مشاهدة النسخة كاملة : حكايات بين الرفوف (م.ق)
مثير الجدل
12-12-2013, 01:55 AM
مرة أخرى أهلا وسهلا بالجميع , أن شاء الله تكونوا بخير وصحة وسلامة
وبعيدا عن ثرثرتي المملة المعتادة وكي لاأطيل عليكم , نظرا لأنني أنهيت عمل (فرانك المعتوه) أرتأيت أن أعتمد هذا العمل الذي يختلف شكلا ومضمونا عن كتاب (فرانك) , وكما هو واضح من العنوان (حكايات بين الرفوف) عبارة عن مجموعة قصصية أو شغفي وأكثر ما أحبه في الكتابة وأقصد (القصة) , طبعا هو كتابي الأول عبارة عن قصص منوعة كتبتها قبل سنوات وأعتمدت بعضها في منتديات أخرى وبعض المجلات الألكترونية قبل مايقارب سنتين أو ثلاث فقمت بجمع كل هذه القصص في هذا العمل .
ربما يسأل أحد ما الفائدة من أعادة تنزيل القصص مرة أخرى , ذلك بسبب بسيط جدا , لأنني حين أكتب قصة أصوغها وأكتبها بثلاث طرق مختلفة ,
- الأولى : أكتبها باللهجة العامية .
- الثانية : أكتبها بالفصحى ولكن بطريقة (سرد مباشر) فقط الحوارات والأحداث بعيدا عن شرح الشخصيات ومشاعرهم والحدث .
- الثالثة : أكتبها بسرد أدبي بحت مفصل وأتعمق أكثر في مشاعر الشخصيات وحواراتهم وكل شيء .
فكل القصص التي أعتمدتها من قبل على مواقع الأنترنت كانت بطريقة (السرد المباشر) , فهذه النسخة هي الأصلية الطويلة المفصلة (بسرد أدبي بحت) بكل أحداثها وتختلف في كل شيء عن باقي النسخ حتى في الأحداث ذاتها , فكما هو معروف المواضيع في المنتديات تنتقل من منتدى لآخر لذا أكون حذرا دائما وأحتفظ بالنسخة الأصلية لدي ولا يطلع عليها أحد عدى أقرب المقربين , وأعتقد بأن القصص التي أعتمدتها من قبل أنتقلت لأكثر من مكان كما هو معروف ويحصل مع معظم المواضيع في المنتديات وربما بأسماء مختلفة وقد تكون نقلت حتى لهذا المنتدى لاأعلم , ولكن جميع نسخ هذه القصص الأصلية وثقتها في هذا الكتاب الذي لم يقرأه أحد .
طبعا سأعتمد قصة مابين كل فترة كما هو معتاد , وسأعتمد الآن ثلاث قصص نظرا لظروف سفري , وأن أمكن بعد عدة أيام سأضع قصة أخرى , وأتمنى أن تكون القصص عند حسن ظن الجميع .
مثير الجدل
12-12-2013, 01:56 AM
(حكايات بين الرفوف)
متهم في مخفر الشرطة
(طالب) شابٌ بسيط جداً يمتلك محلاً لبيع الملابس كان لوالده , لكن مشكلة (طالب) أنَّ كل من حوله يكرهونه لأن عائلته سيئة السمعة جداً , فأبوه ينتظر حكماً بالإعدام لقتله طفلاً دهساً بسيارته وهو تحت تأثير الخمر وقتئذ كان الغروب كئيب , والدته أيضا ماتت وهي تتعاطى الخمـر في حفلة ماجنة , أما شقيقه الأكبر فقد أدمن المخدرات واختفى قبل سنة ، ولا أحد يعلم أين استقرت به الأرض , شقيقته التي تصغره بعام هربت هي الأخرى من عالمها مع صديق لها , مما حدا بطالب أن يتشرنق حول نفسه بالعزلة مغلقاً قوقعته بإحكامٍ تفادياً لنظرات الناس المؤلمة , بقى (طالب) وحيداً خائفاً في هذا المنزل الموحش يفكر في الاختفاء كأخيه تارة ، وتارة أخرى تراوده فكرة الهروب من هذا العالم الموحش كأخته ، إلا أنه لم يفعل .
عاد ذات مساءٍ حارٍ من محله يريد الوصول لمنزله الذي لا يعرف مكاناً أخر غيره وصل حارته وإذ به يجد سيارات الشرطة تنتظره , أكتشف بعدها أن أحدهم سرق المنزل اللصيق لمنزله ، وهو المتهم الوحيد في هذه الجريمة , فأقتادوه إلى مخفر الشرطة ، وعيون الجيران تكاد تأكله حنقاً وغضبا وربما شماتة وفرحاً لأنهم سيتخلصون منه أخيراً كأنهم كانوا ينتظرون هذا اليوم الذي ينمحي وجود هذه العائلة من حارتهم .
أدخلوه على الضابط المناوب الذي كان يكره (طالب) وأسرته كثيراً لأنه (والد الطفل الذي قضى تحت عجلات سيارة أبيه) , كأن الضابط كان ينتظر أمراً كهذا, بدأ التحقيق معه بكل قسوة وصلافة , راح يشتمه بألفاظٍ كان (طالب) يسمعها كثيراً من الأولاد في حارته ، إلا أن الضابط الذي خرج عن عقال حلمه غضبا شمل جميع الأسرة في شتائمه ، قائلاً له : بأنكم عائلة منحطة جداً ، لا تعرف إلا لغة الجريمة والانحطاط ، وصدقني سأدخلك السجن مع أبيك ليلتم شمل عائلتكم القذرة في المكان الذي يليق بأمثالكم , (طالب) كان يتلقى كل هذا السباب بصمتٍ أشبه بالفراغ كمسامير تدق في جسده محدثة موجات من الألم الذي لا يعرف مصدره .
هنا صرخ الضابط في وجه (طالب) : أخبرني أيها اللعين , لما سرقت المنزل ؟
قال (طالب) منكسراً : لست أنا السارق , فلديَّ حجة غياب صلبة ، إذ كنت في دكاني طوال اليوم ولم أخرج منه ولديَّ من يشهد بذلك , غير أن الضابط بدأ يشتمه من جديد وكأنه لم يسمع شيئاً مما قال (طالب) , في تلك اللحظة قاطعهم شرطيٌ آخر قد دخل عليهما غرفة التحقيق وقال : لقد قبضنا على السارق الحقيقي وعنده المسروقات وقد أعترف بجريمته .
صمت الضابط قليلاً ونظر إلى (طالب) بكل حقدا وغضب وقال له : لقد جاءك الفرج ولو كان بيدي لحكمت عليك بالإعدام كوالدك ، ولكنني لن أستعجل ستعود إلي هنا عاجلاً أم آجلاً ، فأنت مجرم بالوراثة والإجرام يجري داخلك كمجرى الدم في العروق , هيا أيها الوضيع أعطني بطاقتك الشخصية كي أوقع المحضر وأخلي سبيلك راغماً .
طالب : لقد نسيت بطاقتي في المنزل , هل تأذن لي كي أذهب وأحضرها .
الضابط : أحقا , هل تستهزء بي أم ماذا , لن تخرج من هنا ألا بكفالة من أحدا محترم ، لأنكم عائله مجرمة وليس لديكم أحترام للقانون أو أي أحد .
طالب : أتريدني أن أتصل بأحدٍ كي يكفلني ؟
الضابط : نعم , قم بالاتصال بأحد .
راح (طالب) ينظر إلى هواتفه التي يحملها بيديه وإلى المحقق وكل المكان من حوله وكأنه ينظر إلى عالمه وماجرى فيه وسخرية قدره بدى كمن يريد أن يصرخ صرخة يسمعها العالم بأسره وقال في مشاعره المختلطة تلك والعبرة قد خنقته : أنظر ياحضرة الضابط أنا لدي (هاتفان) لأنني كل فتره أتصل على نفسي وأرسل لنفسي رسائل خاصة لأن أحدا لايريد أن يتعرف علي , ولا يتشرف أحدا بالتكلم معي .
ويكمل (طالب) وعينـاه تملؤها دموع الانكسار وصوتا متعبا بحشرجة : ياحضرة الضابط الناس إذا شاهدوني أمشي في الشارع يهربون مني ويتحاشون حتى النظر إلي , أظل مريضاً في فراشي ثلاثة أيام ولا أحد يعرف عني شيئاً ولا يـزورني أي حد , أحضرتموني إلى هنا وكما رأيت أنت لم يأتِ إليَّ أحد حتى يخرجني أو على الأقل يسال عني , ذهبت كي أتزوج لكن أحدا لايريد أن يعطيني أبنته , الناس يا حضرة الضابط حكمت علي بالسجن وتعاقبني وأنا حي منذ زمنٍ بعيد , يا حضرة الضابط ، والدي ينتظر حكما بالأعدام , والدتي ماتت وهي تشرب الخمر , شقيقي مدمنا للمخدرات , وشقيقتي هربت ورفيقها , أنا هؤلاء هم عائلتي ,, لكنني ,, لست مثلهم ياحضرة الضابط , لماذا لا يريد أحد أن يصدقنـي ؟
عشتُ طوال عمري جنب الحائط طلباً للسلامة ، لم أوذِ أحداً في حياتي ولا حتى قطط الشوارع , من منزلي لدكاني ومن دكاني لمنزلي , لاأعرف ماالذي تريدونه مني ؟
حركت كلمات (طالب) ودموعه وجدان الضابط الذي أنصتَ لضميره شيئاً ما وتعاطف معه ثم قال له : حسنا , سوف أكفلك أنـا , كفــله الضابط بالفعل , همَّ بعدها (طالب) بالخروج مودعاً وشاكراً إلا أن الضابط أستوقفه قائلاً بخجل وندم : تذكر فقط يا بني بأن الناس لا يرون داخلك النقي .
مثير الجدل
12-12-2013, 01:56 AM
وسوسة شيطان
(حاتم) رجل دين ملتزم جدا , متشدد , حافظا للقرآن , دقيق في أصغر تفاصيل دينه , أمام مسجد يصلي خلفه حشودا وجموع , يحبه الجميع ويحترمه لأخلاقه العالية وغيرته الشديدة , يأتي إليه الناس من كل حدبا وصوب يستمعون لنصائحه التي لاتقدر بثمن .
ذات يوم كأنه يبشر خيرا إذ كان جالسا في شقته التي ملئت أيمانا وأحتسابا ملائكة تزورها وتحب المكوث فيها , كعادته يقرأ ماتيسر من كتاب الله بصوتا خاشعا سجي يجبر سامعه على الوقوف ريثما ينتهي , لحظات قنوته تلك قاطعها طرق باب شقته المشؤوم وكأنه إبليس أو أحد شياطينه , فتحه وإذ بها فتاة يقشعر لجمالها البدن , أشاح نظره عنها محصنا نفسه من ثغرة قد يغرره الشيطان بها , لم يقدر على ذلك فجمالها يخطف اللب والأبصار لم يرى مثلها قط , نظر إليها مرة أخرى وباغتها بسؤال : من أنتي ؟
الفتاة : أنتقلت للتو , وأسكن قبال شقتك .
حاتم : وماذا تريدين , أتنشدين شيئا ؟
الفتاة : علمت بأنك رجل دين تقدم النصح للناس , وأنا كنت فتاة سيئة غرتني الحياة بملذاتها , أعاقر الخمر , وأحضر حفلات ماجنة , أقيم علاقات مع الجميع , عرفت ذنبي الآن , وأشعر بأنني جيفة قذرة , أليا توبة ؟
لم يبخل عليها (حاتم) بالنصح فتلك وظيفته , أدخالها شقته وعالمه النظيف الطاهر راح يرشدها ويعلمها مما حفظه وتربى عليه , شغلته مشكلة أخرى هزت إيمانه شيئا ما إذ تلك الوساوس والهواجس الشيطانية لم تبارح نفسه لحظة , يصدها ويردها ترجع إليه بطريقة أو بأخرى بأسلوب ناعما سلس , جمال تلك الفتاة شتت ذهنه وخلخل إيمانه , متمالك نفسه بخطوات ثابتة وأخرى مهزوزة كخيطا رفيع بين نارا وجنة , أدى ماعليه من أمانة مطمئنا الفتاة وقت خروجها من شقته ومؤكدا لها حرصه الشديد بأدخال الأيمان قلبها وتطهيرها من تلك الذنوب التي لحقت بها .
وحيدا منفردا في شقته التي لم تنجس من قبل كما حدث لتوه , صورة الفتاة لم تفارقه لحظة شيطانا يوسوس له وآخر يتلاعب به , يقاوم تارة وأخرى يقرأ ماتيسر من آيات تبعد الشياطين عنه , يصبر ويتحمل كل ذلك الهاجس , يصفع إبليس فيعود إليه كل مرة بفكرة أكثر إغراء من أختها , مجاهدا بين نفسه التي مامست هكذا من قبل .
مترددة عليه الفتاة مرة في الليل وأخرى في ضحى تستفيد مما يعلمها وينورها بأيمانه التي زعزته وبعثرته وقلبت كيانه دون قصد .
تمر الأيام عليه والحرب تشتد عنفوان ووحشية وقسوة بداخله , وذلك الوسواس اللعين بدأ يرجمه ويستنزف إيمانه قبل طاقته , لم يعد قادرا أكثر على أمتداد تلك الحرب , إذ وصلت عقله وراحت تقصفه بصواريخ لم يعرف مصدرها , تتفجر محدثة أشعاع شبه نووي يزيل ماحفظه تلك السنين ويمحي دينه من ثباته .
أنهكته الحرب وأفلست مالديه أخرجت منه خزائن لم تقدر بثمن , ظل يحتفظ بها سنين وعقود ليوما كهذا لم يدري بأنها أفسدت وتعطلت ولم تعد تنفعه , فالمعارك تتنوع أساليبها وأستراتجيتها من جيشا لآخر , كل حربا لها طرقها وترسانتها الخاصة بالفوز كل وحسب ماتقتضيه الحاجة , فلم يكن جاهزا لهكذا نوع من المعارك إذ ظن نفسه بمنأى عنها ولن تصل لداخله فلم يقاوم ببسالة كما ينبغي , راح يطلق قذائف بشكل عشوائي أرتدت عليه وجنوده في النهاية , بنيران صديقة خسر الحرب وكل شيء رافعا بيده راية الأستسلام البيضاء .
خلع رداءه الطاهر وأرتدى آخر كله نجاسة , ينتظر الفتاة وينتظر ليرتكب جريمته التي حلم بها كابوسا يدخله نارا وقودها الناس والحجارة , دق الباب وقلبه يدق معه دخلت الفتاة محتشمة تطالع الأرض خجلة , أقفل الباب على غير العادة مخبأ مفاتيحه بداخل جيبه مما أفزع الفتاة وأخافها
سألته متعجبة : لما قفلت الباب ؟
حاتم : حقيقة الأمر جمالك الفاتن سلب عقلي , ليته ذاك بس حتى إيماني وديني , أقاوم طوال تلك الأيام بلا جدوى فلا قدرة لي عليه .
أحست الفتاة برهبة لم تشعر بها من قبل , ترتجف قائلة : ماذا تفكر أن تفعل ؟
حاتم : أعاشرك , هذا كل ماأطلبه , بعدها تعودين شقتك بسلام .
رفضت الفتاة بقوة , وقالت له : أمجنونا أنت , هل فقدت عقلك , رجل دين مثلك , كيف تجرأ وتقول هذا .
حاتم : أرجوك , لم أعاشر فتاة قط , فلست متزوجا كما تعرفين , والشيطان تلاقفني من كل جانب , وأظهر قبيح سريرتي .
مرارا وتكرارا رفضت الفتاة , فكرت أن تأخذ المفتاح من جيبه ولو بالقوة , شدا وجذب بينهما فقام بضربها كما لم يضرب أحدا من قبل , وكأنه ينتقم لإيمانه ودينه الذي لن يعوض , وقعت الفتاة أرضا أستغل تلك اللحظة نزع ماترتديه (أغتصبها) وفعل ماأراده وخاض لأجله حربا دمرته ودمرت كل جميلا فيه.
بعد أن أنهى فعلته همت الفتاة بالخروج من الشقة بحسرة وحرقة على مصاب جلل أصابها , وحين صلت إلى الباب توقفت فجأة , لحظات أستدارت عليه
وقالت : أريدك أن تسامحني ؟
حاتم الذي تعجب من كل ذلك , أجابها : ولما , إنتي من يفترض أن يسامحني , فلقد قمت بضربك وأغتصابك , ثم سكت ثوان وقال : لكنني لاأريدك أن تخبري أحدا بالذي حدث , كي لاتشوهي صورتي الجميلة الطاهرة , وحتى لو أخبرتي الناس بذلك فلن يصدقك أحد ثقي بي , لأنهم يعرفوني جيدا .
الفتاة : حسنا , لك ماأردت , ولكنني أرتجيك ثانية لكي تسامحني ؟
تبسم حاتم وقد غلبته حيرة ما , وقال لها : أخبرتك مسبقا , ولماذا تريدينني أن أسامحك .
أقتربت منه الفتاة بخطوات لايسمع صوتا لها مما جعله يتوجس خيفة منها , أحتضنته بقوة شديدة أحس بها نارا تحرقه , همست بهدوء في أذنه , وقالت : (أنني مصابة بالأيدز) .
مثير الجدل
12-12-2013, 01:57 AM
سعاد
(سعاد) فتاة تبلغ من العمر 26 عامًا ، طيبة القلب (فقيرةً قبيحةً) لاذوق لها في اللباس أو غيره فليست كباقي ذوات جنسها إذ أنها تجهل أبسط صيحات الموضة والأناقة وماتفعله باقي الفتيات , تعرفت على شابا يدعى (يوسف) عن طريق الماسنجر مكانها الوحيد الآمان , حيث تحب الجلوس فيه طويلا والتحدث دون كللا أو ملل كملجأ تختبأ داخله من خطرا يحدق بها هاربة إلى المجهول ببساطة عقلها وتواضعه .
كانت تتحدث إليه كلَّ ليلةٍ ساعات طويلـة ، لم تكـن تعرف شكله ، أيضًا لم يكن يعرف شكلهـــا , يتكلمان عن كلِّ شيءٍ أحلامهما أمانيهما , أخبرته بقبحها وفقرها أرادت أن تكون صادقةً مع نفسها قبل أحد , تعلَّقــت به كثيرًا لجديته وتمسكه بأحلامه ورغبته الصادقة في تحقيق ذاته ، غير أنه وبعد أشهر أنقطعت عنهــا أخباره أختفى من عالم الماسنجر فجأةً دون وداعٍ .
مرَّت سنونٌ أربع تزوجـت خلالها شقيقاتهـا الأصغر منها سنا ، بينما هي ظلَّتْ عزبــاء تنتظر فارس الحلم الذي لم يأتي , حزنت لحالها فلازوج ولا مالا يغنيها ولاحتى جمال .
نفسيتها السيئةً ما عادت تطيق أحدا , لوحدها تبكي دائما وتصرخ بسببا أو بدونه , كان أهلها يراعون مشاعرها لعلمهم بحالتها وقلبهــا المكسور ومحدودية عقلها وتفكيرها , يوسوس لهــا الشيطان لترتكب محرما إلا أنهـا صبرت صبرًا لا يحتمله بشر .
ذات صباح ، آنَ كانت جالسةً على الماسنجر كعادتها حزينةً تندب حظها العاثر الذي عرفته ولم يعرفها بعد , فجأة جاءتها رسالة :
- أهلًا سعاد ، كيف حالك ؟
إنها من يوسف ! ياإلهي
أنتابها فرحا صام عنها أعواما وأعوام , أخذت تتحدث معه طويلًا كأنها تنتقم من السنوات الأربع التي تصرَّمت من عمرها
لحظتها باغتها يوسف بسؤال : أريد أن أراك الليلة ؟
- سعاد : أنت تعلم جيدًا بأني لستُ فتاة من هذا النوع الذي تظنه .
- يوسف : بالطبع أعرف ذلك ، لكن لا تظني بي سوء ، فأنتي تعرفيننـي جيدًا , وإذا كنتِ خائفةً أحضري من تثقين به معك !
أعطاهــا أسم المطعم ورقم الطاولة ، وقال لها : أراك الليلة في الساعة الثامنة ، وأغلق الماسنجر .
أحتارت في أمرها ماذا تفعل؟ وماذا يريد منها؟
الوقت يمرُّ عليها سريعا مترددة بين الذهاب من عدمه , أسئلة غزيرة دوختها جعلتها لاتقدر على الجلوس متسائلة في ذاتها :
- ماذا يريد مني؟
- طريقته في التحدث توحي بأنه إنسانٌ محترمٌ .
- ربما هو يخادعني!
- هل أذهب أم لا؟
- لماذا لا أجعل شقيقي يذهب معي .
- لا ، يريد خداعي والتلاعب بمشاعري .
- لكني أعرفه منذ زمن .
شيئًا فشيئًا كبرت الفكرة داخل رأسها , حتى حزمت أمرها بالذهاب لوحدها ، بقلبها المكسور ، وأحلامها المحطمة ، ومشاعرها المضطربة .
في الساعة الثامنة تمامًا دخلت المطعم وهي تمشي بخطوات مضطربة خائفة ، تنظر هنا وهناك لم تعرف أين هي فالموقف ومايحدث لها جعلها تائهة ضائعة , زمانا رمى بها وأجبرها أن تغوص عميقا , جميع الحاضرين في المطعم راحوا ينظرون إليها بملابسها القديمة البالية بعضهم يضحك وآخر يشفق عليها فمكانها ليس هنا فلم تعتد أجواء كهذه , شدة من عزمها وبحثت عن الطاولة الموعودة حيث كان يجلس عليها شابٌ وحيًدا غير منتبها منشغلا يقرأ (كتاب قائمة الطعام) .
نظرت إليه من بعيد لكنها لم ترى وجه الشاب إذ سترته عنها القائمة ، مترددة خائفة أتذهب وتجلس في طاولة معه أم تعود بيتها الذي لم تحس يوما بدفء جدرانه وستر نوافذه ألا ساعتها , أستجمعت ماأستطاعت من قواها الخائرة وآمالها المشتتة وذهبت إليه مباشرة .
- سألته : أأنت يوسف؟
رفع رأسه بكل هدوءٍ وقال ببرودا شديد : نعم أنا (يوسف)!
أستغربت جدًا حينما تمعَّنت ملامح وجهه كضربة أخرى تلقتها على رأسها , راح تكلم نفسها الحائرة : أمعقول ، هذا الممثل (يوسف) الذي بالتلفزيون , إنه من أشهر وأجمل الممثلين في البلاد , أظنني أخطأت بالمكان !
- سألته مرة أخرى كي تتأكد : هل أنت الممثل (يوسف)؟
- أجابها : بنعم .
- قالت له : يبدو أنني أخطأت الطاولة .
همَّت حينها بالرحيل ، عند ذاك قال لها يوسف : انتظري يا (سعاد) ...
وقع أسمها كان مدوِّخًا عليها ، زلزلها من الداخل ، مما جعلها تتسمَّر في مكانها داهشةً لا تعرف ماذا تصنع , غير أن (يوسف) انتهز فرصة تجمدها وضياعها
ليكمل حديثة : نعم أنا الممثل يوسف ، وأنا أيضًا من كنت أحادثك طوال هذه الفترة في الماسنجر .
- سعاد : لا, لا, أنت تخدعنــي !
- يوسف : لا , لست أخدعك ، أنا من كنت أحادثك , أخبرتك قبل أربع سنين بأنني أريد أن أصبح ممـــــثلًا، أنقطعت عنك كل هذه الفترة كي أحقق حلمي ، ولقد حققـته كما ترين !
غلبتها الحيرة , فقالت له : ماذا تريد مني الآن؟
- يوسف : أردت أنا أراك كي أرى تلك الفتـاة التي شجعتني وكانت تقول لي دائما : حاول وحاول وأجتهد وسوف تصبح ممثلًا كبيرًا يومًا مـــا, الجميع كان يسخر ويضحك مني عداك , أنتي فقط من شجعني ووقف إلى جانبي بكلماتك البسيطة الصادقة ، كلِّ نجــاح أحققه أتذكرك في نفسي وأقول : إنها تلك الفتاة التي كنت أحادثها في الماسنجر، أيدتني وزرعت أملا في طريقي ، حقا , أريد أن أشكرك .
- قالت له مستغربةً من كل الموقف : أحضرتني إلى هنا كي تخبرني بهذا فقط؟
- يوسف : أنتِ أخبرتني بأنك قبيحة وفقيرة ، ولكنني لم أخبرك ...
- قاطعته (سعاد) باكية , لاتريده أن يكمل , جال في خلدها ما يفكر فيه ,
- قالت له : توقف أرجوكَ , لم أعد أحتمل كل هذا!
- يوسف : لا , لا, أمسحي الدموع من عينيك وأنظري إليَّ !
نظرت إليه لكنها لم تتمالك دموعهــا , فمن يلومها على ذلك ,
- قال لها يوسف : أنا لا أريد فتاةً جميلةً ، ولا أريد فتاةً غنيةً ، أريد الفتاة التي وقفت إلى جانبي وساندتني بروحها الصادقة , أريد فتاةً طاهرةَ القلب ، نقية الــروح ، مخلصة في نواياها معي ، فهل تـــتزوجين بي ياسعاد ؟
محمد ال مهيد
12-12-2013, 11:08 AM
حضووور للمتابعه
طرح مميز ورائع يستحق المتابعه
يجل اعجابي
محمد
مها يوسف
12-16-2013, 02:00 AM
الراقي الرائع مثير للجدل
قصص رائعة لي عودة
للأستمتعاع بروعة قلمك
انتظر مروري شكراً لك
مثير الجدل
12-17-2013, 10:22 PM
محمد ال مهيد
مها يوسف
بشكركم اكثر على جمال مروركم هنا
وتواضعكم بترك حروفكم الثمينة في صفحتي
تحية خاصة لكم
مثير الجدل
12-17-2013, 10:24 PM
كما قلت سأضع قصة لو أمكنني ذلك قبل السفر , هذه قصة أخرى قبل موعد أقلاع الطائرة بساعات , ألتقي معكم حين عودتي بأذن الله بعد مايقرب من أسبوعين , وأتمنى أن تكون القصة وأيضا القصص السابقة نالت أستحسان الجميع , خالص تحياتي .
مثير الجدل
12-17-2013, 10:26 PM
رحلة على القارب
(جاسم) ورفاقه ذهبوا إلى البحر قاصدين الصيد في يوما وقتئذ كان البحر هادئا كريما فلا أمواج ولا عواصف , أسماك كثر خيرات ونعم , أصطادوا كل ماوقع في شباكهم أصابهم الطمع أكثر راحوا يبحرون في أعماق المحيط غير آبهين بتقلبات البحر وغدره .
أصطادوا وأصطادوا , وبعد أن فنت قناعتهم بكثرة الأسماك التي لديهم مشبعين بذلك جشعهم , أخذوا طريقهم في العودة كي يقتسموا مالهم وعليهم , ولكن مالم يتوقعوه قد حدث , إذ أنهم ظلوا طريق العودة ولم يعرفوا أين هم ؟ حاولوا هنا وهناك دون جدوى وكأن البحر أراد أن يرد شيئا من دينه الذي أخذوه .
بينما هم ذاعرين تغلبهم الحيرة وصلوا إلى مكان شؤما تملؤه (أسماك القرش) أكثر وحوش الأرض دموية وشراسة وسفك لدماء بني البشر , عرف (جاسم) بذلك فهو الخبير بينهم في شؤؤن البحر وخباياه , هنا صرخ برفاقه قائلا : هذه بقعة خطيرة للغاية , فالقروش هنا متوحشة وبشكل مخيف جدا وذكية , حيث أنها تقلب القارب ثم تنقض على من فيه لتأكل لحمه وتتشبع به! طالب رفاقه بالهدوء والصبر والدعاء عل معجزة تنجيهم من تلك المصيبة .
دقائق مرت عليهم رأوا خلالها ثلاثة قروش من بعيد بدت كمن تتربص بهم , أرتعبوا كثيرا لا يعرفون ماذا يفعلون , لحظات هجمت عليهم تلك القروش هجومـــا بسيطا وكأنها أرادت أن تختبر عزمهم وشجاعتهم وصبرهم , بستماتة قاوموا وقاوموا حتى تمكنوا من أبعادها , خيم صمتا رهيب بعدها في كل مكان أختفت خلالها القروش بشكلا يدعو لترقب والحذر كهدوء البحر الذي تسابقه الأمواج , ألا أن ذاك لم يمنعهم من الفرح والأحتفال ولو بشكلا مؤقت فمن يلومهم على سعادتهم بعد أن تخلصوا من قروش أو نعوش في لجة البحر .
ظل (جاسم) يفكر لبرهة مستعيدا بذكراه وقتا بعيدا مضى , تذكر شيئا سره فقال لرفاقه : الآن عرفت هذه المنطقة جيدا , لقد جئت إليها من قبل , أظنني تذكرت طريق العودة! عم القارب سرورا وبهجة ليس كمثلها , أستجمعوا قواهم المنهارة حركوا قاربهم بسرعة ألا أن فرحتهم لم تكتمل إذ رأوا جمعا كبيرا من القروش متجهة نحوهم كأنها تنتظر صرخات الفرح تعم القارب لتحولوها إلى صيحات ودعوات , لم يحبط ذلك من عزيمتهم قرروا الأسراع في الهرب لكن بعد ماذا؟ حاصرتهم القروش من كل مكان وهجمت عليهم لتقلب قاربهم , هنا عرف (جاسم) بأنه إذ لم يتمكن من الفرار خلال دقائق معدودة سيكون آخر مايسمعه صوت عظامه تتكسر بين فك القروش ,
قال لرفاقه : لايوجد أمامنا عدى حلا وحيد!
رد رفاقه بسرعة : أخبرنه أرجوك ؟
قال : يرمي أحدنـا بنفسه إلى القروش , يضحي لأجلنا كي لا نموت جميعا!
أصابت الدهشة كل من في القارب , لم ينطق أحدهم بكلمة كأنهم لم يسمعوا شيئا مما قاله (جاسم) فعاجلهم بقوله : قرروا بسرعة , تلاحقوا أنفسكم قبل أن تأكلنا هذه الوحوش اللعينة !
بين مصدقا ومكذب من رفاقه لاحت أعينهم إلى أصغر من كان بينهم وهو (شابا مراهق) كان جاسم صديقا لوالده المتوفي , غلب (جاسم) ترددا شديد لم يشعر به من قبل , فكر وفكر فما كان منه ألا أن أمسك بذلك الشاب بقوة شديدة مهزهزا أياه كأنه يهز محيطا بأسره وقال له : سامحني يابني! ثم ألقى به إلى البحر, أحاطته القروش من كل جانب راحوا يتلاقفونه فيما بينهم حتى أكلوه جلدا ولحما وعظما, أستغل (جاسم) الفرصة وفر هاربا بسرعة مبتعدا عن تلك البقعة الملعونة مقتربا أكثر من شواطىء مدينته ومدينة رفاقه الذين لم يستيقظوا بعد من ذلك الكابوس المرعب كحلما لم يعيشوه .
بعد أن وصلوا أتفقوا جميعا على التكتم عن ماحدث , تعاهدوا فيما بينهم أن يحتفظوا بسرهم حتى قبورهم , يخبرون الناس بأن الشاب مات غرقا في أعماق البحر , بعد فترة شعر (جاسم) بتأنيب الضمير يحمل ذلك الذنب الذي لو رماه في بحر لفاض من ثقله , يبكي وحيدا في صمت الليل وسكونه متحسرا نادما على مافعل .
أياما مرت جاءت والدة الشاب إلى (جاسم) تختزن بداخلها هموما وأحزان وبعض الأمل , طلبت منه أن يأخذها إلى مكان غرق أبنها , راحت تبكي وتتوسل إليه قائلة : ربما أبني لم يغرق , يحتمل أنه خرج من البحر دون دراية منكم , ربما ينتظر أحدا ما ليساعده! وافق (جاسم) على ذلك ليدخل الفرح إلى قلبها ويكفر شيئا ما عن فعلته , رغم معرفته ما حدث في عمق المحيط وأصبح بذلك سره الأعظم .
ركبوا القارب راح (جاسم) يعوم هنا وهناك في البحر موهما والدة الشاب أنه يبحث عن أبنها فعلا , لكن مالم يخطر على باله قد حدث ؟ فقد ظل طريقه مرة أخرى ووصل إلى ذات المكان المشؤؤم الذي رمى فيه الشاب حيث تختبئ تحت جلابيبه وحوشا لاتشبع لحما ولادما , وكأن القدر أراد منه أن يكفر عن خطأه بحق .
دقائق فقط وحاصرتهم تلك القروش , أحتار (جاسم) في أمره ؟ فكر وفكر سيطر عليه الخوف , فما كان منه ألا أن أمسك والدة الشاب بقوة شديدة أرعبت وحوش المحيط لشدتها وغدرها وقال لها : سامحيني أرجوك , ثم ألقى بها في البحر كما فعل مع أبنهـا! هجمت عليها القروش وراحت تأكلها وتستطعم لحمها وتتذوق مرارته الشديدة كمرارة لحم أبنها الذي أكلوه قبل وقت , أستغل (جاسم) الفرصة وفر هاربا .
مها يوسف
12-18-2013, 11:35 PM
(حكايات بين الرفوف)
متهم في مخفر الشرطة
(طالب) شابٌ بسيط جداً يمتلك محلاً لبيع الملابس كان لوالده , لكن مشكلة (طالب) أنَّ كل من حوله يكرهونه لأن عائلته سيئة السمعة جداً , فأبوه ينتظر حكماً بالإعدام لقتله طفلاً دهساً بسيارته وهو تحت تأثير الخمر وقتئذ كان الغروب كئيب , والدته أيضا ماتت وهي تتعاطى الخمـر في حفلة ماجنة , أما شقيقه الأكبر فقد أدمن المخدرات واختفى قبل سنة ، ولا أحد يعلم أين استقرت به الأرض , شقيقته التي تصغره بعام هربت هي الأخرى من عالمها مع صديق لها , مما حدا بطالب أن يتشرنق حول نفسه بالعزلة مغلقاً قوقعته بإحكامٍ تفادياً لنظرات الناس المؤلمة , بقى (طالب) وحيداً خائفاً في هذا المنزل الموحش يفكر في الاختفاء كأخيه تارة ، وتارة أخرى تراوده فكرة الهروب من هذا العالم الموحش كأخته ، إلا أنه لم يفعل .
عاد ذات مساءٍ حارٍ من محله يريد الوصول لمنزله الذي لا يعرف مكاناً أخر غيره وصل حارته وإذ به يجد سيارات الشرطة تنتظره , أكتشف بعدها أن أحدهم سرق المنزل اللصيق لمنزله ، وهو المتهم الوحيد في هذه الجريمة , فأقتادوه إلى مخفر الشرطة ، وعيون الجيران تكاد تأكله حنقاً وغضبا وربما شماتة وفرحاً لأنهم سيتخلصون منه أخيراً كأنهم كانوا ينتظرون هذا اليوم الذي ينمحي وجود هذه العائلة من حارتهم .
أدخلوه على الضابط المناوب الذي كان يكره (طالب) وأسرته كثيراً لأنه (والد الطفل الذي قضى تحت عجلات سيارة أبيه) , كأن الضابط كان ينتظر أمراً كهذا, بدأ التحقيق معه بكل قسوة وصلافة , راح يشتمه بألفاظٍ كان (طالب) يسمعها كثيراً من الأولاد في حارته ، إلا أن الضابط الذي خرج عن عقال حلمه غضبا شمل جميع الأسرة في شتائمه ، قائلاً له : بأنكم عائلة منحطة جداً ، لا تعرف إلا لغة الجريمة والانحطاط ، وصدقني سأدخلك السجن مع أبيك ليلتم شمل عائلتكم القذرة في المكان الذي يليق بأمثالكم , (طالب) كان يتلقى كل هذا السباب بصمتٍ أشبه بالفراغ كمسامير تدق في جسده محدثة موجات من الألم الذي لا يعرف مصدره .
هنا صرخ الضابط في وجه (طالب) : أخبرني أيها اللعين , لما سرقت المنزل ؟
قال (طالب) منكسراً : لست أنا السارق , فلديَّ حجة غياب صلبة ، إذ كنت في دكاني طوال اليوم ولم أخرج منه ولديَّ من يشهد بذلك , غير أن الضابط بدأ يشتمه من جديد وكأنه لم يسمع شيئاً مما قال (طالب) , في تلك اللحظة قاطعهم شرطيٌ آخر قد دخل عليهما غرفة التحقيق وقال : لقد قبضنا على السارق الحقيقي وعنده المسروقات وقد أعترف بجريمته .
صمت الضابط قليلاً ونظر إلى (طالب) بكل حقدا وغضب وقال له : لقد جاءك الفرج ولو كان بيدي لحكمت عليك بالإعدام كوالدك ، ولكنني لن أستعجل ستعود إلي هنا عاجلاً أم آجلاً ، فأنت مجرم بالوراثة والإجرام يجري داخلك كمجرى الدم في العروق , هيا أيها الوضيع أعطني بطاقتك الشخصية كي أوقع المحضر وأخلي سبيلك راغماً .
طالب : لقد نسيت بطاقتي في المنزل , هل تأذن لي كي أذهب وأحضرها .
الضابط : أحقا , هل تستهزء بي أم ماذا , لن تخرج من هنا ألا بكفالة من أحدا محترم ، لأنكم عائله مجرمة وليس لديكم أحترام للقانون أو أي أحد .
طالب : أتريدني أن أتصل بأحدٍ كي يكفلني ؟
الضابط : نعم , قم بالاتصال بأحد .
راح (طالب) ينظر إلى هواتفه التي يحملها بيديه وإلى المحقق وكل المكان من حوله وكأنه ينظر إلى عالمه وماجرى فيه وسخرية قدره بدى كمن يريد أن يصرخ صرخة يسمعها العالم بأسره وقال في مشاعره المختلطة تلك والعبرة قد خنقته : أنظر ياحضرة الضابط أنا لدي (هاتفان) لأنني كل فتره أتصل على نفسي وأرسل لنفسي رسائل خاصة لأن أحدا لايريد أن يتعرف علي , ولا يتشرف أحدا بالتكلم معي .
ويكمل (طالب) وعينـاه تملؤها دموع الانكسار وصوتا متعبا بحشرجة : ياحضرة الضابط الناس إذا شاهدوني أمشي في الشارع يهربون مني ويتحاشون حتى النظر إلي , أظل مريضاً في فراشي ثلاثة أيام ولا أحد يعرف عني شيئاً ولا يـزورني أي حد , أحضرتموني إلى هنا وكما رأيت أنت لم يأتِ إليَّ أحد حتى يخرجني أو على الأقل يسال عني , ذهبت كي أتزوج لكن أحدا لايريد أن يعطيني أبنته , الناس يا حضرة الضابط حكمت علي بالسجن وتعاقبني وأنا حي منذ زمنٍ بعيد , يا حضرة الضابط ، والدي ينتظر حكما بالأعدام , والدتي ماتت وهي تشرب الخمر , شقيقي مدمنا للمخدرات , وشقيقتي هربت ورفيقها , أنا هؤلاء هم عائلتي ,, لكنني ,, لست مثلهم ياحضرة الضابط , لماذا لا يريد أحد أن يصدقنـي ؟
عشتُ طوال عمري جنب الحائط طلباً للسلامة ، لم أوذِ أحداً في حياتي ولا حتى قطط الشوارع , من منزلي لدكاني ومن دكاني لمنزلي , لاأعرف ماالذي تريدونه مني ؟
حركت كلمات (طالب) ودموعه وجدان الضابط الذي أنصتَ لضميره شيئاً ما وتعاطف معه ثم قال له : حسنا , سوف أكفلك أنـا , كفــله الضابط بالفعل , همَّ بعدها (طالب) بالخروج مودعاً وشاكراً إلا أن الضابط أستوقفه قائلاً بخجل وندم : تذكر فقط يا بني بأن الناس لا يرون داخلك النقي .
الاخ العزيز الكاتب مثير للجدل
الفاضل علي محمد
شكرا لك على النص والقصة القصيرة المعبرة
للآسف صحيح بعض الناس يقيمون الاشخاص من ملامحهم ومنظرهم
لا ينظرون لقلوبهم ومعاملتهم الكثيرون يستعجلون بالحكم على الاشخاص
دام قلمك ودمت بخير الف شكر
ولي عودة للمتابعة
مها يوسف
12-18-2013, 11:50 PM
وسوسة شيطان
(حاتم) رجل دين ملتزم جدا , متشدد , حافظا للقرآن , دقيق في أصغر تفاصيل دينه , أمام مسجد يصلي خلفه حشودا وجموع , يحبه الجميع ويحترمه لأخلاقه العالية وغيرته الشديدة , يأتي إليه الناس من كل حدبا وصوب يستمعون لنصائحه التي لاتقدر بثمن .
ذات يوم كأنه يبشر خيرا إذ كان جالسا في شقته التي ملئت أيمانا وأحتسابا ملائكة تزورها وتحب المكوث فيها , كعادته يقرأ ماتيسر من كتاب الله بصوتا خاشعا سجي يجبر سامعه على الوقوف ريثما ينتهي , لحظات قنوته تلك قاطعها طرق باب شقته المشؤوم وكأنه إبليس أو أحد شياطينه , فتحه وإذ بها فتاة يقشعر لجمالها البدن , أشاح نظره عنها محصنا نفسه من ثغرة قد يغرره الشيطان بها , لم يقدر على ذلك فجمالها يخطف اللب والأبصار لم يرى مثلها قط , نظر إليها مرة أخرى وباغتها بسؤال : من أنتي ؟
الفتاة : أنتقلت للتو , وأسكن قبال شقتك .
حاتم : وماذا تريدين , أتنشدين شيئا ؟
الفتاة : علمت بأنك رجل دين تقدم النصح للناس , وأنا كنت فتاة سيئة غرتني الحياة بملذاتها , أعاقر الخمر , وأحضر حفلات ماجنة , أقيم علاقات مع الجميع , عرفت ذنبي الآن , وأشعر بأنني جيفة قذرة , أليا توبة ؟
لم يبخل عليها (حاتم) بالنصح فتلك وظيفته , أدخالها شقته وعالمه النظيف الطاهر راح يرشدها ويعلمها مما حفظه وتربى عليه , شغلته مشكلة أخرى هزت إيمانه شيئا ما إذ تلك الوساوس والهواجس الشيطانية لم تبارح نفسه لحظة , يصدها ويردها ترجع إليه بطريقة أو بأخرى بأسلوب ناعما سلس , جمال تلك الفتاة شتت ذهنه وخلخل إيمانه , متمالك نفسه بخطوات ثابتة وأخرى مهزوزة كخيطا رفيع بين نارا وجنة , أدى ماعليه من أمانة مطمئنا الفتاة وقت خروجها من شقته ومؤكدا لها حرصه الشديد بأدخال الأيمان قلبها وتطهيرها من تلك الذنوب التي لحقت بها .
وحيدا منفردا في شقته التي لم تنجس من قبل كما حدث لتوه , صورة الفتاة لم تفارقه لحظة شيطانا يوسوس له وآخر يتلاعب به , يقاوم تارة وأخرى يقرأ ماتيسر من آيات تبعد الشياطين عنه , يصبر ويتحمل كل ذلك الهاجس , يصفع إبليس فيعود إليه كل مرة بفكرة أكثر إغراء من أختها , مجاهدا بين نفسه التي مامست هكذا من قبل .
مترددة عليه الفتاة مرة في الليل وأخرى في ضحى تستفيد مما يعلمها وينورها بأيمانه التي زعزته وبعثرته وقلبت كيانه دون قصد .
تمر الأيام عليه والحرب تشتد عنفوان ووحشية وقسوة بداخله , وذلك الوسواس اللعين بدأ يرجمه ويستنزف إيمانه قبل طاقته , لم يعد قادرا أكثر على أمتداد تلك الحرب , إذ وصلت عقله وراحت تقصفه بصواريخ لم يعرف مصدرها , تتفجر محدثة أشعاع شبه نووي يزيل ماحفظه تلك السنين ويمحي دينه من ثباته .
أنهكته الحرب وأفلست مالديه أخرجت منه خزائن لم تقدر بثمن , ظل يحتفظ بها سنين وعقود ليوما كهذا لم يدري بأنها أفسدت وتعطلت ولم تعد تنفعه , فالمعارك تتنوع أساليبها وأستراتجيتها من جيشا لآخر , كل حربا لها طرقها وترسانتها الخاصة بالفوز كل وحسب ماتقتضيه الحاجة , فلم يكن جاهزا لهكذا نوع من المعارك إذ ظن نفسه بمنأى عنها ولن تصل لداخله فلم يقاوم ببسالة كما ينبغي , راح يطلق قذائف بشكل عشوائي أرتدت عليه وجنوده في النهاية , بنيران صديقة خسر الحرب وكل شيء رافعا بيده راية الأستسلام البيضاء .
خلع رداءه الطاهر وأرتدى آخر كله نجاسة , ينتظر الفتاة وينتظر ليرتكب جريمته التي حلم بها كابوسا يدخله نارا وقودها الناس والحجارة , دق الباب وقلبه يدق معه دخلت الفتاة محتشمة تطالع الأرض خجلة , أقفل الباب على غير العادة مخبأ مفاتيحه بداخل جيبه مما أفزع الفتاة وأخافها
سألته متعجبة : لما قفلت الباب ؟
حاتم : حقيقة الأمر جمالك الفاتن سلب عقلي , ليته ذاك بس حتى إيماني وديني , أقاوم طوال تلك الأيام بلا جدوى فلا قدرة لي عليه .
أحست الفتاة برهبة لم تشعر بها من قبل , ترتجف قائلة : ماذا تفكر أن تفعل ؟
حاتم : أعاشرك , هذا كل ماأطلبه , بعدها تعودين شقتك بسلام .
رفضت الفتاة بقوة , وقالت له : أمجنونا أنت , هل فقدت عقلك , رجل دين مثلك , كيف تجرأ وتقول هذا .
حاتم : أرجوك , لم أعاشر فتاة قط , فلست متزوجا كما تعرفين , والشيطان تلاقفني من كل جانب , وأظهر قبيح سريرتي .
مرارا وتكرارا رفضت الفتاة , فكرت أن تأخذ المفتاح من جيبه ولو بالقوة , شدا وجذب بينهما فقام بضربها كما لم يضرب أحدا من قبل , وكأنه ينتقم لإيمانه ودينه الذي لن يعوض , وقعت الفتاة أرضا أستغل تلك اللحظة نزع ماترتديه (أغتصبها) وفعل ماأراده وخاض لأجله حربا دمرته ودمرت كل جميلا فيه.
بعد أن أنهى فعلته همت الفتاة بالخروج من الشقة بحسرة وحرقة على مصاب جلل أصابها , وحين صلت إلى الباب توقفت فجأة , لحظات أستدارت عليه
وقالت : أريدك أن تسامحني ؟
حاتم الذي تعجب من كل ذلك , أجابها : ولما , إنتي من يفترض أن يسامحني , فلقد قمت بضربك وأغتصابك , ثم سكت ثوان وقال : لكنني لاأريدك أن تخبري أحدا بالذي حدث , كي لاتشوهي صورتي الجميلة الطاهرة , وحتى لو أخبرتي الناس بذلك فلن يصدقك أحد ثقي بي , لأنهم يعرفوني جيدا .
الفتاة : حسنا , لك ماأردت , ولكنني أرتجيك ثانية لكي تسامحني ؟
تبسم حاتم وقد غلبته حيرة ما , وقال لها : أخبرتك مسبقا , ولماذا تريدينني أن أسامحك .
أقتربت منه الفتاة بخطوات لايسمع صوتا لها مما جعله يتوجس خيفة منها , أحتضنته بقوة شديدة أحس بها نارا تحرقه , همست بهدوء في أذنه , وقالت : (أنني مصابة بالأيدز) .
الاخ العزيز الكاتب مثير للجدل
الفاضل علي محمد
بالفعل قصة تسرد وتتحدث عن واقع حاصل
والنفس احيان امارة بالسوء
والشيطان يوقع البعض بالخطآ
للآسف لحظات شيطانية تجعل الانسان يندم طول العمر
وعند التجارب يكرم المرء او يهان
والامتحان يظهر المعادن ومن يسمع لنداء الشيطان
دام قلمك ودمت بخير الف شكر
ولي عودة للمتابعة في القصة الثالثة الف شكر
مها يوسف
12-19-2013, 12:37 AM
سعاد
(سعاد) فتاة تبلغ من العمر 26 عامًا ، طيبة القلب (فقيرةً قبيحةً) لاذوق لها في اللباس أو غيره فليست كباقي ذوات جنسها إذ أنها تجهل أبسط صيحات الموضة والأناقة وماتفعله باقي الفتيات , تعرفت على شابا يدعى (يوسف) عن طريق الماسنجر مكانها الوحيد الآمان , حيث تحب الجلوس فيه طويلا والتحدث دون كللا أو ملل كملجأ تختبأ داخله من خطرا يحدق بها هاربة إلى المجهول ببساطة عقلها وتواضعه .
كانت تتحدث إليه كلَّ ليلةٍ ساعات طويلـة ، لم تكـن تعرف شكله ، أيضًا لم يكن يعرف شكلهـــا , يتكلمان عن كلِّ شيءٍ أحلامهما أمانيهما , أخبرته بقبحها وفقرها أرادت أن تكون صادقةً مع نفسها قبل أحد , تعلَّقــت به كثيرًا لجديته وتمسكه بأحلامه ورغبته الصادقة في تحقيق ذاته ، غير أنه وبعد أشهر أنقطعت عنهــا أخباره أختفى من عالم الماسنجر فجأةً دون وداعٍ .
مرَّت سنونٌ أربع تزوجـت خلالها شقيقاتهـا الأصغر منها سنا ، بينما هي ظلَّتْ عزبــاء تنتظر فارس الحلم الذي لم يأتي , حزنت لحالها فلازوج ولا مالا يغنيها ولاحتى جمال .
نفسيتها السيئةً ما عادت تطيق أحدا , لوحدها تبكي دائما وتصرخ بسببا أو بدونه , كان أهلها يراعون مشاعرها لعلمهم بحالتها وقلبهــا المكسور ومحدودية عقلها وتفكيرها , يوسوس لهــا الشيطان لترتكب محرما إلا أنهـا صبرت صبرًا لا يحتمله بشر .
ذات صباح ، آنَ كانت جالسةً على الماسنجر كعادتها حزينةً تندب حظها العاثر الذي عرفته ولم يعرفها بعد , فجأة جاءتها رسالة :
- أهلًا سعاد ، كيف حالك ؟
إنها من يوسف ! ياإلهي
أنتابها فرحا صام عنها أعواما وأعوام , أخذت تتحدث معه طويلًا كأنها تنتقم من السنوات الأربع التي تصرَّمت من عمرها
لحظتها باغتها يوسف بسؤال : أريد أن أراك الليلة ؟
- سعاد : أنت تعلم جيدًا بأني لستُ فتاة من هذا النوع الذي تظنه .
- يوسف : بالطبع أعرف ذلك ، لكن لا تظني بي سوء ، فأنتي تعرفيننـي جيدًا , وإذا كنتِ خائفةً أحضري من تثقين به معك !
أعطاهــا أسم المطعم ورقم الطاولة ، وقال لها : أراك الليلة في الساعة الثامنة ، وأغلق الماسنجر .
أحتارت في أمرها ماذا تفعل؟ وماذا يريد منها؟
الوقت يمرُّ عليها سريعا مترددة بين الذهاب من عدمه , أسئلة غزيرة دوختها جعلتها لاتقدر على الجلوس متسائلة في ذاتها :
- ماذا يريد مني؟
- طريقته في التحدث توحي بأنه إنسانٌ محترمٌ .
- ربما هو يخادعني!
- هل أذهب أم لا؟
- لماذا لا أجعل شقيقي يذهب معي .
- لا ، يريد خداعي والتلاعب بمشاعري .
- لكني أعرفه منذ زمن .
شيئًا فشيئًا كبرت الفكرة داخل رأسها , حتى حزمت أمرها بالذهاب لوحدها ، بقلبها المكسور ، وأحلامها المحطمة ، ومشاعرها المضطربة .
في الساعة الثامنة تمامًا دخلت المطعم وهي تمشي بخطوات مضطربة خائفة ، تنظر هنا وهناك لم تعرف أين هي فالموقف ومايحدث لها جعلها تائهة ضائعة , زمانا رمى بها وأجبرها أن تغوص عميقا , جميع الحاضرين في المطعم راحوا ينظرون إليها بملابسها القديمة البالية بعضهم يضحك وآخر يشفق عليها فمكانها ليس هنا فلم تعتد أجواء كهذه , شدة من عزمها وبحثت عن الطاولة الموعودة حيث كان يجلس عليها شابٌ وحيًدا غير منتبها منشغلا يقرأ (كتاب قائمة الطعام) .
نظرت إليه من بعيد لكنها لم ترى وجه الشاب إذ سترته عنها القائمة ، مترددة خائفة أتذهب وتجلس في طاولة معه أم تعود بيتها الذي لم تحس يوما بدفء جدرانه وستر نوافذه ألا ساعتها , أستجمعت ماأستطاعت من قواها الخائرة وآمالها المشتتة وذهبت إليه مباشرة .
- سألته : أأنت يوسف؟
رفع رأسه بكل هدوءٍ وقال ببرودا شديد : نعم أنا (يوسف)!
أستغربت جدًا حينما تمعَّنت ملامح وجهه كضربة أخرى تلقتها على رأسها , راح تكلم نفسها الحائرة : أمعقول ، هذا الممثل (يوسف) الذي بالتلفزيون , إنه من أشهر وأجمل الممثلين في البلاد , أظنني أخطأت بالمكان !
- سألته مرة أخرى كي تتأكد : هل أنت الممثل (يوسف)؟
- أجابها : بنعم .
- قالت له : يبدو أنني أخطأت الطاولة .
همَّت حينها بالرحيل ، عند ذاك قال لها يوسف : انتظري يا (سعاد) ...
وقع أسمها كان مدوِّخًا عليها ، زلزلها من الداخل ، مما جعلها تتسمَّر في مكانها داهشةً لا تعرف ماذا تصنع , غير أن (يوسف) انتهز فرصة تجمدها وضياعها
ليكمل حديثة : نعم أنا الممثل يوسف ، وأنا أيضًا من كنت أحادثك طوال هذه الفترة في الماسنجر .
- سعاد : لا, لا, أنت تخدعنــي !
- يوسف : لا , لست أخدعك ، أنا من كنت أحادثك , أخبرتك قبل أربع سنين بأنني أريد أن أصبح ممـــــثلًا، أنقطعت عنك كل هذه الفترة كي أحقق حلمي ، ولقد حققـته كما ترين !
غلبتها الحيرة , فقالت له : ماذا تريد مني الآن؟
- يوسف : أردت أنا أراك كي أرى تلك الفتـاة التي شجعتني وكانت تقول لي دائما : حاول وحاول وأجتهد وسوف تصبح ممثلًا كبيرًا يومًا مـــا, الجميع كان يسخر ويضحك مني عداك , أنتي فقط من شجعني ووقف إلى جانبي بكلماتك البسيطة الصادقة ، كلِّ نجــاح أحققه أتذكرك في نفسي وأقول : إنها تلك الفتاة التي كنت أحادثها في الماسنجر، أيدتني وزرعت أملا في طريقي ، حقا , أريد أن أشكرك .
- قالت له مستغربةً من كل الموقف : أحضرتني إلى هنا كي تخبرني بهذا فقط؟
- يوسف : أنتِ أخبرتني بأنك قبيحة وفقيرة ، ولكنني لم أخبرك ...
- قاطعته (سعاد) باكية , لاتريده أن يكمل , جال في خلدها ما يفكر فيه ,
- قالت له : توقف أرجوكَ , لم أعد أحتمل كل هذا!
- يوسف : لا , لا, أمسحي الدموع من عينيك وأنظري إليَّ !
نظرت إليه لكنها لم تتمالك دموعهــا , فمن يلومها على ذلك ,
- قال لها يوسف : أنا لا أريد فتاةً جميلةً ، ولا أريد فتاةً غنيةً ، أريد الفتاة التي وقفت إلى جانبي وساندتني بروحها الصادقة , أريد فتاةً طاهرةَ القلب ، نقية الــروح ، مخلصة في نواياها معي ، فهل تـــتزوجين بي ياسعاد ؟
اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مثير الجدل [ مشاهدة المشاركة ]
(حكايات بين الرفوف)
متهم في مخفر الشرطة
(طالب) شابٌ بسيط جداً يمتلك محلاً لبيع الملابس كان لوالده , لكن مشكلة (طالب) أنَّ كل من حوله يكرهونه لأن عائلته سيئة السمعة جداً , فأبوه ينتظر حكماً بالإعدام لقتله طفلاً دهساً بسيارته وهو تحت تأثير الخمر وقتئذ كان الغروب كئيب , والدته أيضا ماتت وهي تتعاطى الخمـر في حفلة ماجنة , أما شقيقه الأكبر فقد أدمن المخدرات واختفى قبل سنة ، ولا أحد يعلم أين استقرت به الأرض , شقيقته التي تصغره بعام هربت هي الأخرى من عالمها مع صديق لها , مما حدا بطالب أن يتشرنق حول نفسه بالعزلة مغلقاً قوقعته بإحكامٍ تفادياً لنظرات الناس المؤلمة , بقى (طالب) وحيداً خائفاً في هذا المنزل الموحش يفكر في الاختفاء كأخيه تارة ، وتارة أخرى تراوده فكرة الهروب من هذا العالم الموحش كأخته ، إلا أنه لم يفعل .
عاد ذات مساءٍ حارٍ من محله يريد الوصول لمنزله الذي لا يعرف مكاناً أخر غيره وصل حارته وإذ به يجد سيارات الشرطة تنتظره , أكتشف بعدها أن أحدهم سرق المنزل اللصيق لمنزله ، وهو المتهم الوحيد في هذه الجريمة , فأقتادوه إلى مخفر الشرطة ، وعيون الجيران تكاد تأكله حنقاً وغضبا وربما شماتة وفرحاً لأنهم سيتخلصون منه أخيراً كأنهم كانوا ينتظرون هذا اليوم الذي ينمحي وجود هذه العائلة من حارتهم .
أدخلوه على الضابط المناوب الذي كان يكره (طالب) وأسرته كثيراً لأنه (والد الطفل الذي قضى تحت عجلات سيارة أبيه) , كأن الضابط كان ينتظر أمراً كهذا, بدأ التحقيق معه بكل قسوة وصلافة , راح يشتمه بألفاظٍ كان (طالب) يسمعها كثيراً من الأولاد في حارته ، إلا أن الضابط الذي خرج عن عقال حلمه غضبا شمل جميع الأسرة في شتائمه ، قائلاً له : بأنكم عائلة منحطة جداً ، لا تعرف إلا لغة الجريمة والانحطاط ، وصدقني سأدخلك السجن مع أبيك ليلتم شمل عائلتكم القذرة في المكان الذي يليق بأمثالكم , (طالب) كان يتلقى كل هذا السباب بصمتٍ أشبه بالفراغ كمسامير تدق في جسده محدثة موجات من الألم الذي لا يعرف مصدره .
هنا صرخ الضابط في وجه (طالب) : أخبرني أيها اللعين , لما سرقت المنزل ؟
قال (طالب) منكسراً : لست أنا السارق , فلديَّ حجة غياب صلبة ، إذ كنت في دكاني طوال اليوم ولم أخرج منه ولديَّ من يشهد بذلك , غير أن الضابط بدأ يشتمه من جديد وكأنه لم يسمع شيئاً مما قال (طالب) , في تلك اللحظة قاطعهم شرطيٌ آخر قد دخل عليهما غرفة التحقيق وقال : لقد قبضنا على السارق الحقيقي وعنده المسروقات وقد أعترف بجريمته .
صمت الضابط قليلاً ونظر إلى (طالب) بكل حقدا وغضب وقال له : لقد جاءك الفرج ولو كان بيدي لحكمت عليك بالإعدام كوالدك ، ولكنني لن أستعجل ستعود إلي هنا عاجلاً أم آجلاً ، فأنت مجرم بالوراثة والإجرام يجري داخلك كمجرى الدم في العروق , هيا أيها الوضيع أعطني بطاقتك الشخصية كي أوقع المحضر وأخلي سبيلك راغماً .
طالب : لقد نسيت بطاقتي في المنزل , هل تأذن لي كي أذهب وأحضرها .
الضابط : أحقا , هل تستهزء بي أم ماذا , لن تخرج من هنا ألا بكفالة من أحدا محترم ، لأنكم عائله مجرمة وليس لديكم أحترام للقانون أو أي أحد .
طالب : أتريدني أن أتصل بأحدٍ كي يكفلني ؟
الضابط : نعم , قم بالاتصال بأحد .
راح (طالب) ينظر إلى هواتفه التي يحملها بيديه وإلى المحقق وكل المكان من حوله وكأنه ينظر إلى عالمه وماجرى فيه وسخرية قدره بدى كمن يريد أن يصرخ صرخة يسمعها العالم بأسره وقال في مشاعره المختلطة تلك والعبرة قد خنقته : أنظر ياحضرة الضابط أنا لدي (هاتفان) لأنني كل فتره أتصل على نفسي وأرسل لنفسي رسائل خاصة لأن أحدا لايريد أن يتعرف علي , ولا يتشرف أحدا بالتكلم معي .
ويكمل (طالب) وعينـاه تملؤها دموع الانكسار وصوتا متعبا بحشرجة : ياحضرة الضابط الناس إذا شاهدوني أمشي في الشارع يهربون مني ويتحاشون حتى النظر إلي , أظل مريضاً في فراشي ثلاثة أيام ولا أحد يعرف عني شيئاً ولا يـزورني أي حد , أحضرتموني إلى هنا وكما رأيت أنت لم يأتِ إليَّ أحد حتى يخرجني أو على الأقل يسال عني , ذهبت كي أتزوج لكن أحدا لايريد أن يعطيني أبنته , الناس يا حضرة الضابط حكمت علي بالسجن وتعاقبني وأنا حي منذ زمنٍ بعيد , يا حضرة الضابط ، والدي ينتظر حكما بالأعدام , والدتي ماتت وهي تشرب الخمر , شقيقي مدمنا للمخدرات , وشقيقتي هربت ورفيقها , أنا هؤلاء هم عائلتي ,, لكنني ,, لست مثلهم ياحضرة الضابط , لماذا لا يريد أحد أن يصدقنـي ؟
عشتُ طوال عمري جنب الحائط طلباً للسلامة ، لم أوذِ أحداً في حياتي ولا حتى قطط الشوارع , من منزلي لدكاني ومن دكاني لمنزلي , لاأعرف ماالذي تريدونه مني ؟
حركت كلمات (طالب) ودموعه وجدان الضابط الذي أنصتَ لضميره شيئاً ما وتعاطف معه ثم قال له : حسنا , سوف أكفلك أنـا , كفــله الضابط بالفعل , همَّ بعدها (طالب) بالخروج مودعاً وشاكراً إلا أن الضابط أستوقفه قائلاً بخجل وندم : تذكر فقط يا بني بأن الناس لا يرون داخلك النقي .
الاخ العزيز الكاتب مثير للجدل
الفاضل علي محمد
شكرا لك على النص والقصة القصيرة المعبرة
ما في اجمل من الصدق والاخلاص
والحب الحقيقي عطاء بدون حدود بدون انتظار مقابل
وان الله يعوض انتظارنا خير وكل نفس راضية لها من الطيبات نصيب
دام قلمك ودمت بخير الف شكر
ولي عودة للمتابعة
مها يوسف
12-19-2013, 01:14 AM
رحلة على القارب
(جاسم) ورفاقه ذهبوا إلى البحر قاصدين الصيد في يوما وقتئذ كان البحر هادئا كريما فلا أمواج ولا عواصف , أسماك كثر خيرات ونعم , أصطادوا كل ماوقع في شباكهم أصابهم الطمع أكثر راحوا يبحرون في أعماق المحيط غير آبهين بتقلبات البحر وغدره .
أصطادوا وأصطادوا , وبعد أن فنت قناعتهم بكثرة الأسماك التي لديهم مشبعين بذلك جشعهم , أخذوا طريقهم في العودة كي يقتسموا مالهم وعليهم , ولكن مالم يتوقعوه قد حدث , إذ أنهم ظلوا طريق العودة ولم يعرفوا أين هم ؟ حاولوا هنا وهناك دون جدوى وكأن البحر أراد أن يرد شيئا من دينه الذي أخذوه .
بينما هم ذاعرين تغلبهم الحيرة وصلوا إلى مكان شؤما تملؤه (أسماك القرش) أكثر وحوش الأرض دموية وشراسة وسفك لدماء بني البشر , عرف (جاسم) بذلك فهو الخبير بينهم في شؤؤن البحر وخباياه , هنا صرخ برفاقه قائلا : هذه بقعة خطيرة للغاية , فالقروش هنا متوحشة وبشكل مخيف جدا وذكية , حيث أنها تقلب القارب ثم تنقض على من فيه لتأكل لحمه وتتشبع به! طالب رفاقه بالهدوء والصبر والدعاء عل معجزة تنجيهم من تلك المصيبة .
دقائق مرت عليهم رأوا خلالها ثلاثة قروش من بعيد بدت كمن تتربص بهم , أرتعبوا كثيرا لا يعرفون ماذا يفعلون , لحظات هجمت عليهم تلك القروش هجومـــا بسيطا وكأنها أرادت أن تختبر عزمهم وشجاعتهم وصبرهم , بستماتة قاوموا وقاوموا حتى تمكنوا من أبعادها , خيم صمتا رهيب بعدها في كل مكان أختفت خلالها القروش بشكلا يدعو لترقب والحذر كهدوء البحر الذي تسابقه الأمواج , ألا أن ذاك لم يمنعهم من الفرح والأحتفال ولو بشكلا مؤقت فمن يلومهم على سعادتهم بعد أن تخلصوا من قروش أو نعوش في لجة البحر .
ظل (جاسم) يفكر لبرهة مستعيدا بذكراه وقتا بعيدا مضى , تذكر شيئا سره فقال لرفاقه : الآن عرفت هذه المنطقة جيدا , لقد جئت إليها من قبل , أظنني تذكرت طريق العودة! عم القارب سرورا وبهجة ليس كمثلها , أستجمعوا قواهم المنهارة حركوا قاربهم بسرعة ألا أن فرحتهم لم تكتمل إذ رأوا جمعا كبيرا من القروش متجهة نحوهم كأنها تنتظر صرخات الفرح تعم القارب لتحولوها إلى صيحات ودعوات , لم يحبط ذلك من عزيمتهم قرروا الأسراع في الهرب لكن بعد ماذا؟ حاصرتهم القروش من كل مكان وهجمت عليهم لتقلب قاربهم , هنا عرف (جاسم) بأنه إذ لم يتمكن من الفرار خلال دقائق معدودة سيكون آخر مايسمعه صوت عظامه تتكسر بين فك القروش ,
قال لرفاقه : لايوجد أمامنا عدى حلا وحيد!
رد رفاقه بسرعة : أخبرنه أرجوك ؟
قال : يرمي أحدنـا بنفسه إلى القروش , يضحي لأجلنا كي لا نموت جميعا!
أصابت الدهشة كل من في القارب , لم ينطق أحدهم بكلمة كأنهم لم يسمعوا شيئا مما قاله (جاسم) فعاجلهم بقوله : قرروا بسرعة , تلاحقوا أنفسكم قبل أن تأكلنا هذه الوحوش اللعينة !
بين مصدقا ومكذب من رفاقه لاحت أعينهم إلى أصغر من كان بينهم وهو (شابا مراهق) كان جاسم صديقا لوالده المتوفي , غلب (جاسم) ترددا شديد لم يشعر به من قبل , فكر وفكر فما كان منه ألا أن أمسك بذلك الشاب بقوة شديدة مهزهزا أياه كأنه يهز محيطا بأسره وقال له : سامحني يابني! ثم ألقى به إلى البحر, أحاطته القروش من كل جانب راحوا يتلاقفونه فيما بينهم حتى أكلوه جلدا ولحما وعظما, أستغل (جاسم) الفرصة وفر هاربا بسرعة مبتعدا عن تلك البقعة الملعونة مقتربا أكثر من شواطىء مدينته ومدينة رفاقه الذين لم يستيقظوا بعد من ذلك الكابوس المرعب كحلما لم يعيشوه .
بعد أن وصلوا أتفقوا جميعا على التكتم عن ماحدث , تعاهدوا فيما بينهم أن يحتفظوا بسرهم حتى قبورهم , يخبرون الناس بأن الشاب مات غرقا في أعماق البحر , بعد فترة شعر (جاسم) بتأنيب الضمير يحمل ذلك الذنب الذي لو رماه في بحر لفاض من ثقله , يبكي وحيدا في صمت الليل وسكونه متحسرا نادما على مافعل .
أياما مرت جاءت والدة الشاب إلى (جاسم) تختزن بداخلها هموما وأحزان وبعض الأمل , طلبت منه أن يأخذها إلى مكان غرق أبنها , راحت تبكي وتتوسل إليه قائلة : ربما أبني لم يغرق , يحتمل أنه خرج من البحر دون دراية منكم , ربما ينتظر أحدا ما ليساعده! وافق (جاسم) على ذلك ليدخل الفرح إلى قلبها ويكفر شيئا ما عن فعلته , رغم معرفته ما حدث في عمق المحيط وأصبح بذلك سره الأعظم .
ركبوا القارب راح (جاسم) يعوم هنا وهناك في البحر موهما والدة الشاب أنه يبحث عن أبنها فعلا , لكن مالم يخطر على باله قد حدث ؟ فقد ظل طريقه مرة أخرى ووصل إلى ذات المكان المشؤؤم الذي رمى فيه الشاب حيث تختبئ تحت جلابيبه وحوشا لاتشبع لحما ولادما , وكأن القدر أراد منه أن يكفر عن خطأه بحق .
دقائق فقط وحاصرتهم تلك القروش , أحتار (جاسم) في أمره ؟ فكر وفكر سيطر عليه الخوف , فما كان منه ألا أن أمسك والدة الشاب بقوة شديدة أرعبت وحوش المحيط لشدتها وغدرها وقال لها : سامحيني أرجوك , ثم ألقى بها في البحر كما فعل مع أبنهـا! هجمت عليها القروش وراحت تأكلها وتستطعم لحمها وتتذوق مرارته الشديدة كمرارة لحم أبنها الذي أكلوه قبل وقت , أستغل (جاسم) الفرصة وفر هاربا .
اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مثير الجدل [ مشاهدة المشاركة ]
(حكايات بين الرفوف)
متهم في مخفر الشرطة
(طالب) شابٌ بسيط جداً يمتلك محلاً لبيع الملابس كان لوالده , لكن مشكلة (طالب) أنَّ كل من حوله يكرهونه لأن عائلته سيئة السمعة جداً , فأبوه ينتظر حكماً بالإعدام لقتله طفلاً دهساً بسيارته وهو تحت تأثير الخمر وقتئذ كان الغروب كئيب , والدته أيضا ماتت وهي تتعاطى الخمـر في حفلة ماجنة , أما شقيقه الأكبر فقد أدمن المخدرات واختفى قبل سنة ، ولا أحد يعلم أين استقرت به الأرض , شقيقته التي تصغره بعام هربت هي الأخرى من عالمها مع صديق لها , مما حدا بطالب أن يتشرنق حول نفسه بالعزلة مغلقاً قوقعته بإحكامٍ تفادياً لنظرات الناس المؤلمة , بقى (طالب) وحيداً خائفاً في هذا المنزل الموحش يفكر في الاختفاء كأخيه تارة ، وتارة أخرى تراوده فكرة الهروب من هذا العالم الموحش كأخته ، إلا أنه لم يفعل .
عاد ذات مساءٍ حارٍ من محله يريد الوصول لمنزله الذي لا يعرف مكاناً أخر غيره وصل حارته وإذ به يجد سيارات الشرطة تنتظره , أكتشف بعدها أن أحدهم سرق المنزل اللصيق لمنزله ، وهو المتهم الوحيد في هذه الجريمة , فأقتادوه إلى مخفر الشرطة ، وعيون الجيران تكاد تأكله حنقاً وغضبا وربما شماتة وفرحاً لأنهم سيتخلصون منه أخيراً كأنهم كانوا ينتظرون هذا اليوم الذي ينمحي وجود هذه العائلة من حارتهم .
أدخلوه على الضابط المناوب الذي كان يكره (طالب) وأسرته كثيراً لأنه (والد الطفل الذي قضى تحت عجلات سيارة أبيه) , كأن الضابط كان ينتظر أمراً كهذا, بدأ التحقيق معه بكل قسوة وصلافة , راح يشتمه بألفاظٍ كان (طالب) يسمعها كثيراً من الأولاد في حارته ، إلا أن الضابط الذي خرج عن عقال حلمه غضبا شمل جميع الأسرة في شتائمه ، قائلاً له : بأنكم عائلة منحطة جداً ، لا تعرف إلا لغة الجريمة والانحطاط ، وصدقني سأدخلك السجن مع أبيك ليلتم شمل عائلتكم القذرة في المكان الذي يليق بأمثالكم , (طالب) كان يتلقى كل هذا السباب بصمتٍ أشبه بالفراغ كمسامير تدق في جسده محدثة موجات من الألم الذي لا يعرف مصدره .
هنا صرخ الضابط في وجه (طالب) : أخبرني أيها اللعين , لما سرقت المنزل ؟
قال (طالب) منكسراً : لست أنا السارق , فلديَّ حجة غياب صلبة ، إذ كنت في دكاني طوال اليوم ولم أخرج منه ولديَّ من يشهد بذلك , غير أن الضابط بدأ يشتمه من جديد وكأنه لم يسمع شيئاً مما قال (طالب) , في تلك اللحظة قاطعهم شرطيٌ آخر قد دخل عليهما غرفة التحقيق وقال : لقد قبضنا على السارق الحقيقي وعنده المسروقات وقد أعترف بجريمته .
صمت الضابط قليلاً ونظر إلى (طالب) بكل حقدا وغضب وقال له : لقد جاءك الفرج ولو كان بيدي لحكمت عليك بالإعدام كوالدك ، ولكنني لن أستعجل ستعود إلي هنا عاجلاً أم آجلاً ، فأنت مجرم بالوراثة والإجرام يجري داخلك كمجرى الدم في العروق , هيا أيها الوضيع أعطني بطاقتك الشخصية كي أوقع المحضر وأخلي سبيلك راغماً .
طالب : لقد نسيت بطاقتي في المنزل , هل تأذن لي كي أذهب وأحضرها .
الضابط : أحقا , هل تستهزء بي أم ماذا , لن تخرج من هنا ألا بكفالة من أحدا محترم ، لأنكم عائله مجرمة وليس لديكم أحترام للقانون أو أي أحد .
طالب : أتريدني أن أتصل بأحدٍ كي يكفلني ؟
الضابط : نعم , قم بالاتصال بأحد .
راح (طالب) ينظر إلى هواتفه التي يحملها بيديه وإلى المحقق وكل المكان من حوله وكأنه ينظر إلى عالمه وماجرى فيه وسخرية قدره بدى كمن يريد أن يصرخ صرخة يسمعها العالم بأسره وقال في مشاعره المختلطة تلك والعبرة قد خنقته : أنظر ياحضرة الضابط أنا لدي (هاتفان) لأنني كل فتره أتصل على نفسي وأرسل لنفسي رسائل خاصة لأن أحدا لايريد أن يتعرف علي , ولا يتشرف أحدا بالتكلم معي .
ويكمل (طالب) وعينـاه تملؤها دموع الانكسار وصوتا متعبا بحشرجة : ياحضرة الضابط الناس إذا شاهدوني أمشي في الشارع يهربون مني ويتحاشون حتى النظر إلي , أظل مريضاً في فراشي ثلاثة أيام ولا أحد يعرف عني شيئاً ولا يـزورني أي حد , أحضرتموني إلى هنا وكما رأيت أنت لم يأتِ إليَّ أحد حتى يخرجني أو على الأقل يسال عني , ذهبت كي أتزوج لكن أحدا لايريد أن يعطيني أبنته , الناس يا حضرة الضابط حكمت علي بالسجن وتعاقبني وأنا حي منذ زمنٍ بعيد , يا حضرة الضابط ، والدي ينتظر حكما بالأعدام , والدتي ماتت وهي تشرب الخمر , شقيقي مدمنا للمخدرات , وشقيقتي هربت ورفيقها , أنا هؤلاء هم عائلتي ,, لكنني ,, لست مثلهم ياحضرة الضابط , لماذا لا يريد أحد أن يصدقنـي ؟
عشتُ طوال عمري جنب الحائط طلباً للسلامة ، لم أوذِ أحداً في حياتي ولا حتى قطط الشوارع , من منزلي لدكاني ومن دكاني لمنزلي , لاأعرف ماالذي تريدونه مني ؟
حركت كلمات (طالب) ودموعه وجدان الضابط الذي أنصتَ لضميره شيئاً ما وتعاطف معه ثم قال له : حسنا , سوف أكفلك أنـا , كفــله الضابط بالفعل , همَّ بعدها (طالب) بالخروج مودعاً وشاكراً إلا أن الضابط أستوقفه قائلاً بخجل وندم : تذكر فقط يا بني بأن الناس لا يرون داخلك النقي .
الاخ العزيز الكاتب مثير للجدل
الفاضل علي محمد
شكرا لك على النص والقصة القصيرة المؤثرة والمعبرة
للآسف كيف ان بعض الناس لا ينالون الا على الضعيف
الله لا يحب الظالمين دام قلمك ودمت بخير الف شكر
ولي عودة للمتابعة للشكر بما قدمت
مها يوسف
12-19-2013, 01:20 AM
كما قلت سأضع قصة لو أمكنني ذلك قبل السفر , هذه قصة أخرى قبل موعد أقلاع الطائرة بساعات , ألتقي معكم حين عودتي بأذن الله بعد مايقرب من أسبوعين , وأتمنى أن تكون القصة وأيضا القصص السابقة نالت أستحسان الجميع , خالص تحياتي .
اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مثير الجدل [ مشاهدة المشاركة ]
(حكايات بين الرفوف)
متهم في مخفر الشرطة
(طالب) شابٌ بسيط جداً يمتلك محلاً لبيع الملابس كان لوالده , لكن مشكلة (طالب) أنَّ كل من حوله يكرهونه لأن عائلته سيئة السمعة جداً , فأبوه ينتظر حكماً بالإعدام لقتله طفلاً دهساً بسيارته وهو تحت تأثير الخمر وقتئذ كان الغروب كئيب , والدته أيضا ماتت وهي تتعاطى الخمـر في حفلة ماجنة , أما شقيقه الأكبر فقد أدمن المخدرات واختفى قبل سنة ، ولا أحد يعلم أين استقرت به الأرض , شقيقته التي تصغره بعام هربت هي الأخرى من عالمها مع صديق لها , مما حدا بطالب أن يتشرنق حول نفسه بالعزلة مغلقاً قوقعته بإحكامٍ تفادياً لنظرات الناس المؤلمة , بقى (طالب) وحيداً خائفاً في هذا المنزل الموحش يفكر في الاختفاء كأخيه تارة ، وتارة أخرى تراوده فكرة الهروب من هذا العالم الموحش كأخته ، إلا أنه لم يفعل .
عاد ذات مساءٍ حارٍ من محله يريد الوصول لمنزله الذي لا يعرف مكاناً أخر غيره وصل حارته وإذ به يجد سيارات الشرطة تنتظره , أكتشف بعدها أن أحدهم سرق المنزل اللصيق لمنزله ، وهو المتهم الوحيد في هذه الجريمة , فأقتادوه إلى مخفر الشرطة ، وعيون الجيران تكاد تأكله حنقاً وغضبا وربما شماتة وفرحاً لأنهم سيتخلصون منه أخيراً كأنهم كانوا ينتظرون هذا اليوم الذي ينمحي وجود هذه العائلة من حارتهم .
أدخلوه على الضابط المناوب الذي كان يكره (طالب) وأسرته كثيراً لأنه (والد الطفل الذي قضى تحت عجلات سيارة أبيه) , كأن الضابط كان ينتظر أمراً كهذا, بدأ التحقيق معه بكل قسوة وصلافة , راح يشتمه بألفاظٍ كان (طالب) يسمعها كثيراً من الأولاد في حارته ، إلا أن الضابط الذي خرج عن عقال حلمه غضبا شمل جميع الأسرة في شتائمه ، قائلاً له : بأنكم عائلة منحطة جداً ، لا تعرف إلا لغة الجريمة والانحطاط ، وصدقني سأدخلك السجن مع أبيك ليلتم شمل عائلتكم القذرة في المكان الذي يليق بأمثالكم , (طالب) كان يتلقى كل هذا السباب بصمتٍ أشبه بالفراغ كمسامير تدق في جسده محدثة موجات من الألم الذي لا يعرف مصدره .
هنا صرخ الضابط في وجه (طالب) : أخبرني أيها اللعين , لما سرقت المنزل ؟
قال (طالب) منكسراً : لست أنا السارق , فلديَّ حجة غياب صلبة ، إذ كنت في دكاني طوال اليوم ولم أخرج منه ولديَّ من يشهد بذلك , غير أن الضابط بدأ يشتمه من جديد وكأنه لم يسمع شيئاً مما قال (طالب) , في تلك اللحظة قاطعهم شرطيٌ آخر قد دخل عليهما غرفة التحقيق وقال : لقد قبضنا على السارق الحقيقي وعنده المسروقات وقد أعترف بجريمته .
صمت الضابط قليلاً ونظر إلى (طالب) بكل حقدا وغضب وقال له : لقد جاءك الفرج ولو كان بيدي لحكمت عليك بالإعدام كوالدك ، ولكنني لن أستعجل ستعود إلي هنا عاجلاً أم آجلاً ، فأنت مجرم بالوراثة والإجرام يجري داخلك كمجرى الدم في العروق , هيا أيها الوضيع أعطني بطاقتك الشخصية كي أوقع المحضر وأخلي سبيلك راغماً .
طالب : لقد نسيت بطاقتي في المنزل , هل تأذن لي كي أذهب وأحضرها .
الضابط : أحقا , هل تستهزء بي أم ماذا , لن تخرج من هنا ألا بكفالة من أحدا محترم ، لأنكم عائله مجرمة وليس لديكم أحترام للقانون أو أي أحد .
طالب : أتريدني أن أتصل بأحدٍ كي يكفلني ؟
الضابط : نعم , قم بالاتصال بأحد .
راح (طالب) ينظر إلى هواتفه التي يحملها بيديه وإلى المحقق وكل المكان من حوله وكأنه ينظر إلى عالمه وماجرى فيه وسخرية قدره بدى كمن يريد أن يصرخ صرخة يسمعها العالم بأسره وقال في مشاعره المختلطة تلك والعبرة قد خنقته : أنظر ياحضرة الضابط أنا لدي (هاتفان) لأنني كل فتره أتصل على نفسي وأرسل لنفسي رسائل خاصة لأن أحدا لايريد أن يتعرف علي , ولا يتشرف أحدا بالتكلم معي .
ويكمل (طالب) وعينـاه تملؤها دموع الانكسار وصوتا متعبا بحشرجة : ياحضرة الضابط الناس إذا شاهدوني أمشي في الشارع يهربون مني ويتحاشون حتى النظر إلي , أظل مريضاً في فراشي ثلاثة أيام ولا أحد يعرف عني شيئاً ولا يـزورني أي حد , أحضرتموني إلى هنا وكما رأيت أنت لم يأتِ إليَّ أحد حتى يخرجني أو على الأقل يسال عني , ذهبت كي أتزوج لكن أحدا لايريد أن يعطيني أبنته , الناس يا حضرة الضابط حكمت علي بالسجن وتعاقبني وأنا حي منذ زمنٍ بعيد , يا حضرة الضابط ، والدي ينتظر حكما بالأعدام , والدتي ماتت وهي تشرب الخمر , شقيقي مدمنا للمخدرات , وشقيقتي هربت ورفيقها , أنا هؤلاء هم عائلتي ,, لكنني ,, لست مثلهم ياحضرة الضابط , لماذا لا يريد أحد أن يصدقنـي ؟
عشتُ طوال عمري جنب الحائط طلباً للسلامة ، لم أوذِ أحداً في حياتي ولا حتى قطط الشوارع , من منزلي لدكاني ومن دكاني لمنزلي , لاأعرف ماالذي تريدونه مني ؟
حركت كلمات (طالب) ودموعه وجدان الضابط الذي أنصتَ لضميره شيئاً ما وتعاطف معه ثم قال له : حسنا , سوف أكفلك أنـا , كفــله الضابط بالفعل , همَّ بعدها (طالب) بالخروج مودعاً وشاكراً إلا أن الضابط أستوقفه قائلاً بخجل وندم : تذكر فقط يا بني بأن الناس لا يرون داخلك النقي .
الاخ العزيز الكاتب مثير للجدل
الفاضل علي محمد
شكرا لك على ما قدمته من قصص جميلة ومعبرة
ادعوا الله لك بالتوفيق والنجاح
وننتظر عودتك بخير لنستمتع بما يبدع به قلمك
دام قلمك ودمت بخير الف شكر
مها يوسف
12-19-2013, 01:30 AM
الاخ العزيز الكاتب مثير للجدل
الفاضل علي محمد
لو تسمح لي ان اعطي رأيي لك بالمشاركات والقصص
يا حبذا لو تكون كل قصة بمشاركة منفصلة
كي تتابع ويستمتع بهااعضاء مشاعرهم وتكون المتابعة اسهل للجميع
اشكرك واتمنى ان تتقبل مداخلتي ورأيي
الف شكر وننتظر عودتك يا عزيزي
حفظك الله
ما شاء الله عليك اخي مثير للجدل
انت تكتب لتثير الدهشة
اسلوبك سلس و يشد القارئ .
القصة فكره
و افكارك جميله مثيره للاعجاب .
استمتعت بكل القصص
و اؤيد كلام الاخت مها
لو تفرد صفحة لكل قصة مستقبلا
تحياتي
زهرة البونسيانا
01-09-2014, 06:14 PM
مثير للجدل ماشاءالله سرد قصصي جميل
تحيتي لك
ذكرى الغالي
01-09-2014, 09:50 PM
سلمت يداااكـ
ذكرى الغالي
مثير الجدل
01-23-2014, 07:39 PM
مشكورين جميع من مروا هنا واتحفوني بردودهم وروعة تحليلهم العميق
خجلت امام كلامكم الجميل الذي اخجلني
وبأذن الله راح اراجع فكرة تنزيل كل قصة في موضوع منفرد
اهلا وسهلا بالجميع
محمد ال مهيد
01-24-2014, 08:20 AM
كنت هنا للمتابعه
والاطلاع
ابدعت
متابع بشوق
محمد
مثير الجدل
02-13-2014, 09:08 PM
نظرا لتوقفي , سأكمل موضوع (حكايات بين الرفوف) بقصتين !
مثير الجدل
02-13-2014, 09:08 PM
الأنطوائي
(حسام) ذو الـ25عاما أصابته تلك العلة والفوبيا مذ كان صغيرا عصفت به ومحته من المجتمع والمحيطين به تماما , دفنته في رمال عوالم أخرى وأرواح مختلفة موهمة أياه بلذة تلك المقابر وجمالها رغم ضيقها وظلمتها الموحشة
يعيش وحيدا في شقته لايخرج منها عدا مرة واحدة كل أسبوع كي يشتري لنفسه طعام وشراب ومايغنيه عن الخروج لفترة , يمتلك جسما رياضيا جدا يمارس رياضة رفع الحديد وأثقل الأوزان في شقته كأنه يتقصد بذلك تذوق طعم الألم والقسوة التي يشعر بها في داخله ويتلذذ تعذيبا في نفسه التي أنطوت على ذاتها رافضة كل من حولها , كان أنيقا جدا إذ أنه يحلق لنفسه فأصبح يتقن تلك المهنة ويتفنن في رأسه وذقنه ليقنع نفسه بأنه في غير حاجة لأحد , أضاف الرسم إلى هوايته إذ أن الريشة أصبحت حبيبته التي لاتفارقه تنساغ بسلاسة بين أصابعه ترسم مايشعر به خياله الخصب الواسع الذي ينقله عالم تلو عالم ضاربا عرض الحائط واقعه الذي يعيشه ولايعيشه .
يقضي معظم أيامه ولياليه في سماع الموسيقى التي تزعزع الفؤاد من مكانه وتجعل الدم يفور في كل جسده بل وتجره مجبرا إلى عزلة بين ذاته , تصيبه بحالة من الوهم والهوس إذ تبحر به في عالما ماعرفه غيره مختبئا من واقعه هاربا منه يتخيل نفسه مرة لاعب كرة قدم مشهور يكون هو المتسبب في فوز فريقه وجالب المجد له والجمهور يحبه ويعشقه بكل جنون , بحرا آخر يغوص فيه موهما حاله بأنه فنان مشهور ذو صوت شجي يقطع القلب بآهاته الحزينة والناس تطارده في كل مكان كي يغني لهم ويطربهم , عالم آخر مختلف يدخل فيه معتقدا نفسه ذو أناقة قل نظيرها في أحد يسير في ذاك السوق الكبير والحشود ينظرون إليه بكل أعجــــاب وحسد .
كان يحب خياله وعالمه الذي خلقه وصور أحداثه بنفسه , لم يرضى أحدا أن يتشاركه معه , فالعزلة التي أصابته أو تلك اللعنة قضت على كل ماهو حقيقي واقعي لديه جعلته يظن بأن الحياة هكذا أكثر لذة وجمالا وشبق , نصب نفسه دكتاتورا يمارس أبشع وأقذر الأساليب على نفسه ليروضها عن العالم الخارجي الذي مافكر يوم أن يعيشه بل بنى سدا حول نفسه منقطعا عن كل ماخلفه عدى من شقيقه (راشد) الذي يكبره بسنتين ويتكفل بمصروفه لأنه يعلم بحالته جيدا .
أحد الأيام قرر الشقيق السفر إلى الخارج لإكمال دراسته وتحقيق حلما عاشه منذ الطفولة , في منتصف تلك الليله ذهب إلى شقة (حسام) جلسوا يتحدثون يتمازحون قليلا يتذكرون طفولتهم مراهقتهم ساعات طويلة حتى أطل الفجر بنوره عليهم فقال (حسام) لشقيقه : لما لاتذهب للنوم , فغدا رحلتك طويلة ؟
شقيقه : في الحقيقة كنت أنوي الذهاب إلى صالون الحلاقة , لكن الوقت تداركني الآن , مارأيك أن تحلق لي فأنت موهوب ولديك الخبرة؟ وافق (حسام) فرحا , وبالفعل راح يحلق رأس شقيقه ويتفنن ببراعة حتى وصل ذقنه آن ذاك دموعا ذرفت من عينيه التي لبدت الحزن ورآئها , يبكي ويبكي بصوتا ماكاد يسمع , أنتبه له شقيقه مما جعله يشفق عليه ويتعاطف معه , تحاشى النظر لعينيه خوفا من أن يجرحه , لملم قواه التي خارت فور رؤيت دموع أخيه , سأله في خجل : ما يبكيك يا(حسام)؟ الذي ظل منشغلا في الحلاقة متهرب من سؤاله برهة , توقف لحظتها عما يفعل ومسح دموعه بكفي يديه وقال : لاشيء! وعاد ليكمل ماتبقى من ذقن شقيقه حتى انتهى , ثم ودعه بعدها بكل تلك المشاعر والأحاسيس التي بينهم عاشوها وسايروها منذ صغرهم .
هم الشقيق بالخروج من الشقة بخطواته الثقيلة حتى لحظة وصوله إلى الباب توقف لشيئا شغله ولم يسمع أجابته , رجع لـ(حسام) وسأله : أكنت تبكي , لأنني سوف أسافر وأتركك وحيدا؟
حسام: لا , لم اكن أبكي لذلك , بالعكس تماما فرحت بشدة لسفرك وتحقيقك لحلمك
شقيقه: إذا أخبرني ما كنت تبكي ؟
حسام: مذ أن كنا صغار وأنت تساعدني دائما تعطيني المــال , وتعلم بأنه ليس لدي شيئا أقدمه لك فلا مالا أملك ولا وظيفه , كنت دائما أريد أن أقدم لك شيئا ولو بسيط فما فعلته لي لايقدر بثمن لن أنساه ماحييت ,عندما طلبت مني أن أحلق لك فرحت بشدة لدرجة أبكت عيناي , لأنني أستطعت أن أرد لك ولو جزء بسيطا مما فعلت , أنا أعلم بأن ماطلبته مني سخيف وتافه لكنك لم تعلم مدى الفرحة التي غمرتني عندما كنت أخدمك
تمالك الشقيق نفسه التي تأثرت مما سمع ,وقال : سيأتي يوما ما سيكون لديك كل شيء وستكون أنت الذي تساعدنا وتعطينا
حسام: لن يأتي هذا اليوم وأنت تعلم , أذهب الأن كي ترتح قبل سفرك ,
غادر شقيقه الشقة وقلبه يتقطع حسرة على حالة (حسام) من تلك المحادثة الأليمة التي جرت بينهم .
مرت الأيام (حسام) على حالته وحيدا في شقته بين عالمه يعيش , كل فترة يدخل في دنيا أخرى خيال مختلف , ذات يوم كان يمارس رياضته المعتادة فجأة , دق باب شقته بقوة شديدة ماسمعها قط , مما أثار غرابته فلا يعرف أحد ولايريد أن يعرف , لم يقل شيئا يترقب بصمت دقات الباب التي أزدادت قوة ظل يدافع عن حياته المنعزلة بكل أستماتة ولم يرد , إذ بصوت فتاة خلف الباب تقول : أفتح الباب أرجوك , أفتح الباب أرجوك , لم يهتم لها كأنه غير موجودا لايسمعها بوحدته وأنطوائيته ظلت تدق وتدق كأنها تريد دخول حياته عنوة , فتح الباب مستسلم لها , ألا أنه لم يدعها تدخل
قال لها : ماتريدين؟
الفتاة : أرجوك دعني أدخل هناك أناس يلاحقوني
حسام : لكني لاأرى أحدا ؟
الفتاة : أنا مهاجرة غير شرعية شرطة الهجرة ومخالفة الأقامة تطاردني , أرجوك دعني أدخل .
ظلت تلح تلح تورط معها كيف يمنعها من الدخول , فكر وخاطب أناس في عوالمه الكثيرة تشتت بين إجاباتهم وافق كالمجبر على أدخلها .
جلست دقائق دون أن تتكلم فقال لها : سأمهلك حتى الليل ومن ثم غادري ,
الفتاة : لاأستطيع ذلك لأن شرطة الهجرة ستظل تذهب وتعود في المنطقه , أرجوك دعني أجلس في شقتك لثلاثة أيام فقط بعدها سأغادر
حسام : لا , لا حتى الليل ثم أرحلي ,
أخذت تبكي الفتاة وتصر عليه كي يجعلها تجلس في شقته ثلاث أيام حتى وافــق مرغما على ذلك كارها متأفف ذهب وأحضر لها كأسا من الماء ,
قالت له : ماأسمك ؟
نظر إليها بضيق وقال : أسمعيني جيدا سأجعلك تجلسين في شقتي ولكن لاأريدك أن تتكلمين معي , حسنــا
تركها ودخل غرفته إلى أن غطى في سباته مشوشا يشعر بأن هناك شيئا يربت على صدره شخصا آخر دخل عالمه متسللا يريد أن يدمر مابناه ويصنع فيه الفوضى ويعيث في عالمه فساد .
مر اليوم الأول دون يتكلم معها ولم ينظر حتى إليها كأنه يعيش على كوكب آخر غير الذي نعيشه لا هواء فيه ولا ماء برغم ألحاحها الشديد وأسالتهــا الكثيرة , فقط كان يحضر لها الطعام في موعده دون أن ينطق ببنت شفه .
في اليوم الثاني آن كان في غرفته كعادته يستمع إلى موسيقاه متخيلا نفسه في أحد عوالمه الخاصة , فجأة دون سابق أنذار دخلت عليه الفتاة مقاطعة ذلك الجنون وتلك النشوة التي طالما عاشها , مما أثار أستغربها من تصرفاته فسألته وعلامة التعجب أرتسمت عليها : ماذا تفعل ؟
لكنه لم يرد عليها وكأنه لم يسمع شيئا مما قالت , كررت سؤالها مرتين وثلاث دون جوابا منه , مما أغضبها وحيرها أكثر
فقالت له : أتعلم بأنك مجنون ؟ لاتريد أن تتكلم معي ومذ دخلت شقتك لم أرك تغادرها قط , وإذا بي الآن أشاهدك تسمع الموسيقى وتكلم نفسك وتضحك كالمجانين , حتما أنك مصاب بمرض ما
رد حسام بكل بهدوء : ألم أخبرك ألا تتحدثين معي ؟
الفتاة : حقا لن اتكلم معك , فأنا لا أعرف من أنت , وما بك , انا سأغادر الشقة ولايشرفني الجلوس معك , لكن قبل أن أغادر دعني أسألك , هل تعرف نفسك من أنت ؟
كلام تلك الفتاة كان كالجمر الذي أنصب على جسد (حسام) أثار مشاعره وأحاسيسه , زلزله وخنقه في عبرته دون أن يقدر على قول شيئ , نظر إلى (المرآة) التي تعرفه أكثر من نفسه ظل ينظر وينظر وينظر حتى أجهش بالبكاء وقال بصوت ملء
ضعفا حياء كأنه يفجر عوالمه التي عاشها ويقتل أصدقاءه الذين أحبهم طوال سنينه :
- أنا حسام
- حسام الأنطوائي
- حسام الذي لن يتزوج ولن يرى أولاده
- حسام الذي لايملك وظيفة ولا مرتب شهري
- حسام الذي لايستطيع أنا يمارس رياضته ومايحب أمام الناس
- حسام الذي لايستطيع أنا يقود سيارة , حسام الذي ليس لديه اصدقاء
- حسام الذي لن يغادر هذه الشقة أبدا
- حسام الذي يعرف علته ومرضه وحتى دواءه وعلاجه ولم يستطع أن يعالج نفسه
- أنا حسام ياسيدتي! أنا حسام !
بكت الفتاة ندما وحسرة بعد أن أصابته في مقتل وجرحت مشاعره وقلبه وعرفت مابه ومايعانيه , لم تدري ماتفعل فأقتربت منه وامسكت بيده كأنها تريد أن تشاركه عالمه وتدخله
وقالت له: (حسام) أنني متأسفة , أنا حقا حقا آسفة , لقد اخطأت في حقك فعلا , أنت أنسان طيب القلب فلقد أستضفتني في شقتك ولم أشكرك بل ظللت أقول لك كلام قاسي جدا , وأنت لم تجرحني حتى بكلمة واحدة , لاأعلم لم قلت لك كل هذا , هل تسامحني يا(حسام) ؟
ظل يجهش في بكاءه غير مكترث بها كطفلا تلقى صفعة قاسية من والدته , بقيت الفتاة ممسكتا بيده لاتريد تركه كأنها أحبته وأحبت عالمه بكل مافيه وقالت له : مارأيك أن تتزوجني ياحسام؟
قال بصوت تملؤه الحشرجة : لكنك لست من عالمي , أنا عالمي لايوجد به أشخاصا حقيقيون
قالت: سأكون (فتاتك الخيالية), سأكون لك من تريد مارأيك يا(حسام)؟
قال : لاأعلم , أنا متعب الآن وأريد أن أنــام وغدا لناظــره قريب
فتركها وذهب لينام في غرفته بينما الفتاة عاتبت نفسها بشدة على ماقالته لاتدري كيف تشفي الجروح التي سببتها له فأستلقت وغطت في سباتها تنتتظر الصبح القريب يأتي .
بزغت فجر اليوم التالي فزت الفتاة من نومها كأن شيئا أخافها راحت تنظر إلى الشقة هنا وهناك إذ بدت تختلف عما كانت عليه بالأمس , ذهبت بسرعة إلى غرفة (حسام) فلم تجده , ضاعت أفكارها وتشتت ولكن ماشد أنتباهها ورقة على الطاولة جديدة نظيفة وكأنها لتو كتبت فتحتها فوجدت مكتوبا فيها :
لقد سامحتك على ماقلتيه عني أنا أعلم بأنك فتاة طيبة , لكني تركتك لأني أحب حياتي , حياتي التي لايشاركني فيها أحد , عالمي الذي لايوجد به سوى أشخاصا خياليون لايحقدون لايخطئون لاينظرون إلي نظرة شخصا مريض , أناس أحبهم ويحبوني , أنه قدري أن أعيش هكــذا , وأنا اتقبل قدري هذا , لقد تركت لك الشقة والآن أصبحت ملكا لك , أتمنى أن تتزوجــين بشابا صالح , دعواتي لك بالتوفيق والنجاح في حياتك , المخلص حسام.
أنهارت الفتاة حسرة وندما سقطت الورقة من يدها لأنها لم تستطيع أن تساعد (حسام) في محنته وأزمته , وجعلته وحيدا يعاني ويقاسي وهي تعلم مابه من عله , أما بالنسبة له فذهب الى شقة شقيقة (راشد) الذي كان مسافرا , ورجع إلى حياته التي أحبها وأخذ يستمع إلى الموسيقى كما العادة ويبحر في عالم من الخيال , لكن خياله هذه المرة وصل به إلى حد الجنون والعظمة , إذ تخيل نفسه (ممثلا عالميا)
فاز بجائزة أفضل ممثـل في حفل توزيع جوائز الأوسكار , والجمهور يصفق له بحرارة , فرفع (حسام) يده باكيا وبدأ يحيـي ويلوح للجمهور ,لكنه لم يكن جمهورا في الحقيقة , بل كانت مجرد خيالات واوهام (رجل انطوائي) .
- (قمة الألم أن تعرف علتك ومرضك ودوائك ولاتستطيع أن تعالج نفسك , يكون الوضع أشبه بأنتظار الموت! أو كما يقولون : انتظار الموت اسوء من الموت نفسه).
مثير الجدل
02-13-2014, 09:09 PM
(الرجاء من أصحاب القلوب الضعيفة عدم قراءة القصة)
البلدة المجهولة
في تلك الصحراء القاحلة الشاسعة الجميلة ورملها الناعم التي يقصدها هواة الرحلات والمغامرون كان (ياسين) وصديقيه يجلسون هناك بعيدا عن مشاكلهم وهمومهم التي عصفت بهم وأجثمت صدورهم قضوا فيها أيام سعيدة مبهجة يضحكون يتمازحون فيما بينهم يعيشون بلا هم أو غم متمنين لو أن رحلتهم تظل إلى الأبد ولكنهم يعلمون جيدا بأن كل رحلة ولها حد كما رحلة الحياة التي سوف تنتهي يوما ما .
بعد أن أفرغوا مافي صدورهم وتمتعوا كما لو أنها آخر رحالهم التي يخرجونها , قرروا العودة إلى ديارهم متثاقلين سيارتهم ركبوا بكل كسل وكأن شيئا ما يمنعهم من الرحيل أخذوا يسيرون في طريقهم الرملي ذاك يتحدثون عن هذه الرحلة التي لن ينسوها أبدا .
في خضم سعادتهم توقفت السيارة فجأة دون سبب كأنها تريد أن تفسد متعتهم , حاولوا أصلاحهــا هنا وهناك لكن بدون فائدة فلم يعرفوا علتها أو مابها , لم ييأسوا فهذه الأمور تحدث غالبا ظلوا يحاولون ويحاولون بلا نتيجة , وبالرغم من أنهم أعتادوا على هكذا أمور لكن هذه المرة أحسوا برهبة ما وشيئا لايبشر خيرا .
شعورا بيأسا وممل جلسوا ينتظرون (لاأحد) في هذه الصحراء القاحلة علهم يبصرون ذا نفس ينقذهم من مصابهم , مرت الدقائق والساعات يحاولون تارة أن يصلحوها لكن كل شيئا فيها لم يمسه خراب أوعطل وكأنها لعنة حلت بهم لايعرفون مصدرها .
مر يوما بحالتهم تلك ولم يحركوا ساكنا من مكانهم أكلهم شرابهم بدأ ينفذ منهم والحر والأرهاق الشديد غلبهم , تشاورا فيما بينهم مالعمل ؟ حتى قرروا المجازفة والذهاب سيرا على أقدامهم , فالمحاولة أفضل من الجلوس وعدم فعل شيء .
مشوا ومشوا علهم يجدون ضالتهم أما طريقا أو بشرا أو عسى بئرا يشربون منه ماء , نظروا هنا هناك لكن إلى أين ؟ لايوجد ألا شمس لاتطاق ورمالا حارقة تحيطهم وكل الطرق فيها تؤدي إلى هناك .
يوما دوخهم قدر مر على سيرهم لاماء لاطعام لابشرا لاهواء ولا حتى حيوان يعطيهم بضع أمل , يصلون يدعون بأنفاس متعبة قطعها الجفاف إذ أصبحوا في حالة حرجة جدا لاتطاق لايحتملها حتى من ولد ليعيش في هكذا مكان .
ظلوا متماسكين حتى آخر أنفاسهم يسيرون خطوات ويقعون أخرى وبينما هم على مشارف الموت يفكرون ما يكتبون في وصاياهم على ذاك الرمل الناعم وفي ذنوبهم ومعاصيهم التي أرتكبوها وعطشهم وجوعهم ,إذ (بياسين) كأنه يشاهد من بعيد سراب بلدة صغيرة ؟ فقال لصديقيه غير مصدق بأنفاسه تلك التي لايكاد يسمع صوت لها : أنظروا هناك , كأنها بلدة ؟
مكذبين ومصدقين أخذوا يسارعون خطواتهم وكأن الحياة أطلت عليهم من جديد وتبسمت , فسراب تلك البلدة هو الأمل الوحيد أمامهم وكأنهم يخاطبون أنفسهم قائلين : نعيش على أمل أفضل من أن نعيش بدونه , أقتربوا وأقتربوا من ذلك السراب التي أتضح أنه بلدة بالفعل مهللين مكبرين فرحين متناسين كل مابهم حتى وصلوا تلك البلدة ودخلوها .
فور أن وطأة أقدامهم إذ لفت أنتباههم وكأن البلدة خالية خاوية على عروشها إذ لم يلحظوا أحدا فيها لكنهم لم يهتموا لذلك الأمر كثيرا فحالتهم التي هم فيها تجعلهم يتناسون أغلى مايملكون .
دخلوا أول منزل صادفوه ذهبوا بسرعة إلى المطبخ يبحثون عن شربة ماء تروي ظمأهم أوقطعة صغيرة من فتات تسد جوعهم فتحوا الثلاجة فرأوها مليئة باللحم وزجاجات كثيرة من شراب مثلج غمرتهم سعادة عارمة أخرجوا اللحم وزجاجات الشرب التي عندما أرادوا أن يشربوا منها إذ مكتوب عليها شراب كحولي (خمر) , شعروا بخيبة أمل كبيرة فأرجعوه إلى مكانه وعندما أخذوا اللحم لطبخه كان مكتوب عليه (لحم خنزير), غضبوا بشدة لما حدث وكأن الحياة تصفعهم باليمين والشمال وترفض مساعدتهم , خرجوا من ذاك المنزل المشؤؤم بسرعة دخلوا آخر غيره ماأثار حنقهم جدا بأنهم أكتشفوا بأن بأن مافيه ألا لحم خنزير وخمر فقط .
خرجوا منه متأملين خير لعلهم يجدون حلال يبعدهم عن ذاك الحرام دخلوا منزلا ثالثا ورابعا وخامسا حتى دخلوا نصف منازل البلدة لكن طآمتهم أصبحت أكبر مما عانوه في تلك الصحراء التي كادت أن تكون قبورا لهم , إذ لم يجدوا فيها ألا لحم خنزير نجس وخمر محرم يذهبوا بالعقول حتى الماء الذي يجعل كل شيئا حي لم يكن موجود .
لم يعرفوا مايصنعون وكيف يتصرفون فالجوع والعطش والأرهاق والتعب فعل بهم مافعل , قال (ياسين) لصديقيه : ليس أمامنا ألا هذا , أن نشرب الخمر ونأكل لحم الخنزير !
مما حدى بصديقيه الرفض بشكل قاطع فقالوا له : لن نأكل ولن نشرب فهذا (حرام)!
قال (ياسين) : أعلم ذلك , لكن نحن مجبورين على ذلك , رد الصديقين بعناد تام : لا, لا, لن نأكل ولن نشرب , أشتط (ياسين) غضبا وحنقا وقال : اللعنة عليكم , كنا نسير في تلك الصحراء الحارقة ثلاثة أيام لم نأكل خلالها شيئا ولم نشرب , الجوع العطش التعب أرهقا جسمي كثيرا ولم أعد أحتمل وإذ لم أأكل شيئا فسأموت , لن أهتم لكم فلتذهبوا إلى الجحيم لأني سأشرب الخمر وسأطبخ لحم الخنزير وإذا أراد أحدكم ان يبقى حيــا فليأكل معي .
غير مبال بشيء أخذ (ياسين) يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ضاربا عرض الحائط كل ماحوله فالجوع كافر حقا كما يقولون , لحظات غلب على صديقيه الجوع والعطش ظلوا مترددين متلخبطين في قراراتهم حتى شاركوه مائدته .
أكلوا شربوا وشبعوا أصيبوا بحالة (سكر خفيفة) خرجوا من المنزل ليبحثوا في البلدة عن أهلها التي بدت كسجن دخلوه دون جريمة أو ذنب عدى أنهم جاؤها بعد أن تقطعت بهم السب ولا مفر لهم ألا بين زنازينها تمنوا لو لمحوا سراب كالذي لمحوه في رمقهم الأخير قبل دخلوها علهم يرون أحدا يخبرهم أين هم , ويوصلهم إلى ديارهم , دخلوا كل منزل كل غرفــة قلبوا تلك البلدة رأسا على عقب لكنهم لم يجدوا أحد كأن من بها مجرد مقابر خالية حتى من الجثث , صرخوا نادوا بصوتا عال : يأهل البلدة أين انتم ؟ أيوجد أحدا هنا ؟ لكــن أحدا لم يكن هناك عدى ذاك الهدوء المخيف كأنه ينبأ بعواصف وأهوال قادمة تدمر كل من تجرأ عليها , نظر (ياسين) لصديقيه ولاحت على ملامحه علامة حيرة كبيرة وقال :
- ماهذه البلــدة ؟
- لمـا هي هادئة هكذا ؟
-لمـا لايقطنها أحد ؟
- لما لايوجد بها سوى لحم خنزير وخمر ؟
قالوا له : لانعلم!
قال لهم (ياسين) : اللعنة! فليخبرني أحدكم ماخطب هذه البلــدة !
بعد أن أيقنوا بأن البلدة لا نفس فيها ولا بشر رجعوا مرة أخرى إلى ذاك المنزل أكلوا لحم الخنزير وشربوا الخمر بكثرة كأنهم أعجبوا به طعاما ظنوه حلال وشراب بدى لهم كعصير مبردا يخرج من كأسه ضباب لشدة برودته وعذوبته شربوا وشربوا إلى حد الثمالة حتى أصبحوا في حالة (سكر تام).
ذهبت عقولهم وقست قلوبهم غير دارين يتكلمون يتمازحون يطلقون النكات على بعضهم البعض قليلا قليـلا حتى أخذ كل شخص يسخر من زوجـة الآخر وهم تائهين تقودهم ثمالتهم يشربون أكثر وأكثر معتقدين بأن الخمر يروي ظمأهم الذي قطع أوصالهم في وسط تلك الصحراء التي لم ترحمهم .
شيئا فشيئا تطور الأمر وبدأ كل واحدا فيهم يشتم والدة الآخر , تصاعدت حدة الوتيرة بينهم غير عارفين بما يجري لهم وحولهم وماآلت إليه حالتهم فلا عقل يفكر ولاقلب يحن , حتى وقعت الكارثة وتشابكوا بالأيدي تشاجروا تقاتلوا وتناحروا خلالها دماء تنزف من من كل قطعة في أجسادهم كأنهم ينتقمون من بعضهم على تلك الرحلة التي أسعدتهم.
في أثناء هيجانهم وثورة غضبهم أخذ (ياسين) سكينا وبدأ يطعن ويطعن في صديقيه حتى قتلهمــا , بعدها أمسك بزجاجة الخمر وشرب منها ثم رجع إلى صديقيه كأنه لم يشبع من لحمهم ودمهم وقام يطعنهما مرارا وتكرارا ويتفنن بما في يده على أجسادهم , لم يكتفي بذلك بل قطــع رأسيهما ثم أدخل السكين في بطونهم وأخرج أمعائهم وأبتسامة شيطان أرتسمت على شفاهه وحالته ميؤس منها إذ الهوس والجنون وكل تلك الهستيريا جعلته كخنزيرا أكله وتشبع منه حتى أصبح مثله أو أكثر جلافة منه .
بعد أن هدء روعه شيئا ما وأنتقم من أعداءه الذين كانوا قبل برهة أعز رفاقه وأفضل من عرفهم رجع وأكل قطعا من لحم الخنزير القذر تبعه عدد من رشفات الخمر قرقع خلالها تلك العبوات في بعضها والدماء في أرجاء الغرفة وعلى يديه وملابسه , قرر الخروج لحظتها من البلدة والهروب خوفـا من أن يأتي , أحد ويكتشف جريمته الشنعاء .
خرج من المنزل يسارع نفسه التي أصبحت كمسخ أختبئ داخل جسده سار في تلك البلدة وصل أطرافها , لفت نظره لوحة خشبية مرمية على الأرض كانت بجانب قدميه ماشد أنتباهه رفعها ممعن النظر فيها جيدا فقراء ماكان مكتوبا فيها :
(الرجاء عدم دخول هذه البلدة , فأنهــا مصابة بـ(لعنة) من يدخلها لن يخرج منهـا حيا).
أثار ذلك غضبه بشدة ترآء له بأن أحدا يخدعه ويتلاعب به وهو يترنح مخمورا غير عارف بما يدور حوله فرمى اللوحة من يده ورجع إلى المنزل الذي قتل فيه صديقيه والدماء في كل مكان وجثة صديقيــه في حالة يرثـى لهـا , يشفق عليهم حتى من يملك قلب وحوش أو سباع نهمة .
لحظات ظل فيها متوقف حائرا شرب الخمر حينها بسرعة شديدة حتى تباطأ عن ذلك قليلا وتوقف إذ خالجته مشاعرا ماعرفها من قبل كأنه تنبه لكل ماحدث رمى زجاجة القسوة تلك من يده بكــى بعدها حسرة وقــال: اللعنة , لقد شربت الخمر , فضرب رأســه في الجدار حتى تقاطرت الدماء منه! قام مرة أخرى وهو في حالة هستيرية وهوس يتلوى ألما ووجعا في رأسه وقلبه من فعلته وقال :اللعنة , لقد أكلت لحم الخنزير , فضرب رأسه مرة اخرى بقسوة في الجدار حتى بدأت تسيل الدماء منه بغزارة شديدة! رجع أخرى صارخ نادما وبدل أن يموت عطشا جائعا أصبح يحمل ذنوبا تهد جبل وقال: اللعنـة , لقد قتلت صديقاي , فضرب رأسه مرة ثالثة بقوة شديدة في الجدار حتى تهشم وخر صريعا !
مثير الجدل
04-13-2014, 08:38 AM
اشكر كل من مر هنا ,
بعتذر عن التأخير لذلك سأضيف خمس قصص :
- أرجوك .. كن صديقي
- قطعة دجاج صغيرة
- صندوق المال
- فيلسوف في المطعم
- حلما لم يراودني مرة
مثير الجدل
04-13-2014, 08:39 AM
- أرجوك .. كن صديقي
(كمال) شاب غامض جدا تصرفاته الغريبة دائما تثير شك من حوله , ترك قريته البعيدة لكثرة مشاكله مع أهلها وكراهيتهم الشديدة له , رحل منتقلا إلى إحدى كبريات المدن ليبدأ حياته من جديد ينظمها يغيرها يكسر روتينها الممل المعتاد الذي عاشه في قريته المليئة بمشاكل وفوضى , ويتعرف على أناس جدد , أصدقاء , زملاء عمل , عازم أن يغير عالمه بأكمله .
مرت أيام أسابيع وشهور (كمال) وحيدا منعزلا في تلك المدينة التي بدت كقبرا صغير ضيق رغم جغرافيتها الشاسعة , فلم يعرف فيها إنس كما تخيل ولاحتى بهيمة كأنما قدر له العيش هكذا منقطعا تعيسا فلا زملاء العمل أداروا له بالا ولا القاطنين في الشارع معه رأوه .
ذات يوم جميل إذ الشمس تسطع في سماءها صافيه , شاءت الصدف أن يلتقي بشخص طيب ذو خلق يقدر الجميع يعز من يرافقه ويجله , فترة قصيرة أنقضت على صداقتهم و(كمال) يعيش أسعد أيامه ولياليه أحسنها أزكاها بفضل رفيقه الذي طالما تمناه معتبرا أياه أجمل حدث في حياته وأروع شخصا في وجوده , يشتري له الهدايا حال توفر المال لديه , يعطيه مايريد قبل أن يطلب , يقدمه حتى على نفسه , بل وصلت به تلك المحبة إلى أعلى درجاتها إذ أنه لايملك مشاعره المضطربة حينما يحدث صديقه تجده يجهش بالبكاء فرحا مختنقا بتلك العبرة في عينيه كما الطفل يصيح حال جره من بين أحضان أمه .
أثارت تصرفات (كمال) تلك الشك والرهبة في نفس الصديق فلم يرى قبلا أحد أصدقاءه أو أفراد عائلته يعاملونه بهكذا طريقة التي وصلت إلى حد القداسة , لكنه لم يشأ أن يثير ذلك الموضوع و(كمال) , تارك الأيام وحدها تجيب عن سؤاله وتحل لغزه , ففنهاية سيتضح له سبب غرابة الأطوار تلك .
في ليلة حالكة مظلمة على غير عادتها ألقت الشرطة القبض على صديق (كمال) متهمة أياه بالسرقة والسطو في جريمة لم يرتكبها بل ألبست إليه بلحظة ظلم كثيرة ماتحدث , عاش الصديق أيام قاسية مؤلمة تحقيق وضرب عنف وتشهير , تمنى خلالها الموت على ذاك حاول وحاول أن يبرأ نفسه لكن لا فائدة , لم يعلم (كمال) بما حدث لصديقه معاتبا أياه بين ذاته حزين إذ مرت أيام لم يسمع منه شيء.
طالت المدة كثيرا (كمال) لم يعد يحتمل فراق صديقه كل هذا الوقت , باحثا سائلا عنه في كل مكان حتى صعقه أحدهم وأخبره بما جرى , بسرعة دون أن يفكر ركض إلى قسم الشرطة الذي يحتجز فيه رفيقه أومن أعتبره نورا أضاء حياته السوداء التعيسة , دخل مخبر الشرطة بأنه الذي قام بالسطو والسرقة ولادخل لصديقه بذلك متعهدا لهم بأن يعيد ماسرق ويعتذر عمن تسبب في ترويعهم وأخافتهم حتى قام بالتوقيع على ورقة الشرطة التي تدينه وقر فيها بجريمته .
برأ الصديق بعد أن حكم على ( كمال) بالسجن لثلاث سنين ليس لجريمة أرتكبها فعلا بل لينقذ رفيقا له يعزه ويبجله , ذاك التصرف البطولي الجريء من (كمال) كان كالقشة التي قصمت ظهر البعير محدثة موجة من الدهشة والغرابة في نفس صديقه فلا قانون كتب ولا مبدأ أقر ولا دستورا وضع يجعل الأنسان يدخل السجن ويضيع سنين عمره كي يبرأ أحد , مفكرا متحيرا ذهب الصديق إلى (كمال) في المكان الذي كاد أن يقضي فيه هو بضعا من مستقبله وأيامه وسنينه دخل غرف الزيارة ألتقى به قال
الصديق: أنا أشكرك على مافعلت ,لكن سؤالا يجول في خلدي , لما فعلت ذلك ؟
كمال: ألا تكفي صداقتنا
الصديق: بلى , لكن لاتصل إلى هذا الحد
كمال: كيف تقول ذلك , أنت رفيقي , وكنت كالنجمة التي أنارت سمائي
الصديق: أنا لم أقل لك أن تأتي إلي وتسجن مكاني أو أن تسلم نفسك للشرطة بدلا مني ؟
كمال: هذا مايفعله الرفاق , يشعرون دائما بأحاسيس أصدقاءهم , يحملون بعضهم أكتاف بعض ,
أليس كذلك ؟
تركه صديقه بعد أن قضي وقت الزيارة عاد لمنزله مشتت الذهن مختلط الأحاسيس متعجبا من تصرفات (كمال) يفكر ويفكر واقف جالس سؤالا واحد يشغله : لما يتصرف (كمال) هكذا؟ أخذت الشكوك والهواجس تكبر لديه شيئا فشيئا بعد كثر تفكير أستنتج أحد الأمرين أما أن يكون (كمال) مريضا نفسي أو شاذ جنسي؟ لحظتها وبعد أقتناع تحول كل مافي قلب الصديق إلى كره وبغض فلم يزره في السجن يوم , يسبه يلعنه يستهزء به يطلق نكات عليه .
(كمال) الذي لايدري مابخاطر صديقه عليه وكيف أصبح يكن له كل الضغينة , دقائقه وساعاته لاتكاد تمر وهو يعيش بحسرته وألمه ينتظر صديقه الذي لم يأت وأنقطع عنه فجأة دون سابق أنذار, يسرح بعيدا بخياله بين جدار تلك الزنزانة يصرخ داخل عقله الصغير : لما صديقي ماعدا يزورني ؟ هل حدث له مكروه ؟ أم أنتقل إلى مكان آخر ؟ سأنتظره علني أسمع منه خبرا؟
خرج (كمال) من السجن بعد أن قضى سنون ثلاث كأنها قرون ماكادت أن تنقضي , مبتهجا سعيد يهرول بأقدامه سيرا متجها إلى منزل صديقه المكان الذي مافارق عقله قط , أشواق فراق وأسئلة جرعت لياليه في السجن جننته أوهام وأنهكته أصابته بأرق شديد في نومه , يريد صديقه ليخبره بذلك , بينما هو منشغلا بفكره قبل مشيه وكيف سيقابل صديقه ليعاتبه على هجره ويخبره بمدى أشتياقه إليه , يطير فرحا في كل خطوة تقربه من ذاك المنزل , وإذ بشخص كدر جاء إليه مسلما
وقال : متى خرجت من السجن أيها المريض الشاذ ؟ لخبط ذاك السؤال كل ماخطط له (كمال) متعجب سأله: من أخبرك بهذا؟ قال له: صديقك , دائما ماكان يقول أنك مريض وشاذ ؟ أدهش (كمال) مما سمع كبركان أنفجر قبل لحظته , فكر قليلا بصمت: يبدو هذا حديث أناس يحقدون يحسدون يشغلون أنفسهم بغيرهم يحشرون أنوفهم بما لايخصهم , أكمل خطواته غير مهتم بما سمع إلى أن وصل أخيرا منزل صديقه وماكاد يصل .
طرق الباب والقلب شوق ومحبة , أنتظر وأنتظر إلى أن فتح رفيقه الباب , أحتضنه (كمال) غير قادر أن يحكم مشاعره يبتسم ويسلم يسأل ويقبل , أبتعد عنه الصديق بقوة قال والغضب يعتريه :
فك عني , ماذا تريد؟
غرابة حلت (كمال) بدت جلية في ملامحه , أجابة : جئت لرؤيتك ياصديق , أشتقت إليك كثيرا , حسبت مكروها أصابك لأنك مازرتني في السجن؟
بضجرا رد صديقه : أمجنون أنت لتأتي منزلي , ألم تفكر ماسيقول الناس عني وأنا واقف معك هنا , هيا ,هيا أدخل إلى منزلي كي لايراك أحد وتسبب لي الحرج ؟
دخلوا المنزل (كمال) يعيش تلك الدوامة التي مانفك يخرج منها , بل أنها زادت سرعة ودوران أكثر هذه المرة ,
سأله : مابك ياصديقي , لما تعاملني بهذه الطريقة ؟
صديقه: دخلت السجن بسببي أنا أشكرك على ذلك , لكني لاأريد رؤيتك بعد الآن , تلك الأيام التي عشناها معا وضعت حدا لها , أرجو أن تنسى ماجرى بيننا وكلا يذهب في طريقه , أتمنى ألا تقترب من منزلي , فما جمعنا قد أنتهى
قال كمال غير مستوعب ماسمع : لما , أفعلت شيئا أغضبك , أو جرحك , أأخطأت في حقك بشيء؟ ألاتريد أن تراني هكذا دون سبب , ثم علاما أخبرت الناس بأني مريض وشاذ؟
صديقه : يارجل , أنت فعلا مريض وشاذ , تصرفاتك الغريبة كلامك الفارغ عن الصداقة والمحبة , بكاءك هداياك هرائك بما تفسره؟
كمال: قلت لك من قبل أنك صديقي المقرب , يجب أن أعاملك بأفضل طريقة , ماطلبت منك شيئا صعبا حين أردتك أن تصبح رفيق لي؟
صديقه: أخرس أرجوك , أنت وكلامك السخيف هذا عن الصحبة , كأنك تعرفها حقا , إذ كنت كما تدعيه أخبرني , كيف لم يزرك أحدا قط في شقتك سجنك وظيفتك مكانك؟ لما ليس لديك اصدقاء أو حتى عائلة , فمذ عرفتك لم أرك إلا وحيدا , هيا قل لي فلا أدري ربما تكون طبيعي كالباق , مابك شيء كمرض أوشذوذ ؟
مرغما (كمال) طأطأ رأسه كأن شفرة حادة مزقته علوا حتى أخمص قدميه حينما سمع , أنفجر بكاء كبرميل أغلق أحكامه بعدما ملء بارود منتظرا أحد يشعل نار صغيرة بجانبه , أجاب بعد برهة منكسرا خجلا بصوت ماكاد يخرج : لأنني لقيط , لست مريض أوشاذ , لست ألا شخص لقيط
كان وقع ذاك الكلام على صديقه كمن تفنن في تعذيب شخص بكل الأساليب القذرة فكتشف نهاية الأمر أنه يعذب أبن من صلبه , تلبسه حرج شديد مما قال وأتهم ,تمنى تلك اللحظة أن تنشق الأرض غاضبة لتبتلعه , إذ لم يقدر أن ينطق بحرف كيف ذلك وقد قال ماقال عن (كمال) الذي ظلت دموعه تتساقط منه كقطرات مطرا نزلت بعد جفاف يخبر قصته التي تلبدت بداخله متشعبت بجذورها الممتدة من صغره إلى حينه : وقتئذ كنت أعيش في القرية إذ بأهلها يكرهوني كما ماكره أحدا قبلي ولا حتى بعدي , نبذوني ,عاقبوني ,بغضوني ,عايروني ,آذوني ,لذنبا لاناقة لي فيه ولاجمل , خطيئة أقترفتها والدتي , والدتي , نعم والدتي التي مارأيتها يوما , فقط , أنجبتني من علاقة محرمة ونطفة نجسة كانت تعرف ذلك فرمتني وهربت , جعلت الحياة بقسوتها تتولاني بلارحمة أو ذرة شفقة فالناس تهين بي وتشمت دونما أحترام لمشاعري التي ماتت وقتئذ خرجت إلى الدنيا في يوم نحس ذاك الذي ولدتني فيه أمي وليتها لم تفعل , خرجت من قرية الشؤم تلك لعن الله كهلها وفتاها جئت إلى هذه المدينة علني أقدر محو ذاك العار الذي لازمني طوال سنيني وأبدأ حياة نظيفة جديدة أرسم فيها لوحة بيضاء بلا ألوان أخرى , تمنيت أناس طيبون لطيفون أو عسى رفيق يؤنس وحدتي يكلمني أكلمه كبقية الناس , وجدتك بسيط على خلق ذو صفات لم أعشها عند أحد أحببتك صديق ورفيقا وأخ , كما تمنيت يوما أن يكون لدي , كنت مستعدا لأضحي بحياتي من أجلك , حسبتك تختلف عن الباقين , خدعت نفسي , إذ بان لي عكس ذلك , أتضح بأنك كالجميع بل أكثر سوء منهم .
متألم (كمال) بين دموعه ,أحاسيسه ,حياته المحطمة ,كل ماضاع وتبخر من دنياه بمرآى عينيه التي مارحمتها دموع قط , مجروح قال لصديقه الذي مافكر أوتخيل أوحتى حلم مرة أن يكون بهكذا موقف : لكني لن أسامحك , لن أسامح أحد , لن أسامح والدتي التي فعلت بي كل هذا , لن أسامحكم جميعا , لقد أكتفيت منكم ومن عالمكم.
بحالته تلك خرج (كمال) من منزل صديقه بكاء تسابقه أنفاس مرهقة متعبة , باغض من نفسه أوعليها لايدري ماشعوره تلك اللحظة .
ماعرف صديقه أي لعنة حلت به ساعتها مشاعرا متناقضة حرج خجل شعورا بذنب لايقتفر , أين من يحل معادلته المعقدة , كيف يكفر الخطأ , معجزة هي تلك التي يريدها , بحث هنا هناك عن (كمال) بحث وبحث في كل مكان وأرضا وشبرا وتحت كل حجر وخلف كل شجرة , لكن أين وكيف ؟ دون منفعة , مارآه إنس ولم يسمعه جان , أختفى بهدوء وسط العتمة كما ولد , دون علم من أحد ودون وداع ,
عاش الصديق بعدها طوال سنين عمره متقوقعا بمنزله لايغادره مطلقا وحيد دونا عن رفاق لايريد بشرا ولا حتى حجر كأنه يعاقب ذاته اللئيمة على خبثها وقسوتها وفعلتها مع (كمال) .
مثير الجدل
04-13-2014, 08:40 AM
- قطعة دجاج صغيرة
(إدريس) ذاك الرجل ذو قلب هادىء , حليم لايغضب أعصاب باردة مشاعر كبيرة نيته صادقة , مشكلته الوحيدة التي يعاني منها وكثيرا ممن هم على شاكلته , متزوج بامرأة سليطة اللسان كثيرة الصراخ لاتمل لاتتعب من مشاكلها , ماستحت من أحد حتى زوجها المسكين (إدريس) إذ مرمرته وشيبته بلا سبب فقط أنه كان طيب محب
لاشيئ يعجبها متذمرة متهكمة لاتشكر لاتحمد , يشتري لها طعام أو لباس أو عسى هدية باهضة إذ بها تذمه وذوقه وسوء أختياره تصفه بإلقاب نابية كثيرا ماكان يسمعها منها , تستهزء به وعائلته عمله ماله .
شيئا شيئا إذ بـ(إدريس) يعود متأخرا إلى منزله الذي تمنى أن يخرج منه يوم ولايرجع , لجحيم من تعيش معه تلك المرأة التي قلبت عالمه عالي سافل .
كعادتها تلك الزوجة راحت تتذمر وتشتكي منه إذ لايعود ألا متأخر لايجلس معها كثير يتركها لوحدها في المنزل الذي سمته أو شبهته بقفص للفئران لم تغير عاداتها الرديئة ظنت كل شيئا تستطيع أخذه بصراخها ولسانها ذاك كسم الأفعى يؤذي من يصيبه ولو أحتكاك , من الصعب أن يتغير المرء بين ليلة وضحاها لاسيما أن حمل صفاته السيئة في صغره وربت معه لتكبر غير آبهى بمتغيرات الزمان والمكان والمحيطين حوله .
لم يهتم (إدريس) لتهكم الزوجة ضارب بها وعيشتها عرض الحائط فقد بلغ السيل زبى , أخذ يتصرف كما يحلو له ينام خارج المنزل لايكلم الزوجة ولايلبي متطلباتها , وقاحتها أزدادت أكثر راحت تشك فيه سوء ربما تزوج عليها بأخرى أو لديه صديقة ما .
ذات ليلة عاد إلى منزله كأنه مرغما , إذ بزوجته غاضبة تصرخ لقطيعته وعدم أهتمامه , مادار لها بالا أشتد غضبها صرخت إلى أن بح صوتها دون أن يرد عليها , فكرت برهة كأنها تشاور أحد عفاريتها أرادت أن تلطف الأجواء معه فسألته بغزل: أين تذهب , لما تعود متأخرا, أخبرني , يازوجي العزيز
إدريس : شاءت الصدف أن أتعرف بصديق لطيف أحببته مذ رأيته أول مرة , يسعدني الجلوس معه , لم أرتح في حياتي هكذا من قبل .
كبر الشك لدى الزوجة أكثر من ذي قبل أفتعلت له مشاكل ماعرف كيف يخرج منها , تمر الأيام والمشاكل تزيد وتيرتها حده كبالون أنتفخ وأنتفخ ينتظر إبرة صغيرة تفجره.
ذات ليل كريه رطب وقتئذ دخل (إدريس) بيته , إذ بزوجته ومن عذبته في عيشته بكل شرورها تنتظره صرخت في وجهه قائلة : عليك الأختيار أما أنا أو صديقك هذا الذي ماعرفه أحد !
كأن (إدريس) ينتظر هذا اليوم من ليلة زفافة إذ قال بلا تردد : حسنا , لك ماأردت , أطلقك ثلاث , دون تراجع , أسمعيني , لآأريد أن آراك هنا وقت عودتي .
في قمة غضبها وحنقها فكرت الزوجة : هو الآن خرج بالتأكيد سيذهب إلى صديقه الذي أخبرني عنه , سألاحقه كي أعرف مالحكاية ؟
بهدوء تبعته كي تكشف سر زوجها وصديقه الذي تطلقت من أجله تدمرت حياتها وأنكسرت شوكتها بسببه , إذ بها تتفاجأ بدخول (إدريس) كوخ خشبي صغير لايكاد يتسع لشخصين؟
زاد ذاك من دهشتها التي أصابتها وقت طلاقها , دخلت دون أن تستأذن وليتها لم تفعل , إذ بها تكتشف أن صديق زوجها الذي تطلقت بسببه مجرد كلب .
تبسم (إدريس) لحظة رؤيتها , بمشاعره تلك سألها : ماتفعلين هنا ؟
الزوجة : أمجنون أنت , طلقتني لأجل كلب ؟
إدريس : هذا الكلب , يتفوق عليك بكل شيء , وفاء صدقا إخلاص محبة , ذات مرة أشتريت لك طعام بدلا من شكري أمرتني برميه في السكة لأنه ماعجبك , خرجت كالغبي لأفعل , وقتئذ رأيت هذا الكلب يلهث عطش وجوعا أسقيته ماء ناولته لحظتها قطعة دجاج صغيرة من ذاك الطعام وماتذمرتي منه , تركته , بعد بضع يوم كنت أمشي كارها عيشتي ألعنها تفاجأت بهذا الكلب يجري خلفي كي يحميني , ليس هذا فحسب , مرت أيام أخر خرجت أجري أمارس رياضتي , بغفلة مني هاجمتني كلاب متوحشة جاء هذا الكلب أنقذني منها , كاد يموت بسببي ساعتها , أخبريني , من أجل ماذا ؟ قطعة دجاج صغيرة , أنما أنتي أعطيتك ماتريدين وأكثر , ماستفدت منك بشيء , صراخ وعويل وبكاء مشاكل لاجزاء لاشكور , أوتظني نفسك أفضل من هذا الكلب , إذ أصبح خادما لي ومطيع يفني عمره لحمايتي من أجل قطعة دجاج صغيرة .
أجهشت الزوجة بكاء شديدا ماجربته مرة كأنها تندب حظها المجنون إذ تساوى بكلب , قالت : أرجوك , يا إدريس ماسيقول الناس عني , ومايظنون بي , ومايعايروني ساعتها , طلقها زوجها لأجل كلب , كلب يا إدريس كلب , ألم تجد غيره , هيا , دعنا نعود للمنزل , سأكون خادمة مطيعة أكثر من كلبك هذا .
لم يهتم لها وكأنه لم يسمع شيئا لعب برهة وكلبه , قال لحظتها: أبتعدي قليلا , سأخرج وكلبي , نتمشى نلعب نمرح , سأشتري له حينها قطعة دجاج كبيرة أظنها يستحقها أليس كذلك ؟
أخذ كلبه خرج من ذاك الكوخ معه مغادرا تارك زوجته بحسرتها تبكي وحيدة
مثير الجدل
04-13-2014, 08:41 AM
- صندوق المال
(هارون) وشقيقه أكثر من الأخوة تجمعهم رابط الدم ذاك عندهم يختلف عن كل الفصائل الأخرى , تلك الكيمياء بينهم إذ حاول أن يفكهـا الفقر والعمر وكوارث الدهر التي تعصف بالجميع لكنها أنكسرت ذلا أمام جبروت الصمود .
يعملون في صيد السمك رزق حلال ما تربوا عليه , ذات يوم شؤم بدا البحر هائجا معاتبا معاقب أياهم لتلاحمهم محاولا أن يفك جزيئات الكيمياء تلك التي أثارت جدل كل من يعرفهم فلم يكن هناك أسماكا أو شيئا آخر تعودوا على أصطياده لم ييأسوا بل ظلوا يعومون بقاربهم هنا وهناك علهم يجدون مكانا يفيدهم , لحظات بحالتهم تلك إذ وصلوا منطقة في البحر تقبع عليها جزيرة يحيطها ضبابا وظلام , الأمر الذي أثار ربيتهم فلم يعهدوا أو يسمعوا من قبل بوجود جزيرة أو شجرة أو حتى صخرة في هذه البقعة , بعد تخبط تردد ذهبوا إلى الجزيرة نزلوا فيها بحثوا عن أحدا أو شيئا أو عسى علامة يستدلون بها , لكن كل ماحولهم يوحي بوحشة ذلك المكان .
بحيرتهم طيشهم وحدتهم ظلوا يتمازحون تارة وأخرى يبحثون وإذ بصندوقا كبيرا بدا أمامهما جليا , له لمعان وبريق مبهر , بسرعة فتحوه كأنهم غير مصدقين ذلك , ياإلهي ! أنها نقودا ذهبية سلبت لبهما , وأحنت ظهورهما لملامستها بأيدي جافة ماعرفت النعيم قط , مالا كثيرا يذل العزيزويعز الذليل , هكذا تراود لديهما .
هنا وقفوا ينظران لبعضهما بنظرات لم يعتادونها قط تلك اللحظة قد تفرقهم كما فعلت بخطى السابقين من قبلهم , لم يعجب الشقيقان ماحدث بينهم تركوا صندوق الفتنة ذاك أبتعدوا عن المكان الذي يغرر بأحدهم وجلسوا في محلا منعزل على جزيرة الشؤم بجمالها البشع وأشجارها المخيفة التي لن تنم قبل أن تفتن أحدهم .
لحظات قليلة مرت أستلقى فيها الشقيقان يتكلمون فيما بينهم عن طريقة للخروج من الجزيرة التي بدت ككابوس مرعب قضى مضاجعهم الهادئة إلى أن غطوا في سباتهم
ساعة مرت فتح (هارون) عينه لم يجد شقيقه نظر يمينا شمالا رآه يتصرف بشكلا مريب للشك والغدر يذهب ويعود تجاه القارب والصندوق لكنه لم يحرك ساكنا تصرف كأنه نائم , لحظات عاد شقيقه أستلقى بجانبه غطى في نومه .
تلك اللحظات حملت بين طياتها علامة التعجب والقهر (هارون) يوسوس بين نفسه :
- هل شقيقي سيسرق المال ويهرب ؟
- هل سيقتلني خلسة في نومي ؟
كل دقيقة تمر والشك يكبر فيها لديه ظل يخطط يجهز يستعد خوفا من أن غدر شقيقه في أية لحظة , لم يقدر أن يغمض عينيه كل تلك الكوابيس والهواجس التي يعيشها بداخله تجعل جزيرة الشؤم بهيبتها تحذر منه , هنا قال لايوجد سوى حلا واحد أن أقوم بقتله كي آمن نفسي وأسرق المال وأرجع .
شيئا فشيئا كبرت الفكرة داخل عقله فقام وأخذ حجرا كبيرا من الأرض أضاء برقا في السماء تبعه صوت رعد فرفع (هارون) مابيده عاليا وضرب رأس شقيقه بقوة شديدة أهتزت منه جزيرة الشؤم هز , أعاد الكرة مرارا تكرارا حتى هشم رأسه بالأرض بأنفاسه الحنقه وعرق يتصبب منه ومشاعرا تلبد تحتها لهيب أشد من الشمس حرارة
بسرعة حمل صندوق المال إلى قاربه رغم ثقله الذي بدا كحجرا ضخم صلب وهرب تاركا جزيرة الشؤم خلفه وشقيقا تتلذذ بلحمه السباع .
أبحر عائدا إلى دياره بلا نفس تلوم أو ضمير يأنب فالمال الذي أراده وجعله يفعل فعلته أصبح لديه وملك له لوحده , في غمرة سعادته تلك لاحظ بأن الماء يدخل القارب بكثرة ماكدر مزاجه بشدة فذهب بسرعة كي يصلحه يحاول تارة وأخرى يغطيه لكن بدون فائدة أمتلى نصفه بالماء وهو لايفعل شيئا ,شعر لحظتها بأنه عقاب لجريمته وكأن روح شقيقه سكنت القارب معه .
وقتئذ كان منشغلا بمشكلته يفكر مايفعل يمد يده هنا هناك وجد رسالة حشرت تحت إحدى الخشبات أخذها فتحها بدأ يقرأ :
شقيقي العزيز , عندما رأينا صندوق المال بالإمس كل شيئا تحطم بيننا الأخوة الدم الصداقة التعاون المحبة كلها ضاعت في نظرة , عرفت حينها بإنك ستقتلني أو سأقتلك , فالليل وجدتك نائما ذهبت لقاربنا الذي حمل ذكرايتنا أحلامنا دموعنا أفراحنا وأحدثت فيه شقا , فمن سيقتل فينا الآخر غدرا وهو نائم ويركب القارب ليهرب بالمال فلن يستطيع العودة به تذكرت عهدا قطعناه صغارا , نحيا معا أو نموت معا لايفرق شيئا بيننا , عندما نظرنا إلى بعضنا بعضا تلك النظرة المخيفة لم نكن نحن كنا أشخاصا آخرين باعوا أغلى مالديهم بأبخس ثمن , أشخاصا نظروا إلى الصندوق ولم ينظرون بداخله فتحوه وأخذوا منه مالا , أشتروا الكراهية وباعوا الحب , أشتروا الكذب وباعوا الصدق ,أشتروا الخيانة وباعوا الأمانة , أشتروا الذل وباعوا الكرامة , أشتروا الغدر وباعوا الشجاعة , أشتروا القسوة وباعوا الرحمة , اللعنة على تلك اللحظة التي رأينا فيها المال , المحب شقيقك .
أنهى (هارون) قراءة الرسالة أنتابته قشعريرة ما شعر بها من قبل كخنجرا يطعن في بطنه وصدره وكل جسده صرخ حسرة هزت البحر بمداها , ظل يبكي ويبكي ويبكي حتى امتلاء القارب بالماء غرق (هارون) وصندوق المال معه .
مثير الجدل
04-13-2014, 08:43 AM
- فليسوف في المطعم
كان هناك فليسوفا يمتلك علما وثقافتا قل نظيرها في وقتنا , لاينطق إلا بما هو ناجع يفيد من يستمع إليه كل مناظرة دخلها خرج منها فائزا منتصرا بكل سهولة حتى مع من كان يدعي الأدب ويقرأ كتب ألفتها فطاحلة العلم مذ بدأ التاريخ إلى يومنا , يصعب جدا خداعه في مناقشة أو محادثة كيف ذلك وعقله لايتوقف عن ضخ المعلومات والثقافة التي جعلته يتسلق علا درجات الحكمة .
مايعيبه أنه كان متكبرا جدا ومتعالي يستحقر الأميين وينبذ الجهلة يكره من لايملك شهادة تنفعه أو شخص لاطموح له سوى العيش بسيط وعمل يسد حاجته من الجوع .
في ظهر يوم حارق ألقت به الأقدار داخل قرية صغيرة جدا لاذكر لها ولا وجود حتى على الخرائط , يتبختر في مشيه كأنه يملك الأرض ومن عليها مستصغرا ناسها ومن يقطنها لتخلفهم وجهلهم , رغم شبعه علما وأدبا ألا أن بطنه كان جائعا يزغزغ من الداخل يريد شيئا يأكله فلم ينفعه حينها فلسفته وماكان يتباهى به .
بينما كان يسير في أحدى الشوارع بغرورا كأنه وحيدا دونا عن أحد بخطواته المتساوية ينفض الغبار عن ملابسه التي شوهت رأى مطعما في الزاوية قد أعجب بشكله من الخارج فدخل كي يشبع بطنه ذلك العضو في الجسد الذي ركع حتى كبار القوم جوعا .
بكل عبوس وأشمئزاز أخذ ينظر في وجوه المتواجدين لملابسهم الرثة البسيطة وعقولهم التي بدت له واضحة قليلوا العلم محدودي الذكاء , جلس على طاولة بعد أن نظف مايحيطها من كراس مسحهم بقوة كأنه سيجلس على عرش من عروش الأباطرة .
قرأ بكبرياء كتاب قائمة الطعام متأفف إذ الأكل هنا أقل شأن منه نظرة سريعة لفها حول المطعم أراد فيها أن يعرفهم بنفسه قال بنبرة تعال : أما فيكم رجلا ذات ذائقة علمية وأدبية ؟ قالوا له : لا , لايوجد ,أبتسم بعدها قائلا : توقعت ذلك ,
طلب بعض الطعام الذي غصبه على نفسه كأنه مجبرا لجوع ذله كم ذل من كان قبله , جلس يأكل بنهم وشهية مفتوحة لحظتها لفت نظره شابا متواضعا قد دخل المطعم .
فناد عليه كي يجلس معه على الطاولة مما أثار غرابة الشاب وجعله متردد لثوان معدودة حتى أنظم لمائدته .
باغته الفيلسوف بسؤاله : ماأسمك , وماهو مجال عملك ؟
الشاب : أسمي (سلمان) , وأعمل كاتبا
الفليسوف بعد فرحة غمرته : أخيرا وجدت أحدا هنا لديه بعض من الثقافة
قال سلمان متعجبا : لما , مانوع وظيفتك ؟
شعر الفيلسوف بإهانه شديدة من ذاك السؤال وقال : أنظر إلى طريقة كلامي وكيف هو سلس منمق ستعرف حينها أنني فيلسوف
سلمان : ولما كل هذا الغرور ؟
الفيلسوف : لنكن واقعيين قليلا , أتعرف أحدا لديه نصف ماأملك من العلم ؟
سلمان : صدقني , قد كتبت أشياء لم يفهمها حتى المتمرسين في العلــم لشدة تعقيدها وفلسفتها , ومع ذلك لم أتعالى على أحد أو أدعي المعرفة
ضحك الفيلسوف ساخرا مستهزء وقال : حسنا أيها المثقف , أخبرني شيئا لا أعرفه ؟
سلمان : ولما أفعل ذلك , ثم أن لدي عمل بعد قليل
الفيلسوف : يبدو أنك تخاف من أن أكتشف مدى جهلك وقلة حيلتك
سلمان : لا , ليس كذلك , لكنني في عجالة ولست في مزاج يسمح لذلك .
متحدي مستكبر كأنه أحس بأهانة منه إذ أخرج من جيبه 5000 دولار وضعها على الطاولة وقال لـ(سلمان) : أعطني سـؤالا واحد لا أعرف أجابته ويصبح كل هذا المال ملكا لك ؟
سكت سلمان قليلا ثم قال : حسنا , أنا موافق أيها (الـغثد) ؟
أبتسم الفيلسوف وفهم سؤال سلمان ماذا تعني (كلمة غـثد)؟ بدا سهلا كلعبة سخيفة كان يلعبها كل يوم حتى مل منها حفظها وعرفها ظهرا عن قلب .
نظر الفيلسوف يمينا شمالا وقال : كلمة (غثد) تعني شخصا شديد الذكاء
سلمان : لا
الفيلسوف : تعني شخصا لايتكلم ألا بالحكمة
سلمان : لا
الفيلسوف : تعني شخصا ذو حنكة
سلمان : لا
سكت الفيسوف قليلا بدأ يفكر ثم قال : أعرف معنى كلمة قثد وكلمة غث ولكن (غثد) ؟ أظنه سؤالا مخادع , فهذه الكلمة ليست موجودة أصلا ؟
ضحك سلمان مبديا غرابته وقال : بالطبع موجودة , ألم تسمعني قبل قليل أناديك (بالغثد)؟
الفيلسوف : حسنا , تعني شخصا متعمق في العلم
سلمان : أقتربت قليلا ؟
أبتسم الفيلسوف كثعلب يجهز ضحيته كي ينقضى عليها وقال : تعني شخصا بارع في الفلسفة
سلمان : لا
ظل الفيلسوف يقول كلمات كثيرة و(سلمان) يقول له : لا .
أصابته حالة من التوتر إذ شعر بأن ماحفظه كل سنينه قد يذهب في لحظة غفلة منه أستغل حينها ) سلمان) الفرصة وقال له : هيا , لدي عمل الآن , إذ كنت لاتعرف معنى الكلمة أخبرني ؟
الفيلسوف بحرج سارع أنفاسه قال : لا , لا , أنتظر قليلا , سأعرف معناها ؟
نظر (سلمان) لساعته وقال : تأخرت عن عملي , سأعطيك أجابة واحدة وبعدها سأرحل ؟
أستجمع كل علمه وثقافته وأدبه يفكر في تلك الكلمة التي لم يذكر مرة أنه سمعها أبتسم خلالها كأنه عرف الأجابة التي كادت تطيح به سافلا , وقال : عرفتها , تعني شخصا فذ البصيرة
تبسم سلمان وقال : لا , ليست كذلك .
حرج وخجل أصيب الفيلسوف ضيق ماأحسه من قبل كضربة قوية على رأسه نفضت حتى الأحرف من على جبينه , محاولا أن يلملم فشله , قال لـ(سلمان) : ربما قلت المعنى الصحيح للكلمة ولكنك لاتريـد الأعتراف بهذا , أنظر لدي هاتفي وسأبحث في مواقع الأنترنت عن الكلمة , إن كان كل ماقلته خاطئ , سأعترف لك بهزيمتي وخذ المال واذهب .
بعجالة رد سلمان : حسنا , تأكد من ذلك ولكن بسرعة ,
بدأ الفيلسوف يبحث في مواقــع الأنترنت عن الكلمة متمنيا بين ذاته أن يجدها كي يكسر شوكة من تحداه وجعله صغيرا بلا معنى ألا أنه لم يجد شيئا , قلبه يشتعل قهرا وغضب يبحث أكثر وأكثر لكنه لم يجد لا الكلمة ولا معناها , دهشة وحيرة أصابته وخلخلته مما أسقط الهاتف من يـده نظر مذهولا إلى (سلمان) بعد أن أقنع بواقعه , وقال له : اللعنة , أي شهادة تمتلك , أي علما لديك .
لم يتباهى (سلمان) بتغلبه بل قال بكل أدب : يجب أن نكون متواضعين دائما , ثم أخذ المال الذي أكتسبه ببساطته وبلاغته الشديدة وأكسبه أحترام خصمه المغرور المتباهي هم بعدها بالخروج مما جعل الفيلسوف يستوقفه بسرعة ويسأله : أنتظر , لم تخبرني ماذا تعني كلمة (غثد) ؟ قال سلمان بعد أن حك رأسه : ألم تقل بأنك فيلسوف , حسنا , أخبر كل فلاسفتك بهذه الكلمة وإذا عرفتم الأجابة ساضاعف لكم المبلغ ثلاث مرات , ثم تركه ورحل .
منبهرا معجبا من ثقافة (سلمان) وعلمه وتواضعه خرج الفيلسوف من المطعم مشى قليلا فرحا بعلما زاد في خزائنه وكلمة أضيفت إلى كنوز يختزنها في عقله لايعرفها أحد .
لم يبتعد من ذاك المطعم كثيرا لشدة تفكيره في الكلمة التي صفعته وجننته وقللت من قدره فتفاجأة بطفلان صغيران مرا بجانبه يلعبون ويمزحون بين بعضهم إذ أحدهما قال للآخر: أبتعد عني أيها (الغثد)؟
مما حذى بالفيلسوف أن يتوقف راغما عن أنفه وذات الشمال واليمين تتمتم بين نفسه : ويحي , كأن الطفل قال (غثد)؟
مخاطب غروره الذي لم ينتشل : كيف لطفل صغير يقول كلمة ظنا منه أنه الوحيد الذي سمعها بينما هي عقدته وجعلت كبرياءه يذهب هباء منثورا , فناداه بسرعة حتى جاء إليه ,
سأله الفيلسوف بلهفة : أيها الطفل , أقلت (غـثد)؟
الطفل : نعم
الفيلسوف : ماذا تعني هذه الكلمة اللعينة ؟
الطفـــــل : تعني (الشخص الذي يأكل بطريقة قذرة ومقرفة) , نحن في هذه المدينة نسميه (غثد) ولاأحد يعرف معنى الكلمة ألا مـــن يعيش هنا .
لحظتها آه , آه , بعد أن فات منه الوقت المحدد للسؤال عرف ذكاء (سلمان) إذ أراد منه أجابة لا أحد يعرفها ألا أهل مدينته الصغيرة .
شعر بعدها بغباء يتملكه وحماقة في داخله وصغــر عقلا أقل من الطفل فسأله : هل رأيت الشاب الذي خرج قبل قليل من المطعم ؟
الطفل : أي شاب , أتقصد (سلمان)؟
الفيلسوف : نعم , نعم (سلمان) أتعرفه , في أي وظيفة يعمل ؟
أجابه الطفل ضاحكا : أنه لصــا مخادع , أمي لايقـرء ولا يكتب
_____________________________
ملاحظة \ كلمة (غثد) ومعناها الذي ذكرتهم في القصة , أنا من أبتكرتهم لأحداث القصة فقط , إذا كانت الكلمة موجودة فعلا ولها معنى يختـــلف أو حتى نفس المعنى فهــــو مجرد التبــاس لا غير
مثير الجدل
04-13-2014, 08:44 AM
- حلما لم يراودني مرة
(جابر) رجلا عرفت عنه أخلاقه العالية مدرس متزوج لديه طفل أشغله بحياته التي أنشغل عنها قبلا فلا يحب المشاكل أو أخواتها يسير مع الحائط جنب إلى جنب لم يؤذي حتى قطط الشوارع التي أفزعته في نومه ومنزله , الجميع كان يحترمه ويقدره لطيبته وصدقه وأمانته ,إذ كان قدوة لطلابه ومن حوله .
ذات ليلة حارة رطبة وقتذ كان القمر مختفيا بنوره كأنه يلبد خلفه بلوة ما أو مصيبة , كان يجوب الشوارع بسيارته إذ أدخله القدر كمن تعمد ذلك إلى أحد الأحياء المهجورة ومبانيها الموحشة المتهالكة لاصوت يعلو فيها عدى صرير الحشرات المخيف .
تفاجأة أمام سيارته إذ رأى رجلا ملقى على الأرض ملطخا بدمائه يلتقط أنفاسه الأخيرة , توقف مفزوع خائف من ذلك هب لنجدته بسرعة كي ينقذ نفس كأنه ينقذ بذلك الناس جميعا , وضع يده على صدره يضغط ويضغط ليدب الحياة فيه من جديد لكن محاولته تلك بائت بالفشل إذ وصل متأخر ومات الرجل بين يديه .
متحيرا لايدري (جابر) ما العمل؟ وكأن دنياه تعاقبه لأنها أبعدته عن مشاكلها كل تلك السنين ,أحاطته الشرطة من كل جانب قبضوا عليه زجوا به في السجن , لم يتكلم لم يرد لم يدافع عن نفسه من تلك المصيبة التي تسللت إليه وأصابته في مقتل .
وحيدا متهم في قضية لاناقة له فيها ولاجمل ذنبه مر بلحظة غدرت به الحياة وبدل أن ينقذ روح أصبح يصارع ليبقى روحه حية تنبض .
حكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص لكفاية الأدلة التي تدينه , كان يعيش حلما يعيش أو وهما كابوس ما أفزعه من نومه قط , معاتب ذاته التي كانت طيبة مع الجميع إذ كافأها القدر بهذهالتهمة والحكم الجائر بحقه لم يرحمه أو أخلاقها ونيته التي صفاها مع كل من قابلهم .
موعد أعدامه أقترب وهو لايحرك ساكنا , والده أشقاءه زوجته أصدقاءه طلابه فعلوا كل مابوسعهم لتبرئته لكن دون جدوى ألتزقت به تلك الجريمة وسكنته كأنها أرتكبها فعلا .
الأيام تمر عليه كالثواني حالته النفسية تزداد سوء فمن يلومه , لايأكل لايشرب لايتكلم , يجلس منزويا في زنزانته التي أصبحت كعالمه لايريد أن يغادره .
جاء يوم الشؤم الذي سينفذ حكمه ويقطع نفسه ويسفك دمه ظلما , كما في السجن كثر من شاكلته , تجمع الحشد أحضرته الشرطة بقوة بعد أن جرجروه وسحلوه إذ كان ممسكا بأعمدة الزنزانة التي بدت آخر صديق لديه قد يساعده .
الجميع كان يدعو يصلي حتى الساعة الأخيرة عل معجزة من السماء تنزل وتنقذه , حان الوقت المحدد لتنفيذ الأعدام حضر الشرطي الذي سيطلق النار عليه دون رحمة أو ذرة شفقة ماهتزت شعرة منه رغم ماسمع عن (جابر) وأخلاقه الحميدة التي لن تفكه من رصاصة الشر تلك حيث ستستقر في رأسه يعلم ذلك لكنه لن يستطيع أن يردعها فعينه تبصر ولكن يده قصيرة .
رفع سلاحه كي ينهي حياة (جابر) التي عاش آخرها ميتا أصلا , لكن قبل أن يطلق الرصاص بلحظة واحدة ؟ جاء رجلا من الخلف يجري مهرولا وقال : أوقفوا تنفيذ الحكم , أنا القاتل الذي تبحثون عنه ؟
حدث ضجيجا بين الحشد سمعه حتى الأصم , تهليلا وتكبير يالها من لحظة , يالها من نصرة لمظلوم حكم عليه بالإعدام , ياللرحمة السماء , ألقت الشرطة القبض على الرجل برء بعدها (جابر) من التهمة حينما تحققت الشرطة من أقوال القاتل , كأنها مصيبة أشتدت به لتنفرج بسيناريو الحياة المحكم حيث هذا العالم المجنون يسير وفق خطة .
مرت الأيام ظل (جابر) يتابع تلك القضية التي كانت تدق المسامير في نعشه , كأنه حلما لم يستفيق منه بعد , يتابع أدق التفاصيل , يقرء كل ورقة لدى الشرطة يسأل أي شخص له علاقة بالجريمة , شعر بأن هناك حلقة مفقودة , شيئا لم يكتمل , غموضا يلفها في مكان ما , سرا دفين وراءها .
ضاع في كل تلك الألغاز لم يعرف طريقة لحلها الشخص الوحيد الذي يعرف كل ذلك هو القاتل نفسه (جابر) لم يزره ولو لمرة واحدة ربما خائف أو مستكرها أو هارب من نظرات عيون من أنقذه وأرجع له ماكاد يقتله .
أياما قلائل تفصل القاتل عن موعد تنفيذ حكمه مما خشي (جابر) أن يرحل الرجل ويدفن معه كثيرا من الأسرار والأسئلة التي لم يعرف أجاباتها , فقد قضت مضجعه ومن يحب حذرته وأختبرته بحكاية الجريمة تلك وماشابها من أعدام .
معاندا نفسه زار القاتل في زنزانته جلس قليلا دون أن يتكلم يتلعثم يتردد ينظر إلى عينيه وبرودها كي يكتشف حقيقة ماوراءها , لحظات ثم قال :
في الحقيقة لا أعرف ماذا أقول لك , فالكثير من الأسئلة تشغلني , لكن لما أعترفت بجريمتك ؟
ظل القاتل هادئا لم ينبس بشيء ذو أعصاب باردة إذ انتظر (جابر) إجابة أعتقد بأنه يعرفها مسبقا ,
قال الرجل بعد صمت متقع إجابته الغريبة : أنا لست القاتل .
كان وقع الكلام عليه كالصاعقة , هز أركانه , وأفقده رشده مصدقا مكذبا بعد حيرة , قال : كيف لست أنت القاتل , لما أعترفت بالجريمة إذا , لما ذهبت للموت بقدميك ؟
الرجل : لمعروفا فعلته لي
توقف (جابر) في مكانه , تزلزل في صدمته , أخذ يمعن النظر في الرجل جيدا يمينا شمالا يسأل نفسه المشتتة ويصارعها : اللعنة , من هذا الرجل , لاأتذكر بأني رأيته من قبل!
ظل يحدث نفسه برهة ويصفعها لعلها تذكر شيئا مضى لكن دون جدوى , قال بعدها:
- من أنت ياهذا ؟
- مالمعروف الذي فعلته لك ؟
- ماقصتك معي ؟
قال الرجل : أتعرف , أحيانا تفصيلا صغير يغير مجرى حياتك إلى الأبد , قبل سنتين طرق بابك رجلا مشرد يطلب طعاما أدخلته منزلك وتناولت العشاء معه وأسرتك جعلته ينام تلك الليلة في منزلك , أتذكر ؟
قال جابر الذي لم يفق من صدمته بعد : نعم , نعم , ذلك المشرد , أتذكره .
الرجل : أنا ذلك المشرد ؟
سكت بعدها لحظات ودقائق مسترجعا طفولته القاسية التي عاشها وتمرمر منها , وقال :
30 سنة عشت مشردا بلا منزل بلا عائلة أذهب من مكانا إلى آخر , قرية تلو قرية , أطلب المال من الناس , أنام على الأرصفة , يمر الجميع بجانبي ويرمون علي القمامة , كنت نكرة , لاشيئ ,لم ينظر إلي أحد , لكنني لم أنتحب يوما أو أتذمر فلم يهمني ذلك , لأنني ولدت في هذا الواقع فتقبلته , كنت ميتا بلا مشاعر فلا قلب يخشع أو عين تدمع , لكن عندما دخلت منزلك تلك الليلة وأتناولت الطعام معكم , كانت أسعد لحظات حياتي , حلما لم يراودني مرة , لدي عائلة منزل أناسا ينظرون إلي ويهتمون لأمري , بعدها ذهبت للنوم وأستلقيت على السرير كنت أسمع صوت طفلك يضحك أحسست بالطمأنينة والسكينة , غططت حينها في سبات عميق , جلست صباحا كأنني ولدت من جديد , شعرت بالحياة بعد أن كنت ميتا , شعرت بالأمان بعد أن كنت ضائعا , شعرت بالحنان بعد أن كنت قاسيا , خرجت من منزلك أردت أن أرى العالم بعد أن عدت للحياة ذهبت من مكان إلى آخر أبحث عن عمل ومنزل حتى حققت ماأردت , رغم سعادتي بذلك لكن قلبي ظل منشغلا , لأنني أردت أن أشكرك على مافعلته لي ولم أعرف بأي طريقة أفعل ذلك , أعطيتني حياة
جديدة وأسرة ومنزل , فأنا مدينا لك بحياتي , كنت خائفا لأني لم أقدر أن أقدم لك شيئا بقيمة ماأعطيتني أياه . جئت ذات يوم لزيارتكم فأخبروني أنكم أنتقلتم , بحثت عنكم في كل مكان دون جدوى , وقتها لم يهنأ لي بال ولم يرتح ضمير ولم أنم جيدا إذ الرجل الذي أنقذ حياتي أختفى .
لم يعرف (جابر) بما يجيبه ضاع في كل الموقف وكأن صفعة التهمة تلك أحس بها ثانية فظل بلا حول أو قوة يستمع ,
أكمل الرجل مابدا قصة أوجعته دينا وتفننت تعذيب في قريرته :
في الحقيقة لم أكن أعلم بقضيتك لكن في يوم تنفيذ حكم الأعدام الذي صدر بحقك , كنت في أجازة فأنا وظيفتي هي (مشرف عمال بناء) , ذهبت للمطار قاصدا السفر فجأة أتصل بي أحد الزملاء في العمل وقال : وقعت مشكلة كبيرة بين العمال في أحد المواقع ويريدون مني الذهاب , ترددت في البداية ثم ذهبت , حللت المشكلة بعدها وقفت أتكلم مع أحد العمال على عجالة لأنني أردت العودة إلى المطار لألحق بالطائرة , بالصدفة مر أمامي طفل يضع يده على وجهه ويبكي لوحده , شعرت بالأسى عليه تذكرت طفولتي وحياة التشرد الأليمة , فحاولت أن أشتت ذهني عن تلك الذكرى الأليمة , لحظات ركبت السيارة مشيت قليلا فكان الشارع مزدحما فدخلت أحد الأحياء لأختصر الطريق , ماأثار أستغرابي بأنني رأيت ذات الطفل مرة أخرى على حالته يضع يده على وجهه ويبكي , أقتربت منه بالسيارة فقطع علي الطريق أبعد يده عن وجهه نظر إلي ورحل ؟ عندما نظرت إليه قلت في نفسي : كأنني رأيت هذا الطفل من قبل ؟ أثار فضولي كل ماحدث ظللت ألحقه حتى وصل إلى منزلا به جمعا من الناس بدا عليهم الحزن والعزاء ودخل , توقفت في الحي سألت : مالخبر ؟ قالوا لي : بأن رجلا من هذه العائلة حكم عليه بالأعدام ظلما , وبعد قليل موعد تنفيذ الحكم ؟ سألت عن أسمه : فأخبروني , عرفت بأنه أنت وذاك الطفل هو أبنك , قلت في نفسي حينها : أنه وقت سداد الدين , فحضرت بسرعه إلى مكان تنفيذ الأعدام , وحصل مارأيته قد حصل .
أنتابت (جابر) قشعريرة روعته لخبطته وضربت لبه من الداخل , أحس بأن ماسمعه جريمة كالتي أتهم بها لكن هذه المرة أشد قسوة وعنف من تلك متعتعا أراد أن يتكلم قاطعه الرجل وقال مختنق في عبرته :
الآن سددت لك دينك , وسأموت مرتاح البال , أذهب من هنا , فمثلك لايقتل
vBulletin® v3.8.9, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd by