نزهة عزيوي
02-24-2014, 08:47 PM
أحلام وردية
مازلت أتذكر دلك اليوم جيدا،فهو لم يكن عاديا بالنسبة لي،بل انه الأهم ،والأجمل ،وسوف يظل إلى آخر يوم في حياتي.
كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحا حين وصلنا محطة القطار ،كنت رفقة فتاة أخرى من نفس مدينتي ،ركبنا القطار المتجه إلى القنيطرة ،من فرحتي لم أشعر بالوقت ولا المسافة التي قطعناها . لم يكن هادا القطار بالنسبة لي متجها فقط إلى القنيطرة بل هو متجه نحو تحقيق هدف ،وحلم طالما رافقني مند الصغر .لا أصدق نفسي لولا الاستدعاء الذي استلمته بنفسي من مقر الشرطة الموجود بمدينتي ،أجل لقد اجتزت الامتحان الكتابي ؛وأنا الآن في طريقي لاجتياز الاختبار النهائي والمصيري.
وصلنا تقريبا على الساعة السادسة صباحا ،استثقلينا سيارة أجرة؛كم كنا فخورتين ونحن نعلن للسائق عن وجهتنا :"من فضلك أوصلنا إلى معهد الشرطة " .المعهد ...وأخيرا ،بعد مرور سنوات من تقدمي لاجتياز الامتحان ،أصل إلى المرحلة الحاسمة .لازلت أتذكر تلك الرعشة التي اجتاحتني حين ترجلت من "التاكسي"، اختلطت مشاعر الفرحة مع الخوف والرهبة حينما كنت واقفة أمام باب المعهد وأنا شاردة الدهن.سوف أدخل إلى المكان الذي طالما تمنيت ولوجه .ليس حلما انه أمر حقيقي هده المرة.
عقارب الساعة تعلن عن السادسة ،حين طلب منا الدخول بنظام ،وفي الساحة وقفنا في صفوف منظمة.بداية لم نعرف السبب ،ولمادا طلب منا الصمت والوقوف في اتجاه معين،لكن حين شاهدنا شرطيا قادما وهو يحمل العلم الوطني ،عرفنا أنه وقت تحية العمل وترديد النشيد الوطني ، كانت سعادتي لا توصف،دائما كانت تتملكني رغبة جامحة لعيش الحياة العسكرية ،وولوج المعهد والتكون فيه لأتخرج شرطية .الآن أنا هنا و بينهم .آه لو كان الزمان توقف في داك اليوم،جئت وكلي أمل في النجاح ، بدلت قصارى جهدي رغم التعب الذي أصابني، لم اشعر وحدي به ولكن جميعنا ،لكثرة الوقوف والتنقل من مكان لآخر .أكاد أجزم أننا قمنا بجولة شاملة للمعهد ،الذي لم أعرف له نهاية من شساعته .انبهرت به إلى حد الشغف ،عرفت العديد من المعلومات الخاصة بهده المهنة.
بداية طلب منا ملئ بعض الأوراق بمعلوماتنا الخاصة، وبعد انتهائنا حضرت شرطية ،سوف تكون المسؤولة عنا. طلبت منا ارتداء الزي الرياضي ،كانت تبدو صارمة وقاسية في تعاملها معنا .لقد بدأت المنافسة ،ظننت الأمر صعبا في البداية وصعب التحقيق لكن العكس هو الصحيح .مر كل شيء على ما يرام هدا ما بدا لي حينها،الحقيقة كنت خائفة جدا من المرور أمام طبيب العيون لأني أعاني من ضعف النظر وهادا كان هاجسي الذي يخيفني دائما من فقد هده الفرصة إن أتت .كنت وانأ داخل المعهد وكأني آلة تصوير تاخد صورا لكل شيء .انه يوم أشبه بأيام قصص ألف ليلة وليلة،انه كذلك بالنسبة لي ،انه مقطع من حياتي سوف يظل الأجمل .ولن أنسى فترة الغداء. لحظة لن أعيشها مرة أخرى ،كان الأمر مسليا بالنسبة لنا ومضحكا في نفس الوقت ، وأيضا حين أخدتنا المكلفة بنا إلى قاعة حيث تركتنا هناك،خمنا أنها مقهى.وبما أن مدة جلوسنا هناك طالت قليلا بدأ النوم يغالبنا ،وهناك من استسلمت له بسبب التعب الذي أصابنا ،استمر اليوم على هدا المنوال إلى أن صارت الساعة الخامسة تقريبا أو السادسة حين طلب منا التوجه إلى الملعب. حسنا الأمر بديهي لقد حان وقت الامتحان الرياضي ؛الجري مسافة معينة في وقت محدد.أنهيت المسافة قبل الوقت المحدد،وكل واحدة ركدت يجب عليها المغادرة إلى القاعة التي تركنا بها أغراضنا .ارتدينا ملابسنا وحملنا حقائبنا متوجهين إلى الساحة ،وكأننا دخلنا للتو، لكن مع الأسف نحن مغادرات.القلق الذي أصابني حينها ربما سببه التوتر أو بالأصح الخوف من عدم قدرتي على العودة،وبالرغم من دلك كانت تخالجني أحاسيس بالتفاؤل ،تحدثني بأن الحلم على وشك أن يتحقق ،بقي القليل فقط.
بعد مدة من الانتظار عرفت أن داك اليوم الذي عشته داخل المعهد ،بمثابة حلم وحققته،ولو ليوم واحد.بقي مجرد ذكرى جميلة.
حاولت أن أعيد الأمر مرة ثانية لكني لم أفلح.الآن لم يعد بإمكاني دلك .مرافقتي داك اليوم نجحت إنها الآن شرطية،لما لم أوفق مثلها سؤال يحيرني وسوف يظل كذلك ،لأني لم أجد له جواب.
هل لأنها مجرد أحلام وردية لفتاة عادية؟
كان الأمر حلما ومازال ،لكنه منعني من التفكير في بديل ،سيظل الحنين ينتابني كلما نظرت أحدهم يرتدي بذلتي المفضلة والتي اعشقها كثيرا .
أن نحلم شيء رائع،لكن الرائع هو تحقيقه ،وأنا لست نادمة على حلمي ،واليوم الذي أمضيته في المعهد هو أجمل ذكرى وأروع ما حققته،لا أعلم سر تعلقي بهده المهنة .وكم أتمنى أن يتحقق حلمي يوما ما .
نزهة عزيوي
مازلت أتذكر دلك اليوم جيدا،فهو لم يكن عاديا بالنسبة لي،بل انه الأهم ،والأجمل ،وسوف يظل إلى آخر يوم في حياتي.
كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحا حين وصلنا محطة القطار ،كنت رفقة فتاة أخرى من نفس مدينتي ،ركبنا القطار المتجه إلى القنيطرة ،من فرحتي لم أشعر بالوقت ولا المسافة التي قطعناها . لم يكن هادا القطار بالنسبة لي متجها فقط إلى القنيطرة بل هو متجه نحو تحقيق هدف ،وحلم طالما رافقني مند الصغر .لا أصدق نفسي لولا الاستدعاء الذي استلمته بنفسي من مقر الشرطة الموجود بمدينتي ،أجل لقد اجتزت الامتحان الكتابي ؛وأنا الآن في طريقي لاجتياز الاختبار النهائي والمصيري.
وصلنا تقريبا على الساعة السادسة صباحا ،استثقلينا سيارة أجرة؛كم كنا فخورتين ونحن نعلن للسائق عن وجهتنا :"من فضلك أوصلنا إلى معهد الشرطة " .المعهد ...وأخيرا ،بعد مرور سنوات من تقدمي لاجتياز الامتحان ،أصل إلى المرحلة الحاسمة .لازلت أتذكر تلك الرعشة التي اجتاحتني حين ترجلت من "التاكسي"، اختلطت مشاعر الفرحة مع الخوف والرهبة حينما كنت واقفة أمام باب المعهد وأنا شاردة الدهن.سوف أدخل إلى المكان الذي طالما تمنيت ولوجه .ليس حلما انه أمر حقيقي هده المرة.
عقارب الساعة تعلن عن السادسة ،حين طلب منا الدخول بنظام ،وفي الساحة وقفنا في صفوف منظمة.بداية لم نعرف السبب ،ولمادا طلب منا الصمت والوقوف في اتجاه معين،لكن حين شاهدنا شرطيا قادما وهو يحمل العلم الوطني ،عرفنا أنه وقت تحية العمل وترديد النشيد الوطني ، كانت سعادتي لا توصف،دائما كانت تتملكني رغبة جامحة لعيش الحياة العسكرية ،وولوج المعهد والتكون فيه لأتخرج شرطية .الآن أنا هنا و بينهم .آه لو كان الزمان توقف في داك اليوم،جئت وكلي أمل في النجاح ، بدلت قصارى جهدي رغم التعب الذي أصابني، لم اشعر وحدي به ولكن جميعنا ،لكثرة الوقوف والتنقل من مكان لآخر .أكاد أجزم أننا قمنا بجولة شاملة للمعهد ،الذي لم أعرف له نهاية من شساعته .انبهرت به إلى حد الشغف ،عرفت العديد من المعلومات الخاصة بهده المهنة.
بداية طلب منا ملئ بعض الأوراق بمعلوماتنا الخاصة، وبعد انتهائنا حضرت شرطية ،سوف تكون المسؤولة عنا. طلبت منا ارتداء الزي الرياضي ،كانت تبدو صارمة وقاسية في تعاملها معنا .لقد بدأت المنافسة ،ظننت الأمر صعبا في البداية وصعب التحقيق لكن العكس هو الصحيح .مر كل شيء على ما يرام هدا ما بدا لي حينها،الحقيقة كنت خائفة جدا من المرور أمام طبيب العيون لأني أعاني من ضعف النظر وهادا كان هاجسي الذي يخيفني دائما من فقد هده الفرصة إن أتت .كنت وانأ داخل المعهد وكأني آلة تصوير تاخد صورا لكل شيء .انه يوم أشبه بأيام قصص ألف ليلة وليلة،انه كذلك بالنسبة لي ،انه مقطع من حياتي سوف يظل الأجمل .ولن أنسى فترة الغداء. لحظة لن أعيشها مرة أخرى ،كان الأمر مسليا بالنسبة لنا ومضحكا في نفس الوقت ، وأيضا حين أخدتنا المكلفة بنا إلى قاعة حيث تركتنا هناك،خمنا أنها مقهى.وبما أن مدة جلوسنا هناك طالت قليلا بدأ النوم يغالبنا ،وهناك من استسلمت له بسبب التعب الذي أصابنا ،استمر اليوم على هدا المنوال إلى أن صارت الساعة الخامسة تقريبا أو السادسة حين طلب منا التوجه إلى الملعب. حسنا الأمر بديهي لقد حان وقت الامتحان الرياضي ؛الجري مسافة معينة في وقت محدد.أنهيت المسافة قبل الوقت المحدد،وكل واحدة ركدت يجب عليها المغادرة إلى القاعة التي تركنا بها أغراضنا .ارتدينا ملابسنا وحملنا حقائبنا متوجهين إلى الساحة ،وكأننا دخلنا للتو، لكن مع الأسف نحن مغادرات.القلق الذي أصابني حينها ربما سببه التوتر أو بالأصح الخوف من عدم قدرتي على العودة،وبالرغم من دلك كانت تخالجني أحاسيس بالتفاؤل ،تحدثني بأن الحلم على وشك أن يتحقق ،بقي القليل فقط.
بعد مدة من الانتظار عرفت أن داك اليوم الذي عشته داخل المعهد ،بمثابة حلم وحققته،ولو ليوم واحد.بقي مجرد ذكرى جميلة.
حاولت أن أعيد الأمر مرة ثانية لكني لم أفلح.الآن لم يعد بإمكاني دلك .مرافقتي داك اليوم نجحت إنها الآن شرطية،لما لم أوفق مثلها سؤال يحيرني وسوف يظل كذلك ،لأني لم أجد له جواب.
هل لأنها مجرد أحلام وردية لفتاة عادية؟
كان الأمر حلما ومازال ،لكنه منعني من التفكير في بديل ،سيظل الحنين ينتابني كلما نظرت أحدهم يرتدي بذلتي المفضلة والتي اعشقها كثيرا .
أن نحلم شيء رائع،لكن الرائع هو تحقيقه ،وأنا لست نادمة على حلمي ،واليوم الذي أمضيته في المعهد هو أجمل ذكرى وأروع ما حققته،لا أعلم سر تعلقي بهده المهنة .وكم أتمنى أن يتحقق حلمي يوما ما .
نزهة عزيوي