المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معـنى الدعاء


محمد الشايع
02-16-2011, 03:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
" وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون "

معـنى الدعاء
الدعاء هو تعبير عن ظاهرة روحية مستقلة تنطلق من إحساس النفس المؤمنة بعظمة من تلجأ إليه ، وعبوديتها له ، وحاجتها للإرتباط به .
وعلى هذا الأساس فهو أقرب شعائر الإيمان للخالق العظيم ، والصلة المشتركة بين بني الإنسان بمن يتصلون به
(أي الصلاة المشتركة بين جميع الأديان) .
وتضمنت السنة النبوية الشريفة ، أصولاً مهمة ممّا كان يدعو به نبي الرحمة (ص) ، ويناجي به ربّه ، ويعلمه لأصحابه وسائر المؤمنين مبتدئاً بأهله .
كما أورد القرآن المجيد أمثلة عديدة ، حُكي بعضها على لسان الأنبياء والصالحين ، وساق بعضها الآخر تعليماً للمؤمنين ، وإرشاداً لهم إلى ما ينبغي أن يُدعى به خالق الكونين .
وفي نفس المنوال نسج الأئمة والصالحون ، ففاضت على ألسنتهم أدعية وابتهالات كثيرة تذخر بالتجارب الروحية ، والمعاني والقيم الإنسانية ، والمفاهيم الإجتماعية والدينية .
وخصصوا طرداً كبيراً ، ووضعوا منهجاً زاخراً بالمفاهيم التي تؤدي المطلوب وتريح النفوس ، وتسمو بالإنسان حتى يتعلق بالذات القدسية في مواضع شتى ، سوف أتعرض لها إجمالاً لانفراد بحثي في هذا الكتاب في الشهر الفضيل (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ).
وكما أنه شهر التوبة والغفران ، هو باب من أبواب الله الذي يُـؤتى منه ، وحيث يُحجَـر فيه الشيطان ، فلا سلطان له على الإنسان خلال هذا الشهر المبارك .
إغتنام الفرصة فيه للتوبة ، والتمسك بحبل الله المتين ، والإخلاص له بالعمل ، هو من أفضل العبادات ، ومنجٍ من عذاب الله ، كما أنه سوف يحول السيئات إلى حسنات . فالدعاء فيه واجب ظنِّي ، وهو الطلب من الله ، والرغبة فيما عنده من الخير .

محمد الشايع
02-16-2011, 03:50 AM
الــدعـــــاء
لقد استعمله الأنبياء والصالحون منذ آدم (ع) . ومما جاء في كتاب الله العظيم على لسان آدم وحواء :
(قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) الأعراف 23 .
هذا بخصوص النفس ، والتوبة والتوسل لقبول الإعتذار ، والإقرار لله تعالى بما كان ، والتسليم له بأنه هو القادر على كل شيء .
أما نوحٌ حين ناجى ربه بعد اليأس من إيمان قومه ، واستهزائهم ، وتكذيبهم بآيات الله : ( ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم * ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين) .
وكما أن باقي الأنبياء لجؤوا إلى الدعاء في مواطن الشدة والرخاء كذلك ، حيث إنه الإتصال المباشر في أي وقت بالله تعالى .
وسوف أتعرض لأوقاته التي تكون فيها الإستجابة سريعة . وكما نرى هنا (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) .
( وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين * وزكريا إذ نادى ربه ربي لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين) الأنبياء 87-90 .
فما أضعفنا ، وما أوسع الأبواب التي ندخل منها لرضاه سبحانه وتعالى ، حيث فتح أعيننا على السبيل المؤدي إليه ، وأتحفنا بالتوبة التي هي رحمة الله للإنسان ما زال وبقي على وجه الأرض ، ونوراً له حين دخوله في بطنها إلى يوم يلقاه ، فيقول له خذ حتى ترضى في يوم الجزاء الأوفى .




أثر الــدعـــــاء
قال الله تعالى في محكم كتابه العظيم : (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة 186.
وأكد النبي (ص) ، وأهل بيته عليهم السلام ، بالحث والترغيب الشديدين على الدعاء ، وقد روي عن الرسول الأكرم : (الدعاء سلاح المؤمن) الكافي ج2ص468 وبحار الأنوار ج93 ص294.
وكما قال رسول الله (ص) : ( ما من مؤمن دعا الله تعالى بدعوة ليست فيها قطيعة رحم ، ولا استجلاب إثم ، إلا أعطاه الله بها إحدى خصال ثلاث : إما أن يعجل له استجابة الدعوة ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يرفع عنه مثلها من السوء) بحار الأنوار ج93 ص295 .
وورد عن آل البيت عليهم السلام : (لا يُرد القضاء إلا بالدعاء) بحار الأنوار ج8 ص296 . أي لا يصرفه ويدفعه ويهونه إلا الدعاء .
وكما قالوا : (إن الدعاء يرد البلاء) بحار الأنوار ج93 ص295 .
وقالوا : ( الدعاء مفتاح نجاح) بحار الأنوار ج93 ص341 . أي الظـَفـَر بالمطلوب والحصول عليه بسبب التوسل بالخالق .
وعن أبي عبدالله (ع) : (أكثر من الدعاء فإنه مفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة) ... (وليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه) مكارم الأخلاق ص299 .
وعن علي بن أبي طالب (ع) : (تقدموا بالدعاء قبل نزول البلاء) سفينة البحار ج1 ص449 .
وكما قال سيد البلغاء (ع) : (ما المبتلى الذي قد اشتد به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء) بحار الأنوار ج93 ص301 .
فبما أن دعاء الله سبحانه وتعالى يوقظ القلوب من الغفلة ، ويمد روح الإنسان بالتفاعل مع الحياة ، فتتيسر الأسباب لحاجته المشروعة ، وتكون لديه القوة النفسية الكافية لمواجهة المشاكل ، لكون الدعاء يعني الإعتماد على القدرة المطلقة لذات الله سبحانه التي تحكم الكونين .
ولنشاهد ما أوصى به الإمام علي بن أبي طالب (ع) ولده الحسن (ع) فقال : (واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض قد أذن لك بالدعاء ، وتكفل لك الإجابة ، وأمرك أن تسأله ليعطيك ، وتسترحمه ليرحمك ، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبه عنك ، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه ، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة ، ولم يعاجلك بالنقمة ، ولم يناقشك بالجريمة ، ولم يُِؤيسك من الرحمة ، بل جعل نزوعك - انقطاعك - عن الذنب حسنة ، وحسب سيئتك واحدة ، وحسب حسنتك عشرة ، وفتح لك باب المتاب - التوبة - ، فإذا ناديته سمع نداءك ، وإذا ناجيته علم نجواك ، فأفضيت إليه بحاجتك ، وشكوت إليه همومك ، واستعنته على أمورك ، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره ، من زيادة الأعمار وصحة الأبدان وسعة الأرزق) .
هذا والدعاء هو نوع من أبواب القبول السريع للعامل الذي جهد نفسه في سبيل رضا الخالق ، وليس الدعاء بالإتكالية والأحلام ، وترك المثابرة . فهذا منهج الأنبياء والأئمة والصالحين الذين يلتزمون الدعاء ، ويجدّون في أمور الحياة المشروعة في دفع الضرر وجلب المنفعة التي كان أحد السبل إليها الدعاء .


آداب الــدعـــــاء
كما أنه لكل عمل آداب خاصة ، فللدعاء آدابه ، ويجب مراعاتها في كل الأحوال ، وإنها ذكرت عن آل الرسول الأكرم عليم السلام في هذا الخصوص :
1- أن يطهر الداعي طعامه من المحرمات والشبهات. عدة الداعي ص 371 ، بحار الأنوار ج93 ص373.
2- الطهارة (الوضوء أو الغسل) سفينة البحار ج1 ص446 .
3- شم الطيب ، والذهاب إلى المسجد ، والصدقة ، واستقبال القبلة ، والتختم بالعقيق أو الفيروزج عند الدعاء . سفينة البحار ج1 ص446 - 447 .
4- إقبال الداعي إلى الله بقلبه بنية صادقة . بحار الأنوار ج73 ص379 .
5- حسن الظن بالله في تعجيل إجابته . الكافي ج8 ص473 .
6- رفع اليدين بالدعاء . سفينة البحار ج1 ص447.
7- الإصرار بالدعاء بأن يكتم مناجاته مع الله عن الآخرين . بحار الأنوار ج93 ص312 .
8- الإعتراف بالذنب ، وتجديد التوبة . بحار الأنوار ج93 ص318 وسفينة البحار ج1 ص446 .
9- الخشوع لله تعالى . عدة الداعي ص341 . والبكاء لله تعالي أو التباكي عند الدعاء . سفينة البحار ج1 ص 446 .
10- بدء الدعاء بـ : بسم الله الرحمن الرحيم ، وبحمد الله والثناء عليه تعالى ، والتعميم ، مثل أن يقول اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات. بحار الأنوار ج93 ص 315 - 313 .
11- تقديم الأخوان ، بأن يدعو لإخوان غيره قبل أن يدعو لنفسه . بحار الأنوار ج93 ص386 . وتسمية حاجته ، وأن لا يسأل محرماً . سفينة البحار ج1 ص446 .
12- أن يختم دعاؤه بالصلاة على محمد وآل محمد . الكافي ج2 ص491 ، وقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله . سفينة البحار ج1 ص447.


الأوقات التي فيها إجابة الدعاء
إن الدعاء في الشهر الحرام رمضان الكريم مستجاب في كل الأوقات ، حيث قال الرسول (ص): (نوم الصائم عبادة) ، فإذا كان كذلك ، فالأولى الدعاء فيه عبادة ، ومستجاب ومضاعف الأجرعليه حيثما كان .
وذكرمن الأوقات التي يرجى فيها الدعاء :
أولاً : عند الأذان ، وبين الأذان والإقامة ، وعند القنوت في الصلاة ، وبعد الصلاة الواجبة ، وبين الصلاتين ، وبعد الفراغ من صلاة الليل ، وفي السحر إلى طلوع الشمس ، وفي ساعة آخر النهار من يوم الجمعة ، وعند قراءة القرآن ، وعند رؤية الهلال ، وفي ليلة القدر ، وعند قطع العلائق عما دون الله . سفينة البحار ج1 ص447 .
ثانياً : دعاء المريض لعائده ، دعاء الوالدين لولدهما وبالعكس . عدة الداعي ص 355 .
ثالثاً : دعوة المظلوم ليس لها حجاب دون العرش . بحار الأنوار ج 75 ص 107 .
وأسرع الدعاء نجاحاً للإستجابة دعاء الأخ لأخيه المؤمن بظهر الغيب .
عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( دعاء أطفال أمتي ما لم يقارفوا الذنب ) .
وروي أن الإمام الصادق عليه السلام قال : إن تفسير قولك آمين يعني ربِّ إفعل .
وورد في الحديث ، الحث على الدعاء لحسن العاقبة ، وعدم الزيغ يعني عدم الميل عن الإيمان والحق .


الذنوب التي تمنع استجابة الدعاء
كما أن هناك أمورٌ تعجل قبول الدعاء ، فإنه توجد ذنوبٌ ترد الدعاء .
وروي عن علي بن الحسين عليهما السلام (أعوذ بك من الذنوب التي ترد الدعاء)، وعنه (ع): الذنوب التي ترد الدعاء هي :
أولاً : سوء النية .
ثانياً : خبث السريرة .
ثالثاً : النفاق مع الأخوان .
رابعاً : ترك التصديق بالإجابة .
خامساً : تأخير الصلوات المفروضة حتى تذهب أوقاتها . عدة الداعي ص154 .
وورد أن العبد إذا دعا الله تبارك وتعالى بنية صادقة ، وقلب مخلص ، استجيب له بعد وفائه بعهد الله عز وجل .
وإذا دعا الله بغير نية وإخلاص ، لم يستجب الله له ، أليس الله يقول: ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) البقرة 40 . فمن وَفىّ وُفِيَ له . سفينة البحار ج1 ص449 .
وروي عن النبي (ص): " لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ، أو ليسلطن الله شراركم على خياركم ، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم " .
وألـّـف العلماء في فضل الدعاء وآدابه المأثورة عن آل البيت عليهم السلام، كتباً كثيرة ومطولة ومختصرة . ويجوز الدعاء بكل دعاء مشروع ، وهذا ما نلمسه من الداعين بقلب سليم ولهان، وعيون ذارفة بالدموع في سرعة الإجابة في كل زمن وفي كل حين . والله قريب من الداعي يسمعه ، حيث يقول: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع ِ إذا دعان ِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) .

محمد ال مهيد
02-16-2011, 11:30 AM
جزاك الله الف خير اخ محمد

وجعلها في موازين اعمالك

محمد

قمم
02-16-2011, 02:18 PM
تنبيه هام جدا جدا الموضوع اعتمد على بعض كتب الاثنى عشرية
ولم يعتمد على كتب اهل السنة والجماعه

هذا فقط تنبيه ولو امكنني الوقت لناقشت بعض مزالقهم في الدعاء ...

كل التقدير

ذكرى الغالي
02-16-2011, 06:18 PM
الله يجزاااك خير
سلمت يداااااك
تقديري واحترامي لشخصك
وطرحك الراقي
ذكرى الغالي

مها يوسف
02-16-2011, 11:56 PM
اخي محمد الشايع
جزاك الله الف خير
وجعلها في موازين اعمالك وحسناتك
مشكور اخي الغالي
دمت بخير

محمدخير المهيدات
02-19-2011, 08:27 AM
جزاك الله الف خير
وجعلها في ميزان حسناتك

همس المشاعر
02-24-2011, 11:09 AM
http://upload.arabsbook.com/imgcache/09f5e286e3EAq6Yf.www.arabsbook.com.gif (http://upload.arabsbook.com/imgcache/09f5e286e3EAq6Yf.www.arabsbook.com.gif)