النوبانـــي
05-28-2013, 12:19 AM
في المرآة
توقف الباص .. صَعَدَ بخطىً متأنية .. أهو التثاقل ؟! أم التكبّر ؟!
لمحته بطرف عيني ثم أنكصت ..
وضع الأجرة واستدار .. مرّ بجانبي وجلس في المقعدِ خَلفي ..
لا أدري لِمَ أثار فضولي ؟! وقع نظري على مرآة السائق فرأيتُ وجهه في المرآة ..
سحبتُ نظرتي بسرعة .. حياءاً .. لا أدري .. رُبّما خوفاً ؟ لا أدري .. أم لأن نظراتنا تلاقت معاَ ..
هل أثار فضولي ؟ لا أدري .. رُبّما لأني لَم أُمعِنَ في صورة وجهه ؟ رُبّما .. وربّما .. لا أدري ..
إختلست نظرةً الى المرآة فوجدتُه لا زال يُمعِن النظر فيّ ..
سحبتُ نظرتي بسرعة وأعدتها الى قلبي الذي تزايدت نبضاته .. شعرتُ بحرارةٍ تجتاحُني .. ورُبّما بُرودةٍ في أطرافِ أصابعي ..
لا أدري ما حلّ بي .. شعرتُ بالهواءِ المندفع من النافذة يسحبُ أطرافَ شَعري ..
إختلستُ نظرةً الى المِرآة فوجدتُهُ لا زال يُمعِن النظرَ فيّ ويتركَ خصلات شَعري تُداعِبُ وجهَه ..
أطَلتَ النظرةَ هذهِ المَرّة ..
سُمرَةٌ مختلطةٌ بشُحوب .. وتقاطيعُ وجهِهِ تَحمِلُ جبالاً من الهُموم ..
أينظر إليّ ؟ أم ينظر الى المرآة ..
سأختبره بابتسامةٍ خفيفةٍ أكادُ أظهِرُها ...
أتبَسّمَ لي ؟ لا أدري ..
لا .. رُبّما تبسّمَ ولم أرَ بَسمَتَه .. هل تُراه يفكّر بي ؟ رُبّما .. ولِمَ لا ؟
لو لَم يَكن مُهتماً ما تركَ خصلات شعري تستمرُ بمداعبةِ وجهِهِ ...
أأنظرُ إليه ؟ هل هُو الفُضول ؟ أمِ الشّوق ؟
الشّوق .. كلا .. ولِمَ لا .. سأختلسُ نظرةً أسبرُ فيها أعماقَه ..
يا إلهي أينَ اختفى ؟ لم يتوقفِ الباص .. أتراهُ تركَ المِقعد .. ولماذا يُغّيرُ مِقعدَه ؟!
أُصارعُ نفسي .. أريدُ أن ألتفتَ الى الخلف .. جبانٌ .. ضعيفٌ .. نظرتُ للمرآة .. الحمد لله .. ما زالَ في مِقعده ..
ولكن كيفَ اختفى ؟ ولماذا ؟ لا يَهُم .. المُهِم أنّهُ مَوجود ..
أهي حُمرَة على شفتيه .. رُبّما لم ألحَظها سابقاً .. رُبّما ...
توقف الباص .. فإذا به يَمُرُ مِن جانبي .. إندفعتُ وراءَه .. لا أدري لماذا .. قلبي نَهضَ فنهضت ..
نزل الى الرصيف ووقفتُ بجانبه .. نظرتُ اليه وتبسّمتُ .. كأنه لا يَعرفني !!
مرحباً .. أهلاً .. ردّ بصوتٍ خافتٍ ..
أنا التي كنتُ جالسة أمامك ..
لم يُثرهُ كلامي .. قلتُ وأنا مُبتسِمة : أنا التي كان شَعري يَتطايرُ على وجهِكَ ..
أنا لا أعرِفُكِ .. لَم أرَكِ مِن قبل .. أنا أفكرُ بزوجَتي .. وأطفالي الصّغار .. لا أدري ماذا سَيَحِلّ بهم ..
فجأة غَطّى فمهُ بمنديلٍ كان في يدهِ وانحنى للأسفل .. مَسَحَ شِفاهَه بالمنديل ..
لَم يَختَفِ في الباص .. إنحنى خلفَ الكرسيّ إذن .. وهذهِ الحُمرَة على شفتيه دَمَـاً ..
يا إلهي .. فجأة إنتبهت للشاخصة التي نقفُ أمامها .. مستشفى ..
يَقعُ أمامي فحاولتُ مساعدته .. صرختُ .. وصرخت ..
أسيرُ بجانبه وهو على الحَمّالة .. نظراتي لا تُفارقُ وجهَه .. يَكادُ يفتح عينيه .. حباتُ العرقِ تنحدرُ عَن جبينه ..
يُوضَعُ على السرير .. نظراته زائغة .. الطبيبُ يضغطُ على صدره .. يَطلبُ الأوكسجين ..
عرفتُ قبلَ الطبيب .. فهذه العُيون التي رأيتَها قبلَ لحظاتٍ لا حياة فيها ..
ينظرُ إليّ الطبيب ... بشفقةٍ وتأثر وبعجز ..
البقاءُ لله .. هل أنتِ زوجَته ؟ سألني ...
عُدتُ الى نفسي .. وسألتُ نفسي .. مَن أنا ؟ ما أكون له ؟ بل ما يكون لي ؟
لا أدري بماذا أجيب .. بعد أن أطرقتُ رأسي هروباً من نظراتِ الطبيب ..
إستدرتُ وسحبتُ أقدامي خلفي .. لا أدري .. أهِيَ تَحمِلني أم أنا حامِلها ..
صَمت .. صمتٌ رهيب .. حزينة .. لا أدري .. منكسرة .. لا أدري .. مضطربة ؟ نعم .. حائرة ؟ نعم ..
تبسمتُ إبتسامة خفيفة .. أألومُ نفسي ؟ أم ألومَه ؟ أم ألومَ المرآة !!
توقف الباص .. صَعَدَ بخطىً متأنية .. أهو التثاقل ؟! أم التكبّر ؟!
لمحته بطرف عيني ثم أنكصت ..
وضع الأجرة واستدار .. مرّ بجانبي وجلس في المقعدِ خَلفي ..
لا أدري لِمَ أثار فضولي ؟! وقع نظري على مرآة السائق فرأيتُ وجهه في المرآة ..
سحبتُ نظرتي بسرعة .. حياءاً .. لا أدري .. رُبّما خوفاً ؟ لا أدري .. أم لأن نظراتنا تلاقت معاَ ..
هل أثار فضولي ؟ لا أدري .. رُبّما لأني لَم أُمعِنَ في صورة وجهه ؟ رُبّما .. وربّما .. لا أدري ..
إختلست نظرةً الى المرآة فوجدتُه لا زال يُمعِن النظر فيّ ..
سحبتُ نظرتي بسرعة وأعدتها الى قلبي الذي تزايدت نبضاته .. شعرتُ بحرارةٍ تجتاحُني .. ورُبّما بُرودةٍ في أطرافِ أصابعي ..
لا أدري ما حلّ بي .. شعرتُ بالهواءِ المندفع من النافذة يسحبُ أطرافَ شَعري ..
إختلستُ نظرةً الى المِرآة فوجدتُهُ لا زال يُمعِن النظرَ فيّ ويتركَ خصلات شَعري تُداعِبُ وجهَه ..
أطَلتَ النظرةَ هذهِ المَرّة ..
سُمرَةٌ مختلطةٌ بشُحوب .. وتقاطيعُ وجهِهِ تَحمِلُ جبالاً من الهُموم ..
أينظر إليّ ؟ أم ينظر الى المرآة ..
سأختبره بابتسامةٍ خفيفةٍ أكادُ أظهِرُها ...
أتبَسّمَ لي ؟ لا أدري ..
لا .. رُبّما تبسّمَ ولم أرَ بَسمَتَه .. هل تُراه يفكّر بي ؟ رُبّما .. ولِمَ لا ؟
لو لَم يَكن مُهتماً ما تركَ خصلات شعري تستمرُ بمداعبةِ وجهِهِ ...
أأنظرُ إليه ؟ هل هُو الفُضول ؟ أمِ الشّوق ؟
الشّوق .. كلا .. ولِمَ لا .. سأختلسُ نظرةً أسبرُ فيها أعماقَه ..
يا إلهي أينَ اختفى ؟ لم يتوقفِ الباص .. أتراهُ تركَ المِقعد .. ولماذا يُغّيرُ مِقعدَه ؟!
أُصارعُ نفسي .. أريدُ أن ألتفتَ الى الخلف .. جبانٌ .. ضعيفٌ .. نظرتُ للمرآة .. الحمد لله .. ما زالَ في مِقعده ..
ولكن كيفَ اختفى ؟ ولماذا ؟ لا يَهُم .. المُهِم أنّهُ مَوجود ..
أهي حُمرَة على شفتيه .. رُبّما لم ألحَظها سابقاً .. رُبّما ...
توقف الباص .. فإذا به يَمُرُ مِن جانبي .. إندفعتُ وراءَه .. لا أدري لماذا .. قلبي نَهضَ فنهضت ..
نزل الى الرصيف ووقفتُ بجانبه .. نظرتُ اليه وتبسّمتُ .. كأنه لا يَعرفني !!
مرحباً .. أهلاً .. ردّ بصوتٍ خافتٍ ..
أنا التي كنتُ جالسة أمامك ..
لم يُثرهُ كلامي .. قلتُ وأنا مُبتسِمة : أنا التي كان شَعري يَتطايرُ على وجهِكَ ..
أنا لا أعرِفُكِ .. لَم أرَكِ مِن قبل .. أنا أفكرُ بزوجَتي .. وأطفالي الصّغار .. لا أدري ماذا سَيَحِلّ بهم ..
فجأة غَطّى فمهُ بمنديلٍ كان في يدهِ وانحنى للأسفل .. مَسَحَ شِفاهَه بالمنديل ..
لَم يَختَفِ في الباص .. إنحنى خلفَ الكرسيّ إذن .. وهذهِ الحُمرَة على شفتيه دَمَـاً ..
يا إلهي .. فجأة إنتبهت للشاخصة التي نقفُ أمامها .. مستشفى ..
يَقعُ أمامي فحاولتُ مساعدته .. صرختُ .. وصرخت ..
أسيرُ بجانبه وهو على الحَمّالة .. نظراتي لا تُفارقُ وجهَه .. يَكادُ يفتح عينيه .. حباتُ العرقِ تنحدرُ عَن جبينه ..
يُوضَعُ على السرير .. نظراته زائغة .. الطبيبُ يضغطُ على صدره .. يَطلبُ الأوكسجين ..
عرفتُ قبلَ الطبيب .. فهذه العُيون التي رأيتَها قبلَ لحظاتٍ لا حياة فيها ..
ينظرُ إليّ الطبيب ... بشفقةٍ وتأثر وبعجز ..
البقاءُ لله .. هل أنتِ زوجَته ؟ سألني ...
عُدتُ الى نفسي .. وسألتُ نفسي .. مَن أنا ؟ ما أكون له ؟ بل ما يكون لي ؟
لا أدري بماذا أجيب .. بعد أن أطرقتُ رأسي هروباً من نظراتِ الطبيب ..
إستدرتُ وسحبتُ أقدامي خلفي .. لا أدري .. أهِيَ تَحمِلني أم أنا حامِلها ..
صَمت .. صمتٌ رهيب .. حزينة .. لا أدري .. منكسرة .. لا أدري .. مضطربة ؟ نعم .. حائرة ؟ نعم ..
تبسمتُ إبتسامة خفيفة .. أألومُ نفسي ؟ أم ألومَه ؟ أم ألومَ المرآة !!