المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أوراق من القلب ..


سراب
04-28-2011, 08:27 AM
http://i3.makcdn.com/wp-content/blogs.dir/17822/files//2009/06/1534135525_41c6e124ea_o.jpg (http://i3.makcdn.com/wp-content/blogs.dir/17822/files//2009/06/1534135525_41c6e124ea_o.jpg)
مات قلبي البارحة ..
كنت وحيدا في منزلي عندما استيقظت على أنين هامس .. ودموع صامتة .. تفقدت المكان .. تفقدت الزمان ..
لا شيء سوى الأنين .. لا شيء سوى الدموع ..
مات قلبي البارحة ..
كنت محاطا بالأصدقاء و الأحباب عندما شعرت بجثة تسقط داخلي .. هرعت اليها .. أنجدها .. اساعدها .. وجدت قلبي في رمقه الأخير يقول لي : ساعد نفسك يا صديقي .. حتى تساعدني ..!!
مات قلبي البارحة ..
كنت أقف على الشرفة .. تحت الظلام .. فوق الغيوم .. بين الهموم .. سمعت أنينا يبرق بين السحب ..
قلت : ستمطر ..
قال قلبي : انه انين الفراق يا صديقي ..
قلت : ستمطر حتما
قال قلبي : انه لحن الوداع يا رفيقي ..
قلت : انها ستمطر لا محالة ..
قال قلبي : انها مواكب الموت يا عزيزي ..
مددت يدي الى السماء أبحث عن نقطة مطر .. وجدت نقطة ساخنة تهوى على أصابعي .. تحرقها .. تسحقها ..
وصوت يشق عنان الظلام : وداعا .. يا قاتلي ..

بحر التحدي
04-28-2011, 10:14 AM
يسعدني أن أكون أول المعانقين
ســـــــــــــراب

يسعد مساك وأوقاتك على هذه الكلمات الجميلة الرائعة
كلمات تلامس السماء بما فيه من الهدوء وألم شديد
وياله من أنين هامس ودموع صامت
أبدعت يا / سراب





مودتي واحترامي

الجوهره النادره
04-28-2011, 01:18 PM
لوحة تكتسيها ثياب سوداء تعبر عن حزن اليم
اعتصر القلب وادمى العين بقطرات ساخنه
تاملت حروفك ووجدتها تبرق كالجواهر ولكن
تكتسيها لمحات حزن لم تفقدها جمالها وبريقها
بل زادتها تالقا لمى لمسته من احساس صادق
يان بالم على الفراق ما اصعب الفراق
فكم يقتل كل شيئ جميل في روح الانسان

سيدي
لا اجد حروفي فقد تبعثرت امام هذا الكم الباذخ من الجمال
الذي يان من الحزن
فتقبل صمتي ومروري الذي انحنيت فيه لاضع
باقة ورد على تابوت احزانك تنثر اعجابي
صح لسانك ودام عطاءك
لك تقديري وتحياتي

سراب
05-01-2011, 05:57 AM
بحر التحدي ..

أشكر لك مرورك الكريم ..دمت بخير

سراب
05-01-2011, 06:00 AM
الجوهرة النادرة ..

أشكر لك كلماتك العذبة وهمساتك الرقيقة .. احترامي ..

ذكرى الغالي
05-01-2011, 09:01 AM
رااااائع
بل اكثر
دمت كما أنت
تقديري واحترامي
لشخصك وقلمك الراقي
ذكرى الغالي

محمد علي الهاشمي
05-03-2011, 09:16 AM
جيد .. بالتوفيق

محمد ال مهيد
05-03-2011, 09:24 AM
اشكر كل من تواجد وتفاعل مع النص

فقط للعلم القسم متنفس للكاتب ولايسمح عليه بالردود كما هو موضح باعلى القسم

وتقديرا منا للكاتب ولتواجدكم تم التجااوز

امل من الجميع الالتزام

محمد

سراب
05-03-2011, 09:57 AM
http://i3.makcdn.com/userFiles/s/a/samalim4/images/1111.jpg

طلقتني .. شكراً لك

لقد وصلتني تلك الورقة التي تنهي علاقتي بك .. فشكرا لك ..
ولكن قل لي ..
بأي حال نطقت بها ؟
بأي قلب أطلقتها ؟
هل كانت سجينة صدرك ؟
لهذه الدرجة كنتُ همّاً و غمّاً في حياتك ؟
و مع هذا .. فشكرا لك ..
ليتني مثلك أستطيع أن أدوس قلبي بحذائي ..
ليتني مثلك أستطيع أن أهيل التراب و الرماد على تلك الذكريات ..
ليتني مثلك أستطيع أن أدير ظهري لكل مشاعري و لكل عواطفي ..
ومع هذا .. فشكرا لك ..
ولكن ..كيف نمت ليلتك تلك ؟؟
هل هضمت طعامك جيدا ؟
هل تدثّرت بالغطاء الذي لم يعد أحد ينازعك عليه ؟
هل هربت عن جفنيك تلك الكوابيس ؟
ومخدتك .. هل أصبحت الآن بحرا من السعادة ؟؟
لا أدري .. و مع هذا ..
فشكرا لك ..
ولكن قل لي ..
هل سألت نفسك : من هو الجلاد و من هو الضحية ؟
هل سألت نفسك : من الظالم و من المظلوم ؟
هل سألت نفسك : من أحرق سمائنا ؟
من حطم كوخنا ؟
من زرع الخراب و الدمار بين ثنايا أيامنا ؟
من اقتلع تلك الوردة التي سكنت قلب كل واحد منا ؟
من داس على كرامة الآخر ؟
من أسال دمع الآخر ؟
من أهرق كبرياء الآخر ..؟
لا أدري ..ومع هذا .. فشكرا لك ..
قل لي .. هل عادت السكينة الى قلبك الحائر ؟
قل لي .. هل عادت البسمة الى ثغرك الصامت ؟
قل لي .. هل عاد الهدوء الى قلبك المضطرب ؟
قل لي .. هل عادت رجولتك تضج في كيانك المتهدم ؟
ان أجبتني بنعم فالحمد لله .. و إن كان جوابك : لا .. فأيضا : الحمد لله ..
هل تحب أن نتحاسب ..؟
تعال إذن ..
خذ .. هذه كلمة كانت تنهمر منك في كل ركن من أركان بيتنا .. و في كل شبر منه .. انها كلمة ( أُحبكِ) ..
خذ .. هذا نداء حالم كنت تسكبه في أذني كل صباح و مساء .. ألم تكن تناديني ( حياتي ) .. ؟
وهذه لمسة أصابعك فوق أناملي .. كيف أزيلها ..
وهذا عطر غرامك كيف أطرده ؟
وهذه بقايا ضحكة اقتسمناها في الظلام .. كيف أخرسها ؟
وهذه همسة ماكرة كنت تسعدني بها .. كيف احرقها ..
هذه أشياؤك .. فأين أشيائي ؟؟
أين قلبي الذي مارست عليه شتى صنوف الخداع و الغدر ؟
أين عمري الذي سرقت منه أحلى لحظاته و أبهى أيامه و أجمل لياليه ؟
أين أنوثتي التي كنتَ يوما تهينها ويوما تتذلل إليها و تمرغ أنفك على كفّي و كتفي لتنعم بها ..
خذ هداياك … خذ عطاياك ..
هذه خطاباتك التي نسجت من حروفها و سطورها شبكة لاصطياد مشاعري
وهذه ساعة أهديتني إياها عندما كنت تلعب دور العاشق الولهان ..
وهذه إسورة نقش عليها إسمانا عندما نجحت في امتلاكي ..
وهذا خاتم لم يغادر إصبعي منذ أن ضمنا ذاك البيت ..
خذ هداياك .. ولكن اترك لي ذكرياتي .. اترك لي شيئا أهرع اليه أواري دمعتي خلفه كلما تذكرتك ..
أما هداياي فاتركها لديك .. دعها تحاصرك أينما يممت وجهك ..
دعها تطوق ومع كل هذا .. فشكرا لعنقك تذكرك بغطرستك و كبريائك و جبروتك ..
ومع كل هذا .. فشكرا لك ..

سراب
05-04-2011, 09:00 AM
http://popeofjordan.com/kingdom/wp-content/uploads/2011/03/redline_p.png

بيني وبينك خط أحمر يفصل حياتي عن حياتك ودربي عن دربك وقلبي عن قلبك وعمري عن عمرك ..

ألف خط أحمر يقطع الطريق أمام أكاذيبك و ألاعيبك و تبريراتك الغبية من التسلل إلى أذني و قلبي ..
ألف خط احمر يحميني منك ..
وألف خط احمر يبعدني عنك ..
وألف خط احمر يفصل بين بحرك و جزيرتي ..
وإنني أحذرك الآن ..
لا تقفز فوق الخطوط ..
لا تتجاوز المعابر ..
احذر من التسلل بين أكوام المشاعر ..
لا تذبح في الظلام كلمات لا زالت تنبض ببعض الوفاء ..
لا تدوس في طريقك بعض الهمسات الساكنة على ضفاف الليل ..
احذر أيها الرفيق أن تغتال قلبا بريئا لا يزال يحلم بشمس تخرج من بين ركام الظلام ..
يا رفيقي .. بيني وبينك ألف طريق ..
فلا تعبث بخريطة الحاضر لترسم واقعا على هواك ..
بيني و بينك ألف هاوية فلا تطمرها بالصخب و الضجيج والصراخ ..
لم يعد اليوم يجمعنا ..
ولم يعد الحاضر يملكنا ..
ولم يعد النهر يمر بنا ..
ولم تعد الطيور تشدو لنا ..
ولم يعد في السماء نجمة تسهر على بابنا ..
ولم يعد في الأزقة قنديل يهمس لنا ..
ولم يعد على الأبواب بصمات تحمل ذكرانا ..
لم يعد على خارطة الحياة بيت يضمنا وعمر يحملنا ولا غد ينتظرنا ..
اغلق بابك أيها الرفيق ..
اغلق عينيك ..
اغلق نافذتك ..
اغلق قلبك .. ودربك ..
فما عاد حلم يجمعنا ..
وما عاد درب يضمنا ..
خذ يا رفيقي أشيائك ..
خذ أوراقك ..
خذ بصماتك ..
ألف
خذ ابتساماتك ..
خذ أكاذيبك ..
لا تترك شيئا من أثرك ..
لا تترك شيئا من بقاياك ..
خذ الجدران و الزوايا ..
خذ اللحظات و الساعات ..
خذ الليل و النهار ..
لا تترك شيئا خلفك ..
فبيني و بينك الف وريد ينزف ..
والف عين تبكي ..
والف آهة مشتعلة ..
وألف خط ملتهب ..
وألف خط احمر يوشك ان يتهاوى ..!!
وألف خط وهمي يريد ان يتلاشى !!
وألف خط يطوقني ويهمس لي قائلا :
يكفي .. يكفي .. !!
بيني و بينك ألف درب يناديني ..
وألف ليل يدعوني
وألف أغنية تطاردني ..
وألف سنبلة تنبت بين مروج ذكرياتي وتهمس لي قائلة :
يكفي .. يكفي ..
بيني و بينك ألف كلمة حب غافية تتململ في مرقدها ..
وألف همسة شجية تمزق شرنقتها ..
وألف نحلة تريد أن تسكب عسلا صافيا على قلبك و مشاعرك ..
لعلك عرفت الآن أن بيني وبينك ألف وهم ووهم ..
وألف خيال وخيال ..
وألف سراب وسراب ..
فقف يا رفيقي ..
سألملم مشاعري وأحزاني وأطير إليك ..
قف يا رفيقي ..
سأداوي جراحي وأعبر هواجسي لأصل إليك ..
ألف خط اخضر يدعوني إليك ..
ألف خط اخضر يدفعني نحوك ..
ألف خط اخضر يهمس لي :
انه في القلب .. ولن يكون في القلب سواه ..

سراب
05-04-2011, 05:12 PM
عفوا .. لا تقل لي : تعال معنا ..
فما أنا بالذي يغادر مكانه ..
وما أنا بالذي يترك مطرحه ..
ولا أنا بالذي يغدر بعالمه ..
لا تقل لي : تعال معنا ..
فعالمي هو الذي يأتي معي ..
وعالمي هو الذي أذهب اليه ..
وعالمي هو الذي أعيش فيه و منه و اليه ..
اذن .. لا تقل لي تعال معنا ..
هل علمت تفاصيل غرفتي هذه التي تحوي عالمي .؟
يا سيدي إنها تضم كل شيء لا يمت بصلة للهو الناس ..
وتحوي كل شيء لا يروق لبشري أن يمضي أمامه ساعات و ساعات ..
هذه أوراقي .. هذه كلماتي .. هذه سطوري .. هذه صفحاتي .. هذه بصماتي .. هذه حكاياتي .. هذه تفاصيل امسي و يومي ..
هذه مذكراتي .. هذه أفكاري .. هذه تفاصيل أيامي ..
وهنا .. تجد كتبي و صحفي مبعثرة .. لا يتحملها نظام .. ولا يدانيها ترتيب ..
الفوضى عنواني هنا ..
ولكن .. أعرف مكان كل ورقة هنا ..
أعرف مطرح كل حرف هنا ..
اعرف مأوى كل همسة هنا ..
أعيش بين جدران غرفتي منذ عشرات السنين ..
لم يستطع أحد أن يسرقني من بين جدرانها ..
عجز البشر عن إيجاد مكان بديل لي يمنحني الأمن و الطمأنينة و الهدوء الذي أنشده ..
ولهذا كله ..
لا تقل تعال معنا ..
في هذه الغرفة .. ودعت طفولتي ..
وودعت مراهقتي ..
و ودعت شبابي ..
و ربما في هذه الغرفة تسقط آخر ورقة من أيام عمري ..
ولهذا .. لا تقل لي .. تعال معنا ..
بل أنت تعال معي ..
أهبط بسلام في صومعتي ..
بين ظلال شخصيتي ..
قد لا تجد مكانا أو زاوية تضمك ..
ولكن ستجد عيناك ألف مهبط لهما و الف لوحة تتعلقان بها و الف ورقة تركضان خلفها ..
هنا ستجد أذناك ألف انشودة تنساب في هدوء الى قلبك و الف معزوفة تترقرق بين جوانح نفسك و الف نغمة حائرة تتراقص في كل زاوية و تحت كل كتاب ..
لا تقل لي تعال معنا ..
الى أين ستأخذني يا صديقي ؟
هل ستضمن لي هدوء نفسي ؟
هل ستضمن لي سكينة روحي ؟
هل ستحمي خدي من صفعات طائشة اعتاد بني البشر تداولها بينهم ؟
هل ستحمي أذني من كلمات قد تخدش سكون ذاتي و صفاء جدولي و نقاء سمائي ؟
هل ستحمي ظهري من طعنات غادرة متتالية صباح مساء أجدها من اقرب الناس الي ؟
لهذا كله ..لا تقل لي .. تعال معنا ..
اتركني يا صديقي في عالمي الصغير واذهب الى سجنك الكبير ..

ذكرى الغالي
05-04-2011, 07:26 PM
سلمت يداك
تقديري واحترامي لشخصك
وقلمك الراقي
ذكرى الغالي
http://kll2.com/upfiles/2BV52033.gif (http://kll2.com/)

سراب
05-05-2011, 07:23 PM
ذكرى الغالي ..

أشكر مرورك الرقيق ..

كل الاحترام والتقدير ..

سراب
05-05-2011, 08:36 PM
http://www.masrawy.com/Ketabat/Images//2010/6/3-6-2010-18-51-13437.jpg

أضواء باهرة تصطدم بعيني .. وجوه تركض هنا و هنا .. أين المشرط .. أين المخدّر ؟؟ أين الكمّامة ؟ أين الأوكسجين .. أطباء و ممرضات يتدافعون هنا و هناك و بعضهم يتحلق حولي أنا المسجّى في غرفة العمليات ..
ممرضة تهمس لي بصوت يتصنع الثبات : لا تخف .. إنها عملية بسيطة جدا .. لا تفكر فيما حولك .. حاول أن تتذكر أحلى أيام عمرك ..

قلت لها بهدوء : ماذا ستفعلون ؟؟
قالت : سيقومون بتغيير عدة صمامات في قلبك ..!!
قلت : هل سيفتحون قلبي ؟
قالت بدهشة : طبعا ..
قلت : و أين أخبئها الآن ؟؟ أين أبعدها عن العيون ؟؟
قالت : من هي ؟؟
قلت : أين الطبيب .؟
نادت عليه فيما هو يرتدي القفازات الطبية .. قال وهو يتصنع ابتسامة غطتها سحب القلق : خيراً عزيزي .. ؟؟

قلت : أنت ستفتح قلبي .. ستتجول بين أروقته .. ستطأ أرضه و تقتحم جدرانه و غرفه ..

أدخل بصمت أيها الطبيب .. لا تفزعها بمشارطك و أسلحتك .. لا تزعجها بطنين أدواتك .. لا تؤلمها بوخز سيوفك و عتادك .. ستجدها هناك .. وحيدة .. يتيمة .. سامحها أيها الطبيب .. لقد عبثت هذه الصبية بقلبي .. أحالته إلى ساحة معركة .. إلى أشلاء ممزقة .. أتظن أنك ستجد قلباً ؟؟

لا .. لا يا طبيبي .. بل ستجد بقايا قلب .. ستجد بقايا عمر .. ستجد بقايا إنسان .. لقد مَارَسَتْ شتى صنوف العنف و العدوان على هذا الخافق الضعيف بين الحنايا ..ولكن .. لم أنهرها .. لم أعاتبها .. سبحان الله .. أيعاتب المرء ذاك الهواء الذي يتنفسه ؟
أيعاتب الإنسان ذاك الليل الذي يغفو على نافذته كلما داهمته الهموم ؟؟

أتركها يا طبيبي بين أن أنقاض قلبي .. دعها تعبث كما تريد ..دعها ترسم خريطة حياتها هنا .. قل لها أن النقش على القلب أحلى و أجمل من الكتابة على الأوراق أو صفحات الماء ..و قل لها أن تلك الصمامات التي دمرتها هي أحلى ذكرى لاعتلائها هذه القلب العليل ..

طبيبي .. لا تزدحم أنت و ممرضاتك على باب قلبي فتفزعوها ..أنقر الأبواب قبل اقتحامها .. و استأذنها قبل أن تمد يدك بمشرط أو خيط .. قل لها لقد آن أوان هذا القلب أن يُرمّم و يُعاد بعثه للحياة .. قل لها ان تلك الصمامات هوت أخيرا بعد أن عجزت عن استيعاب هذا حب الذي يقوم على زرع القنابل و الألغام بين الحنايا و الضلوع ..

قال الطبيب : أنت تهذي ..
ابتسمت له وقلت : إنها أجمل هذيان و أحلى وهم ..

قال : سنضطر إلى أخذ شريان من جسدك لنزرعه في قلبك ..
قلت :لن تجد الشريان الذي تنشده .. أبحث عن شريان لم تمزقه اللوعة و لم ينسفه الحزن و لم يبليه الهوى ..لن تجد سوى شرايين تنزف من كل اتجاه .. تنزف شكوى و ألما
و بكاء ..يا سيدي لا أملك لك أي شرايين ولا أحمل داخلي أي نبض .. أنت تضيع وقتك مع عاشق متهدم كذاك الجبل الذي زرعوا بين جوانبه على حين غفلة قنابل و مفرقعات فتهاوى فجأة في لمح البصر ..

خذ يدي .. هل تجد نبضاً ؟
خذ بصري هل تجد نوراً ؟
خذ عمري هل تجد أملا ؟
أنظر إلى سمائي هل تجد شمساً ساطعة ؟
أنظر في بحري هل تجد مرافئ آمنة ؟؟
أنظر في أرضي هل تجد سوى القبور و الأشلاء ؟؟

يا طبيبي .. اتركني و شأني ..
خذ أسلحتك و أدواتك و أجمع ممرضاتك و اتركني وحيداً ..فأنت لن تزيد دقيقة واحدة من عمري ..
اتركني معها .. لقد غدرت بصمامات قلبي .. و غدرت بابتسامات عمري .. ولم يبق على النهاية الكثير .. فهذه الدقات المتهالكة التي يضج بها كياني تقول بأن الدرب على آخره و أن القمر إلى محاق و أن الشمس إلى كسوف و أن النور إلى زوال و أن الغد إلى انقضاء و أن العمر إلى فناء و أن القبر أصبح أقرب من ذي قبل ..

سراب
05-06-2011, 04:33 PM
http://upload.7bna.com/uploads/15979f58c5.jpg

همس لي الطبيب بصوت منكسر قائلا :
قلبك ممزق يا صديقي .. قلبك أصبح كقربة مثقوبة تنزف منه الدماء في كل اتجاه .. لقد أتعبته معك .. قسوت عليه ..والآن يوشك أن يخذلك في أي لحظة .. لقد حاولنا أن نرممه .. وان نضيء أزقته المظلمة و نمهد خرائبه المهجورة ولكن .. لا فائدة .. لا فائدة يا صديقي .. قلبك يرفض الحياة .. يرفض الاستسلام لمشارطنا و محاولاتنا ..وهو يسير نحو الهاوية .. و إني اعرض عليك الآن أن نزرع لك قلبا جديدا ..


قلت له :
قلب جديد ؟؟ أتريد أن تحرق عمري و مشاعري لتزرع في كياني قلبا لا اعرفه و وجها لا أذكره و لغة لا افهمها ؟ تريدني أن أحيا بعمر غيري و أعشق بقلب غيري ؟
قلب جديد أيها الطبيب ؟؟
و مشاعري ؟؟ و ذكرياتي ؟؟ و احلي الأحاسيس التي رافقتني ؟؟ و تلك الخفقات التي ضج بها قلبي يوم رأيت أميرتي .. أين اذهب بكل هذا ؟؟
هل ستمنحني دفترا يوضح لي كيف استخدم هذا القلب الجديد ؟؟ كيف يخفق بالحب ؟؟ كيف يحلم بالسعادة ؟؟ كيف ينام بطمأنينة ؟؟
قلب جديد يا طبيبي ؟؟؟
تريد أن تنزعها من داخلي ؟؟ تريد أن تحرق جذورها من كياني ؟؟
لن تفلح .. لن تنجح ..


أنت تتوهم أنها سر سقوط قلبي .. سر تعثره .. سر تمزقه ..
تتوهم أنها هي من أشعل الحرائق و آثار البراكين و ضرب الزلازل فيه ..
تتوهم أنها تقف وراء كل أزمة أو سقطة أو آهة أو دمعة أو ألم ..
أنت تتوهم وتظن أنها تقف وراء مصائد الموت و مكامن الخطر التي تتربص بي في كل درب و تحت كل سماء ..
تتوهم أنها السبب في كل تلك القصوف و الرعود التي أوصلتني إلى هذا السرير الأبيض ..


يا طبيبي .. أنت تتوهم .. تتوهم ..
نعم .. هي فعلت كل هذا .. ولكن .. امسك يدي يا طبيبي .. ابحث عن نبض عروقي .. هل وجدته ؟؟ هذا النبض هو نبضها .. إنني أعيش بقلبها .. أعيش بروحها .. و إن زرعت لي مائة قلب ستجدهم يتبعونها .. يطيرون خلفها .. يحيطون بها ..يحلّقون حولها ..يكتبون لها أحلى الكلمات و اجمل القصائد ..


مائة قلب يخفق لها يا طبيبي .. وكل قلب ستجده في نهاية المطاف وقد تحول إلى بقايا و أشلاء و ركام و حطام لعلها ترضى ..

تريد أن تشق صدري و تزيح هذا القلب النابض بالحياة لتزرع قلبا ينبض بشحنة كهربائية ..؟؟
يا سيدي هذا القلب الذي تتهمه بالانهيار لازال يقاوم ويتمسك بالحياة و يعانق الزمن .. أتعلم لماذا ؟

لأنه يحب بصدق ..

لأنه يتألم بصدق ..

لأنه يتعذب بصدق ..

هذا القلب الذي تريد أن تقتلعه حيّا سيظل ينبض بالحب حتى و أنت تشق شرايينه و تدمرها بمقصاتك و مشارطك .
.
سيظل ينبض بإسمها و رسمها و أنت تقذف به من نافذة عيادتك ..
يا سيدي .. أعطني ألف قلب واتركني أزرعها في حديقتها..
أعطني ألف قلب ودعني أخبئهم تحت وسادتها ..
أعطني ألف قلب واسمح لي أن أنثرها على شعرها .. على يدها ..على دفاترها .. على دفتر رسائلها ..

أعطني ألف قلب .. ضعهم لي في هذه الحقيبة .. و أضف إليهم قلبي العليل .. و ابعث إليها بالحقيبة ..

قل لها :


هذه هدية العاشق المتيم ..

هذه آهات العليل المحطم ..

هذه دموع المحب الباكي ..

هذه أحزان المعذّب الشاكي ..

فهل ترضى عنه الحبيبة ؟؟

سراب
05-08-2011, 10:12 AM
http://3.bp.blogspot.com/_CyUY_xuRnhU/S09Q2xdeRoI/AAAAAAAAH9E/rAS8Yqin8Pg/s400/New+Bern+Cemetery+by+Bernie+Rosage+Jr+HR.jpg

تزاحم الأطباء حولي .. يبحثون عن شريان يزرعون فيه رمق الحياة .. تهامسوا فيما بينهم .. أي كائن هذا الراقد على الفراش الأبيض .. يتنسم الحياة دون حياة .. ويقاوم الهلاك دون عافية .. ويصر على البقاء وكل ما فيه يصر على الموت ..
تبتسم الممرضة بقلق وهي تقلّب يدي : أين ذهبت شرايينك ؟ أين ذهبت عروق حياتك ..
تبسمت لها بألم .. عن أي شريان تسألين ؟ وعن أي نبض تبحثين .. لقد مات كل شيء في داخلي .. وانهار بعضي على بعضي .. وتهاوت أيامي على جسدي .. ألم تعلمي بالأمر ؟ لقد رحلت الحبيبة .. ماتت وتركت خلفها بضع وردات وبضع همسات وبضع كلمات ونهر من الآهات والأحزان ..
تبحثين عن شريان ينبض ؟؟
شريان العالم كله انقطع يوم ماتت .. أظلمت الدنيا في عيني .. وبكى الكون في نفسي .. وتفجرت ينابيع الحزن داخلي ..أرجوكم .. دعوني أخرج لوداعها .. دعوني أحمل جثمانها على كتفي .. وأزرع وردة على قبرها .. وأطبع قبلة على ثراها .. وأخط ذكرى على ترابها ..
تزدحمون حول قلبي تبحثون عن خيط نجاح أو براءة اختراع أو تفوق طبي ؟
انتظروا جثتي ومارسوا عليها ما تريدون .. أما الآن .. فأزيحوا معداتكم وأدواتكم وإبركم وافتحوا الأبواب .. دعوني أشيع ذاتي ونفسي .. دعوني أطير فوق نعشها ألملم بسماتها وأحلامها وأنثرها على ثراها ..
أهذي لوحدي فيما الأطباء يتدافعون ويصرخ أحدهم : لقد توقف نبض قلبه ..
ويتجدد الهرج والمرج حول جسدي .. إبر .. صدمات كهربائية .. محاولة إنعاش .. محاولة إفلات من الموت .. محاولة الوقوف على حافة الحياة .. عاد النبض .. غاب النبض .. عاد البريق .. إنطفأ القنديل .. أطل النور .. إنطفأت الشمعة .. لقد مات .. أغمضوا عينيه .. لا .. هناك بريق أمل .. بريق خيط من الرجاء ..
احتار الأطباء معي .. واحتار قلبي معي .. كتبوا شهادة وفاتي .. أغلقوا كل نوافذ الحياة داخل جسدي ولم يروا الشمعة الصغيرة التي تضيء روحي .. وحملوني على الأكتاف إلى المقبرة .. وكم كانت روحي سعيدة وهي ترفرف بجوار روحها الطاهرة النقية .. وهمست لها : على العهد حتى الموت ..!!

سراب
05-17-2011, 06:45 PM
صفعها ..

بصقت في وجهه ..

احتقرها ..

داست على أيامه ولياله ..
رمى الورقة في وجهها ومضى ..
أدارت ظهرها له بعد أن عفرت ذاكرته وأحلامه بالألم ..
بعد سنوات .. جمعتهما الأيام من جديد ..
فلتت منه ابتسامة شوق ..
احتضنته بعينيها ..
مد يده لها ..
أوشكت أن تمد يدها اليه ..
ولكن حرارة صفعته لا زالت تستعر في خدها وقلبها ..
أدارت ظهرها له .. بعد أن عطّرت ذاكرته بالحنين والحسرة ..!!











/align]

عاشق سراب
05-18-2011, 01:53 AM
http://www.s1u1.com/vb/uploaded/11_(يمنع عرض أرقام الهواتف بدون أذن الإدارة).gif


(http://uploadpics.a2a.cc/)

http://sl.glitter-graphics.net/pub/1328/(يمنع عرض أرقام الهواتف بدون أذن الإدارة)kbw9mr6iow.gif



http://sedty.com/up_ar/files/z2ohgfq5n2nnnzqiwjmw.gif

القدير
سراب
http://up.alfrasha.com/u/9266/11567/137918.gif
مبروك افتتاح مدونتك
التي بلاشك ستكون لها حضورها المميز
كصاحبها

http://sedty.com/up_ar/files/qezyv0ymtnmem1vzlwnm.gif

سراب
05-18-2011, 07:58 PM
عاشق سراب
أشكر لك التهنئة ونأمل أن نكون عند حسن الظن ..

سراب
05-18-2011, 08:09 PM
أكتب في الفراغ ..
اكتب في الفضاء ..
اكتب على الماء ..
لا حزن لديك ولا هم .. ؟
اكتب إذن على الهامش ..
في الوقت الضائع ..
وعلى حافة الأوراق ..
لا حزن لديك ولا أنين ..؟
اقبع إذن في قاع الزمن ..
مثلك لا اسم له ..
لا قلب له ..
لا عمر له ..
لا حزن لديك ولا صداع ؟
اذن أنت بلا هوية ..
بلا أوراق تفضح همك ..
وبلا حروف تصنع عمرك ..
وبلا أقلام تتعكز بها في دروبك ..
بلا حزن أنت ولا جراح ؟؟
خسارة ..
كل الأشياء بلا قيمة في عينيك ..
كل التوابيت التي تمر أمامك هي فارغة ..
وكل سيارات الإسعاف التي تلتهم الطرقات هي طائشة وبلهاء ..
وهذه الصواريخ التي تدك التاريخ هي لا تخاطبك ..
لا تسأل عنك .. لا تقف عند بابك ..
فمثلك .. بلا حزن ولا هم ..
يا سيدي ..
لا تكتب التاريخ ..
فمثلك بلا تاريخ ..
ولا تغازل المستقبل ..
فمثلك بلا غد ..

سراب
05-23-2011, 09:56 AM
http://i3.makcdn.com/userFiles/s/a/samalim4/images/9.jpg
يا ساعي البريد توقف ..
أفرغ حقيبتك عند أول حاوية ..
قدم استقالتك ..
فما عاد العشاق ينتظرونك عند المفارق ..
ولا عاد الأحباب يترقبونك على النوافذ ..
ولا عاد المتيمون يترصدونك عند المعابر ..
يا ساعي البريد .. ولى زمانك .. وولى عهدك .. وولى يومك ..
الم تسمع بالإيميل ؟
رسائل تقتحم مخدعك في غفلة منك ..
رسائل تشغلك .. تشاغلك .. تناورك .. تداعبك .. تحاربك .. تسرقك .. تراودك .. تعبث بقلبك .. بعينيك .. بجيبك .. بفكرك .. بأحلامك .. بأوهامك .. بغرائزك .. بكل شيء فيك قابل للسرقة ..
رسائل تحاصرك .. لم يأت بها ساع مثلك .. و لم يبعث يها عاشق مثلي .. ولكن قذفت بها مصالح و أوهام ..
يا ساعي البريد .. احفر قبرك ..
فما عادت حقيبتك الفارهة تكفي لهذه الرسائل التي يزدحم بها بريدي كل لحظة ..وما عادت أقدامك قادرة على عبور هذه المحيطات التي تعبرها سطوري و أفكاري ..
فتوقف يا صاحبي عن عبور الأزقة و الأرصفة ..
فشبابيك العشاق لم تعد تفتح الا على غرف ( الشات ) ..
و أنامل العشاق لم تعد تعانق سوى ( كيبورد ) ينبض بكل اللغات و يعزف كل النغمات ..
و رسائل العشاق لم تعد تكتب على ضوء القمر .. ولا تحت سلالم الدرج .. بل على شاشة تسطع بكل لون وجهاز يحوي سراديب الدنيا و دهاليزها ..
فلم يعد أمامك يا صديقي سوى ان تبعث الى نفسك برسائل عزاء ومواساة على ماض جميل .. لن يعود ..

ذكرى الغالي
05-23-2011, 10:23 AM
راااقي ياسراب
راق لي ماقرأته هنااااا
تقديري واحترامي
ذكرى الغالي

سراب
05-25-2011, 08:40 PM
شكرا ذكرى الغالي للمتابعة ..

سراب
05-25-2011, 08:41 PM
https://9kusvq.bay.livefilestore.com/y1mmqfbHe7hvd216wpKYt6hpPTwS9TSdlBqQzUtwmU-ZM05uVhloUQ28nv5Pc-TC1R5sp1qxAA8jxnegasSjEpmVdI94j1HbqYAaWhmaY2iu1ct1 sA3sokEihA35zV8nzdV23m7PknQP3U/normal_al-7ayr-h.jpg

أركض كل فجر إلى شاطئ البحر أبحث عنك ..
تراك هل ستأتي أم سيظل هذا الأمل كهذا الزبد المنتحر على أقدام الصخر؟
خيوط الفجر تشق ثوب البحر ..
تشق شرنقة اليأس داخلي ..
إنها تبعث الأمل في اللقاء يا سيدي ..
خيوط الشمس رماح تحيك رداء الفرح وترسم على صفحة القادم من الأيام ابتسامة تفاؤل ..
و أمسك بخيوط الفرح هذه لأغزل منها أغنية للمستقبل ..
نعم .. المستقبل ..
ذاك الدفتر المليء بالمجهول من الصور و العبرات و الآهات ..
دفتر يزدحم بالوجوه التي لا نعرف هل سنحبها أم سنصفعها ..
انه المستقبل يا سيدي الذي يوقظني كل صباح
لأقذف في أعماق هذا البحر بتنهيدة طويلة
تتسلل اليك أينما كنت
فوق أي أرض تسير أو تحت أي سماء تستظل ..
تنهيدة تشكو الوحشة ..
تبكي الوحدة ..
أتراك سمعت تنهديتي يا سيدي ؟؟
هل شاهدت آهتي وهي تتسلل إلى دهاليز نفسي كل مساء
و تتمشى بين أشلاء روحي و مقابر ذاتي ؟؟
هل رأيت تلك الحرائق التي اشتعلت في أصابعي
وهي تسطر لك بمداد البحر رسائل شوق و بوح ؟؟
هل سمعت تلك الأغنية التي طويتها بين جناحي عصفور ليزفها إليك حيثما كنت ؟؟
طال الانتظار يا سيدي ..
طال الشوق ..
طال الألم ..
ولم يخمد ذاك البركان الذي تفجر ذات يوم
حينما وقفت روحي أمام عينيك تسأل :
أي بحر هذا الذي كلما أبحرتُ فيه
وجدت نفسي على الشاطئ ؟
أي سر هذا الذي كلما كشفتُه إزداد غموضا ؟؟
أي كتاب هذا الذي كلما أنهيت صفحاته
وجدتني أمام سطوره الأولى ؟؟
أي لغز فيك يا سيدي ؟؟
حضورك لغز و غيابك حيرة ..
حضورك عذاب و غيابك قلق ..
قل لي يا سيدي ..
أيرضي غرورك أن تراني حطاما ؟
أن تراني بقايا قلب ؟؟
أيروق لك أن تزرع القنابل تحت عرش سعادتي ؟
أيسعدك أن ترى نعشي يسير تحت سماء كبرياءك ؟
ليكن يا سيدي ..
افعل ما تريد ..
ولكن .. تعال ..
هل قلت تعال ؟؟؟؟
هاهي الشمس تتوسط صفحة السماء
و الموج يضج
و الريح تصرخ
و أنت بلا حضور ..
بلا حياة .. نعم ..
هاهي بقايا مركبك تجثم بجواري محطمة ..
تروي بصمت سطور النهاية ..
وتهمس لي بحزن قائلة :
لن يعود .. لن يعود ..

سراب
05-31-2011, 07:01 AM
http://alsary.com/vb/imgcache/2/172733alsh3er.jpg

قال :هيا اركبي (http://www.ll20ll.com/vb/showthread.php?t=683)..
قالت : كم ستدفع (http://www.ll20ll.com/vb/showthread.php?t=683)؟



قال : بعض نقائي ..
قالت : ماذا ؟!


قال : بعض صفائي ..
قالت : أنت تهذي ..


قال : بعض كرامتي ..
قالت :لا ..


قال : تعالي معي إذن ..
قالت : ماذا لديك ..


قال : جرح عميق ..
قالت : جروحي أكثر ..


قال : وقلب كسير ..
قالت : كياني محطم


قال : وأمنيات ذابلة ..
قالت : أمنيتي أن أستر لحمي .. ولكن ..


قال : هيا معي ..؟
قالت : إلى أين ؟


قال : إلى النور
قالت : الظلمة عالمي ..


قال : إلى الفضيلة ..
قالت : لا أعرفها ..


قال : إلى السكينة ..
قالت : صخب الرجال مهنتي ..


قال : اصعدي ..
قالت : أين بيتك ؟


قال : هناك .. حيث الشمس ..
قالت : إنها تحرقني ..


قال : حيث الطهارة ..
قالت : أنت تشتمني ..


قال : حيث البراءة ..
قالت : أرجوك .. لا تجرحني ..


قال : الغد ينتظرك ..
قالت : أنت تتوهم ..


قال : اخلعي رداء الليل ..
قالت : سأموت جوعا ..


قال : طعم الشرف سيملأ روحك ..
قالت : أخطائي وذنوبي ستتبعني ..


قال : نور الإيمان سيمحوها ..
قالت : أرجوك .. خذني معك ..


قال : إلى أين ؟
قالت : إلى عالم بلا رذيلة ..

سراب
06-06-2011, 09:21 AM
تخرجت من كلية الطب منذ عدة سنوات وجلست بعدها في البيت أنتظر التعيين أو النصيب .. !! وذات يوم دق جرس الهاتف لأجـد شخصا يقول لي :
" تم تعيينك في مستشفى المواساة .. يجب أن تباشري غدا وإلا …!!"
قلت له :
" لا .. لا داعي لـ " وإلا " هذه .. سأكون أول من يدخل باب المستشفى صباح الغد بمشيئة الله ..
لم أنم ليتها جيدا .. ألف صورة تعبر مخيلتي و ألف شعور يغمرني وألف " وإلا " قفزت أمام عيني .. ولذلك لم أذق طعم النوم ..
جاء الصباح وجاء يوم العمل الأول .. عندي " بالطو " أبيض أحتفظت به من أيام الجامعة .. حاولت أن أرتديه .. جيد .. لا زلت أحتفظ برشاقتي .. أتأمل نفسي في المرآة .. نعم .. يبدو أن زمن الرشاقة قد ولّى .. !! رميت البالطو جانبا لألحق بالعمل الجديد ..
عندما وصلت المستشفى كنت حقا أول من وصل من الموظفين و الممرضات و العمال .. لم أبالي .. يجب أن أثبت جدي و اجتهادي من أول يوم ..
بحثت عن المكان الذي سأمارس فيه عملي .. سأكون صيدلية بإذن الله .. هكذا كنت أحلم طوال عمري .. و اليوم سيتحقق احلم ..
سألت : أين سأعمل ؟؟
لا أحد يعرف ..
بدأ الموظف المختص بتقليب الأوراق و الدفاتر و المعاملات .. ثم نظر إليّ بعد حيرة طويلة وقال :
" انه هنا .. هذا اسمك .. ستعملين تحت .. في البدروم .. في الدور الأرضي "
قلت :
" هل هناك صيدلية في البدروم ؟"
تأملني كاتما ضحكة أوشكت أن تفلت منه وقال :
" عفوا .. الصيدلية هنا .. خلف مكتبنا .. ولكن أنت ستعملين في ثلاجة الموتى .."
انتفضت أطرافي و تلعثم لساني وأوشكت قدماي أن تهويا بي .. تماسكت ولملمت أشلائي لأقول له :
" ثلاجة موتى .. ولكن .. أنا صيدلانية .. والموتى حسب معلوماتي يحتاجون للدعاء والترحم ولا يحتاجون إلى صيدلانية مثلي "
قال :
هذا صحيح .. ولكن .. لست أنا من وضعك في هذا العمل .. وان أردت نصيحتي باشري عملك بضعة أيام ثم حاولي أن تطلبي نقلك إلى مكان آخر بالتفاهم مع مديرك "
قلت :
" عفوا .. ولكن لا أصلح في هذا المكان "
قال بعد أن ألقى بظهره على الكرسي ووضع رجلا على رجل:
" وهل أنا أصلح هنا .. وذاك هل يصلح هناك .. قولي لي يا سيدتي هل هناك شخص مناسب في مكان مناسب في هذا الزمان ؟! إنها مسألة أكل عيش .. وعلينا أن نعمل في أي مكان وإلا " ..!!
أطلقت تنهيدة من أعماق قلبي وقلت له :
" ما حكاية " إلا " هذه ..؟ لا بأس ..أمري إلى الله .. "
أنهيت إجراءات مباشرة العمل ثم نزلت إلى المكان الذي سيضم خطواتي القادمة .. مكان كئيب .. إضاءة خافتة تخلق الرعب في النفس .. دخلت الغرفة التي تحتضن الثلاجة وأنا أجر قدمي جرا .. وجدت زميلة تنتظرني .. أفهمتني أن عملي سهل جدا ..
" سيأتي أهل المتوفى بورقة يفترض أن تطابقيها ببيانات موجودة على باب الثلاجة التي تضم جثمان متوفاهم .. وإن تطابقت عليهم عندها أن يأخذوا ميتهم من هنا "
أطلقت زميلتي ضحكة عالية و هي تحاول أن تزرع الشجاعة في قلبي لتضيف قائلة :
" لن تلمسي أمواتا و لن تحملي جثثا .. فقط ستتعاملين مع بيانات .."
قالت كلمتها و هي تتوجه نحو الباب .. أطبقت على يدها بفزع و قلت :
" إلى أين ؟"
قالت :
" المعذرة .. لدي مشوار تم تأجيله أربع مرات لحين مباشرتك العمل .. لا تقلقي .. سأعود خلال ساعة و ربما أقل .. إلى اللقاء "
وتبخّرت من أمام عيني في لحظة و تركتني زائغة العينين أشم رائحة الموت من كل اتجاه ..
هربت من الغرفة .. سحبت كرسيا و جلست في الممر ..وبقيت أضرب أخماساً في أسداس .. بل في أرقام كثيرة بلا نهاية .. ما هذه الورطة ..؟ هل سأقول لأمي و أبي و اخوتي أني أعمل حارسة على بوابة ثلاجة الموتى ..؟ هل الموتى بحاجة إلى من يحرسهم ؟ وهل أفنيت عمري و سهرت الليالي لأكون في هذا المكان ..؟ وأين أذهب بعلم الصيدلة و الأدوية والكيمياء و كل ما تعلمته ؟ هل أذيبه في كوب ماء و أشربه ..؟
انتبهت إلى واقعي .. صمت عميق يكاد يحاصر المكان لولا أصوات بعيدة تتسلل إلى أذني .. بدأت الوساوس تنبت في محيطي ..
كأني سمعت طرقا من داخل الغرفة ..!!
هل هناك من يهمس باسمي ..؟!
كأني رأيت شيئا يتحرك كالبرق أمامي ليختفي .. !!
يا إلهي .. هواجس و ظنون وأوهام خلقتها بنفسي لأداري إحباطي تطوقني وتخنقني .. وفي ما أنا أسيرة هذه الهواجس إذا بصوت عال محتد يصرخ بي :
" السلام عليكم "
قفزت من الكرسي وأنا أردد " وعليكم السلام " ووجهي يدور في كل مكان أبحث عن هذا المخلوق الذي ذبح وحدتي ..
رأيت نفسي فجأة أمام رجل ضخم يحمل ورقة صغيرة جدا يقدمها إليّ ويقول:
" تفضلي "
شعرت وكأن قلبي قفز بين يدي .. هل هذا حلم أم واقع .. ؟ لم أقرأ الورقة .. سألته فقط ..
" ما هذه "
قال :
" انه جدي .. اختفى منذ شهر و نحن نبحث عنه وربما يكون هنا في هذا المكان "
قلت وقد بدأت أشعر بأنفاسي تعلو وتملأ المكان :
" والمطلوب ؟ "
قال بغضب ظاهر :
" سلامة فهمك .. المطلوب أن تفتحي جميع أدراج ثلاجتكم العامرة وتبحثين عنه "
قلت و أنا أظن أني أرد له غضبه بما يستحق :
" المعذرة .. سلامة فهمك .. أنا لا أعرف جدك ولا شكله "
أدخل يده بسرعة في جيبه ليخرج صورة وضعها أمام بؤبؤ عيني وقال :
" هاهو .. "
قلت بارتباك ظاهر :
" تعال إذن وابحث عنه بنفسك "
قال وقد فطن إلى حقيقة الأمر :
" عفوا .. أنت هنا لهذا العمل .. وقد تحوي ثلاجتكم العامرة نساء لا يصح أن أنظر إليهن .. ولهذا سأعود إليك بعد قليل لآخذ الإفادة .."
وهرب من أمامي قبل أن أنطق بحرف ..
تأملت صورة جدّه ، ثم أطلقت نظري في أرجاء الثلاجة التي تحوى أكثر من عشرين درجاً ، تراني هل أتجرأ و أفعلها ؟
ويح قلبي .. أنا التي يهلع قلبي لذكر الموت أجد نفسي فجأة أمامه وفي أكثر من صورة ؟
هل أنسحب ..؟
نعم .. هذا أفضل ..
أفضل ..؟ لمن ..؟
تخطر في ذاكرتي كلمة ( وإلا ) التي ترددت على مسمعي أكثر من مرة بسبب هذا العمل .. أم يقل ذاك الموظف أن المسألة " أكل عيش " ؟
أطل في الصورة مجدداً .. أجد قدماي تقوداني إلى داخل غرفة الثلاجة .. أقترب من أول درج .. أقرأ كلمة ( مجهول .. حادث سيارة ) مكتوبة على ورقة معلقة بإهمال على مقبض الدرج ..
المطلوب مني أن أفتح الدرج وأفتح عيني جيد وأتأمل الموت .. ألاحق تفاصيله .. أستكشف بصمته .. مطلوب مني أن أقارن الموت بصورة .. والمجهول بعلامة استفهام .. يالله .. ماذا أفعل .. قلبي يكاد يتوقف .. أمد يدي إلى الدرج أحاول سحبه .. إنه يترنح في الهواء .. أتراه فارغ ؟ أسحبه بهدوء ..
يا الله .. زلزال يضرب كياني .. إنها جثة طفل صغير .. أتأمله بخشوع .. كل كياني يبكي .. أي جبار عات دهس طفولتك وبراءتك أيها الصغير ؟ أي أرعن أخرق قطف بسمتك وداس فرحة أبويك وقذف بك إلى أحضان الموت ..
أحاول أن أمد يدي إلى جبهته .. لم أتردد .. لأول مرة في حياتي ألمس ميتا وأنا التي كنت أتحاشى الاقتراب من مريض .. لمست جبينه البارد .. عبثت يدي بشعره .. قوة غامضة دفعتني إلى تقبيل خده .. شعرت أني أقبّل عصفورا صغيرا ..
صوت يخترق أذني .. " عفوا ..مكانك ليس هنا " .. نظرت خلفي فإذا به ذاك الموظف الذي قذف بي صباحا إلى هذه الثلاجة ..
قلت وأنا أمسح دموعي وألملم مشاعري : " ألم تقل لي صباحا أن مكاني هنا وأن كشوفاتك تؤكد ذلك " ..
قال مرتبكا : " أرجو أن تعذرنيي .. يبدو أني لم أغسل وجهي جيدا هذا الصباح ولكن عندما سألوا في الصيدلية عن الموظفة الجديدة إكتشفت خطأي .. السماح منك مرة أخرى " ..
لم أفرح بالنبأ .. لم أفرح بالصيدلية .. نظرت إلى جثمان الطفل من جديد .. قلبي مذبوح وكياني مشروخ ويدي لا تريد أن تفارق وجه الطفل .. قلت للموظف :
" ما حكاية هذا الطفل ؟ "
قال : لا توجد حكاية .. طفل مشرد كان يتسول عند إشارة مرور دهسته سيارة طائشة .. لا أحد يعرف شيئا عن هذا الطفل ومنذ سنة والجثة هنا والشرطة ترفض دفنها قبل التعرف على ذويه ، وحتى من ارتكب الحادث لازال حرا طليقا .. على أي حال .. أرجوك .. يجب أن تذهبي إلى الصيدلية فورا قبل أن تحدث لي مشكلة .. "
قال كلماته تلك واختفى من أمامي .. وبقيت أنا وهذا المشرد الصغير .. يا لوعتي عليك أيها الملاك .. عشت مشردا وتموت مشردا .. عشت فقيرا وتموت مكسورا لتغفو وحيدا في ثلاجة من الصقيع .. قتلك الظلم وهرب .. دهستك القسوة واختفت ..
ماذا أفعل الآن يا ربي ..؟ أنا الآن صيدلانية " رسمي " .. ومكاني ليس هنا .. ولكن .. كيف أترك المكان وقلبي هنا .. وكياني هنا .. وإنسانيتي هنا .. كيف أغادر وعصفور يبحث عن الراحة ميتا ولا يريدونها له قبل أن يستكملوا أوراقهم .. هل يتصورن أن ضمير القاتل سيستيقظ بعد سنة ليقول : أنا من دهسه .. خذوني فغلوني ..؟
لن أترك يا صغيري تموت مرتين .. سأسعى إلى إخراجك من هذا القبر البارد ..
انحنيت عليه وقبلته من جديد .. ودموعي تغسل وجهه .. وهمست في أذنه : " أقسم لك يا صغيري أني لن أتركك هنا " وأغلقت درج الثلاجه وكأني أغلق قبرا على روحي ..

سراب
06-13-2011, 07:01 PM
لم يعد يزعجني أن أقف أمام المرآة ولا أرى وجهي .. لم يعد يؤلمني أن أمشي بين الناس ولا يلتفت أحد إليّ ..
ما أسعدني بهذه المساحيق .. وما أجملني بهذه الأقنعة .. وما أروعني بهذا البلهلوان داخلي ..!!

ذكرى الغالي
06-13-2011, 08:00 PM
سلمت يداك وقلمك الراقي
تقديري واحترامي
ذكرى الغالي

سراب
06-21-2011, 05:17 PM
عندما أذهب إلى سريري أضيء جميع الأنوار ..

أفتح جميع الأبواب ..

أخاف الوحدة .. أخاف الظلمة .. أخاف أن أحشر وراء أربعة جدران ..

ألقي بجسدي المتعب على سريري .. أبحث عن نوم .. لا ..

بل أبحث عن حلم ..

أبحث عن أغنية لم أسمعها في النهار ..

ابحث عن وجوه لم أصادفها في يومي ..

أبحث عن كلمة مورقة لم تصادفني في عمري ..

ولكن ..

لا أجد كل هذا فوق مخدتي ولا تحت لحافي ..

لانوم .. لا أحلام .. لابسمة .. لا همسة ..

مخدتي حجر كبير من الهموم ..

ولحافي بحر كبير من القلق ..

وسريري صحراء جرداء إلا من الجثث و المقابر ..

أتقلب في الظلمة .. أتألم في العتمة .. اقفز إلى الأحلام .. افتح الأبواب ..

اقفز إلى الذكريات .. افتح الجروح ..

اقفز إلى الشارع الطويل .. حيث الف وجه ووجه يطاردني .. يعاتبني .. ثم يتجاهلني ..

اقفز فوق ركام الأيام .. فوق غيوم الأحلام .. فوق منابع الأمل و واحات الفرح ..

ومع هذا يأبى النوم أن ينقاد إليّ ..

آلف رسالة اعتذار اكتبها إليه .. والف همسة حب اسكبها بين يديه .. والف وردة ازرعها على أوراقي ابعثها إلى بريده ..

فهل يأتي .. لا .. لا نوم .. لا إغفاءة .. لا راحة .. لا سكون

وأقضي ليلتي الملم العتمة عن عيني وقلبي ..

واقضي ليلتي ازرع نجوما في سماء المكان ..

واقضي ليلتي اركض خلف أفكار متناثرة متناحرة ..

ولا يطل الفجر على المكان إلا وجثث أفكاري متناثرة ..

هنا فكرة قديمة .. هنا فكرة عقيمة .. هنا فكرة عظيمة .. هنا فكرة غبية ..

وهذه .. أليست فكرة جميلة .. ؟

وتلك .. الم تكن بالأمس فكرة رائعة .. ؟

وما اتعس هذه الفكرة .. وما اقبح هذه .. وما أوقح تلك ..

انهض من فراشي .. انثر لحافي في الهواء فتتساقط أفكاري ..

و تتناثر همومي .. لا شيء سوى الأشلاء ..

لا شيء سوى بقايا أحلام .. لا شيء سوى النعاس يحاورني الآن ..

يهاجمني ..

بقايا الليل تختبئ تحت سريري ..

ونجمة فوق وسادتي تحمل برقية اعتذار من ليل ونوم لم يرأفا بحالي ..

مها يوسف
10-06-2011, 03:47 AM
الأخت الغالية سراب
شكرا لك من القلب على ما خطه ونثره قلمك
من خواطر رائعة
دام الخاطر والقلم ودمت بخير
مشكور يا عزيزتي

عطر الزهور
11-02-2011, 06:32 PM
سلمت يداك
صــح لـسـانـك
تقديري لشخصك الكريم
وبوحكـ الراقي
كل عام وانتم بخير

http://www.qanof.com/vb/images/z/foshei.gif