حسين راجحي
06-28-2012, 07:50 PM
https://encrypted-tbn3.google.com/images?q=tbn:ANd9GcSJ2og4YhNS3Cc0TKVahqlsazBU4L4H7 XUHhTvDw9CasbkcNRHtBg
علمتني الوفاء
ذهبت إلى المقهى لكي أخرج من جو المدينة ، ومن هموم الدنيا ، وأعطي عقلي مجالا بأن يرتاح ويأخذ قسطا من التغيير مع أصدقائي ، وعند وصولي إلى المقهى وجدت صديقي وحبيبي هشام ينتظرني في نفس المكان الذي تعودت أن أجلس معه ، فسلمت عليه ،
حينها نادى هشام المضيف
فقال : تعال بكوبين من الشاهي
على الفور اتجه المضيف للبهو
و بدأ هشام يحدثني عن كل ما حصل له بالأمس من طرائف ومواقف محرجة حصلت له ، وكيف تعامل معها ، وأنا في غاية الاستمتاع لحديث هشام
حينها جاء المضيف بالكوبين ، وهشام مازال مستمرا في حديثه فأخذت كوبي ، وأعطيته كوبه دون أن أقاطعه أو أشعره بتجاهلي حتى انتهى من حديثه
فقال : وأنت يا أبا أحمد أخبرني ماذا حصل لك بالأمس ؟
فقلت :
ذهبت أنا وزوجتي وولدي إلى المهرجان في إجازة نهاية الأسبوع للاستمتاع بفعالياته ، وما استجد من مقومات تجذب الزائر إليه ، وكأنك في حديقة غنّاء مليئة بالورود
وكل وردة تتباهى ببديع شكلها وجاذبية حسنها
وفي أثناء تجوالي لفت نظر ولدي بائع االفراخ الملونة
فبكى حتى يرغمني على الشراء
من البائع وأنا شارد البال ،
عيني تلاحق الجميلات
تتبع كل حركة منهن
وأنا أريد زوجتي تغفل عني ولولحظة
حتى أجد الفرصة لأختلس بنظرة من أحداهن وأبرز مدى إعجابي بها في حديث العيون ،
فازداد صراخ ولدي وارتفع صوته وبدأ من حوله يسمعه فحن قلب أمه عليه
وقالت : اشتري لأبننا الوحيد هذا الفرخ ولا تحرمه منه ،
حينها تضجرت وأخفيت غضبي في ملامح وجهي حتى لا أكشف أمامها
فتسألني لماذا أنت غاضب ؟
وماذا أقول لها وهي قد أفسدت الجو الذي كنت أعيشه ،
فخفت أن تشير إلي بالبخل ، أو يقع تفكيرها على توزيع نظراتي للفاتنات الحسان،
فتفسر شرود ذهني وتحل المصيبة علي فتداركت الموضوع بخبث وحنكة
فقلت :
لن اشتري فرخا واحدا بل اثنين وسأشتري معهما قفصا حتى لا يفتك بهم ونهتم بهم ونرعاهم ،
فسرت عندما سمعت قولي هذا ،
وبالفعل اشتريت قفصا فيه فرخين صغيرين لونهما وردي وأصفر في قفص يضمهما ،
عند وصولنا للبيت ، وضعت القفص في أحدى الغرف بجانب النافذة ، كي يصل إليهم النور ولا ينحرمون من نعمته
الفرخان بأصوات شقشقتهما تسحر الأذن حتى أن ولدي يصحو من النوم على نغمات ذلك الصوت فيقول مباشرة : دو دو يقصد الفرخين
حقا إن الفرخين لقد أعطى الإضافة الرائعة في البيت حتى أن زوجتي أعطت جل اهتمامها للاعتناء وتوفير الجو المناسب ، وإطعامهما
و الأجمل أنها تذكرني بحديث الرسول
صلى الله عليه وسلم : ( في كل كبد رطب أجر)
يمر اليوم واليومان ، ونحن أفراد الأسرة في غاية الإستمتاع بلعبهما
حيث أن الفرخ الأصفر دائما يمازح الفرخ الوردي وكأن بينهما رسائل غزل
ليتناسى عزلتهما وسجنهما في هذا القفص
وفي يوم من الأيام داهم المرض الفرخ الوردي ،
ونحل جسده ولم يستطع الوقوف ، انهارت قواه فجلس يشتكي من المرض بصوته الهزيل لصديقه ورفيق دربه ،
إلا والصديق يقترب منه ويصيح بأعلى صوته هل من منقذ له ؟ هل من دواء له ؟
وللأسف فلا حياة لمن تنادي فقد كنا خارج البيت
لم نأتي إلا والفرخ الوردي يلفظ أنفاسه الأخيرة ،
والفرخ الأصفر بجانبه لم يبرح من مكانه
ينظر إليه في حزن وألم
لحظات الصمت قد رسمت ظلامها عليه ،
وماهي إلا دقائق إلا والفرخ الوردي تنطبق عيناه ،
ويرحل من هذه الدنيا تحت أنظار عيني صديقه وحبيبه ،
فبكى بكاءا لا نفهمه ووقف وقفة حداد وعزاء
امتدت لساعات حتى جاءت زوجتي ، فأخذته لترميه من القفص ، وحينها ذهب الفرخ الأصفر إلى زاوية من زوايا القفص ليرثي موت
صديقه ويتذكر كل الذكريات التي جمعت بينهما فتذرف دموعه عليها وكأن لسان حاله كما يقول الشاعر :
لئن سترتك بطون اللحود فوجدي بعدك لا يستتر
حين ذلك امتنع الفرخ الأصفر من الأكل والشرب ،
فبدأ شبح الموت يتسلل إليه
وهو يتوق إلى مرافقة صديقه ،
في عالم الأرواح والرحيل من هذه الدنيا ،
فلا حياة تطيب له ، ولا طيف سعادة ترنو له ، وصديقه قد رحل عنه ،
وماهي إلا دقائق إلا والفرخ الأصفر يلحق بصديقه ، ويرحل من هذه الدنيا ،
حينها جئت لأخرجه من القفص ،
والحزن قد اخترق قلبي ، وتسلل إلى عيني ،
فجاشت نفسي بالبكاء مما جعل ريشه يتبلل بدموعي
وأنا في حالة يرثى لها ،
عند ذلك بدأت أتمالك نفسي ، وأهدي من روعي لأترجم ما بداخلي من حزن وأسى وحرقة على عدم احترام مشاعر زوجتي ،
والنظر إلى غيرها ، وأقول له لقد علمتني درسا في الوفاء لن أنساه .
بقلم
حسين راجحي
علمتني الوفاء
ذهبت إلى المقهى لكي أخرج من جو المدينة ، ومن هموم الدنيا ، وأعطي عقلي مجالا بأن يرتاح ويأخذ قسطا من التغيير مع أصدقائي ، وعند وصولي إلى المقهى وجدت صديقي وحبيبي هشام ينتظرني في نفس المكان الذي تعودت أن أجلس معه ، فسلمت عليه ،
حينها نادى هشام المضيف
فقال : تعال بكوبين من الشاهي
على الفور اتجه المضيف للبهو
و بدأ هشام يحدثني عن كل ما حصل له بالأمس من طرائف ومواقف محرجة حصلت له ، وكيف تعامل معها ، وأنا في غاية الاستمتاع لحديث هشام
حينها جاء المضيف بالكوبين ، وهشام مازال مستمرا في حديثه فأخذت كوبي ، وأعطيته كوبه دون أن أقاطعه أو أشعره بتجاهلي حتى انتهى من حديثه
فقال : وأنت يا أبا أحمد أخبرني ماذا حصل لك بالأمس ؟
فقلت :
ذهبت أنا وزوجتي وولدي إلى المهرجان في إجازة نهاية الأسبوع للاستمتاع بفعالياته ، وما استجد من مقومات تجذب الزائر إليه ، وكأنك في حديقة غنّاء مليئة بالورود
وكل وردة تتباهى ببديع شكلها وجاذبية حسنها
وفي أثناء تجوالي لفت نظر ولدي بائع االفراخ الملونة
فبكى حتى يرغمني على الشراء
من البائع وأنا شارد البال ،
عيني تلاحق الجميلات
تتبع كل حركة منهن
وأنا أريد زوجتي تغفل عني ولولحظة
حتى أجد الفرصة لأختلس بنظرة من أحداهن وأبرز مدى إعجابي بها في حديث العيون ،
فازداد صراخ ولدي وارتفع صوته وبدأ من حوله يسمعه فحن قلب أمه عليه
وقالت : اشتري لأبننا الوحيد هذا الفرخ ولا تحرمه منه ،
حينها تضجرت وأخفيت غضبي في ملامح وجهي حتى لا أكشف أمامها
فتسألني لماذا أنت غاضب ؟
وماذا أقول لها وهي قد أفسدت الجو الذي كنت أعيشه ،
فخفت أن تشير إلي بالبخل ، أو يقع تفكيرها على توزيع نظراتي للفاتنات الحسان،
فتفسر شرود ذهني وتحل المصيبة علي فتداركت الموضوع بخبث وحنكة
فقلت :
لن اشتري فرخا واحدا بل اثنين وسأشتري معهما قفصا حتى لا يفتك بهم ونهتم بهم ونرعاهم ،
فسرت عندما سمعت قولي هذا ،
وبالفعل اشتريت قفصا فيه فرخين صغيرين لونهما وردي وأصفر في قفص يضمهما ،
عند وصولنا للبيت ، وضعت القفص في أحدى الغرف بجانب النافذة ، كي يصل إليهم النور ولا ينحرمون من نعمته
الفرخان بأصوات شقشقتهما تسحر الأذن حتى أن ولدي يصحو من النوم على نغمات ذلك الصوت فيقول مباشرة : دو دو يقصد الفرخين
حقا إن الفرخين لقد أعطى الإضافة الرائعة في البيت حتى أن زوجتي أعطت جل اهتمامها للاعتناء وتوفير الجو المناسب ، وإطعامهما
و الأجمل أنها تذكرني بحديث الرسول
صلى الله عليه وسلم : ( في كل كبد رطب أجر)
يمر اليوم واليومان ، ونحن أفراد الأسرة في غاية الإستمتاع بلعبهما
حيث أن الفرخ الأصفر دائما يمازح الفرخ الوردي وكأن بينهما رسائل غزل
ليتناسى عزلتهما وسجنهما في هذا القفص
وفي يوم من الأيام داهم المرض الفرخ الوردي ،
ونحل جسده ولم يستطع الوقوف ، انهارت قواه فجلس يشتكي من المرض بصوته الهزيل لصديقه ورفيق دربه ،
إلا والصديق يقترب منه ويصيح بأعلى صوته هل من منقذ له ؟ هل من دواء له ؟
وللأسف فلا حياة لمن تنادي فقد كنا خارج البيت
لم نأتي إلا والفرخ الوردي يلفظ أنفاسه الأخيرة ،
والفرخ الأصفر بجانبه لم يبرح من مكانه
ينظر إليه في حزن وألم
لحظات الصمت قد رسمت ظلامها عليه ،
وماهي إلا دقائق إلا والفرخ الوردي تنطبق عيناه ،
ويرحل من هذه الدنيا تحت أنظار عيني صديقه وحبيبه ،
فبكى بكاءا لا نفهمه ووقف وقفة حداد وعزاء
امتدت لساعات حتى جاءت زوجتي ، فأخذته لترميه من القفص ، وحينها ذهب الفرخ الأصفر إلى زاوية من زوايا القفص ليرثي موت
صديقه ويتذكر كل الذكريات التي جمعت بينهما فتذرف دموعه عليها وكأن لسان حاله كما يقول الشاعر :
لئن سترتك بطون اللحود فوجدي بعدك لا يستتر
حين ذلك امتنع الفرخ الأصفر من الأكل والشرب ،
فبدأ شبح الموت يتسلل إليه
وهو يتوق إلى مرافقة صديقه ،
في عالم الأرواح والرحيل من هذه الدنيا ،
فلا حياة تطيب له ، ولا طيف سعادة ترنو له ، وصديقه قد رحل عنه ،
وماهي إلا دقائق إلا والفرخ الأصفر يلحق بصديقه ، ويرحل من هذه الدنيا ،
حينها جئت لأخرجه من القفص ،
والحزن قد اخترق قلبي ، وتسلل إلى عيني ،
فجاشت نفسي بالبكاء مما جعل ريشه يتبلل بدموعي
وأنا في حالة يرثى لها ،
عند ذلك بدأت أتمالك نفسي ، وأهدي من روعي لأترجم ما بداخلي من حزن وأسى وحرقة على عدم احترام مشاعر زوجتي ،
والنظر إلى غيرها ، وأقول له لقد علمتني درسا في الوفاء لن أنساه .
بقلم
حسين راجحي