عاشق سراب
05-13-2010, 10:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إحســـان الظن
إحسان الظن عكس سوء الظن ، وسوء الظن يعني تأويل الأقوال والأفعال على أسوء الفروض والأحوال.وسوء الظن بالآخرين شيء قبيح، ومظهر من مظاهر ضعف الإيمان،ومرض يصيب القلوب الضعيفة التي تنتهز الهفوة والعثرة في سلوك الآخرين وتُسهب في تحليلها، وتتعمق في تفسيرها على المراد السيئ الذي يستهويها، والذي به تنال من الآخرين.أما إحسان الظن فهو خلق عظيم ، يبني الثقة ، ويُقوي الروابط ، ويُزيد الألفة ، ويُعمق العلاقات ، ويحفظ الصف الإسلامي من القيل والقال.أما حكمه فقد حرم الإسلام الظن السيئ بالآخرين وبخاصةالمؤمنين المعروفين بصلاح حالهم ونقاء سريرتهم، واستقامة خلقهم.قال تعالى" إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ"[الأنعام:116] وقال تعالى" وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ"يونس:36] ، وقال تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ"[الحجرات:12]وقال صلى الله عليه وسلم" إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث"
لماذا إحسان الظن من أخلاق الكبار؟
لأن إحسان الظن يعني التغلب على رغبات النفس في إلصاق التهم بالآخرين ، وإحراجهم والنيل منهم خاصة إذا كان هناك ثمة خلاف معهم...لأن إحسان الظن يعني القدرة على التحكم في النفس ورغبتها في الكلام ، وتفسير الأحداث وتحليلها ، والإسهاب في ذلك....ولأن إحسان الظن يعني التحكم في النفس وعدم التدخل في شئون الآخرين وخصوصياتهم.....ولأن إحسان الظن يعني منح الآخرين الثقة المطلقة.
سماع النقد
الكبار يُغلقون أبواب سوء الظن ، فيصمون أذانهم لنمام ناقد واشي ، لأن الاستماع له يعني إعطائه الضوء الأخضر للمزيد من الإسهاب والتعمق في تحليل الأحداث على مادة سوء الظن وكأنه تشجيع غير مباشر على ممارسة هذا السلوك ، لذا فالكبار دائماً ما يوصدون كل هذه المسالك دفعاً للشبهة ، ومحاولة للقضاء عليها في مهدها.وصدق رسول الله حين قال لأصحابه "لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر"
النظارة السوداء
الكبار ليس لديهم نظارة سوداء يراقبون بها أفعال وتصرفات الآخرين ليصدروا على فاعليها أحكامهم المظلمة الجائرة ، فالكبار ينبذون المواقف التشكيكية التي قد يلجأ إليها البعض والتي لا تستند إلا للدعاية المغرضة أو الغيرة والحقد والتي تؤدي في حال الانسياق ورائها إلى الظنون السيئة .ففي فقه الكبار سوء الظن من خصال الشر التي حذر الله منها" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراًمِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ " [الحجرات: من الآية12] فالأصل عند الكبار أنهم إذا سمعوا شراً عن أخيهم أو حتى إذا رأوا بأعينهم ، فإنهم يطردون أي تصور يؤدي إلى إلحاق السوء بأخيه" لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ " [ النور:12]
ثوب المحاماة
الكبار يرتدون ثوب المحاماة للدفاع عن الغائب الذي ذُكر أمامهم بسوء ، أو من تدور حوله الشبهات ، والمَظْنُون به وبأفعاله ، فهم يتقمصون شخصياتهم ورد غيبتهم ، وعدم قبول أي تجريح لأي شخص مهما كانت قلة مكانته ، وهم بذلك يعطون لمن يظنون ظناً سيئاً بأحدٍ درساً عملياً مفاده احترم حقوق غيرك ، ولا تذكره في غيبته بما يكره ، ودعوة لهم بعدم الاقتراب من أعراضهم ، فهي مصانة ومحفوظة حتى في غيابهم.وهم بذلك يغلقون باباً عظيماً من أبواب الإفساد بين الناس ، فلو تم فتح الباب والاسترسال في الكلام عن الآخرين لأصبحت أعراضهم مشاعاً يتناولها القاصي والداني بالتجريح ، كما أن الدفاع عن الآخرين يُعتبر دعوة صريحة بعدم تكرار الحديث مرة أخرى في الإفراط في سوء الظن.
تفاسير بديلة
الكبار يُساعدون الآخرين على تبني تفسيرات أكثر حُسناً بالآخرين في حال إصرارهم على تأويلاتهم السيئة ، ويدفعونهم إلى التماس الأعذار التي تحفظ حقوق الآخرين لحين الإستيثاق منهم مباشرة ، وفي هذا تربية إيجابية على دفع سوء الظن ، وتبني الحلول العملية لتجنب المضاعفات الجانبية لسوء الظن.
الدليل
الكبار لا يقبلون اتهاماً مبنياً على الظن أو التأويل والتخمين ، بل قبول الاتهام يتوقف لديهم على الأدلة والبراهين الدامغة ، ولا يعتدون بالتوقعات ، ولا يأخذون بالتوهم " قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"[البقرة:111] ، ويقول تعالى "لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ "[النور: 13]وفي هذا إغلاق لباب كبير من أبواب الظلم الذي كثيراً ما يقع بين الناس ، حينما يأخذون الآخرين بالظن ، ويُقيمون لهم المجالس ليحاكموهم فيها دون أن يكون معهم دليل واحد إلا سوء الظن.
لنا الظاهر
الكبار يؤمنون بأن لهم الظاهر من تصرفات الآخرين والله يتولى سرائرهم ، وخاصةً عند اتهام الآخرين في نواياهم أو الأمور القلبية التي تكون بين العبد وربه، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَرِيَّةٍ فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْجُهَيْنَةَ فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً فَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَطَعَنْتُهُ،فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا ألا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا ؟ من لك بلا إلا الله يوم القيامة"
انقطاع الوحي
وعلى هذا أكد الفاروق عمر بن الخطاب على أنه لا مجال لمحاكمة الناس على نواياهم بعد انقطاع الوحي ، بل لنا الظاهر والله يتولى السرائر ، أخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، قال :"سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : إن ناساً كانوا يأخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيراً آمناه وقرّبناه ، وليس إلينا من سريرته شيء ، الله يحاسبه على سريرته ، ومن أظهر لنا شراً لم نأمنه ولم نصدقه ، وإن قال : إن سريرته حسنة"
اتهام النفس
الكبار يتهمون أنفسهم ، ويبرئون الآخرين ، وذلك من خلال عدم تصديق الظانِّين بإخوانهم لأول وهلة ، ويُذكرونهم دائماً بتقوى الله ، وينصحونهم بتجنب ذلك والبعد عنه ، ويردونهم بعبارات تذكرهم بالله وتدعوهم للمراجعة والتدقيق فيما يقولون ، كأن يقولون لهم : اتقوا الله لعلكم أخطأتم في تفسيركم هذا !!! أو لعلكم قد أخطأتم السمع فيما ذكرتم ، أو أن بصركم قد خانكم فيما رأيتم ، وتوجيهه بأن أسلم الأشياء في مثل هذه المواقف هو التريث وعدم إشاعة الأمر حتى يتبين حقيقته من خلال الاستيضاح من صاحب الشأن نفسه.
التماس الأعذار
الكبار يلتمسون الأعذار لإخوانهم إذا ما حدث منهم ما يدعو للريبة والشك ، فلا يُبادرون بالاتهام أو سوء الظن يقول عمر رضي الله عنه يقول: " ولا تظنن بكلمة خرجت منأخيك المؤمن شراً، وأنت تجد لهافي الخير محملاً " فالكبار يحسنون الظن بإخوانهم ، ويحملون تصرفاتهم على السلامة متى وجدوا لذلك سبيلاً وقال أبو قلابة الجرمي: " إذا بلغك عن أخيك شيئاً تكرهه فالتمس له عذراً جَهدك، فإن لم تجد له عذراً فقل لعل لأخي عذراً لا أعلمه "
خبر الفاسق وخبر العدل
الكبار يستطيعون التمييز بين خبر الفاسق الذي يريد بمقالته الوشاية والنميمة والإيقاع بين الناس ، وبين خبر العدل الذي يبني قوله بالدليل والبينة ، إنه الفرق الواضح بين الخبر الذي دافعه التقوى والإصلاح ، وبين الخبر الذي دافعه الفضيحة والتشهير بالآخرين.
التثبت
الكبار لا يأخذوا أحداً بالظن والتأويل ، فليس في قاموسهم "أنه يقصد مقالة السوء من قوله كذا وكذا ..." فهم لا يحاكمون النوايا والمقاصد والتي هي معقودة في قلوب أصحابها ولا يعلمها إلا الله يقول الشافعي "الحكم بين الناس يقع على ما يُسمع من الخصمين بما لفظوا ، وإن كان يمكن أن يكون في قلوبهم غير ذلك" والكبار كذلك لا يأخذون أحداً بقرائن هو ينكرها ولم يُقر بها كما في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"لو كنت راجماً أحداً بغير بينة ، لرجمت فلانة ، فقد ظهر فيها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها"
المتطوعون
إننا اليوم وللأسف الشديد نُعاني من ظهور قطيع ليس بالقليل من المتطوعين الذين يُكلفون أنفسهم ما لم يكلفهم به أحد ، من تفسير تصرفات الآخرين ، وتأويل أقوالهم والإسهاب في ذلك ، مُدَّعين المصلحة والمنفعة ، وما قصدوا إلا الوقيعة وإيغار الصدور ، فلو صدقت نواياهم لتوجهوا لصاحب الشأن نفسه واستوثقوا منه ، واستبانوا أمره ، ولكنهم نقلوا الحدث وفق رؤيتهم وتحليلاتهم الخاصة والتي لم يبنوها على حقيقة واقعة ، بل بنوها على الظنون والأوهام ، فلم يكتفوا بظنهم السيئ بل انحدرو إلى منزلق آخر وهو إشاعته وترويجه.فكم من المتخاصمين بسبب الظنون ، وكم من الأرحام المقطوعة بسبب الأوهام ، وكم من الجزاءات والأحكام الظالمة المبنية على الظنون الفاسدة.
الرسول القدوة
الصحابة على قدر إيمانهم العالي ، وعدالتهم الموثوق بها ، كانوا لا يأخذون أحداً بظن أو دون بينة ، بل كانوا يشترطون البرهان والدليل وإلا فالحلف ، ولهذا اشترط الشرع البينة دفعاً للاتهامات الرخيصة ، حتى لا يُبادر أحد إلى اتهام أحد إلا عن يقين.وجد صحابي مقتول بين بيوت اليهود في خيبر ، اتهم أصحابه اليهود في قتله ، فطالبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبينة (قالوا : ما لنا بينة ، قال : فيحلفون ، قالوا : لا نرضى بأيمان اليهود) فاضطر رسول الله أن يدفع مائة من الإبل ، ولم يتهم اليهود بلا بينة.
الثرثرة
الكبار بتقواهم وإيمانهم تأبى نفوسهم أن يستمعوا إلى أقوال الناس الذين يخوضون بها في أعراض غيرهم دون بينة ولا دليل ، فلا يُلقون بالاً بما يخترق أسماعهم من أقاويل أو إشاعات أو ظنون ليس لها دليل ، والكبار كذلك يربأون بأنفسهم أن يتورطوا في مثل هذا المواقف السخيفة التي تروي كل ما تسمع من أقاويل من غير تثبت ولا تيقن ، بل يعتبرون ذلك مما حُرم عليهم قال صلى الله عليه وسلم"كفى بالمرء كذباً أن يُحدث بكل ما سمع"
الخوف من الله
الكبار يخافون الله ، يتحرزون من كل كلمة يتفوهون بها ، أو ينطق بها لسانهم ، فهم متثبتون من كل حكم يطلقوه ، لا يغيب عن وعيهم وإحساسهم قوله تعالى" وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"[الإسراء:36]ويزداد خوفهم ، وترتعد فرائسهم ، وتشتد رهبتهم من الوقوع في جريمة التلفظ ولو بكلمة تنال من الآخرين يحاسبهم عليها ربهم قال تعالى" مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"[ق:18]
خطورة الكلمة
الكبار قد استقر في نفوسهم قيمة الكلمة وخطورتها ، فهم لا يُخرجونها من أفواههم إلا بحساب ، ويُقلبونها على وجوهها المختلفة ، ويزنون لا أقول كل كلمة من أقوالهم بل كل حرف ، لأنهم يعلمون أن هذه الكلمة قد ترفعهم في عليين ، وقد تهوي بهم في أسفل سافلين.يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة ، وإن الرجل ليتكلم من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة"
فطنة الكبار
الكبار ينتبهون جيداً إلى الهوى الذي يدفع الناس إلى التحدث عن الآخرين ، أو الظن السيئ بهم ، ويعلمون أيضاً أن الميل القلبي لدى بعض الناس وكذلك الحسد والبغض قد يدفعهم إلى سوء الظن بالآخرين ، وقد يكون عدم الاستلطاف دافعاً لتلمس عثرات الآخرين وتصيّد أخطائهم وإشاعتها بين الناس ، والكبار بفطنتهم وذكائهم لا ينساقون خلف هذه الإشاعات وترديدها. فالكبار يعلمون جيداً أن الشخص إذا مال بهواه إلى آخر فإنه يتجاوز بميله هذا عن عثراته وسقطاته حتى وإن كان مخطئاً.
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
من نوادر الكبار
الكبار يُعطوننا القدوة لغيرهم بأقوالهم وأفعالهم ، وإليك أخي القارئ نماذج من هؤلاء الكبار الذين ضربوا لنا المثل في حسن الظن ، بل المبالغة فيه ، وهي بالفعل من النوادر التي عزَّ علينا أن نجدها في زماننا.
أبو دجانة : كان وجهه يتهلل ذات يوم فقيل له : ما لوجهك يهلل؟ فقال:ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين : كنت أتكلم فيما لا يعنيني ، والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليماً"
إياس بن معاوية : يقول "كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدراً وأقلهم غيبة"
الفضيل بن عياض :"لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صلاة ولا صيام ، وإنما أدرك بسخاء النفس وسلامة الصدر والنصح للأمة"
الشافعي :يدخل أحد تلاميذ الإمام الشافعي وهو الربيع بن سليمان ذات مرة يعوده من مرض ألم به فقال له الربيع :قوى الله ضعفك ، فقال الشافعي : لو قوَّى ضعفي لقتلني ، فقال الربيع:والله ما أردت إلا الخير ، فقال الشافعي أعلم أنك لو شتمتني لم ترد إلا خيراً
إحسان الظن في محيط الدعوة
أكابر الدعاة هم الذين يثقون في إخوانهم على الطريق ، ولا يشكون ولو للحظة في إخلاصهم وعطائهم وتضحياتهم ، فالكبار من الدعاة هم الذين يُعطون إخوانهم حقهم من الثقة وإحسان الظن في أفعالهم وتصرفاتهم ، فلا مجال عندهم للتشكيك في نواياهم أو مقاصدهم.ولا مجال لديهم لسماع الوشاية بهم ، أو محاولة النيل منهم بالتجريح أو التشهير.الكبار من الدعاة يحملون أقوال إخوانهم على الطريق على المحامل الحسنة ، وتصرفاتهم على المقاصد السليمة.
الكبار من الدعاة يحفظون غيبة إخوانهم ، فيصمون أذانهم في وجه النمامين والمغتابين ، والسارين بين الناس بالوشاية.
الكبار من الدعاة يتهمون أنفسهم ولا يُصدقون في إخوانهم ما ينتقص منهم ، أو ينال من مكانتهم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إحســـان الظن
إحسان الظن عكس سوء الظن ، وسوء الظن يعني تأويل الأقوال والأفعال على أسوء الفروض والأحوال.وسوء الظن بالآخرين شيء قبيح، ومظهر من مظاهر ضعف الإيمان،ومرض يصيب القلوب الضعيفة التي تنتهز الهفوة والعثرة في سلوك الآخرين وتُسهب في تحليلها، وتتعمق في تفسيرها على المراد السيئ الذي يستهويها، والذي به تنال من الآخرين.أما إحسان الظن فهو خلق عظيم ، يبني الثقة ، ويُقوي الروابط ، ويُزيد الألفة ، ويُعمق العلاقات ، ويحفظ الصف الإسلامي من القيل والقال.أما حكمه فقد حرم الإسلام الظن السيئ بالآخرين وبخاصةالمؤمنين المعروفين بصلاح حالهم ونقاء سريرتهم، واستقامة خلقهم.قال تعالى" إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ"[الأنعام:116] وقال تعالى" وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ"يونس:36] ، وقال تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ"[الحجرات:12]وقال صلى الله عليه وسلم" إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث"
لماذا إحسان الظن من أخلاق الكبار؟
لأن إحسان الظن يعني التغلب على رغبات النفس في إلصاق التهم بالآخرين ، وإحراجهم والنيل منهم خاصة إذا كان هناك ثمة خلاف معهم...لأن إحسان الظن يعني القدرة على التحكم في النفس ورغبتها في الكلام ، وتفسير الأحداث وتحليلها ، والإسهاب في ذلك....ولأن إحسان الظن يعني التحكم في النفس وعدم التدخل في شئون الآخرين وخصوصياتهم.....ولأن إحسان الظن يعني منح الآخرين الثقة المطلقة.
سماع النقد
الكبار يُغلقون أبواب سوء الظن ، فيصمون أذانهم لنمام ناقد واشي ، لأن الاستماع له يعني إعطائه الضوء الأخضر للمزيد من الإسهاب والتعمق في تحليل الأحداث على مادة سوء الظن وكأنه تشجيع غير مباشر على ممارسة هذا السلوك ، لذا فالكبار دائماً ما يوصدون كل هذه المسالك دفعاً للشبهة ، ومحاولة للقضاء عليها في مهدها.وصدق رسول الله حين قال لأصحابه "لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر"
النظارة السوداء
الكبار ليس لديهم نظارة سوداء يراقبون بها أفعال وتصرفات الآخرين ليصدروا على فاعليها أحكامهم المظلمة الجائرة ، فالكبار ينبذون المواقف التشكيكية التي قد يلجأ إليها البعض والتي لا تستند إلا للدعاية المغرضة أو الغيرة والحقد والتي تؤدي في حال الانسياق ورائها إلى الظنون السيئة .ففي فقه الكبار سوء الظن من خصال الشر التي حذر الله منها" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراًمِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ " [الحجرات: من الآية12] فالأصل عند الكبار أنهم إذا سمعوا شراً عن أخيهم أو حتى إذا رأوا بأعينهم ، فإنهم يطردون أي تصور يؤدي إلى إلحاق السوء بأخيه" لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ " [ النور:12]
ثوب المحاماة
الكبار يرتدون ثوب المحاماة للدفاع عن الغائب الذي ذُكر أمامهم بسوء ، أو من تدور حوله الشبهات ، والمَظْنُون به وبأفعاله ، فهم يتقمصون شخصياتهم ورد غيبتهم ، وعدم قبول أي تجريح لأي شخص مهما كانت قلة مكانته ، وهم بذلك يعطون لمن يظنون ظناً سيئاً بأحدٍ درساً عملياً مفاده احترم حقوق غيرك ، ولا تذكره في غيبته بما يكره ، ودعوة لهم بعدم الاقتراب من أعراضهم ، فهي مصانة ومحفوظة حتى في غيابهم.وهم بذلك يغلقون باباً عظيماً من أبواب الإفساد بين الناس ، فلو تم فتح الباب والاسترسال في الكلام عن الآخرين لأصبحت أعراضهم مشاعاً يتناولها القاصي والداني بالتجريح ، كما أن الدفاع عن الآخرين يُعتبر دعوة صريحة بعدم تكرار الحديث مرة أخرى في الإفراط في سوء الظن.
تفاسير بديلة
الكبار يُساعدون الآخرين على تبني تفسيرات أكثر حُسناً بالآخرين في حال إصرارهم على تأويلاتهم السيئة ، ويدفعونهم إلى التماس الأعذار التي تحفظ حقوق الآخرين لحين الإستيثاق منهم مباشرة ، وفي هذا تربية إيجابية على دفع سوء الظن ، وتبني الحلول العملية لتجنب المضاعفات الجانبية لسوء الظن.
الدليل
الكبار لا يقبلون اتهاماً مبنياً على الظن أو التأويل والتخمين ، بل قبول الاتهام يتوقف لديهم على الأدلة والبراهين الدامغة ، ولا يعتدون بالتوقعات ، ولا يأخذون بالتوهم " قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"[البقرة:111] ، ويقول تعالى "لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ "[النور: 13]وفي هذا إغلاق لباب كبير من أبواب الظلم الذي كثيراً ما يقع بين الناس ، حينما يأخذون الآخرين بالظن ، ويُقيمون لهم المجالس ليحاكموهم فيها دون أن يكون معهم دليل واحد إلا سوء الظن.
لنا الظاهر
الكبار يؤمنون بأن لهم الظاهر من تصرفات الآخرين والله يتولى سرائرهم ، وخاصةً عند اتهام الآخرين في نواياهم أو الأمور القلبية التي تكون بين العبد وربه، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَرِيَّةٍ فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْجُهَيْنَةَ فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً فَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَطَعَنْتُهُ،فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا ألا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا ؟ من لك بلا إلا الله يوم القيامة"
انقطاع الوحي
وعلى هذا أكد الفاروق عمر بن الخطاب على أنه لا مجال لمحاكمة الناس على نواياهم بعد انقطاع الوحي ، بل لنا الظاهر والله يتولى السرائر ، أخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، قال :"سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : إن ناساً كانوا يأخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيراً آمناه وقرّبناه ، وليس إلينا من سريرته شيء ، الله يحاسبه على سريرته ، ومن أظهر لنا شراً لم نأمنه ولم نصدقه ، وإن قال : إن سريرته حسنة"
اتهام النفس
الكبار يتهمون أنفسهم ، ويبرئون الآخرين ، وذلك من خلال عدم تصديق الظانِّين بإخوانهم لأول وهلة ، ويُذكرونهم دائماً بتقوى الله ، وينصحونهم بتجنب ذلك والبعد عنه ، ويردونهم بعبارات تذكرهم بالله وتدعوهم للمراجعة والتدقيق فيما يقولون ، كأن يقولون لهم : اتقوا الله لعلكم أخطأتم في تفسيركم هذا !!! أو لعلكم قد أخطأتم السمع فيما ذكرتم ، أو أن بصركم قد خانكم فيما رأيتم ، وتوجيهه بأن أسلم الأشياء في مثل هذه المواقف هو التريث وعدم إشاعة الأمر حتى يتبين حقيقته من خلال الاستيضاح من صاحب الشأن نفسه.
التماس الأعذار
الكبار يلتمسون الأعذار لإخوانهم إذا ما حدث منهم ما يدعو للريبة والشك ، فلا يُبادرون بالاتهام أو سوء الظن يقول عمر رضي الله عنه يقول: " ولا تظنن بكلمة خرجت منأخيك المؤمن شراً، وأنت تجد لهافي الخير محملاً " فالكبار يحسنون الظن بإخوانهم ، ويحملون تصرفاتهم على السلامة متى وجدوا لذلك سبيلاً وقال أبو قلابة الجرمي: " إذا بلغك عن أخيك شيئاً تكرهه فالتمس له عذراً جَهدك، فإن لم تجد له عذراً فقل لعل لأخي عذراً لا أعلمه "
خبر الفاسق وخبر العدل
الكبار يستطيعون التمييز بين خبر الفاسق الذي يريد بمقالته الوشاية والنميمة والإيقاع بين الناس ، وبين خبر العدل الذي يبني قوله بالدليل والبينة ، إنه الفرق الواضح بين الخبر الذي دافعه التقوى والإصلاح ، وبين الخبر الذي دافعه الفضيحة والتشهير بالآخرين.
التثبت
الكبار لا يأخذوا أحداً بالظن والتأويل ، فليس في قاموسهم "أنه يقصد مقالة السوء من قوله كذا وكذا ..." فهم لا يحاكمون النوايا والمقاصد والتي هي معقودة في قلوب أصحابها ولا يعلمها إلا الله يقول الشافعي "الحكم بين الناس يقع على ما يُسمع من الخصمين بما لفظوا ، وإن كان يمكن أن يكون في قلوبهم غير ذلك" والكبار كذلك لا يأخذون أحداً بقرائن هو ينكرها ولم يُقر بها كما في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"لو كنت راجماً أحداً بغير بينة ، لرجمت فلانة ، فقد ظهر فيها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها"
المتطوعون
إننا اليوم وللأسف الشديد نُعاني من ظهور قطيع ليس بالقليل من المتطوعين الذين يُكلفون أنفسهم ما لم يكلفهم به أحد ، من تفسير تصرفات الآخرين ، وتأويل أقوالهم والإسهاب في ذلك ، مُدَّعين المصلحة والمنفعة ، وما قصدوا إلا الوقيعة وإيغار الصدور ، فلو صدقت نواياهم لتوجهوا لصاحب الشأن نفسه واستوثقوا منه ، واستبانوا أمره ، ولكنهم نقلوا الحدث وفق رؤيتهم وتحليلاتهم الخاصة والتي لم يبنوها على حقيقة واقعة ، بل بنوها على الظنون والأوهام ، فلم يكتفوا بظنهم السيئ بل انحدرو إلى منزلق آخر وهو إشاعته وترويجه.فكم من المتخاصمين بسبب الظنون ، وكم من الأرحام المقطوعة بسبب الأوهام ، وكم من الجزاءات والأحكام الظالمة المبنية على الظنون الفاسدة.
الرسول القدوة
الصحابة على قدر إيمانهم العالي ، وعدالتهم الموثوق بها ، كانوا لا يأخذون أحداً بظن أو دون بينة ، بل كانوا يشترطون البرهان والدليل وإلا فالحلف ، ولهذا اشترط الشرع البينة دفعاً للاتهامات الرخيصة ، حتى لا يُبادر أحد إلى اتهام أحد إلا عن يقين.وجد صحابي مقتول بين بيوت اليهود في خيبر ، اتهم أصحابه اليهود في قتله ، فطالبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبينة (قالوا : ما لنا بينة ، قال : فيحلفون ، قالوا : لا نرضى بأيمان اليهود) فاضطر رسول الله أن يدفع مائة من الإبل ، ولم يتهم اليهود بلا بينة.
الثرثرة
الكبار بتقواهم وإيمانهم تأبى نفوسهم أن يستمعوا إلى أقوال الناس الذين يخوضون بها في أعراض غيرهم دون بينة ولا دليل ، فلا يُلقون بالاً بما يخترق أسماعهم من أقاويل أو إشاعات أو ظنون ليس لها دليل ، والكبار كذلك يربأون بأنفسهم أن يتورطوا في مثل هذا المواقف السخيفة التي تروي كل ما تسمع من أقاويل من غير تثبت ولا تيقن ، بل يعتبرون ذلك مما حُرم عليهم قال صلى الله عليه وسلم"كفى بالمرء كذباً أن يُحدث بكل ما سمع"
الخوف من الله
الكبار يخافون الله ، يتحرزون من كل كلمة يتفوهون بها ، أو ينطق بها لسانهم ، فهم متثبتون من كل حكم يطلقوه ، لا يغيب عن وعيهم وإحساسهم قوله تعالى" وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"[الإسراء:36]ويزداد خوفهم ، وترتعد فرائسهم ، وتشتد رهبتهم من الوقوع في جريمة التلفظ ولو بكلمة تنال من الآخرين يحاسبهم عليها ربهم قال تعالى" مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"[ق:18]
خطورة الكلمة
الكبار قد استقر في نفوسهم قيمة الكلمة وخطورتها ، فهم لا يُخرجونها من أفواههم إلا بحساب ، ويُقلبونها على وجوهها المختلفة ، ويزنون لا أقول كل كلمة من أقوالهم بل كل حرف ، لأنهم يعلمون أن هذه الكلمة قد ترفعهم في عليين ، وقد تهوي بهم في أسفل سافلين.يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة ، وإن الرجل ليتكلم من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة"
فطنة الكبار
الكبار ينتبهون جيداً إلى الهوى الذي يدفع الناس إلى التحدث عن الآخرين ، أو الظن السيئ بهم ، ويعلمون أيضاً أن الميل القلبي لدى بعض الناس وكذلك الحسد والبغض قد يدفعهم إلى سوء الظن بالآخرين ، وقد يكون عدم الاستلطاف دافعاً لتلمس عثرات الآخرين وتصيّد أخطائهم وإشاعتها بين الناس ، والكبار بفطنتهم وذكائهم لا ينساقون خلف هذه الإشاعات وترديدها. فالكبار يعلمون جيداً أن الشخص إذا مال بهواه إلى آخر فإنه يتجاوز بميله هذا عن عثراته وسقطاته حتى وإن كان مخطئاً.
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
من نوادر الكبار
الكبار يُعطوننا القدوة لغيرهم بأقوالهم وأفعالهم ، وإليك أخي القارئ نماذج من هؤلاء الكبار الذين ضربوا لنا المثل في حسن الظن ، بل المبالغة فيه ، وهي بالفعل من النوادر التي عزَّ علينا أن نجدها في زماننا.
أبو دجانة : كان وجهه يتهلل ذات يوم فقيل له : ما لوجهك يهلل؟ فقال:ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين : كنت أتكلم فيما لا يعنيني ، والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليماً"
إياس بن معاوية : يقول "كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدراً وأقلهم غيبة"
الفضيل بن عياض :"لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صلاة ولا صيام ، وإنما أدرك بسخاء النفس وسلامة الصدر والنصح للأمة"
الشافعي :يدخل أحد تلاميذ الإمام الشافعي وهو الربيع بن سليمان ذات مرة يعوده من مرض ألم به فقال له الربيع :قوى الله ضعفك ، فقال الشافعي : لو قوَّى ضعفي لقتلني ، فقال الربيع:والله ما أردت إلا الخير ، فقال الشافعي أعلم أنك لو شتمتني لم ترد إلا خيراً
إحسان الظن في محيط الدعوة
أكابر الدعاة هم الذين يثقون في إخوانهم على الطريق ، ولا يشكون ولو للحظة في إخلاصهم وعطائهم وتضحياتهم ، فالكبار من الدعاة هم الذين يُعطون إخوانهم حقهم من الثقة وإحسان الظن في أفعالهم وتصرفاتهم ، فلا مجال عندهم للتشكيك في نواياهم أو مقاصدهم.ولا مجال لديهم لسماع الوشاية بهم ، أو محاولة النيل منهم بالتجريح أو التشهير.الكبار من الدعاة يحملون أقوال إخوانهم على الطريق على المحامل الحسنة ، وتصرفاتهم على المقاصد السليمة.
الكبار من الدعاة يحفظون غيبة إخوانهم ، فيصمون أذانهم في وجه النمامين والمغتابين ، والسارين بين الناس بالوشاية.
الكبار من الدعاة يتهمون أنفسهم ولا يُصدقون في إخوانهم ما ينتقص منهم ، أو ينال من مكانتهم.