نزهة عزيوي
11-13-2013, 01:02 AM
وضعت رأسها على الوسادة ظنا منها أنها سوف ترتاح من عبئ أحلامها الخيالية، استسلمت لنوم عميق بسرعة كبيرة، إنها جد متعبة وكل عضو من جسدها يطلب الراحة. العمل خارج البيت وداخله ينهكها، والروتين يكاد يورثها الكسل والخمول، لولا بعض الأعمال اليدوية التي تتقنها وتحب القيام بها كهواية، مع القراءة لبعض المجلات والصحف.
هي فتاة شابة في الثلاثينات من عمرها، متوسطة الجمال، حالمة ورومانسية إلى أبعد الحدود، تنحدر من أسرة محافظة وبسيطة، يعيشون في حي متواضع مع أناس بسطاء مثلهم.
كعادتها همت بالخروج من المنزل قاصدة جارتها وصديقتها لرؤيتها والتحدث معها.إلا أنها فوجئت بعدد كبير من الناس وأصحاب البذلة الخضراء يركضون هاربين ، ويأخذون كل من يجدونه في طريقهم من المدنيين معهم،إنها تسكن قرب الثكنة العسكرية. أمسكها من يدها وقال:
ـ يجب أن ترافقينا.
ـ سألته: لماذا؟ ماذا حدث ولما يركضون؟.
ـ أجابها مستغربا: ألم تسمعي دوي الانفجار؟.
ـ لا، ما معنى ذلك؟.
ـ لقد استيقظ بركان كان نائما منذ زمن بعيد، الحمم وملفوظاته تتجه نحونا بسرعة. أنظري إلى الدخان الكثيف في الأعلى والى الشعلات النارية المتجهة إلينا وكأنها نيازك تسقط من الفضاء.
صرخت بأعلى صوتها، وأوقفته.لقد تذكرت شيئا، انه والدها المقعد، وأخوها الأصغر نائم ولن يحس بشيء، وأيضا تذكرت أنها تركت ابنة عمها الصغيرة ذات السنوات الأربع، يا الله ما هذه الكارثة؟.بدأت دموعها تذرف بغزارة الملفوظات البركانية، حين صحت قليلا من صدمتها وجدت نفسها قد ابتعدت عن البيت. مصيبة كيف تعود بسرعة وماذا إن كان الأوان قد فات. أفكار غريبة وسوداء مثل الغيوم التي أحاطت بهم، بدأت تهاجم عقلها.زادتها هما على هم. استدارت في محاولة للعودة إلى الوراء، والرجوع إلى المنزل، وإذا بيد تمسكها بقوة، انه نفس الشخص ذو البذلة الخضراء مانع عودتها، مبررا الأمر أن الخطر قد زاد. لكنها لم تهتم لتبريراته، حاولت وبكل لطف أن تفلت من قبضة يده ؛ "أريد أن أنقد أبي وأخي، وعزيزتي الصغيرة. هي لا تفارقني كلما أتت إلينا فكيف أفارقها الآن وأتركها تلقى حتفها. سأعود".
كانت هذه الكلمات نابعة من قلب رقيق مكلوم، فما كان منه إلا أن تطوع للعودة بدلا منها.أعطته أوصاف المنزل، وبما أنه أخذها من الدرب الذي يوجد فيه ،لا حاجة لأكثر من ذلك.أوصى صديقه بها وأخبرها أن تذهب معه ولا تفارقه. تمنت له العودة سالما مع أفراد عائلتها أيضا.إنها حقا أكبر كارثة تصيب المدينة، الفوضى تعمها، صراخ وعويل النساء والأطفال يملا كل مكان، الناس يعدون في جميع الاتجاهات في عشوائية لا تتصور. الفزع والخوف من الموت بهذه الطريقة أصابهم بالذعر، الكل يبحث عن منفذ للنجاة، أكملت الفتاة طريقها مع الجنود وفي نهاية الشارع كانت هناك شاحنات بانتظارهم لنقلهم هم والكثير من المدنيين إلى بر الأمان.
صعدت إلى الشاحنة، كانت المدنية الوحيدة التي تركب معهم.سرحت وشردت لمدة تتذكر المصيبة التي ألمت بالمدينة عامة وبها خاصة، الخوف على أهلها وبالأخص أباها المقعد. ومصير باقي أفراد الأسرة الذين كانوا خارج المنزل حينها.
زادت على همها خوفها على الشاب الذي ذهب لإنقاذهم، هي قلقة للغاية عليه، وندمت لأنها لم تذهب معه وتركته يعود وحده.
أين الكولونيل أحمد؟ هل رآه أحدكم؟.
كان هذا الصوت هو الذي أيقظها من توهانها الفكري، انه صديقه من يسال عنه، انتفضت. أيكون الشخص المفقود هو نفسه الذي عاد لانقاد أبي، رغم رتبته العالية إلا انه أصر على الذهاب بنفسه بدل إرسال جندي من فرقته.لقد كبر في نظرها لنبله وشهامته ، صار خوفها عليه أكبر.
في تلك اللحظة أحست بشيء يلمس رجليها، كان دافئا ورطبا، فقامت مفزوعة.انه قطها المدلل يحاول الهرب من البرد والتجأ إلى فراشها لينام عند رجليها. تلفتت من حولها فوجدت الظلام ولامست جوانبها إنها في الفراش.أجل لقد كانت تغط في نوم عميق ولم تكن الكارثة سوى حلم مروع،يحتوي على شيء جميل حدث معها، العثور على فارس الأحلام كما ترغب أن يكون. أسفت لأن الأمر كان فقط مجرد حلم، وفي نفس الوقت شكرت الله على أن تلك المصيبة لم تكن سوى حلم وكابوس استيقظت منه.حاولت أن تعود إلى نومها مجددا إلا أنها لم تستطع، فكرة غريبة سيطرت على تفكيرها وهي محاولة معرفة نهاية الحلم. في نهاية المطاف استسلمت ثانية للنوم، لكنها لم تجد النهاية التي تتمناها بعد.
بقلمي :عزيوي نزهة
Le:13/11/2009
هي فتاة شابة في الثلاثينات من عمرها، متوسطة الجمال، حالمة ورومانسية إلى أبعد الحدود، تنحدر من أسرة محافظة وبسيطة، يعيشون في حي متواضع مع أناس بسطاء مثلهم.
كعادتها همت بالخروج من المنزل قاصدة جارتها وصديقتها لرؤيتها والتحدث معها.إلا أنها فوجئت بعدد كبير من الناس وأصحاب البذلة الخضراء يركضون هاربين ، ويأخذون كل من يجدونه في طريقهم من المدنيين معهم،إنها تسكن قرب الثكنة العسكرية. أمسكها من يدها وقال:
ـ يجب أن ترافقينا.
ـ سألته: لماذا؟ ماذا حدث ولما يركضون؟.
ـ أجابها مستغربا: ألم تسمعي دوي الانفجار؟.
ـ لا، ما معنى ذلك؟.
ـ لقد استيقظ بركان كان نائما منذ زمن بعيد، الحمم وملفوظاته تتجه نحونا بسرعة. أنظري إلى الدخان الكثيف في الأعلى والى الشعلات النارية المتجهة إلينا وكأنها نيازك تسقط من الفضاء.
صرخت بأعلى صوتها، وأوقفته.لقد تذكرت شيئا، انه والدها المقعد، وأخوها الأصغر نائم ولن يحس بشيء، وأيضا تذكرت أنها تركت ابنة عمها الصغيرة ذات السنوات الأربع، يا الله ما هذه الكارثة؟.بدأت دموعها تذرف بغزارة الملفوظات البركانية، حين صحت قليلا من صدمتها وجدت نفسها قد ابتعدت عن البيت. مصيبة كيف تعود بسرعة وماذا إن كان الأوان قد فات. أفكار غريبة وسوداء مثل الغيوم التي أحاطت بهم، بدأت تهاجم عقلها.زادتها هما على هم. استدارت في محاولة للعودة إلى الوراء، والرجوع إلى المنزل، وإذا بيد تمسكها بقوة، انه نفس الشخص ذو البذلة الخضراء مانع عودتها، مبررا الأمر أن الخطر قد زاد. لكنها لم تهتم لتبريراته، حاولت وبكل لطف أن تفلت من قبضة يده ؛ "أريد أن أنقد أبي وأخي، وعزيزتي الصغيرة. هي لا تفارقني كلما أتت إلينا فكيف أفارقها الآن وأتركها تلقى حتفها. سأعود".
كانت هذه الكلمات نابعة من قلب رقيق مكلوم، فما كان منه إلا أن تطوع للعودة بدلا منها.أعطته أوصاف المنزل، وبما أنه أخذها من الدرب الذي يوجد فيه ،لا حاجة لأكثر من ذلك.أوصى صديقه بها وأخبرها أن تذهب معه ولا تفارقه. تمنت له العودة سالما مع أفراد عائلتها أيضا.إنها حقا أكبر كارثة تصيب المدينة، الفوضى تعمها، صراخ وعويل النساء والأطفال يملا كل مكان، الناس يعدون في جميع الاتجاهات في عشوائية لا تتصور. الفزع والخوف من الموت بهذه الطريقة أصابهم بالذعر، الكل يبحث عن منفذ للنجاة، أكملت الفتاة طريقها مع الجنود وفي نهاية الشارع كانت هناك شاحنات بانتظارهم لنقلهم هم والكثير من المدنيين إلى بر الأمان.
صعدت إلى الشاحنة، كانت المدنية الوحيدة التي تركب معهم.سرحت وشردت لمدة تتذكر المصيبة التي ألمت بالمدينة عامة وبها خاصة، الخوف على أهلها وبالأخص أباها المقعد. ومصير باقي أفراد الأسرة الذين كانوا خارج المنزل حينها.
زادت على همها خوفها على الشاب الذي ذهب لإنقاذهم، هي قلقة للغاية عليه، وندمت لأنها لم تذهب معه وتركته يعود وحده.
أين الكولونيل أحمد؟ هل رآه أحدكم؟.
كان هذا الصوت هو الذي أيقظها من توهانها الفكري، انه صديقه من يسال عنه، انتفضت. أيكون الشخص المفقود هو نفسه الذي عاد لانقاد أبي، رغم رتبته العالية إلا انه أصر على الذهاب بنفسه بدل إرسال جندي من فرقته.لقد كبر في نظرها لنبله وشهامته ، صار خوفها عليه أكبر.
في تلك اللحظة أحست بشيء يلمس رجليها، كان دافئا ورطبا، فقامت مفزوعة.انه قطها المدلل يحاول الهرب من البرد والتجأ إلى فراشها لينام عند رجليها. تلفتت من حولها فوجدت الظلام ولامست جوانبها إنها في الفراش.أجل لقد كانت تغط في نوم عميق ولم تكن الكارثة سوى حلم مروع،يحتوي على شيء جميل حدث معها، العثور على فارس الأحلام كما ترغب أن يكون. أسفت لأن الأمر كان فقط مجرد حلم، وفي نفس الوقت شكرت الله على أن تلك المصيبة لم تكن سوى حلم وكابوس استيقظت منه.حاولت أن تعود إلى نومها مجددا إلا أنها لم تستطع، فكرة غريبة سيطرت على تفكيرها وهي محاولة معرفة نهاية الحلم. في نهاية المطاف استسلمت ثانية للنوم، لكنها لم تجد النهاية التي تتمناها بعد.
بقلمي :عزيوي نزهة
Le:13/11/2009