حمزة الدبعي
10-17-2010, 04:06 PM
’’’ كلمات من ذهب عن الإبتلاء ’’’
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)إنه الإبتلاء...
سنة الله مع المؤمنين (الم. أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لايُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)هل هو ضرورة "ملحة " إلى هذا الحد ؟! هذا العذاب الذي يلقاه المؤمنون في الدنيا وخاصة في الجولة الأولى؟
أما كان من الممكن أن يتفاداه المؤمنون ،وتمر حياتهم بسلام ؟!
لو علم الله أن ذلك هو الخير ما ضن بالخير على عباده المؤمنين !
ولكن الله هو الذي يعلم من خلق ،وهو اللطيف الخبير ...
إنه يعلم سبحانه أن النفوس لا تستقيم على الحق ولا تستقيم للحق ولا تتجرد لله إلا بعد ذلك التمحيص الذي يتم بالإبتلاء! إن طبيعة النفس البشرية هكذا ! إذا سلِمت وأمِنت ترهلت ودب العطب إليها !
إن النفس كالجسم ! وحين لا يقوم الجسم بتدريبات عنيفة يترهل ويفسد ،ويعجز بعد قليل حتى عن أبسط الجهد !
وحين يقوم بالتدريبات الشاقة ـوهي شاقة قبل أن يتعودها ـ،فإذا تعودها ذهبت مشقتها ! فإنه يكون أخف وأنشط وأرشق ...وأقدر على إحتمال الجهد دون أن يصيبه الجهد!
والنفوس التي تُعد لعظائم الأمور لا بد أن تُعد لإحتمال الجهد دون أن يصيبها الجهد ...
والطريق الى ذلك هو التدريبات الشاقة،التي تصل في مشقتها أحيانا إلى حد أن يقول الرسول والذين آمنوا معه من شدة الزلزلة "متى نصر الله" !
ثم يمُن الله على عباده ويرفع عنهم الجهد... ويرفع عنهم الإبتلاء ...ولكن أرواحهم قد أصبحت أخف وأنشط وأرشق ...ونفوسهم أقدر على إحتمال الجهد دون أن يصيبها الجهد..
ثم إن الابتلاءهو انتزاع الإنسان من متاع الحياة الدنيا سواء كان هذا المتاع هو الطعام والشراب والملبس والمسكن والعشيرة والأهل .. أو كان هو المكانة المرموقة .. أو كان هو الأمن والسلامة والاطمئنان على الحياة ..والإنسان في أمنه يحسب أن هذه الأمور هي مقومات الحياة .. وأنه لو فقدها فقد مقومات حياته !
وهو بهذه الصورة لا يصلح لعظائم الأمور ! لا يصلح لحمل الأمانه الكبرى ..فضلا عن الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله ..
ولو ترك الإنسان لنفسه فلن ينخلع من أمنه وراحته وماله وأهله وعشيرته ..
فيأتي الإبتلاء فينزعه نزعا من هذه الأمور كلها أو بعضها ..
ويشعر في بادئ الأمر ـ دون شك ـ بالمشقة ..
ثم تمر فترة المحنة وقد حُرم مما حُرم منه ومع ذلك فهو لم يفقد "مقومات" حياته !
بل انه على العكس قد استشعر لوجوده طعما لم يكن يستشعره من قبل وصار يتذوق قيما ومشاعر وأعمالا سلوكية لم يكن يتذوقها من قبل ..
لقد صار إنسانا آخر أرفع وأعلى مما كان قبل .. وزادت حياته ثراء ورحابة وعمقا ..
فإذا عاد للأمن بعد انتهاء المحنة .. فلا يستغرقه متاع الأرض لأنه جرب بالفعل أنه ليس أرفع ولا أجمل ما في حياة الإنسان ..
وإن ذهب للقاء ربه ...فذلك الشهــــــــــــــيد ....وتلك أقصى مراتب الحياة !
ثم إن الإنسان عُرضة ـ وهو مستمتع بالمتاع الأرضي ـ أن ينسى الآخرة أو يتضاءل حجمها في حسه !
إن المعنويات كالحسيات في كيان الإنسان..
قرِب إصبعك من عينك تجده قد حجب عنك ـ على ضآلة حجمه ـ مساحة هائلة من الفضاء
وأبعده عنك يبدُ لك في حجمه الطبيعي ، ويظهر لك ما خلفه مما كان قد حجبه عنك ..
وكذلك حين يقترب الإنسان من متاع الأرض حتى يلتصق به ، فإنه يحجب عنه متاع الآخرة ..
ويحتاج أن يبتعد أو يُبعد عن هذا المتاع فترة ، ليراه على حقيقته ، صغيرا ضئيلا في الحقيقة ...
ويرى ما كان يحجبه من نعيم أكبـــر وأمتــــع وأعظــــم وأخلـــــد ..
لكل ذلك فإن الله يوجب الإبتلاء على عباده المؤمنين .. لأنه يحبــــــــــــــــهم وليس لأنهم ـ عنده ـ غير جديرين بالمتاع .
نقلته لكم من كتاب : دراسات قرآنية
تأليف الشيخ القدير: محمد قطب
تحياتي // حمزة الدبعي
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)إنه الإبتلاء...
سنة الله مع المؤمنين (الم. أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لايُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)هل هو ضرورة "ملحة " إلى هذا الحد ؟! هذا العذاب الذي يلقاه المؤمنون في الدنيا وخاصة في الجولة الأولى؟
أما كان من الممكن أن يتفاداه المؤمنون ،وتمر حياتهم بسلام ؟!
لو علم الله أن ذلك هو الخير ما ضن بالخير على عباده المؤمنين !
ولكن الله هو الذي يعلم من خلق ،وهو اللطيف الخبير ...
إنه يعلم سبحانه أن النفوس لا تستقيم على الحق ولا تستقيم للحق ولا تتجرد لله إلا بعد ذلك التمحيص الذي يتم بالإبتلاء! إن طبيعة النفس البشرية هكذا ! إذا سلِمت وأمِنت ترهلت ودب العطب إليها !
إن النفس كالجسم ! وحين لا يقوم الجسم بتدريبات عنيفة يترهل ويفسد ،ويعجز بعد قليل حتى عن أبسط الجهد !
وحين يقوم بالتدريبات الشاقة ـوهي شاقة قبل أن يتعودها ـ،فإذا تعودها ذهبت مشقتها ! فإنه يكون أخف وأنشط وأرشق ...وأقدر على إحتمال الجهد دون أن يصيبه الجهد!
والنفوس التي تُعد لعظائم الأمور لا بد أن تُعد لإحتمال الجهد دون أن يصيبها الجهد ...
والطريق الى ذلك هو التدريبات الشاقة،التي تصل في مشقتها أحيانا إلى حد أن يقول الرسول والذين آمنوا معه من شدة الزلزلة "متى نصر الله" !
ثم يمُن الله على عباده ويرفع عنهم الجهد... ويرفع عنهم الإبتلاء ...ولكن أرواحهم قد أصبحت أخف وأنشط وأرشق ...ونفوسهم أقدر على إحتمال الجهد دون أن يصيبها الجهد..
ثم إن الابتلاءهو انتزاع الإنسان من متاع الحياة الدنيا سواء كان هذا المتاع هو الطعام والشراب والملبس والمسكن والعشيرة والأهل .. أو كان هو المكانة المرموقة .. أو كان هو الأمن والسلامة والاطمئنان على الحياة ..والإنسان في أمنه يحسب أن هذه الأمور هي مقومات الحياة .. وأنه لو فقدها فقد مقومات حياته !
وهو بهذه الصورة لا يصلح لعظائم الأمور ! لا يصلح لحمل الأمانه الكبرى ..فضلا عن الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله ..
ولو ترك الإنسان لنفسه فلن ينخلع من أمنه وراحته وماله وأهله وعشيرته ..
فيأتي الإبتلاء فينزعه نزعا من هذه الأمور كلها أو بعضها ..
ويشعر في بادئ الأمر ـ دون شك ـ بالمشقة ..
ثم تمر فترة المحنة وقد حُرم مما حُرم منه ومع ذلك فهو لم يفقد "مقومات" حياته !
بل انه على العكس قد استشعر لوجوده طعما لم يكن يستشعره من قبل وصار يتذوق قيما ومشاعر وأعمالا سلوكية لم يكن يتذوقها من قبل ..
لقد صار إنسانا آخر أرفع وأعلى مما كان قبل .. وزادت حياته ثراء ورحابة وعمقا ..
فإذا عاد للأمن بعد انتهاء المحنة .. فلا يستغرقه متاع الأرض لأنه جرب بالفعل أنه ليس أرفع ولا أجمل ما في حياة الإنسان ..
وإن ذهب للقاء ربه ...فذلك الشهــــــــــــــيد ....وتلك أقصى مراتب الحياة !
ثم إن الإنسان عُرضة ـ وهو مستمتع بالمتاع الأرضي ـ أن ينسى الآخرة أو يتضاءل حجمها في حسه !
إن المعنويات كالحسيات في كيان الإنسان..
قرِب إصبعك من عينك تجده قد حجب عنك ـ على ضآلة حجمه ـ مساحة هائلة من الفضاء
وأبعده عنك يبدُ لك في حجمه الطبيعي ، ويظهر لك ما خلفه مما كان قد حجبه عنك ..
وكذلك حين يقترب الإنسان من متاع الأرض حتى يلتصق به ، فإنه يحجب عنه متاع الآخرة ..
ويحتاج أن يبتعد أو يُبعد عن هذا المتاع فترة ، ليراه على حقيقته ، صغيرا ضئيلا في الحقيقة ...
ويرى ما كان يحجبه من نعيم أكبـــر وأمتــــع وأعظــــم وأخلـــــد ..
لكل ذلك فإن الله يوجب الإبتلاء على عباده المؤمنين .. لأنه يحبــــــــــــــــهم وليس لأنهم ـ عنده ـ غير جديرين بالمتاع .
نقلته لكم من كتاب : دراسات قرآنية
تأليف الشيخ القدير: محمد قطب
تحياتي // حمزة الدبعي