مشاهدة النسخة كاملة : في ظلال آية / موضوع متجدد باذن الله
عديلة القاف
09-13-2012, 09:20 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
في ظلال آية
هنا سأعرض أحدى آيات القرآن الكريم مع تفسير لها
يثبت اعجاز الله جل جلاله في القرآن وبلاغة آياته
واتمنى من الجميع المشاركة وهكذا نتعلم من بعضنا بلاغة القرآن الكريم
عن عثمان -رضي الله تعالى عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه أخرجه البخاري.
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135q4z6vvffxr47et.gif
بلاغة سورة الكوثر
( إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر)
من أبحاث الدكتور الشيخ محمود الزين
بسم الله الرحمن الرحيم
للكشف عن بلاغة أي كلام . لابد من الموازنة بين ماتتطلبه مناسبته الداعية إليه وبين معانيه وأغراضه التي تحتويها ألفاظه.
وفي سورة الكوثر التي هي اقصر سورة في القرآن وقع بها التحدي.. كانت المناسبة أن بعض المشركين وهو أبو جهل عير النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أبتر ( أي منقطع الذكر) إذا مات لإنه ليس له ذرية من الذكور فكان أصل المعنى الذي تستدعيه هذه المناسبة أن يخير الله عز وجل نبيه بأنه لن ينقطع ذكره وتكون معجزة تثبت حكماً على الزمن المستقبل لايعرفه الخلق كله وذلك كاف في إعطاء المناسبة حقها لكن الآية زادت على ذلك أموراً اختلف بها المعنى اختلافاً كبيراً ويزيد أثره على هذا الذي افترضناه زيادة تفوق التصور.
فأول ذلك أن الآية أضافت خبراً آخر يزيد كبت الخصم وهو أنه سيكون أبتر جامعاً لهذه الصفة البغيضة كاملاً فيها ثم جعلت الأخبار عن كونه أبتر هو الدلالة الصريحة للعبارة بينما جعلت نفي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مفهوماً من أسلوب القصر أي جعلت الرد على قوله قضية ثانوية تجعل قوله في حيّز اللامبالاة ثم أكدت القضية كلها بثلاث مؤكدات : إن وضمير الفصل واستعمال الجملة الإسمية وهي تعطي حكماً مطلقاً لايقيده زمان من أزمنة الجملة الفعلية . ثم كنّتِ الآية عن الخصم إهمالاً له واحتقاراً فذكرت صفته ( شانئك) وأفادت بذلك زيادة وهي الحكم على كل شانئيه بالبتر لاعلى على الخصم خصوصاً وكل هذه المعاني جمعتها أربع كلمات( إن شانئك هو الأبتر) وقد حصلت كل هذه الأخبار المعجزة ؛ فأعلى الله ذكره , وأدامه حتى ملأ الزمان والمكان وأمات ذكر شانئيه ؛ حتى نسيهم الناس إلا من اللعنات , وزيادة في تعميق معنى التكريم للنبي صلى الله عليه وسلم وتطييب قلبه , مماقاله الخصم وزيادة في الإعراض عن الخصم ؛ أخرت هذه القضية وجاءت مسبوقة ببشرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم كبيرة وعظيمة ألا وهي إعطاؤه يوم القيامة نهر الكوثر, وفي التعبير عن هذه البشرى أمور عدة تعمق الغرض منها وتقويه.
فالكوثر؛ لفظ مأخوذ من الكثرة المناقضة للبتر, الذي زعمه الخصم وكونه في الآخرة تأكيد لدوام ذكر النبي صلى الله عليه وسلم , ورفعته لاعلى الخصم وأضرابه بل على عظماء المرسلين والأنبياء حين يجتمع الخلق أجمعون .
وزادت هذه البشرى عظمةً؛ بعظمة معطيها .
ولذا لم تقل الآية أعطيتك الكوثر بل قالت : أعطيناك الكوثر بنون التعظيم .
وفي هذا أيضاً تأكيد ثبوت البشرى لأنها عطية من لايخلف الميعاد , وزادت الآية تأكيد ذلك بتقديم ضمير المعظم نفسه على الفعل كأنه قيل نحن أعطيناك لاغيرنا .
ولمناسبة هذا التوثيق جاءت البشارة بصيغة الماضي أعطيناك , فهكذا الحكم ثبت وقضي, فلا مرد له وإن كان سيأتي في المستقبل .
ثم أكد الخبر كله بدخول إنّ وتكميلاً لإظهار هذا التكريم دعت السورة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إظهار الإبتهاج به, وذلك بنسيان الخصوم والانشغال عنهم بشكر الله تعالى على هذا التكريم صلاة لربه , ونحراً للضحايا ابتغاء وجهه.
وفي لفظ الرب دون لفظ الإله في هذا الوضع تناسب مع الغرض ؛ أي لمن يرعاك ويكرمك ويحوطك من الخصوم.
فجل الذي نزَّل هذه السورة !!
ماأحكم وما أعظم كلامه!!
وأنَّى لكلام البشر أن يسمو فيداني كلامه المعجز
حاشا..... ثم ... حاشا........
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135q4z6vvffxr47et.gif
أحبتي في الله
تعلموا من بلاغة القرآن العظيم .
وأفيدونا بعلمكم ومعرفتكم ..
( للأمانة الموضوع نقل للفائدة والأجر )
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:20 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
عندما أقرأ قول الله تعالى :
(كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة).
وأنا أعرف أن الناصية في اللغة : هي مقدمة الرأس .
وكنت أسأل نفسي وأقول يارب اكشف لي هذا المعنى .. فلماذا قال سبحانه ناصية كاذبة خاطئة؟!
وتفكرت فيها وبقيت أكثر من عشر سنوات وأنا في حيرة أرجع إلى كتب التفسير فأجد المفسرين يقولون :
( المراد ليست ناصية كاذبة , وإنما المراد معنى مجازي وليس حقيقيا ؛ فالناصية هي مقدمة الرأس , لذلك أطلق عليها صفة الكذب (في حين أن المقصود صاحبها) ..
واستمرت لدي الحيرة إلى أن يسر الله لي ( بحثا عن الناصية قدمه عالم كندي ( وكان ذلك في مؤتمر طبي عقد في القاهرة ) قال فيه :
( منذ خمسين سنة فقط تأكد لنا أن جزء المخ الذي تحت الجبهة مباشرة "الناصية" هو المسؤول عن الكذب , والخطأ وأنه مصدر اتخاذ القرارات . )
فلو قطع هذا الجزء من المخ الذي يقع تحت العظمة مباشرة ؛ فإن صاحبه لا تكون له إرادة مستقلة , ولا يستطيع أن يختار ... ولأنها مكان الاختيار ؛ قال الله تعالى ( لنسفعا بالناصية)
أي ؛ نأخذه ونحرقه بجريرته ...
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135q4z6vvffxr47et.gif
وبعد أن تقدم العلم أشواطا وجدوا أن هذا الجزء من الناصية في الحيوانات ضعيف وصغير
(بحيث لايملك القدرة على قيادتها وتوجيهها)
وإلى هذا يشير المولى سبحانه وتعالى:
(ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها) ...
وجاء في الحديث الشريف : (اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك )". ولحكمة إلهية شرع الله أن تسجد هذه الناصية وأن تطأطئ له جباه المؤمنين ونواصيهم .
فسبحان الله العظيم , في بلاغة آياته التي يتكشف للعلماء كل يوم حتى قيام الساعة علامات قدرته الإعجازية في البيان اللغوي الإلهي .
بتصرف : من مقال للشيخ عبد المجيد الزندان
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:21 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
( قل هو الله أحد )
إن بلاغة البيان القرآني في استخدام لفظة أحد , مع الكلام المثبت قبلها , يأتي متحديا ومعجزا لما تعارف عليه العرب في كلامهم البليغ , حيث إنهم يستعملون ( أحد ) بعد الكلام المنفي , و ( واحد ) بعد الإثبات .
فيقولون مثلا : في الدار واحد .
ويقولون : مافي الدار أحد .
ولقد جاء القرآن الكريم بالصيغتين ببلاغة معجزة لا تضاهيها بلاغة بشرية .
في قوله تعالى ( وإلهكم إله واحد ) سبق لفظ ( واحد ) بكلام مثبت .
وكذا في قوله تعالى ( الواحد القهار )
وفيما يسبقه كلام منفي قال سبحانه وتعالى ( لانفرق بين أحد منهم )
وقال أيضا ( يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن )
وقال جل وعلا : ( فما منكم من أحد عنه حاجزين ) .
وجاء في تفسير ابن عباس وأبو عبيدة رضي الله عنهما : أنه لافرق بين ( الواحد والأحد ) في المعنى .
ويؤيد قوله بآية سورة الكهف : ( فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة )
ومن بلاغة الآية الكريمة ( قل هو الله أحد )
أن الله تعالى اختار وعدل بحكمته في قوله ( أحد ) لرعاية مقابلة ( الصمد ) في الآية التي تليها ( الله الصمد )
حتى يتمشى مع قوله في آية أخرى من القرآن الكريم :
( ولقد يسرنا القرآن للذكر ..)
حتى وإن غلب استعمال ( أحد ) فيما سبق بنفي , في غير تلك الآية الكريمة أو في كلام العرب الغالب .
فسبحان من هذا كلامه , وقد يسر حفظه وفهمه ونبض قلوب المؤمنين به .
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:21 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
قال صاحب الظلال رحمه الله في تفسير هذه الاية
(( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ، وما يمسك فلا مرسل له من بعده ، وهو العزيز الحكيم ))
في هذه الآية الثانية من السورة صورة من صور قدرة الله التي ختم بها الآية الأولى . وحين تستقر هذه الصورة في قلب بشري يتم فيه تحول كامل في تصوراته ومشاعره واتجاهاته وموازينه وقيمه في هذه الحياة جميعاً .
إنها تقطعه عن شبهة كل قوة في السماوات والأرض وتصله بقوة الله . وتيئسه من مظنة كل رحمة في السماوات والأرض وتصله برحمة الله . وتوصد أمامه كل باب في السماوات والأرض وتفتح أمامه باب الله . وتغلق في وجهه كل طريق في السماوات والأرض وتشرع له طريقه إلى الله .
ورحمة الله تتمثل في مظاهر لا يحصيها العد؛ ويعجز الإنسان عن مجرد ملاحقتها وتسجيلها في ذات نفسه وتكوينه ، وتكريمه بما كرمه؛ وفيما سخر له من حوله ومن فوقه ومن تحته؛ وفيما أنعم به عليه مما يعلمه ومما لا يعلمه وهو كثير .
ورحمة الله تتمثل في الممنوع تمثلها في الممنوح . ويجدها من يفتحها الله له في كل شيء ، وفي كل وضع ، وفي كل حال ، وفي كل مكان . . يجدها في نفسه ، وفي مشاعره؛ ويجدها فيما حوله ، وحيثما كان ، وكيفما كان . ولو فقد كل شيء مما يعد الناس فقده هو الحرمان . . ويفتقدها من يمسكها الله عنه في كل شيء ، وفي كل وضع ، وفي كل حالة ، وفي كل مكان . ولو وجد كل شيء مما يعده الناس علامة الوجدان والرضوان!
وما من نعمة يمسك الله معها رحمته حتى تنقلب هي بذاتها نقمة . وما من محنة تحفها رحمة الله حتى تكون هي بذاتها نعمة . . ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله فإذا هو مهاد . وينام على الحرير -وقد أمسكت عنه فإذا هو شوك القتاد . ويعالج أعسر الأمور برحمة الله فإذا هي هوادة ويسر . ويعالج أيسر الأمور وقد تخلت رحمة الله فإذا هي مشقة وعسرويخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام . ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مهلكة وبوار!
ولا ضيق مع رحمة الله . إنما الضيق في إمساكها دون سواه . لا ضيق ولو كان صاحبها في غياهب السجن ، أو في جحيم العذاب أو في شعاب الهلاك . ولا وسعة مع إمساكها ولو تقلب الإنسان في أعطاف النعيم ، وفي مراتع الرخاء . فمن داخل النفس برحمة الله تتفجَّر ينابيع السعادة والرضا والطمأنينة . ومن داخل النفس مع إمساكها تدب عقارب القلق والتعب والنصب والكد والمعاناة!
هذا الباب وحده يفتح وتغلق جميع الأبواب ، وتوصد جميع النوافذ ، وتسد جميع المسالك . . فلا عليك . فهو الفرج والفسحة واليسر والرخاء . . وهذا الباب وحده يغلق وتفتح جميع الأبواب والنوافذ والمسالك فما هو بنافع . وهو الضيق والكرب والشدة والقلق والعناء!
هذا الفيض يفتح ، ثم يضيق الرزق . ويضيق السكن . ويضيق العيش ، وتخشن الحياة ، ويشوك المضجع . . فلا عليك . فهو الرخاء والراحة والطمأنينة والسعادة . وهذا الفيض يمسك . ثم يفيض الرزق ويقبل كل شيء . فلا جدوى . وإنما هو الضنك والحرج والشقاوة والبلاء!
المال والولد ، والصحة والقوة ، والجاه والسلطان . . تصبح مصادر قلق وتعب ونكد وجهد إذا أمسكت عنها رحمة الله . فإذا فتح الله أبواب رحمته كان فيها السكن والراحة والسعادة والاطمئنان .
يبسط الله الرزق مع رحمته فإذا هو متاع طيب ورخاء؛ وإذا هو رغد في الدنيا وزاد إلى الآخرة . ويمسك رحمته ، فإذا هو مثار قلق وخوف ، وإذا هو مثار حسد وبغض ، وقد يكون معه الحرمان ببخل أو مرض ، وقد يكون معه التلف بإفراط أو استهتار .
ويمنح الله الذرية مع رحمته فإذا هي زينة في الحياة ومصدر فرح واستمتاع ، ومضاعفة للأجر في الآخرة بالخلف الصالح الذي يذكر الله . ويمسك رحمته فإذا الذرية بلاء ونكد وعنت وشقاء ، وسهر بالليل وتعب بالنهار!
ويهب الله الصحة والقوة مع رحمته فإذا هي نعمة وحياة طيبة ، والتذاذ بالحياة . ويمسك نعمته فإذا الصحة والقوة بلاء يسلطه الله على الصحيح القوي ، فينفق الصحة والقوة فيما يحطم الجسم ويفسد الروح ، ويدخر السوء ليوم الحساب!
ويعطي الله السلطان والجاه مع رحمته فإذا هي أداة إصلاح ، ومصدر أمن ، ووسيلة لادخار الطيب الصالح من العمل والأثر . ويمسك الله رحمته فإذا الجاه والسلطان مصدر قلق على فوتهما ، ومصدر طغيان وبغي بهما ، ومثار حقد وموجدة على صاحبهما لا يقر له معهما قرار ، ولا يستمتع بجاه ولا سلطان ، ويدخر بهما للآخرة رصيداً ضخماً من النار!
والعلم الغزير . والعمر الطويل . والمقام الطيب . كلها تتغير وتتبدل من حال إلى حال . . مع الإمساك ومع الإرسال . . وقليل من المعرفة يثمر وينفع ، وقليل من العمر يبارك الله فيه . وزهيد من المتاع يجعل الله فيه السعادة .
والجماعات كالآحاد . والأمم كالأفراد .
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:22 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
قال الله تعالى: ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لايحتسب)
هذا كلام الله تعالى الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وليس قول أحد من البشر، وهو سبحانه وتعالى إذا قال فإن قوله الحق. هذه الآية العظيمة جاءت على سياق شرطي فعل شرط وجواب شرط: من يتق الله يكون جزاؤه أن يجعل الله له مخرجاً وأيضاً يرزقه من حيث لايعلم ولايحتسب. فمتى ماتحقق فعل الشرط وهو التقوى تحقق جوابه وجزاؤه. وياله من جزاء عظيم ومكسب كبير ولكن كيف الطريق إلى التقوى أيها الأخوة؟ بل ماهي التقوى أولاً؟ إنها بعبارة مختصرة : كلمة جامعة لكل خير، هي امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه والوقوف عند حدوده. لذا كانت التقوى هي وصية الله للأولين والآخرين ووصية كل رسول لقومه إن اتقوا الله لأن فيها السعادة في الدنيا والآخرة وفيها النجاة والمخرج من الشدائد والأزمات.
أوصى النبي صلَّ الله عليه وسلم بها الصحابي الجليل أبا ذر رضي الله عنه فقال له:" اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن". والتقوى لاتتقيد بمكان ولازمان ولكن المحك الحقيقي لها في الخلوات فالتقي هو من يصرف بصره عن الحرام ولو لم يره أحد والتقي من يتعفف عن أكل الحرام ولو لم يطلع عليه أحد لأنه يعلم علم اليقين أن الله يراه ولأن مراقبة الله وتقوى الله حاضرة في ذهنه في كل حين . والتقوى موضعها القلب يقول صلَّ الله عليه وسلم: التقوى هاهنا ويشير إلى صدره" وتظهر آثارها على الجوارح بعمل الطاعات وإجتناب المحرمات.
فليفتش كل منا عن تقواه وليزن نفسه بميزان التقوى فعلى قدر تقواه وخوفه من الله وخشيته له يكون إيمانه. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم أت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها. .
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:23 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد
قال الله تعالى: ( لايغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ، متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد. لكن الذين أتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عند الله وماعند الله خير للأبرار )
حينما يتسلل الإحباط واليأس إلى نفس المؤمن وهو يرى ماعليه الكفار اليوم من التمكين في الأرض ومايملكونه من القوة والهيمنة ، وعندما يرى جيوشهم وعددهم وعتادهم، ويرى صناعاتهم وتقنيتهم فينتابه شعور بالنقص إزاء ماحققه القوم من رقي وتقدم في عالم الحضارة والمدنية ويصبح متأرجح التفكير في حاضر ماثل للعيان يجسد ضعف أمة الإسلام وهوانها بين الأمم ، تأتي هذه الآية الحكيمة كالبلسم الشافي تعيد إلى نفس المؤمن توازنها وتشعره بالعزة وتضع الأمور في نصابها في بيان حقيقة ومصير أولئك القوم ومآلهم الذين سيصيرون إليه فتتحقق له الطمأنينة ويستشعرعزة الإسلام ونعمة الإيمان التي أمتن الله بها عليه يوم أن جعله مؤمناً بالله موحداً له ومنزهاً له عن الشرك.
إنهم مهما بلغوا من الرقي ومن التطور ومهما ملكوا من الدنيا فإنه ... متاع قليل .. هكذا سماه رب العالمين العليم الخبير .. متاع وقليل أيضا .. نعم إنه متاع إذا ماقورن بنعيم الآخرة الذي سيحرمون منه . هبهم حازوا الدنيا بأكملها جوها وبرها وبحرها وبسطوا نفوذهم على أقطارها وتنعموا بملذاتها وتمتعوا بشهواتها دونما منغصات أو كوارث ، هبهم عمروا فيها مئات السنين ! ثم ماذا بعد ذلك ؟ جهنم وبئس المهاد ! أليس إذن ماكانوا فيه إنما هو مجرد متاع قليل سرعان ماتذهب لذته وتزول شهوته .. لقد خسروا بكفرهم كل شيء ولن يغني عنهم ماهم فيه في الدنيا شيئاً يوم القيامة ،
يقول تعالى: (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم ومالهم من ناصرين)
ويقول تعالى : ( ولو أن للذين ظلموا مافي الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون).
أفبعد هذا يغبطهم عاقل على ماهم فيه من التنعم ورغد العيش وماهم فيه من القوة والسيطرة والتمكين رغم مايشوب ذلك كله من المنغصات والمكدرات ؟! وهذا ليس من قبيل الدعوة إلى الركون إلى الكسل والدعة والتخاذل عن السعي للكسب ولعمارة الأرض ولكن القصد منه رفع معنويات المؤمن وتبصيره بحقيقة الأمور وأنه أعز وأكرم عند الله وإن ناله شيء من الذل والهوان والضعف في الحياة الدنيا.
إن الحياة الحقيقية هي حياة الآخرة وأن النعيم الحقيقي هو نعيم الجنة والفوز الحقيقي هو الفوز بالجنة والنجاة من النار فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. ثم تُختم الآية الكريمة بما تننشرح له نفوس المؤمنين وتسر أفئدتهم له وتزهدهم بمافي أيدي أعدائهم وتزيدهم شوقاُ إلى ماعند الله والدار الآخرة وتحفزهم على العمل من أجل النعيم الحقيقي في الحياة الحقيقية فيقول تعالى : لكن الذين أتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عند الله وماعند الله خير للأبرار. رضينا ربنا رضينا .. اللهم لاعيش إلا عيش الآخرة ولاحياة إلا حياة الآخرة . اللهم إجعلنا من أبناء الآخرة ممن لاخوف عليهم ولاهم يحزنون وارزقنا اللهم من العمل ماتبلغنا به جنتك ومن اليقين ماتهون به علينا مصائب الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ماأحييتنا وأجعله الوارث منا.
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:24 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
قال الله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا)
وردت الأمانة في القرآن الكريم على عدة معان: -
( الفرائض ) التي افترضها الله تعالى على عباده ، مثل قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْأَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) (الأنفال27) أي لا تضيعوا ما فرضه الله عليكم من فرائض ،
ومنها :- ( الودائع ) مثل قوله تعالى (أن إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ( النساء58) ويقصد بها كل ما يؤتمن عليه الإنسان
ومنها :- ( العفة ) مثل قوله تعالى (إن خير من استأجرت القوي الأمين ) ( القصص26)،
وفسرها البعض بأنها ( التوحيد ) وقال آخرون هي ( العدالة ) ، وقيل الاسرار ، والمشورة ، وربطها آخرون بالرحم ، وقيل هي الطاعة ، وقيل غير ذلك ، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لها مثلا عندما فتح مكة حيث دعا عثمان بن طلحة الذي كانت بيده مفاتيح الكعبة ، فلما جاءه عثمان قال له صلى الله عليه وسلم أرني المفتاح ، فلما مد عثمان يده بالمفتاح ، قال العباس بن عبد المطلب : يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية ، فقبض عثمان يده بالمفتاح خوفاً أن ينـتزع منه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هاته يا عثمان فأعطاه قائلاً : هاك أمانة الله ، فقام النبي وفتح الكعبة وطهرها ، ثم طاف بالبيت ثم عاد فرد المفتاح إلى عثمان ، وتلا قوله ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدّوا الْأَماناتِ إلى أَهْلِها )
وتأخذ الآية محل التفسير هذه المعاني جميعها لتشملها كلها كلمة ( الحقوق ) سواء كانت حقوق العباد قبل الله ، أو حقوقهم قبل بعضهم البعض ، أو حتى مع أنفسهم ، ومقتضاها أن يؤدي المرء ما عليه من هذه الحقوق على الوجه الذي شرعه الله وعلى الوجه الدقيق وبما يحقق رضاءه سبحانه .
وبهذه المعاني عرض الله تعالى الأمانة على مخلوقاته جميعها من سموات وأرض وجبال وبحار وأنهار ... وغيرها ومن الأنس والجن أيضا ، فأبوا جميعهم أن يحملونها لما لها من ثقل وتبعة وارتضوا أن يعبدوه ويطيعوه مكرهين فذلك قوله تعالى ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) فصلت ، بينما ارتضى أن يحملها الإنسان غير مدرك لعواقبها وشدة مؤونتها لذا وصفه الله تعالى ( بأنه ظلوم جهول ) ، أي ظلوم لنفسه بارتضاءه حملها دون أن يعي ثقلها ، وجهول بنتيجة مخالفتها والأثار المترتبة عليها . لذا أتبع الآية سبحانه وتعالى بقوله (ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما (( الأحزاب 73 ) ، فأولئك الذين سيخونون هذه الأمانة ولا يؤدونها على الوجه المشروع . فاستحقوا عذاب الله ، بينما سيحسن المؤمنون والمؤمنات أدائها فيستحقون من ثم مغفرة الله ورحمته .
وبهذا التفسير أو قريبا منه قال مقاتل بن حيان كما أورد بن كثير :- " إن الله حين خلق خلقه ، جمع بين الإنس والجن والسماوات والأرض والجبال ، فبدأ بالسماوات فعرض عليهن الأمانة وهي الطاعة ، فقال لهن أتحملن هذه الأمانة ، ولكن على الفضل والكرامة والثواب في الجنة . . . ؟ فقلن : يا رب إن الا نستطيع هذا الأمر ، وليست بنا قوة ، ولكنا لك مطيعين . ثم عرض الأمانة على الأرضين ، فقال لهن : أتحملن هذه الأمانة وتقبلنها مني ، وأعطيكن الفضل والكرامة ؟ فقلن : لا صبر لنا على هذا يا رب ولا نطيق ، ولكنا لك سامعين مطيعين ، لا نعصيك في شيء تأمرنا به . ثم قرب آدم فقال له : أتحمل هذه الأمانة وترعاها حق رعايتها ؟ فقال عند ذلك آدم: ما لي عندك ؟ قال : ياآدم، إن أحسنت وأطعت ورعيت الأمانة ، فلك عندي الكرامة والفضل وحسن الثواب في الجنة . وإن عصيت ولم ترعها حق رعايتها وأسأت ، فإني معذبك ومعاقبك وأنزلك النار . قال : رضيت يارب وتحملها ، فقال الله عز وجل : قد حملتكها فذلك قوله ( وحملهاالإنسان ) . رواه ابن أبي حاتم .
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:25 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
قال تعالى (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) من سورة الرحمن
وقال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)
قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى: الآية الأولى معناها أن الله سبحانه وتعالى يخبر إخباراً يَعِد به من خاف مقام ربه بأن له جنتين وهاتان الجنتان بين الله تعالى ما فيهما من النعيم المقيم من المأكول والمشروب والمنكوح ترغيباً لخوف الإنسان مقام ربه أي لخوفه من المقام الذي يقف فيه بين يدي الله عز وجل هذا الخوف الذي يوجب له الاستقامة على دين الله وعبادة الله تعالى حق عبادته لأن من خاف الله عز وجل راقبه وحذر من معاصيه والتزم بطاعته وثواب من أطاع الله سبحانه وتعالى وأتقاه ثوابه الجنة كما قال الله تبارك وتعالى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) إلى آخر ما ذكر الله من أوصافهم
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135q4z6vvffxr47et.gif
وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) فمعناها أن الإنسان إذا استقام على طاعة الله فإن الله تعالى ينعم عليه ويزيده من نعمه لقوله تعالى (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) فأما إذا انحرف عن طاعة الله سبحانه وتعالى فإن الله تعالى يقول (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ويقول سبحانه وتعالى (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) فمادام الإنسان على طاعة الله قائماً بأمره مجتنبا لنهيه فليبشر بالخير وبكثرة النعم وبتحقيق قول الله تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فأما إذا غير ما بنفسه من الإنابة إلى الله والإقبال عليه وبارز الله تعالى بالعصيان بفعل المحظورات وترك المأمورات فإن الله تعالى يغير عليه هذه النعمة.
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:25 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
قال تعالى : ((كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ))
قوله تعالى : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون : كلا : ردع وزجر ، أي ليس هو أساطير الأولين . وقال الحسن : معناها حقا ران على قلوبهم . وقيل : في الترمذي : عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر الله وتاب ، صقل قلبه ، فإن عاد زيد . فيها ، حتى تعلو على قلبه ، وهو الران الذي ذكر الله في كتابه : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون . قال : هذا حديث حسن صحيح . وكذا قال المفسرون : هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب .
قال مجاهد : هو الرجل يذنب الذنب ، فيحيط الذنب بقلبه ، ثم يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه ، حتى تغشي الذنوب قلبه . قال مجاهد : هي مثل الآية التي في سورة البقرة : بلى من كسب سيئة الآية . ونحوه عن الفراء ; قال : يقول كثرت المعاصي منهم والذنوب ، فأحاطت بقلوبهم ، فذلك الرين عليها . وروي عن مجاهد أيضا قال : القلب مثل الكهف ورفع كفه ، فإذا أذنب العبد الذنب انقبض ، وضم إصبعه ، فإذا أذنب الذنب انقبض ، وضم أخرى ، حتى ضم أصابعه كلها ، حتى يطبع على قلبه . قال : وكانوا يرون أن ذلك هو الرين ، ثم قرأ : [ ص: 223 ] كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون . ومثله عن حذيفة - رضي الله عنه - سواء . وقال بكر بن عبد الله : إن العبد إذا أذنب صار في قلبه كوخزة الإبرة ، ثم صار إذا أذنب ثانيا صار كذلك ، ثم إذا كثرت الذنوب صار القلب كالمنخل ، أو كالغربال ، لا يعي خيرا ، ولا يثبت فيه صلاح . وقد بينا في ( البقرة ) القول في هذا المعنى بالأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا معنى لإعادتها .
وقد روى عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، وعن موسى عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس شيئا الله أعلم بصحته ; قال : هو الران الذي يكون على الفخذين والساق والقدم ، وهو الذي يلبس في الحرب .قال : وقال آخرون : الران : الخاطر الذي يخطر بقلب الرجل . وهذا مما لا يضمن عهدة صحته . فالله أعلم .
فأما عامة أهل التفسير فعلى ما قد مضى ذكره قبل هذا . وكذلك أهل اللغة عليه ; يقال : ران على قلبه ذنبه يرين رينا وريونا أي غلب . قال أبو عبيدة في قوله : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون أي غلب ; وقال أبو عبيد : كل ما غلبك وعلاك فقد ران بك ، ورانك ، وران عليك ; وقال الشاعر :
وكم ران من ذنب على قلب فاجر فتاب من الذنب الذي ران وانجلى
ورانت الخمر على عقله : أي غلبته ، وران عليه النعاس : إذا غطاه ; ومنه قول عمر في الأسيفع - أسيفع جهينة - : فأصبح قد رين به . أي غلبته الديون ، وكان يدان ; ومنه قول أبي زبيد يصف رجلا شرب حتى غلبه الشراب سكرا ، فقال :
ثم لما رآه رانت به الخم ر وأن لا ترينه باتقاء
فقوله : رانت به الخمر ، أي غلبت على عقله وقلبه . وقال الأموي : قد أران القوم فهم مرينون : إذا هلكت مواشيهم وهزلت . وهذا من الأمر الذي أتاهم مما يغلبهم ، فلا يستطيعون احتماله . قال أبو زيد يقال : قد رين بالرجل رينا : إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه ، ولا قبل له وقال أبو معاذ النحوي : الرين : أن يسود القلب من الذنوب ، والطبع أن يطبع على القلب ، وهذا أشد من الرين ، والإقفال أشد من الطبع . الزجاج : الرين : هو كالصدأ يغشي القلب كالغيم الرقيق ، ومثله الغين ، يقال : غين على قلبه : غطي . والغين : شجر ملتف ، الواحدة غيناء ، أي خضراء ، كثيرة الورق ، ملتفة الأغصان . وقد تقدم قول الفراء : إنه إحاطة الذنب بالقلوب . وذكر الثعلبي عن ابن عباس : ران على قلوبهم : أي غطى عليها . وهذا هو الصحيح عنه إن شاء الله . وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وأبو بكر والمفضل ( ران ) بالإمالة ; لأن فاء الفعل الراء ، وعينه الألف منقلبة من ياء ، فحسنت الإمالة لذلك . ومن فتح فعلى [ ص: 224 ] الأصل ; لأن باب فاء الفعل في ( فعل ) الفتح ، مثل كال وباع ونحوه . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ووقف حفص ( بل ) ثم يبتدئ ( ران ) وقفا يبين اللام ، لا للسكت .
قوله تعالى : ( كلا ) أي حقا إنهم يعني الكفار عن ربهم يومئذ أي يوم القيامة لمحجوبون . وقيل : كلا ردع وزجر ، أي ليس كما يقولون ، بل إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون . قال الزجاج : في هذه الآية دليل على أن الله - عز وجل - يرى في القيامة ، ولولا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة ، ولا خست منزلة الكفار بأنهم يحجبون . وقال جل ثناؤه : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فأعلم الله - جل ثناؤه - أن المؤمنين ينظرون إليه ، وأعلم أن الكفار محجوبون عنه ، وقال مالك بن أنس في هذه الآية : لما حجب أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه . وقال الشافعي : لما حجب قوما بالسخط ، دل على أن قوما يرونه بالرضا . ثم قال : أما والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا . وقال الحسين بن الفضل : لما حجبهم في الدنيا عن نور توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته . وقال مجاهد في قوله تعالى : لمحجوبون : أي عن كرامته ورحمته ممنوعون . وقال قتادة : هو أن الله لا ينظر إليهم برحمته ، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم . وعلى الأول الجمهور ، وأنهم محجوبون عن رؤيته فلا يرونه .
ثم إنهم لصالو الجحيم أي ملازموها ، ومحترقون فيها غير خارجين منها ، كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها و كلما خبت زدناهم سعيرا . ويقال : الجحيم الباب الرابع من النار .
ثم يقال لهم أي تقول لهم خزنة جهنم هذا الذي كنتم به تكذبون رسل الله في الدنيا .
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:26 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
قال تعالى : ( وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا )
قال عز وجل: "وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ"ـ الزمر:71
وقال سبحانه: "وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ" ـ الزمر:73
الفريقان يأتيان زمرا ، أهل النار يصلونها جماعات جماعات ويدخلونها كذلك، وأهل الجنة يتقدمون إليها جماعات ويلجونها جماعات. إلام يشير ذلك يا ترى؟
إنها إشارة إلى ضرورة التجمع والائتلاف في حياة الإنسان فهو في الدنيا يحتاج للصحبة فيتخذ له ممن حوله جماعة ترافقه أو تؤيده ، وفي الآخرة سيحشر معها إن امتلأ قلبه بودها ونسج أخلاقه على منوالها فليحاذر إذن، وليختر تلك الصحبة التي تكون في الدنيا اختيارا دقيقا ممحصا لتكون رفيقته إلى الجنة ، فإن أحسن الاختيار وجاهد في انتقاء الأصحاب كما ينتقي الدر باحثا عن أفضله فهو أثمن من أي دُرّ كان فوزه بالرفقة معهم إلى الجنة وإلا ، تكن الأخرى، فليختر من الآن، فلا دخول إلى جنة إلا زمرا.
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:27 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
يقولُ اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ [المدثر: 31].
إنّ جنودَ اللهِ عزَّ وجل لا يعلمُها إلا هو سبحانه، وممّا نسمعُ من حينٍ لآخرَ أنَّ أسراباً من الجرادِ
تنتقلُ من بلدٍ إلى بلدٍ، وتكافحُ في هذا البلدِ، وتفلتُ من أيدي المكافحين في بلدٍ آخرَ،
هذه الجرادةُ التي تبدو للناسِ ضعيفةً هي شيءٌ خطيرٌ جداً.
يقولُ بعضُ العلماءِ: «إنَّ كميةَ الطعامِ التي تأكلُها الجرادةُ يومياً تعادلُ وزنَها»،
فإذا كان سربٌ من الجرادِ يزن ثمانينَ ألفَ طنٍّ، فهو يأكلُّ في اليوم الواحدِ ثمانينَ ألفَ طنٍ
من الموادِ الغذائيةِ، ولعلَّ اسمَه يشيرُ إلى ذلك، فلا يدعُ شيئاً من أورق الأشجارِ،
ولا من ثمارِها، ولا من لحائِها، فهي لا تُبقي ولا تذرُ.
يوجدُ في الكيلومتر الواحدِ المربعِ من أسرابِ الجرادِ ما بين مئةِ مليونٍ،
ومئتي مليون جرادةٍ.
ويزيدُ طولُ بعضِ أسرابِ الجرادِ على أربعمئة كيلومترٍ
ويضمُّ بعضُ أسرابِ الجرادِ أكثرَ من أربعينَ ألفَ مليونِ جرادةٍ.
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:27 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
يقول تعالى فى سورة النور :
(( الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح فى زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضىء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شىء عليم(35) فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال (36) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار(37) ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب(38) والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب(39) أو كظلمات فى بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور))([1])
إشراقة النور، ونضرة النعيم وهناك ظلمات مدلهمة تحيط بالكفار، تنعدم فيها الرؤية تماما، وتحيط بهم الأعاصير، والموج الرهيب يقلب أجسادهم وأفئدتهم وهم فى الظلام لا يرون من أين تأتيهم الأخطار، ولكنها تتناوشهم من كل جانب
لا يوجد أنًور من هذا النور، ولا أظًلم من هذا الظلام! ولا يوجد أروع من هذا التقابل الذى ترسمه اللوحتان المتقابلتان، اللتان ترسمان بالألفاظ ما تعجز عن تصويره كل أدوات التصوير وفى سياق واحد تتقابل الصورتان جنبا إلى جنب، فتنجذب القلوب إلى النور، ثم تفزع من الظلام فتستدير إلى النور، تستروح فيه الطمأنينة والأنس والإشراق
ويختم السياق بهذه الحقيقة الهائلة: (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) فكل مصدر يلتمس فيه النور غير المصدر الربانى لا ينير، وكل شىء غير نور الله ضلال، بل عبث وانقطاع، ووهم وخداع، ينتهى بصاحبه إلى الضياع فى لجة الظلام ألا إنه إعجاز
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:28 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) الكهف 6
ومعنى: {باخع نفسك .. "6"} (سورة الكهف)
أي: تجهد نفسك في دعوة قومك إجهاداً يهلكها، وفي الآية إشفاق على رسول الله؛ لأنه حمل نفسه في سبيل هداية قومه ما لا يحمله الله ويلزم ما لا يلزمه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو قومه فيعرضوا ويتولوا عنه فيشيع آثارهم بالأسف والحزن، كما يسافر عنك حبيب أو عزيز، فتسير على أثره تملؤك مرارة الأسى والفراق، فكأن رسول الله لحبه لقومه وحرصه على هدايتهم يكاد يهلك نفسه (أسفاً). والأسف: الحزن العميق، ومنه قول يعقوب عليه السلام: {يا أسفي على يوسف .. "84"} (سورة يوسف)
وقوله تعالى عن موسى لما رجع إلى قومه غاضباً من عبادتهم العجل: {فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً .. "86"} (سورة طه)
وقد حدد الله تعالى مهمة الرسول وهي البلاغ، وجعله بشيراً ونذيراً، ولم يكلفه من أمر الدعوة ما لا يطيق، ففي الآية مظهر من مظاهر رحمة الله برسوله صلى الله عليه وسلم
من تفسير شيخنا الجليل / محمد متولى الشعراوى رحمه الله
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:29 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ البقرة 235
و"عرضتم" مأخوذة من التعريض. والتعريض: هو أن تدل على شيء لا بما يؤديه نصا، ولكن تعرض به تلميحا. إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يجعل للعواطف تنفيسا من هذه الناحية، والتنفيس ليس مجرد تعبير عن العاطفة، ولكنه رعاية للمصلحة، فمن الجائز أنه لو حزم التعريض لكان في ذلك ضياع فرصة الزواج للمرأة، أو قد يفوت ـ هذا المنع ـ الفرصة على من يطلبها من الرجال؛ لذلك يضع الحق القواعد التي تفرض على الرجل والمرأة معا أدب الاحتياط، وكأنه يقول لنا: أنا أمنعكم أن تخطبوا في العدة أو تقولوا كلاما صريحا وواضحا فيها، لكن لا مانع من التلميح من بعيد. مثلا يثنى الرجل على المرأة؛ ويعدد محاسنها بكلام لا يعد خروجا على آداب الإسلام مثل هذا الكلام هو تلميح وتعريض، وفائدته أنه يعبر عما في نفسه قائله تجاه المطلقة فتعرف رأيه فيها، ولو لم يقل ذلك فربما سبقه أحد إليها وقطع عليه السبيل لإنفاذ ما في نفسه، ومنعه من أن يتقدم لخطبتها بعد انتهاء العدة، وقد يدفعه ذلك لأن يفكر تفكيرا آخر: للتعبير بأسلوب وشكل خاطئ. إذن فالتعريض له فائدة في أنه يعرف المطلقة رأي فلان فيها حتى إن جاءها غيره لا توافق عليه مباشرة. وهكذا نرى قبساً من رحمة الله سبحانه وتعالى بنا، بأن جعل العدة كمنطقة حرام تحمي المرأة، وجعل التعريض فرصة للتعبير عن العاطفة التي تؤسس مصلحة من بعد ذلك. إن الحق يقول: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء" والخطبة مأخوذة من مادة "الخاء" و"الطاء" و"الباء" وتدل على أمور تشترك في عدة معالم: منها خطبة بضم الخاء، ومنها خطب وهو الأمر العظيم، ومنها المعنى الذي نحن بصدده وهو الخطبة بكسر الخاء. وكل هذه المعالم تدل على أن هناك الأمر العظيم الذي يعالج، فالخطب أمر عظيم يهز الكيان، وكذلك الخطبة لا يلقيها الخطيب إلا في أمر ذي بال، فيعظ المجتمع بأمر ضروري. والخطبة كذلك أمر عظيم؛ لأنه أمر فاصل بين حياتين: حياة الانطلاق، وحياة التقيد بأسرة وبنظام. وكلها معان مشتركة في أمر ذي بال، وأمر خطير. وهو سبحانه وتعالى يقول: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم" أي لا جناح عليكم أن وضعتم في أنفسكم أمرا يخفى على المرأة، وللمسلم أن يكنن ويخفي في نفسه ما يشاء، ولكن ما الذي يدري ويعلم المطلقة أنها في بالك يا من أسررت أمرها في نفسك؟ إنك لابد أن تلمح وأن تعرض بأسلوب يليق باحترام المرأة. ويقول الحق: "علم الله أنكم ستذكرونهن"، إن الذي خلقك يعلم أنها مادامت في بالك، ومات زوجها عنها أو طلقها فقد أصبحت أملا بالنسبة لك، فلو أنه ضيق عليك لعوق عواطفك، ولضاعت منك الفرصة لأن تتخذها زوجة من بعد ذلك، ولهذا أباح الحق التعريض حتى لا يقع أحدكم في المحظور وهو "لا تواعدوهن سرا" بأن تأخذوا عليهن العهد ألا يتزوجن غيركم، أو يقول لها: تزوجيني. بل عليه أن يعرض ولا يفصح ولا يصرح. إن المواعدة في السر أمر منهي عنه، لكن المسموح به هو التعريض بأدب، "إلا أن تقولوا قولا معروفا" كأن يقول: "يا سعادة من ستكون له زوجة مثلك". ومثل ذلك من الثناء الذي يطرب المرأة. ونعلم جميعا أن المرأة في مثل حال المطلقة أو المتوفى عنها زوجها تملك شفافية وألمعية تلتقط بها معنى الكلام ومراده. ويتابع الحق: "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" وهكذا نرى أن مجرد العزم الأكيد أمر نهى عنه. والعزم مقدم على الفعل فإذا نهى عنه كان النهي عن الفعل أقوى وأشد وأنهى، فلك أن تنوى الزواج منها وتتوكل على الله، لكن لا تجعله أمرا مفروغا منه، إلا بعد أن تتم عدتها، فإن بلغ الكتاب أجله وانتهت عدتها فاعزموا النكاح. فكأن عقدة النكاح تمر بثلاث مراحل: المرحلة الأولى: وهي التعريض أو التلميح. والمرحلة الثانية: هي العزم الذي لا يصح ولا يستقيم أن يتم إلا بعد انتهاء فترة العدة. والمرحلة الثالثة: هي العقد. والمقصود بهذه المراحل أن يأخذ كل طرف فرصته للتفكير العميق في هذا الأمر الجاد، فإن كان التفكير قد هدى إلى العزم فإن للإنسان أن يعقد بعد انتهاء العدة، وإن كان التفكير قد اهتدى إلى الابتعاد وصرف النظر عن مثل هذا الأمر فللإنسان ما يريد. ويريد الحق من هذه المراحل أن يعطي الفرصة في التراجع إن اكتشف أحد الطرفين في الآخر أمرا لا يعجبه. وكل هذه الخطوات تدل على أن العقد لا يكون إلا بعزم، فلا يوجد عقد دون عزم، إن الحق يريد من المسلم ألا يقدم على عقدة النكاح إلا بعد عزم. والعزم معناه التصميم على أنك تريد الزواج بحق الزواج وبكل مسئولياته، وبكل مهر الزواج، ومشروعيته، وإعفافه؛ فالزواج بدون أرضية العزم مصيره الفشل. ومعنى العزم: أن تفكر في المسألة بعمق وروية في نفسك حتى تستقر على رأي أكيد، ثم لك أن تقبل على الزواج على أنه أمر له ديمومة وبقاء لا مجرد شهوة طارئة ليس لها أرضية من عزيمة النفس عليها. ولذلك فإن الزواج القائم على غير روية، والمعلق على أسباب مؤقتة كقضاء الشهوة لا يستمر ولا ينجح. ومثل ذلك زواج المتعة؛ فالعلة في تحريم زواج المتعة أن المقدم عليه لا يريد به الاستمرار في الحياة الزوجية، ومادام لا يقصد منه الديمومة فمعناه أنه هدف للمتعة الطارئة. والذين يبيحون زواج المتعة مصابون في تفكيرهم؛ لأنهم يتناسون عنصر الإقبال بديمومة على الزواج، فما الداعي لأن تقيد زواجك بمدة؟ إن النكاح الأصيل لا يقيد بمثل هذه المدة. وتأمل حمق هؤلاء لتعلم أن المسألة ليست مسألة زواج، إنما المسألة هي تبرير زنى، وإلا لماذا يشترط في زواج المتعة أن يتزوجها لمدة شهر أو أكثر؟ إن الإنسان حين يشترط تقييد الزواج بمدة فذلك دليل على غباء تفكيره وسوء نيته؛ لأن الزواج الأصيل هو الذي يدخل فيه بديمومة، وقد ينهيه بعد ساعة إن وجد أن الأمر يستحق ذلك، ولن يعترض أحد على مثل هذا السلوك، فلماذا تقيد نفسك بمدة؟ إن المتزوج للمتعة يستخدم الذكاء في غير محله، قد يكون ذكيا في ناحية ولكنه قليل الفطنة في ناحية أخرى. إن على الإنسان أن يدخل بعزيمة بعد تفكير وروية ثم ينفذ العزم على عقد. حذار أن تضع في نفسك مثل هذا الزواج المربوط على مطامع وأهداف في نفسك كعدم الديمومة أو لهدف المتعة فقط، فكل ما يفكر فيه بعض الناس من أطماع شهوانية ودنيوية هي أطماع زائلة. اصرف كل هذه الأفكار عنك؛ لأنك إن أردت شيئاً غير الديمومة في الزواج، وإرادة الإعفاف؛ فالله سبحانه يعلمه وسيرد تفكيرك نقمة عليك فاحذره. إن الله سبحانه لا يحذر الإنسان من شيء إلا إذا كان مما يغضبه سبحانه. لذلك يذيل الحق هذه الآية الكريمة بقوله: "واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم". وهو سبحانه يعلم ضعف النفس البشرية وأنها قد تضعف في بعض الأحيان، فإن كان قد حدث منها شيء فالله يعطيها الفرصة في أن يتوب صاحبها لأنه سبحانه هو الغفور الحليم.
رحم الله شيخنا الجليل / محمد متولى الشعراوى
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:29 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
يقول تعالى فى سورة يوسف :
((اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ )) يوسف 93
((يأت)).. من أين يأتى؟!
إن المقصود أنه يعود مبصرا فى التو واللحظة. ولكن الفعل ((يأتى)) يظل له إيحاؤه .. فما دلالته؟ إن يعقوب عليه السلام لم يكن غائبا فيأتى! فهو جالس مكانه لا يريم! ولكنه كان كالغائب.. فحين فقد بصره لم يكن ((حاضراً)) فيما حوله، يراه، ويتفاعل معه كما يتفاعل المبصرون!
إنما كان ((غائبا)) ببصره عنه.. وحين يرتد بصيرا فإنه ((يأتى)).. يأتى من غيبته التى كان فيها، ويصبح ((حاضراً)) فيما يحيط به من أشخاص وأشياء.. وكلمة واحدة تعطى هذا المعنى العميق كله، وتجعل المشهد يتحرك بحركة ((المجئ)) بعد ((الغياب))!
--------------------------------------------------------------------------------
من كتاب لا يأتون بمثله للشيخ محمد قطب
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:30 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
وَإِن مّن شَيْءٍ إِلاّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ مّعْلُومٍ *سورة الحجر 21
يخبر تعالى أنه مالك كل شيء وأن كل شيء سهل عليه يسير لديه, وأن عنده خزائن الأشياء من جميع الصنوف {وما ننزله إلا بقدر معلوم} كما يشاء وكما يريد, ولما له في ذلك من الحكمة البالغة والرحمة بعباده لا على جهة الوجوب بل هو كتب على نفسه الرحمة قال يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة عن عبد الله: ما من عام بأمطر من عام, ولكن الله يقسمه بينهم حيث شاء عاماً ههنا وعاماً ههنا, ثم قرأ {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} الاَية, رواه ابن جرير, وقال أيضاً: عن الحكم بن عتيبة في قوله: {وما ننزله إلا بقدر معلوم} قال: ما عام بأكثر مطراً من عام ولا أقل, ولكنه يمطر قوم ويحرم آخرون بما كان في البحر, قال: وبلغنا أنه ينزل مع المطر من الملائكة أكثر من عدد ولد إبليس, وولد آدم يحصون كل قطرة حيث تقع وما تنبت. و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خزائن الله الكلام, فإذا أراد شيئاً قال له كن فكان»
من تفسير بن كثير
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
عديلة القاف
09-13-2012, 09:31 AM
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/011312200135gvuvnuxut960.gif
قال سبحانه: { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } (البقرة:44)
وردت هذه الآية في سياق تذكير بني إسرائيل بنعم الله عليهم، وبيان ما كان من أمرهم؛ والغرض من الآية - والله أعلم - بيان حال اليهود، ومن كان على شاكلتهم، وسار على سَنَنِهم، على كمال خسارهم، ومبلغ سوء حالهم، الذي وصلوا إليه؛ إذ صاروا يقومون بالوعظ والتعليم، كما يقوم الصانع بصناعته، والتاجر بتجارته، والعامل بعمله، لا يقصدون إلا إيفاء وظائفهم الدينية حقها، ليستحقوا بذلك ما يُعَوَّضون عليه من مراتب ورواتب؛ فهم لا ينظرون إلى حال أنفسهم تجاه تلك الأوامر التي يأمرون بها الناس .
والمراد بـ { الناس } في الآية، العامة من أمة اليهود؛ والمعنى: كيف تأمرون أتباعكم وعامتكم بالبر وتنسون أنفسكم؟ ففيه تنديد بحال أحبارهم، أو تعريض بأنهم يعلمون أن ما جاء به رسول الإسلام هو الحق، فهم يأمرون أتباعهم بالمواعظ، ولا يطلبون نجاة أنفسهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية: أتنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة، والعهدة من التوراة، وتتركون أنفسكم، وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي، وتنقضون ميثاقي، وتجحدون ما تعلمون من كتابي .
و{ البر } بكسر الباء: الخير في الأعمال في أمور الدنيا وأمور الآخرة؛ ومن المأثور قولهم: البر ثلاثة، بر في عبادة الله، وبر في مراعاة الأقارب، وبر في معاملة الأجانب .
ثم إن التوبيخ في الآية بسبب ترك فعل البر، لا بسبب الأمر بالبر؛ ولهذا ذم الله تعالى في كتابه قومًا كانوا يأمرون بأعمال البر، ولا يعملون بها، ووبَّخهم به توبيخًا يتلى إلى يوم الناس هذا؛ إذ إن الأمر بالمعروف واجب على العالِم، والأولى بالعالِم أن يفعله مع من أمرهم به، ولا يتخلف عنهم، كما قال شعيب عليه السلام لقومه: { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } (هود:88) فكلٌّ من الأمر بالمعروف وفعله واجب، لا يسقط أحدهما بترك الآخر، على أصح قولي العلماء من السلف والخلف .
و ( النسيان ) في قوله جلَّ وعلا: { وتنسون أنفسكم } هو الترك، أي: تتركون أنفسكم بإلزامها ما أمرتم به غيركم؛ والنسيان ( بكسر النون ) يكون بمعنى الترك، وهو المراد هنا، ومثله قوله تعالى: { نسوا الله فنسيهم } (التوبة:67) وقوله أيضًا: { فلما نسوا ما ذكروا به } (الأنعام:44) وما أشبه ذلك من الآيات؛ ويكون خلاف الذكر والحفظ .
وقوله سبحانه: { أفلا تعقلون } استفهام عن انتفاء تعقُّلهم، وهو استفهام على سبيل الإنكار والتوبيخ، نزلوا منـزلة من انتفى تعقله، فأنكر عليهم ذلك، إذ إن من يستمر به التغفل عن نفسه، وإهمال التفكر في صلاحها، مع مصاحبة شيئين يذكِّرانه، قارب أن يكون منفيًا عنه التعقل، وكون هذا الأمر أمرًا قبيحًا لا يشك فيه عاقل.
والمقصود الأهم من هذا الخطاب القرآني تنبيه المؤمنين عامة، والدعاة منهم خاصة، على ضرورة التوافق والالتزام بين القول والعمل، لا أن يكون قولهم في واد وفعلهم في واد آخر؛ فإن خير العلم ما صدَّقه العمل، والاقتداء بالأفعال أبلغ من الإقتداء بالأقوال؛ وإن مَن أَمَرَ بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة؛ وفي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ( كان خلقه القرآن ) أي: إن سلوكه صلى الله عليه وأفعاله كانت على وَفْقِ ما جاء به القرآن وأمر به؛ إذ إن العمل ثمرة العلم، ولا خير بعلم من غير عمل.
وأخيرًا: نختم حديثنا حول هذه الآية، بقول إبراهيم النخعي : إني لأكره القصص لثلاث آيات، قوله تعالى: { أتأمرون الناس بالبر } وقوله: { لِمَ تقولون ما لا تفعلون } (الصف:2) وقوله: { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } (هود:88) نسأل الله أن يجعلنا من الذين يفعلون ما يؤمرون { وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } (هود:88) .
http://www.m5zn.com/uploads2/2012/1/13/photo/gif/01131220013590xf1j8i87h4b0zm2.gif
الشاعر ماجد بن رتيق
12-07-2012, 02:42 PM
http://files.fatakat.com/2010/6/1277822231.gif
مها يوسف
12-09-2012, 07:39 PM
الاخت الفاضلة عديلة القاف
بارك الله بك على المشاركة القيمة
وجعله الله في موازين حسناتك
دمت بحفظ الرحمن مشكورة
جواهرالإمارات
12-09-2012, 07:48 PM
.[.:http://up.arab-x.com/Jan10/SN474205.gif:.].::
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ,,
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمتـي بـِ طآعَة الله ..~
.[.:http://up.arab-x.com/Jan10/SN474205.gif:.].::
محمد ال مهيد
12-10-2012, 04:04 PM
جزاك الله خير
وجعلها في موازين اعمالك
محمد
البحر الحزين
12-12-2012, 11:04 AM
جزيت كل خير وبارك الله بك
vBulletin® v3.8.9, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd by