المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل من عليها فاني . .


احمد شتيوي
03-05-2014, 04:29 PM
الحمد لله رب العالمين :

ابدا من هذه اللحظة , بالحفظ . .

اقضي بعض الوقت هنا . .

جاهد في حياتك . .
http://www14.0zz0.com/2014/03/05/16/196333403.jpg


إن شاء الله سنبدا بسورة الناس .

والله يجزي خير من يعينني







سورة الناس

التصنيف: مكية

عدد الآيات: 6

فضلها:
عن معاذ بن عبد الله بن خبيب بن أبية قال :

خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا ،

قال : فأدركته فقال : قل فلم أقل شيئا ثم قال : قل. فلم أقل شيئا، قال : قل فقلت ما أقول ،

قال : ( قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء ) رواه الترمذي وصححه الألباني / 2829


سورة الناس - تفسير السعدي


" قل أعوذ برب الناس "

قل يا محمد: أعوذ وأعتصم برب الناس, القادر وحده على رد شر الوسواس

" ملك الناس "

ملك الناس المتصرف في كل شؤونهم, الغني عنهم.

" إله الناس "

إله الناس الذي لا معبود بحق سواه.

" من شر الوسواس الخناس "

من أذى الشيطان الذي يوسوس عند الغفلة, ويختفي عند ذكر الله.

" الذي يوسوس في صدور الناس "

الذي يبث الشر والشكوك في صدور الناس.

" من الجنة والناس "

من شياطين الجن والإنس.

احمد شتيوي
03-05-2014, 04:52 PM
┇‏◦تفسير السورة :

┇‏◦قوله تعالى :{أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} أي :اعتصم وألتجئ وأستجير
وقوله {أَعُوذُ}: هذا هو الركن الأول من أركان الاستعاذة، وهو «التعوذ».

وقوله: {بِرَبِّ النَّاسِ}: هذا هو الركن الثاني من أركان الاستعاذة، وهو المستعاذ به، وهو: رب الناس.

قال الزمخشري :«وإنما أضاف الرب هنا إلى الناس خاصة؛ لأن الاستعاذة وقعت من شر الموسوس في صدور الناس؛ فكأنه قيل:
أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك عليهم أمورهم وهو إلههم ومعبودهم».

┇‏◦قوله تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ }:
مالكهم ومدبرهم الذي يأمرهم وينهاهم, وكل ملك مالك، وليس كل مالك ملكًا 

┇‏◦قوله: {إِلَهِ النَّاسِ} أي: معبودهم الذي يتوجهون إليه في جميع عباداتهم، إذ لا معبود لهم بحق سواه.

وتتضمن هذه الصفات الثلاث جميع قواعد الإيمان، ومعاني أسماء الله الحسنى؛ فالرب هو القادر الخالق الباري... وأما الملك فهو الآمر الناهي المعز المذل الذي يصرف أمور عباده كما يحب، ويقلبهم كيف يشاء.. وأما الإله فهو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، ولهذا يدخل في هذا الاسم «الله» جميع الأسماء الحسنى؛ فهو جامع لجميع أسماء الله الحسنى وصفاته العلى .

┇‏◦ قوله: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ}
: هذا هو الركن الثالث من أركان الاستعاذة وهو المستعاذ منه، فالوسواس: الإلقاء الخفي في النفس، إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من ألقي إليه، وإما ، بغير صوت، كما يوسوس الشيطان إلى العبد ،ووصِفَ الشيطان وسُمي بالوسواس لدقة وخفاء مداخِله.

┇‏◦قوله: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ}
: هذه صفة ثالثة للشيطان؛ فوصفه أولاً بالوسوسة، ثم وصفه ثانيًا بالخناس، ثم وصفه ثالثًا بكونه يوسوس في صدور الناس.


وسوسة الشيطان للإنسان على أنواع ودرجات:
•̣̇◀‏‏ فمن وسوسته تزيين الكفر والشرك
•̣̇◀‏‏ ومن وسوسته تزيين المعاصي
•̣̇◀‏‏ ومن وسوسته أن يشغل القلب بحديثه ووساوسه فيوقعه في نسيان ما أراد فعله أو قوله من أمر ديني أو دنيوي
•̣̇◀‏‏ ومن وسوسته أنه يوهم الإنسان ويخوفه من الأمور المستقبلة ويحمله على التشاؤم دائمًا، ويجعل الحياة مظلمة في عينيه فتنتابه المخاوف على المستقبل، والمخاوف من الأعداء، ومن العين، ومن المرض، ومن الموت، ونحو ذلك .

┇‏ قوله تعالى: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}: أن الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس على نوعين: شياطين جن وشياطين إنس.

ذكر ابن القيم رحمه الله قاعدة نافعة فيما يعتصم به العبد من الشيطان ويستدفع به شره ويحترز به منه، وذلك عشرة أسباب نلخصها فيما يلي :

1/الاستعاذة بالله من الشيطان.
2/قراءة المعوذتين، قال صلى اللّھ عليھ و سلّم : «إن من قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاثًا حين يمسي، وثلاثًا حين يصبح كفته من كل شيء»
3/قراءة آية الكرسي.
4/: قراءة سورة البقرة.
5/قراءة خاتمة سورة البقرة.
6/ قراءة أول سورة «حم المؤمن» إلى قوله «إليه المصير» مع آية الكرسي .
7/قول :لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. مائة مرة.
8/كثرة ذكر الله عز وجل، وهو من أنفع الحروز وبه طمأنينة القلب.
9/الوضوء والصلاة.
10/الإمساك عن فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الأنام، فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال منه غرضه من هذه الأبواب الأربعة .

٭̣̇ و عند تدبر السور الثلاث [ الاخلاص والمعوذتين ] ، يتضح ما فيها من الوقاية والحفظ والشفاء بإذن الله عز وجل لأمراض القلوب والأبدان، و توضيح لشخصية المسلم الحق، الذي يجمع بين فعل الأسباب والتوكل على الله، ولا يخاف بعد ذلك إلا الله، ولا يرجو إلا الله، ولا يعتمد إلى على الله، ولا يستعيذ إلا بالله. فهذا غاية العزة والسعادة

نظرات في سورة النــاس

♡̬شرح الغريب :

♡̬ [ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ] :
هو الذي يوسوس لابن آدم ويُزيّن له المنكر والإثم فإذا استعاذ بالله منه خنس وهرب .

♡̬ [ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ] :
قيل: ويدخل الجن كذلك في الموسوس في صدورهم .

♡̬ [ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ] :
يحتمل بيان للموسوس إليهم ، ويحتمل بيان للموسوسين .


••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇ •• ̣̇••̣̇•


♧̣̝̇ تدبّر الســـورة :

في هذه السورة الجليلة تربيةٌ وتعليمٌ ، وتوجيهٌ وتعريفٌ بالكيفية التي ينبغي أن يتصرف من خلالها المسلم مع ألد أعدائه وهو الشيطان الرجيم ذو الوسوسة الدائمة ، والكيد المستمر ، وذلك بالاستعاذة بالرب الملك الإله فقد ذكر الله تعالى ثلاثة من أسمائه :
الرب والملك والإله ، ومن كان عائذاً بمن هذا شأنه فأنّى للشيطان أن ينفذ إليه ويخلص إلى قلبه بعد الاعتصام التام بالملك العلام ؟!

والشياطينُ لا يَنْجَعُ في كفّ شرها ، وكبت كيدها إلا حُسن التعوذ بخالقها وقاهرها وهو الله سبحانه إذ لا يُفيد معها مصانعة ومداراة لخبثها وشدة مكرها وتلونها !

بخلاف شياطين الإنس الذين قد تجدي معهم الموعظة والمحادثة والمداراة والمصانعة .
ومن العجب أنّ الناس قلّ أن يستعيذوا من وسوسة الشياطين ويسألوا الله أن يكفهم شرهم وتزينهم ، ولذا ألفيتهم يسقطون صرعى لمكائد الشيطان ويقعون هلكى في حبائله دون وعي أو شعور!!

انظر إليهم حول الأضرحة والمزارات ؟ وانظر إليهم على ضفاف الشواطي بأجساد عاريات ؟
وانظرإليهم كأنهم خشب مُسندة أمام الشاشات والفضائيات ؟
وانظر إليهم يسفكون الدم الحرام ؟
وانظر إليهم يهتكون العرض الحرام ؟!
وانظر إليهم يسرقون المال الحرام ؟ !
وانظر، وانظر, وانظر ممّا لا أول له ولا آخر من المخالفات والذنوب التي زينتها الشياطين لبني آدم فأوردتهم المهالك !!




••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇••̣̇ •• ̣̇••̣̇•


»̶̥ فوائـــد السورة :

1- عناية الله تعالى ببني آدم وتعليمهم كيف يستعيذون من شر الشياطين .

2- إثبات الربوبية والألوهية والملك لله الواحد الأحد.

3- شدة عداوة الشيطان لبني آدم وسووسته لهم .

4- انخناس الشيطان بالاستعاذة من شره .

احمد شتيوي
03-05-2014, 05:06 PM
سورة الفلق


http://www11.0zz0.com/2014/03/05/17/852879856.jpg



التصنيف: مكية
عدد الآيات: 5
فضلها: عن معاذ بن عبد الله بن خبيب بن أبية قال : خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا ، قال : فأدركته فقال : قل فلم أقل شيئا ثم قال : قل. فلم أقل شيئا، قال : قل فقلت ما أقول ، قال : ( قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء ) رواه الترمذي وصححه الألباني / 2829


" قل أعوذ برب الفلق "

قل يا محمد: أعوذ وأعتصم برب الفلق, وهو الصبح.

" من شر ما خلق "

من شر جميع المخلوقات وأذاها.

" ومن شر غاسق إذا وقب "

ومن شر ليل شديد الظلمة إذا دخل وتغلغل, وما فيه من الشرور والمؤذيات

" ومن شر النفاثات في العقد "

ومن شر الساحرات اللاتي ينفخن فيما يعقدن من عقد بقصد السحر.

" ومن شر حاسد إذا حسد "

ومن شر حاسد مبغض للناس على ما وهبهم الله من نعم, يريد زوالها عنهم إذا حسد

احمد شتيوي
03-05-2014, 05:13 PM
تفسيرها

بإسناده عن ابن عباس في قول القرآن: Ra bracket.png قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ Aya-1.png La bracket.png يقول قل يا محمد امتنع ويقال أستعيذ برب الفلق برب الخلق ويقال الفلق هو الصبح ويقال جب في النار ويقال هو واد في النار. Ra bracket.png مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ Aya-2.png La bracket.png من شر كل ذي شر خلق Ra bracket.png وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ Aya-3.png La bracket.png من شر الليل إذا دخل وأدبر Ra bracket.png وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ Aya-4.png La bracket.png المهيجات الآخذات الساحرات النافخات Ra bracket.png وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ Aya-5.png La bracket.png لبيد بن الأعصم اليهودي إذ حسد النبي فسحره وأخذه عن عائشة.[2]
Ra bracket.png قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ Aya-1.png مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ Aya-2.png La bracket.png أي قل: أستعيذ برب المخلوقات، ومبدع الكائنات، من كل أذى وشر يصيبني من مخلوق من مخلوقاته طرّا. ثم خصص من بعض ما خلق أصنافا يكثر وقوع الأذى منهم فطلب إليه التعوذ من شرهم ودفع أذاهم، وهم:
Ra bracket.png وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ Aya-3.png La bracket.png أي ومن شر الليل إذا دخل وغمر كل شيء بظلامه، والليل إذا كان على تلك الحال كان مخوفا باعثا على الرهبة - إلى أنه ستار يختفى في ظلامه ذوو الإجرام إذا قصدوك بالأذى - إلى أنه عون لأعدائك عليك.

Ra bracket.png وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ Aya-4.png La bracket.png أي ومن شر النمامين الذين يقطعون روابط المحبة، ويبددون شمل المودة، وقد شبه عملهم بالنفث، وشبهت رابطة الوداد بالعقدة، والعرب تسمى الارتباط الوثيق بين شيئين عقدة، كما سمى الارتباط بين الزوجين: (عقدة النكاح). فالنميمة تحول ما بين الصديقين من محبة إلى عداوة بالوسائل الخفية التي تشبه أن تكون ضربا من السحر، ويصعب الاحتياط والتحفظ منها فالنمام يأتي لك بكلام يشبه الصدق، فيصعب عليك تكذيبه، كما يفعل الساحر المشعوذ إذا أراد أن يحل عقدة المحبة بين المرء وزوجه، إذ يقول كلاما ويعقد عقدة وينفث فيها، ثم يحلها إيهاما للعامة أن هذا حل للعقدة التي بين الزوجين. قال الأستاذ الإمام ما خلاصته: قد رووا هاهنا أحاديث في أن النبي سحره لبيد بن الأعصم، وأثّر سحره فيه حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله، أو يأتي شيئا وهو لا يأتيه، وأن الله أنبأه بذلك، وأخرجت موادّ السحر من بئر، وعوفى مما كان نزل به من ذلك ونزلت هذه السورة. ولا يخفى أن تأثير السحر في نفسه عليه الصلاة والسلام - ماس بالعقل آخذ بالروح، فهو مما يصدق قول المشركين فيه: « إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا » (سورة الأنعام:47). والذي يجب علينا اعتقاده أن القرآن المتواتر جاء بنفي السحر عنه عليه الصلاة والسلام، حيث نسب القول بإثبات حصوله له إلى المشركين ووبخهم على ذلك. والحديث على فرض صحته من أحاديث الآحاد التي لا يؤخذ بها في العقائد، وعصمة الأنبياء عقيدة لا يؤخذ فيها إلا باليقين، ونفى السحر عنه لا يستلزم نفي السحر مطلقا، فربما جاز أن يصيب السحر غيره بالجنون، ولكن من المحال أن يصيبه، لأن الله عصمه منه. إلا أن هذه السورة مكية في قول عطاء والحسن وجابر، وما يزعمونه من السحر إنما وقع بالمدينة، فهذا مما يضعف الاحتجاج بالحديث، ويضعف التسليم بصحته. وعلى الجملة فعلينا أن نأخذ بنص الكتاب، ونفوض الأمر في الحديث ولا نحكمه في عقيدتنا ا هـ.
Ra bracket.png وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ Aya-5.png La bracket.png أي ونستعيذ بك ربنا من شر الحاسد إذا أنفذ حسده، بالسعي والجدّ في إزالة نعمة من يحسده، فهو يعمل الحيلة، وينصب شباكه، لإيقاع المحسود في الضرر، بأدق الوسائل، ولا يمكن إرضاؤه، ولا في الاستطاعة الوقوف على ما يدبره، فهو لا يرضى إلا بزوال النعمة، وليس في الطوق دفع كيده، وردّ عواديه، فلم يبق إلا أن نستعين عليه بالخالق الأكرم، فهو القادر على ردّ كيده، ودفع أذاه، وإحباط سعيه.[3]
نسألك اللهم وأنت الوزر والنصير، أن تقينا أذى الحاسدين، وتدفع عنا كيد الكائدين، إنك أنت الملجأ والمعين

احمد شتيوي
03-05-2014, 05:20 PM
سورة الإخلاص



التصنيف: مكية
عدد الآيات: 4
فضلها: عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن ؟ . قالوا : وكيف يقرأ ثلث القرآن ؟ قال : ( قل هو الله أحد ) تعدل ثلث القرآن ) رواه مسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ " قل هو الله أحد " حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة ) [ سلسلة الأحاديث الصحيحة / 589 ]


" قل هو الله أحد "

قل يا محمد: هو الله المتفرد بالألوهية لا يشاركه أحد فيها.

" الله الصمد "

الله وحده المقصود في قضاء الحوائج والرغائب.

" لم يلد ولم يولد "

ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة.

" ولم يكن له كفوا أحد "

ولم يكن له كفوا أحد, لا في أسمائه ولا في صفاته, ولا في أفعاله, تبارك وتعالى وتقدس.

احمد شتيوي
03-05-2014, 05:28 PM
http://www3.0zz0.com/2014/03/05/17/196253399.jpg

ماجد الحربي
03-05-2014, 05:34 PM
جزاك الله خير الجزاء أخي أحمد

أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا الطرح في ميزان حسناتك

وأن يجزل لك الأجر.. والثواب

وفقك الله

مزاحم الشريدة
03-05-2014, 09:08 PM
عزيزي عزيزي أحمد

بارك الله بك وسقاك وأهلك من ماء الكوثر

استمر ولك كل التقدير

احمد شتيوي
03-05-2014, 10:11 PM
http://www5.0zz0.com/2014/03/05/22/346123258.gif


الأعجاز العلمي . حقائق في سورة الناس . حقائق رقميه
بسم الله الرحمن الرحيم


حقائق رقمية مذهلة في سورة الناس
المعجزة الرقمية هي أهم ما يميز علم الإعجاز في عصرنا هذا، وفيما يلي أربع حقائق رقمية مذهلة تتجلى في سورة الناس وهي آخر سورة في القرآن ....




تأتي أهمية هذه السورة من خلال وجودها في نهاية المصحف، فسورة الناس هي آخر سورة من القرآن الكريم، أي هي السورة التي ختم الله بها كتابه، فهل هناك أسرار عددية وراء هذه السورة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (يا ابن عابس ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس") [السلسلة الصحيحة].

وقد روي عن عقبة بن عامر أنه قال: كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته في السفر فقال لي: يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟ فعلمني "قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس" [السلسلة الصحيحة].

سورة الناس والرقم سبعة
سوف نعيش مع لطائف إعجازية عددية من هذه السورة الكريمة لندرك عظمة هذه السورة. ولكن لنبدأ بكتابة هذه السورة ونتأملها جيداً:

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)[سورة الناس: 1-6].

المعجزة تقوم على الرقم سبعة الذي هو رقم أساسي في القرآن (السموات السبع، والأرضين السبع، وأيام الأسبوع سبعة، وعدد طبقات الذرة سبعة، والطواف سبعة أشواط...)، ونحن نرمي إبليس سبع مرات في كل مرة سبع حصيات أي أن المجموع 7 × 7 = 49 وسوف نرى هذا العدد جلياً واضحاً في هذه السورة التي أنزلها الله للاستعاذة من إبليس وشره.




الحقيقة الأولى
هذه السورة تتألف من حروف ولو درسنا تكرار كل حرف (أي كل حرف كم مرة تكرر في السورة) نجد أن حروف كلمة (الناس) هي الأكثر تكراراً... سبحان الله!

فحرف الألف تكرر 18 مرة، وحرف اللام 12 مرة، وحرف النون 9 مرات وحرف السين 10 مرات... العجيب يا أحبتي أن عدد هذه الحروف مجتمعة (حروف كلمة الناس وهي اسم السورة) هو:

18 + 12 + 9 + 10 = 49 = 7 × 7 سبحان الله!

والآن ندرك أهمية العدد 49 ولماذا نرمي الشيطان بهذه الحصيات، فهذه السورة نزلت للاستعاذة من إبليس (الوسواس الخناس) وهي نزلت للناس جميعاً وتكرر عدد حروف كلمة (الناس) 49 مرة، وعدد الحصيات التي نرمي بها إبليس هو 49 مرة... هل هذه مصادفة؟ إذاً لنتأمل الحقيقة التالية.

الحقيقة الثانية
كما رأينا فقد أنزل الله سورة الناس للاستعاذة من شر الشيطان، وهي آخر سورة في القرآن، ولكن لو رجعنا لأول سورة في القرآن وهي سورة الفاتحة نرى علاقة عددية غريبة. فإذا كانت سورة الناس نزلت للاستعاذة من شر إبليس، فإن سورة الفاتحة نزلت لتخبرنا من هو الله تعالى! فهي تبدأ باسم الله وتعدد لنا صفات الرحمة وأنه مالك يوم الدين وتعلمنا كيف نحمده وندعوه ونستعين به.

لنكتب سورة الفاتحة كما كُتبت في القرآن: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 1-7].

العجيب يا أحبتي أننا عندما نبحث عن حروف (الله) في سورة الفاتحة نجد أن عددها 49 حرفاً أي 7 × 7 بالتمام والكمال!! فحرف الألف تكرر في سورة الفاتحة 22 مرة وحرف اللام تكرر في سورة الفاتحة 22 مرة وحرف الهاء تكرر 5 مرات والمجموع:

22 + 22 + 5 = 49 = 7 × 7 سبحان الله!

فهذا "توقيع" من الله تعالى على أنه هو من أنزل هذه السورة العظيمة!

الحقيقة الثالثة
رأينا الإعجاز في الحروف فماذا عن الكلمات وهل يمكن أن نجد معجزة عددية في السورتين؟ إن عدد كلمات أول سورة في القرآن ( الفاتحة) هو 29 كلمة، وعدد كلمات آخر سورة في القرآن (الناس) هو 20 كلمة والمفاجأة أن مجموع الكلمات هو:

29 + 20 = 49 = 7 × 7 سبحان الله!

لاحظوا معي أن البسملة هي آية من سورة الفاتحة وليست آية من سورة الناس، ولذلك نعدها في الفاتحة ولا نعدها في الناس... ولولا ذلك لاختلت هذه الحسابات، فانظر معي إلى دقة هذا الكتاب العظيم، وأنه لو نقصت منه آية أو زادت لاختل هذا البناء الرقمي الرائع!

الحقيقة الرابعة
والآن لنجري هذه المقارنة المنطقية: ماذا يعني أن نجد أول سورة في القرآن تتحدث عن الله ويأتي عدد حروف اسم (الله) فيها 7 × 7 مرة؟ وماذا يعني أن نجد آخر سورة في القرآن وهي سورة الناس تتكرر فيها حروف كلمة (الناس) 7 × 7 مرة؟ ماذا يعني أن تبدأ الرسالة بـ (بسم الله...) وتنتهي بـ (الناس)؟ إنه يعني أن الله تعالى يريد أن يعطينا إشارة خفية إلى أن:

هذا القرآن هو رسالة موجَّهة من الله ... إلى ... الناس...

فبدأ هذه الرسالة بسورة (وهي سورة الفاتحة وتحدث فيها عن نفسه) وكرر حروف اسمه (الله) 49 مرة... وختم هذه الرسالة بسورة (وهي سورة الناس وعلَّم الناس فيها كيف يستعيذون من شر إبليس) وكرَّر فيها حروف (الناس) 49 مرة... بالله عليكم هل هذه مصادفة، أم تأكيد من الله عز وجل على صدق رسالته للناس جميعاً؟!

احمد شتيوي
03-05-2014, 10:25 PM
فضل قراءة سورة الناس

بسم الله الرحمن الرحيم
.
.
أخرج ابن مردويه عن الحكم بن عمير الثمالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الحذر أيها الناس، وإياكم والوسواس الخناس، فإنما يبلوكم أيكم أحسن عملاً ".
.
أخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب ذم الوسوسة عن معاوية بن أبي طلحة قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم اعمر قلبي من وسواس ذكرك واطرد عني وسواس الشيطان " .
.
أخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وأبو يعلى وابن شاهين في الترغيب في الذكر والبيهقي في شعب الإِيمان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه فذلك { الوسواس الخناس } ".
.
أخرج ابن شاهين عن أنس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن للوسواس خطماً كخطم الطائر فإذا غفل ابن آدم وضع ذلك المنقار في أذن القلب يوسوس، فإن ابن آدم ذكر الله نكص وخنس فلذلك سمي { الوسواس الخناس } ".
.
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي
.
................................
.
وقالت عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ونفث فهيما وقرأ: { قل هو الله أحد } [الإخلاص: 1] والمعوذتين، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، فيبدأ برأسه ووجهه وما أقبل من جسده، ففعل ذلك ثلاثاً " ،
.
وقال قتادة رحمه الله: إن من الناس شياطين ومن الجن شياطين، فتعوذوا بالله من شياطين الإنس والجن.
.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية
.
................................
.
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله تعالى خنس، وإذا غفل وسوس ".
.
في ظلال القرآن/ سيد قطب.
.

احمد شتيوي
03-05-2014, 10:36 PM
الشرور الأربعة المذكورة في سورة الفلق...وكيف عالجها الإسلام


المقدمة:
سورة الفلق سورة لم يُر مثلها كما عبر عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، هي والسورة التي تليها"سورة الناس" فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَال:َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ أَرَ أَوْ لَمْ يُرَ مِثْلَهُنَّ يَعْنِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ" 1 وحيث مدحها عليه السلام بهذه الكلمات؛ فمعنى ذلك أننا أمام كنوز ضخمة، وذخائر حية، وأسلحة قوية، في مواجهة شرور الحياة ومصاعبها وشدائدها والكائدين فيها، والماكرين، والحاسدين، والسحرة المشعوذين الدجالين، يعني ذلك: أننا أمام أخطار كبيرة تؤثر في مسيرة الحياة، وتنعكس على الإنسان حيث تؤدي هذه الشرور التي ذُكرت في السورة الكريمة إلى الوفاة في بعض الأحيان، والجنون وفقدان الذاكرة وحالات صرع في أحيانٍ أخرى، فهي وأختها(سورة الناس) آيات بينات تذكر الداء والدواء..وكان عليه الصلاة والسلام يوليهما عناية خاصة؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا" 2 "هذه السورة والتي بعدها توجيه من الله - سبحانه وتعالى - لنبيه عليه السلام ابتداء وللمؤمنين من بعده جميعا , للعياذ بكنفه , واللياذ بحماه , من كل مخوف:خاف وظاهر , مجهول ومعلوم , على وجه الإجمال وعلى وجه التفصيل . . وكأنما يفتح الله - سبحانه - لهم حماه , ويبسط لهم كنفه , ويقول لهم , في مودة وعطف:تعالوا إلى هنا . تعالوا إلى الحمى . تعالوا إلى مأمنكم الذي تطمئنون فيه . تعالوا فأنا أعلم أنكم ضعاف وأن لكم أعداء وأن حولكم مخاوف وهنا . . هنا الأمن والطمأنينة والسلام . ."3
والملاحظ المتأمل والمتمعن في السورة الكريمة يجد أنها تعالج شروراً خفية غير ظاهرة، وتأثيراتها تظهر على المصاب دون أن تعرف من قام بها في كثير من الأحيان، وقد تتشاجر مع أحد الناس-لا سمح الله-فتراه ويراك، وتشتكيه إلى المحاكم، ويؤتى بالشهود، أما في هذه الشرور المذكورة فلا يرى الفاعل إلاّ الله تعالى، أو إذا أخبر صاحبها بارتكاب جريمته، وقليلاً جداً ما يحدث ذلك، ولذلك جاء الأمر الرباني يخص هذه الشرور بالذكر من بين كثرة هائلة من الأخطار والآفات المحدقة بالإنسان، وجاء الأمر الرباني كذلك بطلب الغوث والمعونة والاستجارة والاستعاذة بالله سبحانه، من كل الشرور بشكل عام، ومن هذه الشرور المذكورة بشكل خاص..
وإذا كان القرآن الكريم ذكرها مجملة، من غير تفصيل، فقد تكفلت السنة المطهرة، وأتباعها من صحابة أجلاء، وتابعين كرام وعلماء جهابذة ببيان كل شر من هذه الشرور، معنىً، وخطورةً، وتحذيراً، وعلاجاً...وما أحوجنا في هذا الزمان الذي كثرت فيه الشرور وتنوعت، وتعددت أساليب الإيذاء واختلفت، وتطورت التقنيات ووسائل التخريب والقتل، وظهرت فنون الجريمة وانتشرت، أقول: ما أشد حاجتنا إلى مولانا يحوطنا برعايته، ويكلؤنا بحفظه، ويجيرنا من كل سوء وشر، ويبعد عنا كيد الكائدين، وعيون الحاسدين، وشعوذة المشعوذين، وغدر الغادرين." فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"{يوسف: 64}
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ "
لا بد من الصراحة في إعلان الحقيقة الكبرى، وهي أن الإنسان مخلوق ضعيف، مفتقر إلى الله سبحانه في كل أحواله يقول خالقنا سبحانه:"يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "{فاطر:15}، ولذلك دفعه خوفه من الأشياء، وخشيته من الأخطار، إلى التعوذ والاستعانة بالجن، والسحر، والأصنام، والأنداد والشركاء، ويظن أنّ هذه الأشياء قادرة على حمايته، وتوفير الأمن والطمأنينة له، وهو واهم في ذلك؛ "يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ"{الحج:73}، والحقيقة الكبرى التي طلبها رب الفلق من نبيه عليه السلام أن يعلنها على الملأ ويقولها بملء فيه أنه: إذا كنتم أيها الناس، أيها الكفار، أيها المشركون، يا ضعاف الإيمان، تستعيذون بالشركاء و بالأنداد ، وبالسحرة و الكهنة و الجن وما أشبه، فإنني" أعوذ برب الفلق" والاستعاذة معناها:كما جاء في لسان العرب: "عاذ به يَعُوذُ عَوْذاً وعِياذاً ومَعاذاً: لاذ به ولـجأَ إِلـيه واعتصم. يقال: عَوَّذْت فلاناً بالله وأَسمائه وبالـمُعَوِّذتـين إِذا قلت أُعِيذك بالله وأَسمائه من كل ذي شر وكل داء وحاسد وحَيْنٍ"4 ."فالاستعاذة حالة نفسية ، قوامها الخشية من الخطر ، و الثقة بمن يستعاذ به ، و هي إلى ذلك ممارسة عملية بابتغاء مرضاة من نستعيذ به ، و هي - فوق ذلك - الثقة بأنه وحده القادر على درء الخطر ، و إنقاذ الإنسان ."5
أما الفلق فقد اختلفوا فيه اختلافا كبيرا ، فمن قائل : أنه بئر في جهنم تحترق جهنم بناره . إلى قائل : بأنه الصبح ، أو الخلق، أو ما اطمأن من الأرض ، أو الجبال و الصخور. قال ابن جرير: "والصواب القول الأول إنه فلق الصبح وهذا هو الصحيح وهو اختيار البخاري في صحيحه رحمه الله تعالى"6 قال المفسرون: سبب تخصيص الصبح بالتعوذ أن انبثاق نور الصبح بعد شدة الظلمة، كالمثل لمجيء الفرج بعد الشدة، فكما أن الإِنسان يكون منتظراً لطلوع الصباح، فكذلك الخائف يترقب مجيء النجاح. 7

أنواع الشرور المذكورة والمستعاذ منها في السورة الكريمة:
الأول:الشر العام: ويشمل الشرور البارزة والخفية:
"من شر ما خلق": " أي من شر خلقه إطلاقا وإجمالا . وللخلائق شرور في حالات اتصال بعضها ببعض . كما أن لها خيرا ونفعا في حالات أخرى . والاستعاذة بالله هنا من شرها ليبقى خيرها . والله الذي خلقها قادر على توجيهها وتدبير الحالات التي يتضح فيها خيرها لا شرها ! " 8 و " قال بعض الأفاضل: هو عام لكل شر في الدنيا والآخرة وشر الإنس والجن والشياطين وشر السباع والهوام وشر النار وشر الذنوب والهوى وشر النفس وشر العمل وظاهره تعميم ما خلق بحيث يشمل نفس المستعيذ"9 ولقد" زود الله كل حي بما يجعله يختار جانب الخير ، و يحاذر جانب الشر من نفسه و من الخلق المحيط به ، و الإنسان بدوره مزود بالوحي و العقل و الغريزة لكي يتجنب الشر و الاستعاذة بالله صورة من صور الحذر من الشرور"10
ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يستعيذ من أشياء كثيرة، نذكر منها مثلاً: ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر،ِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال،ِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ! فَقَال:"َ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ " 11وكذلك ما رواه عَمْرَو الْأَوْدِيَّ قَال:َ كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَة،َ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْن،ِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُر،ِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا فَصَدَّقَهُ " 12
وكان الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يلتجئون و يعتصمون ويستجيرون بالله من أنواع الشرور المختلفة؛ فهذا إبراهيم عليه السلام يطلب من ربه أن يبعده وأبنائه من شر عبادة الأصنام، التي أضلت الكثير من البشر"وإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ ءَامِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الاَصْنَامَ" {إبراهيم:35}وهذا يوسف عليه السلام يلتجئ إلى الله من شر مكر النساء اللواتي أردن به الكيد والوقوع فيما يسخط الخالق" قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَ وَأَكُن مِنَ الْجَاهِلِينَ" { يوسف:33} وهذا يعقوب عليه السلام لما حصل ليوسف وأخيه ما حصل،وثق بأن الله سبحانه سيحفظهما من الشرور والمكائد فقال:" فالله خير حافظاً" {يوسف: 64}وهذا نبي الله موسى عليه السلام: يستعيذ بالله خالقه وخالق قومه من أن يمسه قومه بسوء سواء بالقول أو الفعل"وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِي" {الدخان: 20}

الشر الثاني: "غاسق إذا وقب"
قالوا :"الغسق : شدة الظلام ، و الغاسق : هو الليل أو من يتحرك في جوفه، والوقب : الدخول، قال ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي، والضحاك، والحسن، وقتادة، أنه الليل إذا أقبل بظلامه"13 والمقصود هنا - غالبا هو الليل وما فيه . الليل حين يتدفق فيغمر البسيطة . والليل حينئذ مخوف بذاته . فضلا على ما يثيره من توقع للمجهول الخافي من كل شيء:من وحش مفترس يهجم . ومتلصص فاتك يقتحم . وعدو مخادع يتمكن . وحشرة سامة تزحف . ومن وساوس وهواجس وهموم وأشجان تتسرب في الليل , وتخنق المشاعر والوجدان , ومن شيطان تساعده الظلمة على الانطلاق والإيحاء . ومن شهوة تستيقظ في الوحدة والظلام . ومن ظاهر وخاف يدب ويثب , في الغاسق إذا وقب !"14
نعم، "يهبط الليل بظلامه و وسواسه و طوارقه ، و يتحرك في جنحه الهوام و بعض الوحوش ، و ينشط المجرمـــون و الكائدون ، و يستولي المرض و الهم على البعض ، و تشتد الغرائز و الشهوات في غيبة من الرقابة الاجتماعية ، و يحتاج الإنسان إلى مضاء عزيمة و ثقة ، حتى يتغلب عليه وعلى أخطاره ، و هكذا يستعيذ بالله منه"15 قال الرازي: "وإِنما أُمر أن يتعوذ من شر الليل، لأن في الليل تخرج السباع من آجامها، والهوام من مكانها، ويهجم السارقُ والمكابر، ويقع الحريق، ويقل فيه الغوث"16 ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام المسلم أن يمشي في الليل وحده:فعن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِنْ الْوِحْدَةِ؛ مَا سَرَى رَاكِبٌ بِلَيْلٍ يَعْنِي وَحْدَه ُ" 17 ولهذا أيضاً كان من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم، ألا يسافر المرء وحده، بل مع ركب أقله ثلاثة."الواحد شيطان،والاثنان شيطانان، والثلاثة ركب" 18
ولعل القارئ الكريم يلاحظ ما الذي يحصل حينما ينطفئ التيار الكهربائي ليلاً في مدينة من مدن العالم الكبيرة؛ من سلب ونهب وسرقات واغتصاب وشرور مختلفة ومتنوعة، ولا ملجأ ولا منجا من ذلك إلا الله سبحانه، والاستجارة به وطلب الغوث منه.

الشر الثالث" النفاثات في العقد"
والنفاثات: "السواحر الساعيات بالأذى عن طريق خداع الحواس , وخداع الأعصاب , والإيحاء إلى النفوس والتأثير والمشاعر . وهن يعقدن العقد في نحو خيط أو منديل وينفثن فيها كتقليد من تقاليد السحر والإيحاء ! والسحر لا يغير من طبيعة الأشياء ; ولا ينشئ حقيقة جديدة لها . ولكنه يخيل للحواس والمشاعر بما يريده الساحر ."19
وقد شنّ الإسلام على السحر حرباً ضروساً لا هوادة فيها، يقول تعالى فيمن يتعلمون السحر: "ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم"{ البقرة:102}.وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم السحر من كبائر الذنوب الموبقات، التي تهلك الأمم قبل الأفراد، وتردي أصحابها في الدنيا قبل الآخرة. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ،وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ."20
"وقد اعتبر بعض فقهاء الإسلام السحر كفرا، أو مؤديا إلى الكفر، وذهب بعضهم إلى وجوب قتل الساحر تطهيرا للمجتمع من شره. وكما حرم الإسلام على المسلم الذهاب إلى العرافين لسؤالهم عن الغيوب والأسرار حرم عليه أن يلجأ إلى السحر أو السحرة لعلاج مرض ابتلي به، أو حل مشكلة استعصت عليه، فهذا ما برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، قال: "ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له". فالحرمة هنا ليست على الساحر وحده وإنما هي تشمل كل مؤمن بسحره مشجع له، مصدق لما يقول. وتشتد الحرمة وتفحش إذا كان السحر يستعمل في أغراض هي نفسها محرمة، كالتفريق بين المرء وزوجه، والإضرار البدني، وغير ذلك مما يعرف في بيئة السحارين. "21 وقد ابتليت مجتمعات المسلمين بهذا الشر العظيم، وانتشر السحرة والمشعوذون بصورة لم يسبق لها مثيل،وصار الناس يذهبون إلى العرافين والسحرة المفسدين يبتغون عندهم العلاج والشفاء، فعمّ البلاء وطم، ولذا كان للإسلام هديه الخاص في علاج السحر قوامه وعماده الاستعاذة بالله والركون إليه والاستعانة به، فإن السحر داء خفي ومستتر يحتاج إلى علاج خاص
وهذا العلاج ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما يُتَّقى به السحر قبل وقوعه ومن ذلك:
أولاً: تجديد الإيمان في النفوس كلما أنس المرء من نفسه ضعفا، والالتجاء إلى الله كلما خاف المرء على نفسه عدوا، ومن يركن إلى الله فإنما يأوي إلى ركن شديد، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.ومن لوازم الإيمان الاستمساك بشرع الله أمرا ونهيا علانية وسرا، و القيام بجميع الواجبات، وترك جميع المحرَّمات، والتوبة من جميع السيِّئات والإِكثار من قراءة القرآن الكريم بحيث يجعل له ورداً منه كل يومٍ.
ثانيا: نشر العلم بقضايا العقيدة والحرص على سلامتها، وبيان ما يخدشها وتعميم الوعي بمخاطر السحر والشعوذة، وتحذير الناس منها بمختلف وسائل الإعلام وتوسيع دائرة الوعي بمدارس البنين والبنات، وبالطرق المناسبة واستخدام المحاضرة والندوة والمطوية أسلوبا من أساليب التوعية عن هذه الأدواء.22
ثالثاً: إصلاح البيوت وعمارتها بالذكر والصلاة وتلاوة القرآن، فهل نحصن بيوتنا ونحفظ أنفسنا وأولادنا وأهلينا بذكر الله والصلاة وتلاوة القرآن.. مع استبعاد كل ما يجمع الشياطين من الصور والكلاب والغناء ونحوها من المنكرات الأخرى. ذلكم لمن رام النجاة في الدنيا والآخرة.23
رابعاً: أكل سبع تمراتٍ على الرِّيق صباحاً إِذا أمكن، لقوله عليه الصلاة والسلام: "من اصطبح بسبع تمرات عجوةً لم يضُرُّهُ ذلك اليوم سُمٌّ ولا سحرٌ" 24
خامساً: أما الحصن الحصين والسبب الوافي المنيع _ بإذن الله _ من كل سوء ومكروه، فهو المحافظة على الأوراد الشرعية في الصباح والمساء، وهي صالحة للاستشفاء قبل وقوع السحر أو بعد وقوعه، وكيف لا؟ وهي الأدوية الإلهية كما يسميها ابن القيم رحمه الله، ومع مسيس حاجة الإنسان لهذه الأذكار فما أكثر ما يقع التفريط فيها! ومن ذلك:
"بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"ثلاث مراتٍ في الصباح والمساء25 ، وقراءة آية الكرسيِّ دبر كلِّ صلاةٍ وعند النوم، وفي الصباح والمساء26 ، وقراءة "قل هو الله أحدٌ" والمعوِّذتين ثلاث مراتٍ في الصباح والمساء وعند النوم وقول "لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قديرٌ مائة مرةٍ كل يوم"27 ،والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والأذكار أدبار الصلوات، وأذكار النوم، والاستيقاظ منه، وأذكار دخول المنزل والخروج منه، وأذكار الرُّكوب، وأذكار دخول المسجد والخروج منه، ودعاء دخول الخلاء والخروج منه، ودعاء من رأى مُبتلىً، وغير ذلك ولا شكَّ أنَّ المحافظة على ذلك من الأسباب التي تمنع الإِصابة بالسِّحر، والعين، والجانِّ بإذن الله تعالى وهي أيضاً من أعظم العلاجات بعد الإصابة بهذه الآفات وغيرها. 28
القسم الثاني: علاج السحر بعد وقوعه وهو أنواعٌ:
النوع الأول: استخراجه وإبطاله إذا عُلم مكانه بالطرق المباحة شرعاً وهذا من أبلغ ما يُعالج به المسحور.29
النوع الثاني: الرُّقية الشرعية:
من القرآن الكريم: تقرأ سورة الفاتحة، وآية الكرسيِّ، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وسورة الإِخلاص، والمعوِّذتين ثلاث مراتٍ أو أكثر مع النفث ومسح الوجع باليد اليمنى.30
التعوذات والرُّقى والدعوات الجامعة:من السنة النبوية :
" أسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يشفيك (سبع مرات) 31. يضع المريض يده على الذي يُؤلمه من جسده ويقول: "بسم الله" ثلاث مراتٍ، ويقول: "أعوذُ بالله وقدرته من شرِّ ما أجد وأُحاذر (سبع مراتٍ)" 32."اللهم ربَّ الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إِلا شفاؤك شفاءً ولا يُغادر سقماً" 33 ." أعوذ بكلمات الله التامات من كلِّ شيطانٍ وهامَّهٍ ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ"34 ."بسم الله أرقيك من كل شيءٍ يُؤذيك ومن شرِّ كلِّ نفسٍ أو عين حاسدة الله يشفيك بسم الله أرقيك" 35.وهذه التعوذات، والدَّعوات، والرُّقى وغيرها مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم يعالج بها من السحر، والعين، ومسِّ الجان، وجميع الأمراض، فإِنها رُقىً جامعةٌ نافعةٌ بإِذن الله تعالى.36
النوع الثالث: الاستفراغ بالحجامة في المحلِّ أو العضو الذي ظهر أثر السِّحر عليه
النوع الرابع: الأدوية الطبيعية، فهناك أدويةٌ طبيعيةٌ نافعةٌ دلَّ عليها القرآن الكريم والسَّنة المطهرة إذا أخذها الإِنسان بيقينٍ وصدقٍ وتوجهٍ مع الاعتقاد أن النفع من عند الله نفع الله بها إِن شاء الله تعالى، كما إِن هناك أدويةٌ مركبةٌ من أعشاب ونحوها، وهي مبينةٌ على التجربة فلا مانع من الاستفادة منها شرعاً ما لم تكن حراماً. ومن العلاجات الطبيعية النافعة بإذن الله تعالى:العسل، والحبة السوداء، وماء زمزم، وماء السماء، وزيت الزيتون، والاغتسال والتنظف والتطيُّب.

الشر الرابع:" حاسد إذا حسد"
يقول القرطبي:"الحسد أول ذنب عُصى الله به في السماء، وأول ذنب عصى به في الأرض؛ فحسد إبليس آدم، وحسد قابيل هابيل، والحاسد ممقوت، مبغوض، مطرود، ملعون" 37ويقول أيضاً:"وقيل الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة، ولا ينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاء، ولا ينال في الخلوة إلا جزعا وغما، ولا ينال في الآخرة إلا حزنا واحتراقا، ولا ينال من الله إلا بعدا" 38 وجاء في مختار الصحاح :الحسد:" أن تتمنى زوال نعمة المحسود إليك، وبابه دخل، وقال الأخفش: وبعضهم يقول يحسِده بالكسر حسداً بفتحتين وحسده على الشيء، وحسده الشيء بمعنى و تحاسد القوم وقوم حسدة كحامل وحملة. " 39 قال الثعالبي:" وقوله تعالى: "وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ " قال قتادة: مِنْ شَرِّ عَيْنِهِ ونَفْسِهِ، يريد بـــ«النَّفْس»: السعْيَ الخَبِيثَ، وقال الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ: ذكَر اللَّه تعالى الشُّرُور في هذه السُّورة، ثم ختمها بالحَسَدِ؛ ليعلم أنَّه أخسُّ الطَبائع." 40 ولعل من أنواع الحسد الشديدة الخطورة "العين"؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ٍ أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "الْعَيْنُ حَقٌّ" 41 وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:َ" الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ .."42، و عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ" 43
أما علاج الإصابة بالعين فأقسام:
القسم الأول: قبل الإصابة وهو أنواع:
التحصُّن وتحصين من يُخاف عليه بالأذكار، والدَّعوات، والتعوُّذات المشروعة كما في القسم الأول من علاج السحر. وأن يدعو من يخشى أو يخاف الإِصابة بعينه - إِذا رأى من نفسه أو ماله أو ولده أو أخيه أو غير ذلك مما يُعجبه - بالبركة "ما شاء الله لا قوة إِلا بالله اللهم بارك عليه" لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذا رأى أحدكم من أخيه ما يُعجبه فليدع له بالبركة"44 .وكذلك ستر محاسن من يُخاف عليه العين.45
القسم الثاني: بعد الإِصابة بالعين وهو أنواع:
إِذا عُرف العائن أُمر أن يتوضَّأ ثم يغتسل منه المصاب بالعين.46 الإِكثار من قراءة "قل هو الله أحد" والمعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسيِّ، وخواتيم سورة البقرة، والأدعية المشروعة في الرُّقية مع النَّفث ومسح موضع الألم باليد اليمنى كما ذكرنا في علاج السحر.
القسم الثالث: عمل الأسباب التي تدفع عين الحاسد وهي كالتالي:
الاستعاذة بالله من شره. وتقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه سبحانه "احفظ الله يحفظك"47 والصبر على الحاسد والعفو عنه فلا يُقاتله، ولا يشكوه، ولا يُحدث نفسه بأذاه.و التَّوكُّل على الله فمن يتوكَّل على الله فهو حسبه.ولا يخافُ الحاسد ولا يملأُ قلبه بالفكر فيه وهذا من أنفع الأدوية.و الإِقبال على الله والإِخلاص له وطلب مرضاته سبحانه.و التوبة من الذنوب لأنها تُسلِّط على الإِنسان أعداءه "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ"[الشورى: 30].و الصدقة والإِحسان ما أمكن فإِن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء والعين وشرِّ الحاسد. وإِطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إِليه فكلَّما ازداد لك أذى وشراً وبغياً وحسداً ازددت إليه إِحساناً وله نصيحةً وعليه شفقةً وهذا لا يُوفَّق له إِلا من عظم حظُّه من الله. وتجريد التوحيد وإِخلاصه للعزيز الحكيم الذي لا يضرُّ شيءٌ ولا ينفع إِلا بإِذنه سبحانه وهو الجامع لذلك كله وعليه مدار هذه الأسباب، فالتوحيد حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين. فهذه عشرة أسباب يندفع بها شرُّ الحاسد والعائن والساحر .48

---------------------


الهوامش:
1. سنن الدارمي، كتاب فضل القرآن، باب في فضل المعوذتين، حديث3306
2. سنن الترمذي، كتاب الطب عن رسول الله، باب ما جاء في الرقية بالمعوذتين، حديث1984 .
3. سيد قطب، في ظلال القرآن،ج6،ط9(دار الشروق ، 1980) ص 4006
4. ابن منظور، لسان العرب،ج3،(بيروت:دار صادر) ص489
5. محمد تقي المدرسي،موقع المدرسي www.almodarresi.com/hedayat/29/a20icsbq.htm
6. ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج4، (بيروت:دار الفكر، 1401هـ) ص574.
7. الصابوني، صفوة التفاسير،ج3،(بيروت: دار القرآن الكريم، 1981) ص624
8. سيد قطب، مرجع سابق،ص 4007
9. الألوسي البغدادي، روح المعاني ،ج30،(دار إحياء التراث العربي) ص33
10. محمد تقي المدرسي،موقع المدرسي www.almodarresi.com/hedayat/29/a20icsbq.htm
11. البخاري،كتاب الأذان، باب الدعاء قبل الأذان، حديث789
12. البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب ما يتعوذ من الجبن،حديث2610
13. ابن كثير،مرجع سابق، ص574
14. سيد قطب، مرجع سابق،ص4007
15. محمد تقي المدرسي،موقع المدرسي www.almodarresi.com/hedayat/29/a20icsbq.htm
16. الصابوني، مرجع سابق، ص624
17. سنن الترمذي، كتاب الجهاد عن رسول الله، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده حديث 1596
18. الترغيب والترهيب، ج4،ص71،حديث 4.ورواه الحاكم وقال:صحيح على شرط مسلم.
19. سيد قطب، مرجع سابق،ص4007
20. البخاري، كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى"إن الذين يأكلون أموال الناس ظلماً،حديث 2560
21. يوسف القرضاوي، الحلال والحرام في الإسلام،ط13،(عمان:المكتب الإسلامي، 1980) ص231
22. سليمان العودة، خطبة"الوقاية من السحر"، موقع المنبر http://www.alminbar.cc/default.htm
23. سليمان العودة، الموقع السابق .
24. البخاري مع الفتح، 10ج،حديث247، ومسلم، ج 3،حديث1618.
25. الترمذي، وأبو داود، وصحيح ابن ماجة،ج2، حديث332.
26. الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي ج1،حديث562.
27. البخاري ج4،حديث195، ومسلم، ج 4،حديث2071.
28. ابن القيم، زاد المعاد في هدي غير العباد،ج4(مكة المكرمة:مكتبة نزار مصطفى الباز،1416هـ)ص126
29. ابن القيم، المرجع السابق،ص124، والبخاري مع الفتح،ج10،حديث 123، ومسلم،ج 4،حديث1917.
30. البخاري مع الفتح،ج 9،حديث62، ومسلم،ج 4، حديث1723.
31. أبو داود،ج 3، حديث187، الترمذي،ج 2،حديث410.
32. مسلم،ج 4،حديث1728.
33. البخاري مع الفتح،ج10،حديث 206، ومسلم، ج 4،حديث1721.
34. البخاري مع الفتح، ج 6،حديث408.
35. مسلم، ج4،حديث 1718.
36. ابن القيم، زاد المعاد ج4،ص125
37. أبو عبد الله القرطبي، الجامع لأحكام القرآن ، ،ط2،(القاهرة:دار الشعب،1327هـ)ص259
38. أبو عبد الله القرطبي، مرجع سابق، ج20 ص: 57
39. أبو بكر الرازي، مختار الصحاح، ج1،(بيروت:مكتبة لبنان، 1995) ص57
40. عبد الرحمن الثعالبي، الجواهر الحسان،ج3(بيروت:دار الكتب العلمية) ص1724
41. البخاري، كتاب الطب، باب العين حق،حديث5299
42. مسلم، كتاب السلام، باب الطب والرقى والمرض،حديث4058
43. سنن ابن ماجة، كتاب الطب، باب العين، حديث3499
44. ابن ماجة، ج 2،حديث1160 وأحمد،ج4،حديث447.
45. البغوي، شرح السنة، ج 13،حديث116 وزاد المعاد، ج4،ص173.
46. سنن أبي داود، ج4،حديث9 وزاد المعاد، 4ج،ص163.
47. صحيح الترمذي، ج2،حديث309
48. ابن القيم، بدائع الفوائد، ج2،(مكة المكرمة:مكتبة نزار مصطفى الباز،1996)ص245

احمد شتيوي
03-05-2014, 10:57 PM
عجائب بسم الله الرحمن الرحيم


سوف نرى من خلال الأمثلة الرائعة والمذهلة في هذا البحث علاقات رقمية عجيبة متوافقة مع الرقم سبعة.....

لقد شاء الله تعالى بحكمته أن يخبئ في كتابه هذه المعجزة ويؤخّر ظهورها إلى عصرنا هذا لتكون المعجزة أقوى وأشد تأثيراً. فلو فرضنا أن هذه المعجزة قد ظهرت قبل مجيء عصر الأرقام الذي نعيشه اليوم لم يكن لها تأثير يُذكر.

ونود أن نشير إلى أن طريقة عد الكلمات في القرآن هي كما كُتبت هذه الكلمات، أي الحرف المكتوب نعده حرفاً سواء لُفظ أم لم يُلفظ. واو العطف هي كلمة مستقلة لأنها تُكتب في القرآن الذي كُتب على عهد الرسول الكريم مستقلة عما قبلها وما بعدها. طبعاً الهمزة والشدة وعلامات المد والألف الخنجرية ليست أحرفاً لأنها لم تُكتب في المصحف الذي كُتب بين يدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

مقدمة

لقد بدأ الله سبحانه و تعالى كتابه بآية كريمة هي: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: 1/1], فهي أول آية في القرآن الكريم, لذلك نجد الرسول الكريم يبدأ مختلف أعماله بهذه الآية الكريمة, و ذلك لثقل هذه الآية و أهميتها. فهذه الكلمات الأربع أنزلها الله تعالى لتكون شفاء و رحمة لكل مؤمن رضي بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن إماماً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.

الأساس الرياضي لعملية توزع الحروف

إذن عند دراستنا لتوزع حروف معينة على كلمات الآية ننطلق من أساس رياضي متين، فكل كلمة من كلمات الآية تمثل مرتبة ومَنْزِلة، إما أن يكون رقمها صفر وهذا يعني أن الكلمة لا تحوي أي حرف من حروف اسم ﴿الله﴾ الألف واللام والهاء، أو تأخذ هذه الكلمة الرقم 1 وهذا يعني أن الكلمة تحوي حرفاً واحداً من حروف لفظ الجلالة قد يكون الألف أو اللام والهاء أو تأخذ الرقم 2 وهذا يعني أن الكلمة تحوي حرفين من حروف لفظ الجلالة أو تأخذ الرقم 3 وهذا يعني أن الكلمة تحوي ثلاثة أحرف من حروف اسم ﴿الله﴾ الألف واللام والهاء، وهكذا.

أيضاً هنالك أساس رياضي فيما يسمى بتقاطع المجموعات، فنحن في البسملة لدينا 4 مجموعات وهي كلمات البسملة الأربعة، وكل مجموعة تحوي عدداً من الحروف هي حروف كل كلمة من كلمات الآية، ويتم تقاطع هذه المجموعات الأربع مع مجموعة هي حروف اسم ﴿الله﴾ أي الألف واللام والهاء وبالتالي نأخذ الحروف المشتركة بين كل مجموعتين.

إن وجود نظام المجموعات وتقاطعها في حروف القرآن دليل على السبق الرياضي للقرآن فيما يسمى بالرياضيات الحديثة. هذا وإن الهدف من وجود نظام قائم على حروف اسم ﴿الله﴾ هو للدالة على أن الله عز وجل هو الذي أنزل هذه الآية وأحكمها بهذا البناء العجيب. ولكن هنالك نظام أكثر إعجازاً يقوم على أسماء الله الحسنى في هذه الآية.

الأساس الرياضي

لو قمنا بعدّ حروف كل كلمة من كلمات البسملة كما كُتبت في القرآن فإننا نجد:

كلمة ﴿بسم ﴾ عدد حروفها 3 حروف

كلمة ﴿الله ﴾ عدد حروفها 4 حروف

كلمة ﴿الرَّحْمنِ ﴾ عدد حروفها 6 حروف

كلمة ﴿الرَّحِيمِ ﴾ عدد حروفها 6 حروف

إن مجموع هذه الأرقام هو: 3 + 4 + 6 + 6 = 19 حرفاً، فإذا ما تغيَّر ترتيب هذه الكلمات يبقى المجموع نفسه. والله تعالى حفظ تسلسل كلمات كتابه، لذلك اختار طريقة صف الأرقام كما يلي، لنكتب البسملة وتحت كل كلمة عدد حروفها:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

3 4 6 6

إذا قرأنا العدد الذي يمثل تسلسل حروف البسملة كما هو دون جمعه يصبح 6643 ستة آلآف وست مئة وثلاثة وأربعون، ميزات هذا العدد أننا نرى فيه حروف كل كلمة من كلمات البسملة، ففي العدد 6643 نرى بأن الرقم 3 يمثل حروف أول كلمة، الرقم 4 يمثل عدد حروف الكلمة الثانية وهكذا..

ولكن ما هو الميزان الذي بواسطته ينضبط العدد 6643 ليبقى محفوظاً برعاية الله تعالى ؟ إنها عملية القسمة على رقم محدد، أو مضاعفات هذا الرقم. هذا العدد من مضاعفات السبعة!

6643 = 7 × 949

ونقرأ كما يلي: إن العدد الذي يمثل مصفوفة حروف البسملة هوستة آلاف وست مئة وثلاثة وأربعون، هذا العدد من مضاعفات السبعة، فهو يساوي حاصل ضرب سبعة في عدد صحيح هو 949.

ميزات هذه الطريقة

من أهم مميزات صف الأرقام حسب تسلسلها في كتاب الله تعالى أنها تحافظ على تسلسل كلمات الآية، ولو تغيّر ترتيب أي كلمة فإن العدد المصفوف سيتغير ولن يقبل القسمة على سبعة لأن طريقة صفّ الأرقام حساسة جداً لأي تغيير في عدد أو تسلسل الحروف.

كما أن هذه الطريقة تتميّز عن طريقة الجمع بأن الأعداد الناتجة شديدة الضخامة، فكل كلمة تحتل مرتبة أو منْزِلة: آحاد ـ عشرات ـ مئات ـ آلاف ـ عشرات الآلآف ـ مئات الآلآف ...... وهكذا إذا أردنا كتابة العدد الذي يمثل مصفوف حروف الفاتحة سنجد عدداً من 31 مرتبة أي من مرتبة المليون مليون مليون مليون مليون!!!

إذن طريقة صف الأرقام تناسب معجزة شديدة التعقيد والضخامة تتجلى في القرن الواحد والعشرين. والسؤال: كيف لو مثّلنا حروف كلمات القرآن كله! إن العدد الناتج سيتألف من أكثر من سبعين ألف مرتبة! فتأمل ضخامة أعداد القرآن!!

من الأشياء الممتعة في علم الرياضيات ما يسمى بالسلاسل العددية أو الرقمية، واكتشاف ودراسة هذه السلاسل ساهم بشكل أساسي في تطور جميع العلوم مثل علوم التكنولوجيا الرقمية، ولكن ما هي هذه السلاسل وما الفائدة منها؟

فعندما فكّر العلماء باختراع الحاسبات الرقمية كان لابد من وضع التصميم المناسب لإنجاز العمليات الحسابية داخل هذه الحاسبات الإلكترونية. وبما أن الحاسبة لا تفقه لغة الأرقام، تم وضع الأسس الرياضية لما سمي بالنظام الثنائي الذي يعتمد على رقمين فقط الواحد والصفر.

وفق هذا النظام يتم كتابة أي عدد مهما كبُر أو صغُر، وذلك على شكل سلسلة تتألف من الرقمين 1 و 0 ، ويتكرر هذين الرقمين بما يتناسب مع العدد المطلوب.

الآن نأتي إلى النظام العشري الذي نستخدمه في حساباتنا العادية، وهذا النظام يمكن تمثيله بواسطة سلسلة رقمية أساسها الرقم 10، ويمكن أن نكتب هذه السلسلة من الأعداد:

1 10 100 1000 10000 100000 .......

إذن كل حّد يتضاعف عن سابقه عشر مرات. ولكي لا نثقل على القارئ الكريم بهذه الأعداد نبقى في رحاب الآية الكريمة ونحلل العدد الناتج والذي يمثل سلسلة عددية من الأرقام هي: 6643، فهذا العدد هو سلسلة رقمية يمكن كتابتها وفق المجموع الآتي:

( 3 × 1 ) + ( 4 × 10) + ( 6 × 100) + ( 6 × 1000)

3 + 40 + 600 + 6000

آحاد + عشرات + مئات + آلاف

وهذا يساوي العدد الأصلي 6643 وهو يمثل مصفوف حروف البسملة.

إذن عندما نكتب عدد حروف كل كلمة من كلمات الآية بطريقة صف الأرقام، إنما نقوم بعدّ حروف كل كلمة، ووضع الرقم تحت الكلمة، ونقرأ العدد الناتج والذي يتألف من مراتب (آحاد، عشرات، مئات، آلاف، عشرات الآلاف......)، أي أن كل كلمة تحتل مَنْزِلة تتضاعف عشر مرات عن الكلمة التي تسبقها.

إن وجود السلاسل الرقمية في كتاب الله عز وجل، دليل على أن القرآن العظيم قد سبق علماء الرياضيات إلى هذا العلم بقرون طويلة!!

قبل متابعة المعجزة الإلهية في البسملة نذكّر بأن العدد 6643 لا يمثل مجموع عدد حروف الآية بل هو مصفوف حروف الآية. والسؤال: هل يكفي هذا النظام لضبط حروف الآية وحفظها من التحريف ؟ لنقرأ الفقرة الآتية.

حروف اسم ﴿الله﴾ في أول آية من كتاب الله

لزيادة ضبط حروف الآية وإحكام بنائِها فقد رتب الله عزّ وجلّ حروف اسمه في كلمات الآية بنظام سباعي معجز! وفكرة هذا النظام تعتمد على عدّ حروف اسم ﴿الله﴾ في كل كلمة. إذن لا نعدّ كل حروف الآية بل نعدّ فقط ما تحويه من حروف الألف واللام والهاء، أي حروف لفظ الجلالة ﴿الله﴾ وهذا يعطي:

كلمة ﴿بِسْمِ﴾ عدد حروف الألف واللام والهاء 0

كلمة ﴿اللهِ﴾ عدد حروف الألف واللام والهاء 4

كلمة ﴿الرَّحْمنِ﴾ عدد حروف الألف واللام والهاء 2

كلمة ﴿الرَّحِيمِ﴾ عدد حروف الألف واللام والهاء 2

إذن نحن أمام سلسلة جديدة من الأرقام هي: 0-4-2-2 كل رقم يمثل ما تحويه كل كلمة من حروف اسم ﴿الله﴾ سبحانه وتعالى. ولذلك نعيد كتابة الآية مع الأرقام الجديدة التي تمثل توزع اسم ﴿الله﴾ في كلماتها:

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

0 4 2 2

إن العدد 2240 ألفان ومئتان وأربعون هو عدد يقبل القسمة على سبعة من دون باق، أي هو من مضاعفات السبعة فهو يساوي:

2240 = 7 × 320

إذن العدد الذي يمثل مصفوفة حروف الآية من مضاعفات السبعة، وكذلك العدد الذي يمثل مصفوفة حروف اسم ﴿الله﴾ في الآية من مضاعفات السبعة.

في علم الهندسة بمختلف اختصاصاتها هنالك علم مهمّ يدرس توزع الأشياء الهندسية في مجالات محددة. فمثلاً في علم هندسة الطيران وحتى تكون الطائرة ناجحة وآمنة وتنجز رحلالتها بسلامة، يجب دراسة توزع ضغط الهواء حول جناحيها في كل نقطة، ومعالجة هذه المعطيات بحيث لا تتجاوز حدوداً هي المسموح بها. إذن يتم تقسيم الجناح إلى شبكة مربعات ونقيس الضغط في كل مربع ثم نشكل ما يسمى بمصفوفة المعطيات الرقمية وتتم معالجتها بطرق رياضية معروفة.

أسْمَاء الله جلَّ وعلا

إن البارئ تبارك وتعالى أحكم بناء كتابة بشكل لا يمكن لأحدٍٍ أن يأتي بمثله، فرتب الحروف والكلمات بنظام رياضي عجيب وفريد. ومن أغرب الأنظمة الرياضية هو توزع حروف أسماء الله الحسنى وهما ﴿الرَّحْمنِ﴾ و﴿الرَّحِيمِ﴾. وقبل اكتشاف النظام الرياضي لحروف هذين الاسمين في البسملة يجب أن نتدبّر معنى ودلالات كل اسم.

نحن نعلم أن الشدة عكس الرحمة وقد جَمَعَت الآية صفتين لله عز وجل: صفة التَّنْزيه والشدة والقوة والعَظَمَة والجبروت وتمثلها كلمة ﴿الرَّحْمنِ﴾، وصفة الرحمة والمغفرة والرأفة والتوبة وتمثلها كلمة ﴿الرَّحِيمِ﴾.

إذن نحن أمام صفتين متعاكستين من حيث الدلالة اللغوية والبلاغية، والسؤال: ماذا عن النظام الرقمي لهاتين الكلمتين ؟ وهل من الممكن أن نجد تعاكساً رقمياً يتفق مع التعاكس اللغوي ؟ هذا ما سوف نشاهده فعلاً من خلال دراسة توزع حروف هذين الاسمين الكريمين على كلمات الآية، لذا نجد أن الأعداد الناتجة تقبل القسمة على سبعة باتجاهين متعاكسين!!

وهنا نكتشف شيئاً جديداً في الرياضيات القرآنية وهو قراءة الأعداد باتجاهين متعاكسين! وهذه ميزة يتميز بها كتاب الله تعالى للدلالة على أنه كتاب مُحكَم: ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: 11/1].

والذي يبحث في كتاب الله عن هذين الاسمين يجد أن كلمة ﴿الرَّحْمنِ﴾ غالباً ما ترد في مواضع الشدة ومواضع التنْزيه لله تعالى، مثل: ﴿وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ [مريم: 19/92]. وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنِ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ [الأنبياء: 21/26]. وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنِ وَقَالَ صَوَاباً﴾ [النبأ: 78/38].

بينما نجد كلمة ﴿الرَّحِيمِ﴾ غالباً ما ترد في مواضع الرحمة والمغفرة والتوبة مثلا: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ﴾ [الزمر: 39/53]. وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمِ﴾ [التوبة: 9/104].

ويتجلى في البسملة نظامان رقميان لكلمة ﴿الرَّحْمنِ﴾ وكلمة ﴿الرَّحِيمِ﴾ وبما أننا في هاتين الكلمتين أمام نظام لغوي متعاكس، فالشدة تعاكس الرّحمة، سوف نرى بأن النظام الرقمي لحروف الكلمتين أيضاً متعاكس.




توزع حروف اسم ﴿الرَّحْمنِ﴾

لنكتب آية البسملة وتحت كل كلمة ما تحويه هذه الكلمة من حروف ﴿الرَّحْمنِ﴾ سبحانه وتعالى، أي ما تحويه كل كلمة من الحروف:

ا ل ر ح م ن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

1 3 6 5

توزع حروف ﴿الرَّحْمنِ﴾ في الآية يمثله العدد 5631 معكوس هذا العدد هو 1365 أي نقرأ العدد الخاص بكلمة ﴿الرَّحْمنِ﴾ من اليمين إلى اليسار فيصبح من مضاعفات السبعة:

1365 = 7 × 195

توزع حروف اسم ﴿الرَّحِيمِ﴾

الآن نكتب الآية وتحت كل كلمة ما تحويه من حروف ﴿الرَّحِيمِ﴾ أي ما تحويه كل كلمة من الحروف:

ا ل ر ح ي م:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

1 3 5 6

توزع حروف ﴿الرَّحِيمِ﴾ في الآية ويمثله العدد 6531 وهو من مضاعفات السبعة أيضاً:

6531 = 7 × 933

إذن النظام المُحكَم ينطق بالحق، فقد انعكس اتجاه القراءة للأرقام عندما انعكس المعنى! وهذه النتيجة الرقمية تثبت أن في كتاب الله اتجاهين لقراءة الأعداد بما يتناسب مع معنى النص القرآني، فهل هذه هي المثاني التي تحدث عنها البيان الإلهي؟

قد يكون هذا النظام أحد جوانب المثاني في القرآن، يقول تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الزمر: 39/23], والله تعالى أعلم. نعيد كتابة الحقائق الرقمية لتوزع حروف أسماء الله تبارك وتعالى والواردة في أول آية من كتاب الله تعالى ونتأمل:

الآية بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تـوزع حروف ﴿الله﴾ 0 4 2 2

توزع حروف ﴿الرَّحْمنِ﴾ 1 3 6 5

توزع حروف ﴿الرَّحِيمِ﴾ 1 3 5 6

إن العدد الذي يمثل توزع حروف اسم ﴿الله﴾ من مضاعفات السبعة

باتجاه اليمين ، أما العدد الذي يمثل توزع حروف اسم ﴿الرَّحْمنِ﴾ فهو من مضاعفات السبعة باتجاه اليسار، والعدد الذي يمثل توزع حروف اسم ﴿الرَّحِيمِ﴾ يقبل القسمة على سبعة باتجاه اليمين. إذن نحن أمام اتجاهات يمين ويسار وهذه الاتجاهات تدل على أنه لا مصادفة في كتاب الله تعالى، وأن هذا النظام المبهر ليس من صنع بشر.

إذا ما تأملنا هذه الاتجاهات وكيف انضبطت مع الرقم سبعة، نتساءل: هل هي المصادفة التي جعلت أول جملة في كتاب الله تحوي ثلاثة أسماء لله؟ وهل المصادفة هي التي جعلت حروف كل اسم من هذه الأسماء الثلاثة يتوزع على كلمات الآية بنظام سباعي؟ وهل المصادفة علمت بأن صفة ﴿الرَّحْمنِ﴾ تعاكس صفة ﴿الرَّحِيمِ﴾ فجعلت الأرقام متعاكسة؟

رأينا كيف تتوزع حروف محددة في البسملة بنظام سباعي ولكن السؤال: هل يكفي هذا النظام لتوزع الحروف لضبط وإحكام الآية وحفظها من التحريف ؟ إن هذا النظام كافٍ ولكن من رحمة الله تبارك وتعالى بعباده وضع مزيداً من الدلائل على صدق آياته وأن كل حرف في كتابه معجزة بحد ذاته.

إن الله تعالى هو الذي أنزل القرآن وأحكمه بنظام معجز ليثبت لمن يشك فيه أنه كتاب من عند الله عز وجل القائل: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: 41/53].

حروف أول كلمة وآخر كلمة

إن النظام الرقمي المُحكَم يشمل أول وآخر البسملة، فأول كلمـة فيها هي ﴿بسم﴾ عـدد حروفهـا 3 وآخر كلمة فيها هي ﴿الرَّحِيمِ﴾ عدد حروفها 6، لنكتب هذه النتيجة:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

3 6

إنّ العدد الذي يمثل حروف أول كلمة وآخر كلمة هو 63 هذا العدد مضاعفات السبعة:

63 = 7 × 9

إذن أول البسملة يرتبط بآخرها برباط مُحكَم يقوم على الرقم سبعة، وهذا أمر طبيعي لأن أي بناء حتى يكون متماسكاً يجب أن يرتبط أوله بآخره و إلا لانهار البناء! كما أن هذه النتيجة تدل على أن الله تعالى أحكم كتابه العظيم بنظام مُحكَم، وأنه لو قام أحد من البشر بتحريف القرآن وإضافة أو حذف شيءٍ منه لاختل هذا البناء العجيب.

نظام تكرار الحروف

تتألف: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ من 10 أحرف أبجدية , نذكرها حسب الأكثر تكرارًا مع تكرار كل حرف من هذه الأحرف في البسملة:

تكرر حرف اللام في البسملة 4 مرة

تكرر حرف الألف في البسملة 3 مرة

تكرر حرف الميم في البسملة 3 مرة

تكرر حرف الراء في البسملة 2 مرة

تكرر حرف الحاء في البسملة 2 مرة

تكرر حرف الباء في البسملة 1 مرة

تكرر حرف السين في البسملة 1 مرة

تكرر حرف الهاء في البسملة 1 مرة

تكرر حرف النون في البسملة 1 مرة

تكرر حرف الياء في البسملة 1 مرة

نصفُّ هذه التكرارات بهذا التسلسل لنجد:

ل م ا ر ح ب س هـ ن ي

4 3 3 2 2 1 1 1 1 1

المذهل أن العدد الذي يمثل تكرار كل حرف من هذه الأحرف مصفوفاً يقبل القسمة على سبعة:

1111122334 = 7 × 158731762

إن ترتيب الحروف حسب الأكثر تكراراً له أساس في علم الرياضيات فيما يسمى بالتصنيف والنِّسَب. وهذا نظام موجود في عمل الكمبيوتر حيث يقوم بترتيب معطيات معينة حسب نظام معين. إن وجود نظام لتكرار الحروف بتسلسل رياضي (الأكبر فالأصغر) في القرآن دليل على السبق العلمي للقرآن في علم التصنيف. ونتساءل بعد هذه السباعيات المتكررة: كيف جاءت هذه التوافقات مع الرقم سبعة؟ هل هي بترتيب بشر؟ أم هي من عند ربِّ البشر تبارك وتعالى؟




ونظام تراكمي للحروف

مهما تنوعت طرق العد والإحصاء يبقى النظام قائماً، فلو قمنا بعدّ حروف كل كلمة من كلمات البسملة بشكل مستمر أي حروف الكلمة مع ما قبلها، سوف يبقى العدد الذي يمثل مصفوف حروف البسملة وفق هذه الطريقة من مضاعفات الرقم سبعة. لنكتب البسملة وتحت كل كلمة عدد حروفها مع ما قبلها:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

3 7 13 19

إن العدد الذي يمثل حروف الكلمات بهذه الطريقة هو: 191373 من مضاعفات السبعة أيضاً:

191373 = 7 × 27339

إن هذا النظام يبقى مستمراً حتى لو قمنا بعكس عملية العدّ، فإذا ما عددنا حروف الكلمات تراكمياً ولكن من اليسار إلى اليمين فسوف نجد:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

19 16 12 6

والعدد في هذه الحالة هو 6121619 من مضاعفات السبعة:

6121619 = 7 × 874517

إذن كيفما عددنا الحروف وفي أي اتجاه، تبقى الأرقام منضبطة على الرقم سبعة، ويبقى القرآن كتاباً مُحكَماً، كيف لا وهو أعظم كتاب على وجه الأرض! إنه الكتاب الذي قال الله عنه: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾ [الإسراء: 17/88].

ارتباط البسملة بالمعوذتين

إننا نلمس في ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ استعانة بالله واستعاذة به ولجوءاً إليه، ولذلك سوف نرى نظاماً مذهلاً في حروف هذه البسملة العشرة في كلمات سورتي: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَق﴾ و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾.

ســورة الفـلـق

من عجائب البسملة ارتباط حروفها بسور القرآن, وهذا ما نلمسه في توزع حروف البسملة على كلمات المعوذتين , ونبدأ بالسورة ما قبل الأخيرة من القرآن، سورة الفلق. لنخرج ما تحويه كل كلمة من كلمات هذه السورة من حروف البسملة:

ل م ا ر ح ب س هـ ن ي

(مع ملاحظة أن هذا النظام يبقى قائماً مع البسملة ومن دونها )، إذن ندرس العدد الذي يمثل الحروف المشتركة بين البسملة وبين أولى المعوذتين:

قل أعوذ برب الفلق من شرّ ما خلق

1 1 3 3 2 1 2 1

و من شرّ غاسق إذا وقب و من شرّ النفثت

0 2 1 2 2 1 0 2 1 3

في العقد و من شرّ حاسد إذا حسد

1 2 0 2 1 3 2 2

إن العدد الضخم الذي يمثل توزع حروف البسملة في هذه السورة من مضاعفات الرقم سبعة وهو: 22312021312012212012123311 هذا العدد يساوي:

= 7 × 3187431616001744573160473

ولكي لا يظنن أحد أن هذه النتيجة قد جاءت بالمصادفة، يمكن تقسيم هذه السورة المباركة إلى مقطعين:

1 ـ استعاذة بالله: وتمثلها الآية الأولى من هذه السورة: ﴿قل أعوذ برب الفلق﴾.

2ـ استعاذة من شر خلق الله: وتمثلها بقية السورة: ﴿من شرّ ما خلق * ومن شرّغاسق إذا وقب *ومن شرّ النفاثات في العقد* ومن شرّ حاسد إذا حسد﴾.

والعجيب أننا نجد النظام الرقمي ينطبق تماماً على كل قسم من هذين القسمين! لنتأكد من هذه الحقيقة:

قل أعوذ برب الفلق

1 1 3 3

العدد الذي يمثل توزع حروف البسملة في هذا القسم هو 3311 من مضاعفات السبعة:

3311 = 7 × 473

نأتي الآن إلى القسم الثاني لنجد النظام ذاته يتكرر:

من شرّ ما خلق و من شرّ غاسق إذا وقب

2 1 2 1 0 2 1 2 2 1

و من شرّ النفثت في العقد و من شرّ حاسد إذا حسد

0 2 1 3 1 2 0 2 1 3 2 2

إن العدد الذي يمثل حروف البسملة في هذا المقطع أيضاً من مضاعفات الرقم سبعة: 2231202131201221201212 يساوي:

= 7 × 2231202131201221201212

ولكي نبعد أي أثر للمصادفة وبشكل نهائي، إذ كما نعلم كلما كثُرت التناسقات العددية مع رقم محدد قلَّ احتمال المصادفة، لذلك يمكن تقسيم المقطع الثاني المتضمن الاستعاذة من شر خلق الله إلى مقطعين أيضاً:

استعاذة من شرِّ الخلق

﴿من شرّ ما خلق * ومن شرّغاسق إذا وقب﴾: فهذه استعاذة بالله تعالى من شر المخلوقات مثل الغاسق وهو الليل المظلم عندما يُقبل، ومن شرِّ ما ضمَّ هذا الظلام من مخلوقات.

استعاذة من شرِّ أعمال الخلق

﴿ومن شرّ النفاثات في العقد * ومن شرّ حاسد إذا حسد﴾: وهذه استعاذة بالله تعالى من شرِّ أعمال الخلْق، مثل السَّحَرة الذين يصنعون السحر من خلال النفث والنفخ في عقدٍ يصنعونها للإضرار بالناس، ومن شرِّ أعمال الحاسدين الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.

والعجيب حقاً أننا نجد النظام ذاته تماماً يتكرر في كل من المقطعين الجديدين:

المقطع الأول

لنكتب المقطع الذي يعبر عن الاستعاذة من شر الخلْق، وتحت كل كلمة ما تحويه من حروف البسملة:

من شرّ ما خلق و من شرّ غاسق إذا وقب

2 1 2 1 0 2 1 2 2 1

العدد الذي يمثل توزع حروف البسملة هو 1221201212 من مضاعفات السبعة:

1221201212 = 7 × 174457316

المقطع الثاني

والآن نجد النظام ذاته يتكرر، لنكتب المقطع الذي يمثل الاستعاذة من شر أعمال الخلْق، وتحت كل كلمة وا تحويه من حروف البسملة:

و من شرّ النفثت في العقد و من شرّ حاسد إذا حسد

0 2 1 3 1 2 0 2 1 3 2 2

إن العدد الذي يمثل توزع حروف البسملة هو 223120213120 من مضاعفات السبعة أيضاً:

223120213120 = 7 ×31874316160

إن هذا النظام المُحكَم لم يأت عن طريق المصادفة العمياء , بل هو من عند الله عَزَّ وجَلَّ, ولكي نزداد يقيناً بعظمة هذه المعجزة نقوم بإحصاء الكلمات تصنيفها حسب ما تحويه من حروف البسملة.

في هذه السورة كلمات تحتوي على حرف واحد فقط من حروف البسملة مثل كلمة ﴿قُلْ﴾ التي تحوي حرف اللام فقط، و ﴿أعُوذُ﴾ التي تحوي حرفاً واحداً من البسملة هو الألف، وكلمة ﴿وَقَبَ﴾ التي تحوي حرف الباء فقط.... وهكذا. وهذه الكلمات عددها 9.

هنالك أيضاً كلمات احتوت على حرفين من حروف البسملة مثل كلمة ﴿غاسق﴾ والتي تحوي حرفين من البسملة هما الألف والسين وكلمة ﴿مِنْ﴾ التي تحوي حرفين أيضاً هما الميم والنون... وعدد هذه الكلمات هو 10.

أما الكلمات التي تحتوي على ثلاثة حروف من البسملة مثل ﴿إلهِ﴾ فعددها 4 كلمات.

لنكتب هذه النتائج في جدول:

حرف واحد حرفان ثلاثة حروف

9 10 4

إن العدد 4109 من مضاعفات السبعة:

4109 = 7 × 587

لنوجِّه سؤالاً لكل من لا يقتنع بالإعجاز الرقمي فنقول:

هل يمكن للمصادفة أن توزِّع حروف البسملة في سورة الفلق بنظام يقوم على الرقم سبعة, ثم تأتي هذه المصادفة لتوزِّع حروف البسملة على كل مقطع من مقاطع السورة بنفس النظام , ثم تأتي المصادفة لترتب ما تحويه كلمات السورة من حروف البسملة بالنظام ذاته؟

إذا كانت هذه جميعاً مصادفات تتكرر في المعوِّذة الأولى , فهل يمكن للمصادفات ذاتها أن تتكرر بشكل كامل في المعوِّذة الثانية؟ لنقرأ الفقرة الآتية ونستيقن بأن هذا القرآن لا يحوي مصادفات إنما هي معجزات.

سورة الناس

نقوم الآن بتكرار الخطوات السابقة مع آخر سورة في القرآن، وهي سورة الناس. لنكتب سورة الناس ونخرج ما تحويه كل كلمة من حروف البسملة:

قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس

1 1 3 5 2 5 3 5

من شرّ الوسواس الخناس الذي يوسوس في

2 1 5 5 3 3 1

صدور الناس من الجنة و الناس

1 5 2 4 0 5

إن العدد الذي يمثل توزع حروف البسملة عبر كلمات هذه السورة هو: 504251133551253525311، إن هذا العدد من مضاعفات الرقم سبعة تماماً!! وهو يساوي:

= 7 × 72035876221607646473

ولكي نزيل أي شك بالمصادفة نلجأ كما فعلنا سابقاً إلى تقسيم السورة إلى مقطعين، استعاذة بالله واستعاذة من الشيطان:

1 ـ استعاذة بالله تعالى وصفاته: ﴿قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس﴾.

2 ـ استعاذة من الشيطان وصفاته: ﴿من شرّ الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس﴾.

في كلا المقطعين نجد النظام ذاته يتكرر! نكتب المقطع الأول وتحت كل كلمة ما تحويه من حروف البسملة:

قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس

1 1 3 5 2 5 3 5

سوف نجد العدد 53525311 من مضاعفات السبعة!

53525311 = 7 × 7646473

ويتكرر النظام ذاته في المقطع الثاني:

من شرّ الوسواس الخناس الذي يوسوس في

2 1 5 5 3 3 1

صدور الناس من الجنة و الناس

1 5 2 4 0 5

العدد 5042511335512 من مضاعفات السبعة أيضاً:

5042511335512 =7 × 720358762216

والآن نقوم بالعمل السابق ذاته وهو إحصاء لمحتوى كل كلمة من حروف البسملة كما فعلنا في الفقرة السابقة تماماً، لنجد أن هنالك كلمات في هذه السورة تحتوي على حرف أو حرفين أو ثلاثة حروف أو أربعة حروف أو خمسة حروف من البسملة كما يلي:

1 ـ عدد الكلمات التي تحتوي على حرف واحد من البسملة هو 5.

2 ـ عدد الكلمات التي تحتوي على حرفين من حروف البسملة هو 3.

3 ـ عدد الكلمات التي تحتوي على ثلاثة حروف من البسملة هو 4.

4 ـ عدد الكلمات التي تحتوي على أربعة حروف من البسملة هو 1.

5 ـ عدد الكلمات التي تحتوي على خمسة حروف من البسملة هو 7.

حرف حرفان ثلاثة أربعة خمسة

5 3 4 1 7

إن العدد 71435 من مضاعفات السبعة:

71435 = 7 × 10205

إن هذه النتائج تؤكد أن الله عَزَّ وجَلَّ قد رتب حروف البسملة في آيات وسور كتابه بنظام مُحكَم , ولكي نزداد يقيناً بمصداقية هذا النظام الإلهي نذهب إلى أعظم آية من كتاب الله لنرَ كيف تتجلّى حروف ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ في كل كلمة من كلمات هذه الآية العظيمة بنظام يقوم على الرقم سبعة أيضاً.

أعظم آية في القرآن

هكذا حدثنا رسول الله، عن أعظم آية في كتاب الله تعالى , وهي آية الكرسي:

﴿اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [الآية 255 من سورة البقرة]. إذا عبَّرنا عن كل كلمة من كلمات هذه الآية العظيمة برقم يمثل ما تحويه من حروف البسملة، فإننا نحصل على عدد شديد الضخامة والذي يمثل توزع حروف البسملة في كلمات آية الكرسي:

اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ

4 2 3 3 1 4 4 2 2 3

وَ لاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَوَتِ وَ مَا فِي الأَرْضِ

0 2 2 2 2 1 4 0 2 1 4

مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ

2 1 3 1 2 3 4 3 2 3

أَيْدِيهِمْ وَ مَا خَلْفَهُمْ وَ لاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ

5 0 2 3 0 2 4 2 2

عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَتِ وَ الأَرْضَ

3 3 3 1 1 4 4 0 4

وَ لاَ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ

0 2 2 4 0 1 4 4

نكتب العدد الذي يمثل توزع حروف البسملة في كلمات آية الكرسي على سطرين:

12412041222203224413324 43213

44104220404411333224203205323

هذا العدد من مضاعفات السبعة تماماً! إن هذه النتيجة الرقمية الثابتة تؤكد أن حروف البسملة لها نظام موجود في آيات القرآن , وقد رأينا جانباً من هذا النظام في أعظم آية من القرآن. وتأمل كلمة (السماوات) كيف كُتِبت في القرآن من دون ألف هكذا ﴿السَّمَوَتِ﴾ , ولولا هذه الطريقة الفريدة في رسم الكلمات لاختل هذا النظام المُحكَم.

توزع عجيب

في القرآن الكريم 114 بسملة موزعة بنظام معيّن على سور القرآن بحيث نجد في بداية كل سورة بسملة باستثناء سورة التوبة حيث لا توجد هذه البسملة. ولكن هنالك سورة توجد فيها بسملتان في أوّلها وفي سياق آياتها، وهي سورة النمل في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: 27/30]. والشيء العجيب جداً هو أن هذا التوزع لـ ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ في سور القرآن له حكمة سوف ندرك جزءاً منها من خلال الحقيقة الرقمية الآتية.

فلو قمنا بدراسة توزع هذه البسملات عبر سور القران كلِّه فسوف نرى توافقاً مذهلاً مع الرقم سبعة. لنخرج من كل سورة ما تحويه من البسملات، فمثلاً سورة الفاتحة تأخذ الرقم 1 لأنها تحوي بسملة واحدة، وسورة البقرة كذلك تأخذ الرقم 1 لأنها تحتوي على بسملة واحدة في مقدمتها، وكذلك سورة آل عمران... وهكذا.

أما سورة التوبة فتأخذ الرقم صفر، لأنها لا تحتوي على أية بسملة. بينما سورة النمل تأخذ الرقم 2 لأنها تحتوي على بسملتين في أولها وفي سياق آياتها... وهكذا. عند صفّ هذه الأرقام يتشكل لدينا عدد من 114 مرتبة بعدد سور القرآن وهو:

11111111111211111111111111111011111111

11111111111111111111111111111111111111

11111111111111111111111111111111111111

إن هذا العدد شديد الضخامة والمؤلف من 114 مرتبة هو من مضاعفات السبعة بالاتجاهين كيفما قرأناه. والشيء العجيب جداً أن عملية القسمة على سبعة تنتهي 19 مرة في كل اتجاه!! أي أن هذا العدد الضخم الذي يمثل توزع البسملة على سور القرآن يتألف من 19 جزءاً، كل جزء من مضاعفات السبعة، ولكن لماذا 19 جزءاً؟ لأن عدد حروف البسملة هو 19 حرفاً!

وهنا يعجب المرء من دقة وعظمة هذا التوزع للبسملة في سور القرآن: هل جاء هذا التناسب مع الرقم سبعة وبالاتجاهين بالمصادفة؟ وهل للمصادفة دور في جعل عملية القسمة تنتهي بالضبط 19 مرة بعدد حروف البسملة وبالاتجاهين أيضاً؟

وهكذا عندما نسير في رحاب هذه الآية الكريمة ونتدبَّر عجائبها ودقَّة نَظْمِها وإحكامها فلا نكاد نجد نهاية لمعجزاتها. لذلك مهما حاولنا تصور عظمة كتاب الله فإن كتاب الله أعظم، ومهما حاولنا تخيل إعجاز هذا القرآن فإن معجزته أكبر من أي خيال.

احمد شتيوي
03-06-2014, 05:59 AM
http://www7.0zz0.com/2014/03/06/05/470522075.jpg



سورة الفاتحة - تفسير السعدي


" بسم الله الرحمن الرحيم "

" بِسْمِ اللَّهِ " أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى, لأن لفظ " اسم " مفرد مضاف, فيعم جميع الأسماء الحسنى.
" اللَّهِ " هو المألوه المعبود, المستحق لإفراده بالعبادة, لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال.
" الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء, وعمت كل حي, وكتبها للمتقين المتبعين, لأنبيائه ورسله.
فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة, ومن عداهم, فله نصيب منها.
واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها, الإيمان بأسماء الله وصفاته, وأحكام الصفات.
فيؤمنون مثلا, بأنه رحمن رحيم, ذو الرحمة التي اتصف بها, المتعلقة بالمرحوم.
فالنعم كلها, أثر من آثار رحمته, وهكذا في سائر الأسماء.
يقال في العليم: إنه عليم ذو علم, يعلم به كل شيء, قدير, ذو قدرة يقدر على كل شيء.

" الحمد لله رب العالمين "

" الْحَمْدُ لِلَّهِ " هو الثناء على الله بصفات الكمال, وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل, فله الحمد الكامل, بجميع الوجوه.
" رَبِّ الْعَالَمِينَ " الرب, هو المربي جميع العالمين.
وهم من سوى الله, بخلقه إياهم, وإعداده لهم الآلات, وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة, التي لو فقدوها, لم يكن لهم البقاء.
فما بهم من نعمة, فمنه تعالى.
وتربيته تعالى لخلقه.
نوعان: عامة وخاصة.
فالعامة: هي خلقه للمخلوقين, رزقهم, وهدايتهم لما فيه مصالحهم, التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
والخاصة: تربيته لأوليائه, فيربيهم بالإيمان, ويوفقهم له, ويكملهم, ويدفع عنهم الصوارف, والعوائق الحائلة بينهم وبينه.
وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير, والعصمة من كل شر.
ولعل هذا المعنى, هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب.
فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
فدل قوله " رَبِّ الْعَالَمِينَ " على انفراده بالخلق والتدبير, والنعم, وكمال غناه.
وتمام فقر العالمين إليه, بكل وجه واعتبار.

" مالك يوم الدين "

" مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " المالك: هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أن يأمر وينهى, ويثيب ويعاقب, ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات, وأصناف الملك ليوم الدين, وهو يوم القيامة, يوم يدان الناس فيه بأعمالهم, خيرها وشرها, لأن في ذلك اليوم, يظهر للخلق تمام الظهور, كمال ملكه وعدله وحكمته, وانقطاع أملاك الخلائق.
حتى إنه يستوي في ذلك اليوم, الملوك والرعايا والعبيد والأحرار.
كلهم مذعنون لعظمته, خاضعون لعزته, منتظرون لمجازاته, راجون ثوابه, خائفون من عقابه, فلذلك خصه بالذكر, وإلا, فهو المالك ليوم الدين وغيرة من الأيام.

" إياك نعبد وإياك نستعين "

وقوله " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " أي: نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة.
لأن تقديم المعمول يفيد الحصر, وهو إثبات الحكم للمذكور, ونفيه عما عداه.
فكأنه يقول: نعبدك, ولا نعبد غيرك, ونستعين بك, ولا نستعين بغيرك.
وتقديم العبادة على الاستعانة, من باب تقديم العام على الخاص, واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده.
و " العبادة " اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأعمال, والأقوال الظاهرة والباطنة.
و " الاستعانة " هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع, ودفع المضار, مع الثقة به في تحصيل ذلك.
والقيام بعبادة الله والاستعانة بهما هو الوسيلة للسعادة الأبدية, والنجاة من جميع الشرور.
فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما.
وإنما تكون العبادة عبادة, إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله.
فبهذين الأمرين تكون عبادة.
وذكر " الاستعانة " بعد " العبادة " مع دخولها فيها, لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى.
فإنه إن لم يعنه الله, لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر, واجتناب النواهي.

" اهدنا الصراط المستقيم "

ثم قال تعالى: " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " أي: دلنا وأرشدنا, ووفقنا إلى الصراط المستقيم, وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله, وإلى جنته, وهو معرفة الحق والعمل به, فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط.
فالهداية إلى الصراط, لزوم دين الإسلام, وترك ما سواه من الأديان.
والهداية في الصراط, تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا.
فهذا الدعاء, من أجمع الأدعية, وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته, لضرورته إلى ذلك.

" صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين "

وهذا الصراط المستقيم هو " صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
" غَيْرِ " صراط " الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ " الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم.
و " لَا " صراط " الضَّالِّينَ " الذين تركوا الحق على جهل وضلال, كالنصارى ونحوهم.
فهذه السورة, على إيجازها, قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن.
فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية يؤخذ من قوله " رَبِّ الْعَالَمِينَ " .
وتوحيد الإلهية وهو إفراد الله بالعبادة, يؤخذ من لفظ " اللَّهِ " ومن قوله " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " .
وتوحيد الأسماء والصفات, وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى, التي أثبتها لنفسه, وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه, وقد دل على ذلك لفظ " الْحَمْدُ " كما تقدم.
وتضمنت إثبات النبوة في قوله " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة.
وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله " مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " وأن الجزاء يكون بالعدل, لأن الدين معناة الجزاء بالعدل.
وتضمنت إثبات القدر, وأن العبد فاعل حقيقة, خلافا للقدرية والجبرية.
بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " لأنه معرفة الحق والعمل به.
وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك.
وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى, عبادة, واستعانة في قوله: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " .
فالحمد لله رب العالمين.

احمد شتيوي
03-06-2014, 06:01 AM
http://www7.0zz0.com/2014/03/06/05/470522075.jpg



سورة الفاتحة - تفسير السعدي


" بسم الله الرحمن الرحيم "

" بِسْمِ اللَّهِ " أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى, لأن لفظ " اسم " مفرد مضاف, فيعم جميع الأسماء الحسنى.
" اللَّهِ " هو المألوه المعبود, المستحق لإفراده بالعبادة, لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال.
" الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء, وعمت كل حي, وكتبها للمتقين المتبعين, لأنبيائه ورسله.
فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة, ومن عداهم, فله نصيب منها.
واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها, الإيمان بأسماء الله وصفاته, وأحكام الصفات.
فيؤمنون مثلا, بأنه رحمن رحيم, ذو الرحمة التي اتصف بها, المتعلقة بالمرحوم.
فالنعم كلها, أثر من آثار رحمته, وهكذا في سائر الأسماء.
يقال في العليم: إنه عليم ذو علم, يعلم به كل شيء, قدير, ذو قدرة يقدر على كل شيء.

" الحمد لله رب العالمين "

" الْحَمْدُ لِلَّهِ " هو الثناء على الله بصفات الكمال, وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل, فله الحمد الكامل, بجميع الوجوه.
" رَبِّ الْعَالَمِينَ " الرب, هو المربي جميع العالمين.
وهم من سوى الله, بخلقه إياهم, وإعداده لهم الآلات, وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة, التي لو فقدوها, لم يكن لهم البقاء.
فما بهم من نعمة, فمنه تعالى.
وتربيته تعالى لخلقه.
نوعان: عامة وخاصة.
فالعامة: هي خلقه للمخلوقين, رزقهم, وهدايتهم لما فيه مصالحهم, التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
والخاصة: تربيته لأوليائه, فيربيهم بالإيمان, ويوفقهم له, ويكملهم, ويدفع عنهم الصوارف, والعوائق الحائلة بينهم وبينه.
وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير, والعصمة من كل شر.
ولعل هذا المعنى, هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب.
فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
فدل قوله " رَبِّ الْعَالَمِينَ " على انفراده بالخلق والتدبير, والنعم, وكمال غناه.
وتمام فقر العالمين إليه, بكل وجه واعتبار.

" مالك يوم الدين "

" مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " المالك: هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أن يأمر وينهى, ويثيب ويعاقب, ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات, وأصناف الملك ليوم الدين, وهو يوم القيامة, يوم يدان الناس فيه بأعمالهم, خيرها وشرها, لأن في ذلك اليوم, يظهر للخلق تمام الظهور, كمال ملكه وعدله وحكمته, وانقطاع أملاك الخلائق.
حتى إنه يستوي في ذلك اليوم, الملوك والرعايا والعبيد والأحرار.
كلهم مذعنون لعظمته, خاضعون لعزته, منتظرون لمجازاته, راجون ثوابه, خائفون من عقابه, فلذلك خصه بالذكر, وإلا, فهو المالك ليوم الدين وغيرة من الأيام.

" إياك نعبد وإياك نستعين "

وقوله " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " أي: نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة.
لأن تقديم المعمول يفيد الحصر, وهو إثبات الحكم للمذكور, ونفيه عما عداه.
فكأنه يقول: نعبدك, ولا نعبد غيرك, ونستعين بك, ولا نستعين بغيرك.
وتقديم العبادة على الاستعانة, من باب تقديم العام على الخاص, واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده.
و " العبادة " اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأعمال, والأقوال الظاهرة والباطنة.
و " الاستعانة " هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع, ودفع المضار, مع الثقة به في تحصيل ذلك.
والقيام بعبادة الله والاستعانة بهما هو الوسيلة للسعادة الأبدية, والنجاة من جميع الشرور.
فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما.
وإنما تكون العبادة عبادة, إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله.
فبهذين الأمرين تكون عبادة.
وذكر " الاستعانة " بعد " العبادة " مع دخولها فيها, لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى.
فإنه إن لم يعنه الله, لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر, واجتناب النواهي.

" اهدنا الصراط المستقيم "

ثم قال تعالى: " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " أي: دلنا وأرشدنا, ووفقنا إلى الصراط المستقيم, وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله, وإلى جنته, وهو معرفة الحق والعمل به, فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط.
فالهداية إلى الصراط, لزوم دين الإسلام, وترك ما سواه من الأديان.
والهداية في الصراط, تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا.
فهذا الدعاء, من أجمع الأدعية, وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته, لضرورته إلى ذلك.

" صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين "

وهذا الصراط المستقيم هو " صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
" غَيْرِ " صراط " الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ " الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم.
و " لَا " صراط " الضَّالِّينَ " الذين تركوا الحق على جهل وضلال, كالنصارى ونحوهم.
فهذه السورة, على إيجازها, قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن.
فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية يؤخذ من قوله " رَبِّ الْعَالَمِينَ " .
وتوحيد الإلهية وهو إفراد الله بالعبادة, يؤخذ من لفظ " اللَّهِ " ومن قوله " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " .
وتوحيد الأسماء والصفات, وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى, التي أثبتها لنفسه, وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه, وقد دل على ذلك لفظ " الْحَمْدُ " كما تقدم.
وتضمنت إثبات النبوة في قوله " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة.
وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله " مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " وأن الجزاء يكون بالعدل, لأن الدين معناة الجزاء بالعدل.
وتضمنت إثبات القدر, وأن العبد فاعل حقيقة, خلافا للقدرية والجبرية.
بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " لأنه معرفة الحق والعمل به.
وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك.
وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى, عبادة, واستعانة في قوله: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " .
فالحمد لله رب العالمين.

احمد شتيوي
03-06-2014, 06:05 AM
الإعجاز في النفس - الأثر النفسي لقراءة سورة الفاتحة


الأثر النفسي لقراءة سورة الفاتحة

نذكر في هذه المقالة إخوتنا القراء ببعض خصائص سورة الفاتحة وقدرة هذه السورة على الشفاء، فهي الشافية وهي الكافية وهي أعظم سورة في القرآن.....

أعظم سورة في القرآن

يا ليت كل الناس يقرأون سورة الفاتحة كل يوم سبع مرات ليعالجوا الكثير من الأمراض وليصرفوا عنهم الكثير من الشرور دون أن يشعروا! هذه السورة العظيمة هي أعظم سورة في كتاب الله تعالى، وهي التي لا تصح الصلاة إلا بها، وهي السورة التي جعلها الله أم القرآن وأم الكتاب وأم الشفاء.

فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن عظمة هذه السورة فيقول: (ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته) [البخاري ومسلم].

للهداية إلى الطريق الصحيح

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملَك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلَّم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته) [مسلم].

ومعنى هذا الحديث أنك عندما تقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) فهذا يعني أن الله سيهديك إلى الطريق الصحيح في حياتك وعملك ويهديك إلى اتخاذ القرار المناسب في كل شؤون حياتك، والهداية لا تقتصر على الهداية الدينية بل جميع أنواع الهداية تتحقق لك، فإذا أردت أن تقوم بعمل سوف تجد نفسك تتخذ القرار الصحيح وأن الله سيساعدك على ذلك، وإذا تعرضت لموقف صعب أو مشكلة سوف تجد أن الله يهديك إلى الحل الصحيح.

عندما تقرأ هذه السورة العظيمة سبع مرات بشيء من التدبر إنما تقوم بإيصال رسالة إيجابية إلى عقلك الباطن كل يوم سبع مرات مفادها أن الحمد لا يكون إلا لله تعالى لأنه رب هذا الكون ورب العالم ورب العالمين، فهو أكبر من همومك ومشاكلك، وهو الرحمن الرحيم الذي تحتاج لرحمته.

فعند قراءتك لهذه الآية (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سوف تحس بقوة غريبة، لأن الرحمن سبحانه وتعالى معك، سوف تحس بقربك منه، وأنه سيكون معك في أصعب المواقف، وهذا سيعطيك شعوراً كبيراً بالراحة النفسية ويزيل الاضطرابات مهما كان نوعها أو حجمها.

وعندما تقول (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فأنت توصل رسالة لعقلك الباطن والتي سيتأثر بها ويتفاعل معها بعد أيام معدودة، هذه الرسالة مفادها أنه يجب عليَّ أن أدرك أننا سنقف جميعاً يوم القيامة وهو يوم الدين أي اليوم الذي يوفّي الله فيه كل نفس ما كسبت وهو مالك هذا اليوم، وهو الذي سيحاسب الناس، ولذلك لا داعي لأن أحمل أي همّ ما دام الله تعالى سيعوضني خيراً، ومادام تعالى سيحاسب كل شخص على أخطائه ولن يظلم أحداً.

وأنت عندما تقول (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فأنت توصل رسالة إلى عقلك الباطن مفادها أن العبادة لا تكون إلا لله، وأن الاستعانة لا تكون إلا بالله، ومع تكرار هذه الرسالة الإيجابية تكون قد "غذّيت" دماغك بقناعة مهمة وهي أن "الله معك" وهذا يمنحك الإحساس بالقوة، فأنت تستعين به على قضاء حوائجك وتستشيره في أي موقف تتعرض له، وتعتمد عليه في حل همومك ومشكلاتك، فهل هناك أجمل من هذا الإحساس؟

يقول علماء البرمجة اللغوية العصبية إن أهم شيء لتحقيق النجاح أن تحس بأنك فعلاً إنسان ناجح وقوي وتنمّي هذا الإحساس في داخلك حتى يصبح جزءاً منك، عزيزي القارئ أليست قراءة القرآن تقوم بهذا الغرض؟ أليس تدبر آيات القرآن يقوي لديك الإحساس بالنجاح في الدنيا والآخرة ويقوي إحساسك بأن الله تعالى معك وقريب منك في كل ثانية ولن يتركك؟

للتواصل مع الله سبحانه وتعالى!!!

هل فكرت أخي المؤمن أن تتواصل مع الله، أن تتحدث مع هذا الخالق العظيم، أن تترك كل الناس وتبقي علاقتك مع الله تعالى قوية سليمة؟ مرة قال لي أحدهم يجب عليك أن تقوي علاقاتك مع بعض الأغنياء في المجتمع لتتمكن من الوصول إلى المال أو الشهرة، فقلت له ومن يقوي علاقتي مع الله تعالى؟!

ولذلك كنتُ حريصاً دائماً على أن تكون علاقتي مع الله قوية أولاً ثم ألتفت إلى الناس، ولكن للأسف أصبحت هذه القاعدة معكوسة اليوم، فتجد كثيراً من الناس يسارعون إلى تقوية علاقتهم مع أناس ضعفاء مثلهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، وينسون خالق السموات السبع تبارك وتعالى!

ولذلك يا أحبتي فإن قراءتكم لسورة الفاتحة بتدبر وتأمل هي نوع من التواصل مع قائل هذه السورة، وهي نوع من الإحساس بالقوة لأن الله سيكون معك ويحدثك بل ويثني عليك، وتصور أن الله تعالى وكلما قرأت الفاتحة يكلم ملائكته عنك، ما رأيك بهذا الإحساس؟

ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قال الله: حمدني عبدي. فإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قال: أثنى علي عبدي. فإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قال مجدني عبدي وإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ، قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل) [مسلم].

‏ للشفاء والوقاية

فمن خلال تجربتي مع هذه السورة العظيمة وجدتُ بأن قراءة الفاتحة سبع مرات صباحاً ومساءً يمكن أن تعطي نتائج طيبة في الشفاء والوقاية. فليس ضرورياً أن تكون مريضاً حتى تقرأ الفاتحة بنية الشفاء، إنما ينبغي على كل منا أن يكرر قراءة الفاتحة سبع مرات وبصوت مسموع وأن يتأمل معانيها ويحاول أن يتأثر فيها، وسوف تكون هذه القراءة بشرط أن يواظب عليها كل يوم سيكون سبباً في وقاية الإنسان من الأمراض، وسوف تعطيك مناعة تجاه مختلف الأمراض، ولكن بشرط أن تقتنع بأن هذه السورة هي الشافية.

عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏‏قال:‏ ‏(كنا ‏في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم وإن ‏‏نفرنا غيب ‏ ‏فهل منكم ‏‏راقٍ ‏‏فقام معها ‏‏رجل ‏‏ما كنا ‏نأبنه برقية فرقاه فبرأ فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا فلما رجع قلنا له أكنت تحسن رقية أو كنت ‏ترقي قال: لا، ما ‏رقيت إلا ‏بأم الكتاب (وهي سورة الفاتحة) ‏قلنا لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏فلما قدمنا ‏‏المدينة ‏‏ذكرناه للنبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال وما كان يدريه أنها ‏رقية ‏اقسموا واضربوا لي بسهم) [البخاري].

وهذا يدل على أن سورة الفاتحة هي رقية كاملة بحد ذاتها بشرط أن نكرر قراءتها أكبر عدد ممكن من المرات، لأن الله تعالى أودع في هذه السورة أسراراً خفية ولغة لا نفهمها نحن ولكن خلايا جسدنا تفهمها وتتفاعل معها، وقد أثبتنا في بحث آفاق العلاج بالقرآن التأثير المذهل لقراءة آيات القرآن على الخلايا المتضررة من الجسم وإعادة التوازن والنشاط لها.

اطردوا الشيطان من بيوتكم!

أحبتي! شئنا أم أبينا نحن نعيش مع عالم كامل من الجن والشياطين، وهذه المخلوقات لها قوانينها، ومن ضمن قوانين الشياطين أنها لا تستسيغ سماع القرآن وتنفر نفوراً شديداً من أي بيت يقرأ فيه القرآن، وبخاصة سورة البقرة.

فعن ‏ ‏أبي هريرة رضي الله عنه ‏أن رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏‏قال‏: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة ‏‏البقرة) [مسلم]. فإذا أردت أن تطرد الشيطان الذي هو سبب رئيسي في إثارة الهموم والمشاكل والأحزان والمخاوف، فما عليك إلا أن تقرأ سورة البقرة أو آيات منها.

وإذا لم تستطع قراءة السورة كاملة فيمكنك قراءة آخر آيتين من سورة البقرة، فهما تكفيانك وسوف تتقي بهما من شر الأمراض وشر الشياطين وشر الاضطرابات النفسية، وهذا كلام مجرب. وقد ورد عن ‏ ‏أبي مسعود ‏‏رضي الله عنه أنه ‏قال:‏ ‏قال النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة ‏‏البقرة ‏‏في ليلة كفتاه) [البخاري].

هل تحب أن تدخل الجنة؟!

هناك إجراء بسيط جداً يمكّنك من دخول الجنة بسلام، ألا وهو قراءة أعظم آية من القرآن وهي آية الكرسي (الآية رقم 255 من سورة البقرة)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) [النسائي].

احمد شتيوي
03-06-2014, 06:06 AM
الإعجاز في النفس - الأثر النفسي لقراءة سورة الفاتحة


الأثر النفسي لقراءة سورة الفاتحة

نذكر في هذه المقالة إخوتنا القراء ببعض خصائص سورة الفاتحة وقدرة هذه السورة على الشفاء، فهي الشافية وهي الكافية وهي أعظم سورة في القرآن.....

أعظم سورة في القرآن

يا ليت كل الناس يقرأون سورة الفاتحة كل يوم سبع مرات ليعالجوا الكثير من الأمراض وليصرفوا عنهم الكثير من الشرور دون أن يشعروا! هذه السورة العظيمة هي أعظم سورة في كتاب الله تعالى، وهي التي لا تصح الصلاة إلا بها، وهي السورة التي جعلها الله أم القرآن وأم الكتاب وأم الشفاء.

فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن عظمة هذه السورة فيقول: (ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته) [البخاري ومسلم].

للهداية إلى الطريق الصحيح

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملَك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلَّم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته) [مسلم].

ومعنى هذا الحديث أنك عندما تقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) فهذا يعني أن الله سيهديك إلى الطريق الصحيح في حياتك وعملك ويهديك إلى اتخاذ القرار المناسب في كل شؤون حياتك، والهداية لا تقتصر على الهداية الدينية بل جميع أنواع الهداية تتحقق لك، فإذا أردت أن تقوم بعمل سوف تجد نفسك تتخذ القرار الصحيح وأن الله سيساعدك على ذلك، وإذا تعرضت لموقف صعب أو مشكلة سوف تجد أن الله يهديك إلى الحل الصحيح.

عندما تقرأ هذه السورة العظيمة سبع مرات بشيء من التدبر إنما تقوم بإيصال رسالة إيجابية إلى عقلك الباطن كل يوم سبع مرات مفادها أن الحمد لا يكون إلا لله تعالى لأنه رب هذا الكون ورب العالم ورب العالمين، فهو أكبر من همومك ومشاكلك، وهو الرحمن الرحيم الذي تحتاج لرحمته.

فعند قراءتك لهذه الآية (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سوف تحس بقوة غريبة، لأن الرحمن سبحانه وتعالى معك، سوف تحس بقربك منه، وأنه سيكون معك في أصعب المواقف، وهذا سيعطيك شعوراً كبيراً بالراحة النفسية ويزيل الاضطرابات مهما كان نوعها أو حجمها.

وعندما تقول (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فأنت توصل رسالة لعقلك الباطن والتي سيتأثر بها ويتفاعل معها بعد أيام معدودة، هذه الرسالة مفادها أنه يجب عليَّ أن أدرك أننا سنقف جميعاً يوم القيامة وهو يوم الدين أي اليوم الذي يوفّي الله فيه كل نفس ما كسبت وهو مالك هذا اليوم، وهو الذي سيحاسب الناس، ولذلك لا داعي لأن أحمل أي همّ ما دام الله تعالى سيعوضني خيراً، ومادام تعالى سيحاسب كل شخص على أخطائه ولن يظلم أحداً.

وأنت عندما تقول (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فأنت توصل رسالة إلى عقلك الباطن مفادها أن العبادة لا تكون إلا لله، وأن الاستعانة لا تكون إلا بالله، ومع تكرار هذه الرسالة الإيجابية تكون قد "غذّيت" دماغك بقناعة مهمة وهي أن "الله معك" وهذا يمنحك الإحساس بالقوة، فأنت تستعين به على قضاء حوائجك وتستشيره في أي موقف تتعرض له، وتعتمد عليه في حل همومك ومشكلاتك، فهل هناك أجمل من هذا الإحساس؟

يقول علماء البرمجة اللغوية العصبية إن أهم شيء لتحقيق النجاح أن تحس بأنك فعلاً إنسان ناجح وقوي وتنمّي هذا الإحساس في داخلك حتى يصبح جزءاً منك، عزيزي القارئ أليست قراءة القرآن تقوم بهذا الغرض؟ أليس تدبر آيات القرآن يقوي لديك الإحساس بالنجاح في الدنيا والآخرة ويقوي إحساسك بأن الله تعالى معك وقريب منك في كل ثانية ولن يتركك؟

للتواصل مع الله سبحانه وتعالى!!!

هل فكرت أخي المؤمن أن تتواصل مع الله، أن تتحدث مع هذا الخالق العظيم، أن تترك كل الناس وتبقي علاقتك مع الله تعالى قوية سليمة؟ مرة قال لي أحدهم يجب عليك أن تقوي علاقاتك مع بعض الأغنياء في المجتمع لتتمكن من الوصول إلى المال أو الشهرة، فقلت له ومن يقوي علاقتي مع الله تعالى؟!

ولذلك كنتُ حريصاً دائماً على أن تكون علاقتي مع الله قوية أولاً ثم ألتفت إلى الناس، ولكن للأسف أصبحت هذه القاعدة معكوسة اليوم، فتجد كثيراً من الناس يسارعون إلى تقوية علاقتهم مع أناس ضعفاء مثلهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، وينسون خالق السموات السبع تبارك وتعالى!

ولذلك يا أحبتي فإن قراءتكم لسورة الفاتحة بتدبر وتأمل هي نوع من التواصل مع قائل هذه السورة، وهي نوع من الإحساس بالقوة لأن الله سيكون معك ويحدثك بل ويثني عليك، وتصور أن الله تعالى وكلما قرأت الفاتحة يكلم ملائكته عنك، ما رأيك بهذا الإحساس؟

ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قال الله: حمدني عبدي. فإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قال: أثنى علي عبدي. فإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قال مجدني عبدي وإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ، قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل) [مسلم].

‏ للشفاء والوقاية

فمن خلال تجربتي مع هذه السورة العظيمة وجدتُ بأن قراءة الفاتحة سبع مرات صباحاً ومساءً يمكن أن تعطي نتائج طيبة في الشفاء والوقاية. فليس ضرورياً أن تكون مريضاً حتى تقرأ الفاتحة بنية الشفاء، إنما ينبغي على كل منا أن يكرر قراءة الفاتحة سبع مرات وبصوت مسموع وأن يتأمل معانيها ويحاول أن يتأثر فيها، وسوف تكون هذه القراءة بشرط أن يواظب عليها كل يوم سيكون سبباً في وقاية الإنسان من الأمراض، وسوف تعطيك مناعة تجاه مختلف الأمراض، ولكن بشرط أن تقتنع بأن هذه السورة هي الشافية.

عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏‏قال:‏ ‏(كنا ‏في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم وإن ‏‏نفرنا غيب ‏ ‏فهل منكم ‏‏راقٍ ‏‏فقام معها ‏‏رجل ‏‏ما كنا ‏نأبنه برقية فرقاه فبرأ فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا فلما رجع قلنا له أكنت تحسن رقية أو كنت ‏ترقي قال: لا، ما ‏رقيت إلا ‏بأم الكتاب (وهي سورة الفاتحة) ‏قلنا لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏فلما قدمنا ‏‏المدينة ‏‏ذكرناه للنبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال وما كان يدريه أنها ‏رقية ‏اقسموا واضربوا لي بسهم) [البخاري].

وهذا يدل على أن سورة الفاتحة هي رقية كاملة بحد ذاتها بشرط أن نكرر قراءتها أكبر عدد ممكن من المرات، لأن الله تعالى أودع في هذه السورة أسراراً خفية ولغة لا نفهمها نحن ولكن خلايا جسدنا تفهمها وتتفاعل معها، وقد أثبتنا في بحث آفاق العلاج بالقرآن التأثير المذهل لقراءة آيات القرآن على الخلايا المتضررة من الجسم وإعادة التوازن والنشاط لها.

اطردوا الشيطان من بيوتكم!

أحبتي! شئنا أم أبينا نحن نعيش مع عالم كامل من الجن والشياطين، وهذه المخلوقات لها قوانينها، ومن ضمن قوانين الشياطين أنها لا تستسيغ سماع القرآن وتنفر نفوراً شديداً من أي بيت يقرأ فيه القرآن، وبخاصة سورة البقرة.

فعن ‏ ‏أبي هريرة رضي الله عنه ‏أن رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏‏قال‏: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة ‏‏البقرة) [مسلم]. فإذا أردت أن تطرد الشيطان الذي هو سبب رئيسي في إثارة الهموم والمشاكل والأحزان والمخاوف، فما عليك إلا أن تقرأ سورة البقرة أو آيات منها.

وإذا لم تستطع قراءة السورة كاملة فيمكنك قراءة آخر آيتين من سورة البقرة، فهما تكفيانك وسوف تتقي بهما من شر الأمراض وشر الشياطين وشر الاضطرابات النفسية، وهذا كلام مجرب. وقد ورد عن ‏ ‏أبي مسعود ‏‏رضي الله عنه أنه ‏قال:‏ ‏قال النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة ‏‏البقرة ‏‏في ليلة كفتاه) [البخاري].

هل تحب أن تدخل الجنة؟!

هناك إجراء بسيط جداً يمكّنك من دخول الجنة بسلام، ألا وهو قراءة أعظم آية من القرآن وهي آية الكرسي (الآية رقم 255 من سورة البقرة)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) [النسائي].

احمد شتيوي
03-06-2014, 06:57 AM
http://www7.0zz0.com/2014/03/06/06/473147763.jpg


سورة المسد

التصنيف: مكية
عدد الآيات: 5

سورة المسد - تفسير السعدي


" تبت يدا أبي لهب وتب "

خسرت يدا أبي لهب وشقي بإيذائه رسول الله محمدا صلى الله عليه وسلم, وفد تحقق خسران أبي لهب.

" ما أغنى عنه ماله وما كسب "

ما أغنى عنه ماله وولده, فلن يردا عنه شيئا من عذاب الله إذا نزل به.

" سيصلى نارا ذات لهب "

سيدخل نارا متأججة,

" وامرأته حمالة الحطب "

هو وامرأته التي كانت تحمل الشوك, فتطرحه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم; لأذيته

" في جيدها حبل من مسد "

في عنقها حبل محكم من ليف شديد خشن, ترفع به في نار جهنم, ثم ترمى إلى أسفلها.

احمد شتيوي
03-06-2014, 06:57 AM
http://www7.0zz0.com/2014/03/06/06/473147763.jpg


سورة المسد

التصنيف: مكية
عدد الآيات: 5

سورة المسد - تفسير السعدي


" تبت يدا أبي لهب وتب "

خسرت يدا أبي لهب وشقي بإيذائه رسول الله محمدا صلى الله عليه وسلم, وفد تحقق خسران أبي لهب.

" ما أغنى عنه ماله وما كسب "

ما أغنى عنه ماله وولده, فلن يردا عنه شيئا من عذاب الله إذا نزل به.

" سيصلى نارا ذات لهب "

سيدخل نارا متأججة,

" وامرأته حمالة الحطب "

هو وامرأته التي كانت تحمل الشوك, فتطرحه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم; لأذيته

" في جيدها حبل من مسد "

في عنقها حبل محكم من ليف شديد خشن, ترفع به في نار جهنم, ثم ترمى إلى أسفلها.

احمد شتيوي
03-06-2014, 06:59 AM
( الإعجاز العلمي في سورة المسد سبحان الله أسلم بها عالم رياضيات كندي )(

من الدلائل على وجود الله العلي العليم و على أن القرآن الكريم من عند رب كريم عليم ما يستنتج من السورة المكية
سورة المسد
بسم الله الرحمن الرحيم
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5).
نزلت هذه السورة في أبي لهب وهو عبد العزى بن عبد المطلب (أي عم النبي صلى الله عليه وسلم) وامرأته أم جميل العوراء .. وكانا شديدي الإيذاء للنبي صلى الله عليه وسلم.
: الإعجاز الغيبي في هذه السورة
لقد حكم الله سبحانه وتعالى في هذه السورة بهلاك أبي لهب وأنه من أهل النار .. فكان كما أخبر عز وجل .. إذ بعد نزول هذه السورة كان من الممكن أن يؤمن ويسلم أبو لهب كما آمن وأسلم كثير من الكفار والمشركين مثله فيعارض بذلك القرآن الكريم .. ولكن ذلك لم يحدث .. بل ضل أبو لهب طيلة حياته وهو كافر(حيث عاش 10سنوات بعد السورة الكريمة) مشرك عدو للرسول صلى الله عليه وسلم وللحق الذي جاء به .. كما أن موتته كانت من شر موتة يموتها أحدهم حيث أنه أصيب بمرض خطير فمات ولم يستطيعوا غسله إلا بإفراغ الماء عليه من بعيد خوفا من عدوى المرض .. وكل هذا تحقيق لما حكم الله به عليه وأخبر في هذه السورة ,فلو كان قد أسلم لناقض القرآن و لكن الله علمه أزلي يبين لنا مرة أخرى أن القرآن
هو كلام الله وكلام الحق و الإعجاز.
معجزة تتعلق بنزول هذه السورة:
ومن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، معجزة تتعلق بنزول هذه السورة ، وهي أنه صحّ أنه لما سمعت امرأة أبي لهب (أم جميل العوراء وكانت شديدة العداء للنبي صلى الله عليه وسلم مثل زوجها) ما نزل فيها وزوجها من القرآن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وفي يدها فهر (أي : بمقدار ملئ الكف) من حجارة فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا ترى إلا أبا بكر ، فقالت : يا أبا بكر ! أين صاحبك ؟ قد بلغني أنه يهجوني . والله لو وجدته لضربته بهذا الفهر ، والله إني لشاعرة ، ثم قالت : مذمما عصينا . وأمره أبينا . ثم انصرفت ، فقال أبو بكر : يا رسول الله أما تراها رأتك ؟ قال : ما رأتني ، لقد أخذ الله بصرها عني.
وهناك عالم رياضيات وأكبر داعى للنصرانية يعلن إسلامه بعد تمعنه في هذه السورة الكريمة ويتحول إلى أكبر داعي للإسلام فى كندا و هو الكندي جاري ميلر و يقول :
"هذا الرجل أبو لهب كان يكره الإسلام كرها شديدا لدرجة أنه كان يتبع محمد صلى الله عليه وسلم أينما ذهب ليقلل من قيمة ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم, إذا رأى الرسول يتكلم الي إناس غرباء فإنه ينتظر حتى ينتهي الرسول من كلامه ليذهب إليهم ثم يسألهم ماذا قال لكم محمد؟ لو قال لكم أبيض فهو أسود ولو قال لكم ليل فهو نهار والمقصد أنه يخالف أي شيء يقوله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويشكك الناس فيه .
وقبل 10 سنوات من وفاة أبي لهب نزلت سورة في القرآن أسمها سورة المسد , هذه السورة تقرر أن أبو لهب سوف يذهب إلى النار , أي بمعنى آخر أن أبو لهب لن يدخل الإسلام .
وخلال عشر سنوات كاملة كل ما كان على أبو لهب أن يفعله هو أن يأتي أمام الناس ويقول "محمد يقول أني لن أسلم و سوف أدخل النار ولكني أعلن الآن أني أريد أن أدخل في الاسلام وأصبح مسلما !! , الآن مارأيكم هل محمد صادق فيما يقول أم لا ؟ هل الوحي الذي يأتيه وحي إلهي؟ "
لكن أبو لهب لم يفعل ذلك تماما رغم أن كل أفعاله كانت هي مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه لم يخالفه في هذا الأمر .يعني القصة كأنها تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي لهب أنت تكرهني وتريد أن تنهيني , حسنا لديك الفرصة أن تنقض كلامي !
لم يفعل خلال عشر سنوات كاملة!! لم يسلم ولم يتظاهر حتى بالإسلام !!
عشر سنوات كانت لديه الفرصة أن يهدم الاسلام بدقيقة واحدة ! ولكن لأن الكلام هذا ليس كلام محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه وحي ممن يعلم الغيب ويعلم أن أبا لهب لن يسلم .
كيف لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يعلم أن أبا لهب سوف يثبت ما في السورة إن لم يكن هذا وحيا من الله؟؟
كيف يكون واثقا خلال عشر سنوات كاملة أن ما لديه حق لو لم يكن يعلم أنه وحيا من الله؟؟
لكي يضع شخص هذا التحدي الخطير ليس له إلا معنى واحد هذا وحي من الله..
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5).
الحمد لله الذي و هبنا عقلا نفكر به و نتدبر به فاعتبروا يا أولي الألباب

احمد شتيوي
03-06-2014, 07:34 AM
تفسير الطبري » تفسير سورة المسد


القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( تبت يدا أبي لهب وتب ( 1 ) ما أغنى عنه ماله وما كسب ( 2 ) سيصلى نارا ذات لهب ( 3 ) وامرأته حمالة الحطب ( 4 ) في جيدها حبل من مسد ( 5 ) ) .

يقول تعالى ذكره : خسرت يدا أبي لهب ، وخسر هو . وإنما عني بقوله : ( تبت يدا أبي لهب ) تب عمله . وكان بعض أهل العربية يقول : قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) : دعاء عليه من الله .

وأما قوله : ( وتب ) فإنه خبر . ويذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : "تبت يدا أبي لهب وقد تب" . وفي دخول "قد" فيه دلالة على أنه خبر ، ويمثل ذلك بقول القائل لآخر : أهلكك الله ، وقد أهلكك ، وجعلك صالحا وقد جعلك .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( تبت يدا أبي لهب ) : أي خسرت وتب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) قال : التب : الخسران ، قال : قال أبو لهب للنبي صلى الله عليه وسلم : ماذا أعطى يا محمد إن آمنت بك ؟ قال ؟ "كما يعطى المسلمون" ، فقال : مالي عليهم فضل ؟ قال : "وأي شيء تبتغي ؟ " قال : تبا لهذا من دين تبا ، أن أكون أنا وهؤلاء سواء ، فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) يقول : بما عملت أيديهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( تبت يدا أبي لهب ) [ ص: 633 ] قال : خسرت يدا أبي لهب وخسر .

وقيل : إن هذه السورة نزلت في أبي لهب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خص بالدعوة عشيرته ، إذ نزل عليه : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) وجمعهم للدعاء ، قال له أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا دعوتنا ؟

ذكر الأخبار الواردة بذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا ، فقال : "يا صباحاه ! " فاجتمعت إليه قريش ، فقالوا : ما لك ؟ قال : "أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدقونني ؟ " قالوا : بلى ، قال : "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك ، ألهذا دعوتنا وجمعتنا ؟ ! فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) إلى آخرها .

حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا ثم نادى : "يا صبحاه" فاجتمع الناس إليه ، فبين رجل يجيء ، وبين آخر يبعث رسوله ، فقال : "يا بني هاشم ، يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني . . . يا بني أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل" - يريد تغير عليكم - صدقتموني ؟ " قالوا : نعم ، قال : "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا دعوتنا ؟ فنزلت : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) " .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ورهطك منهم المخلصين ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى صعد الصفا ، فهتف : "يا صباحاه" . فقالوا : من هذا الذي يهتف ؟ فقالوا : محمد ، فاجتمعوا إليه ، فقال : "يا بني فلان ، يا بني فلان ، يا بني عبد المطلب ، يا بني [ ص: 677 ] عبد مناف " ، فاجتمعوا إليه ، فقال : "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ؟ " قالوا : ما جربنا عليك كذبا ، قال "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ؟ ثم قام فنزلت هذه السورة : "تبت يدا أبي لهب وقد تب" كذا قرا الأعمش إلى آخر السورة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، في قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) قال : حين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه وإلى غيره ، وكان أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان اسمه عبد العزى ، فذكرهم ، فقال أبو لهب : تبا لك ، في هذا أرسلت إلينا ؟ فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) .

وقوله : ( ما أغنى عنه ماله وما كسب )

يقول تعالى ذكره : أي شيء أغنى عنه ماله ، ودفع من سخط الله عليه ( وما كسب ) وهم ولده . وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل

ذكر من قال ذلك .

حدثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر ، قال : ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن خيثم ، عن أبي الطفيل ، قال : جاء بنو أبي لهب إلى ابن عباس ، فقاموا يختصمون في البيت ، فقام ابن عباس ، فحجز بينهم ، وقد كف بصره ، فدفعه بعضهم حتى وقع على الفراش ، فغضب وقال : أخرجوا عني الكسب الخبيث .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن محمد بن سفيان ، عن رجل من بني مخزوم ، عن ابن عباس أنه رأى يوما ولد أبي لهب يقتتلون ، فجعل يحجز بينهم ويقول : هؤلاء مما كسب .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) قال : ما كسب ولده .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( وما كسب ) قال : ولده هم من كسبه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( وما كسب ) قال : ولده . [ ص: 678 ]

وقوله : ( سيصلى نارا ذات لهب )

يقول : سيصلى أبو لهب نارا ذات لهب .

وقوله : ( وامرأته حمالة الحطب )

يقول : سيصلى أبو لهب وامرأته حمالة الحطب ، نارا ذات لهب . واختلفت القراء في قراءة ( حمالة الحطب ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة والبصرة : "حمالة الحطب" بالرفع ، غير عبد الله بن أبي إسحاق ، فإنه قرأ ذلك نصبا فيما ذكر لنا عنه .

واختلف فيه عن عاصم ، فحكي عنه الرفع فيها والنصب ، وكأن من رفع ذلك جعله من نعت المرأة ، وجعل الرفع للمرأة ما تقدم من الخبر ، وهو "سيصلى" ، وقد يجوز أن يكون رافعها الصفة ، وذلك قوله : ( في جيدها ) وتكون "حمالة" نعتا للمرأة . وأما النصب فيه فعلى الذم ، وقد يحتمل أن يكون نصبها على القطع من المرأة ، لأن المرأة معرفة ، وحمالة الحطب نكرة .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا : الرفع ، لأنه أفصح الكلامين فيه ، ولإجماع الحجة من القراء عليه .

واختلف أهل التأويل ، في معنى قوله : ( حمالة الحطب ) فقال بعضهم : كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليدخل في قدمه إذا خرج إلى الصلاة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ، ليعقره وأصحابه ، ويقال : ( حمالة الحطب ) : نقالة للحديث .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل من همدان يقال له يزيد بن زيد ، أن امرأة أبي لهب كانت تلقي في طريق النبي صلى الله عليه وسلم الشوك ، فنزلت : ( تبت يدا أبي لهب وامرأته حمالة الحطب ) .

حدثني أبو هريرة الضبعي ، محمد بن فراس ، قال : ثنا أبو عامر ، عن قرة بن [ ص: 679 ] خالد ، عن عطية الجدلي . في قوله : ( حمالة الحطب ) قال : كانت تضع العضاه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكأنما يطأ به كثيبا .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) كانت تحمل الشوك ، فتلقيه على طريق نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعقره .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تأتي بأغصان الشوك ، فتطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : قيل لها ذلك : حمالة الحطب ، لأنها كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة ، وتعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : قال أبو المعتمر : زعم محمد أن عكرمة قال ( حمالة الحطب ) : كانت تمشي بالنميمة .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تمشي بالنميمة .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حمالة الحطب ) قال : النميمة .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وامرأته حمالة الحطب ) : أي كانت تنقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة .

وقال بعضهم : كانت تعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تحطب فعيرت بأنها كانت تحطب . [ ص: 680 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تمشي بالنميمة .

وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي ، قول من قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك هو أظهر معنى ذلك .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن عيسى بن يزيد ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زيد ، وكان ألزم شيء لمسروق ، قال : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) بلغ امرأة أبي لهب أن النبي صلى الله عليه وسلم يهجوك ، قالت : علام يهجوني ؟ هل رأيتموني كما قال محمد أحمل حطبا ؟ " ( في جيدها حبل من مسد ) " ؟ فمكثت ، ثم أتته ، فقالت : إن ربك قلاك وودعك ' ، فأنزل الله : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) .

وقوله ( في جيدها حبل من مسد )

يقول في عنقها; والعرب تسمي العنق جيدا ; ومنه قول ذي الرمة :


فعيناك عيناها ولونك لونها وجيدك إلا أنها غير عاطل


وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( في جيدها حبل ) قال : في رقبتها .

وقوله : ( حبل من مسد ) اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : هي حبال تكون بمكة .

ذكر من قال ذلك :

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( في جيدها حبل من مسد ) قال : حبل من شجر ، وهو الحبل الذي كانت تحتطب به .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، [ ص: 681 ] عن ابن عباس ( حبل من مسد ) قال : هي حبال تكون بمكة ; ويقال : المسد : العصا التي تكون في البكرة ، ويقال المسد : قلادة من ودع .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : في قوله : ( حبل من مسد ) قال : حبال من شجر تنبت في اليمن لها مسد ، وكانت تفتل; وقال ( حبل من مسد ) : حبل من نار في رقبتها .

وقال آخرون : المسد : الليف .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن السدي ، عن يزيد ، عن عروة ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة من حديد ، ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن السدي ، عن رجل يقال له يزيد ، عن عروة بن الزبير ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن يزيد ، عن عروة بن الزبير ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن مجاهد ( من مسد ) قال : من حديد .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( في جيدها حبل من مسد ) قال : حبل في عنقها في النار مثل طوق طوله سبعون ذراعا .

وقال آخرون : المسد : الحديد الذي يكون في البكرة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( في جيدها حبل من مسد ) قال : الحديدة تكون في البكرة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حبل من مسد ) قال : عود البكرة من حديد .

حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حبل من مسد ) قال : الحديدة للبكرة . [ ص: 682 ]

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : ثنا المعمر بن سليمان ، قال : قال أبو المعتمر : زعم محمد أن عكرمة قال : ( في جيدها حبل من مسد ) إنه الحديدة التي في وسط البكرة .

وقال آخرون : هو قلادة من ودع في عنقها .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( في جيدها حبل من مسد ) قال : قلادة من ودع .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( حبل من مسد ) قال : قلادة من ودع .

في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : هو حبل جمع من أنواع مختلفة ، ولذلك اختلف أهل التأويل في تأويله على النحو الذي ذكرنا ، ومما يدل على صحة ما قلنا في ذلك قول الراجز :


ومسد أمر من أيانق صهب عتاق ذات مخ زاهق
[ ص: 683 ]

فجعل إمراره من شتى ، وكذلك المسد الذي في جيد امرأة أبي لهب ، أمر من أشياء شتى ، من ليف وحديد ولحاء ، وجعل في عنقها طوقا كالقلادة من ودع; ومنه قول الأعشى :


تمسي فيصرف بابها من دوننا غلقا صريف محالة الأمساد


يعني بالأمساد : جمع مسد ، وهي الحبال .

آخر تفسير سورة تبت

احمد شتيوي
03-06-2014, 07:35 AM
تفسير الطبري » تفسير سورة المسد


القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( تبت يدا أبي لهب وتب ( 1 ) ما أغنى عنه ماله وما كسب ( 2 ) سيصلى نارا ذات لهب ( 3 ) وامرأته حمالة الحطب ( 4 ) في جيدها حبل من مسد ( 5 ) ) .

يقول تعالى ذكره : خسرت يدا أبي لهب ، وخسر هو . وإنما عني بقوله : ( تبت يدا أبي لهب ) تب عمله . وكان بعض أهل العربية يقول : قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) : دعاء عليه من الله .

وأما قوله : ( وتب ) فإنه خبر . ويذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : "تبت يدا أبي لهب وقد تب" . وفي دخول "قد" فيه دلالة على أنه خبر ، ويمثل ذلك بقول القائل لآخر : أهلكك الله ، وقد أهلكك ، وجعلك صالحا وقد جعلك .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( تبت يدا أبي لهب ) : أي خسرت وتب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) قال : التب : الخسران ، قال : قال أبو لهب للنبي صلى الله عليه وسلم : ماذا أعطى يا محمد إن آمنت بك ؟ قال ؟ "كما يعطى المسلمون" ، فقال : مالي عليهم فضل ؟ قال : "وأي شيء تبتغي ؟ " قال : تبا لهذا من دين تبا ، أن أكون أنا وهؤلاء سواء ، فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) يقول : بما عملت أيديهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( تبت يدا أبي لهب ) [ ص: 633 ] قال : خسرت يدا أبي لهب وخسر .

وقيل : إن هذه السورة نزلت في أبي لهب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خص بالدعوة عشيرته ، إذ نزل عليه : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) وجمعهم للدعاء ، قال له أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا دعوتنا ؟

ذكر الأخبار الواردة بذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا ، فقال : "يا صباحاه ! " فاجتمعت إليه قريش ، فقالوا : ما لك ؟ قال : "أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدقونني ؟ " قالوا : بلى ، قال : "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك ، ألهذا دعوتنا وجمعتنا ؟ ! فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) إلى آخرها .

حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا ثم نادى : "يا صبحاه" فاجتمع الناس إليه ، فبين رجل يجيء ، وبين آخر يبعث رسوله ، فقال : "يا بني هاشم ، يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني . . . يا بني أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل" - يريد تغير عليكم - صدقتموني ؟ " قالوا : نعم ، قال : "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا دعوتنا ؟ فنزلت : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) " .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ورهطك منهم المخلصين ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى صعد الصفا ، فهتف : "يا صباحاه" . فقالوا : من هذا الذي يهتف ؟ فقالوا : محمد ، فاجتمعوا إليه ، فقال : "يا بني فلان ، يا بني فلان ، يا بني عبد المطلب ، يا بني [ ص: 677 ] عبد مناف " ، فاجتمعوا إليه ، فقال : "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ؟ " قالوا : ما جربنا عليك كذبا ، قال "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ؟ ثم قام فنزلت هذه السورة : "تبت يدا أبي لهب وقد تب" كذا قرا الأعمش إلى آخر السورة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، في قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) قال : حين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه وإلى غيره ، وكان أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان اسمه عبد العزى ، فذكرهم ، فقال أبو لهب : تبا لك ، في هذا أرسلت إلينا ؟ فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) .

وقوله : ( ما أغنى عنه ماله وما كسب )

يقول تعالى ذكره : أي شيء أغنى عنه ماله ، ودفع من سخط الله عليه ( وما كسب ) وهم ولده . وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل

ذكر من قال ذلك .

حدثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر ، قال : ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن خيثم ، عن أبي الطفيل ، قال : جاء بنو أبي لهب إلى ابن عباس ، فقاموا يختصمون في البيت ، فقام ابن عباس ، فحجز بينهم ، وقد كف بصره ، فدفعه بعضهم حتى وقع على الفراش ، فغضب وقال : أخرجوا عني الكسب الخبيث .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن محمد بن سفيان ، عن رجل من بني مخزوم ، عن ابن عباس أنه رأى يوما ولد أبي لهب يقتتلون ، فجعل يحجز بينهم ويقول : هؤلاء مما كسب .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) قال : ما كسب ولده .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( وما كسب ) قال : ولده هم من كسبه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( وما كسب ) قال : ولده . [ ص: 678 ]

وقوله : ( سيصلى نارا ذات لهب )

يقول : سيصلى أبو لهب نارا ذات لهب .

وقوله : ( وامرأته حمالة الحطب )

يقول : سيصلى أبو لهب وامرأته حمالة الحطب ، نارا ذات لهب . واختلفت القراء في قراءة ( حمالة الحطب ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة والبصرة : "حمالة الحطب" بالرفع ، غير عبد الله بن أبي إسحاق ، فإنه قرأ ذلك نصبا فيما ذكر لنا عنه .

واختلف فيه عن عاصم ، فحكي عنه الرفع فيها والنصب ، وكأن من رفع ذلك جعله من نعت المرأة ، وجعل الرفع للمرأة ما تقدم من الخبر ، وهو "سيصلى" ، وقد يجوز أن يكون رافعها الصفة ، وذلك قوله : ( في جيدها ) وتكون "حمالة" نعتا للمرأة . وأما النصب فيه فعلى الذم ، وقد يحتمل أن يكون نصبها على القطع من المرأة ، لأن المرأة معرفة ، وحمالة الحطب نكرة .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا : الرفع ، لأنه أفصح الكلامين فيه ، ولإجماع الحجة من القراء عليه .

واختلف أهل التأويل ، في معنى قوله : ( حمالة الحطب ) فقال بعضهم : كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليدخل في قدمه إذا خرج إلى الصلاة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ، ليعقره وأصحابه ، ويقال : ( حمالة الحطب ) : نقالة للحديث .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل من همدان يقال له يزيد بن زيد ، أن امرأة أبي لهب كانت تلقي في طريق النبي صلى الله عليه وسلم الشوك ، فنزلت : ( تبت يدا أبي لهب وامرأته حمالة الحطب ) .

حدثني أبو هريرة الضبعي ، محمد بن فراس ، قال : ثنا أبو عامر ، عن قرة بن [ ص: 679 ] خالد ، عن عطية الجدلي . في قوله : ( حمالة الحطب ) قال : كانت تضع العضاه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكأنما يطأ به كثيبا .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) كانت تحمل الشوك ، فتلقيه على طريق نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعقره .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تأتي بأغصان الشوك ، فتطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : قيل لها ذلك : حمالة الحطب ، لأنها كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة ، وتعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : قال أبو المعتمر : زعم محمد أن عكرمة قال ( حمالة الحطب ) : كانت تمشي بالنميمة .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تمشي بالنميمة .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حمالة الحطب ) قال : النميمة .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وامرأته حمالة الحطب ) : أي كانت تنقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة .

وقال بعضهم : كانت تعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تحطب فعيرت بأنها كانت تحطب . [ ص: 680 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تمشي بالنميمة .

وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي ، قول من قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك هو أظهر معنى ذلك .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن عيسى بن يزيد ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زيد ، وكان ألزم شيء لمسروق ، قال : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) بلغ امرأة أبي لهب أن النبي صلى الله عليه وسلم يهجوك ، قالت : علام يهجوني ؟ هل رأيتموني كما قال محمد أحمل حطبا ؟ " ( في جيدها حبل من مسد ) " ؟ فمكثت ، ثم أتته ، فقالت : إن ربك قلاك وودعك ' ، فأنزل الله : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) .

وقوله ( في جيدها حبل من مسد )

يقول في عنقها; والعرب تسمي العنق جيدا ; ومنه قول ذي الرمة :


فعيناك عيناها ولونك لونها وجيدك إلا أنها غير عاطل


وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( في جيدها حبل ) قال : في رقبتها .

وقوله : ( حبل من مسد ) اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : هي حبال تكون بمكة .

ذكر من قال ذلك :

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( في جيدها حبل من مسد ) قال : حبل من شجر ، وهو الحبل الذي كانت تحتطب به .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، [ ص: 681 ] عن ابن عباس ( حبل من مسد ) قال : هي حبال تكون بمكة ; ويقال : المسد : العصا التي تكون في البكرة ، ويقال المسد : قلادة من ودع .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : في قوله : ( حبل من مسد ) قال : حبال من شجر تنبت في اليمن لها مسد ، وكانت تفتل; وقال ( حبل من مسد ) : حبل من نار في رقبتها .

وقال آخرون : المسد : الليف .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن السدي ، عن يزيد ، عن عروة ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة من حديد ، ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن السدي ، عن رجل يقال له يزيد ، عن عروة بن الزبير ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن يزيد ، عن عروة بن الزبير ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن مجاهد ( من مسد ) قال : من حديد .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( في جيدها حبل من مسد ) قال : حبل في عنقها في النار مثل طوق طوله سبعون ذراعا .

وقال آخرون : المسد : الحديد الذي يكون في البكرة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( في جيدها حبل من مسد ) قال : الحديدة تكون في البكرة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حبل من مسد ) قال : عود البكرة من حديد .

حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حبل من مسد ) قال : الحديدة للبكرة . [ ص: 682 ]

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : ثنا المعمر بن سليمان ، قال : قال أبو المعتمر : زعم محمد أن عكرمة قال : ( في جيدها حبل من مسد ) إنه الحديدة التي في وسط البكرة .

وقال آخرون : هو قلادة من ودع في عنقها .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( في جيدها حبل من مسد ) قال : قلادة من ودع .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( حبل من مسد ) قال : قلادة من ودع .

في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : هو حبل جمع من أنواع مختلفة ، ولذلك اختلف أهل التأويل في تأويله على النحو الذي ذكرنا ، ومما يدل على صحة ما قلنا في ذلك قول الراجز :


ومسد أمر من أيانق صهب عتاق ذات مخ زاهق
[ ص: 683 ]

فجعل إمراره من شتى ، وكذلك المسد الذي في جيد امرأة أبي لهب ، أمر من أشياء شتى ، من ليف وحديد ولحاء ، وجعل في عنقها طوقا كالقلادة من ودع; ومنه قول الأعشى :


تمسي فيصرف بابها من دوننا غلقا صريف محالة الأمساد


يعني بالأمساد : جمع مسد ، وهي الحبال .

آخر تفسير سورة تبت

احمد شتيوي
03-06-2014, 07:52 AM
تفسير الطبري » تفسير سورة المسد


[ ص: 672 ] [ ص: 673 ] [ ص: 674 ] [ ص: 675 ] بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( تبت يدا أبي لهب وتب ( 1 ) ما أغنى عنه ماله وما كسب ( 2 ) سيصلى نارا ذات لهب ( 3 ) وامرأته حمالة الحطب ( 4 ) في جيدها حبل من مسد ( 5 ) ) .

يقول تعالى ذكره : خسرت يدا أبي لهب ، وخسر هو . وإنما عني بقوله : ( تبت يدا أبي لهب ) تب عمله . وكان بعض أهل العربية يقول : قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) : دعاء عليه من الله .

وأما قوله : ( وتب ) فإنه خبر . ويذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : "تبت يدا أبي لهب وقد تب" . وفي دخول "قد" فيه دلالة على أنه خبر ، ويمثل ذلك بقول القائل لآخر : أهلكك الله ، وقد أهلكك ، وجعلك صالحا وقد جعلك .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( تبت يدا أبي لهب ) : أي خسرت وتب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) قال : التب : الخسران ، قال : قال أبو لهب للنبي صلى الله عليه وسلم : ماذا أعطى يا محمد إن آمنت بك ؟ قال ؟ "كما يعطى المسلمون" ، فقال : مالي عليهم فضل ؟ قال : "وأي شيء تبتغي ؟ " قال : تبا لهذا من دين تبا ، أن أكون أنا وهؤلاء سواء ، فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) يقول : بما عملت أيديهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( تبت يدا أبي لهب ) [ ص: 633 ] قال : خسرت يدا أبي لهب وخسر .

وقيل : إن هذه السورة نزلت في أبي لهب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خص بالدعوة عشيرته ، إذ نزل عليه : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) وجمعهم للدعاء ، قال له أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا دعوتنا ؟

ذكر الأخبار الواردة بذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا ، فقال : "يا صباحاه ! " فاجتمعت إليه قريش ، فقالوا : ما لك ؟ قال : "أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدقونني ؟ " قالوا : بلى ، قال : "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك ، ألهذا دعوتنا وجمعتنا ؟ ! فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) إلى آخرها .

حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا ثم نادى : "يا صبحاه" فاجتمع الناس إليه ، فبين رجل يجيء ، وبين آخر يبعث رسوله ، فقال : "يا بني هاشم ، يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني . . . يا بني أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل" - يريد تغير عليكم - صدقتموني ؟ " قالوا : نعم ، قال : "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا دعوتنا ؟ فنزلت : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) " .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ورهطك منهم المخلصين ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى صعد الصفا ، فهتف : "يا صباحاه" . فقالوا : من هذا الذي يهتف ؟ فقالوا : محمد ، فاجتمعوا إليه ، فقال : "يا بني فلان ، يا بني فلان ، يا بني عبد المطلب ، يا بني [ ص: 677 ] عبد مناف " ، فاجتمعوا إليه ، فقال : "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ؟ " قالوا : ما جربنا عليك كذبا ، قال "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ؟ ثم قام فنزلت هذه السورة : "تبت يدا أبي لهب وقد تب" كذا قرا الأعمش إلى آخر السورة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، في قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) قال : حين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه وإلى غيره ، وكان أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان اسمه عبد العزى ، فذكرهم ، فقال أبو لهب : تبا لك ، في هذا أرسلت إلينا ؟ فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) .

وقوله : ( ما أغنى عنه ماله وما كسب )

يقول تعالى ذكره : أي شيء أغنى عنه ماله ، ودفع من سخط الله عليه ( وما كسب ) وهم ولده . وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل

ذكر من قال ذلك .

حدثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر ، قال : ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن خيثم ، عن أبي الطفيل ، قال : جاء بنو أبي لهب إلى ابن عباس ، فقاموا يختصمون في البيت ، فقام ابن عباس ، فحجز بينهم ، وقد كف بصره ، فدفعه بعضهم حتى وقع على الفراش ، فغضب وقال : أخرجوا عني الكسب الخبيث .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن محمد بن سفيان ، عن رجل من بني مخزوم ، عن ابن عباس أنه رأى يوما ولد أبي لهب يقتتلون ، فجعل يحجز بينهم ويقول : هؤلاء مما كسب .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) قال : ما كسب ولده .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( وما كسب ) قال : ولده هم من كسبه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( وما كسب ) قال : ولده . [ ص: 678 ]

وقوله : ( سيصلى نارا ذات لهب )

يقول : سيصلى أبو لهب نارا ذات لهب .

وقوله : ( وامرأته حمالة الحطب )

يقول : سيصلى أبو لهب وامرأته حمالة الحطب ، نارا ذات لهب . واختلفت القراء في قراءة ( حمالة الحطب ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة والبصرة : "حمالة الحطب" بالرفع ، غير عبد الله بن أبي إسحاق ، فإنه قرأ ذلك نصبا فيما ذكر لنا عنه .

واختلف فيه عن عاصم ، فحكي عنه الرفع فيها والنصب ، وكأن من رفع ذلك جعله من نعت المرأة ، وجعل الرفع للمرأة ما تقدم من الخبر ، وهو "سيصلى" ، وقد يجوز أن يكون رافعها الصفة ، وذلك قوله : ( في جيدها ) وتكون "حمالة" نعتا للمرأة . وأما النصب فيه فعلى الذم ، وقد يحتمل أن يكون نصبها على القطع من المرأة ، لأن المرأة معرفة ، وحمالة الحطب نكرة .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا : الرفع ، لأنه أفصح الكلامين فيه ، ولإجماع الحجة من القراء عليه .

واختلف أهل التأويل ، في معنى قوله : ( حمالة الحطب ) فقال بعضهم : كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليدخل في قدمه إذا خرج إلى الصلاة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ، ليعقره وأصحابه ، ويقال : ( حمالة الحطب ) : نقالة للحديث .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل من همدان يقال له يزيد بن زيد ، أن امرأة أبي لهب كانت تلقي في طريق النبي صلى الله عليه وسلم الشوك ، فنزلت : ( تبت يدا أبي لهب وامرأته حمالة الحطب ) .

حدثني أبو هريرة الضبعي ، محمد بن فراس ، قال : ثنا أبو عامر ، عن قرة بن [ ص: 679 ] خالد ، عن عطية الجدلي . في قوله : ( حمالة الحطب ) قال : كانت تضع العضاه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكأنما يطأ به كثيبا .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) كانت تحمل الشوك ، فتلقيه على طريق نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعقره .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تأتي بأغصان الشوك ، فتطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : قيل لها ذلك : حمالة الحطب ، لأنها كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة ، وتعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : قال أبو المعتمر : زعم محمد أن عكرمة قال ( حمالة الحطب ) : كانت تمشي بالنميمة .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تمشي بالنميمة .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حمالة الحطب ) قال : النميمة .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وامرأته حمالة الحطب ) : أي كانت تنقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة .

وقال بعضهم : كانت تعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تحطب فعيرت بأنها كانت تحطب . [ ص: 680 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تمشي بالنميمة .

وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي ، قول من قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك هو أظهر معنى ذلك .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن عيسى بن يزيد ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زيد ، وكان ألزم شيء لمسروق ، قال : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) بلغ امرأة أبي لهب أن النبي صلى الله عليه وسلم يهجوك ، قالت : علام يهجوني ؟ هل رأيتموني كما قال محمد أحمل حطبا ؟ " ( في جيدها حبل من مسد ) " ؟ فمكثت ، ثم أتته ، فقالت : إن ربك قلاك وودعك ' ، فأنزل الله : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) .

وقوله ( في جيدها حبل من مسد )

يقول في عنقها; والعرب تسمي العنق جيدا ; ومنه قول ذي الرمة :


فعيناك عيناها ولونك لونها وجيدك إلا أنها غير عاطل


وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( في جيدها حبل ) قال : في رقبتها .

وقوله : ( حبل من مسد ) اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : هي حبال تكون بمكة .

ذكر من قال ذلك :

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( في جيدها حبل من مسد ) قال : حبل من شجر ، وهو الحبل الذي كانت تحتطب به .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، [ ص: 681 ] عن ابن عباس ( حبل من مسد ) قال : هي حبال تكون بمكة ; ويقال : المسد : العصا التي تكون في البكرة ، ويقال المسد : قلادة من ودع .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : في قوله : ( حبل من مسد ) قال : حبال من شجر تنبت في اليمن لها مسد ، وكانت تفتل; وقال ( حبل من مسد ) : حبل من نار في رقبتها .

وقال آخرون : المسد : الليف .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن السدي ، عن يزيد ، عن عروة ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة من حديد ، ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن السدي ، عن رجل يقال له يزيد ، عن عروة بن الزبير ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن يزيد ، عن عروة بن الزبير ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن مجاهد ( من مسد ) قال : من حديد .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( في جيدها حبل من مسد ) قال : حبل في عنقها في النار مثل طوق طوله سبعون ذراعا .

وقال آخرون : المسد : الحديد الذي يكون في البكرة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( في جيدها حبل من مسد ) قال : الحديدة تكون في البكرة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حبل من مسد ) قال : عود البكرة من حديد .

حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حبل من مسد ) قال : الحديدة للبكرة . [ ص: 682 ]

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : ثنا المعمر بن سليمان ، قال : قال أبو المعتمر : زعم محمد أن عكرمة قال : ( في جيدها حبل من مسد ) إنه الحديدة التي في وسط البكرة .

وقال آخرون : هو قلادة من ودع في عنقها .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( في جيدها حبل من مسد ) قال : قلادة من ودع .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( حبل من مسد ) قال : قلادة من ودع .

في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : هو حبل جمع من أنواع مختلفة ، ولذلك اختلف أهل التأويل في تأويله على النحو الذي ذكرنا ، ومما يدل على صحة ما قلنا في ذلك قول الراجز :


ومسد أمر من أيانق صهب عتاق ذات مخ زاهق
[ ص: 683 ]

فجعل إمراره من شتى ، وكذلك المسد الذي في جيد امرأة أبي لهب ، أمر من أشياء شتى ، من ليف وحديد ولحاء ، وجعل في عنقها طوقا كالقلادة من ودع; ومنه قول الأعشى :


تمسي فيصرف بابها من دوننا غلقا صريف محالة الأمساد


يعني بالأمساد : جمع مسد ، وهي الحبال .

آخر تفسير سورة تبت

الصح
03-06-2014, 08:29 PM
متابع معك اخي احمد

مجهود مثمن ما تقوم به
جزاك الله خير
و نفع بك .

احمد شتيوي
03-07-2014, 06:35 AM
سورة النصر

http://www11.0zz0.com/2014/03/07/06/580059369.gif



تفسير السعدي


" إذا جاء نصر الله والفتح "

إذا تم لك -يا محمد- النصر على كفار قريش, وتم لك فتح (مكة).

" ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا "

ورأيت الكثير من الناس يدخلون في الإسلام جماعات جماعات.

" فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا "

إذا وقع ذلك فتهيأ للقاء ربك بالإكثار من التسبيح بحمده والإكثار من استغفاره, إنه كان توابا على المسبحين والمستغفرين, يتوب عليهم ويرحمهم ويقبل توبتهم.

احمد شتيوي
03-07-2014, 06:39 AM
سورة النصر مدنية ، آياتها 3 نزلت بعد التوبة و هى آخر ما نزل من السور


و تسمى سورة التوديع ، عن ابن عباس قال : لما نزلت ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) ،


قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نعيت إليّ نفسي " .


1. إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ


أي : إذا جاءك يا محمد نصر الله على من عاداك ؛ و هم قريش ، و فتح عليك مكة ،


و النصر : هو التأييد الذي يكون به قهر الأعداء و غلبهم و الاستعلاء عليهم ،


و الفتح : هو فتح مساكن الأعداء و دخول منازلهم و فتح قلوبهم لقبول الحق .



2. وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا



أي : جماعات فوجًا بعد فوج ، فإنه لما فتح رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة ،


قال العرب : أما إذا ظفر محمد بأهل الحرم ، و قد أجارهم الله من أصحاب الفيل ، فإنه على الحق ، و ليس لكم عليه قدرة ،


فكانوا يدخلون في الإسلام جماعات ، بعد أن كانوا يدخلون فرادى ، فصارت القبيلة بأسرها تدخل في الإسلام .



3. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا


" فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ " : فيه الجمع بين تسبيح الله ، المؤذن بالتعجب ممّا يسره الله له مما لم يكن يخطر بباله


و لا بال أحد من الناس ، و بين الحمد له على جميل صنعه له و عظيم منته عليه بالنصر و الفتح لأم القرى


و دخول الناس في الإسلام أفواجًا .


" وَاسْتَغْفِرْهُ " : أي : اطلب منه المغفرة لذنبك تواضعًا لله ، و استقصارا لعملك .



" إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " : أي : من شأنه التوبة للمستغفرين له ، يتوب عليهم و يرحمهم بقبول توبتهم .



أخرج البخاري و غيره عن ابن عباس ، قال في هذه السورة : هو أجل رسول الله صلى الله عليه و سلم أعلمه الله له ،


قال : ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) فذلك علامة أجله ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) .

احمد شتيوي
03-07-2014, 06:43 AM
التفسير المطول - سورة النصر 110-الدرس (1-1): تفسير الآيآت 1 -3 نعي الرسول الكريم. .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1985-07-2


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
في هذه السورة نَعْيُ النبي عليه الصلاة والسلام :
السورة الثانِيَة هي قوله تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ*وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾
يُرْوى أنَّ سَيِّدنا عمر كان يُعَظِّمُ سيِّدنا ابن عباس وكان غُلاماً، عندنا أربعة عبد الله وكلهم صحابة، عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزُّبَيْر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، رضِيَ لله عنهم:
((وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي أَوْ عَلَى مَنْكِبِي شَكَّ سَعِيدٌ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ))
[أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ]
مَرَّةً دعا عمر رضي الله عنه كُبَراء القوْم وسألهم عن هذه السورة، ويَبْدو أنَّهم لم يرْتاحوا لِتَعْظيم أمير المؤمنين لابن عباس، وهو فتىً صغير؛ يسْتشيرُهُ ويسْألُهُ في حَضْرَتِهم، فَعاتَبوهُ مَرَّةً فقال لهم: ما تقولون في هذه السورة؟ قال تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾
فقالوا جميعاً: إنَّ الله سبحانه وتعالى يُبَشِّرُ نَبِيَّهُ بِالفَتْح والنَّصْر، فقال عمر حينها: قُل يا ابن عَباس؟ فقال: في هذه السورة نَعْيُ النبي عليه الصلاة والسلام.
النبي عليه الصلاة والسلام حينما أُنْزِلَتْ عليه هذه السورة شَعَر بِدُنُوِّ أجله :
يُرْوى أنَّ سيَّدنا عمر بن عبد العزيز دخل عليه وَفْدٌ، وكان من الحِجاز، يتَقَدَّمُهُم غُلامٌ لا تزيدُ سِنُّه عن إحْدى عشرة سنة، فَغَضِبَ سيّدنا عمر، وعدَّ هذا إهانَةً له - طبْعاً دخل هذا الغُلام لِيَتَكَلَّم عنهم - فقال: اِجْلس أيها الغُلام، ولْيَقُم من هو أكبر منك سِناً، فَتَبَسَّمَ هذا الغُلام وقال: أصْلَحَ الله الأمير، المَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ؛ قلبِهِ ولِسانِه، فإذا وَهَبَ الله العَبْد لِساناً لافِظاً وقَلْباً حافِظاً فقد اسْتَحَقَّ الكلام، ولو أنَّ الأمْر كما تقول: لَكَان في الأُمَّة من هو أحَقُّ منك بِهذا المَجْلِس!
ويُرْوى أنَّ أحَدَ الخُلفاء الأمَوِيِّين دخل عليه وَفْدٌ من البادِيَة يَتَقَدَّمُهُ غُلام، فَغَضِبَ أيْضاً، فقال الأمير لِحاجِبِهِ: ما شاء أَحَدٌ أنْ يدْخُل عليَّ إلاّ دخل، حتَّى الصِّبْيان؟! فقال هذا الصَبِيُّ الناشئ: أصْلَحَ الله الأمير، إنَّ دُخولي عليك لم يُنْقِص من قَدْرك ولكنَّهُ شَرَّفَني، أيُّها الأمير، أصابتنا ثلاثُ سنين؛ سَنَةٌ أذابَتْ الشَّحْم، وسَنَة أَكَلَت اللَّحْم، وسنةٌ دَقَّتِ العَظْم، وفي أيْديكم أمْوال، فإنْ كانت لله فعلامَ تَحْبِسونها عن عِبادِهِ، وإنْ كانت لكم فَتَصَدَّقوا بها علينا، وإنْ كانت لنا فعلامَ تمْنَعوننا إياها، فقال هذا الخليفة - وأظنُّه هشام بن عبد الملك -: ما ترك لنا هذا الغُلام في واحِدَةٍ عُذْراً، فقوله تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾
لقد انْتَهت مُهِمَّةُ النبي عليه الصلاة والسلام، والعظماء لا يأكلون لِيَشْبعوا مثْلنا، بل يعيشون لِرِسالَةٍ عظيمة، فإذا أدَّوْها انْتَهَتْ مُهِمَّتُهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام حينما أُنْزِلَتْ عليه هذه السورة شَعَر بِدُنُوِّ أجله، فأسَرَّ إلى فاطِمة الزهْراء وقال لها: لقد دَنَتْ مَنِيَّتي، فَبَكَتْ، فقال لها: أنتِ أوَّلُ من يلْحَقُ بي فَضَحِكَتْ!
تَوَفى عليه الصلاة والسلام ولم يُبْقِ من الدنيا شيئاً :
النبي الكريم هكذا فَسَّر لنا هذه السورة؛ وهو أنَّ أجَلَهُ قد دنا واقْتَرَب، وحان مَوْعِدُ اللِّقاء، لذلك:
((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: إِنَّ عَبْداً خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ إِلَّا خُلَّةَ الْإِسْلَامِ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ ))
[البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ]
فعَلِمَ هذا الصِدِّيق أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام يَنْعى نَفْسَهُ، يَرْوي التاريخ أنَّ رجُلاً وقف وقال له: يا رسول الله لي عندك ثلاثة دراهم! قال: أين ومتى؟ فقال: في الوَقْت الفُلاني، كَلَّفْتني أن أُعْطِيَها لِفَقير، فقال له: يا فُلان أَعْطِهِ هذه الدراهم، ثمَّ قام واحِدٌ ممنْ يسْمع هذا الكلام وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنِّي مُنافقٌ كذاب! فَوَقَفَ عُمَرُ غاضِباً، وقال: وَيْحَكَ يا رَجُل فَضَحْتَ نفْسَكَ، فقال عليه الصلاة والسلام: دعْه يا عمر، فإنَّ فُضوح الدنيا خير من فُضوح الآخرة، فاللَّهُمَّ ألْهِمْهُ الصِّدْق والرشاد، ولقد تَوَفى عليه الصلاة والسلام ولم يُبْقِ من الدنيا شيئاً، وقال له مرة وقد جاء بكل ماله: يا أبا بكر، ماذا أبْقَيْتَ لِنَفْسِك فقال: الله ورسوله - هذه أكبر ذخيرة - قال تعالى:
﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾
[سورة البقرة: 197 ]
أما الآن فتجد المرءَ عند الوفاة ترك أموالاً منقولة وغير منقولة ودولارات وسيارات وبُيوتاً، وأين هو؟! في القَبْر.
إذا عَزَوْتَ النصْر لِغَيْر الله فأنت مُشْرك :
(إذَا) في قوله تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾
(إذَا) أداةُ شَرْط تُفيدُ تَحَقُّقَ الوُقوع، أيْ إنَّ نصْر الله تعالى والفتْح لا مَحَالَةَ آتٍ، أما إذا قال الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾
[سورة الحجرات: 6 ]
فهذا مع استعمال (إنْ) قد يأتي، وربما لا يأتي، أما قوله تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾
فلا بدّ أن يأتيَ نصْرُ الله والفَتْح، الآن قوله:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾
إذا عَزَوْتَ النصْر لِغَيْر الله فأنت مُشْرك، قال تعالى:
﴿ الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴾
[سورة الروم: 1-3 ]
عَزْوُ النَّصْر في لحْظةٍ من لحَظات حَياتِك إلى غير الله فهذا هو الشِّرْك بعينه، فهو الذي ينْصر، وهو الذي يخْذل.
الله تعالى وَعَدنا بالاسْتِخلاف والتمْكين في الأرض والأمن شَرْطَ عِبادَتِه :
قال تعالى:
﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾
[سورة الرعد: 11 ]
لكن نصْرُهُ ليس جُزافاً قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾
[سورة محمد: 7 ]
عَمَلِيَّة مَشْروطة، فإنْ نَصَرْتُموهُ بِطاعَتِكم له، نَصَرَكم النصر الحقيقي، قال تعالى:
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
[سورة النور: 55 ]
الاسْتِخْلاف والتمْكينُ في الأرض، وعدمُ الخوف والشُّعور بالأمن، ثلاثة وُعودٍ قطعها الله على نفسه إنْ عَبَدْناه، فإنْ لم نَعْبُدْهُ فهُو تعالى في حِلِّ من هذه الوُعود الثلاثة، فالله تعالى وَعَدنا بالاسْتِخلاف والتمْكين في الأرض، والأمن شَرْطَ عِبادَتِه.
الإيمان بعد النَّصْر سَهْلٌ وأَجْرُهُ قليل لكنَّهُ في زَمَن العُسْرة بُطولة :
هذا النَّصْر هو نصْرُ الله، أما قولهُ: والفتْح، الإنسان قد ينْتَصِر لِأيام ثمَّ ينْهَزِم، أما نصْرُ الله عز وجل فهُوَ مُسْتَقِرّ، فالفتْح هو اسْتِقْرار النَّصْر، فأنت قد تتقَدَّم وتفْتَحُ هذه البِلاد، وكلمة (فَتْح) تعْني فَتْح مكَّة بِكُلِّ تأكيد، لكنَّها مُطْلَقَة، قال تعالى:
﴿ وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً ﴾
[سورة الفتح: 3 ]
أما اليهود فلا ينْتَصِرون إلا بِحَبْلٍ من الناس، فلا بدّ لهم من دَعْم ومَعونات، لكِنَّ الله سبحانه وتعالى نَصْرُهُ مُؤَزَّرٌ، وعجيب، وعزيز، لا خِذْلان بعْدهُ. قال تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ*وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾
في الحقيقة من السَّهْل أنْ تُؤْمِن إذا عَمَّ الإسْلام الأرض، وإذا أصْبح الإسْلام قَوِياً، لكنَّ البُطولة أن تؤمن في ساعة العُسْرة، فأجْرُ الذي يُؤْمن وكُلُّ العالم ضَدَّ الإسْلام؛ هذا له أجْرٌ كبيرٌ، فَمَتى أقْبل الناسُ عليه؟ (إذا جاء نصْرُ الله والفتْح)، عندها ترى الناس يدْخُلون في دين الله أفْواجاً، لذلك بعض المذاهب الفِكْرِيَّة حينما كانت ضعيفة، فالذين اعْتَنقوها حالَ ضعفها وفي بدايتها كانت لهم مكانة كُبْرى، فإذا أصْبَحَتْ قَوِيَّة فإنَّ الذين يدْخُلون فيها لا قيمة لهم، فاعْتِناقُ المذْهب وهو في ضَعْفِهِ؛ هذا إيمانٌ كبير، لذلك هؤلاء الذين اتَّبعوا النبي عليه الصلاة والسلام في ساعة العُسْرة؛ كسيّدنا الصِدِّيق لهم مكانتهم في الإسلام، فأبو سُفْيان أسْلم ودخل الإسْلام ووقف على باب عُمَر ساعات طويلة فلم يُؤْذَن له، وبِلال وصُهَيْب يدْخُلان بلا اسْتِئذان فَعَظُمَ ذلك عنده، وعاتَبَ عمر بن الخطاب، وقال: زعيمُ قُرَيْش أبو سُفيان يقِفُ في بابك ساعاتٍ طِوالاً، وبِلال وصُهَيْب يدْخُلان بلا اسْتِئذان! فقال له كلمة واحدة: وهل أنت مثلُهما؟! هؤلاء اتَّبَعوه في ساعة العُسْرة، واضْطَهَدَهُم المُشْركون وعذَّبوهم، وكانوا يَضَعون الصَّخْرة على صدْر بِلال ويقول: أحَدٌ أحد، جاء الصِدِّيق واشْتراهُ من أُمَيَّة بن خَلَف، وقال له: والله لو دفَعْتَ به درْهما لَبِعْتُكَهُ، فقال له الصدِّيق: أما إنك لو طلبْتَ مئة ألف لَاَعْطَيْتُكَها! نَقَدَهُ الثَّمَن، ووضَعَ يدهُ تحت إبْطِهِ؛ رَمْزَ الأخوة في الدِّين، مع أن بلالاً عبدٌ حَبَشي، وسيّدنا الصِدِّيق من كُبراء قُرَيْش، ورغم هذا قال: هذا أخي في الله، فَكان الصحابة إذا ذكروا الصِدِّيق قالوا: هو سيِّدُنا وأعْتَقَ سَيّدنا، وكان سيدنا عمر يخْرج إلى ظاهر المدينة لاسْتِقْبال بلالٍ الحَبَشي إذا قدِم من سفر، لذلك فإنّ الإيمان بعد النَّصْر سَهْلٌ، وأَجْرُهُ قليل، لكنَّهُ في زَمَن العُسْرة بُطولة.
إنْ أصبح المعْروف منكراً والمنكر معْروفاً فهذا زَمَنٌ صَعْب ٌ:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَى إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ فَقَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ثُمَّ قَالَ: وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا أخواننا، قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا بإخوانك؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَأخواني الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ مِنْ أُمَّتِكَ بَعْدُ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً كَانَ لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ خَيْلٍ بُهْمٍ دُهْمٍ أَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقاً سُحقاً ))
[أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]
كيفَ بكم إنْ أصبح المعْروف منكراً والمنكر معْروفاً، هذا زَمَنٌ صَعْبٌ، فلذلك قال تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ*وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾
إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نبيهاً، فلما انتهى المَجْلس قال: من الرجل؟ فقال عَدِيُّ بن حاتم - ملِكٌ من ملوك الغساسِنَة الشامِيِّين - فانْطَلق به ورَحَّب به إكْراماً له، وفي الطريق اسْتَوْقَفَتْهُ امْرأةٌ ضعيفة، فَوَقَفَ معها كثيراً يُكَلِّمُها في حاجَتِها، فقُلْت في نفْسي - القائل عديّ -: ما هذا بِأَمْر ملِك! فلما دَخَلْتُ بيْتَهُ، دَفَعَ إلَيَّ وِسادَةً من أدَمٍ مَحْشُوَّةً ليفاً، ويبْدو أنَّه ليس في بيْتِه غيرها! وقال: اجْلس عليها، فقلتُ: بل أنت، فقال: بل أنت، فَجَلَسْتُ عليها وجلس هو على الأرض فقال: إيهِ يا عَدِيَّ بن حاتم، ألمْ تكُ رُكوسِياً؟ فقال: بلى، فقال: أَوَلَمْ تسِرْ في قَوْمِك بالمِرْباع، فقال: بلى، فقال: فإنَّ ذلك لم يكُن يَحِلُّ لك في دينك! فقال عَدِيّ: حينها علِمْتُ أنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسل يعْلمُ ما نجْهَل، ثمَّ قال لي: إيهِ يا عَدِيَّ بن حاتِم لَعَلَّهُ ما يمْنَعُك من دُخولٍ في هذا الدِّين أنَّك ترى أنَّ المُلْك والسُّلْطان في غَيْرِهم! وأيم الله، لَيوشِكَنَّ أنْ تسْمع بالمرأة البابِلِيَّة تَحُجُّ البيتَ على بعيرِها لا تخاف - من بابل إلى مَكَّة كُلُّها تُصْبح للمُسْلمين - ثمَّ قال له: ولَعَلَّهُ يمْنَعُك من دُخولٍ في هذا الدِّين ما ترى من حاجَتِهِم - أيْ فُقَراء - وَأيْمُ الله لَيُوشِكَنَّ المال أن يفيضَ فيهم حتى لا يوجد من يأخُذَهُ، في عَهْد سيّدنا عمر جيء بالغنائِم، ووُضِعَت على الأرض، ووقف فارسان طويلان وأمْسَكا بَيَدَيْهِما رُمْحَيْهِما، ورفعا رُمْحَيْهِما ورُمْحَ أحدهما كُلُّهُ ذهبٌ وفِضَّة. سيّدنا عمر بن عبد العزيز، في عهْدِهِ جمع الزكاة، وأذاع في الناس: إنَّهُ من كان فقيراً فَلْيَتَقَدَّم لِيَأخذ حاجَتَهُ، فَلَم يتَقَدَّم أحد، ثمَّ قال: من كان مُغْرماً فَلْيَتَقَدَّم، فلم يتقدَّم أحد! فلقد مَرَّ على الأمَّة الإسلامِيَّة حينٌ من الدَّهْر اكْتفى الناس.
ثمَّ قال لِعِديّ: ولعلّ ما يمْنعك من دُخولٍ في هذا الدِّين: ما ترى من كَثْرة عَدُوِّهم- من كُلِّ حدْب وصوب- وَأيْمُ الله، لَيُوشِكَنَّ أنْ تسْمع بالقُصور البابِلِيَّة مُفَتَّحَةً للعَرَب، فقالوا: لقد عاشَ عدِيّ بن حاتِم حتى رأى بابل مُفَتَّحَةً للمُسْلمين، وحتى رأى المرأة تَحُجُّ على بعيرها لا تخاف، وحتى رأى أنَّ المال قد فاض فيهم.
إنْ آمنتَ بالله واقْتَنَعْتَ بالإسلام وطَبَّقْتَهُ في زَمَنٍ الإسْلام فيه ضعيف فأنت البطل :
حينما يأتي نصْر الله والفتْح فالإيمان بالله سهْلٌ جداً، ولكنَّ البُطولة أنْ تؤمن بالله والأعْداءُ كُثُر، وأن تؤمن بالله والأموال في أيديهم قليلة، وأنَّك ترى الملك والسلطان في غيرهم، إنْ آمنتَ بالله واقْتَنَعْتَ بالإسلام، وطَبَّقْتَهُ في زَمَنٍ الإسْلام فيه ضعيف، فأنت البطل:
ليس من يقْطع الطرُق بطلاً إنما من يؤمن بالله البطل
* * *
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ*وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾
قبل أنْ نخرج من هذه الآية:
(( روى أحمد في المسند عَنْ جَارٍ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ فَجَاءَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُسَلِّمُ عَلَيَّ فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ عَنِ افْتِرَاقِ النَّاسِ وَمَا أَحْدَثُوا فَجَعَلَ جَابِرٌ يَبْكِي ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً وَسَيَخْرُجُونَ مِنْهُ أَفْوَاجاً ))
[أحمد عن جابر رضي الله عنه ]
ففي رمضان لا ترى من هو صائِم، مُعْظمُهم يأكلون، والمطاعِم مفْتوحة، كما دخلوا فيه أفْواجاً يَخْرجون منه أفْواجاً، طبْعاً المُلْهِيات والفِتَن والاختِلاط وكَسْب المال الحرام؛ هذا أمْرٌ شاع بين الناس، فإذا شاع الكَسْبُ الحرام والاخْتِلاط فماذا بقِيَ من الدِّين؟ فما هو الانْحِلال؟إنّه كَسْب مالٍ بالحرام، وانْحِلال أخْلاقي، فإذا توافر هذان الوَصْفان ماذا بَقِيَ من الدِّين؟ الصلاة لا قيمة لها، الصِّيام الشَّكْلي لا قيمة له، الحجُّ والعمرة أُفرِغا من مضمونهما، وأصبح الناس هَمُّهم الدِّرْهم والدِّينار، وهَمُّهم بطونهم، وفروجهم، وشَهواتِهم، قال تعالى:
﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾
والحمد لله رب العالمين

احمد شتيوي
03-07-2014, 07:45 AM
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد

العنودالشمريه
03-15-2014, 12:35 AM
جزاك الله خير