مسعدة اليامي
08-18-2013, 07:42 PM
http://www.ele3lami.com/ArticleImages/g30FWZZOWBMAYSGTZEMROURYLLH.jpg (http://www.ele3lami.com/ArticleImages/g30FWZZOWBMAYSGTZEMROURYLLH.jpg)
http://www.ele3lami.com/images/image_enlarge.gif (http://www.ele3lami.com/ArticleImages/g30FWZZOWBMAYSGTZEMROURYLLH.jpg)
الإعلاميات السعوديات بين مطرقة العيب وسندان الحاجة
مسعدة اليامي (نجران)
شهد الإعلام في الوقت الراهن تقدما ملموسا في جميع الأصعدة وذلك لتعدد وسائل الاتصال، التي وجدت من أجل مواكبة سرعة العصر، ورغم ذلك يشهد الوسط الإعلامي السعودي قلة في الإعلاميات وندرة واضحة للعيان، ولمن يعمل في الوسط الإعلامي آراء مختلفة حول ندرة أو قلة الإعلاميات فعمل المرأة بشكل عام قد يكون قليلا في جميع الأعمال المتاحة لها، بخلاف الرجل والصعوبة تكمن في أن العمل في الإعلام لازال في حالة تأرجح، حيث لا يكفل للعاملين فيه الأمان والاستقرار الوظيفي.
«عكاظ» رصدت مع بعض المهتمات والمهتمين بهذا الشأن الكثير من العقبات التي تعيق عمل المرأة في مجال الإعلام وما هي أسباب تلك المعوقات، و لماذا لم تتمكن المرأة من أن تثبت تواجدها في العمل الإعلامي بالشكل المفترض حتى الآن، وهل يعود السبب في ذلك للعادات والتقاليد، أو لاختلاف الثقافات بين مجتمع ومجتمع، في ظل ما نشهد من انفتاح سمح للمرأة أن يكون لها حضور واضح في مهنة الطب والتمريض، التي كانت من الممنوعات في مجتمعنا فيما مضى، وبين مطرقة العيب وسندان الحاجة.
بداية تحدث الأديب الكاتب إبراهيم طالع الألمعي قائلا: إن ندرة أو قلة الإعلاميات والمبدعات في مجتمعنا سببه مركب من عدة أمور، لعلني أذكر منها العادات والتقاليد والأعراف القبلية المتوارثة المزمنة، والتي تنظر إلى المرأة نظرة إقصائية عن الحياة العامة ومعظم الأنشطة، وبقيت هذه العادات راسخة لدينا بسبب قلة الاتصال مع الأمم خلال القرون المنصرمة، قياسا بغيرنا في الشام ومصر والمغرب العربي مثلا، الذين أفادت قيمهم المتوارثة من الاختلاط بالأمم الأخرى كالمستعمر أو الاتصالات المفتوحة، مما أعطى المرأة لديهم خطوات أكثر منها لدينا، على الرغم من أن الوعي العام الآن بدأ يتحرر من تلك القيود الزائفة، لكنه لا يستطيع حتى الآن الانفكاك منها، وذكرت هذا على القناة الثقافية خلال لقائي في برنامج (المتن والهامش) والذي يوجد على صفحتي وصفحة مقدمه (علي زعلة).
وأضاف الألمعي: «لا يوجد أنظمة تمنع المرأة من ممارسة العمل الإعلامي بكل حرية، وأضيف لك سببا آخر يكبح بعضهن عن ممارسة العمل الإعلامي وهو ما يتعرضن له إذا برزن على الساحة من مضايقات من البعض، بسبب العاهة التي تشكلت لدينا في البعد بين الرجل والمرأة، حتى وصل المرض بنا إلى درجة أن بعض المرضى من الإعلاميين يجد في ظهور زميلاته متنفسا في التعامل مع الأنثى، وهي حالة مرضية ولا شك ناتجة عن عقود من ذلك البعد الاصطناعي الذي ضرب عليها وعلى شخصيتها».
أقلية
أما الدكتور صالح زياد أستاذ النقد الأدبي الحديث بجامعة الملك سعود والكاتب بصحيفة الشرق فأكد أن الإعلاميات لدينا في المملكة أقلية قياسا على كثرة الإعلاميين الذكور، وليس دقيقا أن نصفهن بالندرة. فلدينا أسماء عديدة من الصحفيات والمذيعات والكاتبات لكنهن لسن في أعداد الذكور. وهذه الصفة غالبة على حقول مهنية عديدة، فالأديبات والطبيبات والمهندسات أقلية قياسا على كثرة الذكور في هذه المهن، لكنهن لسن نادرات ولا معدومات تماما. وهناك نتيجة لذلك يمليها علينا تفوق بعض الأسماء النسائية في هذه المجالات ذات الغالبية الذكورية وهو أن الرجل لا يمتاز عن المرأة بكفاءة عقلية أو نفسية تتنزل المرأة منها منزلة دونية. لكن السؤال بعد ذلك يتعلق بالسبب الذي من أجله مازالت النساء يشكلن أقلية في مهن عديدة بما فيها الإعلام، وسبب ذلك طبعا هو هيمنة الرجل ثقافيا واجتماعيا، وإقصائه للمرأة وإدنائه لمنزلتها. ولذلك فإن المشاق التي تكابدها المرأة في سبيل إثبات ذاتها اجتماعيا والعمل في حقل الإعلام بتفوق، واضحة للعيان، ومقارنتها بالمشاق التي يواجهها الرجل دالة على ما يؤدي إلى قلة الإعلاميات.
ويضيف: «المهنة الإعلامية مهنة متاعب حقيقية سواء في تماسها مع بؤر الصراع والتنافس والعنف أو الخروج إلى الميدان. ولا يكفي ذلك لتصور متاعب المهنة الإعلامية لأن الإعلامي فوق ما يواجه من مشاق الميدان، في حاجة إلى بنية اجتماعية تفسح للفردية وتحترم ذاتيتها واستقلالها ومازال المجتمع يختزن خلفية ثقافية موبوءة بالتحرج تجاه المرأة. كل ذلك يعني أن العمل الإعلامي بمعناه المهني هو بطولة حقيقية أكثر وضوحا وتجسدا في اضطلاع المرأة به وانتمائها إليه من الرجل».
رغبة كامنة
بدروها، قالت الإعلامية رؤى مصطفى «الإعلاميات موجودات، وبرزن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لأنه هو الداعم لها، وإذا لم تظهر المرأة في عهده فمتى ستظهر؟ ولا أخص فقط المرأة الإعلامية فقط بل جميع النساء الطموحات، بشتى المجالات وتلمست من خلال عملي الإعلامي بأن الفتيات لديهن الرغبة الكامنة في العمل في الساحة الإعلامية وأخص بذلك الصحف الورقية، والإذاعة، والتلفاز، إلا أن هناك حاجز العادات والتقاليد في المجتمع السعودي بالخصوص من أولياء الأمور، للراغبات في المجال الإعلامي، فبسبب هذه الأمور نجد قلة من الإعلاميات الموجودات على الساحة، والإعلام لا ينجح فيه إلا من لديه الطموح والصبر والمثابرة لبلوغ المراد، وليس أن تدخل إحداهن المجال الإعلامي بل أن تواصل فيه ويكون لها بصمة خاصة في المجتمع على الوجه العام، وتخدم نساء جنسها على الوجه الخاص، والإعلام يبقى الرسالة السامية لمن لا صوت له».
الجهل بالدين
وفي ذات السياق، قال حسن الشريف أحد مثقفي نجران «على الرغم من الإنجازات التي تحققت للمرأة السعودية إلا أن مجالات عملها مازالت محدودة جدا، فهي مقتصرة على التعليم والصحة وفي الآونة الأخيرة مجال المستلزمات النسائية وبعض المجالات الأخرى، ولكن بشكل خجول، أما المجال الإعلامي فحاله حال المجالات الأخرى التي لايزال الإقبال عليها قليلا، وظهور المخاوف من عمل المرأة سببها الجهل بالدين، وجعله ذريعة لعزل نصف المجتمع وإبطال مفعوله في معظم مناحي الحياة والإعلام أحدها».
معوقات
الإعلامية سلمى الصالح ترى من وجهة نظرها أن قلة تواجد المرأة في قطاع الإعلام يعود إلى عدة أسباب منها طبيعة المنطقة التي تغلب عليها العادات والتقاليد المتوارثة التي لا تفضل الاحتكاك بالعمل مع الطرف الآخر، في ظل أن هناك انفتاحا على العمل في القطاع الصحي، وأيضا الرواتب غير المجزية وانعدامها في فترات التدريب فالعمل في ذلك المجال ليس بالسهل، وفي نفس الوقت بحاجة إلى مقومات تخدم كافة الأطراف التي من أهمها المادة، والمواصلات فذلك يساعد على المواصلة والاستمرارية.
غياب الوعي
من ناحيته، أرجع عبدالله بن صال آل عباس أحد مثقفي نجران قلة وجود الإعلاميات وفي نجران بالذات إلى عدم وعي المجتمع بذلك وعدم اهتمامه للأسف بهذا القطاع وأهميته في التنمية، وقلة وعي منهم بأهمية دور الإعلام بشكل عام، كذلك العادات الاجتماعية تحول دون ذلك، فأغلب الناس يرون أن انخراط قريباتهم في تلك الوظائف هو من المنكرات ومن العيب، وسيكون حاجزا وعائقا دون حياتهن الزوجية مستقبلا، وكذلك دور وزارة الثقافة والإعلام قاصر عن استقطابهن، وتشجيعهن وتدريبهن، والتعريف بدور وأهمية وضرورة الإعلام.
وعلى ذات المنوال، قال الإعلامي يحيى أبوطالب (المالك لإحدى الصحف الإلكترونية) إن السبب في ذلك يعود إلى قلة التعاطي والتبادل بين الإعلامية والجهات التي تنتمي إليها ومنها الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، ويضيف أبوطالب: «لا ألوم الإعلامية ولا ألوم الجمعية كجهة جادة في عملها تسعى إلى عقد علاقة وتواصل مع الإعلامية ولذلك قد لا تعلم الإعلاميات غالبا عن نشاطات الجمعية وإذا ما حضرت الإعلاميات فوجئت بوجود غيرهن ممن لا ينتمين إلى الإعلام لأن من المنسقات من تسعى إلى إغراق الإعلام بمن لا يهمه أمره، وتحرص على دعوة معارفها فحسب، كما أن بعض الأسر السعودية أقصد ممن تخرجن بناتهن من أقسام الإعلام ترفض خروجهن للعمل الصحفي بحجة العادات والتقاليد لدينا»، ويستطرد قائلا: «لهذه الأسباب تجد الإعلاميات لدينا على عدد الأصابع، وأزيدك من الشعر بيتا فإن معظم خريجات الإعلام للسنوات الماضية في بيوتهن بسبب تلك العادات، وعلى فكرة، هناك عناصر نسائية إعلامية تعلو الرجال ثقافة وفصاحة لكنهن رضخن لتلك العادات»، ويتابع القول: «الإعلام يحتاج إلى متابعة وخروج لأرض الواقع مع الحدث أينما كانت الجهة لكن إعلامنا النسائي مكتف اليدين بسبب تلك العوائق ولكي نخرج من هذا المأزق يجب توعية الأسر بأهمية الإعلام».
الأمان الوظيفي
الإعلامية سكينة مشخص لم تذهب بعيدا عمن سبقها، فقالت «هناك الكثير من الإعلاميات، ولكن أغلبهن لازلن متعاونات، وذلك لا يوفر الأمان الوظيفي فتلجأ الواحدة منهن إلى وظيفة أخرى توفر لها الاستقرار، ولا يوجد حاضنة ولا تخصص دراسي مما يضطر البعض منهن للدراسة على نفقتهن الخاصة، قد يشكل عدم توفر دراسة الإعلام عائقا في مسيرة الإعلامية، وأنا نموذج حي حيث إنني أعمل في الإعلام من عام 2005م وإلى الآن لازلت متعاونة رغم أني متفرغة، وهناك أسر كثيرة ترفض عمل بناتهن من باب الاختلاط لكن هذا لا يمنع من أن هناك مواهب نسائية سعودية تقف العادات والتقاليد حائلا بينهن وبين العمل في مجال الإعلام».
ثقافة القلم
من جهتها، قالت الإعلامية خامسة سالم «أعتقد أن ندرة الإعلاميات سببه عدم الوعي بأهمية الإعلام في مجتمعنا، وكذلك عدم اقتناع البعض بالدور الذي قد تقوم به الإعلامية لخدمة مجتمعها، ثم أن ثقافة القلم نفسه مازالت ضحلة فيما يخص الرجال ناهيك عن المجتمع النسائي، وفيما يخص ثقافة العيب النابعة من العادات والتقاليد، فأنا أعتقد بأن وسائل الإعلام الحديثة كالإنترنيت، والصحف الإلكترونية قد قللت من حدتها».
ثلاثة أسباب
وأوضحت الإعلامية صباح الأسمري أن هناك ثلاثة أسباب لقلة التحاق المرأة في قطاع الإعلام هي على حد قولها أسباب ذاتية قد تكون في عدم الثقة بالنفس وعدم الإيمان بقدراتها التي تمتلكها لمزاولة الإعلام، كما تلعب العادات والتقاليد دورا مهما في استبعاد الإعلامية، إلى جانب التفسير الخاطئ لمن يعمل في ذلك الوسط والذي يشكل عائقا كبيرا، ويظل أقوى الأسباب التعليمية مطالبة وزارة الثقافة والإعلام بتكثيف الدورات التريبية لهن وتسهيل التحاق الإعلاميات فيها».
تميز
إلى ذلك، قالت الإعلامية شوق العبدالله «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتصور أن المرأة السعودية تفتقد إلى الموهبة الإعلامية، فما نشاهده على أرض الواقع يؤكد أن المرأة السعودية لديها قدرات، وقادرة على التميز بأي مجال ترغبه»، وأضافت: «أما سبب ندرة الإعلاميات السعوديات فهذا مرده إلى أمر واحد، ألا وهو القيود الاجتماعية المفروضة عليهن، لذا نجد تواجدهن قليل جدا، إذا ما تمت مقارنته بما تستطيع فعله في هذا المجال، والدليل أن من دخلن المجال الإعلامي أثبتن قدرتهن على النجاح وحققن التميز والتفوق».
المصدر / عكاظ
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20130620/Con20130620612732.htm
http://www.ele3lami.com/images/image_enlarge.gif (http://www.ele3lami.com/ArticleImages/g30FWZZOWBMAYSGTZEMROURYLLH.jpg)
الإعلاميات السعوديات بين مطرقة العيب وسندان الحاجة
مسعدة اليامي (نجران)
شهد الإعلام في الوقت الراهن تقدما ملموسا في جميع الأصعدة وذلك لتعدد وسائل الاتصال، التي وجدت من أجل مواكبة سرعة العصر، ورغم ذلك يشهد الوسط الإعلامي السعودي قلة في الإعلاميات وندرة واضحة للعيان، ولمن يعمل في الوسط الإعلامي آراء مختلفة حول ندرة أو قلة الإعلاميات فعمل المرأة بشكل عام قد يكون قليلا في جميع الأعمال المتاحة لها، بخلاف الرجل والصعوبة تكمن في أن العمل في الإعلام لازال في حالة تأرجح، حيث لا يكفل للعاملين فيه الأمان والاستقرار الوظيفي.
«عكاظ» رصدت مع بعض المهتمات والمهتمين بهذا الشأن الكثير من العقبات التي تعيق عمل المرأة في مجال الإعلام وما هي أسباب تلك المعوقات، و لماذا لم تتمكن المرأة من أن تثبت تواجدها في العمل الإعلامي بالشكل المفترض حتى الآن، وهل يعود السبب في ذلك للعادات والتقاليد، أو لاختلاف الثقافات بين مجتمع ومجتمع، في ظل ما نشهد من انفتاح سمح للمرأة أن يكون لها حضور واضح في مهنة الطب والتمريض، التي كانت من الممنوعات في مجتمعنا فيما مضى، وبين مطرقة العيب وسندان الحاجة.
بداية تحدث الأديب الكاتب إبراهيم طالع الألمعي قائلا: إن ندرة أو قلة الإعلاميات والمبدعات في مجتمعنا سببه مركب من عدة أمور، لعلني أذكر منها العادات والتقاليد والأعراف القبلية المتوارثة المزمنة، والتي تنظر إلى المرأة نظرة إقصائية عن الحياة العامة ومعظم الأنشطة، وبقيت هذه العادات راسخة لدينا بسبب قلة الاتصال مع الأمم خلال القرون المنصرمة، قياسا بغيرنا في الشام ومصر والمغرب العربي مثلا، الذين أفادت قيمهم المتوارثة من الاختلاط بالأمم الأخرى كالمستعمر أو الاتصالات المفتوحة، مما أعطى المرأة لديهم خطوات أكثر منها لدينا، على الرغم من أن الوعي العام الآن بدأ يتحرر من تلك القيود الزائفة، لكنه لا يستطيع حتى الآن الانفكاك منها، وذكرت هذا على القناة الثقافية خلال لقائي في برنامج (المتن والهامش) والذي يوجد على صفحتي وصفحة مقدمه (علي زعلة).
وأضاف الألمعي: «لا يوجد أنظمة تمنع المرأة من ممارسة العمل الإعلامي بكل حرية، وأضيف لك سببا آخر يكبح بعضهن عن ممارسة العمل الإعلامي وهو ما يتعرضن له إذا برزن على الساحة من مضايقات من البعض، بسبب العاهة التي تشكلت لدينا في البعد بين الرجل والمرأة، حتى وصل المرض بنا إلى درجة أن بعض المرضى من الإعلاميين يجد في ظهور زميلاته متنفسا في التعامل مع الأنثى، وهي حالة مرضية ولا شك ناتجة عن عقود من ذلك البعد الاصطناعي الذي ضرب عليها وعلى شخصيتها».
أقلية
أما الدكتور صالح زياد أستاذ النقد الأدبي الحديث بجامعة الملك سعود والكاتب بصحيفة الشرق فأكد أن الإعلاميات لدينا في المملكة أقلية قياسا على كثرة الإعلاميين الذكور، وليس دقيقا أن نصفهن بالندرة. فلدينا أسماء عديدة من الصحفيات والمذيعات والكاتبات لكنهن لسن في أعداد الذكور. وهذه الصفة غالبة على حقول مهنية عديدة، فالأديبات والطبيبات والمهندسات أقلية قياسا على كثرة الذكور في هذه المهن، لكنهن لسن نادرات ولا معدومات تماما. وهناك نتيجة لذلك يمليها علينا تفوق بعض الأسماء النسائية في هذه المجالات ذات الغالبية الذكورية وهو أن الرجل لا يمتاز عن المرأة بكفاءة عقلية أو نفسية تتنزل المرأة منها منزلة دونية. لكن السؤال بعد ذلك يتعلق بالسبب الذي من أجله مازالت النساء يشكلن أقلية في مهن عديدة بما فيها الإعلام، وسبب ذلك طبعا هو هيمنة الرجل ثقافيا واجتماعيا، وإقصائه للمرأة وإدنائه لمنزلتها. ولذلك فإن المشاق التي تكابدها المرأة في سبيل إثبات ذاتها اجتماعيا والعمل في حقل الإعلام بتفوق، واضحة للعيان، ومقارنتها بالمشاق التي يواجهها الرجل دالة على ما يؤدي إلى قلة الإعلاميات.
ويضيف: «المهنة الإعلامية مهنة متاعب حقيقية سواء في تماسها مع بؤر الصراع والتنافس والعنف أو الخروج إلى الميدان. ولا يكفي ذلك لتصور متاعب المهنة الإعلامية لأن الإعلامي فوق ما يواجه من مشاق الميدان، في حاجة إلى بنية اجتماعية تفسح للفردية وتحترم ذاتيتها واستقلالها ومازال المجتمع يختزن خلفية ثقافية موبوءة بالتحرج تجاه المرأة. كل ذلك يعني أن العمل الإعلامي بمعناه المهني هو بطولة حقيقية أكثر وضوحا وتجسدا في اضطلاع المرأة به وانتمائها إليه من الرجل».
رغبة كامنة
بدروها، قالت الإعلامية رؤى مصطفى «الإعلاميات موجودات، وبرزن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لأنه هو الداعم لها، وإذا لم تظهر المرأة في عهده فمتى ستظهر؟ ولا أخص فقط المرأة الإعلامية فقط بل جميع النساء الطموحات، بشتى المجالات وتلمست من خلال عملي الإعلامي بأن الفتيات لديهن الرغبة الكامنة في العمل في الساحة الإعلامية وأخص بذلك الصحف الورقية، والإذاعة، والتلفاز، إلا أن هناك حاجز العادات والتقاليد في المجتمع السعودي بالخصوص من أولياء الأمور، للراغبات في المجال الإعلامي، فبسبب هذه الأمور نجد قلة من الإعلاميات الموجودات على الساحة، والإعلام لا ينجح فيه إلا من لديه الطموح والصبر والمثابرة لبلوغ المراد، وليس أن تدخل إحداهن المجال الإعلامي بل أن تواصل فيه ويكون لها بصمة خاصة في المجتمع على الوجه العام، وتخدم نساء جنسها على الوجه الخاص، والإعلام يبقى الرسالة السامية لمن لا صوت له».
الجهل بالدين
وفي ذات السياق، قال حسن الشريف أحد مثقفي نجران «على الرغم من الإنجازات التي تحققت للمرأة السعودية إلا أن مجالات عملها مازالت محدودة جدا، فهي مقتصرة على التعليم والصحة وفي الآونة الأخيرة مجال المستلزمات النسائية وبعض المجالات الأخرى، ولكن بشكل خجول، أما المجال الإعلامي فحاله حال المجالات الأخرى التي لايزال الإقبال عليها قليلا، وظهور المخاوف من عمل المرأة سببها الجهل بالدين، وجعله ذريعة لعزل نصف المجتمع وإبطال مفعوله في معظم مناحي الحياة والإعلام أحدها».
معوقات
الإعلامية سلمى الصالح ترى من وجهة نظرها أن قلة تواجد المرأة في قطاع الإعلام يعود إلى عدة أسباب منها طبيعة المنطقة التي تغلب عليها العادات والتقاليد المتوارثة التي لا تفضل الاحتكاك بالعمل مع الطرف الآخر، في ظل أن هناك انفتاحا على العمل في القطاع الصحي، وأيضا الرواتب غير المجزية وانعدامها في فترات التدريب فالعمل في ذلك المجال ليس بالسهل، وفي نفس الوقت بحاجة إلى مقومات تخدم كافة الأطراف التي من أهمها المادة، والمواصلات فذلك يساعد على المواصلة والاستمرارية.
غياب الوعي
من ناحيته، أرجع عبدالله بن صال آل عباس أحد مثقفي نجران قلة وجود الإعلاميات وفي نجران بالذات إلى عدم وعي المجتمع بذلك وعدم اهتمامه للأسف بهذا القطاع وأهميته في التنمية، وقلة وعي منهم بأهمية دور الإعلام بشكل عام، كذلك العادات الاجتماعية تحول دون ذلك، فأغلب الناس يرون أن انخراط قريباتهم في تلك الوظائف هو من المنكرات ومن العيب، وسيكون حاجزا وعائقا دون حياتهن الزوجية مستقبلا، وكذلك دور وزارة الثقافة والإعلام قاصر عن استقطابهن، وتشجيعهن وتدريبهن، والتعريف بدور وأهمية وضرورة الإعلام.
وعلى ذات المنوال، قال الإعلامي يحيى أبوطالب (المالك لإحدى الصحف الإلكترونية) إن السبب في ذلك يعود إلى قلة التعاطي والتبادل بين الإعلامية والجهات التي تنتمي إليها ومنها الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، ويضيف أبوطالب: «لا ألوم الإعلامية ولا ألوم الجمعية كجهة جادة في عملها تسعى إلى عقد علاقة وتواصل مع الإعلامية ولذلك قد لا تعلم الإعلاميات غالبا عن نشاطات الجمعية وإذا ما حضرت الإعلاميات فوجئت بوجود غيرهن ممن لا ينتمين إلى الإعلام لأن من المنسقات من تسعى إلى إغراق الإعلام بمن لا يهمه أمره، وتحرص على دعوة معارفها فحسب، كما أن بعض الأسر السعودية أقصد ممن تخرجن بناتهن من أقسام الإعلام ترفض خروجهن للعمل الصحفي بحجة العادات والتقاليد لدينا»، ويستطرد قائلا: «لهذه الأسباب تجد الإعلاميات لدينا على عدد الأصابع، وأزيدك من الشعر بيتا فإن معظم خريجات الإعلام للسنوات الماضية في بيوتهن بسبب تلك العادات، وعلى فكرة، هناك عناصر نسائية إعلامية تعلو الرجال ثقافة وفصاحة لكنهن رضخن لتلك العادات»، ويتابع القول: «الإعلام يحتاج إلى متابعة وخروج لأرض الواقع مع الحدث أينما كانت الجهة لكن إعلامنا النسائي مكتف اليدين بسبب تلك العوائق ولكي نخرج من هذا المأزق يجب توعية الأسر بأهمية الإعلام».
الأمان الوظيفي
الإعلامية سكينة مشخص لم تذهب بعيدا عمن سبقها، فقالت «هناك الكثير من الإعلاميات، ولكن أغلبهن لازلن متعاونات، وذلك لا يوفر الأمان الوظيفي فتلجأ الواحدة منهن إلى وظيفة أخرى توفر لها الاستقرار، ولا يوجد حاضنة ولا تخصص دراسي مما يضطر البعض منهن للدراسة على نفقتهن الخاصة، قد يشكل عدم توفر دراسة الإعلام عائقا في مسيرة الإعلامية، وأنا نموذج حي حيث إنني أعمل في الإعلام من عام 2005م وإلى الآن لازلت متعاونة رغم أني متفرغة، وهناك أسر كثيرة ترفض عمل بناتهن من باب الاختلاط لكن هذا لا يمنع من أن هناك مواهب نسائية سعودية تقف العادات والتقاليد حائلا بينهن وبين العمل في مجال الإعلام».
ثقافة القلم
من جهتها، قالت الإعلامية خامسة سالم «أعتقد أن ندرة الإعلاميات سببه عدم الوعي بأهمية الإعلام في مجتمعنا، وكذلك عدم اقتناع البعض بالدور الذي قد تقوم به الإعلامية لخدمة مجتمعها، ثم أن ثقافة القلم نفسه مازالت ضحلة فيما يخص الرجال ناهيك عن المجتمع النسائي، وفيما يخص ثقافة العيب النابعة من العادات والتقاليد، فأنا أعتقد بأن وسائل الإعلام الحديثة كالإنترنيت، والصحف الإلكترونية قد قللت من حدتها».
ثلاثة أسباب
وأوضحت الإعلامية صباح الأسمري أن هناك ثلاثة أسباب لقلة التحاق المرأة في قطاع الإعلام هي على حد قولها أسباب ذاتية قد تكون في عدم الثقة بالنفس وعدم الإيمان بقدراتها التي تمتلكها لمزاولة الإعلام، كما تلعب العادات والتقاليد دورا مهما في استبعاد الإعلامية، إلى جانب التفسير الخاطئ لمن يعمل في ذلك الوسط والذي يشكل عائقا كبيرا، ويظل أقوى الأسباب التعليمية مطالبة وزارة الثقافة والإعلام بتكثيف الدورات التريبية لهن وتسهيل التحاق الإعلاميات فيها».
تميز
إلى ذلك، قالت الإعلامية شوق العبدالله «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتصور أن المرأة السعودية تفتقد إلى الموهبة الإعلامية، فما نشاهده على أرض الواقع يؤكد أن المرأة السعودية لديها قدرات، وقادرة على التميز بأي مجال ترغبه»، وأضافت: «أما سبب ندرة الإعلاميات السعوديات فهذا مرده إلى أمر واحد، ألا وهو القيود الاجتماعية المفروضة عليهن، لذا نجد تواجدهن قليل جدا، إذا ما تمت مقارنته بما تستطيع فعله في هذا المجال، والدليل أن من دخلن المجال الإعلامي أثبتن قدرتهن على النجاح وحققن التميز والتفوق».
المصدر / عكاظ
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20130620/Con20130620612732.htm