المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر عبد الله البردوني


سمر محمد
10-02-2010, 01:45 AM
أحمل الذكرى من الماضي كما= يحمل القلب أمانيه الجساما
هات ردّد ذكريات النور في= فنّك الأسمى و لقّنها الدّواما
ذكريات تبعث المجد كما =يبعث الحسن إلى القلب الغراما
فارتعش يا وتر الشعر وذب =في كؤوس العبقريّات مداما
و تنقّل حول مهد المصطفى =وانشد المجد أغانيك الرّخاما
زفّت البشرى معانيه كما= زفّت الأنسام أنفاس الخزاما
و تجلّى يوم ميلاد الهدى =يملأ التاريخ آيات عظاما
واستفاضت يقظة الصحرا على= هجعة الأكوان بعثا وقياما
و جلا للأرض أسرار السما =و تراءى في فم الكون ابتساما
جلّ يوم بعث الله به أحمدا= يمحو عن الأرض الظلاما
و رأى الدنيا خصاما فاصطفى= أحمدا يفني من الدنيا الخصاما
" مرسل " قد صاغه خالقه من= معاني الرسل بدءا و ختاما
قد سعى – و الطرق نار و دم –= يعبر السهل و يجتاز الأكاما
و تحدّى بالهدى جهد العدا =و انتضى للصارم الباغي حساما
نزل الأرض فأضحت جنّة =و سماء تحمل البدر التماما
و أتى الدنيا فقيرا فأتت =نحوه الدنيا و أعطته الزّماما
و يتيما فتبنّته السّما =و تبنّى عطفه كلّ اليتامى
و رعى الأغنام بالعدل إلى= أن رعى في مرتع الحق الأناما
بدويّ مدّن الصحرا كما=علّم الناس إلى الحشر النظاما
و قضى عدلا و أعلى ملّة= ترشد الأعمى و تعمي من تعامى
نشرت عدل التساوي في الورى= فعلا الإنسان فيها و تسامى
يا رسول الحقّ خلّدت الهدى =و تركت الظلم و البغي حطاما
قم تجد الكون ظلما محدثا =قتل العدل و باسم العدل قاما
و قوى تختطف العزل كما =يخطف الصقر من الجوّ الحماما
أمطر الغرب على الشرق الشّقا= و بدعوى السلم أسقاه الحماما
فمعاني السلم في ألفاظه =حيل تبتكر الموت الزؤاما
يا رسول الوحدة الكبرى و يا= ثورة وسّدت الظلم الرغاما
خذ من الأعماق ذكرى شاعر= و تقبّلها صلاة و سلاما

سمر محمد
10-02-2010, 01:48 AM
مـن أرض بلقيس هذا اللحن والوتر =مـن جـوها هـذه الأنسام والسحر
مـن صدرها هذه الآهات، من فمها =هـذي الـلحون. ومن تاريخها الذكر
مـن «السعيدة» هذي الأغنيات ومن =ظـلالها هـذه الأطـياف والـصور
أطـيافها حول مسرى خاطري زمر =مـن الـترانيم تـشدو حـولها زمر
من خاطر «اليمن» الخضرا ومهجتها =هـذي الأغاريد والأصداء والفكر
هــذا الـقصيد أغـانيها ودمـعتها= وسـحرها وصـباها الأغيد النضر
يـكاد مـن طـول ما غنى خمائلها =يـفوح مـن كل حرف جوها العطر
يـكاد مـن كـثر ما ضمته أغصنها= يـرف مـن وجنتيها الورد والزهر
كـأنه مـن تـشكي جـرحها مـقل= يـلح مـنها الـبكا الـدامي وينحدر
يـا أمـي الـيمن الخضرا وفاتنتي =مـنك الـفتون ومني العشق والسهر
هـا أنـت في كل ذراتي وملء دمي= شـعر «تـعنقده» الذكرى وتعتصر
وأنـت فـي حضن هذا الشعر فاتنة =تـطل مـنه، وحـيناً فـيه تـستتر
وحسب شاعرها منها - إذا احتجبت= عـن الـلقا - أنـه يـهوى ويدكر
وأنـهـا فـي مـآقي شـعره حـلم= وأنـها فـي دجـاه اللهو والـسمر
فـلا تـلم كـبرياها فـهي غـانية= حـسنا، وطبع الحسان الكبر والخفر
من هذه الأرض هذي الأغنيات، ومن= ريـاضـها هــذه الأنـغام تـنتثر
من هذه الأرض حيث الضوء يلثمها =وحـيث تـعتنق الأنـسام والـشجر
مـا ذلـك الـشدو؟ من شاديه؟ =إنهما مـن أرض بلقيس هذا اللحن والوتر

سمر محمد
10-02-2010, 01:51 AM
لا تقل ما دمع فنّي= لا تسل ما شجو لحني
منك أبكي و أغنّيك= فما يؤذيك منّي
سمّني إن شئت نوّحا =و إن شئت مغنّي
فأنا حينا أعزّيك =و أحيانا أهنّي
لك من حزني الأغاريد= و من قلبي التمنّي
أنا أرضي الفنّ لكن =كيف ترضي أنت عنّي
كلّ ما يشجيك يبكيني =و يضني و يعنّي
فاستمع ما شئت و= اتركني كما شئت أغنّي
***
لا تلمني إن بكى= قلبي و غنّاك بكايا
لا تسلني ما طواني= عنك في أقصى الزوايا
ها أنا وحدي و ألقا= ك هنا بين الحنايا
ها هنا حيث ألاقيك= طباعا و سجايا
حيث تهوي قطع الظلما= كأشلاء الضحايا
و تطلّ الوحشة الخر= سا كأجفان المنايا
و الدجى ينساب في =الصمت كأطياف الخطايا
و السكون الأسود الغا =في كأعراض البغايا
و أنا أدعوك في سرّي و= أحلامي العرايا
***
يا رفيقي في طريق العمر= في ركب الحياة
أنت في روحيّتي رو =ح و ذات ملء ذاتي
جمعتنا وحدة العيش =و توحيد الممات
عمرنا يمضي و عمر= من وراء الموت آتي
نحن فكران تلاقينا =على رغم الشتات
نحن في فلسفة الفنّ =كنجوى في صلاة
أنا كأس من غنى الشو= ق و دمع الذكريات
فاشرب اللّحن ودع في ال= كأس دمع الموجعات
هكذا تصبو كما شا =ءت و تبكي أغنياتي
***
يا رفيقي هات أذنيك= و خذ أشهى رنيني
من شفاه الفجر أسقيـ= ك و خمر الياسمين
من معين الفنّ أرويـ= ك و لم ينضب معيني
لك من أنّاتي اللّحن= و لي وحدي أنيني
و لك التغريد من فنّي= و لي جوع حنيني
هل أنا في عزلة الشعر= كأشواق السجين
حيث ألقاك هنا في خا= طر الصمت الحزين
في أغاني الشوق في الذكرى= و في الحبذ الدفين
في الخيالات و في=شكوى الحنين المستكين

سمر محمد
10-02-2010, 01:54 AM
يا ابنة الحسن و الجمال المدلّل= أنت أحلى من الجمال و أجمل
و كأنّ الحياة فيك ابتسام =و كأنّ الخلود فيك ممثّل
كلّ حرف من لفظك الحلو= فردوس نديّ و سلسبيل مسلسل
كلّما قلت رفّ من فمك الفجر= و غنّى الربيع بالعطر و اخضلّ
أنت فجر معطّر و ربيع و= أنا البلبل الكئيب المبلبل
أنت في كلّ نابض من عروقي= وتر عاشق و لحن مرتّل
كلّما استنطقت معانيك شعري= أرعد القلب بالنشيد و جلجل
وأترفت اللّحون من غور أغواري= كأنّي أذوب من كلّ مفصل
و أغنيّك و الصبابات حولي =زمر تحتسي قصيدي و تنهل
و أناجي هواك في معرض الأوهام= في شاطيء الظلام المسربل
و فؤادي يحنّ في صدري الدامي= كما حنّ في القيود المكبّل
و هواك الغضوب نار بلا نار= و قلبي هو اللّهيب المذلّل
أنت دنيا الجمال نمنمها السحر= فأغرى بها الجمال و أذهل
فتنة أيّ فتنه هزّ قيثاري= صباها ففاض بالسحر وانهلّ
تسكر الكأس حين تسكرها الكأ =س و تسقي الرحيق أحلى و أفضل
و فتون يهزّ شعري كما هزّ النّـ= سين البليل زهرا مبلّل
و ألاقيك في ضميري كما لاقى الـ= فم المستهام أشهى مقبّل
في دمي من هواك حمّى البراكـ= ين العواتي و ألف دنيا تزلزل
و بقلبي إليك ألف عتاب و =حوار و حين ألقاك أخجل
أنا أهواك للجمال و للإلـ= هام للفنّ للحوار المعسّل
و الغرام الطهور معاني الحبّ .= أسمى ما في الوجود و أنبل
فانفحيني تحيّة و تلقّي ما =من جوانح الحبّ مرسل .

سمر محمد
10-02-2010, 01:56 AM
قلبه المستهام ظمآن عاني =يحتسي الوهم من كؤوس الأماني
قلبه ظاميء إليك فصبّي فيه =عطر الهوى و ظلّ التداني
واذكري قلبه الحبيس المعنّى =واملئي الكأس من رحيق الحنان
إنّه عاشق و أنت هواه =إنّه فيك ذائب الروح فاني
أنت في همسة مناجاة أوتار= و في صمته أرقّ الأغاني
إنّه في هواك يحرق بالحبّ =و يدعوك من وراء الدخان
سابح في هواك يهفو =كفكر شاعر يرتمي وراء المعاني
أين يلقاك أين ماتت شكواه= و جفّت أصداؤه في اللّسان
إنّه ظاميء إلى ريّك الحاني= مشوق إلى الظلال الحواني
تائه في الحنين يهوى =كروح ضائع يسأل الدجا عن كيان
ظاميء يشرب الحريق المدمّى =و يعاني من الظمأ ما يعاني
أنت في قلبه الحياة و كلّ الحـ= ب كلّ الهوى و كلّ الغواني
فيك كلّ الجمال فيك التقى الحسـ= ن و فيك التقت جميع الحسان
لم يهب قلبه سواك و لكن =لم يذق منك غير طعم الهوان
فامنحيه يا واحة الحبّ ظلّا= و انفضي حوله ندى الأقحوان
و اسكبي الفجر في دجاه وزفّي= في شقا حبّه رفيف الجنان
إنّه هائم يعيش و يفنى =بين جور الهوى و ظلم الزمان
ميّت لم يمت كما يعرف الناس =و لكن يموت في كلّ آن

سمر محمد
10-02-2010, 02:00 AM
رصّع الدنيا أغاريد و شعرا= و تفجر يا ربيع الحبّ سكرا
وافرش الأرض شعاع و ندى=و ترقرق في الفضا سحرا و إغرا
يا ربيع الحبّ لاقتك المنى=تحتسي من جوّك سحرا
يا عروس الشعر صفّق للغنا= ترقص في ضفاف الشعر كبرا
أسفرت دنياك للشعر كما =أسفرت للعاشق المحروم عذرا
فهنا الطير تغنّي و هنا جدول= يذري الغنا ريذا و طهرا
و صبايا الفجر في حضن السنا= تنثر الأفراح و الإلهام نثرا
و السهول الخضر تشدو و الربّا =جوقة تجلو صبايا اللّحن خضرا
فكأنّ الجو عزف مسكر =و الحياة الغضّة الممراح سكرى
و الرياحين شذيّات الغنا= تبعث اللّحن مع الأنسام عطرا
و كأنّ الرّوض في بهجته شاعر= يبتكر الأنغام زهرا
و كأنّ الورد في أشواكه مهج= أذكى عليها الحبّ جمرا
و كأنّ الفجر في زهر الربا= قبلة عطريّة الأنفاس حرّا
***
يا ربيع الحبّ يا فجر الهوى= ما أحيلاك و ما أشذاك نشرا
طلعة فوجا و جوّ شاعر= عاطفيّ كلّه شوق و ذكرى
تبعث الدنيا حسنها مثلما= تجلو ليالي العرس بكرا
و تبثّ الحبّ في الأحجار= لو أنّ للأحجار أكبادا و صدرا
أنت فجر كلّما ذرّ الندى= أنبتت من نوره الأغصان فجرا
أنت ما أنت جمال سائل =لم يدع فوق بساط الأرض شبرا
و فتون ملهم يضفي على= صبوات الفن إلهاما و فكرا
ترانيما وفنّا كلّه عبقريّات= توشّي الأرض تبرا
ما ربيع الحبّ يا شعر و ما= سحره أنت بسحر الكون أدرى
كلّما أورقت الأعشاب في= حضنه أورقت الأرواح بشرى
هو سرّ الأرض غذّته السما =و جلته فتنا بيضا و سمرا
ورواها الفنّ لحنا للهوى =وأدارته كئوس الزهر خمرا
منظر أودعه فنّ السما =من فنون الخلد و الآيات سرّا

سمر محمد
10-02-2010, 02:02 AM
يا شاعر الأزهار و الأغصان =هل أنت ملتهب الحشا أو هاني
ماذا تغنّي ، من تناجي في الغنا= و لمن تبوح بكامن الوجدان ؟
هذا نشيدك يستفيض صبابة =حرّى كأشواق المحبّ العاني
في صوتك الرقراق فنّ مترف =لكن وراء الصوت فنّ ثاني
كم ترسل الألحان بيضا إنّما =خلف اللّحون البيض دمع قاني
هل أنت تبكي أم تغرّد في الربا= أم في بكاك معازف و أغاني
***
يا طائر الإنشاد ما تشدو و من= أوحى إليك عرائس الألحان
أبدا تغنّي للأزاهر و السنا =و تحاور الأنسام في الأفنان
و تظلّ تبتكر الغنا و تزفّه =من جوّ بستان إلى بستان
و تذوب في عرش الجمال قصائدا= خرسا و تستوحي الجمال معاني
لا الحزن ينسيك النشيد و لا الهنا= بوركت يابن الفن من فنّان
***
يا بن الرياض – و أنت أبلغ منشد –= غرّد و خلّ الصمت للإنسان
واهتف كما تهوى ففنّك كلّه= حبّ و إيمان و عن إيمان
دنياك يا طير الربيع صحيفه= ذهبيّة الأشكال و الألوان
و خميلة خرسا يترجم صمتها= عطر الزهور إلى النسيم الواني
و الزهر حولك في الغصون =كأنّه شعر الحياة مبعثر الأوزان
و العشب يرتجل الزهور حوالما= و يرفّ بالظل الوديع الحاني
و طفولة الأغصان راقصة الصبا= فرحا ودنياها صبا و أماني
و الحبّ يشدو في شفاه الزهر في= لغة الطيور و في فم الغدران
و الورد يدمى بالغرام كأنّه =من حرقة الذكرى قلوب غواني
***
يا طائر الإلهام ما أسماك عن =لهو الورى و عن الحطام الفاني
تحيا كما تهوى الحياة مغرّدا =مترفّعا عن شهوة الأبدان
لم تستكن للصمت ؛ لم تذغن له= بل أنت فوق الصمت و الإذغان
هذي الطبيعة أنت شاعر حسنها= تروي معانيها بسحر بيان
ترجمت أسرار الطبيعة نغمة= أبديّة في صوتك الرنّان
و عزفت فلسفة الربيع قصيدة =خضرا من الأزهار و الريحان
***
هذا ربيع الحبّ يملي شعره= فتنا معطّرة على الأكوان
يصبو و دنيا الحبّ في أفيائه= تصبو على إشراقه الفتّان
الفنّ فنّك يا ربيع الحبّ يا= سحر الوجود و فتنة الأزمان

سمر محمد
10-02-2010, 02:06 AM
لمن الجموع تموج موج الأبحر= و تضجّ بين مهلّل و مكبّر
لمن الهتاف يشقّ أجواز الفضا =و يهزّ أعطاف النهار المسفر
و لمن تجاوبت المدافع و انبرت= صيحاتها كضجيج يوم المحشر
لمن الطبول تثرثر الخفقات في= ترنيمها المتهدّج المتكسّر
و لمن زغاريد الحسان كأنّها= خفقات أوتار ورعشة مزهر
و لمن تفيض حماجر الأبواق= من أعماقها بترنّم المستبشر
للقائد الأعلى الموشّح بالسنا =علم الفتوح و قاهر المستعمر
لوليّ " عهد الملك " بنّاء الحمى= حلم البطولة و الطموح العبقري
أهلا " وليّ العهد " فانزل مثلما= نزل الشعاع مباسم الزهر الطريّ
أشرقت في مقل الجزيرة كالضّحا= كالصبح كالسحر النديّ المقمر
و على جبينك غار أكرم فاتح =و على محيّاك ابتسام نظفّر
لمّا طلعت أفاقت " الخضرا على= فجر بأنفاس الخلود معطّر
و تعانقت فتن الجمال و تمتمت= بالعطر أعراس الربيع الأخضر
و تسابق الإنشاد فيك و هازجت= نغم المعرّي أغنيات البحتري
و هفت إليك من القوافي جوقة =سكرى متيّمة الغناء المسكر
***
يا من تشخّصت المنى في شخصه= و أهلّ فجر عدالة و تحرّر
حقّق طموح الشعب و اجعل حلمه= فوق الحقيقة فوق كلّ تصوّر
وافيت فانتفضت أماني أمّة =شمّا وشقّ البعث مرقد " حمير "
و يكاد " دويزن " يبعثر قبره =و يطلّ حمير من وراء الأعصر
بلقيس يا أمّ الحضارة أشرقي= من شرفة الأمس البعيد و كبّري
و استعرضي زمر الأشعّة و اسبحي= فيها بناظرك الكحيل الأحور
مولاتي الحسنا أطلّي وانظري =من زهوة الأجيال ما لم تنظري
و تغطرسي ملء الفتون و عنوني= فمك الجميل ببسمة المستفسر
ها نحن نبني فوق هامة مأرب= و طنا و نبني ألف صرح مرمري
و نشيد في وطن العروبة وحدة =فوق الثريا خلف أفق " المشتري "
هي وحدة العرب الأباه تسنّمت= في ربوه التاريخ أرفع منبر
و تعانقت صنعا و مصر و جلّق =فيها عناق الشوق و الحبّ البرّي
و جرى على النيل المصفّق صنوة =بردى فصفّق كوثر في كوثر
و ارتادت " الخضرا " الكنانة فانتشت= نسمات مأرب في أصيل الأقصر
لولاك يا بطل الخلافة ما احتوى =صنعا و جلّق حضن أم الأزهر
صافحت مصر فزدت في بنيانها "= هرما " إلى الهرم الأشم الأكبر
أرض الجنوب – و أنت نخزة ثأرها – =ظمأ تحنّ إلى الصراع الأحمر
أرضي و دار أبي وجدّي لم تزل= في قبضة المتوحّش المتنمّر
تطوي على حلم الجهاد عيونها =و تئنّ تحت الغاصب المستهتر
لا حرمة الإنسان تزجره و لا= شرف و لا نهى المتحضّر
متجبّر و أصمّ لم يسمع سوى= رهج الحديد المارد المتجبّر
فازحف إليه يابن بجدتها على =لجج السلاح الفاتح المتهوّر
يا خير من لبّى و من نودي ومن= يغشى الوغى كالهول كاللّيث الجري
هذي وعامتك الفتيّة قصّة =بفم الفتوح و في شفاه الأدهر
***
يا بدر هذا الشعب أنت زعيمه= و هواك سحر غرامة المتعسّر
حملتك روح الشعب إيمانا فلم =تخفق بحبّ سواك بل لم تشعر
فاسلم لتاريخ الزعامة آية بيضا= كبهجة عصرك المتبلور

سمر محمد
10-02-2010, 02:10 AM
منزلها الكبير بجوار الصغير ، و قد لفني و إياها عاطف الحنان و الحنين فتلاقينا على بعد . تظل تغني ، و أظل أصغي إلى أغانيها ، و صوتها يتعثر في دمعها ، و دمعها يتحشرج في صوتها ، و في نغماتها تتحاضن الدموع و الترنم ، كأن صوتها عود ذو وتر واحد ، بعضه يبكي ، و بـ ..


صوتها دمع و أنغام صبايا =و ابتسامات و أنّات عرايا
كلّما غنّت جرى من فمها =جدول من أغنيات و شكايا
أهي تبكي أم تغنّي أم لها =نغم الطير و آهات البرايا ؟
صوتها يبكي و يشدو آه ما= ذا وراء الصوت ما خلف الطوايا ؟
هل لها قلب سعيد و لها =غيره قلب شقيّ في الرزايا ؟
أم لها روحان : روح سابح= في الفضا الأعلى وروح في الدنايا ؟
أم تلاقت في حنايا صدرها= صلوات و شياطين خطايا ؟
أن تناجت في طوايا نفسها= لحن عرس و جراحات ضحايا ؟
لست أدري . صوتها يحرقني= بشجوني إنّه يدمي بكايا
كلّما طاف بسمعي صوتها =هزّ في الأعماق أوتار شجايا
و سرى في خاطري مرتعشا= رعشة الطيف بأجغان العشا
أترى الحزن الذي في شجوها =رقّة الحرمان أم لطف السحابا
أم تراها هدّجت في صوتها= قطع القلب و أشلاء الحنايا
كلّما غنّت .. بكت نغمتها= و تهاوى القلب في الآه شظايا
هكذا غنّت ، و أصغيت لها= و تحمّلت شقاها و شقايا
***
يا عروس الحزن ما شكواك =من أيّ أحزان و من أيّ البلايا
ما الذي أشقاك يا حسنا ؟ و هل= للشقا كالناس عمر و منايا ؟
هل يموت الشر ؟ هل للخير في= زحمة الشر سمات و مزايا ؟
كيف تعطي أمّنا الدنيا المنى =و هي تطوي عن أمانينا العطايا
و لقوم تحمل البذل كما= يحمل إلى الحسنا الهدايا
هل هي الدنيا التي تحرمني أم= تراخت عن عطاياها يدايا ؟
أنا حرماني و شكوى فاقتي= أنا آلامي و دمعي و أسايا
لم يرع قلبي سوى قلبي أنا =لا ولا غذّبني شيء سوايا !
جارتي ، ما أضيق الدنيا إذا= لم تشقّ النفس في النفس زوايا

سمر محمد
10-02-2010, 02:13 AM
جريح الإبا صامت لا يعي= و في صمته ضجّة الأضلع
و في صدره ندم جائع =يلوك الحنايا و لم يشبع
تهدّده صيحة الذكريات= كما هدّد الشيخ صوت النعي
و يقذفه شبح مفزع إلى= شبح موحش مفزع
و يصغي و يصغي فلم يستمع= سوى هاتف اللإثم في المسمع
و لم يستمع غير صوت الضمير= يناديه من سرّه الموجع
فيشكو إلى من ؟ و ما حوله =سوى اللّيل أو وحشة المخدع
كئيب يخوّفه ظلمه =فيرتاع من ظلّه الأروع
و في كلّ طيف يرى ذنبه= فماذا يقول و ما يدّعي
فيملي على سرّه قائلا= أنا مجرم النفس و المطمع
أنا سارق الحبّ وحدي != أنا خبيث السقا قذر المرتع
هوت إصبعي زهرة حلوة =فلوّثت من عطرها إصبعي
توهّمتها حلوة كالحياة= فكانت أمرّ من المصرع
أنا مجرم الحبّ يا صاحبي= فلا تعتذر لي فلم تقنع
و لا ، لا تقل معك الحبّ =بل جريمته و الخطايا معي
و مال إلى اللّيل و اللّيل في= نهايته و هو لم يهجع
و قد آن للفجر أن يستفيق =و ينسلّ من مبسم المطلع
و كيف ينام " أثيم الهوى "= و عيناه و السهد في موضع
هنا ضاق بالسهد و الذكريات=وحنّ إلى الحلم الممتع
فألقى بجثّته في الفراش =كسير القوى ذابل المدمع
ترى هل ينام وطيف الفجور= ورائحة الإثم في المضجع ؟
و في قلبه ندم يستقي =دماه و في حزنه يرتعي
و في مقلتيه دموع و في= حشاه نجيب بلا أدمع
فماذا يلاقي و ماذا يحسّ= و قد دفن الحبّ في البلقع
و عاد و قد أودع السرّ= من حناياه في شرّ مستودع
فماذا يعاني ؟ ألا إنّه =جريح الإبا صامت لا يعي

سمر محمد
10-02-2010, 02:14 AM
أشقيتني من حيث إمتاعي= فليتعني من ظلمك الناعي
آلفتني حتّى ألفت اللّقا =تركتني وحدي لأوجاعي ؟
أطمعتني فيك فخلّفتني =لجوع آمالي و أطماعي
ورحت – لا عدت – و= ألقيتني وديعة في كفّ مضياع
إن لم يكن لديك قلب ،= فهل رحمت قلبا بين أضلاعي
رعيتني حتّى ملكت الغنى= عنّي فكنت الذئب في الراعي
يا ظالمي و الظلم طبع الحنى= قطفت عمري قبل إيناعي
قد ضاع ما أرجو فما =خيفتي إذا دعاني للفنا داعي
لا ، لم أعاتبك فقد أقلعت =عنك شجوني أيّ إقلاع
إن كنت خدّاعا فإن الورى= ما بين مخدوع و خدّاع
ما بين غلّاب و مستسلم= ما بين محروم و إقطاعي
أوّاه كم أشقى و أسعى=إلى قبري وويح السعي و الساعي
و هكذا قالت ، و في صوتها =دموع قلب جدّ ملتاع

سمر محمد
10-04-2010, 08:09 AM
هذي البيوت الجاثمات إزائي= ليل من الحرمان و الإدجاء
من للبيوت الهادمات كأنّها= فوق الحياة مقابر الأحياء
تغفو على حلم الرغيف و لم= تجد إلاّ خيالا منه في الإغفاء
و تضمّ أشباح الجياع كأنّها =سجن يضمّ جوانح السّجناء
و تغيب في الصمت الكئيب= كأنّها كهف وراء الكون و الأضواء
خلف الطبيعة و الحياة كأنّها=شيء وراء طبائع الأشياء
ترنو إلى الأمل المولّي مثلما =يرنو الغريق إلى المغيث النائي
و تلملم الأحلام من صدر الدّجا= سردا كأشباح الدجا السوداء
***
هذي البيوت النائمات على الطوى= نوم العليل على انتفاض الداء
نامت و نام اللّيل فوق سكونها =و تغلّفت بالصمت و الظلماء
و غفت بأحضان السكون وفوقها= جثث الدجا منثورة الأشلاء
و تلملمت تحت الظلام كأنّها= شيخ ينوء بأثقل الأعباء
أصغى إليها اللّيل لم يسمع بها= إلاّ أنين الجوع في الأحشاء
و بكا البنين الجائعين مردّدا= في الأمّهات و مسمع الآباء
ودجت ليالي الجائعين و تحتها= مهج الجياع قتيلة الأهواء
****
يا ليل ، من جيران كوخي ؟ من =هم مرعى الشقا و فريسة الأرزاء
الجائعون الصابرون على الطوى= صبر الربا للريح و الأنواء
الآكلون قلوبهم حقدا على= ترف القصور و ثروة البخلاء
الصامتون و في معاني صمتهم= دنيا من الضجّات و الضوضاء
و يلي على جيران كوخي إنّهم= ألعوبة الإفلاس و الإعياء
ويلي لهم من بؤس محياهم ويا =ويلي من الإشفاق بالبؤساء
أنوح للمستضعفين و إنّني= أشقى من الأيتام و الضعفاء
و أحسّهم في سدّ روحي في دمي= في نبض أعصابي و في أعضائي
فكأنّ جيراني جراح تحتسي =ريّ الأسى من أدمعي و دمائي
ناموا على البلوى و أغفي عنهم=و عطف القريب ورحمة الرحماء
ما كان أشقاهم و أشقاني بهم =و أحسّني بشقائهم و شقائي

سمر محمد
10-04-2010, 08:10 AM
أنت ترثي كلّ محزون و لم= تلق من يرثيك في الخطب الألدّ
و أنا يا قلب أبكي إن بكت =مقلة كانت بقربي أو ببعدي
و أنا أكدى الورى عيشا على= أنّني أبكي لبلوى كلّ مكد
حين يشقى الناس أشقى معهم= و أنا أشقى كما يشقون وحدي !
و أنا أخلو بنفسي و الورى =كلّهم عندي و مالي أيّ عندي
لا و لا لي في الدّنا مثوى و لا= مسعد إلاّ دجا اللّيل و سهدي
لم أسر من غربة إلاّ إلى =غربة أنّكى و تعذيب أشدّ
متعب وركبي قدمي والأسى= زادي و حمّى البرد بردي
و الدجا الشاتي فراشي وردا =جسمي المحموم أعصابي و جلدي .

سمر محمد
10-04-2010, 08:17 AM
طائر عشّه الوجود و قلب=ملهم عاشق وروح نبيلة
ركّب الله في طبيعته الفنّ =و في فكره طموح الفضيلة
ينشر اللّحن في الوجود و يطوي= بين أضلاعه الجراح الدّخيلة
يفعم الكون من معانيه شهدا =ورحيقا حلوا و يطفي غليله
و يوشّي الحياة سحرا كما و شّـ=ت خيوط الصباح زهر الخميلة
و فنونا ألذّ من بسمة الطفل =و من نسمة الصباح العليلة
و حوارا أرقّ من قبل الحبّ =على وجنه الفتاة الجميلة
أنت – يا شاعر الحياة – حياة =و " كمنج " حيّ و دنيا ظليلة
تعشق النور و الندى و سموّ الـ= روح في النشّ و العقول الجليلة
و تحبّ الطموح في الأنفس العظمى= و تحنو على النفوس الضئيلة
تستشفّ الجمال من ظلم اللّيل =و من زهرة الربيع البليله
من سكون الدّجا و من هجهة الصحـ= را وحشة القفار المهيلة
و ترى الورد في الغصون خدودا= قانيات و اللّيل عينا كحيلة
قد عرفت الجمال في كلّ شيء= و تغنّيت همسة وهديله
و توحّدت للجمال تناجيه= وللفنّ تستقي سلسبيله
ورفضت النفاق و الزور و الزلـ= فى و خلّيت للورى كلّ حيله
و نبذت الرواغ و الملق المخـ=زي و أعباءه الجسام الثقيلة
لم تحاول وظيفة المنصب العالي= و لا تبتغي إليه وسيلة
لا و لا تعشق النقود اللّواتي= نقشتها يد الحياة الذليلة
قد تخلّيت للجمال تناجي =هالة الوحي و السماء الصقيلة
فرأيت الفضائل البيض في الدنـ= يا و لم تلمح الحنّى و الرذيلة
عشت في الطهر للخيال توفيه= كما وافت الخليل الخليله
طائرا عن عوالم الشر لما= أودع الله فيك روحا غسيله .

سمر محمد
10-04-2010, 08:28 AM
مررت بشيخ أصفر العقل و اليد= يدبّ على ظهر الطريق و يجتدي
ثقيل الخطى يمشي الهوينى بجوعه= واحزانه مشي الضرير المقيّد
و يمضي و لا يدري إلى أين ينتهي= و لم يدر قبل السير من أين يبتدي
و يزجي إلى الأسماع صوتا مجرّحا= كئيبا كأحلام الغريب المشرّد
يمدّ اليد الصفرا إلى كلّ عابر =و لم يجن إلاّ اليأس من مدّة اليد
فيلقي على الكفّ النحيل جبينه =و يسأل هل في الأرض ظلّ لمسعد
هو الشرّ ملء الأرض و الشر طبعها= هو اشر ملء الأمس و اليوم و الغد
وهذا غبار الأرض آهات خيّب =وهذا الحصى حبذات دمع مجمّد
رمى الشيخ فيما حوله نظرة الأسى= ومرّ كطيف المستكين المهدّد
فيا للفقير الشيخ يمشي على الطّوى= و في مأتم الشكوى يروح و يغتدي
يظنّ أكفّ الناس تهوي بجودها= إليه و لم يبصر سوى وهمه الردي
و جوع يلوّي نفسه في ضلوعه= فينساق لا يدري إلى أين يهتدي .

سمر محمد
10-04-2010, 08:30 AM
أطلّت من الأفق بنت السماء= مغلّفة بالشعاع الندي
ووشّت بساط الفضا بالسنا=و باللّهب البارد العسجدي
و بالوهج الدافيء المشتهي= وبالمنظر السحري الأجود
فجنّت بها نشوات الصبا =و فاضت بصدر الضحا الأمرد
و أهدت سناها السماوي إلى =رءوس الربا و اثرى الأوهد
إلى الطود و السهل و المنحنى =إلى الماء و الطين و الجلمد
إلى الكوخ و القصر مهد الغنى= إلى السوق و السجن و المعبد
ووزّعت النور في العالمين= و جادت على العبد و السيّد
على المترفين على البائسين= على المجتدى و على المجتدي
و أدّت رسالتها حرّة إلى= أقرب الكون و الأبعد
جرى عدل بنت السما =في الوجو د حفيا بجيّده و الردي
و أنفقت النور أمّ الضحا =فزادت ثراء إلى سؤدد
و أربت جمالا وزادت سنا =ونورا إلى نورها السرمدي
و طالت حياة فما تنتهي =من العمر إلاّ لكي تبتدي
و أعطت فدام سنا ملكها= جديد الصبى دائم المولد
و ما زادها كثر إنفاقها =سوى الترف الأكثر الأخلد
***
لقد ضرب الله أمثاله= و من يضلّل الله لا يهتدي

سمر محمد
10-04-2010, 08:31 AM
هاتي التآويه يا قيثارتي هاتي= وردّدي من وراء اللّيل آهاتي
و ترجمي صوت حبّي للجمال =ففي نجواك – يا حلوة النجوى – صبابتي
قيثارتي صوت أعماقي عصرت بها= روحي و أفرغت في أوتارها ذاتي
***
قيثارتي أنت أمّ اشعر لم تلدي =إلاّ غنا الخلد أو لحن البطولات
أودعت نجواك آيات النبوغ فيا= قثارتي لقّني التاريخ آياتي
و غرّدي بخيالاتي العذاب فما =حقيقة السحر إلاّ من خيالاتي
و شاعر الطبع موسيقى الغيوب= إذا غنّى أرى الأرض أسرار السموات
قيثارتي إنّي ابن الشعر أنجبني= للخلد ، للعبقريّات الفتيّات
و للحياة و للدنيا و نضرتها =للحبّ للنور للزهر الصبيّات
***
وحدي مع الشعر هزّتني عواطفه= فرقّصت عطفه النشوان رنّاتي
و شفّ لي خافي الدنيا و ألهمني =سحر الجمال و أسرار الجلالات
وهبّت للشعر إحساسي و عاطفتي= و ذكرياتي و ترنيمي و أنّتي
فهو ابتسامي ودمعي و هو تسليتي= و فرحتي و هو آلامي و لذّاتي
يفنى الفنا ! و أنا و الشعر أغنية =على فم الخلد يا رغم الفنا العاتي
أحيا مع الشعر يشدو بي و أنشده =والخلد غاياته القصوى و غاياتي

سمر محمد
10-04-2010, 08:34 AM
لا تسل كيف ابتدينا =لا ، و لا كيف انتهينا
لا تقل كيف انطوى=الحبّ و لا كيف انطوينا
ملعب دار بعمرينا= فولّى من لدينا
وانقضى الدور فعدنا= عنه من حيث أتينا
لا تسل كيف تنائينا= و لا كيف التقينا
لا تقل كنّا و كان=الشوق منّا و إلينا
هل شربنا خمرة الحب= و هل نحن ارتوينا
آه لا خمر و لا =حبّ متى كان و أينا
لاحت الكأس لثغرينا= وجفّت في يدينا
***
عندما لاح بريق= الكأس ولّت بالبريق
وارتشفنا من رحيق= الحبّ أطياف الرحيق
و تلاشي حلم الصّفو= كأنفاس الغريق
هكذا كان تلاقينا= على الدور الأنيق
***
وانتهى الدور و =ها نحن انتهينا من صبانا
حيث طاف الحبّ =كالوهم و كالوهم تفانى
وانطوى عنّا كما =تطوي الدياجير الدخانا
و تركنا في الرمال= الحبّ آثار خطانا
غير أنا قد نسينا= أو تناسينا لقانا
و سألنا الوهم بعد= الحبّ هل كنّا و كانا
أين منّا الملعب= الطفل تناغيه منانا
***
ملعب درنا به حينا= فأصابانا و ملّا
ملعب ما كان أصفاه= و ما أشهى و أحلى
غاب في الأمس فولّينا= عن الأمس وولّى
و تسلّينا و من لم =يلق ما يهوى تسلّى

سمر محمد
10-04-2010, 12:32 PM
صافحتك القلوب قبل النواظر= و استطارت إلى لقاك الخواطر
و تلقّاك عالم اليمن الحرّ كما= لاقت النفوس البشائر
وارتمى يسكب التراحيب ألوانا= كما تسكب اللّحون القياثر
و تملّت نزولك اليمن الخضرا =قاضت بالأغنيات الحناجر
و تنزّلت في معاني حماها =مثلما ينزل الشعاع المحاجر
و هفا الموطن الكريم يحيّي =مشعل العلم في سناك الباهر
و تغلغلت في حناياه كالإيمان= كالطهر في عفاف الضمائر
كالمنى في القلوب كالدم في الأبدان= كالسكر في دماغ المعاقر
قد تلقاك موطني ينثر التراحيب= في راحتك نثر الجواهر
و انتشى من شعاعك العلم لمّا= زرت " دار العلم " يا خير زائر
وازدهى الشعر ينثر النغم الحلو= كما ينثر الربيع الأزاهر
قد رأى "موطني " بمرآك " مصرا "= منبت الفنّ و الإبا و العباقر
مصر أم الحجار و اليمن السامي= و أمّ الشآم أم الجزائر
وحدة العرب راية في رباها =و منى العرب في يديها وزاجر
شادها الله العروبة دارا =وابتناها بنيّرات الزواهر
بلدة تنبت العلوم و أرض= تلد المجد و العلا و المفاخر
نيلها المستفيض أنشودة الله= على مسمع اللّيالي العوابر
وحماها كنانه الله تر مي =في وجوه العدا السهام الثوائر
***
يابن مصر التي تلاقت عليها =شيم العرب و النفوس الحرائر
علمك العلم ينشر الدين في الدنيا= كما تنشر الشعاع المنائر
و تجوب الشعوب في خدمة الإسلام= و الحق و ارتباط الأواصر
إيه عزّام أنت وعي من النيل= إلى العرب تستثير المشاعر
و سفير تشيّد الوحدة الشما= و تستنهض السنا في البصائر
و تنادي البلاد للإتّحاد =الحر و الاتحاد أقوى مناصر
إن في وحدة العروبة مجدا =خالدا ثائرا على كل ثائر
إنّما العرب أمّة وحّدتها =لغة الضاد و الدما و العناصر
إنّما العرب أمّة هزّت الدنيا =و شقّت سود الخطوب العواكر
إنّ للعرب غابرا داس " كسرى "= و تمشّى على رءوس القياصر
فاستمدّي يا أمّتي من سنا الماضي= معاليك واعمري خير حاضر
يأنف المجد أن يلاقي بنيه =في يدي غاصب و في كفّ آسر
فاطمحي أمّتي إلى كلّ مجد =وانهضي نهضة الصباح الباكر
يا سفير التضامن الحر غنّت=سعيك الحر أمنياتي الشواعر
و تلاشت على هوى العرب روحي= نغما ملهم الغنا و المزاهر
و نشيدا أفرغت فيه أحاسيسي= و ذاتي و خافقي و السرائر
فتلقّى يا شاعر النيل شعري=فهو شعر عنوانه " روح شاعر "

سمر محمد
10-04-2010, 12:40 PM
تركتني ها هنا بين العذاب =و مضت ، يا طول حزني و اكتئابي
تركتني للشقا وحدي هنا =و استراحت وحدها بين التراب
حيث لا جور و لا بغي و لا= ذرّة تنبي و تنبي بالخراب
حيث لا سيف و لا قنبلة =حيث لا حرب و لا لمع حراب
حيث لا قيد و لا سوط و لا= ظالم يطغى و مظلوم يحابي
***
خلّفتني أذكر الصفو كما=يذكر الشيخ خيالات الشباب
و نأت عنّي و شوقي حولها =ينشد الماضي و بي – أوّاه – ما بي
و دعاها حاصد العمر إلى =حيث أدعوها فتعيا عن جوابي
حيث أدعوها فلا يسمعني =غير صمت القبر و القفر اليباب
موتها كان مصابي كلّه =وحياتي بعدها فوق مصابي
***
أين منّي ظلّها الحاني و قد= ذهبت عنّي إلى غير إياب
سحبت أيّامها الجرحى على= لفحة البيد و أشواك الهضاب
ومضت في طرق العمر فمن= مسلك صعب إلى دنيا صعاب
وانتهت حيث انتهى الشوط بها= فاطمأنّت تحت أستار الغياب
***
آه " يا أمّي " و أشواك الأسى= تلهب الأوجاع في قلبي المذاب
فيك ودّعت شبابي و الصبا =وانطوت خلفي حلاوات التصابي
كيف أنساك و ذ**** على= سفر أيّامي كتاب في كتاب
إنّ ذ**** ورائي و على =وجهتي حيث مجيئي و ذهابي
كم تذكّرت يديك وهما =في يدي أو في طعامي و شرابي
كان يضنيك نحولي و إذا =مسّني البرد فزنداك ثيابي
و إذا أبكاني الجوع و لم تملكي= شيئا سوى الوعد الكذّاب
هدهدت كفاك رأسي مثلما= هدهد الفجر رياحين الرّوابي
***
كم هدتني يدم السمرا إلى =حقلنا في ( الغول ) في ( قاع الرحاب )
و إلى الوادي إلى الظلّ إلى =حيث يلقي الروض أنفاس الملاب
و سواقي النهر تلقي لحنها =ذائبا كاللطف في حلو العتاب
كم تمنّينا و كم دلّلتني تحت =صمت اللّيل و الشهب الخوابي
***
كم بكت عيناك لمّا رأتا بصري= يطفا و يطوي في الحجاب
و تذكّرت مصيري و الجوى =بين جنبيك جراح في التهاب
***
ها أنا يا أمّي اليوم فتى =طائر الصيت بعيد الشهاب
أملأ التاريخ لحنا وصدى =و تغني في ربا الخلد ربابي
فاسمعي يا أمّ صوتي وارقصي =من وراء القبر كالحورا الكعاب
ها أنا يا أمّ أرثيك و في شجو هذا= الشعر شجوي و انتحابي .

سمر محمد
10-04-2010, 12:46 PM
متألّم . ممّا أنا متألّم ؟ =حار السؤال . و أطرق المستفهم
ماذا أحسّ . و آه حزني بعضه= يشكو فأعرفه و بعض مبهم
بي ما علمت من الأسى الدامي= و بي من حرقة الأعماق ما لا أعلم
بي من جراح الروح ما أدري و بي= أضعاف ما أدري و ما أتوهّم
و كأنّ روحي شعلة مجنونة =تطغى فتضرمني بما تتضرّم
و كأنّ قلبي في الضلوع جنازة =أمشي بها وحدي و كلّي مأتم
أبكي فتبتسم الجراح من البكا= فكأنّها في كلّ جارحة فم
***
يا لابتسام الجرح كم أبكي وكم= ينساب فوق شفاهه الحمرا دم
أبداً أسير على الجراح و أنتهي= حيث ابتدأت فأين منّي المختم
و أعارك الدنيا و أهوى صفوها= لكن كما يهوى الكلام الأبكم
و أبارك الأمّ الحياة لأنّها =أمّي وحظّي من جناها العلقم
حرماني الحرمان إلاّ أنّني =أهذي بعاطفة الحياة و أحلم
و المرء إن أشقاه واقع شؤمه= بالغبن أسعده الخيال المنعم
***
وحدي أعيش على الهموم ووحدتي= باليأس مفعمة وجوّي مفعم
لكنّني أهوى الهموم لأنّها =فكر أفسّر صمتها و أترجم
أهوى الحياة بخيرها و بشّرها =و أحبّ أبناء الحياة و أرحم
و أصوغ " فلسفة الجراح " نشائدا =يشدو بها اللّاهي و يشجي المؤلم

سمر محمد
10-04-2010, 12:48 PM
منك الجمال و منّي اللّحن و الشادي= يا خمرة الحبّ في أكواب إنشادي
وحدي أغنّيك تحت اللّيل محتملا =جوع الغرام ، و أشواق الهوى زادي
هنا أناجيك و الأطياف تدفعني= في عالم الحبّ من واد إلى وادي
و القلب في زحمة الأشواق مضطرب= كزورق بين إرغاء و إزباد
ووحشة الظلمة الخرسا تهدّدني =كأنّها حول نفسي طيف جلّاد
و الصمت يجثو على صدر الوجود =و في صمتي ضجيج الغرام الجائع الصادي
و اللّيل يسري كأعمى ضلّ وجهته= و غاب عن كفّه العكّاز و الهادي
كأنّه فوق صمت الكون قافلة ضلّت =و ضلّ الطريق السفر و الحادي
و لم أزل أشتهي منك بارقة =من عاطف الحب ، أو إشراق إسعاد
و حبّك الحبّ أخفيه فأنفثه =شعرا فينصبّ خافية إلى البادي
وحدي أناديك من خلف الشجون =فيا نجيّة الحبّ نادي لوعتي نادي
فطالما تهت في دنيا هواك و ما =هوّمت خلف الخيال الرائح الغادي
أهفو إليك و حولي كلّ أمنية =تفنى و لليأس حولي ألف ميلاد
و اليأس يطغى وجوع الحبّ في كبدي=يضجّ ما بين إبراق و إرعاد

سمر محمد
10-04-2010, 12:53 PM
وحدة المجد و الفخر التليد= زعزعت مرقد الصباح الجديد
واستطارت تحثّ قافلة الفتح= و تطوي الحدود بعد الحدود
و تناجي العدا بألسنة النار= و بالموت من شفاه الحديد
وحدة يعربيّة و انطلاق =عربيّ يهزّ صمت اللّحود
إنّما العرب ثورة وحّدتها= يقظة البعث وانتفاض الوجود
فابن " يحيى " مؤزّر " بجمال "= " و جمال " مؤزّر " ط بسعود "
وحّدت شملهم كبار الأماني =والدم الحرّ واعتزاز الجدود
قد تلاقى الحجار و اليمن الميمون= و النيل في اتّحاد الجهود
و استفاقت مواطن العرب الشمّ= فعودي يا راية العرب عودي
واذكري في المعارك الحمر " سعدا "= و " عليا " و " خالد بن الوليد "
تأنف العرب أن تدوس حماها =الحرّ شرّ العبيد أدنى العبيد
آن آن الفدى و ثار الدم =الحرّ يذيب القيود إثر القيود
يا نفوس اليهود ذوبي ، و ذوبوا= من لظى الغيظ يا عبيد اليهود
فجيوش الجهاد تزحف للثأر =و تهفو إلى الحمى المنشود
يا فلسطين حقّقت وحدة العرب= أمانيك فاطمحي و استزيدي
وانفضي عن رباك سود اللّيالي= واستفيقي على زئير الأسود
هذه " غزّة " تفيض التهاما =والجنود الأباة تلو الجنود
و على " جدّة " تجدّد عهد الـ= عرب و اهتاج للوثوب المجيد
***
يا بريطانيا و قد هيّىء الميدان= هيّا إلى العراك العنيد
إنّما نحن أمّة تبذل الأرواح= في ذمّة العلا و الخلود
تفتدي المجد بالنفوس وتشفى =غلّه التأر من جراح الشهيد
فتخلّي عن الجنوب و خلّي =" كمران " المصون حرّ البنود
دون ما تبتغين صاعقة الموت= و برق القنا و قصف الرعود
ويل من يعمر القصور على=النار و لا يتّقي حماس الوقود
أمّة العرب ضمّها الجرح =المدمي و كبرياء الحقود
كلّها أقسمت بأن تثير الأرواح=دون الحقوق نثر الورود
و تروّي صدر الجهاد وتمحو= عن جباه الأباة ذلّ السجود
و ترى مجدها البعيد بعيدا =ولواها يرفّ خلف البعيد
جدّدت بالي العهود و أحيت =ميّت المجد و الإبا من جديد
و تسامت تشيد مستقبل العرب= علّ زهوة الصباح الوليد .

سمر محمد
10-04-2010, 11:10 PM
نزلت ليالي السجن بين جوانحي= فحملت صدري للهموم ضريحا
و جثت على قلبي كأنّي صخرة= لا تفهم التنويه و التلميحا
فدفنت في خفق الجراح تألّمي= حيّا و ألحدت الأنين صحيحا
و حملت دائي في دمي وكأنّني =في كلّ جارحة حملت جريحا

سمر محمد
10-04-2010, 11:16 PM
ها هنا لاح الحبّ و غابا= و تشظّى في يد الأمس و ذابا
نبت الحبّ هنا كيف غدا =في تراب المنبت الزاكي ترابا
هذه البقعة ناغت حبّنا =فصبا الحبّ عليها و تصابى
و سقتنا الحبّ صفوا و هنا= ثمّ أسقتناه ذكرى و انتحابا
كان حبّ ثمّ أضحى قصّة =تنقل الأمس خيالات كذابا
قصّة تائهة نقرؤها من =فم الذكرى فصولا و كتابا
***
هذه البقعة كم تعرفنا =كم سقيناها ترانيما عذابا
وزرعناها وداعا ولقا و= فرشناها حوارا و عتابا
ليتها تنطق كي تنشدنا =قصّة القلبين خفقا واضطرابا
ليتها لنا نسألها عن هوانا= ليتها تعطي جوابا
***
نحن ذقنا الحبّ فيها =خمرة وصحونا فوجدناه سرابا
نحن غنّينا شبابينا هنا= و تلفتنا فلم نلق الشبابا
***
منبت الحبّ دعانا للهنا= فمضينا ننهب الصفو انتهابا
منبت الحبّ حوانا ظلّه =لحظة وانقلب الظلّ التهابا
فسكبنا حوله المنى و ملأنا=الكأس دمعا و عذابا
ورجعنا عنه نستجدي البكا=و نباكي أملا في الحبّ خابا .

سمر محمد
10-04-2010, 11:21 PM
أنا من غازل الجمال و غنّى= للمعالي لحنا و للحبّ لحنا
عاش بين الهوى و بين منى المجد= و لم يلق عمره ما تمنّى
و استخفّ الحياة بالشدو حتّى= زادها فوق حسنها البكر حسنا
***
قلبي القلب يحمل الأمس واليو م= و يلقي لمقبل العمر ظنّا
قلبي القلب لم يفارقه آت لا ،= و لا الأمس في حناياه يفنى
قلبي القلب إن بكى رقّص الدنيا= بكاه و حوّل الدمع فنّا
***
دمعة الفنّ بسمة في شفاه الخلد= أصفى من الصباح و أسنى
في ظلال الربيع قطّرت أنفاسي= نشيدا أرقّ منه و أحتى
و عصرت الشجون في الروضة الغنّا= لحونا أندى وفنّا أغنّا
***
من جمال الحياة سلسلت أنغامي= و غنّيت عطفها فتثنّى
من هموم الجياع غنّيت للجوع=وصغت الهموم بحرا ووزنا
و تخيّرت للغنيّ غناء مترفا= راقصاكاعطاف حسنا
أنا أشدو لكلّ قلب طروب= أنا أبكي لكلّ قلب معنّى
***
" محنة الفن " محنة تتعب الفنّان =و الخلد من معانيه يهنا
كلّ ما بي أودعته الشعر لكن=في ضميري شعر أنا منه مضنى
***
لا تسلني يا صاحبي أيّ شعري= كان أعلى أو أيّه كان أدنى
أجمل الشهر نغمة لم أوفّعها =و صمتي يطوي لها ألف معنى
فتنفّس يا صمت شعري بما =فيك لعلّي يا شعر أن أطمئنّا
و تأوّه لعلّ آهاتك الجرحى= تلاقي في ضجّة الكون أذنا
آه يا شعر آه قد قيّد الصمت= أغانيك فاتّخذ منه سجنا

سمر محمد
10-04-2010, 11:24 PM
أنا وحدي هنا و كلّي لديها =أسكب القلب قبلة في يديها
فهي خلف البعاد و الوهم =يدنيها و يدني إلى فمي شفتيها
من صباها جنيت أزهار شعري= ولقتطفت اللّحون من وجنتيها
من هواها أذوب منها ، و فيها= من هواها بكيت منها عليها
كلّما شئت أن أفرّ بقلبي =من هواها فررت منها إليها
***
أين عنها أحيد أو أين بالقلب أنفر
و هي جوّي و مهبطي و هواي المسعّر
و هي في القلب عالم بالصبابات يزخر
***
و هي في الصدر ألف قلب= يغنّي بهواها و موجة من لهيب
إنّها وحدها نصيبي من الحبّ =و يا حبّ أين منّي نصيبي ؟
هي دنيا تموج بالسحر و الدّلّ =و ترفض بالسنا و الطيوب
حلوة كالأشعّة الزهر كالأشـواق= كالشعر كالخيال العجيب
فهي فنّ مجسّد يلهم الفنّ =حوار السما و نجوى الغيوب
***
و هي سحر مركّب و فتون مجسّم
كلّ صوت يمرّ في شفتيها ترنّم
و كأنّ الحروف من ثغرها الحلو تبسم
***
كلّما حدّثت تلألأت الألفاظ= من ثغرها كفجر الربيع
و مشت في حديثها نشوة الحسن= و ترنيمة الدلال الطبيعي
إنّها و الهوى بأعطاف لحني =رقصة السحر و الجمال الرفيع
حبّها في فمي نشيد أغنيه =ولحن مذوّب في دموعي
لا فراق و إن تناهى بها البعد= و قلبي و حبّها في ضلوعي
***
لا انقطاع فحبّنا أبدي و ملهم
حبّنا شاعر على ربوة الخلد يحلم
لا انفصال فإنّنا في عروق الهوى دم .

سمر محمد
10-04-2010, 11:26 PM
ساهر الجرح لم ينم =كيف يغفو على الضرم
مؤلم كلّما بكى =سخر الجرح و ابتسم
لا تسل عنه إنّه=ضاع في زحمة الظلم
شاعر يعزف الشقا= و يغنّ الدجا الأصم
حار في الحب قلبه =حيرة الصمت في القمم
راهب الفنّ صدره= للصبابات مزدحم
كلّما كتّم الهوى =فضح الفنّ ما كتم
كلّما صان سرّه =ضجّ في الصدر و احتدم
لم يطق حشمة الجوى =من رأى الشاعر احتشم ؟
لا تسل ما شدا و لا= كيف غنّى الهوى ؟ و كم ؟
شاعر ذاب صمته= في كؤوس الهوى نغم
و سقاه الحنين من =كأسه خمرة العدم
إنّ تاريخ عمره =قصّة الحبّ و الألم
كلّما ارتاد مرتعا =للهوى عاد بالندم

سمر محمد
10-04-2010, 11:28 PM
أنت يا كلّ من أحبّ و أهوى =في حنيني شعر و في الصمت نجوى
أنت في كلّ دقّة من فؤادي =نغمات من خمرة الحبّ نشوى
و غناء مدلّة ينشر الحبّ صداه= و في فم الصمت يطوى
في ضلوعي إليك شوق =و قلب شاعر يعزف الصبابات شدوا
و عتاب يفضي إليك فإنّ لاقاك= أغضى و ذاب في القلب شكوى
و بقلبي إليك شهر سأرويه =و شعر في خاطري ليس يروي
أيّ فنّ أشدو و ماذا أغنّيك= و فنّ الجمال أسمى و أقوى
أيّ لحن أهدي إليك و معناك= لحون تسمو على الفنّ زهوا
آه جفّ النشيد إلاّ نشيدا=أنا فيه أذوب عضوا فعضوا
آه يا قلب إنّها صبوة الحسن= المغنّي و أنت أصبى و أغوى
حسنها شاعر الفنون و حبّي= عبقري يطارح الحسن شجوا
كلّ شعر غنيته فهو منها =و إليها و الفنّ يحسوه صفوا .

سمر محمد
10-04-2010, 11:32 PM
نشوة النور و أحلام الجنان =و شذا الأنسام و الجوّ الجماني
رقصت في الروضة الغنّاكما= ترقص الحور على شدو المثاني
و صبت معجزة الحسن بها =صبوة السكر بأعطاف الغواني
بلدة الفن و " أمّ الكرم " =في حضنها الحاني صبت أمّ الدنّان
نسّق الفن حواشي كرمها =فتعانقن على بعد المكان
و طلى بهجتها صفو الندى=و الصباح الطفل وردي البنان
و العناقيد على أغصانها =كالنهود العاطفيّات الحواني
و تدلّت كالقروط البيض =من أذن الغيد المليحات الحسان
***
روضة فوحاء فردوسيّة =تلد اللّذّات آنا بعد آن
كلّها راح وروح عبق و= ظلال و تثنّي غصن بان
وزهور تبعث العطر كما= تبعث السكر العناقيد الدواني
تفرش الجوّ جمالا و شذا= و الثرى ظلا نديّ العطف هاني
***
الهوى الممراح فيها و الصبا= و حوار الوصل فيها و التداني
و فنون الحسن فيها و الغنا= مهرجان يرتمي في مهرجان
و العصافير على أدواحها =كالقياثير على أيدي القيان
تسكب اللّحن على مرقصها =فتشّي الجو رقصا و أغاني
و كأنّ النهر في أحضانها =شاعر ذوّبه فرّط الحنان
و محبّ كلّما ناجى الهوى =طلمست نجواه " فوضاء " الزمان
فتحال النهر محموم الغنا =مطربا هيمان معقود اللّسان
و كأنّ الروضة الغنّا على =مائه فجر الهوى طفل الأماني
***
بلد توحي مجاليه إلى =مزهر الفنان أبكار المعاني
قلت للشعر و قد ساجله =نغم الفنّ و سحر الإفتنان
أتراه سرق الفردوس أم هو= فردوس بحضن الأرض ثاني

سمر محمد
10-04-2010, 11:34 PM
أناجيك يا أخت روحي كما= يناجي الغريب خيال الحمى
و أهفو إليك مع الأمنيات =كما يرتمي الفكر نحو السما
و أظما إليك فتروي المنى =خيالي و يزداد روحي ظما
و أبكي و يبكي خيالي معي= نشيدا يباكي الدجا الأبكما
***
أيا قلب كم ذبت في حبّها= لحونا مضرّجه بالدما
و كم هزّني طيفها في الدجا= و كم هزّ قيثاري الملهما
و كم ساجلتني خيالاتها= كما ساجل المغرم المغرما
فما عطفت قلبها رحمة =و لا فكّرت آه أن ترحما

سمر محمد
10-04-2010, 11:34 PM
وحده يحمل الشقا و السنينا= لا معين و أين يلقى المعينا
وحده في الطريق يسحب رجليه =و يطوي خلف الجراح الأنينا
متعب يعبر الطريق و يمضي= وحده يتبع الخيال الحزيناِ

سمر محمد
10-04-2010, 11:36 PM
كئيب بطيء الخطا مؤلم= يسير إلى حيث لا يعلم
و يسري و يسري فلا ينتهي= سراه و لا نهجه المظلم
و تنساب أشباحه في السكون= حيارى بخيبتها تحلم
هو اللّيل في صمته =ضجّة و في سرّه عالم أبكم
كأنّ الصبابات في أفقه= تئنّ فترتعش الأنجم
حزين غريق بأحزانه= كئيب بآلامه مفعم
كأنّ النجوم على صدره= جراح يلوح عليها الدم
***
هو اللّيل يطوي بأعطافه= قلوبا بأشواقها تضرم
تساهر أعين الساهرين =و تقتات أحلامه النوم
و يشكو إلى جوّه عاشق= و يشدو على صمته ملهم
يناجي المعنّى المعنّي به =و يهفو إلى المغرم المغرم
و يبتهج القصر في ظلّه =و ينتحب الكوخ و المعدم
ففيه التآويه و الأغنيات =و في طيّه العرس و المأتم
و في صدره سرّ هذا الوجود= فماذا يذيع و ما يكتم ؟

سمر محمد
10-04-2010, 11:39 PM
ما بين ألوان العناء= و بين حشرجة المنى
ما بين معترك الجراح= و بين أشداق الفنا
ما بين مزدحم الشرور= أعيش وحدي هاهنا
لم أدر ما السلوى ؟ ولم= أطعم خيالات الهنا
الحبّ و الحرمان زادي= و الغذاء المقتني
***
وحدي هنا خلف الوجود= و خلف أطياف السنا
و هنا تبنّتني الحياة =و ما الحياة و ما هنا
أنا من أنا ؟ الأشواق= و الحرمان و الشكوى أنا
أنا فكرة و لهى =معانيها التضنّي و الضنى
أنا زفرة فيها بكاء= الفقر آثام الغنى
***
أهوى و ألقى غير ما= أهوى ، فماذا أشتهي ؟
لا أسعد المهوى و لا= جوع الهواية ينتهي
أنا حيرة المحروم =تنتحر المنى في صمته
***
و أنا حنين تائه =بين المحبّة و الشقا
أظمأ و أظمأ للجمال= و أين منّي المستقى
***
يا قلب هل تلقى المراد= و ما المراد و ما اللّقا
عمري تمرّغ في اللّهيب= و لذّة أن يحرقا
لا فارق اللّهب الرماد= و لا الرماد تفرقا
***
فمتى متى يطفي الفنا =الموعود عمري الأحمقا
كيف الخلاص و لم يزل= روحي بجسمي موثقا
لا الموت يختصر الحياة =و لا انتهى طول البقا
لا القيد مزّقه السجين= و لا السجين تمزّقا
حيران لم يطق الحياة= و لم يطق أن يزهقا
***
يا آسر العصفور رفقا= بالجناح المكسور
سئم الركود و لم يزل= في قبضة الشوك الغرام
درن التراب مجسّد =في الشيخ ، في ثوب الصبي

سمر محمد
10-04-2010, 11:44 PM
يا حياتي و يا حياتي إلى كم= أحتسي من يديك صابا و علقم
و إلى كم أموت فيك و أحيا =أين منّي القضا الأخير المحتّم
أسلميني إلى الممات فإنّي= أجد الموت منك أحنى و أرحم
و إذا العيش كان ذلّا و تعذيبا= فإنّ الممات أنجى و أعصم
***
ما حياتي إلاّ طريق من الأشواك= أمشي بها على الجرح و الدم
و كأنّي أدوس قلبي على النار= و أمضي على الأنين المضرّم
لم أفت مأتما من العمر إلاّ=وألاقي من بعده ألف مأتم
و حياة الشّقا على الشاعر الحسّاس= أدهى من الجحيم و أدهم
***
و أنا شاعر و ما الشعر إلاّ= خفقاتي تذوب شجوا منغّم
شاعر صان دمعه فتغنّى= بلغات الدموع شعرا متيّم
علّمته الطيور أحزانها البكما= فغنّى مع الطيور و رنّم
***
إيه يا شاعر الحياة و ماذا= نلت منها إلاّ الرجاء المعشّم
أنت باك تحنو على كلّ باك= أنت قلب على القلوب مقسّم
قد قرأت الحياة درسا فدرسا= و تجّليت كلّ سرّ مكتّم
فرأيت الحياة لم تصف إلاّ =لعبيد الحطام و الذلّ و الدم
طيبها للئام لا الملهم الشادي= و هيهات أن تطيب لملهم
***
أيّهاذي الحياة ما أنت إلاّ =أمل في جوانح اليأس مبهم
غرّة تضحك العبوس و تبكي= فرحا هانئا و تشقي منعّم
***
يا حياتي و ما حياتي و ما معنى= وجودي فيها لأشقى و أظلم
ربّ رحماك فالمتاه طويل =والدجا في الطريق حيران أبكم
قد أتيت الحياة بالرغم منّي =و سأمضي عنها إلى القبر مرغم
أنا فيها مسافر زادي الأحلام =و الشعر و الخيال المجسّم
و شرابي و همّي , و آهي أغاريدي= نوري عمى الظلام المطلسم
ليس لي من غضارة النور لحظ لا =و لا فقي يدي سوى الظفر درهم
ليت شعري مالي إذا رمت شيئا= حال بيني و بينه القفر و اليم
لم أجد ما أريد حتّى الخطايا= أحرام عليّ حتّى جهنّم
كلّ شيء أرومه لم أنله= ليتني لم أرد و لا كنت أفهم
أنا أحيا مع الحياة و لكن= عمري ميّت الأماني محطّم
ليتني – و الحياة غرم و غنم –= نلت من صفوها على العمر مغنم .

سمر محمد
10-04-2010, 11:46 PM
ها هنا في المنزل العاري الجديب= أحتسي الدمع و أقتات النحيب
ها هنا أشكو إلى اللّيل و كم= أشتكي و اللّيل في الصمت الرهيب
و أبثّ الشعر آلام الهوى =و أنادي اللّيل و الصمت يجيب
فإلى من أنفث الشكوى ؟ إلى= أيّ سمع أبعث اللّحن الكئيب ؟
و إلى من أشتكي الحبّ إلى= من إلى من ؟ إنّني وحدي غريب ؟
ها هنا يا ليل وحدي =والجوي بين أضلاعي لهيب في لهيب
***
و لمن أشدو ؟ و من أشدو ؟= فيا لجنوبي من أغنّي بالنسيب
ما لقلبي يبعث الحبّ به عبث =الإعصار بالغصن الرطيب
من أغنّي ؟ لا حبيبا ؟ لا ؟ =و لا لي من الدنيا على الدنيا نصيب
آه إنّي شاعر و الشعر من محنّي != أوّاه ما أشقى الأديب !
شاعر و الشعر عمري في غد =أين عمري أين .. في اليوم القريب

سمر محمد
10-04-2010, 11:51 PM
لا مشفق حولي و لا إشفاق إلاّ= المنى و الكوخ و الإخفاق
البرد و الكوخ المسجّى و الهوا= حولي و قلبي و الجراح رفاق
و هنا الدجا يسطو على كوخي= كما يسطو على المستضعف العملاق
فلمن هنا أصغي ؟ و كيف ؟ =و ما هنا إلاّ أنا ، و الصمت ، و الإطراق
أغفى الوجود و نام سمّار الدجا= إلاّ أنا و الشعر و الأشواق
وحدي هنا في اللّيل ترتجف المنى= حولي و يرتعش الجوى الخفّاق
و هنا وراء الكوخ بستان =ذوت أغصانه و تهاوت الأوراق
فكأنّه نعش يموج بصمته =حلم القبور و يعصف الإزهاق
نسي الربيع مكانه و تشاغلت =عنه الحياة و أجفل الإشراق
عريان يلتحف السكينه و الدجا= و تئنّ تحت جذوعه الأعراق
***
و اللّيل يرتجل الهموم فتشتكي= فيه الجراح و تصرخ الأعماق
و الذكريات تكرّ فيه و تنثني= و يتيه فيه الحبّ و العشاق
تتغازل الأشواق فيه و تلتقي= و يضمّ أعطاف الغرام عناق
***
و الناس تحت اللّيل : هذا =ليله وصل و هذا لوعة و فراق
و الحبّ مثل العيش : هذا= عيشه ترف و هذا الجوع و الإملاق
في الناس من أرزاقه الآلاف =أو أعلى وقوم ما لهم أرزاق
هذا أخي يروي و أظما ليس لي= في النهر لا حقّ و لا استحقاق

سمر محمد
10-04-2010, 11:52 PM
لست أهواك قد خلعت الهواء= و احتقرت الفتون و الإغراء
لست أهواك قد صحوت =من الحب و مزّقت صبوتي و الصبا
و نفخت الغرام من حبّة القلب= كما تنفخ الرياح الهباء
و ترفّعت عن ‘رادتك البلها=ورضت الجناح أغزو السما
فاخدعي من أردت غيري =من النا س فإنّي وهبت قلبي العلاء
واخجلي أنت و الهوى واستكيني= واخلعي عن كيانك الكبرياء
إنّني قد فرغت منك =و بعثرت بقايا صبابتي أشلاء
***
آه كم عشت في هواك =وكم مرّغت فيه فتوّتي و الإباء
كم تغنّيت في هواك وسلسلت= دمي في فم الغرام غناء
و أرقت الدموع منك و لكن= غسل الدمع حرقتي و العناء
واستدرّ البكا هواك من القلب= فأفنّى الهوى و أبقى العزاء
و بكاء المحبّ يستنزف الشوق= نشيجا و الذكريات بكاء
لست أهواك قد نحرت صباباتي =كما ينحر النوط الرجاء
و نسيت اللّقا و عفت التلاقي= و التصابي و الحسن و الحسناء
***
فامض يا حبّ قد رجعت =إلى العقل المصفّى يديرني كيف شاء
ويل ويل الغرام من يقظة اللّبّ =إذا اللّب بالفؤاد تناءى
و إذا صارعت قوى العقل =قلبا عبقريا زادت قواه قواء

سمر محمد
10-04-2010, 11:54 PM
غرّد فأنت الحبّ و الأحلام =إنشد يصفّق حولك الإعظام
يا كافرا بالصمت و الإحجام =طر واهتف فداك الصمت و الإحجام
و اسبح بآفاق الجمال وطف =كما تهوى و يهوى جوّه البسّام
***
يا شعري الفوّاح غرّد تحتفل= فيك العطور و تعبق الأنسام
لك من شفاه الفجر منتزه =و في صدر المروج مراقص و هيام
في كلّ رابية لقلبك خفقة =وبكلّ واد حرقه و ضرام
و لصوتك الحاني بأجفان الربا= غزل و في قلب الربيع غرام
بستانك الغبرا و مسرحك الفضا =فلك الوجود مسارح و مقام
***
شعري و أنت الفنّ أنت رحيقه =شفتاك كأس و اللّحون مدام
حلّقت فوق مسابح الأوهام= لم تلمح خيال جناحك الأوهام
و المارد العملاق يكتسح العلا= فتظلّ تهذي خلفه الأقزام
***
شعري تبنّاك الخلود فأنت =في ربواته الأنغام و النغّام
جسّمت أنفاس الشّذا فترنّحت= فيك الطيوب كأنّها أجسام
وغمست قلبك في الحياة وصغتها= لحنا صداه و صوته الإلهام
و جلوت ألوان الطبيعة مثلما= يجلو الفتاة بفنّه الرسّام
***
شعري تناجى الحسن فيه و الهوى= و تناغت الآمال و الآلام
و تحاضرت فيه المنى و تعانقت= في صدره القبلات و التهيام
فإذا بكى أبكى القلوب و إن شدا= رقصت ليالي الدهر و الأيّام
***
ظمآن يرتشف الجمال و كلّما =أروي أواما صاح فيه أوام
فله وراء المجد أمجاد و من =خلف المرام مطامح و مرام
سيظلّ يشدو كالجداول لا =و لم ينضب غناه و لم يجفّ الجام
***
لا ! لم ينم شعري ! و لم يصمت= و لم تصمت على أوتاره الأنغام
لم يستكن و تري و لم يسكت =فمي فلتخرس الأفواه و الأقلام

سمر محمد
10-05-2010, 07:59 AM
صور الجلال وزهوة الأمجاد =سكبت نمير الوحي في إنشادي
صور من الأمس البعيد حوافل= بالذكريات روائح و غوادي
خطرت تعيد مشاهد الماضي =إلى اليوم الجديد إلى الغد المتهادي
حملت من الميلاد أروع آيه =غمرت متاه الكون بالإرشاد
زمر من الذكرى تروح و تغتدي= و تشقّ أبعادا إلى أبعاد
و تزفّ وحي المولد الزاهي كما= زفّ النسيم شذا الربيع الشادي
***
يا فجر ميلاد النبوّة هذه =ذ**** فجرا دائم الميلاد
و تهلّل الكون البهيج كأنّه =حفل من الأعراس و الأعياد
و أفاقت الوثنيّة الحيرى على= فجر الهدى و على الرسول الهادي
فمواكب البشرى هناك و ها= هنا تنبي الوجود بأكرم الأولاد
و المجد ينتظر الوليد كأنّه =والمجد و العليا على ميعاد
و ترعرع الطفل الرسول فهبّ= في دنيا الفساد يبيد كلّ فساد
و سرى كما تسري الكواكب =ساخرا بالشوك بالعقبات و الأنجاد
بالغدر يسعى خلفه و أمامه =بالهول بالإبراق بالإرعاد
لا ... لم يزل يمشي إلى غاياته =و طريقه لهب من الأحقاد
فدعى قريشا للهدى و سيوفها= تهفو إلى دمه من الأغماد
فمضى يشقّ طريقه و يطير =في أفق العلا و الموت بالمرصاد
و يدوس أخطار العداوة ماضيا= في السير لا واه و لا متمادي
لا يركب الأخطار إلاّ مثلها= خطر يعادي في العلا و يعادي
نادى الرسول إلى السعادة= و الهنا فصغت إليه حواضر و بوادي
و تصاممت فئة الضلالة و اعتدت= فأتى إليها كالأتيّ العادي
واهتاجت الهيجا فأصبحت العدا= خبرا من الماضي و طيف رقاد
لا تسكب الأوغاد إلاّ وثبة =ناريّة غضبى على الأوغاد
و من القتال دناءة وحشيّة حمقى= و منه عقيدة و مباديء
***
خاض الرّسول إلى العلا هول الدجا= و لظى الهجير اللّافح الوقّاد
واقتاد قافلة الفتوح إلى الفدى= و المكرمات دليلها و الحادي
و هفا إلى شرف الجهاد و حوله= قوم تفور صبابة استشهاد
قوم إذا صرخ العراك توثّبوا =نحو الوغى في أهبة استعداد
و تماسكوا جنبا وارتموا =كالموج في الإغراء و الإزباد
و تدافعوا مثل السيول تصبّها= قمم الجبال إلى بطون الوادي
و إذا تساجلت السيوف رأيتهم =خرسا و ألسنة السيوف تنادي
هم في السلام ملائك ولدى الوغى= جنّ تطير على ظهور جياد
و هم الألى الشمّ الذين تفتّحت= لجيوشهم أبواب كلّ بلاد
الناشرون النور و التوحيد =في دنيا الضلال و عالم الإلحاد
الطائرون على السيوف إلى العلا= و الهابطون على القنا الميّاد
***
بعث الرسول من التفرّق وحدة= و من العدا القاسي أرقّ وداد
فتعاقدت قوم الحروب على الصّفا= و توحّدت في غاية و مراد
و تحرّكت فيها الأخوة مثلما =تتحرّك الأرواح في الأجساد
و محا ختام المرسلين عن الورى =صلف الطّغاة و شرعة الأنكاد
فهناك تيجان تخرّ و هاهنا =بين السكون مصارع استبداد
و هناك آلهة تئنّ و تنطوي= في خزيها و تلوذ بالعبّاد
و المرسل الأسمى يوزع جهده= في الحقّ بين هداية و جهاد
حتّى بنى للحقّ أرفع ملّة ترعى= حقوق الجمع و الأفراد
و شريعة يمضي بها جيل= إلى جيل و آزال إلى آباد
***
يا خير من شرع الحقوق و خير من= آوى اليتيم بأشفق الإسعاد
يا من أتى بالسلم و الحسنى و من= حقن الدّما في العالم الجلّاد
أهدي إليك و منك فكرة شاعر= درس الرجال فهام بالأمجاد

سمر محمد
10-05-2010, 08:03 AM
ها هنا كان يناجينا الغرام =و يناجي المستهام المستهام
ها هنا رفّ بقلبينا الصبا= و تبنّانا التصافي و الوئام
عقد الحبّ فؤادينا كما =يعقد الهدب إلى الهدب المنام
فتلاقينا بأحضان الصّفا= و الصّبا خمر و ثغر الحبّ جام
و تجاذبنا أحاديث الهوى =و سهرنا و ليالينا نيام
و تمنّينا الأغاني و اللّقا =في شفاه الكأس لحن و مدام
و الصبابات الظوامي حولنا= تشرب اللّحن فيهتاج الأورام
ها هنا غنّى الهوى الطفل لنا= و طواه ها هنا عنّا الفطام
و انقضى صفو التلاقي و ذوت= في صبا الحبّ أمانيه الجسام
و انتهى العهد كأنّ لم يبتديء= أو تلاقى البدء فيه و الختام
وانطفا فجر أمانينا و لم ينطف= الشوق و لم يخب الضرام
بدت اللّقيا وولّت ها هنا= فعلينا و على اللّقيا السلام
ضمّنا هذا المقام المشتهي =ثمّ أقصاني و أقصاك المقام
فهنا يا أخت ناغينا الهوى =و هنا ولّى و غطّاه القتام
واختفى الأنس و ذكراه =على مسرح العمر شعاع و ظلام
و من الحبّ ابتهاج و أسى =و من الذكرى دموع ة ابتسام
كلّنا يهوى الهنا لكنّنا كلّما =رمنا الهنا غاب المرام
ها أنا حيث التقينا و على =خاطري من صور الأمس ازدحام
أسأل الذكرى عن الحبّ و هل= للهنا في شرعة الحبّ دوام
ها أنا في منزل اللّقيا و في =جوّه من عهدنا الفاني حطام
أسأل الصمت على الجدران= هل للهوى عهد لديه أو ذمام
و يكاد الصمت يروي حبّنا= قصّة لو طاوع الصمت الكلام

سمر محمد
10-05-2010, 08:06 AM
غبت في الصمت و الهموم الضّواري= والأماني و الذكريات السواري
و تغلّفت بالوجوم وواريت= همومي في صمتي المتواري
و خنقت اللّحون في حلق مزماري= و أغفى على فمي مزماري
و انطوت في فمي الأغاني =و ماتت نغمي في حناجر الأوتار
و تلاشى شعري و نام شعوري= نومة اللّيل فوق صمت القفار
و تفانى فنّي و لم يبق إلاّ =ذكريات الصدى بشجو ادّكار
و خيال النحيب في عودي الباكي= و طيف النشيج في أسراري
***
و كأنّي تحت الدياجير قبر =جائع في جوانح الصمت عاري
و أنا وحدي الغريب و أهلي= عن يميني و إخوتي عن يساري
و أنا في دمي أسير ، و في =أر ضي شريد مقيّد الأفكار
و جريح الإبا قتيل الأماني= و غريب في أمّتي ودياري
كلّ شيء حولي عليّ غضوب= ناقم من دمي على غير ثار

سمر محمد
10-05-2010, 08:07 AM
نزلت ليالي السجن بين جوانحي= فحملت صدري للهموم ضريحا
و جثت على قلبي كأنّي صخرة= لا تفهم التنويه و التلميحا
فدفنت في خفق الجراح تألّمي =حيّا و ألحدت الأنين صحيحا
و حملت دائي في دمي وكأنّني= في كلّ جارحة حملت جريحا

سمر محمد
10-05-2010, 08:12 AM
كيف أنسى منك الحوار البديعا =و اللّقا الغضّ و الجمال الرفيعا
كيف أنسى و لا نسيت و عندي= ذكريات حرّى تذيب الضلوعا
كيف أنسى و لست أنسى لقاء =ضمّ قلبا صبّا و قلبا صديعا
ووصالا كانت تفيض معاني= علينا سكينة و خشوعا
عندما ضمّنا اللّقا في ذراعيه= نسينا ما في الوجود جميعا
و صبونا و عانق الحبّ حبّا =مثلما عانق الصباح الربيعا
وامتزجنا و الحبّ يضفي علينا= صبوات مرحى و جوّا وديعا
و بنان الهوى تغازل قلبينا= كما غازل النسيم الشموعا
فأدرنا من الغرام حوارا =عاطفيّا يصبي الهوى و الولعا
و عتابا يكاد من رقّة الألفاظ= يجري على الشفاه دموعا
***
كم تساءلت عن لقانا وكم= سا ءلت عن صفوة الظلام المريعا
و ذكرت الوصال ذكرى =غريب يتشهّى أوطانه و الرّبوعا

سمر محمد
10-05-2010, 08:28 AM
وحدي هنا يا ليل وحدي= ما بين آلامي و سهدي
وحدي و أموات المنى= و الذكريات السود عندي
كأنّ أشباح الدجا =حولي أماني مستبدّ
وي أحاسيسي و= تنشرها و تخفيها و تبدي
لمّيل يلهو بي كما =يهوى التجنّي و التعدّي
كأنّني في كفّه =عرض الكريم بكفّ وغد
ليل لي قلب يحنّ =إلى العلا بأحرّ وجد
ى العلا و يردّني عجزي= و إن العجز مردّي
اليأس يسلبني عن العليا= و لا الآمال تجدي
و بين مآربي أقصى= النوى و أشقّ بعد
فات مجدي إنّما =في ذمّة الأيّام مجدي
غدا – و ما أدنى غدا منّي –= سأوفي المجد وعدي
لقّن التاريخ آياتي= و يروي الخلد خلدي
نشيد منّي أمّة تهدي= إلى العليا و تهدي
على عهد العلا =فلتذكر العليا عهدي

سمر محمد
10-05-2010, 08:36 AM
يا حيرتي أين حبّي أين ماضية= و أين أين صباه أو تصابيه
قتلت حبّي و لكنّي قتلت به قلبي= و مزّقت في صدري أمانيه
و كيف أحيا بلا حبّ ولي =نفس في الصدر أنشره حيّا و أطويه
قتلت حبّي و لكن ! كيف مقتله ؟= بكيت حتّى جرى في الدمع جارية
أفرغت من حدق الأجفان أكثره= دمعا و ألقيت في النسيان باقية
ما كنت أدري بأنّي سوف أقتله =أو أنّني بالبكا الدامي سأفنيه
و كم بكيت من الحبّ العميق إلى =أن ذاب دمعا فصرت اليوم أبكيه
و كم شدوت بواديه الوريف وكم= أفعمت كأس القوافي من معانيه
و كم أهاب بأوتاري و ألهمني وكم= شربت الأغاني البيض من فيه
***
و اليوم واريت حبّي و التفتّ إلى =ضريحه أسأل الذكرى و أنعيه
قد حطّم اليأس مزمار الهوى بفمي= و قيّد الصمت في صوتي أغانيه
إنّ الغرام الذي قد كنت أنشده =أغاني الروح قد أصبحت أرثيه
ويلي وويلي على الحبّ القتيل =و يا لهفي على عهده الماضي و آتيه
ما ضرّني لو حملت الحبّ ملتهبا =يميت قلبي كما يهوى و يحييه

سمر محمد
10-05-2010, 08:39 AM
هيهات أن أنسى هواك و كلّما= حاولت أن أنسى ذكرتك مغرما
يا للشجون و كيف أنسى والأسى= يقتات أوصالي و ينتزف الدما
يا أخت روحي و ابتسام طفولتي= و بكا شبابي – آه . ما ألقى و ما
خلّفتني وحدي ألوك حشاشتي= أسفا و أفنى حرقة و تضرّما
وحدي مع الأمل الذبيح تطوف بي=ذكر متيّمة يشقن متيّما
و اليوم إنّي حول قبرك صامت= أقتات من جوعي و أستسقي الظما
و أقبّل القبر الحبيب و منيتي= لو أنّ لي في كلّ جارحة فما
و أسائل الصمت الرهيب كأنّني =جوعان محتضر يسائل معدما
***
يا من أناديها و يخنقني البكا =و يكاد صمت الدمع أن يتكلّما
فارقت في مثواك رفق أبوّتي =و فقدت عطف الأم فيك مجسّما
يا قلبي الدامي و آه و أين من= فاضت عليّ عواطفا و ترحّما
غابت و غبت و كلّما فارقتها= لاقيتها في الذكريات توهّما
مالي أناجيها و كيف و كلّما= ناجيتها ناجيت قبرا أبكما
***
وافيت قبرك و السكون يلفّه =و سكينة الأجداث تحيي المأتما
فسألت وارتجف السؤال متى اللّقا= فعصى الجواب لسانه و تلعثما
فذكرت أنّ الموت خاتمة اللّقا =فقلت آمالي و ليت و ربّما
و تألّمت روحي ووجداني إلى= أن كادت الآلام أن تتألّما
***
يا روع قلبي كيف أنسى روضة =حضنت صبا عمري فرفّ منعّما
كم دلّلتني بالحنان و لم تكن أمّي= و قد كانت أرقّ و أرحما
حتّى عميت فكاد يعميها البكا =و حنانها الباكي يشاركني العمى
***
كم صارعت عنت الخطوب و ما= مضت من ظالم إلاّ تلقّت أظلما
و مشت على شوك الحياة و هولها= و كأنّها كانت تدوس جهنّما
فرمت إلى حضن الممات كيانها =و تبدّلت بالكدّ عيشا أنعما
و تبرّمت بحياتها الضنكى و من= برمت به متع الحياة تبرّما
و حييت بعد مماتها ميت الهنا =حيّا أموت تأوّها و تألّما

سمر محمد
10-05-2010, 08:41 AM
أين منّي حنانها أين منّي= ملتقاها لم يبق إلاّ التمنّي
و شجون تهفو بقلبي إليها =و ظنون تقصي مرادي و تدني
هي أدنى إليّ من سر قلبي و هي= في القرب أبعد الناس عنّي
و هي في خاطري و أشكو نواها= و أقاسي ظلم الهوى و التجنّي
فاسمعي يا حبيبة الروح نجوى =خاطري وارقصي على شجو لحني
إنّني يا حبيبتي شاعر الحب= و للحبّ أغنياتي و فنّي
يجرح الحبّ أغنياتي فيصبيها= و يبكيني الهوى فأغنّي
حين يضنيني الغرام أغنيه= و أسمى الغرام ما كان مضنى
ساجليني يا ربّة الحسن أشوا =قي و عاني معي الغرام المعنّي
إنّني يا إلهة الحسن أهواك =و إن الهوى من الحسن يغنّي
إنّني ظاميء إليك و كم أظمأ =و أظما و فيك خمري و دني
في معانيك سكرة الحبّ و الفن =و فيها رقص الخيال المغنّي
و فتون حيّ يموج على أعطاف= حسنا يجلّ عن كلّ حسن
إنّها كلّ ما أريد من الدنيا =و ما يشتهي يقيني و ظنّي

سمر محمد
10-05-2010, 08:42 AM
ولد الربيع معطّر الأنوار =غرّد الهوى و مجنّح الأشعار
و مضت مواكبه على الدنيا كما= تمضي يد الشادي على الأوتار
جذلان أحلى من محاورة المنى =و أحبّ من نجوى الخيال السّاري
و ألذّ من سحر الصبا و أرقّ =من صمت الدموع ورعشة القيثار
هبط الربيع على الحياة كأنّه =بعث يعيد طفوله الأعمار
فصبت به الأرض الوقور و غرّدت= و تراقصت فتن الجمال العاري
و كأنّه في كلّ واد مرقص =مرح اللّحون معربد المزمار
و بكلّ سفح عاشق مترنّم =و بكلّ رابية لسان قاري
و بكلّ منعطف هدير حمامة =و بكلّ حانية نشيد هزار
و بكلّ روض شاعر يذرو الغنا= فوق الرّبا و عرائس الأزهار
و كأنّ أزهار الغصون عرائس= بيض معندمة الشفاه عواري
و خرائد زهر الصبا يسفرن =عن ثغر لؤاليّ و خدّ ناري
من كلّ ساحرة الجمال تهزّها= قبل الندي و بكا الغدير الجاري
و شفاه أنفاس النسيم تدبّ =في بسماتها في الأفكار
فتن و آيات تشعّ و تنتشي= كالحور بين تبسّم و حوار
ناريّة الألوان فردوسيّة=ذهبيّة الآصال و الأسحار
آذار يا فصل الصبابة و الصبا =و مراقص الأحلام و الأوطار
يا حانه اللّحن الفريد و ملتقى =نجوى الطروب و لوعة المحتار
أجواؤك الفضّيّة الزرقا جلت =صور الهنا و عواطف الأقدار
و محا هواك الشتا القاسي كما= يمحو المتاب صحفيّة الأوزار
في جوّك الشعري نشيد حالم= و عباقر شمّ الخيال عذاري
***
ما أنت إلاّ بسمة قدسيّة= ريّا الشفاه عميقة الأسرار
و بشائر مخصّلة و ترنّم عبق= أنيق السحر و السحار

سمر محمد
10-05-2010, 08:43 AM
لمن الهيام ؟ لمن تذوب هياما ؟ =و لمن تصوغ من البكا أنغاما
و لمن تسلسل من ضلوعك نغمة= حيرى تناجي اللّيل و الأحلاما
و نشائدا جرحى اللّحون كأنّها =من رقّة الشكوى قلوب يتامى
***
يا شاعر الآلام كم تدمى و كم= تبكي و تحتمل الهموم جساما
خفّف عليك و عش بقلبك وحده= و اسأل نهاك لم البكا و علاما ؟
واربأ بنفسك فهي أسمى غاية =من أن تذوب صبابة و غراما
كم همت بلآلام تشدو باسمها =و على الأنين تدلّل الآلاما
بلواك يابن الشعر فجر شاعر =يهدي إليك الوحي و الإلهاما
و بكاك ترنيم الخلود إذا اشتكى= غنّى الحياة ورقّص الأيّاما
في قلبك المهموم ألف خميله= تلد الهموم أزاهرا و خزامى
جلّت هموم الشعر . إنّ دموعها= فنّ يدير من الدموع مداما

سمر محمد
10-05-2010, 08:44 AM
يقولون لي مالي صمت عن الرثا =فقلت لهم إنّ العويل قبيح
و ما الشعر إلاّ للحياة و إنّني= شعرت ما شعرت أنوح
و كيف أنادي ميّتا حال بينه =و بيني تراب صامت و ضريح
و ما النوح إلاّ للثّكالى و لم أكن =كثكلى على صمت النعوش تصيح

سمر محمد
10-05-2010, 08:45 AM
لا قيتها و هي تهواني و أهواها= فما أحيلى تلاقينا و أحلاها
و ما ألذّ تدانيها و أجملها و ما= أخفّ تصابيها و أصباها
فهي الربيع المغنّي و هي بهجته =و هي الحياة و معنى الحبّ معناها
و إنّها في ابتسامات الصبا قبل =سكرى تفيض بأشهى السكر ريّاها
و فتنة من شباب الحسن رقّمها =فنّ الصّبا و حوار الحبّ غناها
لاقيتها و أغاريد الهوى بفمي تشدو= و تشدو و تستوحي محيّاها
غازلتها فتغاضت لحظة ودنت =و عنونت بابتسامات الرضا فاها

سمر محمد
10-05-2010, 08:51 AM
طال الطريق ، و قلّ الزاد ، و همّ الركب بالرحيل ، و أين ؟ و كيف ؟ كانت اللّيلة عاقرا لم تلد فجرا ، و سياط المطر تضرب العابرين و أجنحة العفاريت تتشابك و تحوم ، و الطريق الوحل يتخبّط بالمتعبين .
و نادى الشيخ : قد أظلمت فقف ، أعتم الوادي وضلّ الدليل ! و نادى الشيخ :





صاحبي غامت حوالينا النواحي= أيّ مغدى تبتغي أيّ مراح
قف بنا حتّى يمرّ السيل =من دربنا المحفوف بالشّر الصراح
أين تمضي ؟ و القضا مرتقب= و متاح و الرجا غير متاح
و الدجا الأعمى يغطّي دربنا= برؤى الموتى و أشلاء الأضاحي
أين تمضي ؟ و إلى أين بنا= جدّت الظلما فدع حمق المزاح
أظلم الدرب حوالينا فقف= ريثما تبدو تباشير الصباح
***
و هنا نادى على الدرب فتى =صديقه بين اقتراب و انتزاح
يحمل المصباح في قبضته= و ينادي الركب من خلف الجراح
فتلفّتنا إليه فانطوى صوته= بين الروابي و البطاح
واحتوى الصمت الندا واضطربت =حول مصباح الفتى هوج الرياح
***
يا رفيقي هذه ليلتنا =عاقر سكرى بآثام السفاح
و العفاريت عليها موكب =يرتمي في موكب شاكي السلاح
و الأعاصير تدوّي في الربا =و تميت العطر في صدر الأقاح
و غصون الروض عرّاها الهوا= ورمى عن جيدها كلّ وشاح
و الرياض الجرد لهفي لم تجد =لطف أنسام و لا نجوى صداح
نام عنها الفجر و الطير فلا= همس منقار و لا خفق جناح
***
يا رفيقي في السرى هل للسرى= آخر ؟ هل لظلام الدرب ماحي ؟
تلك كأس العمر جفّت و هوت= و هوانا في شفاه الكأس صاحي
هل وراء العمر عمر شائق ؟= هل وراء اليأس ظلّ من نجاح ؟
أيّ ركب من هنا يسري و ما= باله يسري إلى غير فلاح
و طريق السفر شوك و دم= يصرح الهول به ساحا بساح
تعب الركب و كلّ الدرب من =ضجّة السفر و ضوضاء التلاحي
" حيرة الساري " متى يغفي ؟ =متى يستريح الدرب من ركب الكفاح ؟

سمر محمد
10-05-2010, 08:54 AM
ماذا يريد المرء ما يشفيه =يحسو روا الدنيا و لا يرويه
و يسير في نور الحياة و قلبه= ينساب بين ضلالة و التيه
و المرء لا تشقيه إلاّ نفسه =حاشى الحياة بأنّها تشقيه
ما أجهل الإنسان يضني بعضه= بعضا و يشكو كلّ ما يضنيه
و يظنّ أن عدوّه في غيره =وعدوّه يمسي و يضحي فيه
غرّ و يدمي قلبه من قلبه= و يقول : إن غرامه يدميه
غرّ و كم يسعى ليروي قلبه= بهنا الحياة و سعيه يظميه
يرمي به الحزن المرير إلى الهنا= حتّى يعود هناؤه يرزيه
و لكم يسيء المرء ما قد سرّه= قبلا و يضحكه الذي يبكيه
ما أبلغ الدنيا و أبلغ درسها =و أجلّها و أجلّ ما تلقيه
و من الحياة مدارس و ملاعب= أيّ الفنون يريد أن تحويه
بعض النفوس من الأنام بهائم= لبست جلود الناس للتمويه
كم آدمي لا يعدّ من الورى =إلاّ بشكل الجسم و التشبيه
يصبو فيحتسب الحياة صبيّة =و شعوره الطفل الذي يصبيه
***
قم يا صريع الوهم واسأل بالنهى= ما قيمة الإنسان ما يعليه
واسمع تحدّثك الحياة فإنّها= أستاذة التأديب و التّفقيه
وانصب فمدرسة الحياة بليغة =تملي الدروس و جلّ ما تمليه
سلها و إن صمتت فصمت جلالها= أجلى من التصريح و التنويه

سمر محمد
10-05-2010, 08:59 AM
دعيني أنم لحظة يا هموم =فقد أوشك الفجر أن يطلعا
و كاد الصباح يشقّ الدجا= و لم يأذن القلب أن أهجعا
دعيني أنم غفوة عسى= أجد الحلم الممتعا
دعيني أطلّ عليّ الصباح= و ما زلت في أرقي موجعا
و ما زال يتعبني مضجعي=و يضني تقلّبي المضجعا
لك الله يا ليلة الذكريات= و لي ، ما أمرّ و ما أفزعا

سمر محمد
10-05-2010, 09:04 AM
كم أغنّيك آه كم= أسفح الروح في النغم
و أناجيك و الدجا= بيننا تائه أصم
و الوجود الكبير في= سكرة الصمت و الظلم
و أنادي كأنّني= معدم يسأل العدم
***
و أناجي يا ربّة الحسن و الأشواق= حولي مدلّهات صوادي
و خيالي يسمو بأجنحة =الحبّ بعيدا إلى وراء البعاد
و معانيك نغمة ردّدتها= نغماتي على فم الآباد
و صلاة تفجّر الطهر في محراب= حبّي و السحر في إنشادي
و الهوى في فمي نشيد نديّ =و صلاة قدسيّة في فؤادي
و أنا في هواك أمضي بجوع الحبّ= و الأغنيات مائي وزادي
فاستثيري شجون حبّي وزيدي= في جنوني ، و حرقتي واتّقادي
فجنون الغرام عقل جديد =طائر في مسابح الوحي شادي
أنا أهواك للمعاني فزيديني= غراما يذيب قلب الجماد
***
وافعمي مهجتي هوى= ملهبا ثائر الضرم
واشعليني صبابة و= املئي خاطري حمم
و اجهدي في تألّمي= لذّة الحبّ في الألم
عذّبيني و عذّبي =فعذاب الهوى حكم
***
أضرمي لوعتي تفه بالأغاني =و الحوار الأنيق زاهي البيان
فأجلّ الغرام وجد بلا وصل=و شوق تموت فيه الأماني
و صبيني أو فاهجريني فحسبي= منك فنّ الهوى و حلم التداني
أنا حسبي من الهوى أن يحسّ القلب= فيه قلبا من الحبّ ثاني
إنّما شرعه القلب و الطبع= فزيدي صبابتي و افتتاني
و انتفاض الغرام في الروح معنى= الروح معنى الحياة في الإنسان
ما أمرّ الهوى و أحلى معانيه =و أسمى صبابة الفنان
أنا لولاك ما انتزفت شبابي= نغما خالدا خلود المعاني
لا و لا ذبت في فم الحبّ شدوا= قدسيّ الصدى نديّ الحنان
***
و نشيدا متيّما مغرم =الصوت و الصدى
يحتسبه الهوى كما =تحتسي الزهرة الندى
كلّما استنطق الجوى= صمت أوتاره شدا
و تندى عواطفا= عاشقات و غرّدا
***
و تغنّى كأنّه الفجر يبثّ =الصباح شكوى اللّيالي
فاسمعي لوعتي بأنفاس أوتاري= فإنّي سكبت فيها انفعالي
و احتسي من كؤوس حبّي لحونا= وارقصي رقصة الصبا و الدلال
و اسكريني يا هالة الحبّ بالحب= و بالسحر من كئوس الجمال
سكرة القلب بالهوى سكرة الأزهار= بالعطر و النّدى و الظلال
سكرة الحبّ سكرة الفجر= بالأنوار سكر القلوب بالآمال
أنا من عشت في هواك أغنيّك= و أروي الغرام للأجيال
و معاني هواك في ثغر لحني =بسمات بيض كأزهى اللآلي
كالشّذا في فم الربيع المندّى= كالمنى في خواطر الأطفال

سمر محمد
10-05-2010, 09:08 AM
لا تسل عنّي و لا عن ألمي =فلقد جلّ الأسى عن كلمي
و تعايا صوتي المجروح =في عنفوان الألم المضطرم
ضقت بالصمت وضاق الصمت= بي بعد ما ضاقت عروقي بدمي
فدع التسآل عمّا بي فقد= ألجمت هيمنة الصمت فمي
و تهاديت كأنّي أمل= يرتمي فوق بساط العدم
و دمي يصرخ في جسمي كما= تصرخ الثكلى ببيت المأتم
و أراني آه مهزوم المنى= و أنا أحنو على المنهزم
أرحم المحروم إحساسا و لم= تدر كفّي كيف شكل الدرهم
و أنا أحنو على العاني وبي =حسرة العاني وجوع المعدم
و أنا في عزلتي السودا وفي= قلبي الدامي قلوب الأمم
و تآويه الحيارى تلتقي =في أحاسيسي و في روحي الظمي
آه كم وقّعت آلامي على= عودي الباكي جريح النغم
و عبرت العمر مخنوق الإبا= مطلق الحسّ حبيس القدم
قلق اليقظة مذعور الكرى= ذاهل الفكر شريد الحلم
حائر الخطو كأنّي مذنب= ميّت الغفران حيّ الندم
و كأنّي قصّة مبهمة =في حنايا كبرياء الظلم
و ضجيج صامت تكنفه =لجة الآلام و اللّيل العمي
و على صدري توابيت الشقا= كالعفاريت الحيارى ترتمي
كلّما ساءلت نفسي من أنا =صمتت عنّي صموت الصنم
لا تسل عنّي فآلام الورى= بضلوعي كاللّهيب النهم
و غنا شعري بكا عاطفتي= و تباكي جرحى المبتسم

سمر محمد
10-05-2010, 09:10 AM
كان عملاقا شاخ في فجر ميلاده ، و كاد أن يحتضر في ربيع العمر ، فتراه على بقيّة الأنفاس ، يتراءى كالظّل الحزين على صفحة الماء الراكد ، نصف عمره حلم آت ، و نصف ذكريات ، يدور في محوره كطيف الأمس في أهداب الذكريات ، فهو متاهة الظنون حلم تقلبه أجفان الظلم تائه
تائه كالرّجا في زوايا السجون
كخيال اللّقا حول وهم الجفون
كرياح الضحا في صخور الحزون
كانين الشّتا فوق صمت الغصون
كطيوف المسا في متاه العيون
وحدة يرتمي خلف طيف الفتون
بين خفق الرؤى و ضجيج السكون
آه يا قلبه حرّقتك الشجون
جفّ خمر الهوى في كئوس اللّحون
ظاميء يرتوي بسراب الظنون
ماله هان أو ماله لا يهون
كفّنت صوته و صداه السنون
و اختفى ظلّه في غبار القرون
كوعود المنى في الزمان الخؤون .

سمر محمد
10-05-2010, 09:13 AM
أفق وانطلق كالشعاع النديّ= و فجّر من اللّيل فجر الغد
وثب يابن أمّي وثوب القضا =على كلّ طاغ و مستعبد
و حطّم ألوهيّة الظالمين =و سيطرة الغاصب المفسد
و قل للمضلّين باسم الهدى =تواروا فقد آن أن نهتدي
و هيهات يبقى الشباب =جريح الإبا أو حبيس اليد
سيحيا الشباب و يحيى الحمى= و يفني عداة الغد الأسعد
و يبني بكفّيه عهدا جديدا =سنّيا و مستقبلا عسجدي
و عصرا من النور عدل اللّوا= طهور المنى أنف المقصد
***
فسر يابن أمّي إلى غاية= سماويّة العهد و المعهد
إلى غدك المشتهى حيث لا= تروح الطغاة و لا تغتدي
فشقّ الدجا يا أخي واندفع= إلى ملتقى النور و السؤدد
و غامر و لا تحذرنّ الممات= فغري بك الحذر المعتدي
ولاق الردى ساخرا بالردى =ومت في العلا موت مستشهد
فمن لم يمت في الجهاد النبيل= يمت راغم الأنف في المرقد
و إن الفنا في سبيل العلا =خلود . شباب البقا . سرمدي
و ما الحرّ إلا المضحي الذي=إذا آن يوم الفدى يفتدي
وحسب الفتى شرفا أنّه يعادي= على المجد أو يعتدي
أخي يا شباب الفدى طال ما= خضعنا لكيد الشقا الأسود
و مرّت علينا سياط العذاب= مرور الذباب على الجلمد
فلن نخضع اليوم للغاصبين =و لم نستكن للعنا الأنكد
سنمشي سنمشي برغم القيود= ورغم وعود الخداع الردي
فقد آن للجور أن يبتهي =وقد آن للعدل أن يبتدي
وعدنا الجنوب بيوم الجلاء =و يوم الفدى غاية الموعد
سنمشي على جثث الغاصبين= إلى غدنا الخالد الأمجد
و ننصبّ كالموت من مشهد= و ننقضّ كالأسد من مشهد
و نرمي بقافلة الغاصبين =إلى العالم الآخر الأبعد
فتمسي غبارا كأنّ لم تعش= بأرض الجنوب و لم توجد
أخي يا شباب الفدى في الجنوب= أفق وانطلق كالشعاع الندي

سمر محمد
10-05-2010, 09:16 AM
وافاك مجتمع البلاد فرنّما =وصبا إليك مسبّحا و متيّما
و تدافعت ( صنعا ) إليك كأنّها= حسناء مغرمة تغازل مغرما
وهفت إليك كأنّها مسحورة= ملتاعة الأعصاب ملهبة الدما
ورأت ولي العهد فازدانت به= فكأنّها قبس يسيل تضرّما
و ترقّصت ربواتها الفرحى كما= رقصت على الأفلاك أقمار السما
لقيت وليّ العهد دنياها كما= لقي العطاش الجدول المترنّما
وصبت نواحيها وجنّ جنونها= فرحا و كاد الصمت أن يتكلّما
و تجاذبتك هضابها و سهولها= شغفا كما جذب الفقير الدرهما
نظرت بنور البدر فجر حياتها =ورأت به الأمل الحبيب مجسّما
بدر مطالعه القلوب و نوره =يوحي إلى الأوطان أن تتقدّما
فكأنّه فجر يفيض أشعة جذلا= و فردوس يفيض تبسّما
و كأنّه وهج إلاهيّ السنا =و منابر تمحو دياجير العمى !
و كأنّه بفم الربيع نشيدة =خضراء نقّشها الصباح و نمنما
وروى فم التاريخ سحر جمالها= فكرا مجنّحة ووحيا محكما
و كأنّه قلب يذوب تأوّها =للبائسين و يستفيض ترحّما
فإذا رأى متألّما شاهدته =متوجّعا ممّا به متألّما
حتّى تراه لكلّ عين ماسحا= عبراتها و لكلّ جرح بلسما
و أحقّ أبناء البسيطة بالعلا= من شارك العاني و آسى المعدما
و أذلّ أهل الأرض قلبا من رأى= عبث الظلوم و ذلّ عنه و أحجما
و إذا تسامى طأطأ رأسه متهيّبا= و كفاه أن يتظلّما
أمحمد من أنت ؟ أنت عدالة =و صبابة حرّى باحشاء الحمى
و عواطف تندى و إنسانية =عصما توشّجت السمو الأعصما
ولدتك آفاق المعالي و العلا =شعلا كما تلد السماء الأنجما
غنّاك شعري و الربيع و صفوة= أهدي إليك زهوره و العندما
حيّاك ميلاد الربيع بطيّه =و شدتك أشعاري نشيدا ملهما
فاسلم تقبّلك القلوب و ترتوي=من فيض بهجتك الأماني و الظّما .

سمر محمد
10-05-2010, 09:26 AM
من ساحة الأصنام و الأوثان =من مسرح الطاغوت و الطّغيان
من غابة الوحشية الرعنا ومن= دنيا القتال و موطن الأضغان
من عالم الشر المسلّح حيث لا= حكم لغير مهنّد و سنان
بزغت تباشير السعادة و الهدى= بيضا كطهر الحبّ في الوجدان
و أهلّ من أفق الغيوب على الدنى= فجران فجر هدى و فجر حنان
يا فرحة العليا أهلّ محمد =و عليه سيما المجد كالعنوان
و أطلّ من مهد البراءة . و السما= و الأرض في كفّيه تعتنقان
***
ماذا ترى الصحرا ؟ أنوارا =سائلا أم أنّه حلم على الأجفان
فتحت نواظرها فضجّ سكونها =مالي أرى ما لا ترى عينان
و تلفّتت ربوات مكّة في السنا= حيرى تكابد صمتها و تعاني
و تكاد لولا الصّمت تسأل جوّها =ماذا ترى و متى التقى فجران ؟
و تيقّظ الغافي يرى مالا ترى= في الوهم روح الملهم الفنّان
نزل البسيطة بالسلام محمد =كالنصر عند مخافة الخذلان
يا صرعة الطاغوت أشرق بالهدى= رجل الهداية و الرسول الباني
فإذا الجزيرة فرحة و صبابة= و الجو عرس و الحياة أغاني
و إذا العداوة وحدة وأخوّة =والبغض حبّ و النفور تداني
هتفت شفاه البعث فانتفض الثرى= و تدافع الموتى من الأكفان
زخرت و ضجّت بالحياة قبورها= واهتاجت الأرواح في الأبدان
و تلاقت الدنيا يهنّيء بعضها= بعضا فكل الكائنات تهاني
***
ولد الرسول من الرسول و من= رأى طفلا له عليا الخلود مغاني
يسعى إلى العليا و تسعى نحوه= فكأنّ بينهما هوى و أماني
من ذلك الطفل الذي عصم الدما= و حمى الضعيف من القويّ الجاني
و تناجت الأكباد حوله =جلاله بالحبّ الحور و الولدان
***
من ذلك الطفل الفقير يشعّ من= عينيه تاريخ و سفر معاني
ما شأن هذا الطفل ما آماله ؟= فوق المنى و الشأن و السلطان
هذا اليتيم و سوف يغدو وحده= رجل الخلود وواحد الأزمان
و تحقّق الأمل الجميل و أينعت= روح النبوّة في أجلّ كيان
حمل الرسالة وحده و مضى =على حدّ السيوف و ألسن النيران
عبر المهالك و السلام سلاحة =يدعو إلى الحسنى ، إلى الإحسان
و إلى الأمانه و البراءة و التقى= و محبّة الإنسان للإنسان
و إلى التآخي و التصافي و الوفا= و البرّ و العيش الظليل الهاني
فتجاوبت حوليه أحقاد العدا =و تفجّرت في الدرب كالبركان
فمشى على نار الحقود كأنّه= يمشي على الأزهار و الغدران
و عدا الحقيقة حوله تجتاحهم= همجيّة دمويّة الألوان
و غواية تصبي الغويّ كأنّها= شيطانه توحي إلى شيطان
و محمد يلقي الأشعة ها هنا= و هنا و يفتح الوسنان
فطغت أعاديه عليه فردّهم= بالآيتين : الصبر و الإيمان
واقتاد معركة الفدى متفانيا =إن الجهاد عقيدة و تفاني
و الحقّ لا تحميه إلاّ قوّة =غضبى كألسنة اللّهيب القاني
و الأرض أم الناس ميدان الوغى= و العاجزون فريسة الميدان
و المجد حظّ مدرّب و مسلّح= و الموت حظّ الأعزل المتواني
رفع الرسول لوا النبوّة بالهدى =و حمى الهدى بالرمح و الفرسان
و غزا البلاد سهولها ووعورها= بالقوّتين : السيف و القرآن
و تراه إن لمست يداه بقعة =نشأت على الإصلاح منه يدان
و إذا أتت قدماه أرضا أطلعت= خطواته فجرا بكل مكان
إن الزعامة قوّة و عدالة= و شجاعة سمحا و قلب حالي
***
يا خير من حمل الرسالة و التقى= في عزم روح في أرقّ جنان
ذ**** آيات الزمان كأنّها= أنشودة العليا بكل زمان
***
أمحمّد خذ بنت فنّي إنّها =أخت الزهور بريئة الألحان
و عليك ألف تحيّة من شاعر= في كلّ عضو منه قلب عاني

سمر محمد
10-05-2010, 09:29 AM
من القبر من حشرجات التراب =على الجمر من مهرجان الذباب
و من حيث كان يدقّ القطيع= طبول الصلاة أمام الذئاب
و يهوي كما يرتمي في الصخور= قتيل على كتفيه ... مصاب
و من حيث كانت كؤوس الجراح= تزغرد بين شفاه الحراب
و من حيث يحسو حنين الربى =غبار المنى و نجيع السراب
و من حيث يتلو السؤال السؤال= و يبتلع الذعر وهم الجواب
عزفت اصفرار الرماد العجوز =ليحمرّ فيه طفور الشباب
و حرّقت أنفاسي المطفئات =و أطفأتها بالحريق المذاب
***
أتشتمّ يا قارئي في غناي =دخان المغنّي و شهق الرباب ؟
و تسمع فيه أنين الضياع =تبعثره عاصفات الضباب
فإنّ حروفي اختلاج السهول= و شوق السواقي ، و خفق الهضاب
و شوق الرحيق بصدر الكروم= إلى الكأس و الثلج في كلّ باب
و خوف المودّع غيب النوى =و سهد المنى في انتظار الإياب
أنا من غزلت انتحار الحياة =هنا شفقا من زفير العذاب
و لحّنته سحرا يحتسي =رؤى الفجر بين ذراعي كتاب
و تنبض فيه عروق السكون= و يمتدّ في ثلجة الالتهاب
و يتّقد الشوق في مقلتيه =و يظمأ في شفتيه العتاب

سمر محمد
10-05-2010, 09:34 AM
أسفر الفجر فانهضي يا صديقه =نقتطف سحره و نحضن بريقه
كم حنّنا إليه و هو شجون =في حنايا الظلام حيرى غريقه
و تباشيره خيالات كأس =في شفاه الرؤى ، و نجوى عميقه
و ظمئنا إليه و هو حنين =ظاميء يرعش الخفوق شهيقه
واشتياق يقتات أنفاسه =الحمر و يحسو جراحه ... و حريقه
وذهول كأنّه فيلسوف =غاب في صمته يناجي الحقيقة
و طيوف كأنّها ذكريات =تتهادى من العهود السحيقه
واحتضنّا أطيافه في مآقينا =كما يحضن العشيق العشيقه
و هو حبّ يجول في خاطرينا= جولة الفكر في المعاني الدقيقة
و التقينا نريق دمع المآقي =فأبت كبرياؤنا أن نريقه
واحترقنا شوقا إليه و ذبنا =في كؤوس الهوى لحونا رقيقة
وانتظرناه و الدجى يرعش الحلم= على هجعة القبور العتيقة
و السري وحشة و قافلة السّفر= يخاف الرفيق فيها رفيقه
و ظلام لا ينظر المرء كفّيه =و لا يسعد الشقيق شقيقة
هكذا كان ليلنا فتهادى =فجرنا الطلق فلحياة طليقه
***
فانظري " يا صديقتي " رقصة الفجر= على خضرة الحقول الوريقة
مهرجان الشروق يشدو و يندى= قبلات على شفاه الحديقة
فانهضي نلثم الشروق المغنّي= و نقبّل كؤوسه ورحيقه
و اخطري يا صديقتي في طريق الفجر= كالفجر ، كالعروس الأنيقه
واذكري أنّنا نعشنا صباه =وحدنا ؛ على خطاه الرشيقه
و سكبنا في مهده دفء قلبينا= و أحلامنا العذارى المشوّقه
نحن صغنا أضواءه من هوانا =و فرشنا بالأغنيات طريقه
و شدونا في دربه كالعصافير …= و شدو الغرام فيض السليقه
لن نطيق السكوت فالصمت= للمسيت و تأبى حياتنا أن نطيقه
***
نحن من نحن ؟ نحن تاريخ فكر= و بلاد في المكرّمات عريقه
سبقت وهمّها إلى كلّ مجد =و انتهت منه قبل بدء الخليقه
فابتسمي : عاد فجرنا و هو يتلو= للعصافير من دمانا وثيقه .

سمر محمد
10-05-2010, 09:43 AM
وحدي و مقبرة جواري =و الوهم و الأشباح داري
و الأفق بشرق بالدجى =و يلوك حشرجة الدراري
و الريح تزحف كالجنائز =في حشود من غبار
و النجم محمرّ الشعاع= كأنّه أحلام ثار
و كأنّ عينيه تشهّي =جاره و حنين جار
و أنا أتيه ... كنجمة =حيرى ، تفتّش عن مدار
و كأنّني طيف " الفرزدق "= يجتدي ذكرى " نوار "
و أرود منزل غادة =كالصيف عاطرة المزار
و كأنّني أمشي على حرقي ؛= و أشلاء اصطباري
و دنوت منها فانتشت =شفتاي ؛ واخضرّ افتراري
ورنت إليّ فتمتمت ودنت ؛= و غابت : في التّواري
و أردت عذرا فانطوى =في خاطري الخجل اعتذاري
وهمست : أين فمي ؟ =و ناري في دمي تقتات ناري
ورجعت أحمل في الحشا =حرقا ... كحيّات القفار
و أحاور الحسناء في= صمتي فيدنيها حواري
فأظنّها حولي رحيقا =في كؤوس من نضار
تبدو و تخفى كالطيوف ؛= و تستقرّ بلا قرار
و تكاد تقلع ثوبها= حينا و ترمي بالخمار
و أكاد أحضن ظلّلها= جسدا من الرّغبات عاري
و طفقت أزرع من رمال= الوهم كرما في الصحاري
فدوت حيالي ضجّة =غضبى كدمدمة انفجار
و سعت إليّ غابة =تومي بأشداق الضواري
و عصابة برّاقة =الألوان ، دامية الشّفار
تمشي فيحترق الحصا =والريح تقذف بالشرار
و أحاطها ومض البروق ؛= فسجّلت أخزى اندحار
***
و اللّيل يبتلع السّنى =و الخوف يرتجل الطواري
فتصارع الأشباح أشباحا= على شرّ انتصار
و هنا استجرت بساحر= بادي التقى نتن الإزار
يهذي و يقتاد النزيل= إلى لصيقات العثار
و يبيع ساعات الفجور= لكلّ بائعة و شاري
لصّ يتاجر بالخنا =و يزينه كذب الوقار
و يكاد ينفر بعضه =من بعضه أشقى نفار
و يثور إن ناوأته =في الإثم كالنمر المثار
و بلا انتظار كشّرت =في وجهه ( ذات السوار )
فاهتاج و ابتدر العصا =ودوت كعاصفة الدمار
فانقضّ كالثور الذّبيح ؛= يخور ، يخنق بالخوار
و رمت به للموت =يكنسه إلى دار البوار
و تهافت الجيران فاتّقد= الشّجار على الشجار
فشردت عنه كطائر= ظمآن طار من الإسار
و الريح تبصقي و تروي= للشّياطين احتقاري
***
و كأنّ أنهار تناديني= و تنصب في المجاري
مأعبّ من عفن الرؤى =و حلا ووهما من عقار
و أفرّ من نفسي إلى نفسي= و أهرب من فراري
أهوى على ظلّي كما= يهوى الجدار على الجدار
و أسائل الأحلام عن= دنيا ترقّ على انكساري
***
لا تسكتي : لم أنتحر إنّي= أقلّ من انتحاري
أنا من بحثت عن الردى= في كلّ رابية و غار
و نسيت مأتم زوجتي =وأبي وحشرجة احتضاري
***
هل خلف آفاق المنى =دنيا أجلّ من انتظاري ؟ !
خضراء طاهرة الجنى =و الرّي ، دانيه الثمار
و مواسم تندى و تولم= للغراب ، و للهزار .
للقبّرات و للصقور ؛= و للعصافير الصغار
إنّي كبرت عن الهوى =والزيف و الحبّ التجاري
و بصقت دنيا جيفة= تؤذي و تغري بالشّعار
و تصوغ من قذر الخطا= يا السود رايات الفخار
و مللت تيها ميّت= الألوان ؛ مكروه الإطار
و سئمت أشباحا أداريها ،= و أشتمّ من أداري
و لعنت وجهي المستعار= و كلّ وجه مستعار
و هفت إليّ نسيمة =جذلى كآمال العذاري
كتبسمّ الأفراح في=مقل الصبيّات الغرار
***
و تثاءب الفجر الجريح= كمن يفيق من الخمار
وانشقّ أفق الغيب عن= عهد المروءات الكبار
و كأنّ دنيا أشرقت =كالحور من خلف السّتار
تلقي المحبّة عن يميني =والبراءة عن يساري
و سرت حكايات المدينة= كالخيالات السواري
ووجدتني أنهار وحدي =واستفقت على انهياري
و نهضت و الدنيا كما= كانت تفاخر بالصغار
و تهاوت الدنيا خلق= افتناني و ابتكاري
فوددت لو ألقى كذاب= اللّيل ؛ صدقا في النهار .

سمر محمد
10-05-2010, 09:47 AM
لماذا لي الجوع و القصف لك ؟= يناشدني الجوع أن أسألك
و أغرس حقلي فتجنيه أنت ؛= و تسكر من عرقي منجلك
لماذا ؟ و في قبضتيك الكنوز ؛= تمدّ إلى لقمتي أنملك
و تقتات جوعي و تدعى النزيه ؛= و هل أصبح اللّصّ يوما ملك ؟
لماذا تسود على شقوتي ؟= أجب عن سؤالي و إن أخجلك
و لو لم تجب فسكوت الجواب= ضجيج ... يردّد ما أنذلك !
لماذا تدوس حشاي الجريح ؛= و فيه الحنان الذي دلّلك
و دمعي ؛ و دمعي سقاك الرحيق= أتذكر " يا نذل " كم أثملك !
فما كان أجهلني بالمصير =وأنت لك الويل ما أجهلك !
غدا سوف تعرفني من أنا =و يسلبك النبل من نبّلك
***
ففي أضلعي . في دمي غضّبة =إذا عصفت أطفأت مشعلك
غدا سوف تلعنك الذكريات =و يلعن ماضيك مستقبلك
و يرتدّ آخرك المستكين= بآثامه يزدري أوّلك
و يستفسر الإثم : أين الأثيم ؟= و كيف انتهى ؟ أيّ درب سلك ؟
***
غدا لا تقل تبت : =لا تعتذر تحسّر هنا مأملك
و لا : لا تقل : أين منّي غد ؟= فلا لم تسمّر يداك الفلك
غدا لن أصفّق لركب الظلام =سأهتف : يا فجر : ما أجملك !

سمر محمد
10-05-2010, 10:15 AM
خطرة وانبى النذير وصاحا= الحريق الحريسق يطوي الجناحا
و تعالى صوت النذير و ألوى= آمل العمر وجهه و أشاحا
و دنا من هنا الحريق و أومى =بارق الموت من هناك و لاحا
ورنا السفر حوله ليس يدري= هل يرى الجدّ أم يحسّ المزاحا ؟
تارة يرقب الخلاص وأخرى= يرقب اليأس و الهلاك المتاحا
و تعايا حينا يقلّب كفّيه =وحينا يشدّ بالرّاح راحا
و إذا النار تحتوي مارد الجوّ =ويجتاحه الحريق اجتياحا
خطوة في الرحيل و اختصر= الموت مسافاته الطوال الفساحا
و أطاح الجناح بالركب في الجوّ= و أودي الجناح فيه و طاحا
من رآه في الهوّة الحيرى ؛= و يستجدّ الربى و البطاحا
من رآه على الصخور رفاتا =و شظايا تعطي الرّماد الريّاحا
من رأى الصقر حين مدّ =إلى النار جناحا و للفرار جناحا
و هوى الطائر الكسير ودوّى =موكب الرعب ملأه و تلاحى
وارتمى يطرح الجناح المدمّى =مثلما يطرح القتيل السلاحا
***
وانطوى الركب في السكون =و أطفت هجعة الرمل عزمه و الطّماحا
و انتهى عمره و هل كان إلاّ =في مدى النفس غدوة أو رواحا
خلع العمر فاطمأنّ و أغفى= واستراحت جراحة و استراحا
مات ، و الشعب بين جنبيه= قلب خافق يطعم الحنين الجراحا
و يضمّ البلاد خلف الحنايا=أمنيات و ذكريات ملاحا
لم يكد شعبه يذوق هناء =منه حتّى بكى و أبكى و ناحا
***
أيّها الركب ! يا شهيد المعالي != هل رأيت الحياة شرّا صراحا !
أم فقدت النجاح في العمر حتّى= رحت تبغي عند الممات النجاحا
عندما قبّل الثرى منك جرحا= أوراق الترب من دماه و فاحا
هكذا المجد تضحيات ؛ =وغبن عمر من لم يخض إلى المجد ساحا
إنّما الموت و الحياة كفاح =يكسب النصر من أجاد الكفاحا
لا استراح الجبان لا نام جفناه= و لا أدركت خطاه الفلاحا
إنّما الموت مرّة و الدم المهدور= يبقى على الزمان وشاحا
كم جبان خاف الردى =فأتاه و تخطّى ستاره واستباحا
و نفوس شحّت على الموت لكن= أيّ موت صان النفوس الشحاحا ؟
كم مليك يأوي إلى القصر ليلا= ثمّ يأوي إلى التراب صباحا
***
شرعه المجد أن تصارع في المجد ؛= و تستلّ للصفاح صفاحا
أيّها الركب ! نم هنيئا ودعنا =نعتسف بعدك الخطوب الجماحا
ووداعا يا فتية اليمن الخضرا= وداعا بحرقة الصدر باحا .

سمر محمد
10-05-2010, 10:19 AM
لا تسألي يا أخت أين مجالي ؟= أنا في التراب و في السماء خيالي
لا تسأليني أين أغلالي سلي=صمتي و إطراقي عن الأغلال ؟
أشواق روحي في السماء وإنّما= قدماي في الأصفاد و الأوحال
و توهمي في كلّ أفق سلبح =و أنا هنا في الصمت كالتمثال
أشكو جراحاتي إلى ظلّي كما= يشكو الحزين إلى الخلّي السّالي
***
و اللّيل من حولي يضجّ و ينطوي= في صمته كالظالم المتعالي
يسري و في طفراته ووقاره= كسل الشيوخ و خفّة الأطفال
و تخاله ينساق و هو مقيّد= فتحسّه في الدرب كالزلزال
و أنا هنا أصغي و أسمع من هنا= خفقات أشباح من الأهوال
ورؤى كألسنة الأفاعي حوّما= ومخاوفا كعداوة الأنذال
و أحسّ قدّامي ضجيج مراقد =و تثائب الآباد و الآزال
و تنهّدا قاقا كأنّ وراءه =صخب الحياة و ضجّة الأجيال
و الطيف يصغي للفراغ كأنّه=لصّ يصيخ إلى المكان الخالي
و كأنّه " الأعشى " يناجي " ميّة " =و يلملم الذكرى من الأطلال
و الشهب أغنية يرقرقها الدجى= في أفقه كالجدول السلسال
و الوهم يحدو الذكريات كمدلج= يحدو القوافل في بساط رمال
و الرعب يهوي مثلما تهوي =على ساح القتال جماجم الأبطال
***
و هنا ترقبت انهياري مثلما=يترقّب الهدم الجدار البالي
و سألت جرحي هل ينام ضجيجه ؟= و أمرّ من ردّ الجواب سؤالي !
و أشدّ مما خفت منه تخوّفي= وأشقّ من وعر الطريق كلالي !
و أخسّ من ضعفي غروري بالمنى= و اليأس يضحك كالعجوز حيالي !
و أمضّ من يأسي شعوري أنّني= حيّ الشهيّة ؛ ميّت الآمال
أسري كقافلة الظنون و أجتدي= شبح الظلام و أهتدي بضلالي
و أسير في الدرب الملفّح بالدجى= و كأنّني أجتاز ساح قتال
و أتيه و الحمّى تولول في دمي =و ترتّل الرعشات في أوصالي
***
لا تسأليني عن مجالي : في الثرى =جسدي وروحي في الفضاء العالي
و سألتها : ما الأرض ؟ قالت إنّها= فلوات أوحاش وروض صلال
إن كنت محتالا قطفت ثمارها= أولا : فانّك فرصة المحتال
و أنا هنا أشقى و أجهل شقوتي= و أبيع في سوق الفجور جمالي
***
و العمر مشكلة و نحن نزيدها =بالحلّ إشكالا إلى إشكال
لا حرّ في الدنيا فذو السلطان= في دنياه عبد المجد و الأشغال
و الكادح المحروم عبد حنينه =فيها : وربّ المال عبد المال
و الفارغ المكسال عبد فراغه =و السفر عبد الحلّ و الترحال
و اللّصّ عبد اللّيل و الدجّال= في دنياه عبد نفاقه الدجّال
لا حرّ في الدنيا و لا حريّة=إنّ التحرّر خدعة الأقوال
الناس في الدنيا عبيد حياتهم=أبدا عبيد الموت و الآجال
***
و سألتها ما الموت ؟ قالت : إنّه= شطّ الخضمّ الهائج الصوّال
و سكونه الحاني مصير مصائر= و هدوؤه دعة و عمق جلال
مالي أحاذره و أخشى قوله= و أنا أجرّ وراءه أذيالي ؟ !
أنساق في عمري إليه مثلما= تنساق أيّامي إلى الآصال
***
و سألتها : فرنت و قالت : لا تسل ،= دعني عن المفصول و المفضال !
أسكت ! فليس الموت سوقا عنده= عمر بلا ثمن ، و عمر غالي !!

سمر محمد
10-05-2010, 10:23 AM
لمن أرعش الوتر المجهدا =و أشدو و ليس لشدوي مدى ؟
و أنهي الغناء الجميل البديع لكي= أبدا الأحسن الأجودا
و أستنشد الصمت وحدي =هنا و أخيلتي تعبّر السرمدا
فأسترجع الأمس من قبره =و أهوى غدا قبل أن يولدا
و أستنبت الرمل بالأمنيات ؛= زهورا ، و أستنطق الجلمدا
و حينا أنادي و ما من مجيب =و حينا أجيب و ما من ندا
و أبكي و لكن بكاء الطيور= فيدعوني الشاعر المنشدا
***
لمن أعزف الدمع لحنا رقيقا= كسحر الصبا كابتسام الهدى ؟
لعينيك نغّمت قيثارتي =و أنطقتها النغم الأخلدا
أغنّيك وحدي و ظلّ القنوط ؛= أمامي و خلفي كطيف الردى
و أشدو بذ**** لم تسألي= لمن ذلك الشدو أو من شدا ؟
كأنكن نلتقي و الهوى= يدلّل تاريخنا الأمردا
و حبّي يغنّيك أصبى اللّحون ؛= فيحمرّ في وجنتيك الصدى
و نمشي كطفلين لم نكترث بما= أصلح الدهر الدهر أو أفسدا
و نزهو كأنا ملكنا الوجود ؛= و كان لنا قبل أن يوجدا
و ملعبنا جدول من عبير=إذا مسّه خطونا ... غرّدا
و أفراحنا كشفاه الزهور ؛= تهامسها قبلات الندى
أكاد أضمّ عهود اللّقاء ؛= و ألثمها مشهدا مشهدا
و أجترّ ميلاد تاريخنا =و أنتشق المهد و المولدا
و أذكر كيف التقينا هناك ؛ =و كيف سبقنا هنا الموعدا ؟
و كيف افترقنا على رغمنا ؟= و ضعنا : و ضاع هوانا سدى
حطّمنا الكؤوس و لم نرتوي= و عدت أمدّ إليها اليدا
و أخدع بالوهم جوع الحنين ؛= كما يخدع الحلم الهجّدا
أحنّ فأقتات ذكرى اللّقا= لعلّي بذكراه أن أسهدا
و أقتطف الصفو من وهمه= كما يقطف الواهم الفرقدا
أتدرين أين غرسنا المنى ؟ =و كيف ذوت قبل أن نحصدا ؟
تذكّرت فاحترت في الذكريات= و حيّرت أطيافها الشرّدا
إذا قلت : كيف انتهى حبّنا ؟= أجاب السؤال : و كيف ابتدا ؟
فأطرقت أحسو بقايا البكاء =و قد أوشك الدمع أن ينفدا
و أبكى مواسمك العاطرات =و أيّامها الغضّة الخرّدا
و من فاته الرغد في يومه =مضى يندب الماضي الأرغدا
***
أصيخي إلى قصّتي إنّني =أقصّ هنا الجانب الأنكدا
أمضّ الأسى أن تجوز الخطوب= و أشكو فلا أجد المسعدا
و أشقى و يشقى بي الحاسدون= و ما نلت ما يخلق الحسّدا
علام يعادونني ! لم أجد =سوى ما يسرّ ألدّ العدا !
حياتي عذاب و لحن حزين= فهل لعذابي و لحني مدى ؟

سمر محمد
10-05-2010, 10:31 AM
خذها فديتك يا شقيقي= ذكرى أرقّ من الرحيق
و ألذّ من نجوى الهوى =بين العشيقة و العشيق
خذها أرقّ من السنى =في خضرة الروض الوريق
واذكر تهادينا على= كوخ الطفوله و الطريق
و أنا و أنت كموثقين ؛= نحنّ في القيد الوثيق
نمشي كحيرة زورق= في غضّبة اللّج العميق
و نساجل الغربان في= الوديان أصوات النعيق
و إذا ذكرت لي الطعام ؛= أكلت أنفاسي وريقي
***
أيّام كنّا نسرق الرمان= في الوادي السحيق
و نعود من خلف الطريق= و ليلنا أحنى رفيق !
و نخاف وسوسة الرياح ؛= و خضرة الطّيف الرشيق
حتّى نوافي بيتنا ... =و الأهل في أشقى مضيق
فيصيح عمّي والشراسة ؛= في محيّاه الصفيق
و هناك جدّتنا تناغينا= مناغاة الشفيق
تهوي الحياة و عمرها= أوهى من الخيط الدقيق
و أبي و أمّي حولنا= بين التنهّد و الشهيق
يتشاكيان من الطوى =شكوى الغريق إلى الغريق
شكواهما صمت كما =يشكو الذّبال من الحريق
و يحدّقان إلى السكون ؛= ورعشة الكوخ العتيق
و اللّيل ينصت للضفادع ؛= و هي تهذي بالنقيق
و الشهب تلمع كالكؤوس ؛= على شفاه من عميق
***
وجوارنا قوم لهم =إشراقة العيش الطليق
من كلّ غرّ يمر= بين الأغاني و النهيق
و تظنّه رجلا و خلف= ثيابه وحش حقيقي
و تراه يزعم شخصين =جوهر المسك الفتيق
يتحادثون عن النقود ؛= حديث تجار الرقيق
يتخيّرون ملابسا تصبي= و تغري بالبريق
حتّى تراهم صورة =للزور و الجهل الأنيق
و نماذجا برّاقه =لأناقة الخزي العريق
***
يمشون في نسيج الحرير ؛= فهم رجال من حرير
و كأنّهم مهن خلق =نسّاج ؛ و خيّاط قدير
لولا خدّاع ثيابهم =كسدوا بأسواق الحمير
فقراء من خلق الرجال ؛= و يسخرون من الفقير
و يسائلون مع الرجال ؛= عن المشاكل و المصير
و مصيرهم بيت البغيذ ؛= و بيت خمّار شهير
و هناك بنت غضّيه =أحلى من الورد المطير
ترنو و في نظراتها لغة= الدعارة و الفجور
و حدجيثها كالجدول= السلسال فضّي الخرير
حسناء تطرح حسنها= للمترفين ؛ و للأجير
فجمالها مثل الطبيعة ؛= للنبيل .... و للحقير
في مشيها رقص الحسان ؛= و خفّة الطفل الغرير
و يكاد يعشق بعضها= بعضا من الحسن المثير
أودى أبوها و هو في =إشراقه العمر القصير
كان امرءا يجد الضعيف ؛= يمينه أقوى نصير
يحنو و ينثر ... ماله=للطفل و الشيخ الكبير
يرعى الجميع فكلّ لب= سماويّ الضمير
جادت يداه بما لديه ؛= و جاد بالنفس الأخير
فذوت صبيّته الجميلة ؛= كالزنابق في الفهجير
و بكت إلى أختي كما= يبكي الأسير إلى الأسير
و مشت على شوك المآسي= الحمر و اليتم المرير
و مضت تدوس الشوك ؛ =و الرمضا على القلب الكسير
و الحزن في قسماتها =كالشك في قلب الغيور
تعرى فتكسوها الطبيعة= حلّة الحسن النظير
صبغت ملامحها الطبيعة =من سنا البدر المنير
من وقدة الصيف البهيج =و هدأة اللّيل الضرير
من خفّة الشجر الصبور ؛= على رياح الزمهرير
و من الأشعّة و الشذى =و صراحة الماء النمير
فتعانقت فيها المباهج ؛= كالأشعّة ... و العبير
فجمالها قبل الحنين ؛ =و صدرها أحنى سرير !
***
قل لي . أتذكر يا أخي =من تلك جارتنا الشهيّة ؟
هي فوق فلسفة التراب= و غلظة الأرض الدنيّة
رحمت مجانين الغواية=فهي مشفقة غويّة
بنت الطبيعة فهي =ظلّ الحبّ ؛ و الدنيا الشّذيّة
كانت ربيع الأمنيات ؛= و أغنيات الشاعريّة
فانصت إليّ فلم تزل =من قصّة الماضي بقيّة
جاءت بها الذكرى ؛= و ما الذكرى ؟ خلود الآدميّة
حدّق ترى ماضيك فيها ،= فهي صورته الجليّة
أوّاه ! ما أشقى ذكيّ القلب ؛= في الأرض الغبيّه !
***
ما كان أذكى " مرشدا "= و أبرّ طلعته الزكيّه !
كان ابتسامات الحزين ؛= و فرحة النفس الشجيّة
عيناه من شعل الرشاد ،= و كلّه من عبقريّة
إن لم يكن في الأنبياء =فروحه المثلى نبيّة
قتلته في الوادي اللّصوص ؛= فغاب كالشمس البهيّة
كان ابن عمّي يزدريه ؛= فلا يضيق من الزريّه
و من ابن عمّي ؟ جاهل= فظّ كليل الجاهليّة
يرنو إلينا ... مثلما =يرنو العقور إلى الضحيّة
نعرى ؛ و يسبح في النقود ؛= و في الثياب القيصريّة
و نذوب من حرق الظماء= و عنده الكأس الرويّه
و الكأس تبسم في يديه ؛= كابتسامات الصبيّة
و الكرم في بستانه= يلد العناقيد الجنيّه
حتّى تزوّج أربعا =أشقته واحدة شقيّة
فكأنّ ثروته دخان =ضاع في غسق العشيّة
فهوى إلينا و التقينا ؛= كالأسارى في البليّة
***
و أتى الخريف و كفّه =تومي بأشداق المنيّة
و توقع الحيّ الفنا =فتغيّرت صور القضيّة
و تحرّك الفلك الدؤوب= فأقبلت دنيا رخيّة
و تضوّع الوادي بانسام= الفراديس النديّة
قل لي : شقيقي هل ذكرت= عهود ماضينا القصيّة
خذها فديتك قصّة =دفاته النجوى سخيّة
و إلى التلاقي يا أخي= في قصّة أخرى طريّة
و الآن أختم الكتاب= ختامه أزكى تحيّة !

سمر محمد
10-05-2010, 10:35 AM
أخي ؛ صحونا كلّه =مآتم و إغفاؤنا ألم أبكم
فهل تلد النور أحلامنا كما= تلد النور الزهرة البرعم ؟
و هل تنبت الكرم وديانا =و يخضرّ في كرمنا الموسم ؟
و هل يلتقي الريّ و الظامئون ؛= و يعتنق الكأس و المبسم ؟
لنا موعد نحن نسعى إليه =و يعاتاقنا جرحنا المؤلم
فنمشي على دمنا و الطريق ؛= يضيّعنا و الدجى معتم
فمنّا على كلّ شبر نجيع ؛= تقبله الشمس و الأنجم
***
سل الدرب كيف التقت حولنا= ذئاب من الناس لا ترحم
و تهنا و حكّمنا في المتاه =سباع على خطونا حوّم
يعيثون فينا كجيش المغول= و أدنى إذا لوّح المغنم
فهم يقتنون ألوف الألوف =و يعطيهم الرشوة المعدم
و يبنون دورا بأنقاض ما= أبادوا من الشعب أو هدّموا
أقاموا قصورا مداميكها =لحوم الجماهير و الأعظم
قصورا من الظلم جدرانها =جراحاتنا أبيض فيها الدم
***
أخي إن أضاءت قصور الأمير= فقل : تلك أكبادنا تضرم
وسل ؛ كيف لنّا لعنف الطغاة =فعاثوا هنا و هنا أجرموا ؟
فلا نحن نقوى على كفّهم =و لا هم كرام فمن ألوم ؟
إذا نحن كنّا كرام القلوب ؛= فمن شرف الحكم أن يكرموا
و إن ظلمونا ازدراء بنا =فأدنى الدناءات أن يظلموا
و إن أدمنوا دمنا فالوحوش= تعب النجيع و لا تسأم
و إن فخروا بانتصار اللئام= فخذلاننا شرف مرغم
و سائلنا فوق غاياتهم =و أسمى ، و غاياتنا أعظم
فنحن نعفّ و هل إن رأوا= لأدناسهم فرصة أقدموا
و إن صعدوا سلّما للعروش= فأخزى المخازي هو السّلّم
***
و ما حكمهم جاهليّ الهوى ؟= تقهقه من سخفه الأيّم
و أسطورة من ليالي " جديس "= رواها إلى " تغلب " " جرهم "
و مطمعهم رشوة و الذباب= أكول إذا خبث المطعم
رأوا هدأة الشعب فاستذأبوا= على ساحة البغي و استضغموا
و كلّ جبان شجاع الفؤاد ؛= عليك ؛ إذا أنت مستسلم
و إذعاننا جرّأ المفسدين= علينا و أغراهم المأثم
***
أخي نحن شعب أفاقت مناه= و أفكاره في الكرى تحلم
و دولتنا كلّ ما عندها =يد تجتني وحشى يهضم
و غيد بغايا لبسن النضار= كما يشتهي الجيد و المعصم
و سيف أثيم يحزّ الرؤوس= و قيد و معتقل مظلم
و طغيانها يلتوى في الخداع=كما يلتوي في الدجى الأرقم
و كم تدّعي عفّة و الوجود= بأصناف خسّتها مفعم !
و آثامها لم تسعها اللّغات= و لم يحو تصويرها ملهم
أنا لم أقل كلّ أوزارها= تنزّه قولي و عفّ الفم
تراها تصول على ضعفنا= و فوق مآتمنا تبسم
و تشعرنا بهدير الطبول= على أنّها لم تزل تحكم
و تظلم شعبا على علمه= و يغضبها أنّه يعلم
و هل تختفي عنه و هي التي= بأكباد أمّته تولم ؟
و أشرف أشرافها سارق =و أفضلهم قاتل مجرم
***
عبيد الهوى يحكمون البلاد= و يحكمهم كلّهم درهم
و تقتادهم شهوة لا تنام =و هم في جهالتهم نوّم
ففي كلّ ناحية ظالم =غبيّ يسلّطه أظلم
أيا من شعبتم على جوعنا= و جوع بنينا . ألم تتخموا ؟
ألم تفهموا غضبة الكادحين =على الظلم ؟ لا بدّ أن تفهموا ؟

سمر محمد
10-05-2010, 10:41 AM
يا رفاق السرى إلى أين نسري= و إلى أين نحن نجري و نجري ؟
دربنا غائم يغطّيه ليل =فكأنّا نسير في جوف قبر
دربنا وحشة و شوك ووحل= و سباع حيرى ؛ و حيّات قفر
و متاه تحيّر الصمت فيه =حيرة الشكّ في ظنون " المعرّي "
و الرؤى تنبري كظمآن تهوي= حول أشواقه خيالات نهر
و الدجى حولنا كمشنقة العمر =كوادي الشقا : كخيمات شرّ
راقد في الطريق يتّسد الصمت ؛ =و يومي بألف ناب ، و ظفر
ذابل و النجوم في قبضتيه =ذابلات كالغيد في كفّ أسر
***
يا رفاق السرى إلى كم نوالي= خطونا في الدجى إلى لا مقرّ ؟
أقلق اللّيل و السكون خطانا=و خضبنا بجرحنا كلّ صخر
و غرسنا هذا الطريق جراحا =واجتنينا الثمار حبّات جمر
فإلى كم نسير فوق دمانا ؟= أين أين القرار هل نحن ندري ؟
كلّنا في السرى حيارى ولكن= كلّنا في انتظار ميلاد فجر
كلّنا في انتظار فجر حبيب =وانتظار الحبيب بصبى و يغري
يا رفاقي لنا مع الفجر وعد =ليت شعري متى يفي ؟ ليت شعري !
***
و هنا أدرك الفتور قوانا =وانتهى الزاد و انتهى كلّ ذخر
و مضينا كالطّيف نصغي =فهزّت سمعنا نغمة كرنّات تبر
فجرحنا السكون حتّى بلغنا =بيت حسنا يدعونها أخت عمرو
فقرتنا لحما و حسنا شهيّا =و حديثا كأنّه ذوب سحر
و ذهبنا و في دمانا حنين =جائع ينخر الضلوع و يفري
و طغى حولنا من السفح موج =من ضجيج كأنّه هول حشر
فإذا قرية تدير ضرابا =وتريش السهام حينا و تبري
فاقتربنا نستكشف الأمر لكن= أيّ كشف نحسبه أيّ أمر
أعين تقذف اللّظى ونفوس= مثخنات تنسلّ من كلّ صدر
و جسوم حمر تنوش جسوما= في ثياب من الجراحات حمر
و تهزّ الخناجر الحمر ... أيد= ترتمي كالنسور في كلّ نحر
وانطفت حومة الوغى فاندفعنا= في سرانا نلفّ ذعرا بذعر
ورحلنا و اللّيل في قبضة الأفق= كتاب يروي أساطير دهر
و شددنا جراحنا وانطلقنا= و كأنّا نشقّ تيّار ... بحر
***
هوّم الطيف حولنا فالتقينا= نحوه كالتفات سفر لسفر
و سمعنا همسا من الأمس يروي= قصّة الفاتحين من أهل " بدر "
فنصتنا للطّيف إنصات =صبّ لمحت يقصّ قصّة هجر
و سرى في السكون صوت ينادي= يا رفاق السرى و أحباب عمري
يا رفاقي تثاءب الشرق و انسلّت= عذاري الصباح من كلّ خدر
و العصافير تنفض الريش في الوكر= و تنفي النعاس من كلّ وكر
و كأنّ الشعاع أيد من الورد =المندّى . تهزّ أهداب زهر
و كأنّ الغصون أيدي الندامى =و شفاه الزهور أكواب خمر
و مضى سيرنا و قافلة الفجر= تصبّ الهدى على كلّ شبر
فإذا دربنا رياض تغنّي في السنا =و الهوى زجاجات عطر
نحن في جدول من النور يجري =و خطانا تدري إلى أين تجري .

سمر محمد
10-05-2010, 10:45 AM
هذا الصباح الراقص المتأود =فتن مهفهفه و سحر أغيد
و مباهج ما إن يروقك مشهد= من حسنه حتّى يشوقك مشهد
الفجر يصبو في السفوح و في= الربى و الروض يرشف النّدى و يغرّد
و الزهر يحتضن الشعاع كأنّه= أمّ تقبّل طفلها و تهدهد
في مهرجان النور لاح على الملا =عيد يبلوره السنا ... و يورّد
فهنا المفاتن و المباهج تلتقي=زمرا تكاد من الجمال تزغرد
***
عيد الجلوس أعر بلادك مسمعا= تسألك أين هناؤها ؟ هل يوجد ؟
تمضي و تأتي و البلاد و أهلها= في ناظريك كما عهدت و تعهد
يا عيد حدّث شعبك متى يروي ؟= و هل يروي و أين المورد ؟
حدّث ففي فمك الضحوك بشارة =وطنيّة ؛ و على جبينك موعد
فيم السكوت و نصف شعبك هاهنا= يشقى .. و نصف في اشعوب مشرّد
يا عيد هذا الشعب ، ذلّ نبوغه =و طوى نوابغه السكون الأسود
ضاعت رجال فيه كأنّها =حلم يبعثره الدجى و يبدّد
***
للشعب يوم تستثير جراحه= فيه و يقذف بالرقود المرقد
و لقد تراه في السكينة .. إنّما=خلف السكينة غضبة و تمرّد
تحت الرماد شرارة مشبوبة =و من الشرارة شعلة و توقد
لا ، ألم يلم ثأر الجنوب و جرحه =كالنار يبرق في القلوب و يرعد
لا ، لو يلم شعب ... يحرّق صدره= جرح على لهب العذاب مسّهد
شعب يريد و لا ينال كأنّه= ممّا يكابد في الجحيم .. مقيّد
***
أهلا بعاصفة الحوادث ، أنّها= في الحيّ أنفاس الحياة تردّد
لو هزّت الأحداث صخرا جلمدا= لدوى و أرعد باللذهيب الجلمد
بين الجنوب و بين سارق أرضه =يوم نؤرّخه الدما و تخلّد !
الشعب أقوى من مدافع ظالم =وأشدّ من بأس الحديد و أجلد
و الحقّ يثني الجبش و هو عرمرم =و يفلّ حدّ السيف و هو مهنّد
لا أمهل الموت الجبان و لا نجا =منه ؛ و عاش الثائر المستشهد
يا ويح شرذمة المظالم عندما =تطوي ستائرها و يفضحها الغد !
و غدا سيدري المجد أنّا أمّة =يمنيّة شمّا ؛ و شعب أمجد
و ستعرف الدنيا و تعرف أنّه =شعب على سحق الطغاة معوّد
فليكتب المستعمرون بغيظهم =وليخجلوا ، و ليخسأ المستعبد
***
عيد الجلوس و هل نصّت لشاعر= هنّاك و هو عن المسرّة مبعد ؟
فاقبل رعاك الله تهنئتي وإن= صرخ النشيد و ضجّ فيه المنشد
واعذر إذا صبغ التنهّد نغمتي= بالجرح فالمصدور قد يتنهّد

سمر محمد
10-05-2010, 10:48 AM
أين عشّي وجودلي و جناني ؟= أين جوّي ؟ و أين برّ أماني ؟
أين منّي بقيّة من جناحي != فرّ منّي الجواب ، ضاع لساني !
غير أنّي أسائل الصمت عنّي= و انكسار الجواب يدمي حناني
هل أنا من هنا ؟ و هل لي مكان ؟= أنا من لا هنا ، و من لا مكان
كم إلى كم أمشي ، و دربي ظنون= و مداه قاص عن الوهم دان ؟
و سأبقى أسير في غير درب= من تراب ، دربي ظنون الأماني
و أعاني مرّ السؤال ، =ويتلوه سؤال أمرّ ممّا أعاني
هل هنا موطني ؟ و أضغي : و هل لي= موطن غيره على الأرض ثاني ؟
***
وطني رحلة النجوم فأهلي =و أحبّائي النجوم الرواني
و دياري تيه الخيال وزادي =ذكرياتي و الأغنيات دناني
فليخنّي الزمان و الشعب إنّي= شعب شعبي ، أنا زمان الزمان
يتلاقى الزمان و الشعب في روحي= شجيّين يعرفان كياني
من أنا ؟ شاعر ، حريق يغنّي =وغنائي دمي ، دخان دخاني
فحياتي سرّ الحياة و شدوي= لحن ألحانها ، معاني المعاني
و ضياعي سياحة العطر في الريح ،= و تيهي مزارع من أغاني .

سمر محمد
10-05-2010, 10:54 AM
لبّيك وازدحمت على الأبواب= صبوات أعياد و عرس تصابي
لبّيك يابن العرب أبدع دربنا= فتن الجمال المسكر الخلّاب
فتبرّجت فيه المباهج مثلما =تتبرّج الغادات للعزّاب
واخضرّت الأشواق فيه و المنى= كالزهر حول الجدول المنساب
و مضى به زحف العروبة و الدنى= ترنو ، و تهتف عاد فجر شبابي
إنّا زرعناه منى و جماجما فنما= و أخصب أجود الإخصاب
و يحدّق التاريخ فيه كأنّه =يتلو البطولة من سطور كتاب
***
عاد التقاء العرب فاهتف يا أخي= للفجر ، وارقص حول شدو ربابي
و اشرب كؤوسك واسقني نخب اللّقا= واسكب بقايا الدنّ في أكوابي
هذي الهتافات السكارى و المنى= حولي تناديني إلى الأنخاب
خلفي و قدّامي هتاف مواكب= و هوى يزغرد في شفاه كعاب
و الزهر يهمس في الرياض كأنّه= أشعار حبّ في أرقّ عتاب
و الجوّ من حولي يرنحه الصدى= فيهيم كالمسحورة المطراب
و الريح ألحان تهازج سيرنا =والشهب أكواب من الأطياف
إنّا توحّدنا هوى و مصائرا =و تلاقت الأحباب بالأحباب
أترى ديار العرب كيف تضافرت =فكأنّ " صنعا " في " دمشق " روابي
و كأنّ " مصر " و " سوريّا " في مأرب "= علم و في " صنعا " أعزّ قباب
لاقى الشقيق شقيقه ، فاسألهما= كيف التلاقي بعد طول غياب ؟
***
اليوم ألقى في " دمشق " بني أبي= و أبثّ أهلي في الكنانة ما بي
و أبثّ أجدادي بني غسّان =في ربوات " جلّق " محنتي و عذابي
و أهيم و الأنسام تنشر ذكرهم =حولي فتنضح بالعطور ثيابي
و أهزّ في ترب " المعرّة " شاعرا= مثلي : توحّد خطبة و مصابي
و أعود أسأل " جلّقا " عن عهدها " =بأميّة " و بفتحتها الغلّاب
صور من الماضي تهامس خاطري= كتهامس العشّاق بالأهداب
***
دعني أغرّد فالعروبة روضتي= ورحاب موطنها الكبير رحابي
" فدمشق " بستاني " و مصر " جداولي= و شعاب " مكّة " مسرحي و شعابي
و سماء " لبنان " سماي وموردي " =بردى " و دجلة و الفرات شرابي
وديار " عمّان " دياري ... أهلها= أهلي و أصحاب العراق صحابي
بل إخوتي و دم " الرشيد " يفور= في أعصابهم و يضجّ في أعصابي
***
شعب العراق و إن أطال سكوته= فسكوته الإنذار للإرهاب
سل عنه سل عبد الإله و فيصلا= يبلغك صرعهما أتمّ جواب
لن يخفض الهامات للطاغي =و لم تخضع رؤوس القوم للأذناب
وطن العروبة موطني أعياده عيدي ،= و شكوى إخوتي أوصابي
فاترك جناحي حيث يهوى يحتضن= جوّ العروبة جيئتي و ذهابي
يا ابن العروبة شدّ في كفّي يدا= ننفض غبار الذلّ و الأتعاب
فهنا هنا اليمن الخصيب مقابر= ودم مباح واحتشاد ذئاب
ذكّره بالماضي عسى يبني على= أضوائه مجدا أعزّ جناب
ذكّره بالتاريخ واذكر أنّه= شعب الحضارة مشرق الأحساب
صنع الحضارة و العوالم نوّم =والدهر طفل في مهود تراب
و مشى على قمم الدهور إلى العلا= و بني الصروح على ربى الأحقاب
و هدى السبيل إلى الحضارة والدنى= في التيه لم تحلم بلمح شهاب
فمتى يفيق على الشروق ويومه= يبدو و يخفي كالشعاع الخابي
***
يا شعب مزّق كلّ طاغ وانتزع= عن ساقيك مهابة الأرباب
واحذر رجالا كالوحوش كسوتهم= خلعا من " الأجواخ " و الألقاب
خنقوا البلاد وجورهم و عتوّهم= كلّ الصواب و فصل كلّ خطاب
لم يحسبوا للشعب لكن عنده= للعابثين به أشدّ حساب
صمت الشعوب على الطغاة و عنفهم= صمت الصواعق في بطون سحاب
فاحذر رجالا كالوحوش همومهم= سلب الحمى والفخر بالأسلاب
شهدوا تقدّمك السريع فأسرعوا= يتراجعون به على الأعقاب
لم يحسنوا صدقا و لا كذبا سوى= حيل الغبيّ و خدعة المتغابي
***
قل للإمام : و إن تحفّز سيفه= أعوانك الأخيار شرّ ذئاب
يومون عندك بالسجود وعندنا= يومون بالأظفار و الأنياب
هم في كراسيهم قياصرة وهم= عند الأمير عجائز المحراب
يتملّقون و يبلغون إلى العلا= بخداعهم و بأخبث الأسباب
من كلّ معسول النفاق كأنّه =حسنا تتاجر في الهوى و ترابي
و غدا سيحترقون في وهج السنى= وكأنّهم كانوا خداع سراب
و تفيق "صنعاء " الجديد على الهدى =و الوحدة الكبرى على الأبواب

سمر محمد
10-05-2010, 10:58 AM
كيف أنساه هل تناسيه يجدي ؟= و هو و الذكريات و الشوق عندي
و هو أدنى من الأماني إلى القلب ؛= و بيني و بينه … ألف بعد
واشتهاء العناق يحلم =في جيدي بانفاسه فيمرح عقدي
عندما يهبط الظلام أراه : =ماثلا في تصوّراتي و سهدي
آه إنّي أخال زنديه في قدّي= تشدّنني فيختال ... قدّي
فكأنّي أضمّه في فراشي وهو= يجني فمي و يقطف خدّي
ثمّ أصغي إلى الفراش فلا =أسمع إلاّ حديث نهد لنهد
حلم كاليقين يدنيه منّي ؛= و خيال يخفيه عنّي و يبدي
فأرى طيفه أوانا حنونا= و أوانا في مقلتيه تعدّي
ليت أنّي أراه في صحوة الصبح= فما ضارعا يغنّي بحمدي
كلّما ذاب في الخشوع تأبّيت= وردّيت رغبتي شرّ ردّ
و تحدّيت ناظريه بإعراضي= وأشعلت حبّه بالتحدّي
و تجاهلته و قلبي يناديه =وجسمي يكاد يحرق بردي
ثمّ يجترّني و يجذب جسمي= حضنه جذب قاهر مستبدّ
و هنا : أحتويه بين ذراعيّ ،= و أطويه بين لحمي و جلدي
ليت لي ما رجوت أو ليتني أمحوه ؛= منّي من ذكرياتي ووجدي
ليتني يا جهنّم الهجر أدري= من هواه و من تبدّل بعدي ؟ !
ليته في الشجون مثلي =مهجور فيشتاقني و يذكر عهدي
و يعاني الجوى و يشقى كما أشقى ،= بأطيافه و ذكراه وحدي
***
هكذا ترجمت مناها و اللّيـ = ـل عبوس ، كأنّه موج حقد
و الظلام الظلام في كلّ مرأى= قدر جاثم يخيف و يردي
صامت و العتوّ في مقلتيه =ظاميء كالسلاح في كفّ وغد
و الخيالات موكب من حيارى= تائه يهتدي و حيران يهدي
و حنين الصباح في خاطر الأنسام =كالعطر في براعم ورد .