المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حتماً سنعود .. قصص الأجداد عن وطن الأمجاد ..؟؟


بوغالب
05-15-2013, 04:37 PM
حتماً سنعود .. قصص الأجداد عن وطن الأمجاد ..؟؟






http://www.saffad.com/wp-content/uploads/2013/05/عائدون-300x225.jpg







سنة تليها أخرى، تمر الأيام وتعود الذكرى لتفتح في قلوب أصحابها جرح لم يندمل ، طال الزمن منذ اثنين وستين عاما وبقيت القلوب تنزف حبا وحنينا لأرض فارقوها مرغمين، فالفلسطينيون في كل مكان يعانون إلى اليوم مرارة ظلم وقهر وتشريد مارسته عليهم عصابات القتل الصهيونية، كانوا شهودا على نكبة غيرت مجرى تاريخهم، شاهدوا بأم أعينهم كيف تضيع الأرض وكيف تسلب المنازل، قتلوا وذبحوا وهجروا وباتوا في الوطن وخارجه لاجئين مشردين، يحتفظون بالذكرى ويسترجعونها كلما ظن العدو بان النسيان طاولهم.




ذكريات الطفولة وأمنيات الشيخوخة :



من قرية “كرتيا” شمال شرق مدينة غزة، تنحدر أصول أم حسن التي تسكن اليوم مدينة رفح جنوب قطاع غزة، مسافة طويلة تفصل بين ذكريات الطفولة وأمنيات الشيخوخة، لطفلة كانت تلهو في فناء منزلها وتشترك في أحلامها مع كل الفتيات من سنها، وبين امرأة عجوز كل أملها في هذه الحياة أن تعود ذات يوم إلى المكان الذي شهد ولادتها وان كان لا فالحلم أن يعود إليه احد أبناءها أو حتى أحفادها.

تتحدث مريم المغاري ( 77 عاما) عن قريتها بكل فخر وبساطة بالقول: “كرتيا” في عيني أحلى مكان بالدنيا، هناك ولدنا وتربينا ، كنا نلعب صغارا حول أشجار الكينا، كانت أجمل سنين عمري لان كل السنوات بعدها تعني باختصار الم وتشريد وعذاب، لا زلت اذكر زواجي وأنا ابنه الرابعة عشر الذي اجتمع فيه كل أهل القرية، نساءا ورجالا، وبعد فترة بسيطة حضر زوجي من الخارج واخذ يجمع بحاجات المنزل وأنا اجهل ما السبب قال بنبرة لن أنساها لا بد أن نرحل الليلة!!!، تركنا القرية دون أن نفهم لماذا نغادر، كنت كبقية النساء اسمع أن هناك صهاينة هجموا على بلادنا وأنهم السبب في ترك منازلنا، قطعنا مسافات طويلة على الساحل، نمت مع زوجي على شاطئ البحر لعدة ليالي، كانت رحلة طويلة أدمت أرجلنا ونحن نسير على الأرض حارقة والفزع يتملكنا، كان أكثر خوفي على وليدي حسن الذي لم يتجاوز وقتها الأربعة أشهر، كان يبكي طوال الطريق دون أن يكون هناك فرصة للتوقف حتى لأرضعه، وصلنا بعد أيام إلى مخيم دير البلح وسط القطاع، لم نكن أهالي قرية “كرتيا” فقط إنما اختلطنا بسكان من قرى أخرى، لم يكن الخوف يسمح لنا أن نتعرف على بعضنا البعض، كان هم الجميع أن يبتعدوا أكثر قدر عن القرى التي انتشر فيها الذعر نتيجة الممارسات التي سمعنا عنها، بان الصهاينة يسرقون المال ويقتلون الرجال ويغتصبون النساء في كل مكان يدخلونه.

أغاني وأهازيج للأفراح ولكثير من المناسبات غنتها أم حسن، كأنها جزء من الرواية، تذكرها وتغنيها وتعلمها لبناتها وزوجات أبناءها، تحتفظ بثوب عرسها بنذر أن تلبسه يوم عودتها لأنه سيكون بالنسبة لها أجمل عرس في حياتها، آمال تتناقلها أم حسن وصديقاتها ممن عاصروا النكبة والهجرة، وهنا تتذكر بحسرة كبيرة أم حسن صديقاتها اللواتي بدأت تفقدهن واحدة بعد الأخرى، فتقول: أخاف أن افقد جميع أحبابي ممن شاركوني سنين حياتي من أهلي وصديقاتي، أم حسن أثقلتها هموم السنين وباتت تنسى الكثير من التفاصيل الهامة عن هجرتها، ربما لا تعرف أن على ارض قريتها أقيمت ثلاث مستعمرات صهيونية هي ( كومميوت ، رفاحا، نهورا) إلا أن ما تعرفه أن “كرتيا” ستبقى اسما وأرضا محفورة في أعماقها رغم أنها ربما لن تعود.




حطمنا مقولة الكبار يموتون والصغار ينسون :



بلحية غزاها الشيب، يروي أبو نهاد ذكريات طفولته التي تعلقت بالهجرة، سنين طويلة مضت ولم تنسه الأيام كيف كان يجري حافي القدمين خطر الموت، على ارض جرداء يملاها الشوك، وكيف كانت قدميه تدمي لكن شعور الخوف كان أقوى من إحساسه بالألم، رحل مع عائلتيه في العام 1948 وهو ابن احد عشر سنة، من قرية “عراق سويدان” قضاء مدينة المجدل.

بتنهيده طويلة يروي محمد حماد ذكرى تلك الأيام بالقول: مضى وقت طويل كنت طفلا من مواليد عام 1937، بدأ القصف الجوي الإسرائيلي على القرية وعلى القرى المجاورة، فزع الجميع إلا والدي ومعه مجموعة من الشبان الشجعان، طلبوا منا جميعا الخروج وبقوا هم في القرية، وأوصانا والدي بعدم اصطحاب أي شيء غير الطعام والشراب وترك كل شيء في مكانه على اعتبار المسالة طارئة والعودة ستكون قريبة، إلى قرية “الفالوجة” القريبة كان الملجأ الأول حيث توجهنا كيلو مترين إلى الجنوب وهناك حيث يوجد معسكر للجيش المصري أقمنا بجانبه لفترة من الزمن وبعد اشتداد المعارك وزحف القوات الصهيونية نحو “الفالوجة” غادرنا القرية مرة أخرى وهذه المرة كان معنا أهالي من قرى مجاورة أخرى، فرادا ومجموعات كانت الهجرة من جديد موعدنا نحو المجهول، حيث لا ندري إلى أين المسير.

بزاد بسيط وماء يكاد لا يكفي لتبتل عروقنا منه، يتابع أبو نهاد شهادته: وصلنا إلى مخيم البريج وسط قطاع غزة، وهناك توزع الجميع بين الأحراش واتخذ كل منا مكانه رغم صعوبة الإقامة، اختار لنا احد أعمامي شجرة لنستظل تحتها وتكون مكان إقامتنا المؤقت، كانت تعبر علينا قوافل إغاثة توزع الطعام، والكل يأخذ حاجته من الطعام و يجهل ماذا بعد؟، أحضرت بعدها وكالة الغوث خياما وزعتها على كل أسرة لنقيم هناك مدة قبل أن يلتحق بنا والدي الذي لم يغادر مع رفاقه الثوار إلا بعد سقوط قرية “الفالوجة” وحصارها الذي طال فترة من الوقت، طال مكوثنا لعامين في منطقة البريج التي أصبحت بعد ذلك مخيما للاجئين، وانتقلنا بعدها إلى دير البلح جنوبا بسبب البحث عن ظروف إقامة أفضل وفرص للعمل، وكأننا على موعد مع الترحال تركنا دير البلح إلى الجنوب مرة أخرى حيث مدينة خانيونس وهناك أقامت العائلة في معسكرها حتى اليوم.

اسكن الآن أنا وأولادي وأحفادي في ذات المخيم كلاجئين، نعيش على المساعدات التي تأتينا من وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين، التي تقدم ما تقدمه لنا كإبر مخدرة أو كحبوب نسيان نقتات منها يوميا كي ننسى أن لنا حق يجب أن ندافع عنه لنسترده وان لنا قضية يجب أن تثار وتعيش كلما طال الزمن لا أن تخمدها الأيام في أرضها.

فوكالة الغوث الدولية التابعة للأمم المتحدة، تعتبر المساند الأول للكيان الغاصب الذي احتل ارضي وارض أجدادي وبما أن هذا الكيان قد سلب أرضنا ولم يتركها حتى الآن فهو يزداد وهما يوما بعد يوم أن هذه القضية ستنسى وتدفن كالأموات معتمدا على مقولة “الكبار يموتون والصغار ينسون”، إلا أننا مع الأيام نزداد يقينا أنها ستعيش طالما بقي فينا نفس لان ” عراق سويدان” وكل فلسطين التاريخية هي ذكرى نورثها لأطفالنا : .




قريتي تسكن قلبي :



بعيون حائرة وملامح شاخت يفتتح الحاج أبو عطا الحديث عن بلدته الأصلية ” جوره عسقلان”، فيقول: كنت ابلغ من العمر ثمانية عشر عاما عندما دخل اليهود بلدتنا واضطررنا للهجرة حفاظا على حياتنا، لقد ذكرتموني بما لا أنساه أبدا فقريتي تسكن قلبي وتسري في شراييني مع دمي الذي به أحيا، فذكريات هوائها العليل تعيش في رئتي حتى وأنا أقيم في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، تلك المدينة التي لجأت إليها أنا وأهلي والتي أحبها رغم إدراكي أنها ليست بلدتي الأصلية التي عشت فيها طفولتي ولعبت فيها مع أقراني وجيراني، ” جوره عسقلان” هي المكان الذي صرخت فيها صرخة الحياة الأولى وما زالت ذكراها تعيش معي ،لأني ارفض أن أكون إلا فيها.

عن قريته يحدثنا إسماعيل الجعبري: تقع قرية ” جوره عسقلان” على الشريط الساحلي للبحر المتوسط ملاصقة لمدينة المجدل ويشتهر سكانها بالصيد وتكثر فيها السياحة، وتعد واحدة من أهم الوجهات التي كان يقصدها الزوار الأجانب قبل وبعد النكبة، كانوا يحضرون ليتمتعوا بأجوائها الساحلية الجميلة وكانوا يجلسون في مقاهيها وخاصة في مقهى (البردويل) الذي يعد من أشهر المقاهي بالقرية.

يصمت أبو عطا وكأنه يسترجع شريط ذكرياته ليتابع القول: كانت قرية “بيت داراس” هي أول قرية محيطة بنا سقطت العام 1947 ورحل أهلها إلى القرى المجاورة وانتشرت الإشاعة بان اليهود يقتلون أهالي البلدان التي يحتلوها ورغم هذا لم يفت في عضد الشبان هذا الأمر وباع الشبان المتزوجون ذهب وحلي نساءهم ليبتاعوا السلاح وبالفعل حصلوا على بعض السلاح الخفيف وحاولوا بما أوتوا وتحت قيادة شخص اسمه (طارق بيك الإفريقي) المغربي الأصل الدفاع المستميت عن الأرض وأوقعوا خسائر كبيرة في العدو، ولكن لعدم تكافأ القوى سقطت مدن أخرى ووصل العدوان إلى قرية “جوره عسقلان” التي اخلي الرجال النساء والأطفال منها وبقيت أنا موجود مع الشبان لكن دون سلاح أساعدهم في نقل المؤن وتزويدهم بالمياه، وبعد قتال دام أياما تم إحكام السيطرة على القرية وباتت محاطة بالآليات من كل الجوانب ولم يكن أمامنا سوى الانسحاب عن طريق البحر سبحا إلى الجنوب نحو غزة، وصلنا الشاطئ بعيدا عن جنود العصابات وتابعنا مشيا على الأقدام مسافات طويلة تحت حر الشمس وهربا من موت يلاحق السكان في كل مكان، إلى مدينة غزة كان المقام وأقمنا هناك سنة وبعدها انتقلنا للإقامة في مدينة رفح منذ تسع وأربعون عاما كاملة عشناها جميعا ” على الحفا والجفا”.

وبلهجة حادة ممسكا بمفتاح بيته القديم يستكمل الحديث بقوله: أن ننسى بلادنا هذا “حلم إبليس بالجنة”، فانا أحاول دائما أن ازرع في أبنائي وحتى في أحفادي حب فلسطين اجمعهم حولي كلما سمح الوقت وأحدثهم عن قريتنا، وأحدثهم عن ذكرياتي فيها واشعر بشغفهم الدائم رغم أن كلامي في كل مرة يعاد و المواقف هي ذاتها، إلا أن تعلقهم باد في نظرات عيونهم ويكفيك أن تسال احدهم ليجب بصوت مرتفع أنا من قرية “جوره عسقلان” لتجده يعرفها اسما وتفصيلا.

من حقيبة بدا عليها أثار الزمن، اخرج أبو عطا أوراق (الطابو) التي احتفظ بها والده وأوصاه بالحفاظ عليها ، يتابع حديثه:هذا ما سأورثه لأبنائي وأحفادي، كل ما املك في الدنيا، تثبت ملكيتهم في ارض أجدادي، ستزرع فيهم أمل العودة ذات يوم مطالبين بأملاكهم التي سلبت واغتصبت، أوراق يزيد عمرها عن سنوات عمري الثمانون قضيت أكثر من ثلثيها على أمل العودة وأعيش على أمل أننا سنعود ذات يوم.




حكاية النكبة :



بكل أمل وبابتسامة تتذكر الحاجة أم تيسير الحنفي عن حلمها بالعودة إلى قريتها “إسدود ” التي هاجرت منها صغيرة، إلا أن ما علق بذاكرتها بقي حاضرا في مخيلتها وكبر معها، مضت السنين ليعيش معها وتنقله إلى أبناءها وأحفادها.

من ” إسدود ” كانت بداية قصة التشرد التي ارتبطت بحرقة ظهرت مع آهاتها بالقول: كان عمري خمسة عشر عاما، هاجرت أنا وزوجي وأسرتي من قريتنا إلى مدينة غزة، كنت وقتها حاملا في شهري السابع في اكبر أبنائي، كانت أيام الهجرة صعبة وألام الحمل تزيد من ثقل تلك الأيام في ذاكرتي، فجاءتني ألام الولادة في الطريق، كان الخوف يعطل التفكير، كنت أتألم مرتين وانجدنني



رحمة الله وامرأة عجوز كانت برفقتنا ساعدتني على وضع طفلي الأول ” تيس :



http://www.saffad.com/wp-content/uploads/2013/05/خارطة-102x300.jpg (http://www.saffad.com/wp-content/uploads/2013/05/خارطة.jpg)

ير” في شهره السابع، تابعت المسير بقطعة لحم حمراء ولد غريبا ليعيش بقية عمره بعيدا عن بيت والده وحضن قريته.

لم نكن نحمل سوى بعض الزاد، حفاه شبه عراه في موسم الخريف، نركض مجتمعين حول بعضنا وأحد أعمامي خلفنا يعدنا كل دقيقة كي لا ننقص واحدا، نلتحف السماء ونفترش الأرض إلى أن وصلنا إلى مدينة غزة التي أصبحت فيما بعد مستقرنا ومكان إقامتنا، هناك وفي خيمة صغيرة وزعت علينا من هيئة الأمم المتحدة وسط معسكر الشاطئ كانت بداية رحلتنا مع اللجوء.

وحول حياة القرية تصف آم تيسير تلك الأيام بالقول: الحياة قبل الهجرة جميلة ومستقرة، كان الناس يحبون بعضهم، مترابطين فيما بينهم، حياتهم بسيطة يسكنون بيوتا تبني جدرانها من الطين وسقفها من الخشب وجريد النخيل، وحولها يكون رواق البيت الذي يربى فيه الطيور، إلا أن سعادتهم بهذه الحياة لا توصف لا هم لهم سوى تربية الأولاد وزراعة الأرض وقطف الثمار، عدد سكان القرية قليل وكنا نمللك الأراضي والأموال , كل القرى لها نفس العادات والتقاليد تجمعهم الأحزان قبل الأفراح ، كنا نجتمع لترتسم الفرحة في عيون الجميع، يتسابق الأهالي للتهنئة والمشاركة، كان ” سامر ” الرجال عامرا بالرجال المصطفين يتغنون بالأهازيج في وصف البلاد ووصف الرجال، وعلى الربابة يحلو السهر إلى الصباح على سيرة أبو زيد الهلالي وعنترة ابن شداد وغيرهم ، كانت عائلتنا تمللك ديوانا كبيرا تحل فيه مشاكل قرية , وفيه يستقبل الضيوف و تقام الولائم والذبيح للضيوف القادمة من أي قرية، هاجرنا وتركنا كل هذا للغاصب المحتل!!

وختمت حديثها قائله : أتمنى أن أعود لبلدي وادفن فيها لكن العمر ينظر باقتراب لقاء المولى , ويبقى الأمل في أولادنا وأحفادنا من بعدنا لأنهم هم حماة الوطن والمسئولون عن حفظ الوطن.




رحلة العمر المرير :



في الشارع المقابل بنفس الحي يسكن مختار عائلة غانم، في ديوان العائلة التي تتوسطه صورة كبيرة رسمت باليد للمسجد الأقصى يجلس أبو وليد المهاجر من قريته ” حتا “، وآثار الزمان بادية في تجاعيد وجهه تحكي رحلة العمر المرير ما بين الهجرة واللجوء، في غزة عاش أبو وليد عمرا طويلا بعيدا عن قريته الأصلية.


الانكليز باعوا أرضنا لليهود” بهذه العبارة استهل أبو وليد شهادته عن سؤاله عن هجرته قبل اثنان وستون عاما، ويضيف بالقول: كانت فلسطين تحت سيادة الانتداب الذي اشترك بشكل مباشر في بيع الأرض إلى اليهود، وحتى تلك الأراضي التي لم يستطع نقل ملكيتها بالبيع ساهم في تشريد أهلها بالقوة حيث دعمهم بالسلاح والعتاد ووفر لهم الأجواء المناسبة لسلبها غصبا، وهذه خطة تطلب انجازها وقتا منذ وعد بلفور عام 1917 وحتى النكبة التي بدأت حربها في عام 1947 حيث كان الفلسطينيون مستعمرين وكان ممنوع عليهم طوال تلك الفترة امتلاك السلاح , بالمقابل كان تسليح اليهود يجرى على قدم وساق , فكان هناك 700 ألف يهودي مسلحين, واخذوا بمهاجمة القرى بحماية الجيش البريطاني.

ويتابع حديثه: بيعت الأرض لمن لا يملك لمن لا يستحق، وأصبحت بلادنا في يوم وليلة لأناس غرباء قدموا من كل العالم ليدعوا أنها ارض أجدادهم، وأنهم الأحق في ملكيتها، كانت الناس وقتها تجهل حقيقة ما يحدث وكل همهم وقتها هو الحفاظ على المال والنفس العرض، هربوا بنسائهم خوف الاغتصاب لأنهم كانوا مستعدين للموت ولا أن يدنس شرفهم محتل غاصب، وهربوا بأولادهم حذر الموت لأنهم كانوا يحبون أولادهم لدرجة الضعف، هربوا بأموالهم ونسوا أنهم تركوا من هي أغلى من كل كنوز الدنيا تركوا الأرض والإرث والتاريخ.

ويتذكر أبو وليد تلك الأيام وهو يقلب في أوراق ” الطابو” الخاصة بملكيته للأراضي في قريته الأصلية بالقول: أنا واحد ممن هاجر من هناك، بعد ما سمعنا عن سكان القرى المجاورة قد تركوا بيوتهم وخرجوا إلى الساحل، كانت أنباء مجزرة دير ياسين حاضرة في كل المجالس والأحاديث، خوفا من مجازر أخرى وإشاعة بان اليهود لم يدخلوا قرية أو مدينة إلا وعاثوا فيها فسادا، هاجرت وعائلتي الكبيرة من قريتنا وتبعنا الناس إلى حيث لا ندري، كان صوت الطائرات كفيلا أن يدب الرعب في قلوب الجميع كبارا وصغارا ويزيد من سرعه الخطى أثناء المشي مبتعدين في كل خطوة عن أرضنا.

وعن تلك الأيام يقول أبو وليد: كانت أياما صعبة لا ندري انحن مقيمين هنا لنستقر ونبني بيوتا جيده أم أنها مجرد أيام وشهور وسنعود إلى بلدنا، حالة من الضياع لم تمكننا من التأقلم السريع مع المجتمع، وبعدما كنا نملك أرضا وبيتا ونزرع ونحصد نحن اليوم في خيمة صغيرة ننام مع أبي وأمي وبعض أعمامي في نفس المكان، و لك أن تتخيل حياة فلاح وكيف تكون علاقته بالأرض بعيدا عنها ومع السنوات يتعمق في داخله شعور أنها انتزعت منه وانه لن يعود إليها.

وعن أحلامه يقول بنبرة الحزن : كل شيء حولنا يوحي بأنه لا عودة قريبة، لكني أؤمن أن هذا الشعور لو سيطر علينا فسنكون ساعتها قد هزمنا بالفعل، لا بد أن نبقى على أمل ولا بد أن يعيش في قلوبنا فكل ما احلم به أن أعود إلى ” حتا ” مقيما دائما، صاحب ارض وبيت، أن ادفن في ذلك لتراب الذي افتقده طوال سنوات عمري، ربما هذا هو حلمي الأخير.
“حتما سنعود” عبارة حفظها الفلسطينيون عن ظهر قلب، أيقنوا أن طيورهم سترجع يوما إلى أعشاشها، وستحلق في أفاق سماءهم وعلى شواطئ بحرهم ستلتقي أمالهم، حتما سنعود رددوها بإيمان لان الحلم لا بد أن يتحقق ذات يوم.

رهام
05-15-2013, 07:43 PM
ماتَ الأجدد في غصتهم

ولازالَ الأحفاد ..يحلمون بالعوده

نعم ستتحقق يوماً ما بإذن الرحمن

وهناكَ من ترك في التاريخ بصماتَ عزٍّ ......كما تركَ آخرون بصماتَ خذلان وعار



القدير بوغالب

سلمت يمينك

تقديري

رهام

بوغالب
05-16-2013, 06:09 PM
http://www.bascota.com/up/uploads/13535845113.gif

العنودالشمريه
05-19-2013, 04:33 PM
شكرا لطرحك
وتسلم يمينك
كن بخير