المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما زاد الله عبدآ بعفو إلا عزآ .. فاجعل العفو عنوانك


زمردة
07-14-2013, 12:43 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

http://imagecache.te3p.com/imgcache/8044050db2dfbfe89b908beda024a28d.gif


أَرَأَيْت لَو كَانَت لَدَيْك آَنِيَة مِن زُجَاج نَظِيْفَة لَامِعَة ...

ثُم تَعَرَّضْت لِلْأَتْرِبَة حَتَّى اغْبَرَّت وَانْطَفَأ بِرِيْقِهَا...

فَعَاجَلَتْهُا بِالْمَسْح وَالتَّنْظِيْف فَعَاد إِلَيْهَا رُوَاؤُهَا وَرَوْنَقُهَا، مَا كَان أَسْهَل ذَلِك عَلَيْك...

ثُم أَرَأَيْت لَو أَنَّك أَهْمَلْتُهَا حَتَّى تَرَاكَمَت الْأَتَرِبَة ..

وَتَحَجَّرَت وَاسْتَمْسَكْت فَصَار مِن الْعَسِير عَلَيْك حِيْنَئِذ تَنْظِيْفِهَا...

إِلَا أَن تَقْسُو عَلَيْهَا فِي الْتَّنْظِيْف قَسْوَة قَد تَحْدُث فِيْهَا خَدْشَا لَا تَمْحُوَه الْأَيَّام...

كَذَلِك هِي الْقُلُوُب ..

تُحَمِّل عَلَى مَن حَوْلَهَا الشَّيْء بَعْد الْشَّيْء مِن الْغَضَب أَو الْحِقْد أَو الْحَسَد ...

فَإِذَا بَادِر أَصْحَابِهَا بِتَنْقَيَّتِهَا زَال كُل كَدَر وَعَم الْصَّفَاء وَسَلَّم الْصَّدْر...

وَإِذَا أَهْمَلُوَا ذَلِك تَرَاكَمَت الْمَوَاقِف وَتَتَابَعَت الْمَآخِذ حَتَّى يُصْبِح فِي كُل قَلْب عَلَى أَخِيْه بَغْضَاء ...

فَتُشْحَن الْقُلُوْب وَتَضِيْق الْصُّدُوْر..

وَيَطُوْل الْهَجْر وَتَمْتَد الْقَطِيعَة...

وَتَذْهَب الْأَيَّام وَالْأَعْمَال لَا تُرْفَع ..

وَيَبْقَى الْتَّعَامُل مِن الْجَانِبَيْن مَشُوْبا بِالْحَذَر..

لِمَاذَا لَا تُسَرَّع الْنُّفُوْس فِي إِطْفَاء نَار الْخِلَافَات وَإِخْمَاد لَهِيْبِهَا ..

فلَا أَنْجَع فِي تَخْفِيْف سَعِيْر الْعَدَاوَات وَإِمَاتَة شُّعَلِهَا ..

مِن إِلْقَاء بَرْد الْعَفْو عَلَيْهَا وَمُعَاجِلْتِهَا بِغَيْث الْصَّفْح ..

وَصَب مَاء الْتَّسَامُح عَلَى الْقُلُوْب ..

لِيُطَهِّرَهَا مِن دَنسِهَا ويُنِقَيُّهَا مِن وَضَرَهَا ..

وَيَسْقِي جُذُوْر الْحُب وَيَرْوِي غِرَاس الْمَوَدَّة ..



وَيُعِيْد لَأَغْصَان الْأُنْس وَالْأُلْفَة رُوَاءَهَا ..

أَلَم نَتَأَمَّل قَوْل الْلَّه تَعَالَى ..

[ وَإِن تَعْفُوَا وَتَصْفَحُوْا وَتَغْفِرُوْا فَإِن الْلَّه غَفُوْر رَّحِيْم ]


يَقُوْل الْشَّيْخ ابْن عُثَيْمِيْن رَحِمَه الْلَّه
تَعَالَى فِي تَفْسِيْرِه لِهَذِه الْايْه ..


أَن بَيْن "الْعَفْو" و "الْصَّفْح" فَرَقَا؛



فـ "الْعَفْو" تَرَك الْمُؤَاخَذَة عَلَى الْذَّنْب ..



و "الْصَّفْح" الْإِعْرَاض عَنْه ..



مَأْخُوْذ مِن صَفْحَة الْعُنُق وَهُو أَن الْإِنْسَان يَلْتَفِت، وَلَا كَأَن شَيْئا صَار يُوَلِّيَه صَفَحَة عُنُقِه .



فـ "الْصَّفْح" مَعْنَاه الْإِعْرَاض عَن هَذَا بِالْكُلِّيَّة وَكَأَنَّه لَم يَكُن ..



فَعَلَى هَذَا يَكُوْن بَيْنَهُمَا فَرْق ..



فـ "الْصَّفْح" أَكْمَل إِذَا اقْتَرَن بـ "الْعَفْو" فَالْعَفْو لَا تُؤَاخِذْه بِذَنْبِه



وَلَكِن لَا حَرَج ان بُقَى فِي نَفْسِك شَيْئ او تُذَكِّر لَه،



وَالْصَّفَح تَعْرْض عَن هَذَا إِطْلاقَا وَلَا كَأَن شَيْئ جَرَى ..



فَلِهَذَا الْصَّفْح أَكْمَل وَأَكْمَل إِذَا اقْتَرَن بِالْعَفْو...



الْعَفْو هُو فَالتَجَاوَز عَن الْذَّنْب، وَتَرْك الْعِقَاب عَلَيْه..



وَأَصْلُه الْمَحْو وَالْطَّمْس..



فَمَا قِيْمَة عَيْش الْمَرْء ..



وَهُو يَكْنِز فِي مَضْغِه صَغِيْرَه ..



عَدَاوَات وَانْتُقَامَات ..



مُغَلَّفَة بِسُوَء ظَن وَقَسْوَه قَلْب وَحُب لِلْتَّشَفِّي ..



مَع الْبَحْث عَن مَكَامِن الِانْتِصَار لِلْنَّفْس وَالْأَخْذ بِحَقِّه ..



يَقُوْل ابْن الْقَيِّم رَحِمَه الْلَّه فِي كِتَابِه بَدَائِع الْفَوَائِد ..



مَا الَّذِي يُسَهِّل هَذَا عَلَى الْنَّفْس وَيُطَيِّبَه إِلَيْهَا وَيُنَعِّمُهَا بِه ..؟؟!!



اعْلَم أَن لَك ذُنُوْبَا بَيْنَك وَبَيْن الْلَّه..



تَخَاف عَوَاقِبَهَا وَتَرَجَّوْه أَن يَعْفُو عَنْهَا وَيَغْفِرَهَا لَك وَيَهَبُهَا لَك ...



وَمَع هَذَا لَا يَقْتَصِر عَلَى مُجَرَّد الْعَفْو وَالْمُسَامَحَة ..



حَتَّى يَنْعَم عَلَيْك وَيُكَرِّمَك وَيَجْلِب إِلَيْك مِن الْمَنَافِع وَالْإِحْسَان فَوْق مَا تُؤَمِّلُه ..
فَإِذَا كُنْت تَرْجُو هَذَا مِن رَبِّك أَن يُقَابِل بِه إِسَاءَتِك ...




فَمَا أَوْلَاك وَأجدْرّك أَن تُعَامِل بِه خَلْقَه وَتُقَابِل بِه إِسَاءَتَهُم لِيُعَامْلك الْلَّه هَذِه الْمُعَامَلَة ...



فَإِنالْجَزَاء مِن جِنْس الْعَمَل ...



فَكَمَا تَعْمَل مَع الْنَّاس فِي إِسَاءَتَهُم فِي حَقِّك يَفْعَل الْلَّه مَعَك فِي ذُنُوْبِك وَإِسَاءتْك جَزَاء وِفَاقا ...



فَانْتَقَم بَعْد ذَلِك أَو اعْف وَأَحْسَن أَو اتَرُك فَكَمَا تَدِيْن تُدَان ...



وَكَمَا تَفْعَل مَع عِبَادِه يَفْعَل مَعَك فَمَن تُصَوِّر هَذَا الْمَعْنَى ..



وَشُغِل بِه فَكَرِه هَان عَلَيْه الْإِحْسَان إِلَى مَا أَسَاء إِلَيْه هَذَا ...



مَع مَا يَحْصُل لَه بِذَلِك مِن نَصْر الْلَّه وَمَعِيَّتِه الْخَاصَّة ..



وَايَضُا مَع مَا يَتَعَجَّلَه مِن ثَنَاء الْنَّاس عَلَيْه وَيَصِيْرُون كُلُّهُم مَعَه عَلَى خَصْمِه ..



فَإِنَّه كُل مَن سَمِع أَنَّه مُحْسِن إِلَى ذَلِك الْغَيْر وَهُو مُسِيْء إِلَيْه ..



وَجَد قَلْبَه وَدُعَاءَه وَهِمَّتُه مَع الْمُحْسِن عَلَى الْمُسِيء ...



وَذَلِك أَمْر فِطْرِي فَطَر الْلَّه عِبَادَه فَهُو بِهَذَا الْإِحْسَان قَد اسْتُخْدِم عَسْكَرَا لَا يَعْرِفَهُم وَلَا يَعْرِفُوْنَه ...



وَلَا يُرِيْدُوْن مِنْه إِقْطَاعا وَلَا خَبَرا ..



هَذَا مَع أَنَّه لَا بُد لَه مَع عَدُوِّه وَحَاسِدَه مِن إِحْدَى حَالَتَيْن..



إِمَّا أَن يَمْلِكَه بِإِحْسَانِه فيُسْتَعَبْدِه وَيْنِقَاد لَه وَيُذِل لَه وَيَبْقَى مَن أَحَب الْنَّاس إِلَيْه..



وَإِمَّا أَن يُفَتِّت كَبِدِه وَيَقْطَع دَابِرَه إِن أَقَام عَلَى إِسَاءَتَه إِلَيْه فَإِنَّه يُذِيْقُه بِإِحْسَانِه أَضْعَاف مَا يَنَال مِنْه بِانْتِقَامِه...



وَمَن جَرَّب هَذَا عَرَفَه حَق الْمَعْرِفَة..



انْتَهَى كَلَامُه رَحِمَه الْلَّه تَعَالَى ..



وَمَا زَاد الْلَّه عَبْدا بِعَفْو إِلَا عِزا..



هَذِه الْعِزَّة الَّتِي نَبْحَث عَنْهَا بَابُهَا ..



الْعَفْو وَالْصَّفَح وَالتَّسَامُح وَالْغُفْرَان ..



مَع حُسْن الْظَّن ..وَإِقَالُه الْعَثْرَه ..



وَنَعْلَم مَافِي الْعَفُو مِن الْمَشَقَّه عَلَى الْنَّفْس ..



فَهُو لَيْس بِالْامْر الْهِيَن ..



وَلَكِن لِنَتَأَمَّل قَوْل الْلَّه تَعَالَى ..



[ وَسَارِعُوَا إِلَى مَغْفِرَة مِّن رَّبِّكُم وَجَنَّة عَرْضُهَا الْسَّمَوَات وَالْأَرْض أُعِدَّت لِلْمُتَّقِيْن *



الَّذِيْن يُنْفِقُوْن فِي الْسَّرَّاء وَالْضَّرَّاء وَالْكَاظِمِيْن الْغَيْظ وَالْعَافِيَن عَن الْنَّاس وَالْلَّه يُحِب الْمُحْسِنِيْن ]



هَذَا هُو الْجَزَاء ..



فَقَد بَشَّر بِمَحَبَّة الْلَّه لَه حَيْث بَلَغ مَقَاما مِن مَقَامَات الْإِحْسَان..



وَقَد نَال اعْجَابِي مَاقَالَه الْفُضَيْل بْن عِيَاض حَيْث قَال



إِذَا أَتَاك رَجُل يَشْكُو إِلَيْك رَجُلا فَقُل: يَا أَخِي، اعْف عَنْه؛ فَإِن الْعَفْو أَقْرَب لِلْتَّقْوَى..



فَإِن قَال: لَا يَحْتَمِل قَلْبِي الْعَفْو وَلَكِن أَنْتَصِر كَمَا أَمَرَنِي الْلَّه عَز وَجَل ..



فَقُل لَه: إِن كُنْت تُحْسِن أَن تَنْتَصِر، وَإِلَا فَارْجِع إِلَى بَاب الْعَفْو؛



فَإِنَّه بَاب وَاسِع، فَإِنَّه مَن عَفَا وَأَصْلَح فَأَجْرُه عَلَى الْلَّه،



وَصَاحِب الْعَفْو يَنَام عَلَى فِرَاشِه بِالْلَّيْل،.



وَصَاحِب الِانْتِصَار يُقَلِّب الْأُمُور ..



وَلِنَجْعَل مِن قَوْلِه تَعَالَى



[ وَلْيَعْفُوْا وَلْيَصْفَحُوَا أَلَا تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِر الْلَّه لَكُم ]



مَّايُوقِظ بِه مَدَارِك الْعُقُوْل فِي سَاعَات الْغَضَب..

البحر الحزين
07-14-2013, 01:46 PM
زمردة جزيل الشكر لك بارك الله بك

العنودالشمريه
07-15-2013, 12:38 AM
جزاك الله خير

ناصر السهلي
07-15-2013, 05:01 PM
القديرة/ زمردة

تأتين بالزمرد معك دائما


جزاك الله خير


كنت هنا ومضيت

مها يوسف
07-16-2013, 10:32 AM
اختي الغالية زمردة
بارك الله بك على الطرح القيم وجعله في موازين حسناتك
الف شكر يا عزيزتي مشكورة

زمردة
07-17-2013, 02:00 PM
البحر الحزين
أسعدني ردك وتعطيركم لصفحتي
فجزاك الله الفردوس إن شاء الله
ودمت بحفظ الله ورعايته
http://www.qzal.net/01/2013-01/13638002809.gif

زمردة
07-17-2013, 02:01 PM
العنود
أسعدني ردك وتعطيركم لصفحتي
فجزاك الله الفردوس إن شاء الله
ودمت بحفظ الله ورعايته
http://www.qzal.net/01/2013-01/13638002809.gif

زمردة
07-17-2013, 02:02 PM
ناصر
أسعدني ردك وتعطيركم لصفحتي
فجزاك الله الفردوس إن شاء الله
ودمت بحفظ الله ورعايته
http://www.qzal.net/01/2013-01/13638002809.gif

زمردة
07-17-2013, 02:02 PM
مها يوسف
أسعدني ردك وتعطيركم لصفحتي
فجزاك الله الفردوس إن شاء الله
ودمت بحفظ الله ورعايته
http://www.qzal.net/01/2013-01/13638002809.gif

هارو
08-31-2013, 08:23 AM
جزاك الله خيرا

حنين علي
09-02-2013, 01:35 PM
زمردة. بارك الله بك على الموضوع القيم تحيتي لك

عاشقة الفردوس
09-03-2013, 04:17 AM
جزاك الله كل خير

عبق المشاعر
09-03-2013, 04:05 PM
الجزاء من جنس العمل
سلمتي غاليتي على هذا الطرح الاكثر
من رائع
دمت بخير























تحيتي
عبق المشاعر

مهرة أصيلة
09-04-2013, 04:48 PM
زمردة مشاركة قيمة بارك الله بك ارق التحايا لك

ذكرى الغالي
09-08-2013, 11:46 PM
سلمت يمنآك
دمت بخير لاينتهي