سعدمحمد
05-25-2013, 06:10 AM
الحب بلا غيرة.. حب كذاب
لا شك أن كل حب بلا غيرة إنما هو حب كذاب وزائف و(سمج)، غير أن كثرة الغيرة مثلما يقال هي (إضجار) وقلتها (اغترار)، وقد جسد أحد الشعراء ذلك في بيت بليغ عندما قال:
أغار على نفسي لها وتغار لي
على نفسها إن الهوى لعجيب(!!)
وفي تاريخنا القديم أخبار كثيرة في هذا المضمار العاطفي المشبوب، منها على سبيل المثال أن عبد الله بن أبي بكر الصديق، هام عشقا وغيرة على زوجته عاتكة بنت زيد، وعندما كان على فراش الموت يحتضر أوصى لها بحديقة من ماله إضافة إلى نصيبها من الإرث على أن تعده بعدم الزواج من بعده، ووعدته خيرا بذلك، فمات وهو قرير العين مرتاحا، وبكته ورثته بشعر جميل ليس هذا مجاله.
غير أنها مع الوقت (لعب الفار في عبها)، فاستفتت قلبها، الذي قال لها (الحي أبقى من الميت)، ولكي تتحلل من وعدها أرجعت الحديقة التي أعطاها لها إلى أهله، وتقديرا لموقفها ذاك منحها زوجها الجديد الثري بدلا من الحديقة الواحدة ثلاث حدائق، وعاشت معه في نغنغة.
وهذه نائلة زوجة الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، التي كانت تحبه وكان يحبها ويغار عليها، فلما قتل تهافت كثير من الخطاب عليها، فسألت من تثق بهم: «ماذا يعجب الرجال بي؟!»، فقيل لها: «ثناياك» - وهي بالفعل كانت حسنة البسم - فقالت قولتها الشهيرة: «إني رأيت الحزن يبلى مثلما يبلى الثوب»، ولكي لا تضعف مثلما ضعفت عاتكة، أخذت حجرا وهشمت مقدم أسنانها، وبعد أن تشوهت وأصبحت (ثرماء) انفض الخطاب بالطبع من حولها - خصوصا أنه في ذلك الوقت لم تكن هناك أسنان تركيبة - وعاشت بقية حياتها وحيدة إلى أن أبلاها الزمن.
أما ألطف موقف فهو ما حصل من امرأة عاشقة وغيارة على زوجها إلى درجة لا تصدق، كانت تعيش معه في الكوفة، وله مزارع في البصرة، وبين الحين والآخر كان يذهب إلى هناك لتفقد مزارعه، واقترن هناك بزوجة أخرى في السر، ومع الأيام اكتشفت زوجته ذلك، وعندما عزم الذهاب إلى البصرة تفتقت قريحة زوجته الغيارة عن حيلة شيطانية لكي تكون هي الوحيدة المستأثرة بحياته. فاحتالت واخترعت (إشاعة خبيثة)، أوصلت بها خبرا بطريقة غير مباشرة من آخرين يؤكدون له أن زوجته البصرية قد ماتت، فارتج عليه وقرر الذهاب إلى هناك، ليقدم العزاء لأهلها.
فتعلقت زوجته الكوفية برقبته وهي تبكي وتذرف دموع التماسيح قائلة له: «إنني علمت أنك متزوج هناك لهذا أنت تكثر من التردد على البصرة (يا بعد عمري)»، فنفى ذلك جملة وتفصيلا، فقالت له وهي تغنج: «إذا كنت صادقا فلتحلف لي بطلاق كل زوجة لك بالبصرة»، فنفذ لها الرجل ما طلبت، فلا ضرر من ذلك بالنسبة له ما دامت امرأته التي في البصرة قد ماتت. وما إن وصل إلى البصرة لتعزية أهلها حتى عرف أنها ما زالت حية ترزق، وما زالت بكامل لياقتها الجسدية والمعنوية، فتأكد من (المقلب) الذي أكله.
فاستفتى أحد المشايخ في ذلك، فأفتى له بأن طلاقه منها يعتبر طلقة واحدة، ويحق له إذا أراد إرجاعها إلى عصمته، وهذا ما كان.
وعاد للكوفة غاضبا، وعندما استقبلته زوجته (بالزغاريد) ما كان منه إلا أن يلقي عليها الطلاق (بالثلاث الحارمات)، فتحولت زغاريدها إلى نواحات.
وهذا هو سبب ما يطلق عليه غيرة (الإضجار المميت).. أبعدني الله أنا وحدي عنه.
منقول للفائده
لا شك أن كل حب بلا غيرة إنما هو حب كذاب وزائف و(سمج)، غير أن كثرة الغيرة مثلما يقال هي (إضجار) وقلتها (اغترار)، وقد جسد أحد الشعراء ذلك في بيت بليغ عندما قال:
أغار على نفسي لها وتغار لي
على نفسها إن الهوى لعجيب(!!)
وفي تاريخنا القديم أخبار كثيرة في هذا المضمار العاطفي المشبوب، منها على سبيل المثال أن عبد الله بن أبي بكر الصديق، هام عشقا وغيرة على زوجته عاتكة بنت زيد، وعندما كان على فراش الموت يحتضر أوصى لها بحديقة من ماله إضافة إلى نصيبها من الإرث على أن تعده بعدم الزواج من بعده، ووعدته خيرا بذلك، فمات وهو قرير العين مرتاحا، وبكته ورثته بشعر جميل ليس هذا مجاله.
غير أنها مع الوقت (لعب الفار في عبها)، فاستفتت قلبها، الذي قال لها (الحي أبقى من الميت)، ولكي تتحلل من وعدها أرجعت الحديقة التي أعطاها لها إلى أهله، وتقديرا لموقفها ذاك منحها زوجها الجديد الثري بدلا من الحديقة الواحدة ثلاث حدائق، وعاشت معه في نغنغة.
وهذه نائلة زوجة الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، التي كانت تحبه وكان يحبها ويغار عليها، فلما قتل تهافت كثير من الخطاب عليها، فسألت من تثق بهم: «ماذا يعجب الرجال بي؟!»، فقيل لها: «ثناياك» - وهي بالفعل كانت حسنة البسم - فقالت قولتها الشهيرة: «إني رأيت الحزن يبلى مثلما يبلى الثوب»، ولكي لا تضعف مثلما ضعفت عاتكة، أخذت حجرا وهشمت مقدم أسنانها، وبعد أن تشوهت وأصبحت (ثرماء) انفض الخطاب بالطبع من حولها - خصوصا أنه في ذلك الوقت لم تكن هناك أسنان تركيبة - وعاشت بقية حياتها وحيدة إلى أن أبلاها الزمن.
أما ألطف موقف فهو ما حصل من امرأة عاشقة وغيارة على زوجها إلى درجة لا تصدق، كانت تعيش معه في الكوفة، وله مزارع في البصرة، وبين الحين والآخر كان يذهب إلى هناك لتفقد مزارعه، واقترن هناك بزوجة أخرى في السر، ومع الأيام اكتشفت زوجته ذلك، وعندما عزم الذهاب إلى البصرة تفتقت قريحة زوجته الغيارة عن حيلة شيطانية لكي تكون هي الوحيدة المستأثرة بحياته. فاحتالت واخترعت (إشاعة خبيثة)، أوصلت بها خبرا بطريقة غير مباشرة من آخرين يؤكدون له أن زوجته البصرية قد ماتت، فارتج عليه وقرر الذهاب إلى هناك، ليقدم العزاء لأهلها.
فتعلقت زوجته الكوفية برقبته وهي تبكي وتذرف دموع التماسيح قائلة له: «إنني علمت أنك متزوج هناك لهذا أنت تكثر من التردد على البصرة (يا بعد عمري)»، فنفى ذلك جملة وتفصيلا، فقالت له وهي تغنج: «إذا كنت صادقا فلتحلف لي بطلاق كل زوجة لك بالبصرة»، فنفذ لها الرجل ما طلبت، فلا ضرر من ذلك بالنسبة له ما دامت امرأته التي في البصرة قد ماتت. وما إن وصل إلى البصرة لتعزية أهلها حتى عرف أنها ما زالت حية ترزق، وما زالت بكامل لياقتها الجسدية والمعنوية، فتأكد من (المقلب) الذي أكله.
فاستفتى أحد المشايخ في ذلك، فأفتى له بأن طلاقه منها يعتبر طلقة واحدة، ويحق له إذا أراد إرجاعها إلى عصمته، وهذا ما كان.
وعاد للكوفة غاضبا، وعندما استقبلته زوجته (بالزغاريد) ما كان منه إلا أن يلقي عليها الطلاق (بالثلاث الحارمات)، فتحولت زغاريدها إلى نواحات.
وهذا هو سبب ما يطلق عليه غيرة (الإضجار المميت).. أبعدني الله أنا وحدي عنه.
منقول للفائده