مها يوسف
11-29-2010, 06:00 PM
يَا أَيُّهَا النَّاسُ | لقَدْ لاَحَ بِالأُفُقِ قُرْبُ آجَالِكُم ..!
http://www.buraydahcity.org/upload/5276_01189047430.jpg
http://dc14.arabsh.com/i/02191/sl5p4t7y3ij9.jpg
***
دُنْيَا يُزْخْرِفُهَا العُشَّاقِ ، وَحَيَاةٌ يَمْلؤُهَا الحُبُّ بِالعَذَاب ، وَحُروفٌ يُزَاحِمُهَا العِتَاب ، وَأَصْواتٌ تُخْفيهَا الكَوابيسُ خَلْفَ مُلِّ بَاب ، وَعُيونٌ سَاقَهَا الحُلْمُ لِيَحثُوا عَلْيَهَا التُّرَاب ، كُنْتُ مَعكَ وَأكونُ حَقيقَة لا سَرَاب ، وَما بِالأمْسِ حُلْمٌ هَاهو يُجَمِّلُ الأَيْدِيَ بِالخِضَابْ ، عَمَلٌ وَكَدٌّ فَمَنْ ذَا الذيْ سَيْلقَى طِيبَ عَمَلٍ يَوْمَ الحَصَادْ ، هَا قَدْ دَنَا يَومُ المَعَاد ..!
كَمْ تَجَرَّعْنَا المُرَّ هُنَا ، وَتَعَثَّرْنَا في سَرَاديبِ الهَوى ، وَحَرْفٌ أَلْبَسَنَا الشَّقَاء ، مِنْهَا مَا يَمْلئُ كُلّ الإنْاءِ ، وَبِمُحْتوَاهَا غُثَاء .!
؛؛؛
هِيَ الحَيَاةُ كَوَابيسٌ مَلئَتْ القُلوبَ ضَجيجٌ وَ صُرَاخٌ وَبُكاءْ ، وَ وُجُوهـٌ مُغْبَرَّةٌ ازْدَادَتِ بِغُرْبَتِهَا شَقَاء ، وَ حَنينٌ إِلى الجَنَّةِ وَشَوْقٌ للِّقَاء ، وَ حَيَاةُ مُودِّعٍ في هَذهِـ الدُّنيَا إِذا أَصْبَحَ لا يَنَتْظِرُ المَسَاء ، وَ أَنْفَاسٌ مَعْدودَةٌ دَنَتْ لِلفَنَاء، وَ مَقَابِرٌ تَشْكُوا الزِّحَامَ عَلى أَرْضِهَا ، وَسُكَّانُهَا بِرَحْمَةِ رَبِّهِم وَجَدُوا الهَنَاء .
قُلوبٌ بِصَمْتِهَا سَاكِنَة وَأجْسَادٌ هَادِئَة وَأنْفَاسٌ مَيِّتَه !
كُنَّا هَكَذا وَهَكذَا نَكُون تَمُوتُ الأحْلامُ وَتُغْتَصَبْ ، دُمُوعٌ مَلئا وَحَرْفٌ في سُكُون ، أَنْتِ الحُبُّ وَوَجودُكِ لِرُوحي يَصُونْ وَلَوْ قَطَّع الحُزْنُ قَلبيْ أَصْرُخُ بِأعلى صَوتي مَنْ أَكُون..!
أَنَا أَنتي وَأنَتي في قَلبي حَيَاةُ الجُنون وَذِكْرُكِ خَالِدٌ وَ أَنْفَاسكِ فِي الَجنَانِ تَحوم ..!
؛؛؛
صَمْتٌ يُعَانِقُ الشِّفَاهـ ، مِنْ هُنَاكَ قَلْبُ حُبٍّ مُنْقَسِمْ ، وَسِهَامٌ مَهْمُومَةٌ تُحْرِقُ لُبَّهَا ، وَوُجوهُهَا تَبْتَسِمْ ، تُسَلِّمُ أَمْرَهَا عَلَّ الجَرْح بِالجَرحِ يَلْتَئِم ، وَ اليَوْمَ نُخْفي دَمْعَنَا ، وَشِفَاهنَا تَخْشَى الكَلِمْ ، يَا دَمْعَنَا غَابَ الحِسُّ مِنْ أَعْمَاقِنَا ، وَقُلُوبُنَا تَروي العُيونَ وَتَلْتَحِم .
دَائِمَاً مَا يُلِحُّ عَليَّ بِسُؤَالِهِ ، مَا هُو مُسْتَقْبَلُكَ وَأيِّ شَيءٍ تَنْشُدهـ ؟!
كَاَنَ السُّؤَالُ الذي تُؤْلِمُني حُرُوفُه .. أَتَعْلَم ..!
لَمْ أَكُنْ أَحْلُمُ وَأَتَمَنَّى أَنْ أَبْلُغَ مَا بَلَغْت .
نَرْجَسيَّةُ الحَيَاةِ لَيْسَتْ أَحْلامي ، عَفْواً إِنَّ عُمري بِعَيني قَصيرْ ، وَ كَأنِّي يِهَذهِـ الدُّنيَا أَعْمَى وَإِنْ كُنتُ فِيهَا بَصِير ..!
كُلَّمَا مَرَّتْ عَليَّ وُجوهـٌ فَاتِنَة ، فَرَرْتُ إِلى رَبِّي إِنِّي أَخْشَى في دُنْيَايَ أَتَبَصَّرُ ، وَخَلْفي خُطَايَ تَسيرْ ، وَأتيهُ خَلْفَ أَحْلاميْ ، وَيَبْقَى الأمَلُ في هَذهـِ الدُّنيَا طَويل ..!
تَغِيبُ أَعْمَارُنَا كُلَّمَا غَرَبَت شَمْسُ حَيَاتُنَا ، وَكَأنَّهُ آِخرُ طُلُوعٍ لَهَا وَآخِرُ أَيَّامِنَا .
مَا للنَّاسِ مَلَئَتِ الحَيَاةُ قُلوبَهُم ضَجِيجٌ وَصَخَبْ ، وَ تَنَاسَوا يَوْمَ حَشْرٍ وَحِسَابٍ وَحَيَاةٌ سَيُنْسَى فيهَا التَّعَبْ .
رَأَيْتُ الشَّيبَ يَتَخَلَّلُ لِحَيَته ، وَعُمْرٌ طَويلٌ اَنْحَنى مِنْهُ ظَهْرُهُـ ، حَامِلٌ غُتْرَتُه عَلى كَتِفِهِ ، تَقْطُرُ ذِرَاعيْهِ مِنْ مَاءِ وُضُوءِهِـ ..!
عَمَّاهـُ .. لِمَاذا لا تَخْرُجْ قَليلاً وَتَأخُذُ قِسْطاً مِنْ الرَّاحَة ؟!
قَال يَا بُنيَّ هَذهِـ الحَيَاة حَيَاةُ عَمَلٍ وَرَاحَتُنَا في الآخَرة .!
؛؛؛
طَالَتْ بِنَا مَرَاكِبُ الأيَّامِ ، وَأَلْهَتْنَا أَعَاصِيرُ حَيَاتِنَا بِآمَالنَا وَأحْلامِنَا ، وَدَنْت للغُرُوبِ شَمْسُ أَرْوَاحِنَا ، وَلاحَتْ في الأُفُقِ قُرْبُ آجَالُنَا ..!
تَعْبْنَا مِنْ سَرابٍ يُزَيِّنُ الدُّنيَا بِأعْيُننَا ، وَأْغرَتْنَا الحَيَاةُ بِمَلَذَّاتِهَا ، وَأَطْعَنَا هَوَانَا فَعْن القُرْبِ مِنْ اللهِ أَبْعَدَتنَا ..!
مَا لَنَا مِنْ الدُّنيَا إلا كَرَاكِبٍ هَزَّ أَرْكَانَ الحَيَاةِ لِيَسْتَظِلَّ بِظلهَّا ، وَيَأكْلُ مِنْهَا مَا يُعِينُه عَلى تَجَاوزَهَا ، إِنَّ المَوْتَ عَلى أَعْتَاب الحَيَاةِ يَنْتَظِرُنا .
يَا أَيُّهَا النَّاس .. شُدُّوا رِحَالَكُم إِلى طَاعَةِ رَبِّكُم ، وَذَلِّلوا إِليْهِ رِقَابَكُم ، احْنوا إِليْهِ العِزّ وَبِالسُّجودِ ذَلّلوا أَنْفُسَكُم ، عَلَّكُم تَظْفَرُوا بِرَحْمَةِ رَبِّكُم ..!
طَهِّرُوا قُلوبَكم ، وَجَدِّدوا العَهْدَ مَعَ رَبِّكُم ، فَمَنْ حَفِظَ حَقَّ اللهِ حَفِظَ اللهُ لَهُ حَيَاتَهُ ، وَمَنْ زَهَد في الدُّنيَا قَرُبَ مِنْ الآخِرَة ، وَكُلُّ عِبَادَةٍ تُبْعِدُ عَن العَبْدِ عَذَابَه ، وَالقَنَاعةُ في الدُّنيَا قُرْبٌ وَمَحبّة وَبِالجِنَان مَفَازٌ وَسَعَادَة ..!
؛؛؛
بَاتِت القُلُوبُ ذَاويَة ، وَأَنْوَارُ العِبَادِة خَافِتَة ، وَالأرْوَاحُ خَاليَة ، وَالأنْفُسُ شَاقيَة ، وَالمُوتُ آتٍ لا مَحَالة ، وَحَشْرَجَةُ الرُّوحِ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ مُتَمَكَّنَةٍ ، فَطُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمُرُهـُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ وَذِكْرُهُـ .!
كُلُّ يَوْمٍ نَرَى أَجْسَادُ أَحْبَابِنَا عَلى اَلأكْتَافِ مَحْمولَة ، ودُموعُنَا عَلى ثَرَى مَسَاكِنِهم في المَقَابِرِ بَاقيَة ، وقُلوبُنَا مَا زَالَتْ بِدُنيَاها غَافِلَةٌ مُتَعَلَّقَة ، وَيَوْمٌ مِنْ الأيَّامِ سَتَكونُ أَجْسَادُنَا لأَجْسَادِ أَحْبَابِنَا مُجَاورَة ..!
أَيَّتُهَا القُلوبُ الغَافِلَة .. يَوْمٌ مِنْ الأيَّامِ سَنُودِّعُ أَرْوَاحنَا إِلى مَثْوَاهَا رَاحِلَة ، وَالنَّاسُ خَلْفَنَا تَسيرُ مُشَيِّعَة .. مَا للدُّنيَا أَهْلَكتكُم ، وَطَالَتْ فِيهَا آمَالَكُم ، وَكَأنَّكُم سَاكِنُوهَا للأَبَدِ وَ مُعَمَّرَةً لَكم ، ادْفَعوا طُولَ آمَالِكُم بِزهُدكم ، وَاعْمَلُوا وَكَأَنَّ أَعْمَالَكُم آخِرَ شَيءٍ لَكُم مِنْ دُنيَاكُم ، وَادْفَعوا أَنْفَسُكم بَيْنَ يَدي رَبِّكُم ، وتَذَلّلوا لَهُ إنَّ رَحْمَتَهُ هِيَ المَنْجَى لَكُم .
؛؛؛
يَا مَعْشَرَ النَّاس .. إِنَّ نَجَاتَكُم كُتِبَتْ بِكِتَابِ رَبِّكُم ، وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ قُدْوَة حَسَنَةٍ لَكُم ، ارْحَلُوا بِأرْوَاحِكُم لِحَيَاةِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، و تَعَلَّمُوا مِنْ ثَبَاتِ أَسْلافِكُم .
مَا لِلبَعْضِ هَانَ عَليْهِم دِينَهُم ، وَبَاعُوهـُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنيَا زُيِّنَ لَهُم ، الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُم وَأعْمَى أَبْصَارَهُم .
يَا مَعْشَرَ الغُرَبَاءُ في دُنيَاهِم حَائِرَةً أَرْوَاحُهم هَشَّةٌ هِيَ قَوَاعِد قُلوبَهُم ، سَتُوَسَّدُونَ يَوْمًا مَا قُبُورَكُم ، حَتى وَإنْ طَالَتْ الدُّنيَا بِأعْيُنِكُم فَبِأيِّ شَيءٍ تُقَابِلُوا رَبَّكم ؟!
لَوْ كَانَ لِذُنوبِنَا رَائِحَةٌ مَا جَالَسَنَا أَحَد ، وَ لَوْ طَهُرَت قُلوبنَا بِالإيِمَانِ لَمَا خِفْنَا المَوْتَ وَتَوسّدَ اللَّحد ، إِنَّ للمَوْتِ لَسَكَرَاتٌ تَخْنِقُ الأنْفَاس فَاجْعَلِ اللَّهُم نِهَايَةُ أَعْمَارِنَا بِجَهَادٍ ، أَو حُسْنَ خَاتِمَةٍ تَكُونُ لأحَدنا إذَا سَجَد ..!
حَاسِبُوا أَنْفُسَكُم قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَتَقَرَّبُوا إلى اللهِ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّلَكُم المَوْتُ فَتَندَموا ، فَإنَّ أَقْوَامًا يَقُولونَ يَالَيْتنَا نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ، فَمَا فَازوا وَلا أَفْلَحُوا .
؛؛؛
قَبْلَ بِضْعَةِ أَيَّامٍ رَحَلَتْ مِنْ بَيْنِكُم أُخْتًا لَكُم ، وَجَفَّ أَحَدُ أَغْصَانِ قُلوبِكُم ، وَانْطَفَئَ نُورًا كَانَتْ تُشْعِلُهُ لَكُم ، وَلو لَمْ يَكُن لَها ذِكْرٌ حَسَنٌ لَمَا تَأَّلمَتْ لِفِرَاقِهَا طُهْرُ أَرْوَاحِكُم ، كَتَبَتْ تَقُولُ يَومًا :
http://dc12.arabsh.com/i/02309/i7inrll24iln.jpg
لَمْ تَكُنِ الأُولَى فَقَدْ سَبَقَهَا أُخوَةً لَكُم ، وَلَنْ تَكُونَ الأخِيرَةُ فَإنَّ الفَنَاءَ لِكُلِّ شَيءٍ سِوَى رَبُّكم ، فَمَن اشْتَاقَ إلى لِقَاءِ اللهِ اشْتَاقَ اللهُ إِلى لِقَاءِهـِ ، وَمَنْ عَزَمَ عَلى الهِجْرَةِ إليْهِ سَهَّل اللهُ لَهُ دَرْبَه ، فَقَدْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ في الحَديثِ : [ طَالَ شَوْقُ الأبْرَارِ إلى لِقَائي وَ أنَا إلى لِقَائِهم أَشْوَق ] أَوْ كَمَا جَاء ..!
؛؛؛
مَعْشَرَ الأحْبَابْ .. إِنَّ لَكُم إِخْوَانًا يَذُودُونَ عَنْ دِينِكُم ، وِتَصْهُلُ خُيُولُهم فِي مَيَادينِ جِهَادِهم ، بَاعُوا الدُّنيَا مِنْ أَجْلِ آخِرَتِهِم ، واشْتَرُوا الجِنَانَ بِثَمَنِ أَرْوَاحِهم ، قَدْ امْتَلأتِ الثُّغُورُ بِنُورِهِم ، وَتَوسَّدوا الأرْضَ زُهْدًا في حَيَاتِهم ، وَ تَلَحَّفُوا السَّمَاءَ تَوَكُّلاً عَلى رَبِّهم ، حَيَاتُهم وَآمَالُهم وَأحْلامُهم ، إِنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُركم وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم ، وآخَرُونَ تَحْتَ الأرْضِ قَدْ تَوَسَّدوا قُبورَهُم ، وَ وَتَوقَّفَتْ عَنْ الزِّيَادَةِ أَعْمَالَهم ، سِوى دَعوَاتٌ أَوْ عَملٌ صَالِحٍ يُعْمَلُ لَهُم ، فَلا تَبْخَلوا بِالدُّعَاءِ لَهُم ، وَكُونُ حَاضِرينَ مَعَهُم بِقُلوبِكُم .
***
فَقيرٌ أَنَا وَإنْ قَالَ النَّاسُ نَمَا مَالَهُ
إِليْكَ يَا رَبِّ خَدِّي بِالدُّموعِ يَتَخَضَّبُ ..!
يَا رَبِّ مَا أَحْبَبْتُ المَوتَ إلا شَوْقًا إِليْكَ ، وَمَا هِبْتُهُ إلا حَيَاءاً مِْنَكَ بِأَيِّ شَيءٍ أُقَابِلُك .
لا تَبْخَلوا عَلى صَاحِبِكُم بِالدَّعَاءِ لَهُ بِالهِدَايَة وَالثَّبَاتْ
أَكْتُبُ هُنَا لأَتَعَلَّمَ لا لأُعَلِّم ، فَسَامِحُوا صَاحِبُكم إِنْ أَخْطَأ بِحَقِّكُم
أَخيرَاً .. إِنْ صَوَابٍ فَمِنْ اللهِ وَإنْ خَطأ فَمِنْ نَفْسي وَالشَّيْطَانِ
دُمْتُم بِحِفْظِ الرَّحْمَنِ وَرِعَايَتِهِ
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
.......
منقول
http://www.buraydahcity.org/upload/5276_01189047430.jpg
http://dc14.arabsh.com/i/02191/sl5p4t7y3ij9.jpg
***
دُنْيَا يُزْخْرِفُهَا العُشَّاقِ ، وَحَيَاةٌ يَمْلؤُهَا الحُبُّ بِالعَذَاب ، وَحُروفٌ يُزَاحِمُهَا العِتَاب ، وَأَصْواتٌ تُخْفيهَا الكَوابيسُ خَلْفَ مُلِّ بَاب ، وَعُيونٌ سَاقَهَا الحُلْمُ لِيَحثُوا عَلْيَهَا التُّرَاب ، كُنْتُ مَعكَ وَأكونُ حَقيقَة لا سَرَاب ، وَما بِالأمْسِ حُلْمٌ هَاهو يُجَمِّلُ الأَيْدِيَ بِالخِضَابْ ، عَمَلٌ وَكَدٌّ فَمَنْ ذَا الذيْ سَيْلقَى طِيبَ عَمَلٍ يَوْمَ الحَصَادْ ، هَا قَدْ دَنَا يَومُ المَعَاد ..!
كَمْ تَجَرَّعْنَا المُرَّ هُنَا ، وَتَعَثَّرْنَا في سَرَاديبِ الهَوى ، وَحَرْفٌ أَلْبَسَنَا الشَّقَاء ، مِنْهَا مَا يَمْلئُ كُلّ الإنْاءِ ، وَبِمُحْتوَاهَا غُثَاء .!
؛؛؛
هِيَ الحَيَاةُ كَوَابيسٌ مَلئَتْ القُلوبَ ضَجيجٌ وَ صُرَاخٌ وَبُكاءْ ، وَ وُجُوهـٌ مُغْبَرَّةٌ ازْدَادَتِ بِغُرْبَتِهَا شَقَاء ، وَ حَنينٌ إِلى الجَنَّةِ وَشَوْقٌ للِّقَاء ، وَ حَيَاةُ مُودِّعٍ في هَذهِـ الدُّنيَا إِذا أَصْبَحَ لا يَنَتْظِرُ المَسَاء ، وَ أَنْفَاسٌ مَعْدودَةٌ دَنَتْ لِلفَنَاء، وَ مَقَابِرٌ تَشْكُوا الزِّحَامَ عَلى أَرْضِهَا ، وَسُكَّانُهَا بِرَحْمَةِ رَبِّهِم وَجَدُوا الهَنَاء .
قُلوبٌ بِصَمْتِهَا سَاكِنَة وَأجْسَادٌ هَادِئَة وَأنْفَاسٌ مَيِّتَه !
كُنَّا هَكَذا وَهَكذَا نَكُون تَمُوتُ الأحْلامُ وَتُغْتَصَبْ ، دُمُوعٌ مَلئا وَحَرْفٌ في سُكُون ، أَنْتِ الحُبُّ وَوَجودُكِ لِرُوحي يَصُونْ وَلَوْ قَطَّع الحُزْنُ قَلبيْ أَصْرُخُ بِأعلى صَوتي مَنْ أَكُون..!
أَنَا أَنتي وَأنَتي في قَلبي حَيَاةُ الجُنون وَذِكْرُكِ خَالِدٌ وَ أَنْفَاسكِ فِي الَجنَانِ تَحوم ..!
؛؛؛
صَمْتٌ يُعَانِقُ الشِّفَاهـ ، مِنْ هُنَاكَ قَلْبُ حُبٍّ مُنْقَسِمْ ، وَسِهَامٌ مَهْمُومَةٌ تُحْرِقُ لُبَّهَا ، وَوُجوهُهَا تَبْتَسِمْ ، تُسَلِّمُ أَمْرَهَا عَلَّ الجَرْح بِالجَرحِ يَلْتَئِم ، وَ اليَوْمَ نُخْفي دَمْعَنَا ، وَشِفَاهنَا تَخْشَى الكَلِمْ ، يَا دَمْعَنَا غَابَ الحِسُّ مِنْ أَعْمَاقِنَا ، وَقُلُوبُنَا تَروي العُيونَ وَتَلْتَحِم .
دَائِمَاً مَا يُلِحُّ عَليَّ بِسُؤَالِهِ ، مَا هُو مُسْتَقْبَلُكَ وَأيِّ شَيءٍ تَنْشُدهـ ؟!
كَاَنَ السُّؤَالُ الذي تُؤْلِمُني حُرُوفُه .. أَتَعْلَم ..!
لَمْ أَكُنْ أَحْلُمُ وَأَتَمَنَّى أَنْ أَبْلُغَ مَا بَلَغْت .
نَرْجَسيَّةُ الحَيَاةِ لَيْسَتْ أَحْلامي ، عَفْواً إِنَّ عُمري بِعَيني قَصيرْ ، وَ كَأنِّي يِهَذهِـ الدُّنيَا أَعْمَى وَإِنْ كُنتُ فِيهَا بَصِير ..!
كُلَّمَا مَرَّتْ عَليَّ وُجوهـٌ فَاتِنَة ، فَرَرْتُ إِلى رَبِّي إِنِّي أَخْشَى في دُنْيَايَ أَتَبَصَّرُ ، وَخَلْفي خُطَايَ تَسيرْ ، وَأتيهُ خَلْفَ أَحْلاميْ ، وَيَبْقَى الأمَلُ في هَذهـِ الدُّنيَا طَويل ..!
تَغِيبُ أَعْمَارُنَا كُلَّمَا غَرَبَت شَمْسُ حَيَاتُنَا ، وَكَأنَّهُ آِخرُ طُلُوعٍ لَهَا وَآخِرُ أَيَّامِنَا .
مَا للنَّاسِ مَلَئَتِ الحَيَاةُ قُلوبَهُم ضَجِيجٌ وَصَخَبْ ، وَ تَنَاسَوا يَوْمَ حَشْرٍ وَحِسَابٍ وَحَيَاةٌ سَيُنْسَى فيهَا التَّعَبْ .
رَأَيْتُ الشَّيبَ يَتَخَلَّلُ لِحَيَته ، وَعُمْرٌ طَويلٌ اَنْحَنى مِنْهُ ظَهْرُهُـ ، حَامِلٌ غُتْرَتُه عَلى كَتِفِهِ ، تَقْطُرُ ذِرَاعيْهِ مِنْ مَاءِ وُضُوءِهِـ ..!
عَمَّاهـُ .. لِمَاذا لا تَخْرُجْ قَليلاً وَتَأخُذُ قِسْطاً مِنْ الرَّاحَة ؟!
قَال يَا بُنيَّ هَذهِـ الحَيَاة حَيَاةُ عَمَلٍ وَرَاحَتُنَا في الآخَرة .!
؛؛؛
طَالَتْ بِنَا مَرَاكِبُ الأيَّامِ ، وَأَلْهَتْنَا أَعَاصِيرُ حَيَاتِنَا بِآمَالنَا وَأحْلامِنَا ، وَدَنْت للغُرُوبِ شَمْسُ أَرْوَاحِنَا ، وَلاحَتْ في الأُفُقِ قُرْبُ آجَالُنَا ..!
تَعْبْنَا مِنْ سَرابٍ يُزَيِّنُ الدُّنيَا بِأعْيُننَا ، وَأْغرَتْنَا الحَيَاةُ بِمَلَذَّاتِهَا ، وَأَطْعَنَا هَوَانَا فَعْن القُرْبِ مِنْ اللهِ أَبْعَدَتنَا ..!
مَا لَنَا مِنْ الدُّنيَا إلا كَرَاكِبٍ هَزَّ أَرْكَانَ الحَيَاةِ لِيَسْتَظِلَّ بِظلهَّا ، وَيَأكْلُ مِنْهَا مَا يُعِينُه عَلى تَجَاوزَهَا ، إِنَّ المَوْتَ عَلى أَعْتَاب الحَيَاةِ يَنْتَظِرُنا .
يَا أَيُّهَا النَّاس .. شُدُّوا رِحَالَكُم إِلى طَاعَةِ رَبِّكُم ، وَذَلِّلوا إِليْهِ رِقَابَكُم ، احْنوا إِليْهِ العِزّ وَبِالسُّجودِ ذَلّلوا أَنْفُسَكُم ، عَلَّكُم تَظْفَرُوا بِرَحْمَةِ رَبِّكُم ..!
طَهِّرُوا قُلوبَكم ، وَجَدِّدوا العَهْدَ مَعَ رَبِّكُم ، فَمَنْ حَفِظَ حَقَّ اللهِ حَفِظَ اللهُ لَهُ حَيَاتَهُ ، وَمَنْ زَهَد في الدُّنيَا قَرُبَ مِنْ الآخِرَة ، وَكُلُّ عِبَادَةٍ تُبْعِدُ عَن العَبْدِ عَذَابَه ، وَالقَنَاعةُ في الدُّنيَا قُرْبٌ وَمَحبّة وَبِالجِنَان مَفَازٌ وَسَعَادَة ..!
؛؛؛
بَاتِت القُلُوبُ ذَاويَة ، وَأَنْوَارُ العِبَادِة خَافِتَة ، وَالأرْوَاحُ خَاليَة ، وَالأنْفُسُ شَاقيَة ، وَالمُوتُ آتٍ لا مَحَالة ، وَحَشْرَجَةُ الرُّوحِ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ مُتَمَكَّنَةٍ ، فَطُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمُرُهـُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ وَذِكْرُهُـ .!
كُلُّ يَوْمٍ نَرَى أَجْسَادُ أَحْبَابِنَا عَلى اَلأكْتَافِ مَحْمولَة ، ودُموعُنَا عَلى ثَرَى مَسَاكِنِهم في المَقَابِرِ بَاقيَة ، وقُلوبُنَا مَا زَالَتْ بِدُنيَاها غَافِلَةٌ مُتَعَلَّقَة ، وَيَوْمٌ مِنْ الأيَّامِ سَتَكونُ أَجْسَادُنَا لأَجْسَادِ أَحْبَابِنَا مُجَاورَة ..!
أَيَّتُهَا القُلوبُ الغَافِلَة .. يَوْمٌ مِنْ الأيَّامِ سَنُودِّعُ أَرْوَاحنَا إِلى مَثْوَاهَا رَاحِلَة ، وَالنَّاسُ خَلْفَنَا تَسيرُ مُشَيِّعَة .. مَا للدُّنيَا أَهْلَكتكُم ، وَطَالَتْ فِيهَا آمَالَكُم ، وَكَأنَّكُم سَاكِنُوهَا للأَبَدِ وَ مُعَمَّرَةً لَكم ، ادْفَعوا طُولَ آمَالِكُم بِزهُدكم ، وَاعْمَلُوا وَكَأَنَّ أَعْمَالَكُم آخِرَ شَيءٍ لَكُم مِنْ دُنيَاكُم ، وَادْفَعوا أَنْفَسُكم بَيْنَ يَدي رَبِّكُم ، وتَذَلّلوا لَهُ إنَّ رَحْمَتَهُ هِيَ المَنْجَى لَكُم .
؛؛؛
يَا مَعْشَرَ النَّاس .. إِنَّ نَجَاتَكُم كُتِبَتْ بِكِتَابِ رَبِّكُم ، وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ قُدْوَة حَسَنَةٍ لَكُم ، ارْحَلُوا بِأرْوَاحِكُم لِحَيَاةِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، و تَعَلَّمُوا مِنْ ثَبَاتِ أَسْلافِكُم .
مَا لِلبَعْضِ هَانَ عَليْهِم دِينَهُم ، وَبَاعُوهـُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنيَا زُيِّنَ لَهُم ، الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُم وَأعْمَى أَبْصَارَهُم .
يَا مَعْشَرَ الغُرَبَاءُ في دُنيَاهِم حَائِرَةً أَرْوَاحُهم هَشَّةٌ هِيَ قَوَاعِد قُلوبَهُم ، سَتُوَسَّدُونَ يَوْمًا مَا قُبُورَكُم ، حَتى وَإنْ طَالَتْ الدُّنيَا بِأعْيُنِكُم فَبِأيِّ شَيءٍ تُقَابِلُوا رَبَّكم ؟!
لَوْ كَانَ لِذُنوبِنَا رَائِحَةٌ مَا جَالَسَنَا أَحَد ، وَ لَوْ طَهُرَت قُلوبنَا بِالإيِمَانِ لَمَا خِفْنَا المَوْتَ وَتَوسّدَ اللَّحد ، إِنَّ للمَوْتِ لَسَكَرَاتٌ تَخْنِقُ الأنْفَاس فَاجْعَلِ اللَّهُم نِهَايَةُ أَعْمَارِنَا بِجَهَادٍ ، أَو حُسْنَ خَاتِمَةٍ تَكُونُ لأحَدنا إذَا سَجَد ..!
حَاسِبُوا أَنْفُسَكُم قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَتَقَرَّبُوا إلى اللهِ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّلَكُم المَوْتُ فَتَندَموا ، فَإنَّ أَقْوَامًا يَقُولونَ يَالَيْتنَا نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ، فَمَا فَازوا وَلا أَفْلَحُوا .
؛؛؛
قَبْلَ بِضْعَةِ أَيَّامٍ رَحَلَتْ مِنْ بَيْنِكُم أُخْتًا لَكُم ، وَجَفَّ أَحَدُ أَغْصَانِ قُلوبِكُم ، وَانْطَفَئَ نُورًا كَانَتْ تُشْعِلُهُ لَكُم ، وَلو لَمْ يَكُن لَها ذِكْرٌ حَسَنٌ لَمَا تَأَّلمَتْ لِفِرَاقِهَا طُهْرُ أَرْوَاحِكُم ، كَتَبَتْ تَقُولُ يَومًا :
http://dc12.arabsh.com/i/02309/i7inrll24iln.jpg
لَمْ تَكُنِ الأُولَى فَقَدْ سَبَقَهَا أُخوَةً لَكُم ، وَلَنْ تَكُونَ الأخِيرَةُ فَإنَّ الفَنَاءَ لِكُلِّ شَيءٍ سِوَى رَبُّكم ، فَمَن اشْتَاقَ إلى لِقَاءِ اللهِ اشْتَاقَ اللهُ إِلى لِقَاءِهـِ ، وَمَنْ عَزَمَ عَلى الهِجْرَةِ إليْهِ سَهَّل اللهُ لَهُ دَرْبَه ، فَقَدْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ في الحَديثِ : [ طَالَ شَوْقُ الأبْرَارِ إلى لِقَائي وَ أنَا إلى لِقَائِهم أَشْوَق ] أَوْ كَمَا جَاء ..!
؛؛؛
مَعْشَرَ الأحْبَابْ .. إِنَّ لَكُم إِخْوَانًا يَذُودُونَ عَنْ دِينِكُم ، وِتَصْهُلُ خُيُولُهم فِي مَيَادينِ جِهَادِهم ، بَاعُوا الدُّنيَا مِنْ أَجْلِ آخِرَتِهِم ، واشْتَرُوا الجِنَانَ بِثَمَنِ أَرْوَاحِهم ، قَدْ امْتَلأتِ الثُّغُورُ بِنُورِهِم ، وَتَوسَّدوا الأرْضَ زُهْدًا في حَيَاتِهم ، وَ تَلَحَّفُوا السَّمَاءَ تَوَكُّلاً عَلى رَبِّهم ، حَيَاتُهم وَآمَالُهم وَأحْلامُهم ، إِنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُركم وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم ، وآخَرُونَ تَحْتَ الأرْضِ قَدْ تَوَسَّدوا قُبورَهُم ، وَ وَتَوقَّفَتْ عَنْ الزِّيَادَةِ أَعْمَالَهم ، سِوى دَعوَاتٌ أَوْ عَملٌ صَالِحٍ يُعْمَلُ لَهُم ، فَلا تَبْخَلوا بِالدُّعَاءِ لَهُم ، وَكُونُ حَاضِرينَ مَعَهُم بِقُلوبِكُم .
***
فَقيرٌ أَنَا وَإنْ قَالَ النَّاسُ نَمَا مَالَهُ
إِليْكَ يَا رَبِّ خَدِّي بِالدُّموعِ يَتَخَضَّبُ ..!
يَا رَبِّ مَا أَحْبَبْتُ المَوتَ إلا شَوْقًا إِليْكَ ، وَمَا هِبْتُهُ إلا حَيَاءاً مِْنَكَ بِأَيِّ شَيءٍ أُقَابِلُك .
لا تَبْخَلوا عَلى صَاحِبِكُم بِالدَّعَاءِ لَهُ بِالهِدَايَة وَالثَّبَاتْ
أَكْتُبُ هُنَا لأَتَعَلَّمَ لا لأُعَلِّم ، فَسَامِحُوا صَاحِبُكم إِنْ أَخْطَأ بِحَقِّكُم
أَخيرَاً .. إِنْ صَوَابٍ فَمِنْ اللهِ وَإنْ خَطأ فَمِنْ نَفْسي وَالشَّيْطَانِ
دُمْتُم بِحِفْظِ الرَّحْمَنِ وَرِعَايَتِهِ
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
.......
منقول