الوطن
03-03-2018, 04:59 PM
تفسير قوله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة...)
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أخص صفات المؤمنين
قال تعالى:
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 71﴾ (التوبة: 71)
المفردات:
أولياء:
الوَلَاءُ والتَّوَالِي : أن يَحْصُلَ شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما ، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ، ومن حيث النّسبة ، ومن حيث الدّين ، ومن حيث الصّداقة والنّصرة والاعتقاد، والوِلَايَةُ النُّصْرةُ ([1])
المناسبة:
هذه الآية جاءت عقب الحديث عن المنافقين وصفاتهم المعوجة، التي قلبت معها الحقائق عندهم، فصار معروفهم منكر ومنكرهم معروفا.
بعد ذلك جاءت هذه الآية لتبين أن المؤمنين على نقيضهم تماما، فإذا كان المنافقون [يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ] (التوبة: 67) وهي صفات تنفر من النفاق وتبرهن على سوئه، فإن المؤمنين [يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ] وهي صفات ترغب في الإيمان وتنشط إليه، وتحض على امتثال مطالبه، واجتناب مناهيه.
التفسير
واضح هدف التقابل بين ما تحمله هذه الآية من صفات المؤمنين، وما حملته آية المنافقين من صفاتهم، لكن اللافت هنا، افتراق المتقابلين في الإخبار عن كلٍّ، ووصف حالهم في المستهل، ففي آية المنافقين، قال: [بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] وفي آية المؤمنين، قال: [بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ]
وتعليل ذلك وتوضيحه: أن المراد بالولاية هنا معناها الأخص، وهو الولاية في الله بتحقيق كل ما يلزم لضمان حصولها، وهذه الولاية يفتقدها المنافقون بلا ريب، ولذا ذكرت في جانب المؤمنين ، لا في جانبهم.
لكن الفخر الرازي يسلك في المسألة مسلكًا آخر، حيث قال سائلا ومجيبا:
فان قيل : ما الفائدة في أنه تعالى قال في صفة المنافقين [الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] وها هنا قال في صفة المؤمنين: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ] فلِمَ ذكر في المنافقين لفظ [مِنْ] وفي المؤمنين لفظ [أَوْلِياءُ] ؟
قلنا : قوله في صفة المنافقين: [بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] يدل على أن نفاق الأتباع ، كالأمر المتفرع على نفاق الأسلاف، والأمر في نفسه كذلك، لأن نفاق الأتباع وكفرهم، حصل بسبب التقليد لأولئك الأكابر، وبسبب مقتضى الهوى والطبيعة والعادة.
أما الموافقة الحاصلة بين المؤمنين، فإنما حصلت لا بسبب الميل والعادة، بل بسبب المشاركة في الاستدلال والتوفيق والهداية، فلهذا السبب قال تعالى في المنافقين: [بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] وقال في المؤمنين : [بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ].([2])
ولعل في ذكر المؤمنات استقلالا دون الارتكاز على اندراجهم في لفظ المؤمنين على سبيل التغليب، ما يلفت إلى أحقيتهن بهذا الذكر الاستقلالي، فهن لم يكن أقل من المؤمنين حرصا على الإيمان وموالاة المؤمنين، والتضحية في سبيل ذلك بكل ما يُستطاع.
يقول صحاب المنار:
ولاية المؤمنين والمؤمنات بعضهم لبعض في هذه الآية تعم ولاية النصرة وولاية الأخوة والمودة ، ولكن نصرة النساء تكون فيما دون القتال بالفعل ، فللنصرة أعمال كثيرة ، مالية وبدنية وأدبية ، وكان نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونساء أصحابه يخرجن مع الجيش يسقين الماء ويجهزن الطعام، ويضمدن جراح الجرحى ، وفي الصحيح أن فاطمة عليها السلام كانت هي وأم سليم وغيرهما ينقزن قرب الماء في غزوة أحد ، ويسرعن بها إلى المقاتلة والجرحى يسقينهم ويغسلن جراحهم ، وكان النساء يحرضن على القتال ، ويرددن المنهزم من رجال ، قال حسان :
تظل جيادنا متمطرات ... يلطمهن بالخمر النساء ([3])
وقد صورت السنة النبوية علاقة الموالاة بين المؤمنين أبلغ تصوير، فمرة صورت هذه العلاقة بين المؤمنين، بالبنيان الذي تتعاضد لبناته، ليتم تماسكه. وهذا ما أخرجه البخاري بسنده عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " وشبك أصابعه.([4])
ومرة أخرى يشبهها بالجسد الواحد، التي تتعدد جوارحه وأطرافه، ويتحد جوهره ليشعر كل عضو بألم غيره من الأعضاء، وهذا ما أخرجه مسلم بسنده عن النعمان بن بشير ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مثل المؤمنين في توادهم ، وتراحمهم ، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"([5])
ثم أفصحت الآية الكريمة عن براهين كون المؤمنين والمؤمنات، بعضهم أولياء فقالت:
[يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ]
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبرز ما يبرهن به على تحقيق الولاية في الله بين المؤمنين، إذ هما عنوان التراحم والمودة والإخوة بينهم، وهما سياج حفظ الفضائل ، ومنع فشو الرذائل، فبهما تتحقق المصالح وتدرأ المفاسد، وأثر هذا كله يعود عليهم جميعا وعلى مجتمعهم، لهذا ولغيره كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أهم دلائل هذه الولاية.
والأمر بالمعروف هو الأمر بكل ما عرف حسنه في الشرع، وأهمه الأمر بعبادة الله وطاعته، وما يلزمه من صفات الطائعين المخلصين.
والنهي عن المنكر هو النهي عن كل ما عرف في الشرع قبحه، وأهمه النهي عن الشرك وما يلزمه من صفات المشركين.
ومن ثم أخرج الطبري عن أبي العالية قوله:
كل ما ذكره الله في القرآن من "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، فـ "الأمر بالمعروف"، دعاء من الشرك إلى الإسلام و"النهي عن المنكر"، النهي عن عبادة الأوثان والشياطين.([6])
وهذا بلا شك أعلى درجات الأمر والنهي، ويدخل فيهما ما يتبعهما من الفضائل المندرجة تحت المعروف فيؤم بها، والرذائل المندرجة تحت المنكر، فينهى عنها.
قال القرطبي: قوله تعالى: [يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ] أي بعبادة الله تعالى وتوحيده، وكل ما أتبع ذلك. [وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ] عن عبادة الأوثان وكل ما أتبع ذلك([7]).
وإيغالا في بيان الفرق بين المؤمنين والمنافقين بينت الآية الكريمة أن من صفاتهم أيضا، أنهم:
[وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ]
أي ومن صفاتهم أيضا أنهم [يقيمون الصلاة] بأن يؤدوها في أوقاتها،كاملة الأركان، عامرة بالخشوع لله، يستوي في ذلك إن كانت صلاتهم فرضا أو نفلا، وليس كذلك المنافقون، فإنهم يكسلون إذا دعوا إلى الصلاة، ولا يتكلَّفون القيام لها، إلا رئاء الناس، كما قال تعالى: [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ] (النساء:142)
ومن صفاتهم كذلك أنهم [يؤتون الزكاة] أي يؤدون ما افترضه الله عليهم من زكاة أموالهم، ولا يضنون بها ولا يبخلون، بل إنهم يتصدقون متطوعين بما تجود به أيديهم، وليس كذلك المنافقون، لأنهم بخلاء لا ينفقون شيئا من أموالهم، في سبيل الخير، فهم كما وصفتهم الآية الكريمة [يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ] شحا وبخلا، ولا يبسطونها عطاء وسخاء.
يقول صاحب المنار:
وفائدة إقامة هذين الركنين – الصلاة والزكاة - من أركان الإسلام مع الإخلاص في الإيمان قد بينه الله تعالى في قوله :
[إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26)] (المعارج : 19 - 26).
فالصلاة والزكاة علاج لما في جبلة الإنسان من الهلع والجبن الحاجم له عن الإقدام في الدفاع عن الحق وإعلاء كلمة الله ، ومن الشح الصاد له عن الإنفاق في سبيل الله ; ولذلك كان المنافقون أجبن الناس وأبخلهم.([8])
ولأن المنافقين أيضا منّاعون للخير معرضون عن طاعة الله، فقد قال سبحانه في بيان مفارقة المؤمنين لحالهم: [وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ]
أي مستمرون على طاعة الله ورسوله، باتباع الأوامر واجتناب النواهي، وليس كذلك المنافقون، فهم فاسقون خارجون عن طاعة الله ورسوله. قال تعالى: [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ] (التوبة: 67)
وبهذا يتم التقابل بين صفات المنافقين وصفات المؤمنين، على أتم وجه وأكمله، بما يحقق التنافي الكامل بينهما.
ولأن هذه صفات المؤمنين، فقد نالهم وعد الله بقوله:
[أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ]
أي أولئك المؤمنون الموصوفون بما مضى [سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ ] أي في المستقبل، لأن السين مفيدة للاستقبال.
وهذا المستقبل قد يكون في الدنيا فيما يستقبل من أيامهم، وفي الآخرة وهو كائن بلا شك، وقد يكون في الآخرة فقط.
أما قوله: [إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ] فهو "تذييل لتعليل هذا الوعد المؤكد ، وهو أنه تعالى عزيز لا يمتنع عليه شيء من وعده ، ولا من وعيده ، وحكيم لا يضع شيئا منهما إلا في موضعه."([9])
وقوله تعالى: [أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] هو في مقابلة قوله تعالى في آية المنافقين: [نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ] (التوبة:67)
يقول صاحب المنار:
ولولا أن الوعد هنا للمقابلة بالوعيد الذي قبله لكان المناسب أن يقال : إن الله غفور رحيم.([10])
ما تدل عليه الآية من فوائد وأحكام:
1- يدل قوله تعالى: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ] على أن كل واحد من المؤمنين شريك في هذه الموالاة، " فكل مؤمن وهو ولي وهو موال؛ لأن الولاية مأخوذة من "يليه" ، أي صار قريباً ، وضدها عاداهُ أي بَعُدَ عنه وتركه. إذن: فالموالاة ضدها العداوة. وفائدة القرب أن يكون الولي نصير أخيه المؤمن في الأمر الذي هو ضعيف فيه .
فإذا كنت ضعيفاً في أمر ما، فأخي المؤمن ينصرني فيه. وما دام أخي المؤمن ينصرني في أمر ما، فإن صار هو ضعيفاً في شيء أنصره أنا فيه، فنتفاعل ونتكامل ويصبح كل منا ولياً ومُوَالَى.
ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: [والعصر * إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر ] (العصر : 1-3)
ولو قيل : « وصَّوْا » لكان هناك أناس يوصون وأناس يتواصون ، لكن الحق قال : [وَتَوَاصَوْاْ] ومعناها أن كل مؤمن عليه أن يوصي أخاه المؤمن . فإن كان عندي نقطة ضعف فأنت توصيني وتقول : اعدل عن هذا ولا تفعله فأنت مؤمن . وإن كانت فيك نقطة ضعف أقول لك : لا تفعل هذا فأنت مؤمن .
إذن : فكل واحد منا مُوص ومُوصىً . كذلك الولاية فأنت وليي ، أي قريب مني تنصرني في ضعفي، وأنا وليُّك ، أي قريب منك ، أنصرك في ضعفك لأننا أبناء أغيار؟([11])
2- وتدل الآية الكريمة على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنهما من أخص صفات المؤمنين، وأن من لا يقوم بهما، فقد جانب المؤمنين في أخص صفاتهم.
قال صاحب الكنز الأكبر:
وأخص صفات المؤمنين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتقدمه على بقية الأوصاف، فالذي هجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خارج عن هؤلاء المؤمنين المنعوتين في الآية، فيثبت بذلك أن أخص أوصاف المؤمنين وأقواها دلالة على صحة عقيدتهم وسلامة سريرتهم هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.([12])
3- ويؤخذ من الآية أيضا أن مرجع فضيلة المؤمنين، إلى قيامهم بالأوامر، وتمسكهم بالفضائل، واجتنابهم للنواهي، وذلك لأن الله تعالى حينما امتدحهم هنا، أردف مدحهم بذكر صفاتهم القائمة مقام العلة المسوغة للمدح، وعلى ذلك رتب وعدهم بالرحمة فقال:
[ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 71] (التوبة: 71)
[1] - المفردات ص 885
[2] - مفاتيح الغيب 16/ 100
[3] - تفسير المنار 10/ 466
[4] - صحيح البخاري - كتاب الصلاة - أبواب استقبال القبلة - باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره - رقم (481).
[5] - صحيح مسلم - كتاب البر والصلة والآداب - باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم – رقم (2586).
[6] - جامع البيان للطبري - 14/ 348
[7] - تفسير القرطبي 8/ 203
[8] - تفسير المنار 10/ 468
[9] - تفسير المنار 10/ 469
[10] نفس المرجع
[11] - تفسير الشعراوي ص 3614
[12] الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، للشيخ عبد الرحمن أبي بكر بن داود الحنبلي ص 52،
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أخص صفات المؤمنين
قال تعالى:
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 71﴾ (التوبة: 71)
المفردات:
أولياء:
الوَلَاءُ والتَّوَالِي : أن يَحْصُلَ شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما ، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ، ومن حيث النّسبة ، ومن حيث الدّين ، ومن حيث الصّداقة والنّصرة والاعتقاد، والوِلَايَةُ النُّصْرةُ ([1])
المناسبة:
هذه الآية جاءت عقب الحديث عن المنافقين وصفاتهم المعوجة، التي قلبت معها الحقائق عندهم، فصار معروفهم منكر ومنكرهم معروفا.
بعد ذلك جاءت هذه الآية لتبين أن المؤمنين على نقيضهم تماما، فإذا كان المنافقون [يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ] (التوبة: 67) وهي صفات تنفر من النفاق وتبرهن على سوئه، فإن المؤمنين [يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ] وهي صفات ترغب في الإيمان وتنشط إليه، وتحض على امتثال مطالبه، واجتناب مناهيه.
التفسير
واضح هدف التقابل بين ما تحمله هذه الآية من صفات المؤمنين، وما حملته آية المنافقين من صفاتهم، لكن اللافت هنا، افتراق المتقابلين في الإخبار عن كلٍّ، ووصف حالهم في المستهل، ففي آية المنافقين، قال: [بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] وفي آية المؤمنين، قال: [بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ]
وتعليل ذلك وتوضيحه: أن المراد بالولاية هنا معناها الأخص، وهو الولاية في الله بتحقيق كل ما يلزم لضمان حصولها، وهذه الولاية يفتقدها المنافقون بلا ريب، ولذا ذكرت في جانب المؤمنين ، لا في جانبهم.
لكن الفخر الرازي يسلك في المسألة مسلكًا آخر، حيث قال سائلا ومجيبا:
فان قيل : ما الفائدة في أنه تعالى قال في صفة المنافقين [الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] وها هنا قال في صفة المؤمنين: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ] فلِمَ ذكر في المنافقين لفظ [مِنْ] وفي المؤمنين لفظ [أَوْلِياءُ] ؟
قلنا : قوله في صفة المنافقين: [بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] يدل على أن نفاق الأتباع ، كالأمر المتفرع على نفاق الأسلاف، والأمر في نفسه كذلك، لأن نفاق الأتباع وكفرهم، حصل بسبب التقليد لأولئك الأكابر، وبسبب مقتضى الهوى والطبيعة والعادة.
أما الموافقة الحاصلة بين المؤمنين، فإنما حصلت لا بسبب الميل والعادة، بل بسبب المشاركة في الاستدلال والتوفيق والهداية، فلهذا السبب قال تعالى في المنافقين: [بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] وقال في المؤمنين : [بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ].([2])
ولعل في ذكر المؤمنات استقلالا دون الارتكاز على اندراجهم في لفظ المؤمنين على سبيل التغليب، ما يلفت إلى أحقيتهن بهذا الذكر الاستقلالي، فهن لم يكن أقل من المؤمنين حرصا على الإيمان وموالاة المؤمنين، والتضحية في سبيل ذلك بكل ما يُستطاع.
يقول صحاب المنار:
ولاية المؤمنين والمؤمنات بعضهم لبعض في هذه الآية تعم ولاية النصرة وولاية الأخوة والمودة ، ولكن نصرة النساء تكون فيما دون القتال بالفعل ، فللنصرة أعمال كثيرة ، مالية وبدنية وأدبية ، وكان نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونساء أصحابه يخرجن مع الجيش يسقين الماء ويجهزن الطعام، ويضمدن جراح الجرحى ، وفي الصحيح أن فاطمة عليها السلام كانت هي وأم سليم وغيرهما ينقزن قرب الماء في غزوة أحد ، ويسرعن بها إلى المقاتلة والجرحى يسقينهم ويغسلن جراحهم ، وكان النساء يحرضن على القتال ، ويرددن المنهزم من رجال ، قال حسان :
تظل جيادنا متمطرات ... يلطمهن بالخمر النساء ([3])
وقد صورت السنة النبوية علاقة الموالاة بين المؤمنين أبلغ تصوير، فمرة صورت هذه العلاقة بين المؤمنين، بالبنيان الذي تتعاضد لبناته، ليتم تماسكه. وهذا ما أخرجه البخاري بسنده عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " وشبك أصابعه.([4])
ومرة أخرى يشبهها بالجسد الواحد، التي تتعدد جوارحه وأطرافه، ويتحد جوهره ليشعر كل عضو بألم غيره من الأعضاء، وهذا ما أخرجه مسلم بسنده عن النعمان بن بشير ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مثل المؤمنين في توادهم ، وتراحمهم ، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"([5])
ثم أفصحت الآية الكريمة عن براهين كون المؤمنين والمؤمنات، بعضهم أولياء فقالت:
[يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ]
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبرز ما يبرهن به على تحقيق الولاية في الله بين المؤمنين، إذ هما عنوان التراحم والمودة والإخوة بينهم، وهما سياج حفظ الفضائل ، ومنع فشو الرذائل، فبهما تتحقق المصالح وتدرأ المفاسد، وأثر هذا كله يعود عليهم جميعا وعلى مجتمعهم، لهذا ولغيره كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أهم دلائل هذه الولاية.
والأمر بالمعروف هو الأمر بكل ما عرف حسنه في الشرع، وأهمه الأمر بعبادة الله وطاعته، وما يلزمه من صفات الطائعين المخلصين.
والنهي عن المنكر هو النهي عن كل ما عرف في الشرع قبحه، وأهمه النهي عن الشرك وما يلزمه من صفات المشركين.
ومن ثم أخرج الطبري عن أبي العالية قوله:
كل ما ذكره الله في القرآن من "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، فـ "الأمر بالمعروف"، دعاء من الشرك إلى الإسلام و"النهي عن المنكر"، النهي عن عبادة الأوثان والشياطين.([6])
وهذا بلا شك أعلى درجات الأمر والنهي، ويدخل فيهما ما يتبعهما من الفضائل المندرجة تحت المعروف فيؤم بها، والرذائل المندرجة تحت المنكر، فينهى عنها.
قال القرطبي: قوله تعالى: [يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ] أي بعبادة الله تعالى وتوحيده، وكل ما أتبع ذلك. [وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ] عن عبادة الأوثان وكل ما أتبع ذلك([7]).
وإيغالا في بيان الفرق بين المؤمنين والمنافقين بينت الآية الكريمة أن من صفاتهم أيضا، أنهم:
[وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ]
أي ومن صفاتهم أيضا أنهم [يقيمون الصلاة] بأن يؤدوها في أوقاتها،كاملة الأركان، عامرة بالخشوع لله، يستوي في ذلك إن كانت صلاتهم فرضا أو نفلا، وليس كذلك المنافقون، فإنهم يكسلون إذا دعوا إلى الصلاة، ولا يتكلَّفون القيام لها، إلا رئاء الناس، كما قال تعالى: [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ] (النساء:142)
ومن صفاتهم كذلك أنهم [يؤتون الزكاة] أي يؤدون ما افترضه الله عليهم من زكاة أموالهم، ولا يضنون بها ولا يبخلون، بل إنهم يتصدقون متطوعين بما تجود به أيديهم، وليس كذلك المنافقون، لأنهم بخلاء لا ينفقون شيئا من أموالهم، في سبيل الخير، فهم كما وصفتهم الآية الكريمة [يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ] شحا وبخلا، ولا يبسطونها عطاء وسخاء.
يقول صاحب المنار:
وفائدة إقامة هذين الركنين – الصلاة والزكاة - من أركان الإسلام مع الإخلاص في الإيمان قد بينه الله تعالى في قوله :
[إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26)] (المعارج : 19 - 26).
فالصلاة والزكاة علاج لما في جبلة الإنسان من الهلع والجبن الحاجم له عن الإقدام في الدفاع عن الحق وإعلاء كلمة الله ، ومن الشح الصاد له عن الإنفاق في سبيل الله ; ولذلك كان المنافقون أجبن الناس وأبخلهم.([8])
ولأن المنافقين أيضا منّاعون للخير معرضون عن طاعة الله، فقد قال سبحانه في بيان مفارقة المؤمنين لحالهم: [وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ]
أي مستمرون على طاعة الله ورسوله، باتباع الأوامر واجتناب النواهي، وليس كذلك المنافقون، فهم فاسقون خارجون عن طاعة الله ورسوله. قال تعالى: [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ] (التوبة: 67)
وبهذا يتم التقابل بين صفات المنافقين وصفات المؤمنين، على أتم وجه وأكمله، بما يحقق التنافي الكامل بينهما.
ولأن هذه صفات المؤمنين، فقد نالهم وعد الله بقوله:
[أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ]
أي أولئك المؤمنون الموصوفون بما مضى [سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ ] أي في المستقبل، لأن السين مفيدة للاستقبال.
وهذا المستقبل قد يكون في الدنيا فيما يستقبل من أيامهم، وفي الآخرة وهو كائن بلا شك، وقد يكون في الآخرة فقط.
أما قوله: [إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ] فهو "تذييل لتعليل هذا الوعد المؤكد ، وهو أنه تعالى عزيز لا يمتنع عليه شيء من وعده ، ولا من وعيده ، وحكيم لا يضع شيئا منهما إلا في موضعه."([9])
وقوله تعالى: [أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] هو في مقابلة قوله تعالى في آية المنافقين: [نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ] (التوبة:67)
يقول صاحب المنار:
ولولا أن الوعد هنا للمقابلة بالوعيد الذي قبله لكان المناسب أن يقال : إن الله غفور رحيم.([10])
ما تدل عليه الآية من فوائد وأحكام:
1- يدل قوله تعالى: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ] على أن كل واحد من المؤمنين شريك في هذه الموالاة، " فكل مؤمن وهو ولي وهو موال؛ لأن الولاية مأخوذة من "يليه" ، أي صار قريباً ، وضدها عاداهُ أي بَعُدَ عنه وتركه. إذن: فالموالاة ضدها العداوة. وفائدة القرب أن يكون الولي نصير أخيه المؤمن في الأمر الذي هو ضعيف فيه .
فإذا كنت ضعيفاً في أمر ما، فأخي المؤمن ينصرني فيه. وما دام أخي المؤمن ينصرني في أمر ما، فإن صار هو ضعيفاً في شيء أنصره أنا فيه، فنتفاعل ونتكامل ويصبح كل منا ولياً ومُوَالَى.
ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: [والعصر * إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر ] (العصر : 1-3)
ولو قيل : « وصَّوْا » لكان هناك أناس يوصون وأناس يتواصون ، لكن الحق قال : [وَتَوَاصَوْاْ] ومعناها أن كل مؤمن عليه أن يوصي أخاه المؤمن . فإن كان عندي نقطة ضعف فأنت توصيني وتقول : اعدل عن هذا ولا تفعله فأنت مؤمن . وإن كانت فيك نقطة ضعف أقول لك : لا تفعل هذا فأنت مؤمن .
إذن : فكل واحد منا مُوص ومُوصىً . كذلك الولاية فأنت وليي ، أي قريب مني تنصرني في ضعفي، وأنا وليُّك ، أي قريب منك ، أنصرك في ضعفك لأننا أبناء أغيار؟([11])
2- وتدل الآية الكريمة على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنهما من أخص صفات المؤمنين، وأن من لا يقوم بهما، فقد جانب المؤمنين في أخص صفاتهم.
قال صاحب الكنز الأكبر:
وأخص صفات المؤمنين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتقدمه على بقية الأوصاف، فالذي هجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خارج عن هؤلاء المؤمنين المنعوتين في الآية، فيثبت بذلك أن أخص أوصاف المؤمنين وأقواها دلالة على صحة عقيدتهم وسلامة سريرتهم هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.([12])
3- ويؤخذ من الآية أيضا أن مرجع فضيلة المؤمنين، إلى قيامهم بالأوامر، وتمسكهم بالفضائل، واجتنابهم للنواهي، وذلك لأن الله تعالى حينما امتدحهم هنا، أردف مدحهم بذكر صفاتهم القائمة مقام العلة المسوغة للمدح، وعلى ذلك رتب وعدهم بالرحمة فقال:
[ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 71] (التوبة: 71)
[1] - المفردات ص 885
[2] - مفاتيح الغيب 16/ 100
[3] - تفسير المنار 10/ 466
[4] - صحيح البخاري - كتاب الصلاة - أبواب استقبال القبلة - باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره - رقم (481).
[5] - صحيح مسلم - كتاب البر والصلة والآداب - باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم – رقم (2586).
[6] - جامع البيان للطبري - 14/ 348
[7] - تفسير القرطبي 8/ 203
[8] - تفسير المنار 10/ 468
[9] - تفسير المنار 10/ 469
[10] نفس المرجع
[11] - تفسير الشعراوي ص 3614
[12] الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، للشيخ عبد الرحمن أبي بكر بن داود الحنبلي ص 52،