُ أَدمَى العُودَ خَرَّ وَاهِيَا
يَبكِي علَى ذِكرَى الرَّبيعِ ، وَ اللُّقَى = كَيفَ انْقَضَى ، وَ الشَّوقُ صَارَ زَاوِيَا
يَا وَيلَتَاهُ : وَ اَلهَوَى رَغمَ النَّوَى = بَينَ صَهِيل الوَجْدِ ، يَغدُو دَاعِيَا
ثُمَّ تَصِيرُ النَّفْسُ رَهْنًا بالمُنَى = تَلْقَى شُرُوقَ الوَعدِ ، أَو دَوَاجِيَا
لَو مَا اسْتَدَامَ الحِقدُ يَسرِي كَالرَّدَى= لَدَامَ فَجرُ الكَونِ صَحْوًا زَاهِيَا
لَو مَا الخَرِيفُ قَد أَغَارَ، وَ اعْتَدَى = لَبَاتَ غُصْنُ الوَردِ يَشدُو الرَّاعِيَا
وَ مَا غَفَا زَهرُ الرَّوَابِي بَعدَمَا = أَزرَى الفِرَاقُ مَوعِدًا ، وَ وَافِيَا
وَ ذكرَيَاتُ الوَصلِ تَدْعُو رَجْعَةً = كَيْفَ بَريقُ الوِدِّ أَمسَى خَابِيَا ؟!
يَلقَى سَرَابًا ، وَ يصِيْحُ لَوْعَةً = تَأيَّمَ الوَفَاءُ ، هَامَ نَاعِيَا
تَغفُو خَطِيئَةٌ ، وََ تَصحُو مِثلُهَا = فيَحْتَوِي سَرَابُهَا الأَمَانِيَا
لَمَّا جَلَا زَيْفُ المُنَى قِنَاعَهَا = تَبدَّدَ الوَهْمُ ، وَ صَارَ بَادِيَا
هَلْ يشتَكِي خَطِيئَةً شَابتْ بِهِ = أَمْ أنَّهُ يَرجُو قِنَاعًا تَالِيَا
فَقَد تَلَاحَى النَّاسُ ، وَ البَطشُ طَغَا = حَتَّى رَوَى الدَّمُ الْبَرَى ، وَ الصَّادِيَا
فَمَا بَقَى فِي مُقْلةٍ منْ أَدْمُعٍ = تَنْعِي حِدَادَ اللَّيلِ ، تَأسُو الرَّاجِيَا
لَا تَبْكِ يَا طَيرُ الرُّبَا ، وَ أَيكَةً = تَلْقَى شَتَاتًا ، تَبْتَكِي العَوادِيِا
وَ ابْكِ زَمَانًا ، وَ وُجُودًا قدْ أتَى = دَربَ الخَطًايَا ، عَانَقَ النَّوَاهِيَا
تَسَاءَلَتْ بالدَّمعِ أَرْجَاءُ الدُنَا = إِلَى مَتَى يَغْشَى الرَّدَى النَّوَاحِيَا
أَينَ خَدِيمُ الرُّوحِ دَامَ وَصْلُهُ= يَشدُو نُهُوجَ الخَيرِ يَسمُو حَانِيَا
تكَالَبَ الشَّرُ عَليِهِ ، وَ الأَسَى =أَعيَا ضَميرَ الحَقِّ يَصحُو قَاضِيَا
مِنْ غَضبَةِ الأَقدَارِ صَاحَتْ فِطْرَةٌ = وَ رَجوَةٌ تَلْقَى عَذَابًا لَاظِيَا
لِتَسْمَعَنَّ الغَوْثَ يُدْمِي مُهْجَةً = وَ الأَرضُ تَحْسُو الشَّيبَ ، تَدْعُو حَامِيَا
فَقَد تَهَاوَتْ مُنيةٌ فِي مَهْدِهَا = وَ القَلبُ مِنْ وَجْدٍ يَلُومُ وَالِيَا
حتَّى غَشَى اللَّيلَ جَهَامٌ حَائرٌ= أَعْيَا السَّنَا وَالفَجرُ ، حَلَّ وَاهِيَا
فَأَسدَلَ الغَيْمُ حِجابًا سَاترًا = ثُمَّ تدَّجَى الكَونُ صَارَ باليَا
يَا مَنْ هَدَى كُلٌ شَكَا أَحْزَانَهُ = فَمَنْ هُو الذِي يَجُولُ بَاغِيَا ؟ّ!
فَهَذهِ الدُّنيَا هَوَتْ ظِلَالُهَا= وَ الزَّهرُ شَابَ قَد نَعَى الرَّوَابِيَا
أَنَّى لَهُ الإِنسَانُ يَشدُو جُرْمَهُ= جَابَ الدُّنَا غَدرًا ، وَ صَالَ جَانِيَا
يَزهُو إذَا طَافَ الرَّدَى بِجَارِهِ = حَتَّى ارْتَضَى الأَصْفَادَ ، وَ المَعَاصِيَا
وَقَد رَأَى الْهِلَالَ نَصْلَ خَنْجَرٍ = أَبكَى عُيُونَ الَّليلِ دَمْعًا قَانِيًا
فَاسْتَعْذَبَ الأَوهَامَ تَغْدُو كَالفَنَى = يَدعُو هَجِيْرَ البِيِدِ ، وَ السَّوَافِيَا
مَهْدُ الحَياةِ قَد تسَامَى هَدْيُهُ = لمَّا الْتقَى بِالحِقدِ أَضحَى صَاليَا
كَالنَّفْسِ لَمَّا تَستَجِيبُ لِلْهَوَى = تَجثُو لَهُ ، وَ تَرتَضِيهِ رَاعِيَا
هَلْ أَمِنَتْ صَفوَ الدُّنا بِغِربةٍ = أمْ أَمَلَتْ بَينَ الرَّدَى النَّوَاجيَا
فَقَد غَدَا العَيشُ جَحِيِمًا يَغتَلِي = وَ المَرءُ يلهُو لَا يُباَلي بَاكِيَا
قَد صَارَ مَا لَيسَ لَهُ مِنْ حَقِّهِ = وَ إنْ فنَى خِلاً ، وَ أدمَى رَاجِيَا
أَو بَدَّلَ القَولَ لِقاءَ دَرْهمٍ = أَو أَعلَنَ الزُّورَ ، وَ أمسَى وَاشيَا
ثمُّ ادَّعَى بِأنَّهُ مُسيَّرٌ = كُلٌ بِأمرِ اللهِ يَغدُو سَاريَا
(قُلتُ) هُو (اللهُ)( الوَدُودُ) (خَالقٌ) = وَ (القَادِرُ) الذِي يُجِيبُ الدَّاعيَا
أَعطَى العِبَادَ الحَقَّ في إرِادَةٍ = وَ حُجَّةٍ ، بِالفِكرُ يَمضِي قَاِضيَا
أمَّا الغُيُوبُ أَمرُهَا مُسيَّرٌ = وَ القَدَرُ الجَّاري يَصِيرُ نَاهِيَا
وَالله يُعطي مَنْ يشَاءُ حِكمَةً = إِنْ شَاءَ يَهدِ لَاحدًا ، وَ عَاصِيَا
يَا أَيُّهَا الإنسَانُ أُذكُرْ نِعمَةً = مَا خَلَقَ (الْحَقُّ) الْوُجُودَ لَاهيَا
كَيفَ الأَمَانُ بِالحِمَامِ يَزدَهِي= وَ النَّفسُ تَلقَى الوَعدَ وَهْمًا ثَاوِيَا
مَهمَا تَرَاءَى الحُبُّ يَسري فَائِحًا = تَلْقَ جُحُودًا ، وَ تجِدْ مُجَافِيَا
وَ الرُّوحُ مِنْ حَرِّ الرَّجَا تصْبُو النَّجَا= فَالبَأسُ طَافَ ، أَجدَبَ الغَوَاديَا
وَ مَركِبٌ بِالدَّمعِ يَجري مَوجُهَا= تَنْعِي غَرِيبَ الدَّارِ تَبكَي مَاضِيَا
بَينَ الشَّبابِ ، وَ المَشيبِ مِثلَمَا = يَشدُو الرَّبيعُ ثمَّ يَمضِي جَافِيَا
وَ المَرءُ غَادٍ فِي الدُّنَى ، وَ رَاحِلٌ = وَ العُمْرُ يَزهُو ثُمَّ يَهوِي فَانيَا
فَمَا الحَيَاةُ غَيرُ حَفلٍ وَ انْقَضَى = وَ لَمْ يَعُد فِيْهِ نَدِيمٌ بَاقِيَا
فَهَلْ أَخَذْتَ العَهدَ مِنْ أحوَالِهَا = ثُمَّ ارْتَأَيتَ الوَعدَ مِنْهَا آتِيَا
فَابْكِ عَلَيهَا حِينَ تَرجُو وَصْلَهَا = وَ ابْكِ عَلَيهَا حِينَ تَنأَى خَاوِيَا
فَلَا نَعِيمٌ يفتَدِيكَ لَحْدَهَا = وَ لَو مَلَكْتَ الكْونَ جُنْدًا عَاتِيَا
و انْظُرْ إلَى مَنْ كَانَ شَهْدًا عَيشُهُ = في لَحْظَةٍ كَالحُلْمِ وَلَّى طَاوِيَا
وَاقفِزْ إلَى البِحَارِ والجِبَالِ أَو = كُنْ خَلفَ أَسوَارٍ ودِرْعٍ نَائِيَا
عِشْ في قُصُورٍ ، أَو بُرُوجٍ آمِنًا = تَأْتِ المَنَايَا ، لَنْ تَفرَّ نَاجِيَا
وَعدُ الأَمَانِي ، وَالتَّمنِّي ، وَ الهَوَى = لُقيَا سَرَابٍ حِينَ يَبدُو دَانِيَا
وَ مَنْ يعِشْ دُنياهُ ظِلَّ نفْسهِ = فِي الضِّيقِ لَنْ يرَىَ خَلِيلاً آسِيَا
وَ إنَّ حُبَّ الذَّاتِ دَاءٌ يَبتَلِي = نَفسًا سَعَى البَغْضُ لهَا مُوَاليَا
إِنْ تُخْفِ وَجْهَ الغَدرِ كَاَنَ أنفُهُ= بينَ أُلُوفٍ منْ وُجُوهٍ بَادِيَا
وَ هَذِهِ سَلوَى القُلُوبِ قَد دَعَتْ = نَهْجُ الوَرَى يَسمُو وَ يَغدُو زَاكِيَا
وَ تَسألُ الأَنَامَ ، عَفْوًا وَ رِضَا = فَالشَّرُ يَدعُو البَيْنَ ، وَ الدَّوَاهِيَا
هَلْ مِنْ سَبيلٍ كَي تَسُودَ رَحمَةٌ = وَالمَرءُ يعفُو ، يَهتَدِي طَوَاعيَا
هَلْ مِنْ نُفُوسٍ تَجتَبِي وَعْدَ الحِمَى ؟ = فَالطَّيرُ يَصبُو كَي يَعُودَ شَاديَا
مَتَى السَّلَامُ يَزدَهِي ، يغشَى الدُّنَا ؟ = وَ يَطمَئِنُ الفَجْرُ يَدنُو رَائِيَا
كَيفَ عُيُونُ المَهدِ يَغفُو جَفنُهَا = وَالزَّهرُ يَصحوُ والنَّدى تَلاقيَا
وَالحُلْمُ يَشدُو بينَ أَهدَابِ المُنَى = وَالعَدلُ مِثلُ النُّور يسرِي زَاهِيَا
صَاحتْ دُرُوبٌ للْهُدَى : يَا مَنْ شَكَا = دَربُ الْوُجُودِ لَمْ يزَلْ رَوَاسِيَا
يَا أيُّهَا الإِنسَانُ جَلَّ مَنْ مَحَا = عَنْ قَلبِهِ الحِقدَ وَصَارَ رَاضِيَا
فَانْءَ رَحِيْمًا عنْ سُلوكٍ ظَالمٍ = فَالظُلمُ مِثلُ النَّارِ يَغدُو قَالِيَا
وَ مَنْ نَهَى النَّفسَ لِتَركِ شَهوةٍ = يَجْنِ الصَّفَا ، يَلْقَ النَّعيمَ آتيَا
فلَا تَلِنْ عنْ رَحمَةٍ تسعَى بِهِا = إلَى نُهُوجِ الخَير ، وَ ازْهِ سَاعيَا
وَ ارْمِ الخطَايَا بالجَفَا ، بِجَمْرَةٍ = وَ احْمِلْ علَى الأَهوَاءِ ، وَ امْضِ هَاديَا
فَأَينَمَا تَسْعَ إلَى خَيرٍ تَجِدْ = نَهْجًا سَمَا ، وَعْدًا عَلَا الفيَافيَا
وَ لَو تَكَاثَرَ العِدا فَالخَيرُ لَمْ= يَزَلْ عَلَى الدَّربِ الحِمَى ، وَ الرَّاعِيَا
فَلنْ يَدومَ الدَّمعُ أَو أَحزَانُهُ = وََ لَنْ يَظلَّ الشَّرُ يعثُو بَاغِيَا
فَرُبَّ أَفرَاحٍ هَوَتْ بَوَاكِيَا = وَر ُبَّ أَحزَانٍ غَدَتْ غَوَاليَا
مَا أَجمَلَ الرُّوحَ التِي يَسمُو بِهَا = عَفْوٌ غَشَى القَلبَ فَيَحيَا زَاهِيَا
بِالعَدلِ وَ الإِنصَافِ ، وَ القَولِ النَّدِي = بِالعِلْمِ ، وَ الأَخلَاقِ نَغُدو عَالِيَا
لَو مَا الحيَاةُ لَمْ تَزلْ بِرَحمَةٍ= لكَانَ عَيْشُ النَّاسِ حَتمًا فَانِيَا
شعر : مراد الساعي
الحقوق محفوظة