رقة احساس
07-23-2014, 08:12 PM
خطبة من المسجد الحرام
][خطورة الاستدراج - الشيخ أسامة خياط][
========================
الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، أحمده - سبحانه - لم يكن له شريك في الملك ولم يتخذ صاحبةً ولا ولدا ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله ، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه .
أما بعد ..
فاتقوا الله - عباد الله - : وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ البقرة281 .
أيها المسلمون : في مقام البيان والتذكير وإرشاد العباد إلى ما تطيب به حياتهم وتستقيم به أحوالهم يأتي التنبيه والتحذير لمن تجافى عن طريق الهداية وسلك سبيل العصيان والمحادة .. أن ما يراه من تتابع النعم واتصال المنن إنما هو نذيرٌ له بحلول العقوبة ونزول البأس ووقوع البلاء ..
فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده بإسناد حسن عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيتَ اللهَ يعطِي العبدَ من الدنيا على معاصيه على ما يحب فإنما هو استدراج ، ثم قرأ قوله - تعالى - : فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " ( الأنعام 44 – 45 ) .
وهو إخبار منه - سبحانه - أن أولئك العصاة لما تركوا العمل بما أمرهم الله به على ألسنة رسله إعراضا عنه وتكذيبا به بدل الله مكان بأسائهم رخاءً وسعة في العيش وصحة وسلامة في الأبدان استدراجا لهم ، حتى إذا فرحوا بما فتح الله عليهم من أبواب النعم بطروا وأشِروا وأُعجِبوا بما عندهم ، وظنوا أن ذلك لا يفنى وأنه دليل بيِّنٌ على كمال رضا الله عنهم وجميل بره بهم .. أتاهم - سبحانه - عندها بالعذاب فجأة وهم غاضون لا يشعرون أن ذلك كائنٌ حالٌ بهم .
وأنكى شيء هو ما يفجأ المرء من البغتة ؛ فكان التذكير الذي تركوه إعراضا وتكذيبا وإصرارا بمنزلة الآية والعلامة على الاستدراج والإمهال .. كما قال – سبحانه - : وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ( الأعراhttp://forums.roro44.com/images/Girls-Fwasel/Roro44Com-Forums-fwasel-18.gif (http://forums.roro44.com)3 ) ..
فأصبحوا آيسين من كل خير منقطعة حججهم لا يُحِيرون جوابا لشدة ما نزل بهم من سوء الحال ..
قال الحسن - رحمه الله - : " مَنْ وسَّعَ الله عليه فلم ير أنه يُمكَر به فلا رأي له " ، وقال قتادة - رحمه الله - : " بغت القوم أمر الله ، وما أخذ الله قوما قط إلا عند سكرتهم وغلظتهم " ؛ فلا تغتروا بالله فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون .
وفي الآية - كما قال أهل العلم - : " أن البأساء والضراء وما يقابلهما من السراء والنعماء هو مما يتربى ويتهذب به الموفقون من الناس .. وإلا كانت النعم أشد وبالا عليهم من النقم " .
وهذا ثابت بالاختيار ؛ إذ الشدائد مصلحة للفساد ، وأجدر الناس بالاستفادة من الحوادث المؤمن .. كما جاء في حديث صهيب - رضي الله عنه - عن رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " عجبًا لأمرِ المؤمن إن أمرَهُ كلَّه له خير ؛ إنْ أصابتهُ سرَّاءُ شكر فكان خيرًا له ، وإنْ أصابتْهُ ضرَّاءُ صبر فكانَ خيرًا له " أخرجه مسلم في صحيحه .
وأما الثناء الحسن في ذلك الذي جرى من نصر الله - تعالى - لرسله بإظهار حججهم وتصديق نُذُرهم وإهلاك المشركين الظالمين بالعذاب المستأصل الذي لم يغادر منهم أحدا وإراحة الخلق من شركهم وظلمهم فهو ثابتٌ حقٌّ لله رب العالمين المدبر لأمورهم المقيم لأمر اجتماعهم بحكمته البالغة وسننه العادلة ؛ ففي هذا بيانٌ للواقع من استحقاق الحمد والثناء لله - تعالى - وفيه إرشاد للمؤمنين بما يتعين عليهم من حمده - سبحانه - على نصر عباده المرسلين المصلحين وقطع دابر الظالمين المفسدين ، وعلى حمده - عز اسمه - في كل أمر وفي خاتمة كل عمل .. كما قال – سبحانه - في حق عباده المتقين : ... وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( يونس10 ) ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ( الأعراhttp://forums.roro44.com/images/Girls-Fwasel/Roro44Com-Forums-fwasel-9.gif (http://forums.roro44.com)9 ) .
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - .
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب ؛ إنه هو الغفور الرحيم .
][خطورة الاستدراج - الشيخ أسامة خياط][
========================
الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، أحمده - سبحانه - لم يكن له شريك في الملك ولم يتخذ صاحبةً ولا ولدا ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله ، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه .
أما بعد ..
فاتقوا الله - عباد الله - : وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ البقرة281 .
أيها المسلمون : في مقام البيان والتذكير وإرشاد العباد إلى ما تطيب به حياتهم وتستقيم به أحوالهم يأتي التنبيه والتحذير لمن تجافى عن طريق الهداية وسلك سبيل العصيان والمحادة .. أن ما يراه من تتابع النعم واتصال المنن إنما هو نذيرٌ له بحلول العقوبة ونزول البأس ووقوع البلاء ..
فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده بإسناد حسن عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيتَ اللهَ يعطِي العبدَ من الدنيا على معاصيه على ما يحب فإنما هو استدراج ، ثم قرأ قوله - تعالى - : فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " ( الأنعام 44 – 45 ) .
وهو إخبار منه - سبحانه - أن أولئك العصاة لما تركوا العمل بما أمرهم الله به على ألسنة رسله إعراضا عنه وتكذيبا به بدل الله مكان بأسائهم رخاءً وسعة في العيش وصحة وسلامة في الأبدان استدراجا لهم ، حتى إذا فرحوا بما فتح الله عليهم من أبواب النعم بطروا وأشِروا وأُعجِبوا بما عندهم ، وظنوا أن ذلك لا يفنى وأنه دليل بيِّنٌ على كمال رضا الله عنهم وجميل بره بهم .. أتاهم - سبحانه - عندها بالعذاب فجأة وهم غاضون لا يشعرون أن ذلك كائنٌ حالٌ بهم .
وأنكى شيء هو ما يفجأ المرء من البغتة ؛ فكان التذكير الذي تركوه إعراضا وتكذيبا وإصرارا بمنزلة الآية والعلامة على الاستدراج والإمهال .. كما قال – سبحانه - : وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ( الأعراhttp://forums.roro44.com/images/Girls-Fwasel/Roro44Com-Forums-fwasel-18.gif (http://forums.roro44.com)3 ) ..
فأصبحوا آيسين من كل خير منقطعة حججهم لا يُحِيرون جوابا لشدة ما نزل بهم من سوء الحال ..
قال الحسن - رحمه الله - : " مَنْ وسَّعَ الله عليه فلم ير أنه يُمكَر به فلا رأي له " ، وقال قتادة - رحمه الله - : " بغت القوم أمر الله ، وما أخذ الله قوما قط إلا عند سكرتهم وغلظتهم " ؛ فلا تغتروا بالله فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون .
وفي الآية - كما قال أهل العلم - : " أن البأساء والضراء وما يقابلهما من السراء والنعماء هو مما يتربى ويتهذب به الموفقون من الناس .. وإلا كانت النعم أشد وبالا عليهم من النقم " .
وهذا ثابت بالاختيار ؛ إذ الشدائد مصلحة للفساد ، وأجدر الناس بالاستفادة من الحوادث المؤمن .. كما جاء في حديث صهيب - رضي الله عنه - عن رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " عجبًا لأمرِ المؤمن إن أمرَهُ كلَّه له خير ؛ إنْ أصابتهُ سرَّاءُ شكر فكان خيرًا له ، وإنْ أصابتْهُ ضرَّاءُ صبر فكانَ خيرًا له " أخرجه مسلم في صحيحه .
وأما الثناء الحسن في ذلك الذي جرى من نصر الله - تعالى - لرسله بإظهار حججهم وتصديق نُذُرهم وإهلاك المشركين الظالمين بالعذاب المستأصل الذي لم يغادر منهم أحدا وإراحة الخلق من شركهم وظلمهم فهو ثابتٌ حقٌّ لله رب العالمين المدبر لأمورهم المقيم لأمر اجتماعهم بحكمته البالغة وسننه العادلة ؛ ففي هذا بيانٌ للواقع من استحقاق الحمد والثناء لله - تعالى - وفيه إرشاد للمؤمنين بما يتعين عليهم من حمده - سبحانه - على نصر عباده المرسلين المصلحين وقطع دابر الظالمين المفسدين ، وعلى حمده - عز اسمه - في كل أمر وفي خاتمة كل عمل .. كما قال – سبحانه - في حق عباده المتقين : ... وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( يونس10 ) ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ( الأعراhttp://forums.roro44.com/images/Girls-Fwasel/Roro44Com-Forums-fwasel-9.gif (http://forums.roro44.com)9 ) .
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - .
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب ؛ إنه هو الغفور الرحيم .