الصح
01-15-2014, 09:45 AM
حكاية خمسين
لـفت نظري في حافظة النقود خمسون ريال من النوع القديم الذي لا يزال
يتداول بها لحين سحبها ‘كانت شبه بالية تبدوا عليها الشيخوخة.
أخرجتها من الحافظة وفردتها أمامي وطلبت منها أن تحكي مسيرتها في التداول
وكيف كان البشر يتعاملون بها ؟
قالت: آوه ! لم يخطر علي بالي ان يوجه لي سؤال كهذا!
و لكن قبل ان اقص عليك حكايتي
دعني اقول لك لو تعلموا ما في الصدقة من خير
لما استقريت في يد احد من الناس ..
اسمع حكايتي من البداية ،
ولدت في مدينة أوروبية صغيرة وكان نصيبي أكون عملة نقدية للمملكة العربية السعودية
حمدت الله أن أكون بين المسلمين وفي هذا البلد الطاهر لكي أصبح عونا لهم
وأكون فعلا ذات قيمة في أيديهم و ليس قلوبهم .
سألت : وهل ارتحت فعلا في تداولك بين البشر ؟ و في كم مدينه تنقلتِ و نزلتي ؟
قالت: أرجوك لا تقاطعني ودعني احكي لك حكاية بشر لم اهتم ابدا بالمدن.
سوف أحكي لك بداية خروجي من البنك و أول تداول لنا في السوق .
كان خروجي مع البقية لرجل كبير صاحب مركز ومال يسكن في قصر واسع مع أحفاده وابنائه
تجتمع العائلة عند هذا الجد باستمرار وكان يصرف ببذخ عليهم خاصة الأطفال منهم
كنت فرحه وتمنيت أن يطول بقائي عنده كان الاحترام والجو الأسري الجميل حتى رماني حظي
في يد عامل المطبخ فبعد أن أحضر الغذاء استلمنا من القصر وفي طريق العودة تفقدنا وسحب أختي
وخشها في مكان كريه كلنا بكينا عليها !!.
لن أنسى يا صـح أول حوار سمعته وأنا أخطو السوق
أعطى العامل صاحب المطبخ المبلغ ناقص أختنا المسكينة.
قال المبلغ ناقص خمسين ؟قال العامل والله هوا كده يعطي
قال ليه قبلت؟ قال العامل هدا عميل قديم كل أسبوع يسوي واحد أتنين يمكن كاش مافي
يمكن يعوض تاني انا يستحي اكلم فلوس ناقص !...
لازم خمسين ؟خد من راتب بس زبون ما يطير
قال صاحب المطبخ صح كلامك عميل قديم ولا يطير مننا، اسمع لو ما أعطاك لاتسال عنها
قال العامل بخبث شديد حاضر ابويا.
كنا مندهشين مما سمعنا !!
سألت من حولي تُرى هل تعامل البشر سيكون مثل العامل و صاحب المطبخ ؟
وهل هذه بشكل أو بأخر هي طبيعة المعاملة بينهم؟
لم يجبني احد فالكل جديد على السوق وكنا حزينين على صاحب المال الذي
سلم حلاله و اعتمد على شخص ليس لديه أمانة وكارهين العامل الذي خان هذه الأمانة.
اختنا المخشوشه تمنت لو تنطق ليس لأنه كاذب فقط بل لتنفك مما هي مخشوشه فيه أيضا :؟
قلت في نفسي أما بداية! مسكينة اختي مايكفي انها راحت حرام وقعت في مكان زى الزفت! :) .
تصور يا صـح مدى الإحباط الذي أصابنا إلى أن وضعنا الرجل في جيبه
مع نقود أخرى قديمة واستطعت أن انسل من بين إخوتي وأقابل أمي المائة ريال
حكيت لها ما قام به العامل وسألت
كيف يطيب له أن ينفقها على بيته ونفسه ؟..
مع أنه يكد ويعمل بجهد كبير ولماذا لا يقنع بالحلال ؟
قالت أمي :الجهل ، إذا قل خوف الله من القلوب وخفت القناعة
يحل مكانها شوائب وأحيانا أوساخ.
يظهر عليك بنيتي انك جديدة ؟ اسمعي سوف يداولك خليط من البشر
وهذا العامل ليس مقياس بل هو نكرة مع أمثاله
ربما تصادفي أنواع أخرى واسواء و لكن الغالبية تتعامل كبائع وشاري
وبينهم الأمانة قائمة فهم مسلمون
نحن يا ابنتي جعلنا الله سبحانه وتعالى فتنه و زينه فبسببنا يدخل كثير النار
وكذلك الكثير من يدخل الجنة بعد رحمة الله
وبسببنا أيضا, فمن يتداول هم بشر.
قالت أمي ذلك وافترقنا وكانت كلماتها معي طوال مشواري
لقد لقيت يابوبراهيم من يسرق من أباه ليسافر
ومن باع مصاغ والدته لكي يشتري بها سموم
قابلت من يشهد الزور بسببي ومن يقلب الحق باطل
كنت موجودة عندما تقاتل الإخوة ، كنت حاضره وبقوة في كثير من إزهاق الروح
جلست مع الفقير الطيب الكريم وعدت إليه غني جبار متغطرس تمنيت تذكيره جوهر الفرق.
رأيت بنفسي كيف يُصد الفقير والمحتاج عند طلبي وتهدر كرامته.
وأتذكر كلام والدتي وأقول صدقتي يا امي إنهم بشر
هل تصدق أن البعض يصد المحتاج فقط لأنه عجز عن إخراج المحفظة ليفوته خير وثواب كبير.
لقد سمعت احدهم يحلف لصديقه المحتاج بأنه لا يملك ريال ونحن مكدسين في جيبه!
أذكر أني غادرت البلاد مع شاب معربد ورجعت في يد حاج ومعتمر!!
وحاولت أسال ماذا كسب هذا؟ وماذا سوف يجني هذا الحاج؟ والكل بسببي!
شاهدت عمليات نصب واختلاس خيالية من كبار القوم
والمصيبة أن لديه في البنوك ملايين من أمثال كبيرنا الخمسمائة
كل ذلك وأكثر غير أنهم والحق قلة قليلة في مجتمعكم
ولو أني لاحظت أنها بدأت تزداد واحمد الله أنها أيامي الأخيرة
بينكم فجدوا لها الحل وحذار أن تكون هي الفئة الأكثر
وذلك لأني قابلت الغالب الأعظم منكم يتعاملون كمسلمين بل رأيت من يحتقرني أمام خوف الله
وسوف احكي لك حكاية واحدة لنعرف أن الدنيا لا زالت بخير بالأخيار منكم إلى قيام الساعة.
في احد أيام شهر رمضان دخلت جيب احدهم كان الموجودين سابقا قد عزموا على الهرب
وكبيرنا ( الخمسمائة )
كان قد احكم خطة الهرب والجميع مؤيدين له و كاره صاحب المحفظة
لذنب ارتكبه لم أكن حاضره فيه.
وعندما أشار لنا كبيرنا قفزنا بالمحفظة بما فيها من جيبه في السوق وانزوينا في ركن .
كنت أشاهده يجري كالمجنون ويبحث عن المحفظة ويذكر فيها أوراق و بطاقات مهمة
وبعععض النقود ولم نكن بعض!!
بعد دقائق من مغادرته الموقع أشار علينا كبيرنا بالظهور قليلا لتلتقطنا سيدة عجوز
تسحب معها طفلين والعوز مرسوم عليهم
تذهب للإدارة لتجد صاحب السوق يحاول أن يهدئ من روع الرجل الذي كان يصرخ
ويلوم نفسه ويقول استأهل ما حصل
عندما رأى السيدة تخرج المحفظة قفز كأن روحه عادت وأخرجنا جميعا مع إخوتي الصغار
ودفع بنا ليد ألسيده قائلا حلال يا أختاه واشهدوا أني قد تبت لله تعالى
فانا منعت عن أمي نصف ما دفعته لهذه السيدة لأنها رفضت توكيلي ولو فقدت هذه الأوراق لدخلت السجن
وكرر اللهم تب على اللهم تب على وهو يبكي بندم ويطلب سماح أمه .
لو لم يكن لي فائدة غير توبة هذا الرجل لكنت راضية وأنا أغادركم .
تخيل يا صح لو أن كل مبلغ فينا ساهم في إيقاظ ضمير ما ؟؟ بدل أن يميته ..
وفوق ذلك فقد سعدت معظم حياتي بمصاحبة بشر غير اؤلائك البشر
أناس يؤثرون على أنفسهم ألقريب والصديق والجار بل وحتى الغريب المحتاج و بهم أشد من الخصاصة
مشيت مع الكريم ومع الفقير الأمين كتلك السيدة وصاحب القناعة ولكن هيهات لو أبقى طويلا
كنت راضية وأنا اندس بخجل في يد العجوز من أحد أبنائه وهو يدعو له والكل مسرور بما نال .
الكثير والكثير منكم جئته وقت الشدة لأفك له ضائقة ألمت به لأنه فك بي سابقا احدهم.
رأيت التكاتف والرحمة بينكم فانتم مسلمين.
قضيت جل حياتي انعم بتداول مريح بينكم إلا اللمم وأرجو ألا يكون في المستقبل هو الأعم.
هذه حكايتي يا الـصـح ، و أنا لم أشاهدك وأتعرف عليك غير اليوم
فمن أي البشر أنت؟؟؟ .
تحية....الـصـح
لـفت نظري في حافظة النقود خمسون ريال من النوع القديم الذي لا يزال
يتداول بها لحين سحبها ‘كانت شبه بالية تبدوا عليها الشيخوخة.
أخرجتها من الحافظة وفردتها أمامي وطلبت منها أن تحكي مسيرتها في التداول
وكيف كان البشر يتعاملون بها ؟
قالت: آوه ! لم يخطر علي بالي ان يوجه لي سؤال كهذا!
و لكن قبل ان اقص عليك حكايتي
دعني اقول لك لو تعلموا ما في الصدقة من خير
لما استقريت في يد احد من الناس ..
اسمع حكايتي من البداية ،
ولدت في مدينة أوروبية صغيرة وكان نصيبي أكون عملة نقدية للمملكة العربية السعودية
حمدت الله أن أكون بين المسلمين وفي هذا البلد الطاهر لكي أصبح عونا لهم
وأكون فعلا ذات قيمة في أيديهم و ليس قلوبهم .
سألت : وهل ارتحت فعلا في تداولك بين البشر ؟ و في كم مدينه تنقلتِ و نزلتي ؟
قالت: أرجوك لا تقاطعني ودعني احكي لك حكاية بشر لم اهتم ابدا بالمدن.
سوف أحكي لك بداية خروجي من البنك و أول تداول لنا في السوق .
كان خروجي مع البقية لرجل كبير صاحب مركز ومال يسكن في قصر واسع مع أحفاده وابنائه
تجتمع العائلة عند هذا الجد باستمرار وكان يصرف ببذخ عليهم خاصة الأطفال منهم
كنت فرحه وتمنيت أن يطول بقائي عنده كان الاحترام والجو الأسري الجميل حتى رماني حظي
في يد عامل المطبخ فبعد أن أحضر الغذاء استلمنا من القصر وفي طريق العودة تفقدنا وسحب أختي
وخشها في مكان كريه كلنا بكينا عليها !!.
لن أنسى يا صـح أول حوار سمعته وأنا أخطو السوق
أعطى العامل صاحب المطبخ المبلغ ناقص أختنا المسكينة.
قال المبلغ ناقص خمسين ؟قال العامل والله هوا كده يعطي
قال ليه قبلت؟ قال العامل هدا عميل قديم كل أسبوع يسوي واحد أتنين يمكن كاش مافي
يمكن يعوض تاني انا يستحي اكلم فلوس ناقص !...
لازم خمسين ؟خد من راتب بس زبون ما يطير
قال صاحب المطبخ صح كلامك عميل قديم ولا يطير مننا، اسمع لو ما أعطاك لاتسال عنها
قال العامل بخبث شديد حاضر ابويا.
كنا مندهشين مما سمعنا !!
سألت من حولي تُرى هل تعامل البشر سيكون مثل العامل و صاحب المطبخ ؟
وهل هذه بشكل أو بأخر هي طبيعة المعاملة بينهم؟
لم يجبني احد فالكل جديد على السوق وكنا حزينين على صاحب المال الذي
سلم حلاله و اعتمد على شخص ليس لديه أمانة وكارهين العامل الذي خان هذه الأمانة.
اختنا المخشوشه تمنت لو تنطق ليس لأنه كاذب فقط بل لتنفك مما هي مخشوشه فيه أيضا :؟
قلت في نفسي أما بداية! مسكينة اختي مايكفي انها راحت حرام وقعت في مكان زى الزفت! :) .
تصور يا صـح مدى الإحباط الذي أصابنا إلى أن وضعنا الرجل في جيبه
مع نقود أخرى قديمة واستطعت أن انسل من بين إخوتي وأقابل أمي المائة ريال
حكيت لها ما قام به العامل وسألت
كيف يطيب له أن ينفقها على بيته ونفسه ؟..
مع أنه يكد ويعمل بجهد كبير ولماذا لا يقنع بالحلال ؟
قالت أمي :الجهل ، إذا قل خوف الله من القلوب وخفت القناعة
يحل مكانها شوائب وأحيانا أوساخ.
يظهر عليك بنيتي انك جديدة ؟ اسمعي سوف يداولك خليط من البشر
وهذا العامل ليس مقياس بل هو نكرة مع أمثاله
ربما تصادفي أنواع أخرى واسواء و لكن الغالبية تتعامل كبائع وشاري
وبينهم الأمانة قائمة فهم مسلمون
نحن يا ابنتي جعلنا الله سبحانه وتعالى فتنه و زينه فبسببنا يدخل كثير النار
وكذلك الكثير من يدخل الجنة بعد رحمة الله
وبسببنا أيضا, فمن يتداول هم بشر.
قالت أمي ذلك وافترقنا وكانت كلماتها معي طوال مشواري
لقد لقيت يابوبراهيم من يسرق من أباه ليسافر
ومن باع مصاغ والدته لكي يشتري بها سموم
قابلت من يشهد الزور بسببي ومن يقلب الحق باطل
كنت موجودة عندما تقاتل الإخوة ، كنت حاضره وبقوة في كثير من إزهاق الروح
جلست مع الفقير الطيب الكريم وعدت إليه غني جبار متغطرس تمنيت تذكيره جوهر الفرق.
رأيت بنفسي كيف يُصد الفقير والمحتاج عند طلبي وتهدر كرامته.
وأتذكر كلام والدتي وأقول صدقتي يا امي إنهم بشر
هل تصدق أن البعض يصد المحتاج فقط لأنه عجز عن إخراج المحفظة ليفوته خير وثواب كبير.
لقد سمعت احدهم يحلف لصديقه المحتاج بأنه لا يملك ريال ونحن مكدسين في جيبه!
أذكر أني غادرت البلاد مع شاب معربد ورجعت في يد حاج ومعتمر!!
وحاولت أسال ماذا كسب هذا؟ وماذا سوف يجني هذا الحاج؟ والكل بسببي!
شاهدت عمليات نصب واختلاس خيالية من كبار القوم
والمصيبة أن لديه في البنوك ملايين من أمثال كبيرنا الخمسمائة
كل ذلك وأكثر غير أنهم والحق قلة قليلة في مجتمعكم
ولو أني لاحظت أنها بدأت تزداد واحمد الله أنها أيامي الأخيرة
بينكم فجدوا لها الحل وحذار أن تكون هي الفئة الأكثر
وذلك لأني قابلت الغالب الأعظم منكم يتعاملون كمسلمين بل رأيت من يحتقرني أمام خوف الله
وسوف احكي لك حكاية واحدة لنعرف أن الدنيا لا زالت بخير بالأخيار منكم إلى قيام الساعة.
في احد أيام شهر رمضان دخلت جيب احدهم كان الموجودين سابقا قد عزموا على الهرب
وكبيرنا ( الخمسمائة )
كان قد احكم خطة الهرب والجميع مؤيدين له و كاره صاحب المحفظة
لذنب ارتكبه لم أكن حاضره فيه.
وعندما أشار لنا كبيرنا قفزنا بالمحفظة بما فيها من جيبه في السوق وانزوينا في ركن .
كنت أشاهده يجري كالمجنون ويبحث عن المحفظة ويذكر فيها أوراق و بطاقات مهمة
وبعععض النقود ولم نكن بعض!!
بعد دقائق من مغادرته الموقع أشار علينا كبيرنا بالظهور قليلا لتلتقطنا سيدة عجوز
تسحب معها طفلين والعوز مرسوم عليهم
تذهب للإدارة لتجد صاحب السوق يحاول أن يهدئ من روع الرجل الذي كان يصرخ
ويلوم نفسه ويقول استأهل ما حصل
عندما رأى السيدة تخرج المحفظة قفز كأن روحه عادت وأخرجنا جميعا مع إخوتي الصغار
ودفع بنا ليد ألسيده قائلا حلال يا أختاه واشهدوا أني قد تبت لله تعالى
فانا منعت عن أمي نصف ما دفعته لهذه السيدة لأنها رفضت توكيلي ولو فقدت هذه الأوراق لدخلت السجن
وكرر اللهم تب على اللهم تب على وهو يبكي بندم ويطلب سماح أمه .
لو لم يكن لي فائدة غير توبة هذا الرجل لكنت راضية وأنا أغادركم .
تخيل يا صح لو أن كل مبلغ فينا ساهم في إيقاظ ضمير ما ؟؟ بدل أن يميته ..
وفوق ذلك فقد سعدت معظم حياتي بمصاحبة بشر غير اؤلائك البشر
أناس يؤثرون على أنفسهم ألقريب والصديق والجار بل وحتى الغريب المحتاج و بهم أشد من الخصاصة
مشيت مع الكريم ومع الفقير الأمين كتلك السيدة وصاحب القناعة ولكن هيهات لو أبقى طويلا
كنت راضية وأنا اندس بخجل في يد العجوز من أحد أبنائه وهو يدعو له والكل مسرور بما نال .
الكثير والكثير منكم جئته وقت الشدة لأفك له ضائقة ألمت به لأنه فك بي سابقا احدهم.
رأيت التكاتف والرحمة بينكم فانتم مسلمين.
قضيت جل حياتي انعم بتداول مريح بينكم إلا اللمم وأرجو ألا يكون في المستقبل هو الأعم.
هذه حكايتي يا الـصـح ، و أنا لم أشاهدك وأتعرف عليك غير اليوم
فمن أي البشر أنت؟؟؟ .
تحية....الـصـح