عاشقة الفردوس
04-12-2015, 09:26 PM
سلسلة صحابيات حول الرسول صلى الله عليه وسلم
نحن مُقصرون !!
ألا نتفق سويا أننا مقصرون فى معرفة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضى الله عنهم أجمعين ؟!
على الرغم من إننا نعلم تمام العلم أن الفائدة تتحقق بمعرفة سيرهم !!
فكلنا يمر بمواقف عصيبة بحياته تتوقف فيها عقولنا عن التفكير ولا نستطيع حينها التدبير .
ماذا لو كان لدينا خط مستقيم نسير عليه ونستعين به على قضاء حوائجنا وحل مشاكلنا ؟
هذا الخط يتمثل فى الكتاب والسنة وهدى الصحابة والتابعين لو فقدناه فقد ضللنا الطريق !!
ماذا لو طلبنا الآن ذكر عشرة أسماء لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
ربما سيُجيب بعضنا وربما يجتهد الآخر فى الحصول على أربعة أسماء بالكاد ، وطبعاً ستكون هذه الأسماء المشهورة ( أبى بكر وعمر وعثمان وعلي) رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين .
والآن ..... !!
ماذا لو طلبنا ذكر عشرة أسماء لصحابيات الرسول صلى الله عليه وسلم ؟!
الغالبية العُظمى منا لن تعرف للأسف الشديد !!
وما أُبرىء نفسى فأنا أولكم ، ولكن هيا بنا نمحو جهلنا بخيرة سيدات هذه الأمة .
نقف على سيرهن ونتعلم منهن ومن مواقفهن كزوجات وأمهات ونساء طائعات لله ورسوله .
يُتبع بإذن الله تعالى مع الصحابية الجليلة ( رُفيدة الأسلمية ) أول ممرضة فى الإسلام
الصحابية الجليلة ( رُفيدة الأسلمية )
اسمها كعيبة بنت سعد الأسلمية الخزرجية الأنصارية ، من قبيلة بنى أسلم إحدى قبائل الخزرج فى المدينة المنورة ، بايعت الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة ، واشتركت فى غزوتى الخندق وخيبر .
أُشتهرت باسم ( رُفيدة ) وهى مشتقة من الرفادة وتعنى الإعانة والعطاء .
وقد كانت الصحابية الجليلة قارئة كاتبة ، استهوتها حرفة التمريض وعُرفت بين الناس بمهارتها فى الطب والعقاقير والأدوية وتصنيعها ، ومعالجة الجروح وتجبير الكسور .
ولم يرد عنها إلا القليل من الأخبار ولكنه عظيم الفائدة .
كانت تصحب جيوش المسلمين المقاتلين ضد المشركين لمعالجة الجرحى ، وقد اُقيمت لها خيمة خاصة فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لعلاج المرضى والمصابين وتُعتبر هذه الخيمة أول مستشفى فى الإسلام .
ولم تكن تتقاضى أجر على هذا بل كانت تُنفق من مالها الخاص .
وقد كان أول ظهور للصحابية الجليلة رفيدة الأسلمية بعد عودة المسلمين من غزة بدر وقد كان بينهم بعض الجرحى وتطوعت هى - رضى الله عنها وأرضاها - لمداواتهم وإسعافهم وعكفت أياماً على ذلك حتى اندملت جراحهم .
وتروى كُتب السيرة أنه حينما اُصيب الصحابى الجليل سعد بن معاذ - رضى الله عنه - بسهم فى غزوة الخندق أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإيداعه خيمة رفيدة الأسلمية وقال :
" اجعلوه فى خيمة رفيدة التى فى المسجد حتى أعوده من قريب "
وقد كانت - رضى الله عنها وأرضاها- تخرج فى الغزوات وتنقل معها خيمتها وأدواتها فوق الجمال ثم تُقيمها بإيذاء معسكر المسلمين .
وفى غزوة خيبر بينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتأهب للزخف أتت الصحابية الجليلة رُفيدة الأسلمية على رأس فريق كبير من نساء الصحابة قامت بتدريبهن على فنون الإسعاف والتمريض واستئذنّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى الذهاب معه لمداواة الجرحى وإعانة المسلمين وأذن لهن - صلى الله عليه وسلم - وقد أبلين بلاءً حسناً وقمن بجهد عظيم .
ولم يقتصر عمل الصحابية الجليلة على وقت الحرب فقط وإنما أيضاً كانت تُعاون وتواسى كل مُحتاج وقت السلم .
رضى الله عنها وأرضاها ورزقنا حُسن الإقتداء يارب .
يُتبع بإذن الله تعالى مع صحابية أخرى ...
لصحابية الجليلة ( أسماء بنت يزيد بن السكن ) خطيبة النساء
هى أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرؤ القيس بن عبد الأشهل الأنصارية الأوسية ، وهى أيضاً أم عامر وأم سلمة الأنصارية الأشهلية ، وابنه عمة معاذ بن جبل - رضى الله عنهما وأرضاهما -
أسلمت فى العام الأول للهجرة وقد اشتهرت بمتابعة أمور دينها والتعرف على دقائقه ، وكثيراً ما كان أخواتها النساء يستعن بها فى سؤال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن دقائق أمورهن الخاصة فتستجيب لهن ، لذا عُرفت بخطيبة النساء .
أتت أسماء بنت يزيد رضى الله عنها النبى صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت : بأبي وأمي أنت يا رسول الله ، أنا وافدة النساء إليك ، إن الله عز وجل بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك .
وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم ، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج, وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مجاهدًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم ، أفما نشارككم في هذا الأجر والخير .
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال : "هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟" فقالوا : يا رسول الله ، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها فقال : " افهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله". فانصرفت المرأة وهي تهلل .
بلغ عدد الأحاديث التى ردوتها أسماء بنت يزيد رضى الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم واحد وثمانين حديثاً وقد كانت الثالثة بين النساء فى هذا ولم يسبقها إلا السيدة عائشة ، والسيدة أم سلمة - رضى الله عنهن وأرضاهن جميعاً -
وكان مما روت أسماء بنت يزيد عن الرسول صلى الله عليه وسلم :
مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في نسوة فسلم علينا وقال: " إياكن وكفر المنعمين" ، فقلنا: يا رسول الله ، وما كفر المنعمين؟ قال: " لعل إحداكن أن تطول أيمتها بين أبويها وتعنس ، فيرزقها الله عز وجل زوجًا ويرزقها منه مالاً وولدًا فتغضب الغضبة ، فراحت تقول: ما رأيت منه يومًا خيرًا قط ، وقال مرة : خيرًا قط "
وقد روى عنها الإمام أحمد عدة أحاديث منها :
عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان, وعن الجارية شاة ".
وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لست أصافح النساء ".
وعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من بنى لله مسجدًا فإن الله يبني له بيتًا أوسع منه في الجنة ".
وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده فقال: " لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها" ، فأزم القوم فقلت: أي والله يا رسول الله ، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن. قال: "فلا تفعلوا ، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون".
وقد كان لها دور فى الغزاوت فقد شهدت مع الرسول صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر ، وبعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام شهدت معركة اليرموك وقيل إنها اقتلعت من خيمتها عموداً وراحت تضرب به رؤوس الروم حتى قتلت منهم يومئذ تسعة .
بعد معركة اليرموك أقامت بالشام وأخذت تُحدث النساء بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وتروى عنه حتى توفيت فى حدود السبعين هجرية وقبرها فى دمشق بالباب الصغير .
رضى الله عنها وأرضاها ورزقنا حُسن الإقتداء بأمهات المؤمنين والصحابيات
يُتبع بإذن الله تعالى ...
الصحابية الجليلة ( الشفاء بنت عبد الله ) أول مُعلمة فى الإسلام
هي الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن عدي بن كعب القرشية العدوية ، واسمها ليلى وغلب عليها الشفاء ، وكانت تُكنى بأم سليمان .
أمها فاطمة بنت وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران المخزومية
زوجها أبى خثمة بن حذيفة بن عامر القرشي العدوي .
اعتنقت الإسلام قبل الهجرة وكانت من المهاجرات الأُوَلْ وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانت من عقلاء النساء وفضلائهن ، وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يأتيها ويقيل عندها في بيتها ، وكانت قد اتخذت له فراشًا وإزارًا ينام فيه .
كانت الشفاء رضى الله عنها وأرضاها من القلائل الذين عرفوا القراءة والكتابة فى الجاهلية ، كانت تقوم بتعليم نساء المُسلمين القراءة والكتابة لذا أُطلق عليها أول مُعلمة فى الإسلام .
كانت الصحابية الجليلة أيضاً تُجيد الرقية منذ الجاهلية فلما جاء الإسلام قالت لا أرقى حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحضرت إليه وقالت :
يا رسول الله إني قد كنت أرقي برقي الجاهلية وأردت أن أعرضها عليك ، فقال : اعرضيها ، قالت : فعرضتها عليه وكانت ترقي من النَمِلة - النملة نوع من التقرحات تصيب الجلد - فقال : ( ارقي بها وعلميها حفصة : باسم الله ، اللهم اكشف البأس رب الناس) ، قال : ( ترقي به على عود كركم "زعفران" وتطليه على النملة ) ، فاستمرت الشفاء ترقي بها المرضى من المسلمين والمسلمات وعلمتها لأم المؤمنين حفصة
وقد كان عمر بن الخطاب - رضى الله عنه وأرضاه - يُقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها ، وربما ولاها شيئًا من أمر السوق ، ولم تذكر لنا كتب الأخبار ما المهام التي قامت بها الشفاء بنت عبدالله في السوق إلا ما رواه ابن سعد في طبقاته عن حفيدها عمر بن سليمان بن أبي خثمة ، عن أبيه قال : قالت الشفاء ابنة عبدالله : ورأيت فتياناً يقصدون في المشي يتكلون رويداً فقالت : ما هذا ؟ فقالوا : نسّاك ، فقالت : كان عمر إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع وهو الناس حقاً.. ويتضح لنا من كلام الشفاء بنت عبدالله السابق الذكر أن هذا جزء من مهام الحسبة التي قامت بها ولكنها ، كما هو وارد في القصة ، لم تخاطب جماعة الفتيان مباشرة إنما قالت كلامها لمن هم معها.
ويروي أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة : أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح ، وأن عمر بن الخطاب غدا إلى السوق، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق ، فمر على الشفاء أم سليمان فقال لها : لم أر سليمان في صلاة الصبح ! فقالت له : إنه بات يصلي فغلبته عيناه ! فقال عمر : لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة .
روت الشفاء بنت عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وروى عنها ابنها سليمان بن أبي خثمة وآخرون من أحفادها ، وقد روى لها البخاري في كتاب الأدب وكتاب أفعال العباد كما روى لها أبو داود والنسائي .
توفيت معلمة الإسلام الأولى في زمن عمر بن الخطاب سنة عشرين بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم .
رضى الله عنها وأرضاها وجزاها عنا خير الجزاء .
يُتبع بإذن الله تعالى
الصحابية الجليلة نسيبة بنت الحارث ( أم عطية الأنصارية )
كانت - رضى الله عنها وأرضاها - من كبار نساء الصحابة ، ولكن لم يُذكر الكثير عنها !!
راوية للأحاديث ، وشرحت العديد من المسائل الفقهية الخاصة بالنساء التى سمعتها من الرسول - صلى الله عليه وسلم - شاركته فى سبع غزوات ، فكانت تقوم على صُنع الطعام ، ومُداواة الجرحى ، وتروى ظمأ المجاهدين ، وتحرس أمتعتهم وقد كانت من بين عشرين امرأة خرجن للجهاد فى غزوة خيبر .
أُشتهرت أيضاً الصحابية الجليلة ( أم عطية الأنصارية ) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغسيل الموتى من النساء ، وقيل إنها هى التى غسلت زينب بنت الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - عند وفاتها
عن أم عطية رضي الله عنها قالت : لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أغسلنها وتراً ، ثلاثاً ، أو خمساً ، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور ، فإذا غسلتنَّها فأعلمنني".
رويت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أربعون حديثاً ، وقد روى عنها من الصحابة أنس بن مالك رضى الله عنه ومن التابعين محمد بن سيرين وأخته حفصة بنت سيرين وعلى بن الأقمر وعبد الملك بن عمير وغيرهم ، وقد انفرد البخارى بحديث لها وكذلك مسلم
ومن الأحاديث الواردة بروايتها
عن أم عطية - رضى الله عنها - قالت غزوت مع الرسول - صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم فى رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوى الجرحى وأقوم على المرضى ( رواه مسلم )
عن أم عطية - رضى الله عنها - قالت : نُهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ( رواه البخارى )
انتقلت الصحابية الجليلة إلى البصرة وعاشت بها إلى آخر عمرها وتُوفيت فى حدود سنة سبعين من الهجرة .
وقد استفاد الصحابة والتابعين من علمها وفقهها فقد كانوا يأخذون عنها غُسل الميت .
اللهم ارزقنا حُسن الإقتداء بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضى الله عنه وأرضاهم أجمعين
الصحابية الجليلة ( خولة بنت ثعلبة )
خولة بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة ، وهى من الفصحاء البُلغاء
زوجها هو أوس بن الصامت بن قيس ، أخو عبادة بن الصامت رضي الله عنهما ، أنجبت منه الربيع .
هى التى جاءت إلى الرسول - صلَّ الله عليه وسلم - لتشتكى زوجها ونزلت فيها آيات الظهار .
عن خولة بنت ثعلبة قالت : فيَّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه قالت : فدخل عليَّ يومًا، فراجعته بشيء فغضب فقال : أنت عليَّ كظهر أمي قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي قالت: قلت : كلا والذي نفس خولة بيده، لا تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه قالت: فواثبني فامتنعت منه ، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابًا ، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه .
قالت : فجعل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقول : "يا خويلة، ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه". قالت : فوالله ما برحت حتى نزل فيَّ قرآن، فتغشى رسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - ما كان يتغشاه ثم سري عنه، فقال لي: "يا خويلة، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنًا ثم قرأ عليَّ ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
قالت : فقال لي رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: "مريه فليعتق رقبة" قالت : فقلت يا رسول الله ، ما عنده ما يعتق قال: "فليصم شهرين متتابعين" قالت: فقلت: والله إنه لشيخ كبير، ما به من صيام قال: "فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر" قالت: فقلت : والله يا رسول الله، ما ذاك عنده قالت : فقال رسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - : "فإنا سنعينه بعرق من تمر" قالت : فقلت يا رسول الله ، وأنا سأعينه بعرق آخر قال: "قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا" قالت : ففعلت
ومن مواقفها مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه وأرضاه -
خرج عمر - رضى الله عنه - من المسجد ومعه الجارود العبدي ، فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق ، فسلم عليها عمر فردت عليه السلام ، وقالت : هيهات يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميرًا في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي عليه الفوت .
فقال الجارود : قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين فقال عمر: دعها، أما تعرفها ، فهذه خولة بنت حكيم امرأة بن الصامت التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر والله أحق أن يسمع لها .
اللهم ارزقنا جرأتها فى الحق واجمعنا بها فى الفردوس الأعلى من الجنة يارب .
نحن مُقصرون !!
ألا نتفق سويا أننا مقصرون فى معرفة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضى الله عنهم أجمعين ؟!
على الرغم من إننا نعلم تمام العلم أن الفائدة تتحقق بمعرفة سيرهم !!
فكلنا يمر بمواقف عصيبة بحياته تتوقف فيها عقولنا عن التفكير ولا نستطيع حينها التدبير .
ماذا لو كان لدينا خط مستقيم نسير عليه ونستعين به على قضاء حوائجنا وحل مشاكلنا ؟
هذا الخط يتمثل فى الكتاب والسنة وهدى الصحابة والتابعين لو فقدناه فقد ضللنا الطريق !!
ماذا لو طلبنا الآن ذكر عشرة أسماء لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
ربما سيُجيب بعضنا وربما يجتهد الآخر فى الحصول على أربعة أسماء بالكاد ، وطبعاً ستكون هذه الأسماء المشهورة ( أبى بكر وعمر وعثمان وعلي) رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين .
والآن ..... !!
ماذا لو طلبنا ذكر عشرة أسماء لصحابيات الرسول صلى الله عليه وسلم ؟!
الغالبية العُظمى منا لن تعرف للأسف الشديد !!
وما أُبرىء نفسى فأنا أولكم ، ولكن هيا بنا نمحو جهلنا بخيرة سيدات هذه الأمة .
نقف على سيرهن ونتعلم منهن ومن مواقفهن كزوجات وأمهات ونساء طائعات لله ورسوله .
يُتبع بإذن الله تعالى مع الصحابية الجليلة ( رُفيدة الأسلمية ) أول ممرضة فى الإسلام
الصحابية الجليلة ( رُفيدة الأسلمية )
اسمها كعيبة بنت سعد الأسلمية الخزرجية الأنصارية ، من قبيلة بنى أسلم إحدى قبائل الخزرج فى المدينة المنورة ، بايعت الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة ، واشتركت فى غزوتى الخندق وخيبر .
أُشتهرت باسم ( رُفيدة ) وهى مشتقة من الرفادة وتعنى الإعانة والعطاء .
وقد كانت الصحابية الجليلة قارئة كاتبة ، استهوتها حرفة التمريض وعُرفت بين الناس بمهارتها فى الطب والعقاقير والأدوية وتصنيعها ، ومعالجة الجروح وتجبير الكسور .
ولم يرد عنها إلا القليل من الأخبار ولكنه عظيم الفائدة .
كانت تصحب جيوش المسلمين المقاتلين ضد المشركين لمعالجة الجرحى ، وقد اُقيمت لها خيمة خاصة فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لعلاج المرضى والمصابين وتُعتبر هذه الخيمة أول مستشفى فى الإسلام .
ولم تكن تتقاضى أجر على هذا بل كانت تُنفق من مالها الخاص .
وقد كان أول ظهور للصحابية الجليلة رفيدة الأسلمية بعد عودة المسلمين من غزة بدر وقد كان بينهم بعض الجرحى وتطوعت هى - رضى الله عنها وأرضاها - لمداواتهم وإسعافهم وعكفت أياماً على ذلك حتى اندملت جراحهم .
وتروى كُتب السيرة أنه حينما اُصيب الصحابى الجليل سعد بن معاذ - رضى الله عنه - بسهم فى غزوة الخندق أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإيداعه خيمة رفيدة الأسلمية وقال :
" اجعلوه فى خيمة رفيدة التى فى المسجد حتى أعوده من قريب "
وقد كانت - رضى الله عنها وأرضاها- تخرج فى الغزوات وتنقل معها خيمتها وأدواتها فوق الجمال ثم تُقيمها بإيذاء معسكر المسلمين .
وفى غزوة خيبر بينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتأهب للزخف أتت الصحابية الجليلة رُفيدة الأسلمية على رأس فريق كبير من نساء الصحابة قامت بتدريبهن على فنون الإسعاف والتمريض واستئذنّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى الذهاب معه لمداواة الجرحى وإعانة المسلمين وأذن لهن - صلى الله عليه وسلم - وقد أبلين بلاءً حسناً وقمن بجهد عظيم .
ولم يقتصر عمل الصحابية الجليلة على وقت الحرب فقط وإنما أيضاً كانت تُعاون وتواسى كل مُحتاج وقت السلم .
رضى الله عنها وأرضاها ورزقنا حُسن الإقتداء يارب .
يُتبع بإذن الله تعالى مع صحابية أخرى ...
لصحابية الجليلة ( أسماء بنت يزيد بن السكن ) خطيبة النساء
هى أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرؤ القيس بن عبد الأشهل الأنصارية الأوسية ، وهى أيضاً أم عامر وأم سلمة الأنصارية الأشهلية ، وابنه عمة معاذ بن جبل - رضى الله عنهما وأرضاهما -
أسلمت فى العام الأول للهجرة وقد اشتهرت بمتابعة أمور دينها والتعرف على دقائقه ، وكثيراً ما كان أخواتها النساء يستعن بها فى سؤال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن دقائق أمورهن الخاصة فتستجيب لهن ، لذا عُرفت بخطيبة النساء .
أتت أسماء بنت يزيد رضى الله عنها النبى صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت : بأبي وأمي أنت يا رسول الله ، أنا وافدة النساء إليك ، إن الله عز وجل بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك .
وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم ، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج, وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مجاهدًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم ، أفما نشارككم في هذا الأجر والخير .
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال : "هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟" فقالوا : يا رسول الله ، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها فقال : " افهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله". فانصرفت المرأة وهي تهلل .
بلغ عدد الأحاديث التى ردوتها أسماء بنت يزيد رضى الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم واحد وثمانين حديثاً وقد كانت الثالثة بين النساء فى هذا ولم يسبقها إلا السيدة عائشة ، والسيدة أم سلمة - رضى الله عنهن وأرضاهن جميعاً -
وكان مما روت أسماء بنت يزيد عن الرسول صلى الله عليه وسلم :
مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في نسوة فسلم علينا وقال: " إياكن وكفر المنعمين" ، فقلنا: يا رسول الله ، وما كفر المنعمين؟ قال: " لعل إحداكن أن تطول أيمتها بين أبويها وتعنس ، فيرزقها الله عز وجل زوجًا ويرزقها منه مالاً وولدًا فتغضب الغضبة ، فراحت تقول: ما رأيت منه يومًا خيرًا قط ، وقال مرة : خيرًا قط "
وقد روى عنها الإمام أحمد عدة أحاديث منها :
عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان, وعن الجارية شاة ".
وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لست أصافح النساء ".
وعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من بنى لله مسجدًا فإن الله يبني له بيتًا أوسع منه في الجنة ".
وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده فقال: " لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها" ، فأزم القوم فقلت: أي والله يا رسول الله ، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن. قال: "فلا تفعلوا ، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون".
وقد كان لها دور فى الغزاوت فقد شهدت مع الرسول صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر ، وبعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام شهدت معركة اليرموك وقيل إنها اقتلعت من خيمتها عموداً وراحت تضرب به رؤوس الروم حتى قتلت منهم يومئذ تسعة .
بعد معركة اليرموك أقامت بالشام وأخذت تُحدث النساء بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وتروى عنه حتى توفيت فى حدود السبعين هجرية وقبرها فى دمشق بالباب الصغير .
رضى الله عنها وأرضاها ورزقنا حُسن الإقتداء بأمهات المؤمنين والصحابيات
يُتبع بإذن الله تعالى ...
الصحابية الجليلة ( الشفاء بنت عبد الله ) أول مُعلمة فى الإسلام
هي الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن عدي بن كعب القرشية العدوية ، واسمها ليلى وغلب عليها الشفاء ، وكانت تُكنى بأم سليمان .
أمها فاطمة بنت وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران المخزومية
زوجها أبى خثمة بن حذيفة بن عامر القرشي العدوي .
اعتنقت الإسلام قبل الهجرة وكانت من المهاجرات الأُوَلْ وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانت من عقلاء النساء وفضلائهن ، وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يأتيها ويقيل عندها في بيتها ، وكانت قد اتخذت له فراشًا وإزارًا ينام فيه .
كانت الشفاء رضى الله عنها وأرضاها من القلائل الذين عرفوا القراءة والكتابة فى الجاهلية ، كانت تقوم بتعليم نساء المُسلمين القراءة والكتابة لذا أُطلق عليها أول مُعلمة فى الإسلام .
كانت الصحابية الجليلة أيضاً تُجيد الرقية منذ الجاهلية فلما جاء الإسلام قالت لا أرقى حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحضرت إليه وقالت :
يا رسول الله إني قد كنت أرقي برقي الجاهلية وأردت أن أعرضها عليك ، فقال : اعرضيها ، قالت : فعرضتها عليه وكانت ترقي من النَمِلة - النملة نوع من التقرحات تصيب الجلد - فقال : ( ارقي بها وعلميها حفصة : باسم الله ، اللهم اكشف البأس رب الناس) ، قال : ( ترقي به على عود كركم "زعفران" وتطليه على النملة ) ، فاستمرت الشفاء ترقي بها المرضى من المسلمين والمسلمات وعلمتها لأم المؤمنين حفصة
وقد كان عمر بن الخطاب - رضى الله عنه وأرضاه - يُقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها ، وربما ولاها شيئًا من أمر السوق ، ولم تذكر لنا كتب الأخبار ما المهام التي قامت بها الشفاء بنت عبدالله في السوق إلا ما رواه ابن سعد في طبقاته عن حفيدها عمر بن سليمان بن أبي خثمة ، عن أبيه قال : قالت الشفاء ابنة عبدالله : ورأيت فتياناً يقصدون في المشي يتكلون رويداً فقالت : ما هذا ؟ فقالوا : نسّاك ، فقالت : كان عمر إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع وهو الناس حقاً.. ويتضح لنا من كلام الشفاء بنت عبدالله السابق الذكر أن هذا جزء من مهام الحسبة التي قامت بها ولكنها ، كما هو وارد في القصة ، لم تخاطب جماعة الفتيان مباشرة إنما قالت كلامها لمن هم معها.
ويروي أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة : أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح ، وأن عمر بن الخطاب غدا إلى السوق، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق ، فمر على الشفاء أم سليمان فقال لها : لم أر سليمان في صلاة الصبح ! فقالت له : إنه بات يصلي فغلبته عيناه ! فقال عمر : لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة .
روت الشفاء بنت عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وروى عنها ابنها سليمان بن أبي خثمة وآخرون من أحفادها ، وقد روى لها البخاري في كتاب الأدب وكتاب أفعال العباد كما روى لها أبو داود والنسائي .
توفيت معلمة الإسلام الأولى في زمن عمر بن الخطاب سنة عشرين بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم .
رضى الله عنها وأرضاها وجزاها عنا خير الجزاء .
يُتبع بإذن الله تعالى
الصحابية الجليلة نسيبة بنت الحارث ( أم عطية الأنصارية )
كانت - رضى الله عنها وأرضاها - من كبار نساء الصحابة ، ولكن لم يُذكر الكثير عنها !!
راوية للأحاديث ، وشرحت العديد من المسائل الفقهية الخاصة بالنساء التى سمعتها من الرسول - صلى الله عليه وسلم - شاركته فى سبع غزوات ، فكانت تقوم على صُنع الطعام ، ومُداواة الجرحى ، وتروى ظمأ المجاهدين ، وتحرس أمتعتهم وقد كانت من بين عشرين امرأة خرجن للجهاد فى غزوة خيبر .
أُشتهرت أيضاً الصحابية الجليلة ( أم عطية الأنصارية ) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغسيل الموتى من النساء ، وقيل إنها هى التى غسلت زينب بنت الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - عند وفاتها
عن أم عطية رضي الله عنها قالت : لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أغسلنها وتراً ، ثلاثاً ، أو خمساً ، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور ، فإذا غسلتنَّها فأعلمنني".
رويت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أربعون حديثاً ، وقد روى عنها من الصحابة أنس بن مالك رضى الله عنه ومن التابعين محمد بن سيرين وأخته حفصة بنت سيرين وعلى بن الأقمر وعبد الملك بن عمير وغيرهم ، وقد انفرد البخارى بحديث لها وكذلك مسلم
ومن الأحاديث الواردة بروايتها
عن أم عطية - رضى الله عنها - قالت غزوت مع الرسول - صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم فى رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوى الجرحى وأقوم على المرضى ( رواه مسلم )
عن أم عطية - رضى الله عنها - قالت : نُهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ( رواه البخارى )
انتقلت الصحابية الجليلة إلى البصرة وعاشت بها إلى آخر عمرها وتُوفيت فى حدود سنة سبعين من الهجرة .
وقد استفاد الصحابة والتابعين من علمها وفقهها فقد كانوا يأخذون عنها غُسل الميت .
اللهم ارزقنا حُسن الإقتداء بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضى الله عنه وأرضاهم أجمعين
الصحابية الجليلة ( خولة بنت ثعلبة )
خولة بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة ، وهى من الفصحاء البُلغاء
زوجها هو أوس بن الصامت بن قيس ، أخو عبادة بن الصامت رضي الله عنهما ، أنجبت منه الربيع .
هى التى جاءت إلى الرسول - صلَّ الله عليه وسلم - لتشتكى زوجها ونزلت فيها آيات الظهار .
عن خولة بنت ثعلبة قالت : فيَّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه قالت : فدخل عليَّ يومًا، فراجعته بشيء فغضب فقال : أنت عليَّ كظهر أمي قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي قالت: قلت : كلا والذي نفس خولة بيده، لا تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه قالت: فواثبني فامتنعت منه ، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابًا ، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه .
قالت : فجعل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقول : "يا خويلة، ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه". قالت : فوالله ما برحت حتى نزل فيَّ قرآن، فتغشى رسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - ما كان يتغشاه ثم سري عنه، فقال لي: "يا خويلة، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنًا ثم قرأ عليَّ ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
قالت : فقال لي رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: "مريه فليعتق رقبة" قالت : فقلت يا رسول الله ، ما عنده ما يعتق قال: "فليصم شهرين متتابعين" قالت: فقلت: والله إنه لشيخ كبير، ما به من صيام قال: "فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر" قالت: فقلت : والله يا رسول الله، ما ذاك عنده قالت : فقال رسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - : "فإنا سنعينه بعرق من تمر" قالت : فقلت يا رسول الله ، وأنا سأعينه بعرق آخر قال: "قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا" قالت : ففعلت
ومن مواقفها مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه وأرضاه -
خرج عمر - رضى الله عنه - من المسجد ومعه الجارود العبدي ، فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق ، فسلم عليها عمر فردت عليه السلام ، وقالت : هيهات يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميرًا في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي عليه الفوت .
فقال الجارود : قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين فقال عمر: دعها، أما تعرفها ، فهذه خولة بنت حكيم امرأة بن الصامت التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر والله أحق أن يسمع لها .
اللهم ارزقنا جرأتها فى الحق واجمعنا بها فى الفردوس الأعلى من الجنة يارب .