رهام
12-30-2012, 06:22 PM
http://www4.0zz0.com/2012/03/27/12/633167781.jpg
إن تعليم الموهوبين فنون القيادة يتطلب ليس فقط تطوير الإمكانيات غير العادية التي يحملونها بل أيضاً تنمية القيم والاهتمامات والدوافع للتمكن من توجيه تلك المواهب لخدمة المجتمع
أ.هاري باساو
مع أن العالم قد أثبت خطأ نظرية أرسطو بأن القادة يولدون ولا يصنعون، فإنه قد ثبت أيضا بأن القدرات القيادية – مثل القدرات الإبداعية والفكرية – لا تزدهر ما لم تبذل أي جهود لتطويرها. فعلى الرغم من أننا لا نتوقع أن يصبح كل المواطنين الذين لديهم قدرات قيادية قادة عظماء في مجتمعاتهم أو حتى في الأوساط التي يعملون فيها، فإنه من المنطقي افتراض أن الأشخاص الذين لديهم مهارات قيادية قوية يكونون أكثر قابلية ليصبحوا قادة فاعلين أو تابعين ملتزمين في مجال حل المشكلات.
إن تطوير الموهوبين قيادياً يتطلب في بادئ الأمر اكتشاف موهبتهم، الأمر الذي يجعلنا نتساءل؛ كيف يمكننا أن نكتشف مثل هذه الموهبة؟
إن بعض الموهوبين يتسمون بسمات معينة تشير إلى قدراتهم القيادية، مثل هذه السمات قد تساعدنا في التعرف عليهم ومن ثم استهدافهم لبرامج تدريب القادة لتطوير هذه الموهبة، فهم دائماً يرغبون بالتحدي وقادرون على حل المشكلات، بل وقادرون أيضا على التفكير بطريقة ناقدة. كما أنهم يتميزون بقدرتهم في بناء العلاقات الجديدة، وطلاقتهم التعبيرية، ومرونتهم في التفكير والتصرف، إضافة إلى ملكاتهم في فهم الغموض والقدرة على تحفيز الآخرين.
وعلى الرغم من أن العبقرية الفكرية ليس بالضرورة أن تمثل أحد أهم متطلبات القيادة الحكيمة، فإن الطلاب الموهوبين فكرياً يتمتعون بالقدرة التي تؤهلهم لمناصب قيادية بارزة في المستقبل - إذا تم تدريبهم بشكل جيد.
ولأهمية استثمار مثل هذه القدرات والملكات، أصبحت برامج الموهوبين الحديثة تُرِكِّز بشكل أساسي على تطوير القدرات القيادية. ولكن كانت المشكلة تكمن في عدم وجود نظام تعليمي لتطوير المهارات القيادية، كما أنه لا يوجد أي دراسة أو إنتاج بحثي يتعلق بتطوير القدرات القيادية للطلاب المبدعين. ولهذا ركز العلماء على البحث والدراسة حول المهارات الأساسية للقيادة، وتم تصنيفها في أربع مجموعات أولية هي: الإدراك وحل المشكلات والتواصل مع الآخرين وصنع القرار. واستنادا على هذا التصنيف ظهر ما يسمى بنموذج تدريب القادة الذي أصبح فيما بعد فكرة رئيسية لتطوير برامج الموهوبين.
وفيما يلي شكل يوضح نموذج تطوير القادة:
http://www4.0zz0.com/2012/03/27/12/612823862.jpg
ما يلفت النظر في هذا النموذج هو أن بناءه يتفق مع النظرية العامة التي تقول بأن نصفي الدماغ البشري الأيسر والأيمن يضمان وظائف ذهنية مختلفة ولكنها متكاملة. فالإدراك وحل المشكلات الموجودة في الجانب الأيسر من النموذج يقوم بها الجانب الأيسر من الدماغ، في حين أن التواصل مع الآخرين وصنع القرار الموجودة في الجانب الأيمن من النموذج هي من وظائف الجانب الأيمن من الدماغ.
وبهذا تتحد العناصر الإدراكية المتمثلة في الإدراك وحل المشكلات جنباً إلى جنب مع التواصل مع الآخرين وصنع القرار والتي تعتبر من العناصر الفاعلة، ليتم بذلك تحقيق القيادة المتكاملة.
نظرة في العناصر الأربعة لنموذج تدريب القادة وربطها بالرؤية المستقبلية:
الإدراك:
يُقصَد بالإدراك استعادة المعلومات أو سرعة التذكر وتعلُّم كيفية بناء قاعدة علمية ليستطيع الاستفادة من المعارف التي تم اكتسابها من خلال البرامج التعليمية العامة. عندما توجد لديهم مثل هذه القاعدة العلمية، يمكننا حينئذٍ أن نقدم لهم برامج متنوعة تناسب موهبتهم، إضافةً إلى ذلك فإن الطلاب يحتاجون إلى التدريب على أساليب البحث والتقصي حول المعلومات، على أن يتضمن هذا التدريب تعريف المشاكل الحياتية وإجراء عمليات عصف ذهني للبحث عن حلول إبداعية لها سواء عن طريق ابتكار جديد أو حل إبداعي متميز.
حل المشكلات:
يمثل هذا العنصر جوهر الإبداع وأحد أهم برامج تعليم الموهوبين، فهو يحفز المرونة والطلاقة في التفكير بطريقة إبداعية، ويقوي مهارات التواصل والعمل الجماعي والتغلب على الضغوط، ومواجهة التحديات، كما أنه يطور مهارات التفكير النقدي والتحليلي. ونظراً لأهمية هذا العنصر فقد ظهرت برامج كثيرة مستقلة لتعليم حل المشكلات بطرق إبداعية منها؛ برنامج سي بي إس (CPS) و سكامبر (SCAMPER) و تريز (TRIZ) وغيرها من البرامج ذات العلاقة.
التواصل مع الآخرين:
أحد أبرز أدوار القيادة هي القدرة على التأثير وحتى يكون الطلاب قادةً للمستقبل، فإن عليهم أن يتعلموا مهارة التواصل مع الآخرين وفن الإقناع بالتأثير، فبدون تلك المهارة لن تكون قيادتهم مؤثرة. ومما تجدر الإشارة إليه أن تطوير هذه المهارة يتفعِّل كلما تراكمت الخبرات الاجتماعية والمعلومات النظرية المتعلقة بمهارة التواصل مثل؛ القدرة على العمل ضمن الفريق والتقمص العاطفي والشعور بالآخر وضبط المشاعر الشخصية والقدرة على التحكم فيها وتوجيهها، وذلك حتى تتحول التجربة والعلم إلى ذكاء عاطفي مؤثر وفاعل يسهم في بناء صورة سليمة للأدوار المستقبلية لقادتنا الموهوبين.
صنع القرار:
بعد اقتراح عدد من الحلول للمشكلات، تأتي أهمية صناعة القرار فهو المعيار الأهم الذي يحكم على نجاح القيادة أو فشلها في استغلال مواردها المالية والبشرية، ولكي يصل الموهوب إلى القدرة على صناعة قرار ناجح فإن عليه أن يكون متقناً للعناصر القيادية الآنفة الذكر كالإدراك وحل المشكلات والتواصل مع الآخرين.
إنه من المهم جداً أن يتم تعزيز فهم الطلاب للرؤى المستقبلية فذلك يعد محفزاً قوياً لهم، وتتأكد أهمية مثل هذا التعزيز حين نرغب في تطويرهم قيادياً لما تلعبه جودة الرؤية المستقبلية من دور مهم في النجاح القيادي. ولهذا فسيكون من الفاعلية التعليمية لو استطاع المعلم أن يدرج بعض الأنشطة المعززة لمفهوم الرؤية المستقبلية ضمن المناهج الدراسية. على سبيل المثال، بإمكان المعلم أن يقوم بما يلي:
1- أن يضع قائمة بالمرئيات المستقبلية بناء على شواهد الماضي أو الحاضر (المهن الجديدة التي نشأت عن التكنولوجيا الحديثة) وناقش تداعياتها.
2- أن يستكشف معاني وتبعات مفاهيم مثل صدمة الحضارة و صدمة المستقبل.
3- أن يتخيَّل وضعية وسائل النقل والاتصالات المستقبلية.
4- أن يضع تصوراً للتغييرات المستقبلية التي تحتاجها المدينة أو الولاية.
5- أن يناقش دور الحكومة المستقبلي بشأن الصحة العامة والتعليم والشئون الدولية والموضوعات الأخرى ذات الصلة.
6- أن يقترح اختراعات محتملة تحسن ظروف الحياة لمواطني المستقبل.
7- أن يبحث عن استخدامات بدائل الطاقة، حظر استعمال الأسلحة، أو أي قضايا أخرى تؤثر نتائجها على مستقبل حياتنا.
إضاءة:
"لا تكون القيادة فاعلة إذا كانت قاعدتها الجماهيرية مجرد أناس آليين أذكياء. فتعليم الأطفال مبادئ القيادة يجب أن يتضمن ممارستهم لتلك القيادة، ولكن ليس بطريقة آلية، أي كيف يصنعون القرارات؟ أو كيف يصوتون؟ بل لا بد أن يتعلموا كيف يشاركون في صنع القرارات التي تمس حياتهم. فتعلم فنون القيادة بالمدرسة يجب أن لا يكون مجرد تعلم مبادئ القيادة، بل ممارستها!ا".
إن تعليم الموهوبين فنون القيادة يتطلب ليس فقط تطوير الإمكانيات غير العادية التي يحملونها بل أيضاً تنمية القيم والاهتمامات والدوافع للتمكن من توجيه تلك المواهب لخدمة المجتمع
أ.هاري باساو
مع أن العالم قد أثبت خطأ نظرية أرسطو بأن القادة يولدون ولا يصنعون، فإنه قد ثبت أيضا بأن القدرات القيادية – مثل القدرات الإبداعية والفكرية – لا تزدهر ما لم تبذل أي جهود لتطويرها. فعلى الرغم من أننا لا نتوقع أن يصبح كل المواطنين الذين لديهم قدرات قيادية قادة عظماء في مجتمعاتهم أو حتى في الأوساط التي يعملون فيها، فإنه من المنطقي افتراض أن الأشخاص الذين لديهم مهارات قيادية قوية يكونون أكثر قابلية ليصبحوا قادة فاعلين أو تابعين ملتزمين في مجال حل المشكلات.
إن تطوير الموهوبين قيادياً يتطلب في بادئ الأمر اكتشاف موهبتهم، الأمر الذي يجعلنا نتساءل؛ كيف يمكننا أن نكتشف مثل هذه الموهبة؟
إن بعض الموهوبين يتسمون بسمات معينة تشير إلى قدراتهم القيادية، مثل هذه السمات قد تساعدنا في التعرف عليهم ومن ثم استهدافهم لبرامج تدريب القادة لتطوير هذه الموهبة، فهم دائماً يرغبون بالتحدي وقادرون على حل المشكلات، بل وقادرون أيضا على التفكير بطريقة ناقدة. كما أنهم يتميزون بقدرتهم في بناء العلاقات الجديدة، وطلاقتهم التعبيرية، ومرونتهم في التفكير والتصرف، إضافة إلى ملكاتهم في فهم الغموض والقدرة على تحفيز الآخرين.
وعلى الرغم من أن العبقرية الفكرية ليس بالضرورة أن تمثل أحد أهم متطلبات القيادة الحكيمة، فإن الطلاب الموهوبين فكرياً يتمتعون بالقدرة التي تؤهلهم لمناصب قيادية بارزة في المستقبل - إذا تم تدريبهم بشكل جيد.
ولأهمية استثمار مثل هذه القدرات والملكات، أصبحت برامج الموهوبين الحديثة تُرِكِّز بشكل أساسي على تطوير القدرات القيادية. ولكن كانت المشكلة تكمن في عدم وجود نظام تعليمي لتطوير المهارات القيادية، كما أنه لا يوجد أي دراسة أو إنتاج بحثي يتعلق بتطوير القدرات القيادية للطلاب المبدعين. ولهذا ركز العلماء على البحث والدراسة حول المهارات الأساسية للقيادة، وتم تصنيفها في أربع مجموعات أولية هي: الإدراك وحل المشكلات والتواصل مع الآخرين وصنع القرار. واستنادا على هذا التصنيف ظهر ما يسمى بنموذج تدريب القادة الذي أصبح فيما بعد فكرة رئيسية لتطوير برامج الموهوبين.
وفيما يلي شكل يوضح نموذج تطوير القادة:
http://www4.0zz0.com/2012/03/27/12/612823862.jpg
ما يلفت النظر في هذا النموذج هو أن بناءه يتفق مع النظرية العامة التي تقول بأن نصفي الدماغ البشري الأيسر والأيمن يضمان وظائف ذهنية مختلفة ولكنها متكاملة. فالإدراك وحل المشكلات الموجودة في الجانب الأيسر من النموذج يقوم بها الجانب الأيسر من الدماغ، في حين أن التواصل مع الآخرين وصنع القرار الموجودة في الجانب الأيمن من النموذج هي من وظائف الجانب الأيمن من الدماغ.
وبهذا تتحد العناصر الإدراكية المتمثلة في الإدراك وحل المشكلات جنباً إلى جنب مع التواصل مع الآخرين وصنع القرار والتي تعتبر من العناصر الفاعلة، ليتم بذلك تحقيق القيادة المتكاملة.
نظرة في العناصر الأربعة لنموذج تدريب القادة وربطها بالرؤية المستقبلية:
الإدراك:
يُقصَد بالإدراك استعادة المعلومات أو سرعة التذكر وتعلُّم كيفية بناء قاعدة علمية ليستطيع الاستفادة من المعارف التي تم اكتسابها من خلال البرامج التعليمية العامة. عندما توجد لديهم مثل هذه القاعدة العلمية، يمكننا حينئذٍ أن نقدم لهم برامج متنوعة تناسب موهبتهم، إضافةً إلى ذلك فإن الطلاب يحتاجون إلى التدريب على أساليب البحث والتقصي حول المعلومات، على أن يتضمن هذا التدريب تعريف المشاكل الحياتية وإجراء عمليات عصف ذهني للبحث عن حلول إبداعية لها سواء عن طريق ابتكار جديد أو حل إبداعي متميز.
حل المشكلات:
يمثل هذا العنصر جوهر الإبداع وأحد أهم برامج تعليم الموهوبين، فهو يحفز المرونة والطلاقة في التفكير بطريقة إبداعية، ويقوي مهارات التواصل والعمل الجماعي والتغلب على الضغوط، ومواجهة التحديات، كما أنه يطور مهارات التفكير النقدي والتحليلي. ونظراً لأهمية هذا العنصر فقد ظهرت برامج كثيرة مستقلة لتعليم حل المشكلات بطرق إبداعية منها؛ برنامج سي بي إس (CPS) و سكامبر (SCAMPER) و تريز (TRIZ) وغيرها من البرامج ذات العلاقة.
التواصل مع الآخرين:
أحد أبرز أدوار القيادة هي القدرة على التأثير وحتى يكون الطلاب قادةً للمستقبل، فإن عليهم أن يتعلموا مهارة التواصل مع الآخرين وفن الإقناع بالتأثير، فبدون تلك المهارة لن تكون قيادتهم مؤثرة. ومما تجدر الإشارة إليه أن تطوير هذه المهارة يتفعِّل كلما تراكمت الخبرات الاجتماعية والمعلومات النظرية المتعلقة بمهارة التواصل مثل؛ القدرة على العمل ضمن الفريق والتقمص العاطفي والشعور بالآخر وضبط المشاعر الشخصية والقدرة على التحكم فيها وتوجيهها، وذلك حتى تتحول التجربة والعلم إلى ذكاء عاطفي مؤثر وفاعل يسهم في بناء صورة سليمة للأدوار المستقبلية لقادتنا الموهوبين.
صنع القرار:
بعد اقتراح عدد من الحلول للمشكلات، تأتي أهمية صناعة القرار فهو المعيار الأهم الذي يحكم على نجاح القيادة أو فشلها في استغلال مواردها المالية والبشرية، ولكي يصل الموهوب إلى القدرة على صناعة قرار ناجح فإن عليه أن يكون متقناً للعناصر القيادية الآنفة الذكر كالإدراك وحل المشكلات والتواصل مع الآخرين.
إنه من المهم جداً أن يتم تعزيز فهم الطلاب للرؤى المستقبلية فذلك يعد محفزاً قوياً لهم، وتتأكد أهمية مثل هذا التعزيز حين نرغب في تطويرهم قيادياً لما تلعبه جودة الرؤية المستقبلية من دور مهم في النجاح القيادي. ولهذا فسيكون من الفاعلية التعليمية لو استطاع المعلم أن يدرج بعض الأنشطة المعززة لمفهوم الرؤية المستقبلية ضمن المناهج الدراسية. على سبيل المثال، بإمكان المعلم أن يقوم بما يلي:
1- أن يضع قائمة بالمرئيات المستقبلية بناء على شواهد الماضي أو الحاضر (المهن الجديدة التي نشأت عن التكنولوجيا الحديثة) وناقش تداعياتها.
2- أن يستكشف معاني وتبعات مفاهيم مثل صدمة الحضارة و صدمة المستقبل.
3- أن يتخيَّل وضعية وسائل النقل والاتصالات المستقبلية.
4- أن يضع تصوراً للتغييرات المستقبلية التي تحتاجها المدينة أو الولاية.
5- أن يناقش دور الحكومة المستقبلي بشأن الصحة العامة والتعليم والشئون الدولية والموضوعات الأخرى ذات الصلة.
6- أن يقترح اختراعات محتملة تحسن ظروف الحياة لمواطني المستقبل.
7- أن يبحث عن استخدامات بدائل الطاقة، حظر استعمال الأسلحة، أو أي قضايا أخرى تؤثر نتائجها على مستقبل حياتنا.
إضاءة:
"لا تكون القيادة فاعلة إذا كانت قاعدتها الجماهيرية مجرد أناس آليين أذكياء. فتعليم الأطفال مبادئ القيادة يجب أن يتضمن ممارستهم لتلك القيادة، ولكن ليس بطريقة آلية، أي كيف يصنعون القرارات؟ أو كيف يصوتون؟ بل لا بد أن يتعلموا كيف يشاركون في صنع القرارات التي تمس حياتهم. فتعلم فنون القيادة بالمدرسة يجب أن لا يكون مجرد تعلم مبادئ القيادة، بل ممارستها!ا".