عاشقة الفردوس
08-25-2014, 11:59 PM
اسباب النزول - أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي
قوله تعالى: { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ...} الآية. [13].
قال الكلبي عن ابن عباس:
إن كفار مكة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد: إنا قد علمنا أنه إنما يحملك على ما تدعونا إليه الحاجة، فنحن نجعل لك نصيباً في أموالنا حتى تكون أغنانا رجلاً، وترجع عما أنت عليه. فنزلت هذه الآية.
تفسير بن كثير
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وما فيهما، وأنه قد كتب على نفسه المقدسة الرحمة، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن اللّه لما خلق الخلق كتب كتاباَ عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي)، وقوله: { ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} هذه اللام هي الموطئة للقسم، فأقسم بنفسه الكريمة ليجمعن عباده { إلى ميقات يوم معلوم} وهو يوم القيامة الذي لا ريب فيه أي لا شك عند عباده المؤمنين، فأما الجاحدون المكذبون فهم في ريبهم يترددون. عن ابن عباس قال: سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين هل فيه ماء؟ قال: (والذي نفسي بيده إن فيه لماء، إن أولياء اللّه ليردون حياض الأنبياء، ويبعث اللّه تعالى سبعين ألف ملك في أيديهم عصي من نار يذودون الكفار عن حياض الأنبياء) هذا حديث غريب، وفي الترمذي: (إن لكل نبي حوضاً وأرجوا أن أكون أكثرهم واردة) وقوله: { الذين خسروا أنفسهم} أي يوم القيامة { فهم لا يؤمنون} أي لا يصدقون بالمعاد ولا يخافون شر ذلك اليوم، ثم قال تعالى: { وله ما سكن في الليل والنهار} أي كل دابة في السموات والأرض، الجميع عباده وخلقه وتحت قهره وتصرفه وتدبيره، لا إله إلا هو { وهو السميع العليم} أي السميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم، ثم قال تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع القويم، وأمره أن يدعو الناس إلى صراط الله المستقيم: { قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض} كقوله: { قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} والمعنى: لا أتخذ ولياً إلا اللّه وحده لا شريك له فإنه فاطر السموات والأرض أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق، { وهو يطعم ولا يطعم} أي وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم، كما قال تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} الآية، وقرأ بعضهم { هو يُطعِم ولا يَطْعَم} : أي لا يأكل. وفي الحديث عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم على طعام، فانطلقنا معه فلما طعم النبي صلى الله عليه وسلم وغسل يديه قال: (الحمد للّه الذي يطعم ولا يطعم، ومنَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا من الشراب، وكسانا من العري، وكل بلاء حسن أبلانا، الحمد للّه غير مودع ربي ولا مكفي ولا مكفور ولا مستغني عنه، الحمد للّه الذي أطعمنا من الطعام وسقانا من الشراب وكسانا من العري، وهدانا من الضلال، وبصرنا من العمى، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً، الحمد للّه رب العالمين) { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم} أي من هذه الأمة، { ولا تكونن من المشركين قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} يعني يوم القيامة { من يصرف عنه} أي العذاب { يومئذ فقد رحمه} يعني فقد رحمه اللّه { وذلك هو الفوز المبين} ، كقوله: { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} والفوز حصول الربح ونفي الخسارة.
تفسير الجلالين
{ وله } تعالى { ما سكن } حلُ { في الليل والنهار } أي كل شيء فهو ربه وخالقه ومالكه { وهو السميع } لما يقال { العليم } بما يفعل .
تفسير القرطبي
قوله تعالى { وله ما سكن في الليل والنهار} أي ثبت، وهذا احتجاج عليهم أيضا. وقيل : نزلت الآية لأنهم قالوا : علمنا أنه ما يحملك على ما تفعل إلا الحاجة، فنحن نجمع لك من أموالنا حتى تصير أغنانا؛ فقال الله تعالى : أخبرهم أن جميع الأشياء لله، فهو قادر على أن يغنيني. و { سكن} معناه هدأ واستقر؛ والمراد ما سكن وما تحرك، فحذف لعلم السامع. وقيل : خص الساكن بالذكر لان ما يعمه السكون أكثر مما تعمه الحركة. وقيل المعنى ما خلق، فهو عام في جميع المخلوقات متحركها وساكنها، فإنه يجري عليه الليل والنهار؛ وعلى هذا فليس المراد بالسكون ضد الحركة بل المراد الخلق، وهذا أحسن ما قيل؛ لأنه يجمع شتات الأقوال. { وهو السميع} لأصواتهم { العليم} بأسرارهم. قوله تعالى { قل أغير الله أتخذ وليا} مفعولان؛ لما دعوه إلى عبادة الأصنام دين آبائه أنزل الله تعالى { قل} يا محمد { أغير الله اتخذ وليا} أي ربا ومعبودا وناصرا دون الله. { فاطر السماوات والأرض} بالخفض على النعت لاسم الله؛ وأجاز الأخفش الرفع على إضمار مبتدأ. وقال الزجاج : ويجوز النصب على المدح. أبو علي الفارسي : ويجوز نصبه على فعل مضمر كأنه قال : أترك فاطر السماوات والأرض؟ لأن قوله { أغير الله أتخذ وليا} يدل على ترك الولاية له، وحسن إضماره لقوة هذه الدلالة. { وهو يطعم ولا يطعم} كذا قراءة العامة، أي يَرزق ولا يُرزق؛ دليله على قوله تعالى { ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} [الذاريات : 57] وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد والأعمش : وهو يُطْعِم ولا يَطْعَم، وهي قراءة حسنة؛ أي أنه يرزق عباده، وهو سبحانه غير محتاج إلى ما يحتاج إليه المخلوقون من الغذاء. وقرئ بضم الياء وكسر العين في الفعلين، أي إن الله يطعم عباده ويرزقهم والولي لا يطعم نفسه ولا من يتخذه. وقرئ بفتح الياء والعين في الأول أي الولي { ولا يُطْعِم} بضم الياء وكسر العين. وخص الإطعام بالذكر دون غيره من ضروب الإنعام؛ لأن الحاجة إليه أمس لجميع الأنام. { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم} أي استسلم لأمر الله تعالى. وقيل : أول من أخلص أي من قومي وأمتي؛ عن الحسن وغيره. { ولا تكونن من المشركين} أي وقيل لي { ولا تكونن من المشركين} . { قل إني أخاف إن عصيت ربي} أي بعبادة غيره أن يعذبني، والخوف توقع المكروه. قال ابن عباس { أخاف} هنا بمعنى أعلم. { من يصرف عنه} أي العذاب { يومئذ} يوم القيامة { فقد رحمه} أي فاز ونجا ورحم. وقرأ الكوفيون { من يَصرِف} بفتح الياء وكسر الراء، وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد؛ لقوله { قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله} ولقوله { فقد رحمه} ولم يقل رحم على المجهول، ولقراءة أبي { من يصرف الله عنه} واختار سيبويه القراءة الأولى - قراءة أهل المدينة وأبي عمرو - قال سيبويه : وكلما قل الإضمار في الكلام كان أولى؛ فأما قراءة من قرأ { من يصرف} بفتح الياء فتقديره : من يصرف الله عنه العذاب، وإذا قرئ { من يُصرف عنه} فتقديره : من يصرف عنه العذاب. { وذلك الفوز المبين} أي النجاة البينة.
قوله تعالى: { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ...} الآية. [13].
قال الكلبي عن ابن عباس:
إن كفار مكة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد: إنا قد علمنا أنه إنما يحملك على ما تدعونا إليه الحاجة، فنحن نجعل لك نصيباً في أموالنا حتى تكون أغنانا رجلاً، وترجع عما أنت عليه. فنزلت هذه الآية.
تفسير بن كثير
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وما فيهما، وأنه قد كتب على نفسه المقدسة الرحمة، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن اللّه لما خلق الخلق كتب كتاباَ عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي)، وقوله: { ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} هذه اللام هي الموطئة للقسم، فأقسم بنفسه الكريمة ليجمعن عباده { إلى ميقات يوم معلوم} وهو يوم القيامة الذي لا ريب فيه أي لا شك عند عباده المؤمنين، فأما الجاحدون المكذبون فهم في ريبهم يترددون. عن ابن عباس قال: سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين هل فيه ماء؟ قال: (والذي نفسي بيده إن فيه لماء، إن أولياء اللّه ليردون حياض الأنبياء، ويبعث اللّه تعالى سبعين ألف ملك في أيديهم عصي من نار يذودون الكفار عن حياض الأنبياء) هذا حديث غريب، وفي الترمذي: (إن لكل نبي حوضاً وأرجوا أن أكون أكثرهم واردة) وقوله: { الذين خسروا أنفسهم} أي يوم القيامة { فهم لا يؤمنون} أي لا يصدقون بالمعاد ولا يخافون شر ذلك اليوم، ثم قال تعالى: { وله ما سكن في الليل والنهار} أي كل دابة في السموات والأرض، الجميع عباده وخلقه وتحت قهره وتصرفه وتدبيره، لا إله إلا هو { وهو السميع العليم} أي السميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم، ثم قال تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع القويم، وأمره أن يدعو الناس إلى صراط الله المستقيم: { قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض} كقوله: { قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} والمعنى: لا أتخذ ولياً إلا اللّه وحده لا شريك له فإنه فاطر السموات والأرض أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق، { وهو يطعم ولا يطعم} أي وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم، كما قال تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} الآية، وقرأ بعضهم { هو يُطعِم ولا يَطْعَم} : أي لا يأكل. وفي الحديث عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم على طعام، فانطلقنا معه فلما طعم النبي صلى الله عليه وسلم وغسل يديه قال: (الحمد للّه الذي يطعم ولا يطعم، ومنَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا من الشراب، وكسانا من العري، وكل بلاء حسن أبلانا، الحمد للّه غير مودع ربي ولا مكفي ولا مكفور ولا مستغني عنه، الحمد للّه الذي أطعمنا من الطعام وسقانا من الشراب وكسانا من العري، وهدانا من الضلال، وبصرنا من العمى، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً، الحمد للّه رب العالمين) { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم} أي من هذه الأمة، { ولا تكونن من المشركين قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} يعني يوم القيامة { من يصرف عنه} أي العذاب { يومئذ فقد رحمه} يعني فقد رحمه اللّه { وذلك هو الفوز المبين} ، كقوله: { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} والفوز حصول الربح ونفي الخسارة.
تفسير الجلالين
{ وله } تعالى { ما سكن } حلُ { في الليل والنهار } أي كل شيء فهو ربه وخالقه ومالكه { وهو السميع } لما يقال { العليم } بما يفعل .
تفسير القرطبي
قوله تعالى { وله ما سكن في الليل والنهار} أي ثبت، وهذا احتجاج عليهم أيضا. وقيل : نزلت الآية لأنهم قالوا : علمنا أنه ما يحملك على ما تفعل إلا الحاجة، فنحن نجمع لك من أموالنا حتى تصير أغنانا؛ فقال الله تعالى : أخبرهم أن جميع الأشياء لله، فهو قادر على أن يغنيني. و { سكن} معناه هدأ واستقر؛ والمراد ما سكن وما تحرك، فحذف لعلم السامع. وقيل : خص الساكن بالذكر لان ما يعمه السكون أكثر مما تعمه الحركة. وقيل المعنى ما خلق، فهو عام في جميع المخلوقات متحركها وساكنها، فإنه يجري عليه الليل والنهار؛ وعلى هذا فليس المراد بالسكون ضد الحركة بل المراد الخلق، وهذا أحسن ما قيل؛ لأنه يجمع شتات الأقوال. { وهو السميع} لأصواتهم { العليم} بأسرارهم. قوله تعالى { قل أغير الله أتخذ وليا} مفعولان؛ لما دعوه إلى عبادة الأصنام دين آبائه أنزل الله تعالى { قل} يا محمد { أغير الله اتخذ وليا} أي ربا ومعبودا وناصرا دون الله. { فاطر السماوات والأرض} بالخفض على النعت لاسم الله؛ وأجاز الأخفش الرفع على إضمار مبتدأ. وقال الزجاج : ويجوز النصب على المدح. أبو علي الفارسي : ويجوز نصبه على فعل مضمر كأنه قال : أترك فاطر السماوات والأرض؟ لأن قوله { أغير الله أتخذ وليا} يدل على ترك الولاية له، وحسن إضماره لقوة هذه الدلالة. { وهو يطعم ولا يطعم} كذا قراءة العامة، أي يَرزق ولا يُرزق؛ دليله على قوله تعالى { ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} [الذاريات : 57] وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد والأعمش : وهو يُطْعِم ولا يَطْعَم، وهي قراءة حسنة؛ أي أنه يرزق عباده، وهو سبحانه غير محتاج إلى ما يحتاج إليه المخلوقون من الغذاء. وقرئ بضم الياء وكسر العين في الفعلين، أي إن الله يطعم عباده ويرزقهم والولي لا يطعم نفسه ولا من يتخذه. وقرئ بفتح الياء والعين في الأول أي الولي { ولا يُطْعِم} بضم الياء وكسر العين. وخص الإطعام بالذكر دون غيره من ضروب الإنعام؛ لأن الحاجة إليه أمس لجميع الأنام. { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم} أي استسلم لأمر الله تعالى. وقيل : أول من أخلص أي من قومي وأمتي؛ عن الحسن وغيره. { ولا تكونن من المشركين} أي وقيل لي { ولا تكونن من المشركين} . { قل إني أخاف إن عصيت ربي} أي بعبادة غيره أن يعذبني، والخوف توقع المكروه. قال ابن عباس { أخاف} هنا بمعنى أعلم. { من يصرف عنه} أي العذاب { يومئذ} يوم القيامة { فقد رحمه} أي فاز ونجا ورحم. وقرأ الكوفيون { من يَصرِف} بفتح الياء وكسر الراء، وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد؛ لقوله { قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله} ولقوله { فقد رحمه} ولم يقل رحم على المجهول، ولقراءة أبي { من يصرف الله عنه} واختار سيبويه القراءة الأولى - قراءة أهل المدينة وأبي عمرو - قال سيبويه : وكلما قل الإضمار في الكلام كان أولى؛ فأما قراءة من قرأ { من يصرف} بفتح الياء فتقديره : من يصرف الله عنه العذاب، وإذا قرئ { من يُصرف عنه} فتقديره : من يصرف عنه العذاب. { وذلك الفوز المبين} أي النجاة البينة.