المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور الأديب منصور الحازمي


سمر محمد
03-02-2010, 11:30 AM
ولد بمكة المكرمة سنة 1935 وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارسها. ثم ابتعث إلى القاهرة سنة 1954 والتحق بقسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب ـ جامعة القاهرة وحصل على ليسانسها سنة 1958، وعمل إثر تخرجه عاماً واحداً بالمدرسة الثانوية النموذجية بمدينة الملك سعود بجدة ثم انتقل إلى الرياض ليعمل معيداً بكلية الآداب ـ جامعة الملك سعود.
- ابتعث في عام 1959 إلى لندن، والتحق بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، وحصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة لندن سنة 1966 وكان عنوان أطروحته للدكتوراه «الرواية التاريخية في الأدب العربي الحديث».
وبعد عودته إلى السعودية، عين مدرساً بقسم اللغة العربية ـ كلية الآداب، بجامعة الملك سعود، سنة 1966 وتدرج في الترقيات العلمية فحصل على مرتبة أستاذ مساعد سنة 1969 ثم على مرتبة أستاذ مشارك سنة 1974 وأخيراً على مرتبة أستاذ سنة 1978.
وعين عميداً لكلية الآداب، فرئيساً لقسم اللغة العربية وآدابها، ثم عين بعد ذلك عميداً لمركز الدراسات الجامعية للبنات، ثم انتخب مرة أخرى رئيساً لقسم اللغة العربية، وعين عضواً بمجلس الشورى عام 1997.
- أسس مجلة كلية الآداب بجامعة الملك سعود، ورأس تحريرها من سنة 1970 إلى 1972، ثم في فترات متفرقة حتى عام 1981. وهو عضو في هيئة تحرير مجلة «الدارة»، وعضو في اللجنة العليا لجائزة الدولة التقديرية في الأدب، وانتخب عدة سنوات عضواً بلجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي. كما عمل عضواً في اللجنة العليا للتخطيط الشامل للثقافة العربية التابعة لجامعة الدول العربية، وحصل على الميدالية الذهبية الكبرى على عمله بهذه اللجنة من المنظمة، وعضو النادي الأدبي بالرياض، ومثل بلاده في عدة مؤتمرات محلية وعربية وعالمية منها: مؤتمر مستقبل الآداب والعلوم ـ الجامعة الاميركية، بيروت عام 1974، ومؤتمر المستشرقين في باريس عام 1973، والمؤتمر العالمي للمكتبات، سيئول، كوريا الجنوبية 1976، ومؤتمر الوجود العربي الإسلامي في ثقافة الغرب، بالرمو، إيطاليا 1979، ومؤتمر الحضارة الإسلامية واليابان، طوكيو 1980، ومؤتمر رابطة العالم، سيئول، كوريا الجنوبية 1988.
- ميدالية الاستحقاق من الدرجة الأولى، بأمر من خادم الحرمين الشريفين 1982.
- الميدالية الذهبية الكبرى (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) ـ جامعة الدول العربية 1987.
- وسام تكريم من مجلس التعاون لدول الخليج العربي 1989.
- جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي 2001.

من مؤلفاته وأبحاثه :

الرواية التاريخية في الأدب العربي الحديث، وفن القصة في الأدب السعودي، وأشواق وحكايات (ديوان شعر)، ومواقف نقدية، وسالف الأوان، والوهم ومحاور الرؤيا ـ دراسات في أدبنا الحديث، وتطور الرواية التاريخية في الأدب العربي الحديث، والمحاولات الأولى لنقد القصة في الأدب العربي الحديث، وتقرير أولي عن وادي الآب، ومشكلة الأقلية في الرواية التاريخية، وشوقي في محاولاته القصصية، ورحلات العرب إلى جزيرة العرب، وأدبنا في آثار الدارسين، ومختارات من الشعر العربي الحديث في الخليج والجزيرة العربية.

سمر محمد
04-05-2010, 05:27 PM
لقد وجدت أن الوقوف على «أطلال قديمة» خيرٌ وربما أصحّ من الوقوف على «أطلالي القديمة»، فنسبة الأطلال إلى الذات قد تعني السكون والفناء، وهأنذا حي مثلكم أتحدث إليكم وتستمعون إليّ. وأذكر أنني استخدمت كلمة «أطلال» عنواناً لقصيدة سميتها «على أطلال كلية الآداب» سنة 1396هـ/1976م، أرثي فيها كليتنا العتيقة وما أصابها في زمن الطفرة من ضعف وترهّل، أقول في مطلعها:
قف بالدّيار على كلية القلَم
...................واسْكبْ لديها دموع الحزْن والألَمِ
عفَّتْ معالمُها لولا شويْهدُهَا
...................على الجدار وغيرُ الهيكلِ الهَرِمِ
يمضى بها الليلُ وهي الروح هائمةٌ
..................تصارعُ الموتَ لم تهجعْ ولم تنمِ

وكانت كلية الآداب لا تزال آنذاك في مبناها القديم بحي الملز، قبل أن تنقلها الطفرة إلى مقرها الأنيق المترف الجديد بطريق الدرعية.ولكن الإحساس بالزمن أمر طبيعي في الإنسان قد يبدأ مبكراً وقد يتأخر، وهو الغالب، إلى سن الكهولة أو الشيخوخة، أي سن التقاعد.وإحساسي بالزمن قد بدأ للأسف منذ زمن بعيد، ولكنه ازداد حدة في مناسبتين، الأولى حين أشرفت على الستين وطلبت التمديد أسوة بزملائي الآخرين في الجامعة، والثانية حين شرفت بالحصول على جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي.لقد تحمس أخي العزيز وتلميذي البار الدكتور فهد العرابي الحارثي وكتب عني وعن قضية التمديد مقالتين مثيرتين في مجلته المتألقة آنذاك «اليمامة» فازدحم هاتف منزلي في تلك الأيام، وقبل اختراع الجوال، بجميع أنواع المكالمات: المستفسرة والمواسية والغاضبة والمحوقلة. وتفرغت للرد والصد والشد، واعتذر أكثرهم عن إزعاجي وتعكير مزاجي، وأنا أخلد، كما يظنون، بعد أن اعتزلت العمل وفارقت الناس، إلى الراحة والسكون. ولم تُجْد تأكيداتي بأنني لا أزال، والحمد لله، على رأس العمل، وأنني بفضل الله مكتمل العقل، صحيح البدن.وظننت أن الأمر قد انتهى عند القضية الأولى، والمقالتين «العُرابيّتينْ»، ولكن خاب ظني للأسف، في تردّي الحال وتقلّب الزمان.فإذا الأعراب يكثرون وإذا الزمان أبهى وأجمل. فكثرت الكتابات عن «القضية»، وتكشّفت معادن الرجال، وتألقت المروءات دفاعاً عن الضحايا، ماذا نفعل بهم؟ كيف ننقذهم؟ هذه الثروة البشرية كيف ننتشلها ونستفيد منها؟ نمدّد لهم إلى السبعين، إلى الثمانين، إلى التسعين، ولكن هذا كثير.ومن قال إنهم سيعمرون؟ ومن قال إنهم يرغبون؟ لماذا بالله لا يستريحون ويريحون؟ وقال مدير مركز المسنين: بل نحن بحول الله نتولاهم، وسيجدون في المركز كلّ وسائل الراحة والعيش الكريم، وما يشبع هواياتهم العتيقة في البحث والمطالعة.كان ذلك عام 1413هـ/1993م، وقد تحدثت عنه في كتابي «سالف الأوان».أما قضية الزمن في جائزة الملك فيصل العالمية، فيتمثل في أن أكثر المهنئين لي بالحصول على هذه الجائزة هو سؤالهم الدائب عن اللياقة البدنية والحالة الصحية، وكأنني على وشك الدخول في حلبة مصارعة أو ملاكمة. وقال بعضهم بصراحة: لقد تأخرت هذه الجائزة كثيراً، وكان الأولى أن تأتيك في وقت مبكر. ولا أخفيكم أنني بدأت أشعر آنذاك بشيء من القلق.ولعل تلك الصورة الفوتوغرافية الهرمة الكئيبة التي بثتها المؤسسة على الصحف والمجلات هي السبب في ذلك التشاؤم. والناس يحرصون عادة على الصور، ومنهم من يحصن صورته ويحميها من تآكل الزمن. فلماذا لم أفعل أنا؟ ربما لأنني لم أكن متأكداً من الفوز، وإلا لأرسلت إليهم لوحة ملمعة. وقد تلقيت من إحدى تلميذاتي هذه التهنئة «المفكسة» التي تقول فيها بالحرف الواحد:«كدت أطير من الفرح حين رأيت صورتك في الصحيفة تنبئ عن حصولك على الجائزة كل ما بيدي أن أهديك إياه بهذه المناسبة دعوة في قيام الليل بأن يمتّعك الله بالصحة والعافية وأن يهبك الجنة».وقلت في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وإنا لله وإنا إليه راجعون. وقد انقلب الفرح إلى حزن ومأتم. ولكنني تذكرت ما قلته في صحيفة «الرياض» قبل إعلان أسماء الفائزين بشهرين أو ثلاثة أشهر. قلت إن هناك الكثيرين من أساتذة الجامعات الذين تقاعدوا منذ أمد طويل، ولا يزالون يؤلفون ويكتبون وتستقبل أعمالهم بكل حماسة وترحيب. وبعضهم حصل على أرقى الجوائز، ومنها جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي، وهو يتوكأ على عصا ولا يكاد يبصر من حوله. ومن هؤلاء الأساتذة الكبار: شوقي ضيف ويوسف خليف وناصر الدين الأسد وعبدالله الطيب وعز الدين إسماعيل. فأنا، إذن، من أصغرهم سناً. والحياة تبدأ، كما يقولون، في الستينيات. والأعمار بيد الله. وكلٌّ زائلٌ إلا وجهه. فما بال الناس لا يقرأون ولا يتأملون.ولعل هذا الإحساس بالزمن هو ما يغريني هذه الليلة بالهروب معكم إلى الزمن القديم حيث الطفولة الغضة المتفتحة وحيث الذكريات. ومن الملاحظ انتشار هذا النوع من الكتابات في العالم العربي في السنوات الأخيرة. السيرة الذاتية والمذكرات واليوميات، يكتبها الأدباء والصحفيون والزعماء، وكثير من الناس من كافة الطبقات والاتجاهات. ولم تكن مثل هذه الكتابات الذاتية معروفة في التراث العربي القديم على هذا النحو الواسع. ويبدو أننا قد تأثرنا في هذا الاتجاه أيضاً بالغرب الذي يعتبر الاعتراف أو البوح الذاتي جزءاً من الثقافة والعقيدة. ونحن على أي حال في زمن ديموقراطية الثقافة، فلماذا لا نكون ديموقراطيين، في هذا الجانب الذي لا يضرّ ولا يسيء إلى أحد؟!!.وكنت قد بدأت بمرحلة الطفولة في تلك المقالة الطويلة التي نشرتها لي صحيفة الرياض سنة 1399هـ/1979م بعنوان «الدحلة» وكانت في الأصل عرضاً نقديّاً لكتاب الأستاذ عاتق بن غيث البلادي «الأدب الشعبي في الحجاز» الذي صدر حديثاً في ذلك الوقت. ولكنني نسيت كتاب البلادي واستغرقت دون أن أشعر في كتابي أنا. ذلك لأن البلادي ذكرني بالطفولة والحياة الشعبية القديمة، فاستسلمت وعجزت عن المقاومة قلت:* . والبدو لا يطيقون العيش في حواري مكة الداخلية، ويفضلون الإقامة في أطرافها. لعلهم يحنون دوماً إلى الصحراء، ولم تنقطع بينهم وبينها صلات الرحم والقربى، ولم تغير المدينة شيئاً كثيراً من لغاتهم وعاداتهم وتقاليدهم.وتحدثت بعد ذلك عن البؤس الذي كانت تعيشه تلك الدحلة الفقيرة. فبيوتها لا تعدو العشش والصنادق والقيع، وسكانها من صغار العمّال والجمّالة. ومن الشخصيات الطريفة التي كانت تضمها الدحلة: سائق البريد الذي يعود من سفراته الطويلة بالجديد من الأخبار وغرائب الحكايات، و«شيخ السقاية» الذي يبسط نفوذه على جميع السقاة بحارتنا والحواري المجاورة، وتحتل حميره مناطق واسعة من الدحلة، ومغسّل الأموات، وهو رجل نشيط يشعّ النور من وجهه الأبيض، على جبينه سجدة كبيرة ويهابه الجميع. وكان يجمع، مع ذلك، بين غسيل الأموات والطبيخ، وقد اشتهر بطهي السليق على نحو خاص. ومن شخصيات الدحلة أيضاً «سواق» ابن سليمان، وهو شاب أسمر اللون، رشيق القوام، متألق في ملبسه، تفوح العطور من ثيابه كلما مشى مختالاً في الحارة. ومن أعلام الدحلة «أم علي»، جدتي، وهي بدوية صميمة من حَجُرْ، قرب رابغ. لم تفقدها الإقامة في مكة طباعها وشخصيتها والحنين إلى ديارها. كانت تلبس. مشلحاً رجاليّا خشناً من الصوف الأسود، و«مركوباً»، حذاءً، رجاليّاً، وتبرز للرجال ملثمة، تحدثهم ويتحدثون إليها. ولم يكونوا يبرمون أمراً مهمّاً في الدحلة إلا بعد مشورتها.لقد كانت الدحلة القديمة تعيش على الجمَّالة وقوافل الحجاج، ويعمل بعض شبابها في قصور ابن سليمان المجاورة لهم. كانت الكهرباء تنبعث من وراء تلك النوافذ الباذخة، وبيوت الدحلة تضيئها الفوانيس الصفراء، وتغرق أزقتها في ظلام دامس. لقد كان الليل مخيفاً، وأشباحه تقض مضاجع الأطفال، الدنجيرة وهول الليل والغول والسعلاة. ألف الجن سكان الدحلة وألفوهم. ولكن حارتنا أصابها بعض التحول في أواخر الحرب العالمية الثانية، حينما بدأت تدب السيارات في أنحائها، وبدا المذياع و«البيك آب» «الشِّنَط» تنشر الأغاني العربية خفية في بعض البيوت.لقد جعلت «أم علي» تجسيداً أو رمزاً لشخصية «الدحلة». فعندما بدأ التغيّر يدبّ في أوصال «الدحلة» تدريجياً، انسحبت أم علي منها وغادرتها إلى حي آخر، حيث يسكن ذووها في «ريع الرسّان»، ولقد صورت هذا التغير أو الانسحاب على هذا النحو «بدأ الجمّالة في الانسحاب من الدحلة. تناقصت أعدادهم تدريجياً، وفقدت حارتنا موقعها الاستراتيجي. واكتأبت أم علي لهذا التغير المفاجئ، فقد كانت تؤجر أحوشة بيتها للجمّالة، ولعنت السيارات التي حرمتها من ذلك المورد الثابت. وعندما انتقلت أسرتي إلى «ريع الرسان» أثناء حرب فلسطين، رفضت أم علي الانتقال معنا. لقد كنا في حيّنا الجديد أقرب إلى أحياء «أهل البلد»: حارة الباب، والشبيكة، والشامية، وجدتي لا تحب «الحِضْران» (الحضر)، ولا تطيق العيش في الحجرات المغلقة. لم تأكل في حياتها «الصلصل» (الصلصة) ولا السمن الصناعي (سمن فقيه) ولا «الطميس» (التميس) وكان أكبر همها «المعاميل» (أدوات صنع القهوة) والعناية بدجاجها وأغنامها. ظلت وحيدة في الدحلة لا يؤنسها سوى جارية لها، فلما بيعت حزنت عليها حزناً شديداً.وفي صباح يوم من أيام 1377هـ/1957م افتقد أهل الدحلة جارتهم «أم علي». رأوها قبل بضعة أيام تغلق بابها في صمت، وتدبّ في وهن موليّة ظهرها دحلتهم. لا بد أنها ذاهبة إلى ذويها في ريع الرسان. سرعان ما تعود. ولكنها لم تعد إليهم أبداً لقد كانت حتى آخر لحظة من حياتها أعرابية صميمة، ترفض القيود وتحنّ إلى الحرية. قالت وهي تجود بأنفاسها الأخيرة: أخرجوني من هذه الغرفة، احملوني إلى «الخارجة»، أريد أن أرى ربيّ. وماتت قريرة العين تحت قبة السماء.لم تقم للدحلة قائمة بعد موتها. تغيرت معالمها وتفرق أبناؤها وربما غُيّر اسمها كما غُيّر اسم «أم الدود» إلى «أم الجود». من يدري؟!.. «انظر للباحث كتابه: في البحث عن الواقع، ص153 165».لقد صادفت مقالتي القصصية عن «الدحلة» هوى عند الكثيرين. ولم أتوقع حين كتابتها أن تحظى بكل ذلك الإعجاب والتقريظ. وحثني بعضهم على مواصلة الكتابة، وتحويل «الدحلة» إما إلى سيرة ذاتية أو مشروع روائي كبير. وقد دهشت حين تبينت أن «سائق البريد» قد عرفه أيضاً الأستاذ عبدالعزيز الربيع، رحمه الله، في المدينة المنورة، وقد أورد عنه بعض الأخبار و الأشعار في كتابه الرائع «ذكريات طفل وديع». يقول عن سائق البريد عبادي وهذا اسمه الحقيقي : «.. وأما عبادي فهو نجم البريد اللامع الذي يعجب الناس بطريقته في سوق سيارة البريد أو سيارة الشركة. وسيارة البريد هي إحدى سيارات الشركة. وقد وصل به الأمر أن يكون حديث الناس حتى في مجال الشعر:وعبادي قد كان فينا أميراًانزلوا اركبوا وكنّا جنوداً«ذكريات طفل وديع، منشورات نادي المدينة المنورة الأدبي ط2، ص157 158».
* نص المحاضرة التي ألقيت في النادي الأدبي بالرياض مساء يوم الثلاثاء الموافق 26/7/1424هـ

سمر محمد
04-05-2010, 05:33 PM
قراءة في كتاب سالف الأوان للدكتور منصور الحازمي
د, محمد صالح الشنطي

في كتاب سالف الأوان يبرز الدكتور منصور الحازمي ملامح منهجه النقدي خصوصا في مجال السرد، ولعل أول ما يطالعنا في هذا المنهج، رصده العلاقة بين التحول الاجتماعي وفنون السرد، وهذا ما يتضح في عنوان المقالة الأولى من الفصل الأول بعض مظاهر التحول الاجتماعي في القصة السعودية القصيرة ، إذ تتبدى بعض ملامح المنهج التاريخي من خلال عقد الأواصر بين الحدث التاريخي وتطور الفن، وهو لا يتحدث عن الوقائع والأحداث بوصفها متغيرات سياسية فحسب بل ينظر اليها في اطار ما أحدثته من تحولات حضارية طالت مختلف جوانب الحياة، ويتتبع هذه التحولات في قراءته لأعمال ثلاثة من كتاب القصة القصيرة، السباعي الواقعي في سرده للأحداث الذي هو أقرب الى شخصية المؤرخ لحقبة طفولته منه الى الفنان القادر على استلهام تلك الحقبة ونقلها من واقعها التاريخي الى واقعها الجمالي، انه يستعيد عبر الذاكرة المكان والزمان بحميمية تكسب القصة نكهة لها خصوصيتها.
واذا كان استاذنا الحازمي حريصا على كشف الملامح المحلية وما تفضي به من روح خاصة فإنه لشديد الحرص على ربطها بسياقها العربي، إذ نجده يشير الى أعمال نجيب محفوظ والطيب صالح باعتبار أعمالهما تجعل التحول الاجتماعي من أهم موضوعاتها، ويرى ان هذا التحول في المجتمع السعودي أسرع، لذا اختلفت المعالجة في قصص الجيل الثاني فمثلا في ابراهيم الناصر، ويحرص الناقد على موازاة التطور الفني بالتطور الاجتماعي، فيرى أن الجيل الثالث من كتاب القصة القصيرة في المملكة شأنه في ذلك شأن نظرائه في العالم العربي حتم بغربة الانسان في المدنية لافي جانبها الاجتماعي، بل في جانبيها الفكري والعاطفي، وذلك فيما كتبوه من قصص بعد نكسة حزيران 1967م، فقد كانت عنايته منصبة على اللحظات الشعورية والمواقف النفسية، وعمد الى تحليل الغربة في قصص محمد علوان بوصفه ممثلا للجيل الثالث من كتاب القصص القصيرة في المملكة، وتحدث عن تمرد المثقف، وعن التناقض بينه وبين أهل قريته الذين لم يفهموا لغته المترفعة ويقارن رؤية محمد علوان بوصفه مثقفا يواجه وسطه المتخلف ورؤية يحيى حقي في قنديل أم هاشم حيث حسم الصراع، ويتساءل لماذا لم يفعل علوان كما فعل؟، ثم يتحدث عن هذه الظاهرة عند المشري مشيرا الى بعض الملامح الوجودية في نتاج هذا الجيل الذي يعبر عن الغربة بوصفها مرض الانسانية في هذا العصر مستشهدا بنجيب محفوظ الذي انتقل من الواقعية الى الواقعية الوجودية في أعماله السردية مؤكدا على العلاقة بين القصة القصيرة المحلية والنماذج العربية والغربية مختصرا لقصة الجيل الجديد التي فرضت شخصيتها كفن أقوى متميز تختلط فيه الرمزية بتيار الوعي بالسريالية وغير المعقول.
واذا كان الدكتور الحازمي لم يعن كثيرا بالجانب الفني في موضوعه الأول الذي فرض عنوانه مقاربة الموضوع أكثر من مقاربة التشكيل الجمالي، غير ان هذا المنهج امتد في معالجاته النقدية الأخرى وان بدا أكثر اهتماما بملاحظة بعض المسائل التكتيكية كتوظيف القصص الديني والأسلوب التراثي في السرد القصصي، وبالمقارنة بين توظيف الحكيم للرمز في أهل الكهف وتوظيف باخشوين له في الغبار وحديثه عن العالم السريالي العجيب وتغييب العلاقات المنطقية بين جزئيات بين المشهد وصوره المبعثرة لتحل محلها علاقات خاصة أقرب الى الشعر، ويعمد الناقد الى التماس مدخل لقراءة نصوص محمد علوان فيقرن بين المشهد الانساني والمشهد الطبيعي ويحلل النص القصصي ويضعه في سياق من شأنه استخلاص الانطباع الذي تفضي اليه القصة، ويلاحظ أن الدكتور الحازمي في قراءته لقصص الجيل الثالث يركز على الجماليات لأنه دون ذلك لا يمكن الوصول الى رؤية الكاتب في القصة، ويعمد الى رصد الظواهر اللغوية والجمالية: استخدام المفردات القروية المحلية، والمواءمة بين البيئة المادية والحالة النفسية، وأنسنة الأشياء، وتوظيف الأسطورة، والنهاية الدرامية.
ومن أبرزالعناصر المهمة في منهجه النقدي ربطه المستمر بين النص المحلي والعربي كلما وجد الى ذلك سبيلا، فهو في حديثه عن دراسة لمحمد علوان يتذكر طاهر لاشين، ليس هذا فحسب، بل انه يستحضر احدى قصص براندبللو من الأدب العالمي عند حديثه عن قصةالوانيت لمشري.
وهو يؤكد العلاقة بين الفن ومحيطه فيومئ الى ان نهاية قصة الضحك لعبد خال فيها ما يشير الى استحالة المواءمة بين المثقف ومحيطه الذي لا يفهمه، كما أنه يعمد الى ربط أعمال الكاتب الواحد، فقد أشار الى السياق الذي ينتظم قصتي الضحك والغبار لعبده خال اذ يرى ان قصة الجدار تشبه قصة الضحك الى حد كبير، فبطلها متوحد منعزل، في الأولى يذهب الى طبيب نفسي فيسخر منه وفي الثانية يذهب الى المشايخ المتخصصين في اخراج الجان من الأجساد العليلة فلا يجد ما يشفيه من مرضه العضال، في الأولى يتخفى في عباءة امه وفي الثانية يكسر الجدار الذي يحول بينه وبين المتوازن أو الاتصال.
والدكتور الحازمي مهموم بالربط بين الأعمال السردية في سياقها المحلي الخاص وسياقها العربي العام، فثمة ما يسميه الأدب الحاروي أي أدب الحارة الذي ارتاده أحمد السباعي التي صورها في ايامي وفي بعض أقاصيصه، وسار على دربه حامد دمنهوري وفؤاد عنقاوي وعبدالله جفري، ويعتبر الحنين الى الحارة حنيناً الى الطفولة، واذا كان أغلب هؤلاء قد اهتموا بالحارة المكية فإن نجوى هاشم قد اهتمت بالحارة الجيزانية، وتميزت بالتناول الأنثوي الذي كان حكرا على الرجال.
وقد ركز على هذا الجانب النسائي في حارة نجوى هاشم، ولكن اعجابه بخصوصية المعالجة وغوص صاحبتها الى المكامن النوعية لهذا الجانب لم يصرفه عن الجانب الفني, فأشار الى فقر السرد واقترابه من الكلام العادي بسبب الطابع الصحفي السريع الذي لا ينتج للكاتبة عمق النظرة وشفافية اللغة، وكذلك اغراق النص بمفردات اللهجة المحلية، فليس المهم نقل الواقع الحرفي بل الايحاء به.
وقد عمد الى اثارة قضية العلاقة بين الصحافة والأدب وكذلك قضية الواقع واللغة.
وكنت أتوقع أن يعرج الناقد على السياق العربي لأدب الحارة وخصوصا لدى نجيب محفوظ وبيان موقع النصوص القصصية التي عالجها من هذا السياق، كما عودنا أن يفعل في كثير من معالجاته النقدية، فهو يؤكد في حديثه عن الملتقى الأول للقصة القصيرة الذي عقدت بالكويت عام 1409ه ان ابداع القصة في الخليج جزء لا يتجزأ من الابداع في العالم العربي لأن الحكم على الانتاج الأدبي لهذه المنطقة لا يمكن ان يتم بمعزل عن النظرة الشمولية الواسعة للانتاج الأدبي في بقية الاقطار العربية،وهو يدعو الى كتابة تاريخ أدبي واحد لنشأة القصة وتطورها في منطقة الخليج.
وفي هذا الاطار تأتي مقالته عن علي أحمد باكثير وتحليله لتجربته ومحاولته تجاوز البعد الاقليمي الى البعد العربي الاسلامي، واستعادته لذكرياته في دراسة الرواية التاريخية، واستحضاره لرأي باكثير في التاريخ والأسطورة، وقد مزج في هذا المقال بين الذاتية والموضوعية، ومقارنته بين منهج الكتابة الأدبية التاريخية لدى أعلامها من الجيل الماضي، وكتاب الجيل المعاصرة فلم تعد الحقبة التاريخية هي الاساس في تصوير الأحداث والشخصيات حسب مفهوم لوكامن بل أصبح الزمن مفهوما نسبيا لا يضر تداخله مع الزمن الحاضر حيث الاهتمام بالغرائبية والناشازية والمواقف المجسدة للهموم الآنية، واستثمار طرائق السرد العربية القديمة، ويتحدث عن المصاعب التي يواجهها كاتب الرواية التاريخية فهو بين مهمتين:
البحث والابداع، كما يتحدث عما لحق بكتاب الرواية التاريخية من اهمال النقاد والباحثين, وهذه المقالة تنم عن إلمام بتاريخ هذا الفن عربيا وعالميا.
وعلى عكس ما هو مألوف لدى النقاد فإن أستاذنا الحازمي قد عمد الى الحديث عن النص الأردأ عند مجيد طوبيا شؤون عائلية فهو يصفها بأنها الأكثر بعدا عن هذا الفن المراوغ يقصد القصة القصيرة الذي يعتمد على بلاغة الاشارة وتكثيف الرؤية، وعزا ذلك الى استخدامه لقالب السيرة الذاتية التي أصابت هذه القصة بالتشتت، غير أنه يشير الى نماذج ذات قيمة أدبية في مجموعة طوبيا تصور مواقف انسانية مثل مفديله ، ولكنه يثني عليه لأنه من القلائل الذين استطاعوا أن يفتحوا صدورهم الحرجة للأمل الجديد الطفولة .
ومما يبين منهجه النقدي فيما يتعلق بنقد القصة القصيرة اهتمامه بالقاعدة النظرية التي ينطلق منها الناقد، لذا نراه يعرض لسيد حامد النساج في دارستين منشورتين له في هذا المجال، وقد تبنى في الأولى منهجا محايدا مكتظا بالثغرات والأخطاء العلمية، وناقشها بنفس الأسلوب الذي تناقش فيه رسائل الماجستير حيث انصبت ملاحظاته على المنهج مستهجنا مبالغة صاحب الكتاب في تأكيده للريادة في كتابه الموسوم تطور فن القصة القصيرة في مصر 19101933 ، وقد عرض للكتاب عرضا عاما مشيرا الى اضطراب التأليف في بعض الفصول، أما الكتاب الثاني فقراءته له انصبت على كونه تطبيقا للنقد الماركسي، وقد حكمتها مواقفه من هذا النقد اذ تتبع ملامحه في هذه الدراسة باحثا عن مرجعيتها ومصادرها ومواقفها من مختلف الاتجاهات التي درسها، فالمؤلف النساج منحاز للمنهج الاجتماعي المبني على الفكر الاشتراكي مما حدا به الى أن يحيد عن الموضوعية ويتعصب تعصباً أعمى.
وفي الجزء الخاص بالسيرة الذاتية ثمة ومضات نقدية مضيئة كقوله في معرض حديثه عن كتاب مقاتل من الصحراء للأمير خالد بن سلطان أن أهم ما يجذب القارىء الى السيرة الذاتية كشفها عن حقائق معينة لا نستطيع العثور عليها في مصادر أخرى، وفي هذا الكتاب مثل هذه الحقائق وأقترح أن تكون المقدمة أطول لتكشف عن تلك المصادر التي خاضت في مغالطات رد عليها الكاتب الأمير؛ ولم تكن مقاربة الدكتور الحازمي لهذه السيرة الذاتية مختصة بالمضمون فحسب، بل أشار الى ان المؤلف اتبع طريقة جميلة إذ لم يلجأ الى الطريقة التقليدية المألوفة في الالتزام بالتسلسل الزمني، بل قام باستخدام الطريقة الحديثة في تداخل الأزمني فكسر الحواجز بين الماضي الحاضر ومزج التجارب الشخصية مع التجارب التاريخية المعاصرة، وايقاف السرد عند نقطة معينة، ثم استئنافه في لحظة مناسبة، وهناك مزج دقيق بين الأنا والآخر وهذه ملاحظات فنية مهمة تميز فن السيرة الذاتية في لب لبابها عن فنون السرد الأخرى حيث تستأثر الشخصية الرئيسية باهتمام القارىء، والا كان الكتاب مجرد تاريخ كما يقول الدكتور الحازمي.
وفي حديثه عن الفتى مفتاح عمد الى تفسير بعض الظواهر الأسلوبية التي برزت في هذه السيرة كالاستشهاد الكثيف بالقرآن الكريم فعزا ذلك الى شخصية أبي مدين المحارب الشرس الذي خاض معارك كثيرة فكان مع الحق، فكان القرآن الكريم سلاحه للتدليل على صحة حجته وكذلك فإنه فسر إعجابه الشديد بالمتنبي وطه حسين بنزعته الى العناد والتحدي.
وناقش الدكتور الحازمي في هذه المقاربة قضية مهمة في كتابه السيرة الذاتية مستشهدا بجبرا ابراهيم جبرا الذي اكتفى بالكتابة عن مرحلة الطفولة، فعاد ليحياها مرة ثانية على الورق كما صرح في كتابه البئر الأولى في حين كانت سيرة عبدالفتاح أبي مدين طولية أفقية من هنا كان عليه أن يضغط المواقف والأحداث في حيز ضيق مهما ضاقت عنه، وقد تمددت سيرته في أعمال سابقة كتلك الأيام وهؤلاء عرفت فهي جميعا تكون سيرة واحدة، وكان بود الحازمي لو أن أبا مدين اقتصر على مرحلة الطفولة.
وكعادة الناقد فإنه يحرص على موضعة الفتى مفتاح في سياقها المحلي والعربي وأحيانا الغربي، فقارن بين الفتى مفتاح وبطلي أيامي وسقيفة الصفا ليوقري وبطلي طه حسين وجبرا ابراهيم جبرا، وبطل تشارلز ديكنز في روائية ديفيد كوبرفيلد .
وفي مقارنته لسيرة منصور الخريجي يشير الى مسألة مهمة وهي الفصل بين الجانب الوظيفي والجانب الشخصي في السيرة الذاتية، وأن الكاتب لم يستطع أن ينحي الوظيفة بشكل مطلق, ويشير الى ان السيرة التي تحاول استيعاب حيوات بكاملها، لا تستطيع بطبيعة الحال إلا أن تكون انتقائية الى حد كبير، ويوصي الى أن الكاتب اتبع طريقة التتابع الزمني وهي طريقة تقليدية، وأن اللافت للنظر أن المكان استحوذ على الانتباه الأمر الذي يقرّبه بين السيرة والمرحلة، ويشير الى ان الخريجي لا يعمد الى السرد التقريري المباشر بل يحاول أن يتذكر مواقف بعينها حيث ظلت الفريثين بكل كرومها وطيورها ومرابعها وكائناتها وطبيعتها وأناسها البؤرة التي ينجذب اليها الكاتب، وقد أشار الناقد الى تلك اللمحة الرومانسية التي أضفت على الجزء الخاص بمرحلة الشباب نفحة شاعرية لا تتوفر في بقية الأجزاء.

سمر محمد
04-05-2010, 05:34 PM
علي القحطاني

أقامت جمعية اللهجات والتراث الشعبي حفلها السنوي الثالث بتكريم الدكتور منصور الحازمي في القاعة الكبرى بجامعة الملك سعود مساء الأربعاء الماضي 10-3-1431الموافق 24-2-2010وبمناسبة إصدار سلسلتها العلمية الثالثة (مقاربات في اللغة والأدب) عن قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة الملك سعود بالرياض التي خصصت ملفاً عن شخصية المحتفى به تحت عنوان (دراسات في النقد مهداة إلى الأستاذ الدكتور منصور الحازمي) في البدء أثنى معالي الدكتور أحمد الضبيب على قسم اللغة العربية الذي كان مميزاً خلال مسيرته الأكاديمية واستمر هذا القسم في عطائه المتميز وكل من التحق به من أعضاء هيئة التدريس كان في مسيرته يمثل الجدية ويمثل الأكاديمية ويمثل الصرامة ولم يتنازل أبداً عن القيم العلمية والقدوة الصالحة وقال د. الضبيب: إننا نحن نفتخر بانتماءنا لهذا القسم ونحن نحتفي برائد من رواد القسم وهو الدكتور منصور الحازمي الشخصية المحببة لنا جميعاً وهو المربي المثقف الباحث نشهد له بكل خير وأشاد الدكتور أحمد بن خالد البدلي في كلمة مقتضبة بصديق العمر التي تمتد علاقته به إلى أكثر من سبعين عاما منذ عهد الصبا في إحدى حارات مكة ورأى الدكتور يحيي ابو الخير أن د. الحازمي يتحلى بالصفات الانسانية من نبل وخلق كريم وأضاف الدكتور صالح بن معيض الغامدي إلى كون شخصية المحتفى به يعد رائداً من رواد النقد والدراسات والأدب ولا يمكن لأي باحث أن يتجاوز دراساته واستفاضت د. حسناء القنيعير الحديث عن شخصية د. منصور الحازمي ورأت أنها استفادت من منهجه في مادة البحث العلمي وفي مداخلة للدكتور معجب الزهراني رأى أن الدكتور منصور الحازمي نجح في إدارة القسم بكثير من الحكمة والحب في فترة عصبية كان الصراع على أشده بين تياري الحداثة والقديم.
وكان قسم اللغة العربية العربية قد أعد ملفاً عن الدكتور منصور الحازمي في سلسلته الثالثة (مقاربات في اللغة والأدب) تحدث فيها الدكتور أحمد سليم غانم عن (الفارس والقناع في معرفة السخرية عند منصور الحازمي) من خلال خمس صور, الصورة الأولى في مقاربة – مفارقة ساخرة أخرى, في تناول الحازمي أحد مستجدات الحياة الأدبية والصورة الثانية حينما يخلط بين الضحك الهازل والسخرية التهكمية ولكنه في الحقيقة يهدف إلى معالجة موضوع هام يتعلق بالحياة الثقافية والصورة الثالثة تكمن في تشبيه موقف الحازمي بموقف (الفيلسوف الساخر) والصورة الرابعة حينما تعرض الحازمي لظاهرة اثارت انتباهه في دروب الحياة الأدبية عندما لاحظ أن (الخازندار قد أمات الشعر, كما أمات الغذامي قبله النقد الأدبي, وأمات صلاح فضل البلاغة العربية القديمة وأمات حمزة المزيني النحو العربي وأمات بعضهم المتلقي نفسه) ويعلق الدكتور الحازمي عليهم ساخرا بقوله: لقد تحول نقادنا إلى حفار قبور, (حانوتية) أو (شرشورة) والصورة الخامسة تتمثل في المقالات النقدية الساخرة التي حاول فيها عن طريق السخرية والتهكم أو الهزل الضاحك أن يبرز المساوئ والمثالب التي تحيط بالحياة الأدبية وكتب الدكتور مرزوق بن تنباك عن شخصية المحتفى به تحت عنوان (ابن عائج) وقال: د. منصور الحازمي أستاذ متميز ومؤلف أكاديمي بارز وشاعر مقل وباحث من النوع الأول في تصنيف الباحثين وناقد له رؤيته أو مدرسته النقدية التي تميز بها, وقام الدكتور عزت خطاب بتحليل قصيدة الدكتور منصور الحازمي بعنوان (ماجي) وقدّم الدكتور أحمد الضبيب قراءة في كتاب (الوهم ومحاور الرؤيا) لشخصية المحتفى به واحتوت (المقاربات ) أيضاً عن دراسات علمية للدكتور محمد بن عبدالرحمن الهدلق والدكتور محمد خير البقاعي والدكتور معجب الزهراني والأستاذ محمد القشعمي.
مصدر الخبر على جريدة الجزيرة

سمر محمد
04-05-2010, 05:38 PM
لقاء مع
الدكتور منصور الحازمي

للدكتور منصور الحازمي أستاذ الأدب بجامعة الملك سعود والحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية في مجال الأدب رؤية خصوصية في مسألة الحوار الوطني تتجلى في مطالبته الاستفادة من التجارب الحوارية في بلادنا من قبل ، وهو يؤكد على قيمة الحوار الوطني الذي يتمنى أن يتحول إلى صيغة تنفيذية ، ويشير إلى أننا في حاجة إلى تطوير تجربتنا الوطنية الحوارية .. وبين الدكتور الحازمي الذي شارك في اللقاء الوطني الثاني الذي عقد بمكة المكرمة أن المشاركين تحدثوا بحرية دون أية حساسية .. وفي لقاء خاص بالمركز أجاب الدكتور الحازمي عن هذه الأسئلة :

• في رأيك كيف ترى إلى أهداف الحوار الوطني ؟
- الهدف من الحوار كما يبدو من اللقاءات والنقاشات يتمثل في تعويد المواطنين على مسألة النقاش والحوار ، وطرح الأشياء والقضايا التي كانت تطرح في المجالس الخاصة وتحويلها إلى قضايا عامة . وتعويدهم على قول ما لم يكونوا قادرين على قوله من قبل بسبب حساسيته ، وقد رأينا في لقاء مكة المكرمة كيف تحدث المشاركون في كافة القضايا دون حساسية وبحرية شديدة .

• هل ترى أن فعالية الحوار في بلادنا تحتاج إلى تطوير ؟
- نريد أن نطور تجربتنا الحوارية ، كما طور الأوربيون تجربتهم ، ونطور الأشياء التي كانت لدينا قديما وحديثا وكانت أشياء بدائية كانتخاب شيخ الحارة ، وشيخ البلد، وشيخ الصاغة وما إلى ذلك ، وهذه الأشياء البدائية كانت لدى الأوربيين ، وليس بالضرورة أن نلجأ لما هو غربي في مفهوم الديمقراطية ، فالديمقراطية ليست منزلة من السماء ، بل إن تطبيقها يتم فقط لدى الأوروبيين أو الأمريكيين ، هي ديمقراطية الرجل الأبيض التي لا تطبق أبدا على الشعوب الأخرى .

• كلمة أخيرة تقولها عن حوارنا الوطني ؟؟
- واجبنا أن نتطور وأن نتغير على جميع المستويات لكي يكون لنا مكان بين الأمم الأخرى .