المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير آيات - سورة القدر - وفضائل ليلة القدر،


مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:47 PM
- تفسير آيات - سورة القدر - فضائل ليلة القدر،

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، هذا عن ليلة القدر، وأصل هذه الليلة هي سورة القدر، إذا يقول الله جل جلاله:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾
[ سورة القدر ]
أولاً:
﴿ الْقَدْرِ ﴾
من التقدير، وأداة التقدير هي العلم، لن تقدر الله عز وجل إلا إذا طلبت العلم، لن تعرف قدره، لن تعرف كمالاته، لن تعرف عدله، لن تعرف رحمته، لن تعرف أسماءه الحسنى، صفاته الفضلى، لن تعرف ألوهيته، لن تعرف أنه واحدٌ في ذاته، واحدٌ في أفعاله، واحدٌ في صفاته، لن تعرف أن الأمر كله بيده، إلا إذا طلبت العلم، فإذا أراد الله سبحانه وتعالى أن تقدره، يعني أرادك أن تعلم.
أيها الإخوة، أن يكون لك كيان موجود، حيز مادي، أن تشغل حيزاً مادياً تستوي مع النبات، فالنبات يشغل حيز، له وزن، وأن تنمو، نشترك مع النبات أيضاً، أن يكون لك حيز في المادة، تشترك مع الجماد، وأن تنمو تشترك مع النبات، وأن تتحرك نشترك مع الحيوان الأعجم، أما أن نتعلم ننفرد بهذا، فالإنسان ما لم يطلب العلم، ليجعل طلب العلم ديدنه ليجعل طلب العلم إلى كل عمره، لأن الإنسان يكون عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل.
فهناك أحاديث كثيرة عن ليلة القدر، لكن من أدق هذه الأحاديث، أن:
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾
كما ورد في القرآن الكريم، لأن:
﴿ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾
تساوي ثمانين عاماً، وهذا العمر الأقصى، يعني:
(( مُعْتَرَكُ المنايا: ما بين الستين إلى السبعين ))
[ أخرجه البخاري والترمذي، عن: أبو هريرة ]
فلو عاش الإنسان ثمانين عاماً يعبد الله، لا يلحق بإنسان طلب العلم، فعرف ربه فقدره حق قدره، لماذا؟ ليس في الكون إلا الله، فإن لم تعرفه خسرت كل شيء، وإن عرفته ربحت كل شيء، إن عرفته أطعته، وإن أطعته سعدت بقربه في الدنيا والآخرة، إن عرفته استقمت على أمره، فنجوت من متاعب الدنيا، إن عرفته دخلت الجنة، إن عرفته كانت لك الدنيا جنة، من دون جنة الآخرة، إن عرفته اطمأن قلبك، إن عرفته حفظك الله عز وجل ونصرك، وأيدك، ووفقك، إن عرفته سعدت في بيتك، لأنك أقمت منهج الله في البيت، إن عرفته نمت تجارتك، لأنك اتبعت بها المنهج الصحيح، فالقضية هناك في الكون حقيقة واحدة لا ثاني لها، هي الله، فكل شيءٍ يقربك من الله، فهو عظيم النفع، وكل شيءٍ يبعدك عنه فهو شديد الخطر،

مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:47 PM
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾
أن تقدر الله حق قدره، الآية الكريمة:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾
[ سورة الزمر الآية: 67 ]
الله عز وجل ينفي عن معظم الناس أنهم يقدرون حقه، يقدرونه حق التقدير، من
أجل أن تقدره حق التقدير عليك أن تتعرف إليه، هذا الشيء يجب أن يكون واضحاً عندكم أيها الإخوة، يمكن أن تعرف خلقه وأنت في أعلى درجات العلم المادي، هذا العلم المادي ينفعك في الدنيا، ويمكن أن تعرف أمره، وقد تتفوق في معرفة الأمر، ولكن لا تطيعه، أما إذا أردت أن تعرفه، عليك أن تجاهد نفسك، وهواك، إن أردت أن تعرفه، لا يسمح لك أن تعرفه إن أقمت على معاصيٍ ومخالفات، يمكن أن تعرف أمره، وأنت متلبسٌ بالمعاصي، يمكن أن تعرف خلقه، وأنت منحرفٌ عن منهج الله، إن أردت أن تعرفه فلابد من أن تجاهد نفسك وهواك جاهد تشاهد.

مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:48 PM
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾
، إن قدرته أهملت كل ما سواه، وشغلت به عن غيره، إن قدرته لا تأخذك به لومة لائم، إن قدرته كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي، على أن أدع هذا الأمر، ما تركته، حتى يظهره الله، أو أهلك دونه ))
إن قدرته الدنيا كلها تحت قدمك، ولا تعبأ بها، إن قدرته أصبحت بطلاً، إن قدرته عرفت حقيقة الكون، عندئذٍ تستجيب له، وتصدقه، إن قدرته عرفت حقيقة الدنيا، إن قدرته عرفت حقيقتك، أنت المخلوق الأول، المخلوق المكلف، المخلوق المكرم، أنت في دنيا، في حياةٍ إعدادية، مآلها الحياة الآخرة، فكل الخير بمعرفتك، كل الخير أن تقدره، وتقديره بمعرفتك:

مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:49 PM
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾
في معنى، إن أردت أن توسع المعنى، يعني الله عز وجل متى يتجلى على قلبك؟ إن قدرته، متى يحفظك؟ متى يلهمك؟ متى يسخر الملائكة لأجلك؟ إن قدرته:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾
هذه للنبي، يعني حينما قدر الله عز وجل حقق التقدير استحق أن يوحى إليه، أما أنت كمؤمن إن قدرته ألهمك رشدك، بشكل مخفف، إن قدرته ألقى في قلبك نوراً، إن قدرته ألقى في قلبك طمأنينةً، إن قدرته جعل الملائكة يحفظونك من أمر الله، إن قدرته دلك عليه، فالتقدير أداته العلم، إن قدرته أداة التقدير هي العلم.
لذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، العلم ثم العلم ثم العلم، العلم ديدنك.
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾
يعني الخير الذي فيها لا يمكن أن تعلمه:
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ ﴾

مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:50 PM
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ ﴾
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾
الإنسان إذا قدر الله عز وجل، كل حركاته وسكناته تعد أعمالاً صالحة، حتى يضع اللقمة في فم زوجته، حتى إذا ارتدى ثوباً جميلاً، حتى إذا نال من عدوٍ نيلٍ، حتى إذا فعل ما يفعله معظم الناس، معظم الناس يفعلوا ما يفعلون بلا أجر، والمؤمن يكتب له بكل أفعاله التي يفعلها معظم الناس الأجر، والرقي عند الله عز وجل قال: هذه الليلة إذا حصلت عندئذٍ ملائكة الله عز وجل يلهمونك رشدك، ملائكة الله يحفظونك من أمر الله، ملائكة الله عز وجل يدلونك على طريق الخير، ملائكة الله عز وجل يحفون بك،

مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:51 PM
﴿ وَالرُّوحُ ﴾
﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ ﴾
﴿ وَالرُّوحُ ﴾
هذه السعادة التي تلقى في قلبك، إن شئت سميها طمأنينة، إن شئت سميها سكينة، إن شئت سميها تألق، إن شئت سميها تماسك، إن شئت سميها راحة، راحةٌ، وطمأنينةٌ، وسكينةٌ، وتماسكٌ، وصمودٌ، وقوةٌ، وانطلاقةٌ الحقيقة الإنسان حينما يموت تنكشف الحقائق، كيف أن الفجر يكشف الحقيقة، الدنيا في الليل مظلمة، ترى أشباح، لا تعرف ماذا ترى، أما إذا طلعت الشمس كشفت الحقائق، فنحن في الدنيا نحتاج إلى بصائر، أما حينما نموت تنكشف الحقائق، عندئذٍ لا قيمة لمن يؤمن في هذه الساعة، يعني أولاً ما دمت في حياةٍ تحتاج فيها إلى مصباح، هذا المصباح هو نور الله يلقى في قلبك، وهذا المصباح من لوازمه أن الملائكة يحفونك، قال:

مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:52 PM
﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾
أيها الإخوة، كل ما في الكون يدل على الله، خلقه، وأفعاله، وكلامه، فلذلك الشيء الذي لا يريده الله عز وجل، أن تظن أن رمضان وحده شهر عبادة، لا، العام كله عام عبادة والعمر كله عمر عبادة، وما رمضان إلا مجال للحفز، لحفز همتك على أن تطيعه، وأن تذوق طعم القرب، رمضان هدفه أن يحفز همتك كي تستمر على هذه العبادة التي أعددته بها في رمضان.
أيها الإخوة، من أوجه أقوال العلماء: أن ليلة القدر يمكن أن تكون في كل شهرٍ من أشهر العام، بل يمكن أن تكون في أي عشرٍ من أعشاره، وفي أي يومٍ من أيامه، وفي كل ساعةٍ من ساعاته، بل وفي كل ثانية، مفتوحة، ليلة القدر مفتوحة، فنحن في رمضان اجتهدنا وفي رمضان كثفنا جهودنا، ولكن البطولة أن هذه العبادة التي طبقتها في رمضان، صلاة الفجر في المسجد، غض البصر، ضبط اللسان، تحري الحلال، إنفاق المال في وجوه، هذه القفزة النوعية الله سبحانه وتعالى يريدها أن تنسحب على بقية شهور العام.
أيها الإخوة، نحن في الإحياء بعد أن نلقي هذه الكلمة، وأن نقف عند بعض آيات الجزء الأخير، نصلي قيام الليل، وربما دعونا بعد قيام الليل، واستمعنا إلى بعض المدائح والابتهالات، هذا برنامجنا في هذه الليلة، لكن قد يسأل سائل، هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الإحياء الجماعي مثلاً، الحقيقة أن النفوس حينما تضعف، فالإحياء الجماعي يقوي همتها وأنا من عادتي في هذا المسجد، أنني أجعل الإحياء نصف الليل فقط، بعض الليل يحيه الإنسان منفرداً مع ربه، وبعضه يحيه مع إخوانه، لكن نحن في ذكر الله عز وجل، يعني لا يغني أن تكون مع إخوانك في المسجد، عن أن تحيي هذه الليلة، فيما بينك وبين ربك، أن تدعوه، أن تتلو القرآن، يعني إن أردت أن تناجي ربك فاقرأ القرآن، وإن أردت أن يناجيك ربك فاستمع إليه، إن أردت أن تناجيه فاقرأ القرآن، وإن أردت أن يناجيك ربك فاستمع إلى القرآن، فالقرآن بابٌ كبير من أبواب القرب من الله عز وجل، سنة النبي عليه الصلاة والسلام بابٌ آخر، النظر في الحوادث بابٌ ثالث، التفكر في الكون بابٌ رابع.
أيها الإخوة، الله عز وجل في كتابه الكريم، في آيات كثيرة جداً، قريب من ربع القرآن، أو الثلث يتحدث الله عن خلقه، ألم يسأل أحدكم هذا السؤال: ما الهدف من الحديث عن الكون؟ يعني القفزة العلمية تحتاج إلى حركة، الانتقال يحتاج إلى حركة، أنت في هذا الموقع لو عبرنا عن مستوى العلمي لموقع، فإذا أردت أن تنتقل إلى موقعٍ آخر عليك أن تتحرك الحركة سبب النقلة من مكان إلى مكان، جيد، الآن إذا أردت أن ينمو علمك بالله، أن تنمو معرفتك به، أن ينمو اتصالك به، لابد من حركة، أين الحركة؟ الحركة مع خلق الله، هذه الآيات التي بثها الله في إن تعاملت معها، وفهمت المراد منها، وجعلتها موضوعاً للتفكر، هذه الحركة يمكن أن تولد قرب من الله عز وجل، ورد في الحديث الصحيح:
(( مَنْ قامَ ليلةَ القدر إيمانا واحتسابا غُفِرَ له ما تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ ))
[ أخرجه النسائي، عن: عائشة أم المؤمنين ]
يعني أنتم معرضون في هذه الليلة أن تغفر لكم الذنوب، وأن تفتح لكم مع الله صفحةٌ جديدة، من الأحاديث المطمأنة، أنه:

مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:54 PM
(( من صلى العشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر ))
[ أخرجه الطبراني، عن: أبو أمامة الباهلي ]
(( من صلى الفجر في جماعة، فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة، فهو في ذمة الله حتى يصبح ))
فأنت تغطي النهار والليل بصلاة الفجر والعشاء في الجماعة، في المسجد.
(( من صلى الفجر في جماعة، فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة، فهو في ذمة الله حتى يصبح ))
(( من صلى العشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر ))
يقول عليه الصلاة والسلام:
(( ما مِنْ أيام أحَبُّ إلى الله أن يُتعبَّدَ له فيها من عَشْرِ ذي الحجة، يَعْدِلُ صيامُ كل يوم منها بصيام سنة، وقيامُ كلِّ ليلة منها بقيام لَيْلةِ القَدْر ))
[ أخرجه الترمذي، عن: أبو هريرة ]
معنى قيام هذه الليلة حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم:
(( ليلة القدر ليلة السابعة أو التاسعة وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى ))
[ أخرجه خرجه الطبراني والبزار والإمام أحمد وابن خزيمة، عن: أبو هريرة ]
(( من كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين، وقال: تحروها ليلة سبع وعشرين يعني ليلة القدر ))
[ أخرجه الإمام أحمد، عن: عبد الله بن عمر ]
كما قال عليه الصلاة والسلام.
أيها الإخوة، في الآيات التي قرأت اليوم لفتاتٌ لطيفة، ينبغي أن نقف عندها أحياناً في سورة الإنسان، في أواخرها، يقول الله عز وجل:

مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:55 PM
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِماً أَوْ كَفُوراً ﴾
[ سورة الإنسان ]
ذكرت مرةً أن الصبر يعني أن حكم الله لا تتبدى حكمته، لو تبددت لك حكمته لا تحتاج أن تصبر، ونحن في حياتنا كلها الشيء المؤلم الذي تعقبه راحة، لا نصبر عليه نتقبله برضا، كما لو أن ألاماً في سنك لا تحتمل، ذهبت إلى الطبيب، من أجل قلع هذا السن، لابد من إبرة المخدر، هذه مؤلمة، لكن أنت على يقين أن قلع هذا السن يريحك من آلامٍ دائمة، هذه الآلام الدائمة، لابد من ألمٍ مؤقتٍ من أجل أن تزول، عندئذٍ لا تصبر، لكن أردت من هذا المعنى أن يعرف الإخوة الأكارم أن الله عز وجل يمتحن عبودية الإنسان، يرسل له مشكلة، لا يدري سببها، لذلك قال تعالى:
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِماً أَوْ كَفُوراً* وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾
[ سورة الإنسان ]
لا تعجز عن ركعتين قبل الفجر، أكفك النهار كله.
﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً* وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً* إِنَّ هَؤُلَاءِ ﴾
[ سورة الإنسان الآية: 25-26-27 ]
هذه إشارة تحقير:
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ ﴾
أهل الدنيا، المتكالبون عليها، المنغمسون فيها.
﴿ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً ﴾

مهرة أصيلة
08-01-2013, 06:59 PM
2175
أحاديث رمضان 1416 - تفسير آيات - سورة القدر - الدرس ( 42 - 50 ) : فضائل ليلة القدر، وأوقاتها وثمارها.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1996-02-11

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، هذا عن ليلة القدر، وأصل هذه الليلة هي سورة القدر، إذا يقول الله جل جلاله:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾
[ سورة القدر ]
أولاً:
﴿ الْقَدْرِ ﴾
من التقدير، وأداة التقدير هي العلم، لن تقدر الله عز وجل إلا إذا طلبت العلم، لن تعرف قدره، لن تعرف كمالاته، لن تعرف عدله، لن تعرف رحمته، لن تعرف أسماءه الحسنى، صفاته الفضلى، لن تعرف ألوهيته، لن تعرف أنه واحدٌ في ذاته، واحدٌ في أفعاله، واحدٌ في صفاته، لن تعرف أن الأمر كله بيده، إلا إذا طلبت العلم، فإذا أراد الله سبحانه وتعالى أن تقدره، يعني أرادك أن تعلم.
أيها الإخوة، أن يكون لك كيان موجود، حيز مادي، أن تشغل حيزاً مادياً تستوي مع النبات، فالنبات يشغل حيز، له وزن، وأن تنمو، نشترك مع النبات أيضاً، أن يكون لك حيز في المادة، تشترك مع الجماد، وأن تنمو تشترك مع النبات، وأن تتحرك نشترك مع الحيوان الأعجم، أما أن نتعلم ننفرد بهذا، فالإنسان ما لم يطلب العلم، ليجعل طلب العلم ديدنه ليجعل طلب العلم إلى كل عمره، لأن الإنسان يكون عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل.
فهناك أحاديث كثيرة عن ليلة القدر، لكن من أدق هذه الأحاديث، أن:
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾
كما ورد في القرآن الكريم، لأن:
﴿ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾
تساوي ثمانين عاماً، وهذا العمر الأقصى، يعني:
(( مُعْتَرَكُ المنايا: ما بين الستين إلى السبعين ))
[ أخرجه البخاري والترمذي، عن: أبو هريرة ]
فلو عاش الإنسان ثمانين عاماً يعبد الله، لا يلحق بإنسان طلب العلم، فعرف ربه فقدره حق قدره، لماذا؟ ليس في الكون إلا الله، فإن لم تعرفه خسرت كل شيء، وإن عرفته ربحت كل شيء، إن عرفته أطعته، وإن أطعته سعدت بقربه في الدنيا والآخرة، إن عرفته استقمت على أمره، فنجوت من متاعب الدنيا، إن عرفته دخلت الجنة، إن عرفته كانت لك الدنيا جنة، من دون جنة الآخرة، إن عرفته اطمأن قلبك، إن عرفته حفظك الله عز وجل ونصرك، وأيدك، ووفقك، إن عرفته سعدت في بيتك، لأنك أقمت منهج الله في البيت، إن عرفته نمت تجارتك، لأنك اتبعت بها المنهج الصحيح، فالقضية هناك في الكون حقيقة واحدة لا ثاني لها، هي الله، فكل شيءٍ يقربك من الله، فهو عظيم النفع، وكل شيءٍ يبعدك عنه فهو شديد الخطر،
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾
أن تقدر الله حق قدره، الآية الكريمة:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾
[ سورة الزمر الآية: 67 ]
الله عز وجل ينفي عن معظم الناس أنهم يقدرون حقه، يقدرونه حق التقدير، من
أجل أن تقدره حق التقدير عليك أن تتعرف إليه، هذا الشيء يجب أن يكون واضحاً عندكم أيها الإخوة، يمكن أن تعرف خلقه وأنت في أعلى درجات العلم المادي، هذا العلم المادي ينفعك في الدنيا، ويمكن أن تعرف أمره، وقد تتفوق في معرفة الأمر، ولكن لا تطيعه، أما إذا أردت أن تعرفه، عليك أن تجاهد نفسك، وهواك، إن أردت أن تعرفه، لا يسمح لك أن تعرفه إن أقمت على معاصيٍ ومخالفات، يمكن أن تعرف أمره، وأنت متلبسٌ بالمعاصي، يمكن أن تعرف خلقه، وأنت منحرفٌ عن منهج الله، إن أردت أن تعرفه فلابد من أن تجاهد نفسك وهواك جاهد تشاهد.
إذاً:
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾
، إن قدرته أهملت كل ما سواه، وشغلت به عن غيره، إن قدرته لا تأخذك به لومة لائم، إن قدرته كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي، على أن أدع هذا الأمر، ما تركته، حتى يظهره الله، أو أهلك دونه ))
إن قدرته الدنيا كلها تحت قدمك، ولا تعبأ بها، إن قدرته أصبحت بطلاً، إن قدرته عرفت حقيقة الكون، عندئذٍ تستجيب له، وتصدقه، إن قدرته عرفت حقيقة الدنيا، إن قدرته عرفت حقيقتك، أنت المخلوق الأول، المخلوق المكلف، المخلوق المكرم، أنت في دنيا، في حياةٍ إعدادية، مآلها الحياة الآخرة، فكل الخير بمعرفتك، كل الخير أن تقدره، وتقديره بمعرفتك:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾
في معنى، إن أردت أن توسع المعنى، يعني الله عز وجل متى يتجلى على قلبك؟ إن قدرته، متى يحفظك؟ متى يلهمك؟ متى يسخر الملائكة لأجلك؟ إن قدرته:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾
هذه للنبي، يعني حينما قدر الله عز وجل حقق التقدير استحق أن يوحى إليه، أما أنت كمؤمن إن قدرته ألهمك رشدك، بشكل مخفف، إن قدرته ألقى في قلبك نوراً، إن قدرته ألقى في قلبك طمأنينةً، إن قدرته جعل الملائكة يحفظونك من أمر الله، إن قدرته دلك عليه، فالتقدير أداته العلم، إن قدرته أداة التقدير هي العلم.
لذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، العلم ثم العلم ثم العلم، العلم ديدنك.
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾
يعني الخير الذي فيها لا يمكن أن تعلمه:
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ ﴾
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾
الإنسان إذا قدر الله عز وجل، كل حركاته وسكناته تعد أعمالاً صالحة، حتى يضع اللقمة في فم زوجته، حتى إذا ارتدى ثوباً جميلاً، حتى إذا نال من عدوٍ نيلٍ، حتى إذا فعل ما يفعله معظم الناس، معظم الناس يفعلوا ما يفعلون بلا أجر، والمؤمن يكتب له بكل أفعاله التي يفعلها معظم الناس الأجر، والرقي عند الله عز وجل قال: هذه الليلة إذا حصلت عندئذٍ ملائكة الله عز وجل يلهمونك رشدك، ملائكة الله يحفظونك من أمر الله، ملائكة الله عز وجل يدلونك على طريق الخير، ملائكة الله عز وجل يحفون بك،
﴿ وَالرُّوحُ ﴾
﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ ﴾
﴿ وَالرُّوحُ ﴾
هذه السعادة التي تلقى في قلبك، إن شئت سميها طمأنينة، إن شئت سميها سكينة، إن شئت سميها تألق، إن شئت سميها تماسك، إن شئت سميها راحة، راحةٌ، وطمأنينةٌ، وسكينةٌ، وتماسكٌ، وصمودٌ، وقوةٌ، وانطلاقةٌ الحقيقة الإنسان حينما يموت تنكشف الحقائق، كيف أن الفجر يكشف الحقيقة، الدنيا في الليل مظلمة، ترى أشباح، لا تعرف ماذا ترى، أما إذا طلعت الشمس كشفت الحقائق، فنحن في الدنيا نحتاج إلى بصائر، أما حينما نموت تنكشف الحقائق، عندئذٍ لا قيمة لمن يؤمن في هذه الساعة، يعني أولاً ما دمت في حياةٍ تحتاج فيها إلى مصباح، هذا المصباح هو نور الله يلقى في قلبك، وهذا المصباح من لوازمه أن الملائكة يحفونك، قال:
﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾
أيها الإخوة، كل ما في الكون يدل على الله، خلقه، وأفعاله، وكلامه، فلذلك الشيء الذي لا يريده الله عز وجل، أن تظن أن رمضان وحده شهر عبادة، لا، العام كله عام عبادة والعمر كله عمر عبادة، وما رمضان إلا مجال للحفز، لحفز همتك على أن تطيعه، وأن تذوق طعم القرب، رمضان هدفه أن يحفز همتك كي تستمر على هذه العبادة التي أعددته بها في رمضان.
أيها الإخوة، من أوجه أقوال العلماء: أن ليلة القدر يمكن أن تكون في كل شهرٍ من أشهر العام، بل يمكن أن تكون في أي عشرٍ من أعشاره، وفي أي يومٍ من أيامه، وفي كل ساعةٍ من ساعاته، بل وفي كل ثانية، مفتوحة، ليلة القدر مفتوحة، فنحن في رمضان اجتهدنا وفي رمضان كثفنا جهودنا، ولكن البطولة أن هذه العبادة التي طبقتها في رمضان، صلاة الفجر في المسجد، غض البصر، ضبط اللسان، تحري الحلال، إنفاق المال في وجوه، هذه القفزة النوعية الله سبحانه وتعالى يريدها أن تنسحب على بقية شهور العام.
أيها الإخوة، نحن في الإحياء بعد أن نلقي هذه الكلمة، وأن نقف عند بعض آيات الجزء الأخير، نصلي قيام الليل، وربما دعونا بعد قيام الليل، واستمعنا إلى بعض المدائح والابتهالات، هذا برنامجنا في هذه الليلة، لكن قد يسأل سائل، هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الإحياء الجماعي مثلاً، الحقيقة أن النفوس حينما تضعف، فالإحياء الجماعي يقوي همتها وأنا من عادتي في هذا المسجد، أنني أجعل الإحياء نصف الليل فقط، بعض الليل يحيه الإنسان منفرداً مع ربه، وبعضه يحيه مع إخوانه، لكن نحن في ذكر الله عز وجل، يعني لا يغني أن تكون مع إخوانك في المسجد، عن أن تحيي هذه الليلة، فيما بينك وبين ربك، أن تدعوه، أن تتلو القرآن، يعني إن أردت أن تناجي ربك فاقرأ القرآن، وإن أردت أن يناجيك ربك فاستمع إليه، إن أردت أن تناجيه فاقرأ القرآن، وإن أردت أن يناجيك ربك فاستمع إلى القرآن، فالقرآن بابٌ كبير من أبواب القرب من الله عز وجل، سنة النبي عليه الصلاة والسلام بابٌ آخر، النظر في الحوادث بابٌ ثالث، التفكر في الكون بابٌ رابع.
أيها الإخوة، الله عز وجل في كتابه الكريم، في آيات كثيرة جداً، قريب من ربع القرآن، أو الثلث يتحدث الله عن خلقه، ألم يسأل أحدكم هذا السؤال: ما الهدف من الحديث عن الكون؟ يعني القفزة العلمية تحتاج إلى حركة، الانتقال يحتاج إلى حركة، أنت في هذا الموقع لو عبرنا عن مستوى العلمي لموقع، فإذا أردت أن تنتقل إلى موقعٍ آخر عليك أن تتحرك الحركة سبب النقلة من مكان إلى مكان، جيد، الآن إذا أردت أن ينمو علمك بالله، أن تنمو معرفتك به، أن ينمو اتصالك به، لابد من حركة، أين الحركة؟ الحركة مع خلق الله، هذه الآيات التي بثها الله في إن تعاملت معها، وفهمت المراد منها، وجعلتها موضوعاً للتفكر، هذه الحركة يمكن أن تولد قرب من الله عز وجل، ورد في الحديث الصحيح:
(( مَنْ قامَ ليلةَ القدر إيمانا واحتسابا غُفِرَ له ما تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ ))
[ أخرجه النسائي، عن: عائشة أم المؤمنين ]
يعني أنتم معرضون في هذه الليلة أن تغفر لكم الذنوب، وأن تفتح لكم مع الله صفحةٌ جديدة، من الأحاديث المطمأنة، أنه:
(( من صلى العشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر ))
[ أخرجه الطبراني، عن: أبو أمامة الباهلي ]
(( من صلى الفجر في جماعة، فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة، فهو في ذمة الله حتى يصبح ))
فأنت تغطي النهار والليل بصلاة الفجر والعشاء في الجماعة، في المسجد.
(( من صلى الفجر في جماعة، فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة، فهو في ذمة الله حتى يصبح ))
(( من صلى العشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر ))
يقول عليه الصلاة والسلام:
(( ما مِنْ أيام أحَبُّ إلى الله أن يُتعبَّدَ له فيها من عَشْرِ ذي الحجة، يَعْدِلُ صيامُ كل يوم منها بصيام سنة، وقيامُ كلِّ ليلة منها بقيام لَيْلةِ القَدْر ))
[ أخرجه الترمذي، عن: أبو هريرة ]
معنى قيام هذه الليلة حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم:
(( ليلة القدر ليلة السابعة أو التاسعة وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى ))
[ أخرجه خرجه الطبراني والبزار والإمام أحمد وابن خزيمة، عن: أبو هريرة ]
(( من كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين، وقال: تحروها ليلة سبع وعشرين يعني ليلة القدر ))
[ أخرجه الإمام أحمد، عن: عبد الله بن عمر ]
كما قال عليه الصلاة والسلام.
أيها الإخوة، في الآيات التي قرأت اليوم لفتاتٌ لطيفة، ينبغي أن نقف عندها أحياناً في سورة الإنسان، في أواخرها، يقول الله عز وجل:
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِماً أَوْ كَفُوراً ﴾
[ سورة الإنسان ]
ذكرت مرةً أن الصبر يعني أن حكم الله لا تتبدى حكمته، لو تبددت لك حكمته لا تحتاج أن تصبر، ونحن في حياتنا كلها الشيء المؤلم الذي تعقبه راحة، لا نصبر عليه نتقبله برضا، كما لو أن ألاماً في سنك لا تحتمل، ذهبت إلى الطبيب، من أجل قلع هذا السن، لابد من إبرة المخدر، هذه مؤلمة، لكن أنت على يقين أن قلع هذا السن يريحك من آلامٍ دائمة، هذه الآلام الدائمة، لابد من ألمٍ مؤقتٍ من أجل أن تزول، عندئذٍ لا تصبر، لكن أردت من هذا المعنى أن يعرف الإخوة الأكارم أن الله عز وجل يمتحن عبودية الإنسان، يرسل له مشكلة، لا يدري سببها، لذلك قال تعالى:
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِماً أَوْ كَفُوراً* وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾
[ سورة الإنسان ]
لا تعجز عن ركعتين قبل الفجر، أكفك النهار كله.
﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً* وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً* إِنَّ هَؤُلَاءِ ﴾
[ سورة الإنسان الآية: 25-26-27 ]
هذه إشارة تحقير:
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ ﴾
أهل الدنيا، المتكالبون عليها، المنغمسون فيها.
﴿ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً ﴾
[ سورة الإنسان ]
يوماً طويلاً:
﴿ يَوْماً ثَقِيلاً* نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً ﴾
[ سورة الإنسان ]
يعني ألا يرضيك أن تكون ممن يحب الآجلة؟ الله سبحانه وتعالى صغر من شأن الذين يحبون العاجلة، وأعلى من شأن الذين يحبون الآجلة.
﴿ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾
[ سورة الإنسان ]
أنت مخير، الله عز وجل ذكرنا، الكتاب تذكرة، الرسل تذكرة، إلهام الملائكة تذكرة أفعاله تذكرة:
﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ ﴾
[ سورة فاطر الآية: 37 ]
القرآن تذكرة، النبي الكريم تذكرة لنا، قرآنه العظيم تذكرة، أيام المصائب تذكرة أحياناً الموت تذكرة، أحياناً المرض تذكرة
﴿ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾
ولكن:
﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾
[ سورة الإنسان ]
أيها الإخوة الكرام، هذه الآية دقيقة جداً، أحياناً يفهمها الناس فهماً جبرياً، يعني مشيئتكم متعلقةٌ بمشيئة الله، معنى الآية: أن هذه المشيئة التي تسعدون بها، معكم مشيئةٌ حرة هذه المشيئة استخدمتموها استخداماً صحيحاً، فأردتم رضاء الله عز وجل، لولا أن الله شاء لكم أن تشاءوا، لما شئتم، إذاً:
﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾
شاء لك أن تكون إنساناً، وشاء لك أن تكون مخيراً، وشاء لك أن تكون مكلفاً، وشاء لك أن تكون مكرماً.
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً* يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ﴾
[ سورة الإنسان الآية: 30-31 ]
يعني إذا قلنا إن
﴿ يَشَاءُ ﴾
تعود على الله عز وجل، الكلام دقيق جداً:
﴿ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ ﴾
[ سورة الإنسان الآية: 31 ]
لا يدخلهم في رحمته، إذاً يدخل من؟ المحسنين، صار في قانون، ما دام الظالم محجوبٌ عن رحمة الله، إذاً من الذي يدخله في رحمته؟ المحسن:
﴿ والظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾
[ سورة الإنسان ]
والحمد لله رب العالمين
فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي

مها يوسف
08-01-2013, 07:45 PM
غاليتي مهرة اصيلة شكرا لك على المجهود بارك الله بك مشكورة

حنين علي
08-02-2013, 01:39 PM
أخت مهرة اصيلة شكرا لك و بارك الله بك مشاركة جميلة تحيتي لك

البحر الحزين
08-02-2013, 07:53 PM
مهرة أصيلة شكرا وبارك الله بك ورمضان مبارك جزيل الشكر لك

مهرة أصيلة
08-03-2013, 05:07 PM
استاذة مها يوسف شكرا لك على مرورك رمضان مبارك وبارك الله بك شكراً

مهرة أصيلة
08-03-2013, 05:09 PM
البحر الحزين شكرا لك على مرورك رمضان مبارك وبارك الله بك شكراً

مهرة أصيلة
08-03-2013, 05:09 PM
حنين علي شكرا لك على مرورك رمضان مبارك وبارك الله بك شكراً