الوطن
01-02-2018, 11:43 AM
شرح اسم الله ( الشافي )
شرح اسم الله ( الشافي )
( الشافي )
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180].
روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مئة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة"[1].
ومن أسماء الله الحسنى التي وردت في الكتاب والسنة: "الشافي" والشفاء يشمل شفاء الأبدان، وشفاء الصدور من الشبه والشهوات
، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80].
روى البخاري ومسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم
- كان إذا عاد مريضًا يقول: "أذهب الباس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا"[2].
وفي هذا الحديث طلب الشفاء من جميع الأمراض، وليس من ذاك المرض الذي أصيب به المريض،
ويشرع للمسلم أن يقول: "يا شافي اشفني" فالله - عز وجل - يشفي من أمراض القلوب كالغل، والحسد، والشهوات، ويشفي من أمراض الأبدان، ولا يدعى بهذا الاسم سواه.
ومن آثار الإيمان بهذا الاسم:
أولًا: أن الله تعالى هو الشافي، ولا شافي إلا هو، ولا شفاء إلا شفاؤه، ولا يرفع المرض إلا هو، سواء كان مرضًا بدنيًا أو نفسيًا،
قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17].
ثانيًا: أن الله تعالى هو الشافي، لم ينزل داء إلا وأنزل له شفاء، وله أسباب، روى البخاري في صحيحه
من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء"[3].
ومن الأسباب التي جعلها الله شفاء:
• الدعاء: قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]،
روى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
: "من عاد مريضًا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض"[4].
• ومنها القرآن العظيم:
قال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]
، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].
وقال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44]،
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور المرضى، ويدعو لهم، ويرقيهم بكتاب الله كما كان يرقي نفسه بالقرآن،
كما في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول للمريض
: "بسم الله تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفي سقيمنا، بإذن ربنا"[5]،
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - "ينفث على نفسه في مرضه الذي قبض فيه بالمعوذات"[6].
• ومنها العسل:
قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ *
ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 68، 69].
• ومنها الحبة السوداء: روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام"، قال ابن شهاب: "والسام الموت"[7].
• ومنها الحجامة:
روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنا أنهي أمتي عن الكي"[8].
• ومنها ماء زمزم:
روى ابن ماجه في سننه من حديث جابر- رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ماء زمزم لما شرب له"[9]،
وقد جربت أنا وغيري من الإستشفاء بماء زمزم أمورًا عجيبة، واستشفيت به من عدة أمراض فبرئت بإذن الله،
وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبًا من نصف الشهر أو أكثر، ولا يجد جوعًا، ويطوف مع الناس كأحدهم،
أنه ربما بقي عليه أربعين يومًا، وكان له قوة يجامع بها أهله ويصوم ويطوف مرارًا[10].
وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاء من كل داء"[11].
• ومنها ما أنزله الله - عز وجل - في الأرض من ترابها، ومياهها، وأشجارها، وثمارها، وغير ذلك مما خص الله بعلمه من شاء من عباده.
ثالثًا: أن هذا الشفاء قد يتأخر لحكمة إلهية، رفعًا لدرجات المريض، وتكفيرًا لسيئاته:
قال تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84].
ذكر بعض المفسرين أنه لبث في مرضه ثمانية عشر عامًا ابتلاء من الله لنبيه، روى الترمذي في سننه من حديث جابر - رضي الله عنه -:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطي أهل البلاء الثواب
، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض"[12].
ومما نبه عليه بعض أهل العلم أن بعض المرضى إذا أصيبوا بمرض تعلقت قلوبهم بالأسباب، كالمستشفيات، والأطباء،
والواجب أن يكون تعلق القلب بالذي أنزل الداء، ولا يرفعه إلا هو.
وعلى المريض أن يحذر من اليأس، وإن استعصى مرضه، ففرج الله قريب،
يذكر لي أحد الإخوة وقد أصيب بحادث سيارة أنه مكث في غيبوبة أربعة أشهر، ووالدته تقرأ عليه القرآن في سرير المستشفى، وتدعو له،
ثم استيقظ من هذه الغيبوبة، وقد شفاه الله، وهو حي يرزق، فسبحان الله الشافي، ورجل آخر أصيب بمرض السرطان،
وقرر الأطباء أن ليس له علاج، فاستمر على العسل والحبة السوداء مع خلطهما ببعض الأعشاب لعدة أشهر، فشفاه الله وعافاه، فسبحان الله العزيز الحكيم.
ويذكر أحد المسؤولين في الحرم المكي أن ناسًا من هؤلاء المرضى، الذين قرر الأطباء أن ليس لهم علاج
ممن أصيبوا بأمراض مستعصية، أنهم اعتكفوا في المسجد الحرام يشربون من ماء زمزم، ويدعون ربهم، ويتضرعون إليه،
فإنه لا ملجأ منه إلا إليه، فشفاهم الله الشافي، والقصص في هذا كثيرة، وما ذكرته غيض من فيض، وقليل من كثير.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] البخاري برقم (٢٧٣٦)، ومسلم برقم (٢٦٧٧).
[2] البخاري برقم (٥٧٤٣)، ومسلم برقم (٢١٩١).
[3] برقم (٥٦٧٨).
[4] برقم (٣١٠٦) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/600) برقم (٢٦٦٣).
[5] البخاري برقم (٥٧٤٥)، ومسلم برقم (٢١٩٤).
[6] صحيح البخاري برقم (٥٧٣٥)، وصحيح مسلم برقم (٢١٩٢).
[7] البخاري برقم (٥٦٨٨)، ومسلم برقم (٢٢١٥).
[8] برقم (٥٦٨١).
[9] برقم (٣٠٦٢) وحسنه ابن القيم في زاد المعاد (4/360-361).
[10] زاد المعاد (4/361).
[11] مصنف عبد الرزاق (5/113) برقم (9112).
[12] برقم (٢٤٠٢) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/287) برقم (1960).
شرح اسم الله ( الشافي )
( الشافي )
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180].
روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مئة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة"[1].
ومن أسماء الله الحسنى التي وردت في الكتاب والسنة: "الشافي" والشفاء يشمل شفاء الأبدان، وشفاء الصدور من الشبه والشهوات
، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80].
روى البخاري ومسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم
- كان إذا عاد مريضًا يقول: "أذهب الباس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا"[2].
وفي هذا الحديث طلب الشفاء من جميع الأمراض، وليس من ذاك المرض الذي أصيب به المريض،
ويشرع للمسلم أن يقول: "يا شافي اشفني" فالله - عز وجل - يشفي من أمراض القلوب كالغل، والحسد، والشهوات، ويشفي من أمراض الأبدان، ولا يدعى بهذا الاسم سواه.
ومن آثار الإيمان بهذا الاسم:
أولًا: أن الله تعالى هو الشافي، ولا شافي إلا هو، ولا شفاء إلا شفاؤه، ولا يرفع المرض إلا هو، سواء كان مرضًا بدنيًا أو نفسيًا،
قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17].
ثانيًا: أن الله تعالى هو الشافي، لم ينزل داء إلا وأنزل له شفاء، وله أسباب، روى البخاري في صحيحه
من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء"[3].
ومن الأسباب التي جعلها الله شفاء:
• الدعاء: قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]،
روى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
: "من عاد مريضًا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض"[4].
• ومنها القرآن العظيم:
قال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]
، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].
وقال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44]،
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور المرضى، ويدعو لهم، ويرقيهم بكتاب الله كما كان يرقي نفسه بالقرآن،
كما في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول للمريض
: "بسم الله تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفي سقيمنا، بإذن ربنا"[5]،
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - "ينفث على نفسه في مرضه الذي قبض فيه بالمعوذات"[6].
• ومنها العسل:
قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ *
ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 68، 69].
• ومنها الحبة السوداء: روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام"، قال ابن شهاب: "والسام الموت"[7].
• ومنها الحجامة:
روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنا أنهي أمتي عن الكي"[8].
• ومنها ماء زمزم:
روى ابن ماجه في سننه من حديث جابر- رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ماء زمزم لما شرب له"[9]،
وقد جربت أنا وغيري من الإستشفاء بماء زمزم أمورًا عجيبة، واستشفيت به من عدة أمراض فبرئت بإذن الله،
وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبًا من نصف الشهر أو أكثر، ولا يجد جوعًا، ويطوف مع الناس كأحدهم،
أنه ربما بقي عليه أربعين يومًا، وكان له قوة يجامع بها أهله ويصوم ويطوف مرارًا[10].
وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاء من كل داء"[11].
• ومنها ما أنزله الله - عز وجل - في الأرض من ترابها، ومياهها، وأشجارها، وثمارها، وغير ذلك مما خص الله بعلمه من شاء من عباده.
ثالثًا: أن هذا الشفاء قد يتأخر لحكمة إلهية، رفعًا لدرجات المريض، وتكفيرًا لسيئاته:
قال تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84].
ذكر بعض المفسرين أنه لبث في مرضه ثمانية عشر عامًا ابتلاء من الله لنبيه، روى الترمذي في سننه من حديث جابر - رضي الله عنه -:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطي أهل البلاء الثواب
، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض"[12].
ومما نبه عليه بعض أهل العلم أن بعض المرضى إذا أصيبوا بمرض تعلقت قلوبهم بالأسباب، كالمستشفيات، والأطباء،
والواجب أن يكون تعلق القلب بالذي أنزل الداء، ولا يرفعه إلا هو.
وعلى المريض أن يحذر من اليأس، وإن استعصى مرضه، ففرج الله قريب،
يذكر لي أحد الإخوة وقد أصيب بحادث سيارة أنه مكث في غيبوبة أربعة أشهر، ووالدته تقرأ عليه القرآن في سرير المستشفى، وتدعو له،
ثم استيقظ من هذه الغيبوبة، وقد شفاه الله، وهو حي يرزق، فسبحان الله الشافي، ورجل آخر أصيب بمرض السرطان،
وقرر الأطباء أن ليس له علاج، فاستمر على العسل والحبة السوداء مع خلطهما ببعض الأعشاب لعدة أشهر، فشفاه الله وعافاه، فسبحان الله العزيز الحكيم.
ويذكر أحد المسؤولين في الحرم المكي أن ناسًا من هؤلاء المرضى، الذين قرر الأطباء أن ليس لهم علاج
ممن أصيبوا بأمراض مستعصية، أنهم اعتكفوا في المسجد الحرام يشربون من ماء زمزم، ويدعون ربهم، ويتضرعون إليه،
فإنه لا ملجأ منه إلا إليه، فشفاهم الله الشافي، والقصص في هذا كثيرة، وما ذكرته غيض من فيض، وقليل من كثير.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] البخاري برقم (٢٧٣٦)، ومسلم برقم (٢٦٧٧).
[2] البخاري برقم (٥٧٤٣)، ومسلم برقم (٢١٩١).
[3] برقم (٥٦٧٨).
[4] برقم (٣١٠٦) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/600) برقم (٢٦٦٣).
[5] البخاري برقم (٥٧٤٥)، ومسلم برقم (٢١٩٤).
[6] صحيح البخاري برقم (٥٧٣٥)، وصحيح مسلم برقم (٢١٩٢).
[7] البخاري برقم (٥٦٨٨)، ومسلم برقم (٢٢١٥).
[8] برقم (٥٦٨١).
[9] برقم (٣٠٦٢) وحسنه ابن القيم في زاد المعاد (4/360-361).
[10] زاد المعاد (4/361).
[11] مصنف عبد الرزاق (5/113) برقم (9112).
[12] برقم (٢٤٠٢) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/287) برقم (1960).