رقة احساس
07-20-2014, 03:24 AM
][ثمرات الأبتلاء .. عبد الله السلوم .. ][
1- بيّن الشيخ أن الدنيا دار أكدار لا تكاد تصفو لأحد 2- ثم بيّن ما يتسلّى به المصاب فذكر الصبر والصلاة ومعرفة حقارة الدنيا وأنها دار بلاء وأن عليه أن يتذكر نعم الله عليه ويُكثر من ذكر الله تعالى ويعلم أن هذا البلاء بقدر من الله 3- ثم ذكر ثمرة البلاء
الخطبة الأولى
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل والإستعداد في هذه الدنيا لما أمامنا والتزود والمسارعة إلى الخيرات، فلا نجاة ولا فلاح إلا لمن جاهد نفسه وراغمها وصابر، وتذوق مرارة مخالفة النفس، وصبر محتسباً راضياً بقضاء الله وقدره.
أيها المسلمون: إن هذه الدنيا هي دار المصائب والشرور وليس فيها لذةُ إلا وهي مشوبة بالكدر، فإن عمارتها وإن حسنت فهي إلى الخراب، وإقبالها إلى أدبار، فهل ينتظر الصحيح فيها إلا السقم، والكبير والموجود إلا العدم.
وقيل: العجب كل العجب لمن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع، وقد قيل:
طبعت علـى كـدر وأنت تريدها صفواً من الأكـدار
ومكلف الأيام فوق طباعها متطلب في الماء جذوة نار
فتبارك الذي خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملاً، نجعل للذين أحسنوا الدرجات وللذين أساءوا الدركات، على ذا مضى الناس إجتماع وفرقة، ميت ومولود، وبشر أحزان، فالدنيا لاتخلوا من بلية ولاتصفو من محنة وزرية قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif (http://forums.roro44.com) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال القرطبي رحمه الله: المصيبة هي كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه، وقد جعل الله عز وجل كلمات الإسترجاع http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) انا لله وانا إليه راجعون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) جعلها ملجأً وملاذاً لذوي المصائب وعصمة للممتحنين من الشيطان لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة، قال عمر بن الخطاب http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com): (نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين، ويعني بالعدلين: الصلاة والرحمة وبالعلاوة الهدى)، http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com)، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) يقول: ((ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما آمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها)) فلما مات ابوسلمة قلت أي المسلمين خير من ابي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسوله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com).
عباد الله: قال ابن القيم: ومما يتسلى به المصاب الصبر على البلوى فإن الصبر جواد لا يكبو، وصارم لا ينبو، وجند غالباً لا يهزم وحصن حصين لا يهزم، فالنصر والصبر أخوان شقيقان، وقد مدح الله في كتابه الصابرين فقال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) وأخبر أنه معهم فقال: واصبروا إن الله مع الصابرين، وأخبر أن الصبر خير لأهله http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) ولئن صبرتم لهو خيرُ للصابرين http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) وجعل الفوز بالجنة والنجاة من النار لا يحظى به إلا الصابرون المحتسبون http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com).
وعن أبي سعيد الخدري http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com) إن رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال: ((ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر))، وعن أبي هريرة http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com) إن رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال: ((من يرد الله به خيراً يصب منه)).
ومما يتسلى به المصاب أن يعرف ما كان يفعله الصحابة والسلف الصالحون إذا نزلت بهم المصائب، فهذا ابن عباس http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com) نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر فأسترجع ثم تنحى عن الطريق، فأناخ ثم صلى ركعتين، فأطال فيها الجلوس ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) وأستعينوا بالصبر والصلاة http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) ومات لرجل من السلف ولد فعزاه الناس وهو في حزن شديد حتى جاءه الفضيل بن عياض فقال: ياهذا لوكنت في سجن أنت وإبنك فأفرج عن إبنك قبلك أما كنت تفرح؟ قال: بلى، قال: فإن إبنك خرج من سجن الدنيا قبلك فسري عن الرجل.
ولما أرادوا قطع رجل عروة بن الزبير قالوا له: لو سقيناك شيئاً كي لا تنفر قال: إنما ابتلاني ليرى صبري.
ومما يتسلى المصاب عن ألم المصيبة أن يتذكر نعم الله وهي أكثر من أن تحصى http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com).
ومن أعظم هذه النعم أن يتذكر كيف هداه الله للإسلام وجعله من أمة خير الأنام http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) ثم يتذكر نعمة السمع والبصر والسلامة من العلل والآفات.
ومما يتسلى به المصاب أن يعلم إن الدنيا دار بلاء وامتحان وهي سجن المؤمن وجنة الكافر، قال ابن الجوزي رحمه الله: ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تخلق الأمراض والأكدار ولم يضيق العيش على الأنبياء والأخيار، ولقد لزق بهم البلاء وعدموا الراحة، فآدم يعاني المحن إلى أن خرج من الدنيا، وابراهيم يكابد النار وذبح الولد، ويعقوب يبكي حتى ذهب البصر، وموسى يقاسي فرعون ويلقى من قومه المحن، وعيسى لا مأوى له إلا البر، في العيش الضنك، ومحمد http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) يصابر الفقر وفرق الزوجة وقتل من يحبه.
فلا تجزع من البلوى فأنت في وطنها، فالصبر الصبر، ولكن ليس صبر البهائم، بل صبر بدون جزع وضجر، ولكن صبر احتساب وتسليم والرضا بقضاء الله متطلعاً إلى العوض من الله إلى الجزاء، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، قال علي بن أبي طالب http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com): (من رضي بقضاء الله جرى عليه، وكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وحبط عمله)، فقضاء الله نافذ وأمره واقع، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولكن العبد هو الذي يربح أو يخسر بحسب رضاه أو سخطه، فالرضا هو باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العابدين، والجزع لايرد المصيبة بل يضاعفها حيث يشمت به أعداؤه ويسوء اصدقاءه ويغضب ربه ويسر شيطانه ويحبط أجره ويضعف نفسه، وفي الترمذي مرفوعاً إلى النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com): ((يود ناس لو أن جلودهم كانت تقرص بالمقاريض لما يرون من ثواب أهل البلاء)).
ومما يتسلى به المصاب أن يجعل مكان الأنين والشكوى إلى الخلق ذكر الله تعالى والإستغفار والشكوى إلى الله الواحد القهار، وقد رأى أحد الصالحين أخاه يشكو إلى الخلق فقال له: يا هذا مازدت على إن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك. والشكوى إلى الله لاتنافي الصبر قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) إنما أشكو بثي وحزني إلى الله http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) وقال عنه أيوب: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com).
ومما يتسلى به المصاب أن يوطن نفسه على أن كل مصيبة تأتيه فإنما هي بإذن الله عز وجل وقضائه وقدره فيرضى لها ويسلم قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال علقمة: هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى، وقال http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com): ((إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)).
ثم ليعلم العبد إن الله لم يقدر عليه المصائب ليهلكه بها ولا ليعذبه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه وشكره وابتهاله ودعاءه، فإن وفق لذلك ربح ربحاً عظيماً، وإن خذل خسر خسراناً مبيناً، والمصيبة كير العبد الذي يسبك بها حاصله، فإما أن يخرج ذهباً أحمر أو خبثاً كله، فإن لم ينفعه هذا الكير في الدنيا فبين يديه الكير الأعظم: نار الله الحامية يوم القيامة، ولاشك أن كير الدنيا خير له من ذلك الكير، وإنه لابد من أحد الكيرين فليعلم المصاب قدر نعمة الله عليه في الكير العاجل، وقد أقتضت حكمة الله في خلقه أن يعرضهم للاختبار حباً بهم ورعايته لهم، فيسوق إليهم الرحمة في أثناء المصيبة ليهتدي الضال وينتبه الغافل وتقوم الحجة على الكافرين قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif (http://forums.roro44.com) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال ابن القيم رحمه الله: إذن فالاختبار ليس عن جهله سبحانه بعبده، ولكن حكمة ذلك في كشف من يدعي الإيمان لنفسه وتجربته أمام عينيه، فيسقط الوهم في أنه عميق الإيمان.
أما الكاذبون فيختبرهم سبحانه ليعيدهم إلى الإيمان تائبين متذكرين نادمين، فإن لم يتوبوا ولم يتذكروا عراهم أمام الناس وخلص صفوف المؤمنين منهم، فالإبتلاء يزيد رجال الإيمان نضوجاً وصلابة، والدعاةَ الصادقين عمقاً وثباتاً، فهو ليس شراً بالمؤمنين أبداً لأنه خير يسوقه الله لعباده ليعودوا إليه بعزة الإيمان، ويعودوا إلى ربهم ضارعين يلجأون إليه بقلوب مرتبطة به تذكره وتشكره وتلهج بذكره قوية بالله ثابتة على دينه واعية إليه، لأن الله جل جلاله يريد ذلك منهم، عن صهيب بن منان رضي الله عنه قال: قال رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com): ((عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)) [رواه مسلم].
اللهم اجعلنا ممن إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر، وإذا أذنب استغفر، اللهم ارزقنا الرضا بقضائك وقدرك، وأجرنا على مصائبنا وارزقنا الاحتساب إبتغاء لوجهك الكريم يا أرحم الراحمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وأتوب إليه، وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات فتوبوا إلى ربكم واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
1- بيّن الشيخ أن الدنيا دار أكدار لا تكاد تصفو لأحد 2- ثم بيّن ما يتسلّى به المصاب فذكر الصبر والصلاة ومعرفة حقارة الدنيا وأنها دار بلاء وأن عليه أن يتذكر نعم الله عليه ويُكثر من ذكر الله تعالى ويعلم أن هذا البلاء بقدر من الله 3- ثم ذكر ثمرة البلاء
الخطبة الأولى
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل والإستعداد في هذه الدنيا لما أمامنا والتزود والمسارعة إلى الخيرات، فلا نجاة ولا فلاح إلا لمن جاهد نفسه وراغمها وصابر، وتذوق مرارة مخالفة النفس، وصبر محتسباً راضياً بقضاء الله وقدره.
أيها المسلمون: إن هذه الدنيا هي دار المصائب والشرور وليس فيها لذةُ إلا وهي مشوبة بالكدر، فإن عمارتها وإن حسنت فهي إلى الخراب، وإقبالها إلى أدبار، فهل ينتظر الصحيح فيها إلا السقم، والكبير والموجود إلا العدم.
وقيل: العجب كل العجب لمن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع، وقد قيل:
طبعت علـى كـدر وأنت تريدها صفواً من الأكـدار
ومكلف الأيام فوق طباعها متطلب في الماء جذوة نار
فتبارك الذي خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملاً، نجعل للذين أحسنوا الدرجات وللذين أساءوا الدركات، على ذا مضى الناس إجتماع وفرقة، ميت ومولود، وبشر أحزان، فالدنيا لاتخلوا من بلية ولاتصفو من محنة وزرية قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif (http://forums.roro44.com) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال القرطبي رحمه الله: المصيبة هي كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه، وقد جعل الله عز وجل كلمات الإسترجاع http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) انا لله وانا إليه راجعون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) جعلها ملجأً وملاذاً لذوي المصائب وعصمة للممتحنين من الشيطان لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة، قال عمر بن الخطاب http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com): (نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين، ويعني بالعدلين: الصلاة والرحمة وبالعلاوة الهدى)، http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com)، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) يقول: ((ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما آمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها)) فلما مات ابوسلمة قلت أي المسلمين خير من ابي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسوله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com).
عباد الله: قال ابن القيم: ومما يتسلى به المصاب الصبر على البلوى فإن الصبر جواد لا يكبو، وصارم لا ينبو، وجند غالباً لا يهزم وحصن حصين لا يهزم، فالنصر والصبر أخوان شقيقان، وقد مدح الله في كتابه الصابرين فقال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) وأخبر أنه معهم فقال: واصبروا إن الله مع الصابرين، وأخبر أن الصبر خير لأهله http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) ولئن صبرتم لهو خيرُ للصابرين http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) وجعل الفوز بالجنة والنجاة من النار لا يحظى به إلا الصابرون المحتسبون http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com).
وعن أبي سعيد الخدري http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com) إن رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال: ((ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر))، وعن أبي هريرة http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com) إن رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال: ((من يرد الله به خيراً يصب منه)).
ومما يتسلى به المصاب أن يعرف ما كان يفعله الصحابة والسلف الصالحون إذا نزلت بهم المصائب، فهذا ابن عباس http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com) نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر فأسترجع ثم تنحى عن الطريق، فأناخ ثم صلى ركعتين، فأطال فيها الجلوس ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) وأستعينوا بالصبر والصلاة http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) ومات لرجل من السلف ولد فعزاه الناس وهو في حزن شديد حتى جاءه الفضيل بن عياض فقال: ياهذا لوكنت في سجن أنت وإبنك فأفرج عن إبنك قبلك أما كنت تفرح؟ قال: بلى، قال: فإن إبنك خرج من سجن الدنيا قبلك فسري عن الرجل.
ولما أرادوا قطع رجل عروة بن الزبير قالوا له: لو سقيناك شيئاً كي لا تنفر قال: إنما ابتلاني ليرى صبري.
ومما يتسلى المصاب عن ألم المصيبة أن يتذكر نعم الله وهي أكثر من أن تحصى http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com).
ومن أعظم هذه النعم أن يتذكر كيف هداه الله للإسلام وجعله من أمة خير الأنام http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) ثم يتذكر نعمة السمع والبصر والسلامة من العلل والآفات.
ومما يتسلى به المصاب أن يعلم إن الدنيا دار بلاء وامتحان وهي سجن المؤمن وجنة الكافر، قال ابن الجوزي رحمه الله: ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تخلق الأمراض والأكدار ولم يضيق العيش على الأنبياء والأخيار، ولقد لزق بهم البلاء وعدموا الراحة، فآدم يعاني المحن إلى أن خرج من الدنيا، وابراهيم يكابد النار وذبح الولد، ويعقوب يبكي حتى ذهب البصر، وموسى يقاسي فرعون ويلقى من قومه المحن، وعيسى لا مأوى له إلا البر، في العيش الضنك، ومحمد http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com) يصابر الفقر وفرق الزوجة وقتل من يحبه.
فلا تجزع من البلوى فأنت في وطنها، فالصبر الصبر، ولكن ليس صبر البهائم، بل صبر بدون جزع وضجر، ولكن صبر احتساب وتسليم والرضا بقضاء الله متطلعاً إلى العوض من الله إلى الجزاء، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، قال علي بن أبي طالب http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif (http://forums.roro44.com): (من رضي بقضاء الله جرى عليه، وكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وحبط عمله)، فقضاء الله نافذ وأمره واقع، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولكن العبد هو الذي يربح أو يخسر بحسب رضاه أو سخطه، فالرضا هو باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العابدين، والجزع لايرد المصيبة بل يضاعفها حيث يشمت به أعداؤه ويسوء اصدقاءه ويغضب ربه ويسر شيطانه ويحبط أجره ويضعف نفسه، وفي الترمذي مرفوعاً إلى النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com): ((يود ناس لو أن جلودهم كانت تقرص بالمقاريض لما يرون من ثواب أهل البلاء)).
ومما يتسلى به المصاب أن يجعل مكان الأنين والشكوى إلى الخلق ذكر الله تعالى والإستغفار والشكوى إلى الله الواحد القهار، وقد رأى أحد الصالحين أخاه يشكو إلى الخلق فقال له: يا هذا مازدت على إن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك. والشكوى إلى الله لاتنافي الصبر قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) إنما أشكو بثي وحزني إلى الله http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) وقال عنه أيوب: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com).
ومما يتسلى به المصاب أن يوطن نفسه على أن كل مصيبة تأتيه فإنما هي بإذن الله عز وجل وقضائه وقدره فيرضى لها ويسلم قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال علقمة: هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى، وقال http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com): ((إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)).
ثم ليعلم العبد إن الله لم يقدر عليه المصائب ليهلكه بها ولا ليعذبه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه وشكره وابتهاله ودعاءه، فإن وفق لذلك ربح ربحاً عظيماً، وإن خذل خسر خسراناً مبيناً، والمصيبة كير العبد الذي يسبك بها حاصله، فإما أن يخرج ذهباً أحمر أو خبثاً كله، فإن لم ينفعه هذا الكير في الدنيا فبين يديه الكير الأعظم: نار الله الحامية يوم القيامة، ولاشك أن كير الدنيا خير له من ذلك الكير، وإنه لابد من أحد الكيرين فليعلم المصاب قدر نعمة الله عليه في الكير العاجل، وقد أقتضت حكمة الله في خلقه أن يعرضهم للاختبار حباً بهم ورعايته لهم، فيسوق إليهم الرحمة في أثناء المصيبة ليهتدي الضال وينتبه الغافل وتقوم الحجة على الكافرين قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif (http://forums.roro44.com) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif (http://forums.roro44.com) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (http://forums.roro44.com) قال ابن القيم رحمه الله: إذن فالاختبار ليس عن جهله سبحانه بعبده، ولكن حكمة ذلك في كشف من يدعي الإيمان لنفسه وتجربته أمام عينيه، فيسقط الوهم في أنه عميق الإيمان.
أما الكاذبون فيختبرهم سبحانه ليعيدهم إلى الإيمان تائبين متذكرين نادمين، فإن لم يتوبوا ولم يتذكروا عراهم أمام الناس وخلص صفوف المؤمنين منهم، فالإبتلاء يزيد رجال الإيمان نضوجاً وصلابة، والدعاةَ الصادقين عمقاً وثباتاً، فهو ليس شراً بالمؤمنين أبداً لأنه خير يسوقه الله لعباده ليعودوا إليه بعزة الإيمان، ويعودوا إلى ربهم ضارعين يلجأون إليه بقلوب مرتبطة به تذكره وتشكره وتلهج بذكره قوية بالله ثابتة على دينه واعية إليه، لأن الله جل جلاله يريد ذلك منهم، عن صهيب بن منان رضي الله عنه قال: قال رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif (http://forums.roro44.com): ((عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)) [رواه مسلم].
اللهم اجعلنا ممن إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر، وإذا أذنب استغفر، اللهم ارزقنا الرضا بقضائك وقدرك، وأجرنا على مصائبنا وارزقنا الاحتساب إبتغاء لوجهك الكريم يا أرحم الراحمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وأتوب إليه، وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات فتوبوا إلى ربكم واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.