حسين راجحي
01-13-2013, 08:11 PM
http://photos.i1i1.com/files/image/South_Island_Tour_932.jpg
مقامة الشعراء العاميين
حدثنا طيفور الممتع في استرساله والبديع في بيانه، وهو يحكي لنا عن أناس في جزيرة قد تعددت أذواقهم، واتسعت أفكارهم ، يتنافس فيها الشعراء في روعة وصفهم ،وجمال لفظهم وتناهي دقة نظمهم .
وقال : عند وصولي إلى الجزيرة وجدت الصديق والأنيس والنديم والجليس (سامر) بطل المقامات ، وصاحب الصولات والجولات فأخبرته عن سبب وجودي لعل أن يحقق لي أماني ووعودي ، فقال سامر : أنت رفيقي في طريقي فكن محدثا أمين تنقل الحقيقة بألفاظك الرقيقة ، ويا طيفور لنذهب إلى حكيم الجزيرة ليتحفنا بروائع كلماته ، ويسقينا من معين معلوماته فقلت له : فلننطلق إلى غايتنا رافعين حب الأدب في رايتنا، وعند وصولنا إلى بيت حكيم الجزيرة طرقنا بابه ، ففتح لنا واستقبلنا بحفاوة ورحابه وكأننا من أحبابه ومن ثم أجلسنا على طاولة النقاش ، وقال : ما رأيكم في قناة الطحراء فقلنا : قناة أصابت اللغة بالشلل واتهمتها بالعبء والملل ، ومن ثم قال : هل تستمعون لإذاعة إن تي سي ؟ فقلنا : هي مثل ذبابة تسي تسي ، تلدغ صاحبها فينام بجانبها ، وحينها قال : ما رأيكم في الذهاب إلى مقر الأمسية ومشاهدة شعراء الرومانسية إن كنتم للشعر تعشقون ، ومن ثماره تقطفون ومن موسيقى المعاني تتذوقون فقلنا : إلى الأمام يا حكيم ويا أبو همام ،
وقال طيفور : وعند وصولنا إلى مقر الأمسية ، جلسنا مع الجمهور بلا تأفف وبلا ضجر فقام مقدم الأمسية وأعتلى المنبر وقال: يا هلا بمن حضر ويا مرحبا تراحيب المطر ، ونرحب للمرة الثانية في واحتنا وفي دوحتنا الشعرية ومع ربان السفينة وهامتها سيبدأ
بأول قصيدة في بدايتها ، أبوسن فاعتلى أبوسن وحيا الجمهور وقال قابلت عشيقتي دومه وهي في حالة سومة (1) وقلت في قصيدة
ليلي على المشراف (2) ومطالعة لك
حتى طلوع اللولين (3) والصباح بان
كل السواعي (4) روحن (5) وأنت مالك
تشتاق لك نخلة وفيه وجدران
يكفي غياب من يوم غاب خيالك
لا الظهرية تحلى ولا الليل لي زان
هل الهلال واحنا نترجى هلالك
غلق (6) رجب واليوم في نص شعبان
شوق المرايا غاب عنه خيالك
ليت المرايا تحتفظ بالذي كان
شاكتب (7) عليها حالتي بعد حالك
وأكتب عليها للهوى ألف عنوان
طفت الديار أسأل كيف أنالك (8)
لكن سؤالي ضاع حسرة وحرمان
حاير سؤالي كيف يلقى سؤالك
أسأل ثواني الوقت والوقت ماحان (9)
وبعدما انتهى من قصيدته أطفئت الأنوار الأمامية والخلفية ، وكتب في عارض قصيدة الألفية للشاعر( جرادي) ، ووقف جرادي على المسرح والأنوار تستقبله بضوئها ، وكذالك القلوب الحائرة وكأنها تنظر دوائها وقال : جرادي لي قصيدة أحب أقولها لشيخة المزايين وأنا زعلان (10) من هجرها، وتعبان من جفاها، وحرقان (11) من قلة وفاها فقلت في قصيدة
أنا من بعد هجرانج(12)
أبنوي(13) أهجر أحساسي.
أبخفي طرسي (14) الشاهد
على ظلمج وكراسي
كفا يابنت من حب
حبسلي باقي أنفاسي
أببعد لو يلوموني
في بعدج ربعي وناسي
أببعد خطوة سهلة
وصعب أنج فرضتيها
وبحسب باقي الأيام
من عمري وهوجاسي(15)
وبعدما انتهى من قصيدته صرخ رجل من الجمهور وقال : يواد (16) روح (17) كلامك ما يداوي الجروح ، أسمع مني أنا درويش مرهف الإحساس ،وشعري مثل الألماس ، أقوله لفتو(18) وكل الناس ، ورددوا ياجمهور" بالطول والعرض ودرويش شعره يهز الأرض " وظل الجمهور يردد حتى صعد درويش المسرح واعتلى المنبر وقال :
قصيدتي لحبيبة قلبي فتوالي (19) جننتني بجمالها ، وسحرتني بدلالها ،وحيرتني بغموض حالها أقول فيها :
نسمة حلوة جات في بالي
يازقاق بيتنا القديم
نعنشت (20) فستان حالي
بريح النبق (21) والريم
لمّا كنا صغار ودقة
وكانت حالتنا طينة
واحنا نلعب في الأزقة
ولا أحد يسأل علينا
هادا (22) قرصته بقة (23)
وعمال تهرشله(24) أمينه
وهادا في جيبه بقعة زرقة
واصلة لحد الفلينة
ودا يلحس حمر (25) في ورقة
والبحر خلاه طحينة (26)
وبعدما انتهى من قصيدته رموه بالحجارة وكذلك بالأوساخ والقذارة وهتفوا وقالوا :
جرادي فلوسنا لك يا سيد العبارة.
ويا درويش جلوسنا معك أكبر خسارة
وحينها قلت لسامر : أخرج يا عاقل فلقد اختلط الحابل بالنابل.
----------------------------------------------------------
(1) سومة : شدة الدوار من أثر التعب وهي لهجة حميرية
(2) المشراف : هو الاعتلاء والسمو إلى أرق ما يبلغه المرء من مكانه
(3) اللولين : اسم من أسماء النجوم
(4) السواعي : المقصود بها السفن المسافرة
(5) روحن : عادت وهي من اللهجات الحميرية التي تحول تاء التأنيث إلى نون
(6) غلق : بمعنى اكتمل أو انقضى وهي من اللهجات الحميرية
(7) شاكتب : بمعنى سأكتب وتقال : لسين التي تتقدم الفعل المضارع
(8) أنالك : بمعنى أصل إليك
(9) القصيدة للشاعر السعودي إبراهيم مفتاح يسكن في فرسان وهو من شعراء منطفة جازان
(10) زعلان : بمعنى غضبان من اللهجات العامية المتنشرة في هذا العصر
(11) حرقان : من الحرقة في القلب وهي على وزن فعلان
(12) هجرانج : بمعنى الهجر والبين
(13) أبنوي : يعني أنوي والنية محلها القلب
(14) طرسي: بمعنى اكتاب محي ثم كتب
(15)القصيدة لشاعر السعودي محمد بن فطيس المري شاعر المليون يسكن في قطر
(16) يواد : من اللهجات التي تنتمي للحجاز في العامية وهي تسهيل للمنادى ياولد
(17) روح : بمعنى أرجع لمكانك
(18) فتو : تصغير اسم فتون من أجل التدليل
(19) الي : بمعنى التي للاسم الموصول
(20) نعنشت : بمعنى نعشت وأطربت
(21) النبق : اسم من أسماء الأعشاب العطرية أو الزهور
(22) هادا : بمعنى اسم الإشارة هذا
(23) بقة : البق هي حشرة طفيلية تمتص الدم من جسم البشر وتعيش في الأخشاب
(24) تهرشله : من اللهجات الحجازية في العامية وتعني تعذبه
(25) حمر : اسم للتمر الهندي
(26) القصيدة للشاعر السعودي عبدالله بن دبلول شاعر الحجاز
قلم
حسين راجحي
مقامة الشعراء العاميين
حدثنا طيفور الممتع في استرساله والبديع في بيانه، وهو يحكي لنا عن أناس في جزيرة قد تعددت أذواقهم، واتسعت أفكارهم ، يتنافس فيها الشعراء في روعة وصفهم ،وجمال لفظهم وتناهي دقة نظمهم .
وقال : عند وصولي إلى الجزيرة وجدت الصديق والأنيس والنديم والجليس (سامر) بطل المقامات ، وصاحب الصولات والجولات فأخبرته عن سبب وجودي لعل أن يحقق لي أماني ووعودي ، فقال سامر : أنت رفيقي في طريقي فكن محدثا أمين تنقل الحقيقة بألفاظك الرقيقة ، ويا طيفور لنذهب إلى حكيم الجزيرة ليتحفنا بروائع كلماته ، ويسقينا من معين معلوماته فقلت له : فلننطلق إلى غايتنا رافعين حب الأدب في رايتنا، وعند وصولنا إلى بيت حكيم الجزيرة طرقنا بابه ، ففتح لنا واستقبلنا بحفاوة ورحابه وكأننا من أحبابه ومن ثم أجلسنا على طاولة النقاش ، وقال : ما رأيكم في قناة الطحراء فقلنا : قناة أصابت اللغة بالشلل واتهمتها بالعبء والملل ، ومن ثم قال : هل تستمعون لإذاعة إن تي سي ؟ فقلنا : هي مثل ذبابة تسي تسي ، تلدغ صاحبها فينام بجانبها ، وحينها قال : ما رأيكم في الذهاب إلى مقر الأمسية ومشاهدة شعراء الرومانسية إن كنتم للشعر تعشقون ، ومن ثماره تقطفون ومن موسيقى المعاني تتذوقون فقلنا : إلى الأمام يا حكيم ويا أبو همام ،
وقال طيفور : وعند وصولنا إلى مقر الأمسية ، جلسنا مع الجمهور بلا تأفف وبلا ضجر فقام مقدم الأمسية وأعتلى المنبر وقال: يا هلا بمن حضر ويا مرحبا تراحيب المطر ، ونرحب للمرة الثانية في واحتنا وفي دوحتنا الشعرية ومع ربان السفينة وهامتها سيبدأ
بأول قصيدة في بدايتها ، أبوسن فاعتلى أبوسن وحيا الجمهور وقال قابلت عشيقتي دومه وهي في حالة سومة (1) وقلت في قصيدة
ليلي على المشراف (2) ومطالعة لك
حتى طلوع اللولين (3) والصباح بان
كل السواعي (4) روحن (5) وأنت مالك
تشتاق لك نخلة وفيه وجدران
يكفي غياب من يوم غاب خيالك
لا الظهرية تحلى ولا الليل لي زان
هل الهلال واحنا نترجى هلالك
غلق (6) رجب واليوم في نص شعبان
شوق المرايا غاب عنه خيالك
ليت المرايا تحتفظ بالذي كان
شاكتب (7) عليها حالتي بعد حالك
وأكتب عليها للهوى ألف عنوان
طفت الديار أسأل كيف أنالك (8)
لكن سؤالي ضاع حسرة وحرمان
حاير سؤالي كيف يلقى سؤالك
أسأل ثواني الوقت والوقت ماحان (9)
وبعدما انتهى من قصيدته أطفئت الأنوار الأمامية والخلفية ، وكتب في عارض قصيدة الألفية للشاعر( جرادي) ، ووقف جرادي على المسرح والأنوار تستقبله بضوئها ، وكذالك القلوب الحائرة وكأنها تنظر دوائها وقال : جرادي لي قصيدة أحب أقولها لشيخة المزايين وأنا زعلان (10) من هجرها، وتعبان من جفاها، وحرقان (11) من قلة وفاها فقلت في قصيدة
أنا من بعد هجرانج(12)
أبنوي(13) أهجر أحساسي.
أبخفي طرسي (14) الشاهد
على ظلمج وكراسي
كفا يابنت من حب
حبسلي باقي أنفاسي
أببعد لو يلوموني
في بعدج ربعي وناسي
أببعد خطوة سهلة
وصعب أنج فرضتيها
وبحسب باقي الأيام
من عمري وهوجاسي(15)
وبعدما انتهى من قصيدته صرخ رجل من الجمهور وقال : يواد (16) روح (17) كلامك ما يداوي الجروح ، أسمع مني أنا درويش مرهف الإحساس ،وشعري مثل الألماس ، أقوله لفتو(18) وكل الناس ، ورددوا ياجمهور" بالطول والعرض ودرويش شعره يهز الأرض " وظل الجمهور يردد حتى صعد درويش المسرح واعتلى المنبر وقال :
قصيدتي لحبيبة قلبي فتوالي (19) جننتني بجمالها ، وسحرتني بدلالها ،وحيرتني بغموض حالها أقول فيها :
نسمة حلوة جات في بالي
يازقاق بيتنا القديم
نعنشت (20) فستان حالي
بريح النبق (21) والريم
لمّا كنا صغار ودقة
وكانت حالتنا طينة
واحنا نلعب في الأزقة
ولا أحد يسأل علينا
هادا (22) قرصته بقة (23)
وعمال تهرشله(24) أمينه
وهادا في جيبه بقعة زرقة
واصلة لحد الفلينة
ودا يلحس حمر (25) في ورقة
والبحر خلاه طحينة (26)
وبعدما انتهى من قصيدته رموه بالحجارة وكذلك بالأوساخ والقذارة وهتفوا وقالوا :
جرادي فلوسنا لك يا سيد العبارة.
ويا درويش جلوسنا معك أكبر خسارة
وحينها قلت لسامر : أخرج يا عاقل فلقد اختلط الحابل بالنابل.
----------------------------------------------------------
(1) سومة : شدة الدوار من أثر التعب وهي لهجة حميرية
(2) المشراف : هو الاعتلاء والسمو إلى أرق ما يبلغه المرء من مكانه
(3) اللولين : اسم من أسماء النجوم
(4) السواعي : المقصود بها السفن المسافرة
(5) روحن : عادت وهي من اللهجات الحميرية التي تحول تاء التأنيث إلى نون
(6) غلق : بمعنى اكتمل أو انقضى وهي من اللهجات الحميرية
(7) شاكتب : بمعنى سأكتب وتقال : لسين التي تتقدم الفعل المضارع
(8) أنالك : بمعنى أصل إليك
(9) القصيدة للشاعر السعودي إبراهيم مفتاح يسكن في فرسان وهو من شعراء منطفة جازان
(10) زعلان : بمعنى غضبان من اللهجات العامية المتنشرة في هذا العصر
(11) حرقان : من الحرقة في القلب وهي على وزن فعلان
(12) هجرانج : بمعنى الهجر والبين
(13) أبنوي : يعني أنوي والنية محلها القلب
(14) طرسي: بمعنى اكتاب محي ثم كتب
(15)القصيدة لشاعر السعودي محمد بن فطيس المري شاعر المليون يسكن في قطر
(16) يواد : من اللهجات التي تنتمي للحجاز في العامية وهي تسهيل للمنادى ياولد
(17) روح : بمعنى أرجع لمكانك
(18) فتو : تصغير اسم فتون من أجل التدليل
(19) الي : بمعنى التي للاسم الموصول
(20) نعنشت : بمعنى نعشت وأطربت
(21) النبق : اسم من أسماء الأعشاب العطرية أو الزهور
(22) هادا : بمعنى اسم الإشارة هذا
(23) بقة : البق هي حشرة طفيلية تمتص الدم من جسم البشر وتعيش في الأخشاب
(24) تهرشله : من اللهجات الحجازية في العامية وتعني تعذبه
(25) حمر : اسم للتمر الهندي
(26) القصيدة للشاعر السعودي عبدالله بن دبلول شاعر الحجاز
قلم
حسين راجحي