عاشقة الفردوس
06-22-2015, 08:12 PM
سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلُّه، نكمل اليوم هذه الرّحلة المشوّقة مع شخصيّة متميّزة، والّتي سنجتمع عليها في مستقبل الأيام إن شاء الله تعالى؛ وهي "شابٌّ نشأ في طاعة الله".
بداية نسأل أنفسنا: لماذا ورد في الحديث شاب نشأ في طاعة الله؟! لماذا شاب بالذّات من استحقّ أن يكون في ظلّ الله يوم القيامة؟! ببساطة، نقول: لأنّ الشاب في هذه المرحلة من العمر، تكون غرائزه ملتاجة، ويتمتّع بطاقات وقدرات هائلة، ولكن شخصيتنا المباركة اليوم لم يصغ إلى أهوائه وغرائزه الملتاجة، جاهد نفسه ونشأ في طاعة الله تعالى وفي عبادته سبحانه، ملتزمًا أوامره، سائرًا على صراطه، ووجّه إمكاناته على اختلافها لما يرضي الله تعالى، فاستحقّ أن يكون من بين السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّه. وقد قيل: إنّ الله تعالى ليُباهي ملائكته بالشّاب المؤمن ويقول: "انظروا عبدي؛ ترك شهوته من أجلي".
وهذا مصعب بن عمير كانت الدّنيا بين يديه، والحياة مقبلة عليه، كان يرتدي أغلى الثياب، ويتعطّر بأجمل العطور، ثمّ جاء الإسلام فأحبّه وآمن به، واتّبع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فخيّرته أمّه التي كانت على الكفر، خيّرته بين الإسلام وبين الغنى والترف الّذي كان يعيش فيه، فانتصر على أهواء الشباب، مع أنّ المال والجمال والقوّة تفتح آفاق المعصية لكثير من الشباب، ولكن ليس مصعب، فقد ترك حياة الترف والمعاصي واختار طاعة الله تعالى، ووجّه إمكاناته على اختلافها لما يرضي الله تعالى، حتى إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اختاره لأعظم مهمّة في حينها، أن يكون سفيره إلى المدينة، فألقى بين يدي مصعب مصير الإسلام في تلك المدينة التي ستكون دار الهجرة فيما بعد، والتي ستقوم فيها أوّل دولة للإسلام، ثمّ بقوّة إيمانه ولباقته أثّر الشاب المبارك بسادات الأنصار حتّى أسلم على يديه: أُسَيْد بن حُضَيْر الذي تنزّلت الملائكة لتلاوته القرآن، وسعد بن معاذ الذي اهتزّ لموته عرش الرّحمن.
وراح مصعب يفقّه أهل المدينة ويعدُّهم لتلك المسؤولية المقبلة عليهم، وقد حقّق النجاح الذي توقّعه له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
عباد الله: لم تكن هذه المرّة الوحيدة التي يوكّل فيها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالمهام الصعبة للشباب، بل الأمثلة على ذلك كثيرة، منها قراره الأخير قبل موته -صلى الله عليه وسلم-، حيث أصدر قرارًا بتولية ذاك الشاب الصغير أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-، وكان يبلغ آنذاك ثمانية عشر عامًا، ولاّه على قيادة الجيش الإسلامي الضخم المتّجه لمحاربة أعتى الجيوش في ذلك الزمان: جيش الإمبراطوريّة الرّومانيّة، مع العلم أن هذا الشاب لم يكن يتمتّع بوضع اجتماعيّ مميّز، ولا بشكلٍ وسيم أو لباس فخم أنيق، فليست العبرة في تلك الأمور التي يظنّ بعض الشباب اليوم أنّها الأهمّ، بل لقد كان أسامة بسيطًا جدًّا، وهو ابن لرجل بسيط كذلك، هو زيد بن حارثة، لكنّه كان مؤمنًا صلبًا، ومسلمًا قويًّا، له عزيمة قاهرة، وقد استكمل في عدد سنوات عمره المعدودة فنون الفروسيّة والقتال والقيادة والإرادة والفقه والعلم، بحيث أصبح قادرًا على أداء هذه المهمّة الخطيرة، وهذا ليثبت للشباب -في بلادنا خاصّة ولشباب الأمّة عامّة- أن المقوّمات الحقيقية لنجاح الشاب تكمن أساسًا في دين الشاب وفي عقله وعلمه وكفاءته، لكن هنا قد يسأل سائل: ألم يكن في المدينة المنوّرة من هو أفضل من أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- لقيادة الجيش؟! بل كان هناك الكثير من القادة العسكريين أمثال: أبي عبيدة ابن الجرّاح، والزبيّر بن العوّام، وخالد بن الوليد، والقعقاع بن عمرو، وشرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، وغيرهم كثير، وهم عمالقة في كلّ شيء، عمالقة في الفروسيّة وفي التخطيط العسكري، وعمالقة في الإيمان وفي السّبق إلى الإسلام وفي الخبرة وفي الصحبة وفي المكانة.
فما دام الأمر كذلك لماذا يعطي الرسول -صلى الله عليه وسلم- الفرصة للصّحابي الشاب لكي يرأس هذا الجيش الخطير؟! الحقّ أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يوضّح لنا طاقات الشباب وإمكاناتهم، ويلفت أنظارنا إلى أنّ تربية الشباب على القيادة والريادة والإدارة منذ صغر سنّه، يُعْطي الأمّة أعمارًا فوق أعمارها، ويرسّخ أقدامها بين غيرها من الأمم، وقد قيل: إنّ الجيش غاب حوالي الشهرين وعاد بلا ضحايا، فقال عنه المسلمون يومئذ: ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة، فكانت نظرة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وثقته في الشباب في محلّها، وكان -صلوات ربّي وسلامه عليه- ليزرع المعنى في قلوبنا بوضوح، ذلك المعنى الذي خَفِيَ مع الأسف عن عقول كثيرٍ من الآباء والمربّين والدّعاة، وهو أنّ إمكانات الشباب وطاقاتهم وقدراتهم هائلة.
واليوم كيف ينظر مجتمعنا إلى الشباب ويتعامل معهم؟! في الواقع قد تأثّر مجتمعنا التّونسي العربي والمسلم المعاصر المتحضّر بمفاهيم تربوية غربيّة، بعيدة وغريبة عنه، تتمثّل في: النظرة الخاطئة للشباب من سنّ اثني عشر عامًا إلى العشرين، حيث رأوا أنّ الشباب في تلك الفترة العمرية يتّصفون بالطّيش والخفّة والانحراف والتمرّد، وأطلقوا على هذه الفترة: أزمة المراهقة، وانطلقت هذه العدوى إلى مجتمعنا المسلم بواسطة وسائل الاتّصال الغربية المتطوّرة التي اقتحمت بيوتنا رغم أنوف أجدادنا، فكانت النظرة إلى الشباب بأنّه عنصر غير فعّال، بل مشاكس ومخرّب في الأغلب، فانعكس أثر هذه النظرة على الشباب أنفسهم؛ ما جعلهم يضعون أنفسهم حيث ينظر الناس إليهم، فطال أمد الطفولة والطّيش لديهم، فمالوا إلى الانحراف بجميع وسائله، وتحجّم دورهم وطاقاتهم وقدراتهم فيما يفسد ولا يصلح، يهدّم ولا يبني، أسأل الله تعالى أن يقينا الزلاّت، وأن يجعلنا ممّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالديّ ولوالديكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
بداية نسأل أنفسنا: لماذا ورد في الحديث شاب نشأ في طاعة الله؟! لماذا شاب بالذّات من استحقّ أن يكون في ظلّ الله يوم القيامة؟! ببساطة، نقول: لأنّ الشاب في هذه المرحلة من العمر، تكون غرائزه ملتاجة، ويتمتّع بطاقات وقدرات هائلة، ولكن شخصيتنا المباركة اليوم لم يصغ إلى أهوائه وغرائزه الملتاجة، جاهد نفسه ونشأ في طاعة الله تعالى وفي عبادته سبحانه، ملتزمًا أوامره، سائرًا على صراطه، ووجّه إمكاناته على اختلافها لما يرضي الله تعالى، فاستحقّ أن يكون من بين السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّه. وقد قيل: إنّ الله تعالى ليُباهي ملائكته بالشّاب المؤمن ويقول: "انظروا عبدي؛ ترك شهوته من أجلي".
وهذا مصعب بن عمير كانت الدّنيا بين يديه، والحياة مقبلة عليه، كان يرتدي أغلى الثياب، ويتعطّر بأجمل العطور، ثمّ جاء الإسلام فأحبّه وآمن به، واتّبع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فخيّرته أمّه التي كانت على الكفر، خيّرته بين الإسلام وبين الغنى والترف الّذي كان يعيش فيه، فانتصر على أهواء الشباب، مع أنّ المال والجمال والقوّة تفتح آفاق المعصية لكثير من الشباب، ولكن ليس مصعب، فقد ترك حياة الترف والمعاصي واختار طاعة الله تعالى، ووجّه إمكاناته على اختلافها لما يرضي الله تعالى، حتى إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اختاره لأعظم مهمّة في حينها، أن يكون سفيره إلى المدينة، فألقى بين يدي مصعب مصير الإسلام في تلك المدينة التي ستكون دار الهجرة فيما بعد، والتي ستقوم فيها أوّل دولة للإسلام، ثمّ بقوّة إيمانه ولباقته أثّر الشاب المبارك بسادات الأنصار حتّى أسلم على يديه: أُسَيْد بن حُضَيْر الذي تنزّلت الملائكة لتلاوته القرآن، وسعد بن معاذ الذي اهتزّ لموته عرش الرّحمن.
وراح مصعب يفقّه أهل المدينة ويعدُّهم لتلك المسؤولية المقبلة عليهم، وقد حقّق النجاح الذي توقّعه له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
عباد الله: لم تكن هذه المرّة الوحيدة التي يوكّل فيها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالمهام الصعبة للشباب، بل الأمثلة على ذلك كثيرة، منها قراره الأخير قبل موته -صلى الله عليه وسلم-، حيث أصدر قرارًا بتولية ذاك الشاب الصغير أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-، وكان يبلغ آنذاك ثمانية عشر عامًا، ولاّه على قيادة الجيش الإسلامي الضخم المتّجه لمحاربة أعتى الجيوش في ذلك الزمان: جيش الإمبراطوريّة الرّومانيّة، مع العلم أن هذا الشاب لم يكن يتمتّع بوضع اجتماعيّ مميّز، ولا بشكلٍ وسيم أو لباس فخم أنيق، فليست العبرة في تلك الأمور التي يظنّ بعض الشباب اليوم أنّها الأهمّ، بل لقد كان أسامة بسيطًا جدًّا، وهو ابن لرجل بسيط كذلك، هو زيد بن حارثة، لكنّه كان مؤمنًا صلبًا، ومسلمًا قويًّا، له عزيمة قاهرة، وقد استكمل في عدد سنوات عمره المعدودة فنون الفروسيّة والقتال والقيادة والإرادة والفقه والعلم، بحيث أصبح قادرًا على أداء هذه المهمّة الخطيرة، وهذا ليثبت للشباب -في بلادنا خاصّة ولشباب الأمّة عامّة- أن المقوّمات الحقيقية لنجاح الشاب تكمن أساسًا في دين الشاب وفي عقله وعلمه وكفاءته، لكن هنا قد يسأل سائل: ألم يكن في المدينة المنوّرة من هو أفضل من أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- لقيادة الجيش؟! بل كان هناك الكثير من القادة العسكريين أمثال: أبي عبيدة ابن الجرّاح، والزبيّر بن العوّام، وخالد بن الوليد، والقعقاع بن عمرو، وشرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، وغيرهم كثير، وهم عمالقة في كلّ شيء، عمالقة في الفروسيّة وفي التخطيط العسكري، وعمالقة في الإيمان وفي السّبق إلى الإسلام وفي الخبرة وفي الصحبة وفي المكانة.
فما دام الأمر كذلك لماذا يعطي الرسول -صلى الله عليه وسلم- الفرصة للصّحابي الشاب لكي يرأس هذا الجيش الخطير؟! الحقّ أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يوضّح لنا طاقات الشباب وإمكاناتهم، ويلفت أنظارنا إلى أنّ تربية الشباب على القيادة والريادة والإدارة منذ صغر سنّه، يُعْطي الأمّة أعمارًا فوق أعمارها، ويرسّخ أقدامها بين غيرها من الأمم، وقد قيل: إنّ الجيش غاب حوالي الشهرين وعاد بلا ضحايا، فقال عنه المسلمون يومئذ: ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة، فكانت نظرة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وثقته في الشباب في محلّها، وكان -صلوات ربّي وسلامه عليه- ليزرع المعنى في قلوبنا بوضوح، ذلك المعنى الذي خَفِيَ مع الأسف عن عقول كثيرٍ من الآباء والمربّين والدّعاة، وهو أنّ إمكانات الشباب وطاقاتهم وقدراتهم هائلة.
واليوم كيف ينظر مجتمعنا إلى الشباب ويتعامل معهم؟! في الواقع قد تأثّر مجتمعنا التّونسي العربي والمسلم المعاصر المتحضّر بمفاهيم تربوية غربيّة، بعيدة وغريبة عنه، تتمثّل في: النظرة الخاطئة للشباب من سنّ اثني عشر عامًا إلى العشرين، حيث رأوا أنّ الشباب في تلك الفترة العمرية يتّصفون بالطّيش والخفّة والانحراف والتمرّد، وأطلقوا على هذه الفترة: أزمة المراهقة، وانطلقت هذه العدوى إلى مجتمعنا المسلم بواسطة وسائل الاتّصال الغربية المتطوّرة التي اقتحمت بيوتنا رغم أنوف أجدادنا، فكانت النظرة إلى الشباب بأنّه عنصر غير فعّال، بل مشاكس ومخرّب في الأغلب، فانعكس أثر هذه النظرة على الشباب أنفسهم؛ ما جعلهم يضعون أنفسهم حيث ينظر الناس إليهم، فطال أمد الطفولة والطّيش لديهم، فمالوا إلى الانحراف بجميع وسائله، وتحجّم دورهم وطاقاتهم وقدراتهم فيما يفسد ولا يصلح، يهدّم ولا يبني، أسأل الله تعالى أن يقينا الزلاّت، وأن يجعلنا ممّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالديّ ولوالديكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.