عامر الربعي
07-19-2011, 12:05 AM
أولـى الطـرقـات :
يعجبنـي من يـملــك عينيــه ,
ويَــرى ما يجــب أن يُـرى
في قلب الزوبـعــة ..
عاش أجدادنا في الجزيرة العربية في الزمان السالف حياة بسيطة ليس فيها فضيلة الفكر و الجدل و المنطق و الاحتجاج كان الناس على طريقة واحدة
و شيوخ القبيلة و أمراء القرية يسيرون على مبدأ (لا أريكم إلا ما أرى) , فلما دارت رحى الأيام و مضت الآماد تباعاً انتشى الصراع الفكري و تعددت المذاهب و الرؤى و أرى في هذا خيراً لنا و دلالة على السعة و لكن ما يحزن المتأمل في صفحة اليوم حقاً هو النظرة الوثوقية الحتمية في الرؤى لدى الشيع و المذاهب و بإقصائية عمياء للمخالف و كل حزب بما لديهم فرحون بآلية دجماطيقية , وددت هنا أن نطوف على بعض النوافذ الفكرية بعيداً عن الجدل البيزنطي و التراشق بالجمل و الانتصار للذات الذي انشغل به مفكروا هذا الوطن ...
إنما هي تأملات فكـريــة لمفكـرين أفذاذ أمـطرتهـا بـ (؟) فمنها ما نام ضعفاً و منها ما مـات من فرط كذبـه و منهـا ما اشتـد عوده , كان لي منهـا شيءٌ من صياغـة .
النـافذة الأولـى : ( حتـى أصبحــت كالخيــال البعيــد )
هناك مساحات من ذواتنا هجرناها فاستوحشـت و طال نحيبهــا , أراهـا آيســة من الاستيطـان ذابلــة من الفقــدان لا نهطـل عليها كثيراً حتـى أجدبت و اكفهـرت . بقيــت في أذهـان الكثيــر صـورة غامضــة تتدثــر الضبــاب -مهمـا جادلنـا- فمـن فكـر يومــاً في الرحيــل إلى مساحات التأمل و التفكـر و المساءلة و الاحتجاج في ذاتـه ؟
إنهـم قلــة .
النـافذة الثانيــة : ( صنـاعــة التـاريــخ )
إنّ الـدارس و المتـأمل في التـاريخ و منحنيـاتــه وهـاداً و قمـمــاً يجـد أن الصانـع له أحد أمـرين / مددٌ نزل من السمـاء أو فكــر نبت في الأرض .
فالإيمـان بالأول و الاقتنـاع بالثاني حول كل الأحداث من عالم المخيلــة إلى أرض الواقــع , فإن اسثنينــا الأول فالثاني من فروض و نظريات و أفكار و علوم مادة صنعــت الحـدث لا تكــون إلا بإعمــال الفكــر , فحضـارات البشــر على مـدى التاريــخ كانت نتـاج إيمــانٍ و فكــرٍ .
النافذة الثالثــة : ( الفكــر ناقــد نفســه )
إنّ الداعــي إلى خنـق الفكــر و مصادرتــه بسـوط الجلاد و عصـا المؤدب - كما يقول الإمام الغزالي - لـ هو شخـص غير قارئٍ للتاريــخ , الفكـر الجزئي للفرد و الكلي للجمـاعــة قد يخطـئ و يضل , إنَّـه لن يقــوّم أو يعــدل إلا بفكــر آخــر فالفكــر لا يسقـط و لا ينقـض إلا بفكــر آخــر .
النافذة الرابعــة : ( صنـاعة الكلام )
في التراث الجاهلي لم تردنـا مـادة (فكـر) بلفظهـا , أمّـا في القرآن الكريـم وردت في صيغـة الماضي و المضارع نحو 18 موضـع و جاء معناها في الدعـوة للنظـر في أكثر من 34 موضـع !!
لقد كان العـرب الجاهليين أكثرالناس حظـاً في زخـرفـة الكلمــة و يبقى ذلك منـطقيـاَ في مفهوم عصرهـم , أما غير المسـوغ هو استمراره بزخــم بالـغ في عهد الدول الإسلاميــة بعدمـا فتــح الإسلام رحـاباً للعقــل و آفـاقاً للقلــب لم تفتـح من قبــل و دعا إلى قراءة كتـاب الكـون و التفكيـر فيـه , (أعـطانا المفتـاح ولم نعـي) .
لقد وقــف العقــل العربي على (قفا نبــكِ) وقوفــاً أعجـز و شلَّ عن المعـرفـة و الإبتكـار , كحقـل مغناطيسي هائـل جذب العقل و الوجدان (كما يشبهه الدكتور المبارك) .
النافـذة الخامســة : ( أمثلـة بائسـة / غير أنهـا ابتدت و انتهــت بهــم )
الإهتمـام البالغ في الشعـر و النثــر و تأليفها و طبعها و نشرها أدت إلى نظـرة دونيــة إلى أهـل المعرفـة في علـم المادة , خذ مثلاً :
* سيف الدولـة يهب آلاف الدنانير لقصيـدة قيلــت , يرى أنّ 4 دراهــم في اليوم كافيــة للفارابي .
*عانى الكنـدي كثيراً و ألجـأتـه ظروفــه إلى العزلــة عن النّــاس .
* قضــى ابن الهيثــم بقيــة عمــره يكســب قــوت يومــه من نســخ الكتــب .
علــومٌ ابتدت بالأوائــل وبهم انتهـــت , جابر بن حيـان و شيء لا مثيل له في الكيميـاء و عمل الخوارزمي المذهل في الجبــر , و لم يتقـدم العـرب في علم البصـريات شيئـاً بعد ابن الهيثــم , و ابن سينـا و ابن النفيس و أمثالهــم , ماذا لو تلقــوا من حكامهـم تعضيـداً و تمويلاً و تشجيعـاً و فتح مدارس لينهـم منهم تلاميــذهم ؟
ربمــا لكنـا الآن أهـل السيـادة و كشـف أسرار المادة و قوانينهــا .
يقــول ابن خلـدون في مقدمتــه :
(( ثمَّ ظهـر في المشــرق جابر بن حيـان كبير السحــرة ..... لأن إحـالة الأجسـام من صورة إلى أخرى إنمـا يكون بالقـوة النفسيــة لا بالصنـاعة العلميــة))
لو حمـل أحد علم جابر لما وقـع ابن خلدون في هذه الركـاكـة العقليــة .
إنه ليحزن المتـأمـل أن يجـدها مواهــب أفراد لا اهتمام جماعات و إبداع أشخاص لا توجـه أمــة !
النافذة السـادســة : ( ولسنا اليوم عنهـم ببعيــد )
خذ هذه الإحصائيات من د. عبدالله الرشيــد نائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز العلمية في الرياض /
- متوسط إنفاق الفرد العربي على تعليمه هو 399 دولار يقابلها 6500 دولا في الدول الصناعيـة في نفس المدة
- المتفرغين للبحث العلمي في العرب لا يزيد عن 27 شخص لكل مليون و في إسرائيل وحدهـا 767 شخـصـأً .
- ما يخصص للبحث العلمي من الناتـج القومي لا يزيد عن 35 من كل 10 آلاف على غرار 280 في اليابان و 300 في إسرائيلـ . .
* (حقيقة هنا لا أملك إحصائيات جديدة بعد عهد الملك عبدالله الزاخر)
النـافذة السابعــة : ( نحن نهجـوا و لا نحـل )
أقل مجهودات العقل بذلاً لتهديـك بأن قوة الغــرب التي صيرتهـم مالكيـن للثـروة و النفوذ إنمـا هي في صناعتهــم للإبـداع و الإختــراع .
و لكـن كيف انتقــل الملتفــون بـ قطع الليل المعروفـة بـ عصور الظلام من الظل إلى دائـرة الإشراق و الإيراق ؟
بصـدق / تجربـة تحتاج التأمل و القراءة بأخذ جميلهــا وفق دينـنــا الحنيف , و لنقف عليهـا و ندع وقوفنــا نبــكِ على ذكرى أمجادٍ و أطلال !
النافذة الثامنــة : ( نظـرة في البحـوث العلميــة اليـوم )
إنّ البحوث العربيــة اليـوم في الغالب تفتقــر إلى الدهشــة , حتى في علوم المادة إنـنــا نراكــم معلومــات مكررة بلا إبداع و لا إضافـة و ننظر لأهل العلم من الغرب بسذاجـة مفرطـة أصبحنـا نقتات على عقولهــم حتى في بحوثنا العلميــة , إذن ما الفائــدة ؟
بحوثنـا أصبحــت وسيلــة لا غايـــة .
العذر على الإطالــة .
مسـحــة كفوف المودعيــن قبل الرحيــل :-
كن شيئــاً .
يعجبنـي من يـملــك عينيــه ,
ويَــرى ما يجــب أن يُـرى
في قلب الزوبـعــة ..
عاش أجدادنا في الجزيرة العربية في الزمان السالف حياة بسيطة ليس فيها فضيلة الفكر و الجدل و المنطق و الاحتجاج كان الناس على طريقة واحدة
و شيوخ القبيلة و أمراء القرية يسيرون على مبدأ (لا أريكم إلا ما أرى) , فلما دارت رحى الأيام و مضت الآماد تباعاً انتشى الصراع الفكري و تعددت المذاهب و الرؤى و أرى في هذا خيراً لنا و دلالة على السعة و لكن ما يحزن المتأمل في صفحة اليوم حقاً هو النظرة الوثوقية الحتمية في الرؤى لدى الشيع و المذاهب و بإقصائية عمياء للمخالف و كل حزب بما لديهم فرحون بآلية دجماطيقية , وددت هنا أن نطوف على بعض النوافذ الفكرية بعيداً عن الجدل البيزنطي و التراشق بالجمل و الانتصار للذات الذي انشغل به مفكروا هذا الوطن ...
إنما هي تأملات فكـريــة لمفكـرين أفذاذ أمـطرتهـا بـ (؟) فمنها ما نام ضعفاً و منها ما مـات من فرط كذبـه و منهـا ما اشتـد عوده , كان لي منهـا شيءٌ من صياغـة .
النـافذة الأولـى : ( حتـى أصبحــت كالخيــال البعيــد )
هناك مساحات من ذواتنا هجرناها فاستوحشـت و طال نحيبهــا , أراهـا آيســة من الاستيطـان ذابلــة من الفقــدان لا نهطـل عليها كثيراً حتـى أجدبت و اكفهـرت . بقيــت في أذهـان الكثيــر صـورة غامضــة تتدثــر الضبــاب -مهمـا جادلنـا- فمـن فكـر يومــاً في الرحيــل إلى مساحات التأمل و التفكـر و المساءلة و الاحتجاج في ذاتـه ؟
إنهـم قلــة .
النـافذة الثانيــة : ( صنـاعــة التـاريــخ )
إنّ الـدارس و المتـأمل في التـاريخ و منحنيـاتــه وهـاداً و قمـمــاً يجـد أن الصانـع له أحد أمـرين / مددٌ نزل من السمـاء أو فكــر نبت في الأرض .
فالإيمـان بالأول و الاقتنـاع بالثاني حول كل الأحداث من عالم المخيلــة إلى أرض الواقــع , فإن اسثنينــا الأول فالثاني من فروض و نظريات و أفكار و علوم مادة صنعــت الحـدث لا تكــون إلا بإعمــال الفكــر , فحضـارات البشــر على مـدى التاريــخ كانت نتـاج إيمــانٍ و فكــرٍ .
النافذة الثالثــة : ( الفكــر ناقــد نفســه )
إنّ الداعــي إلى خنـق الفكــر و مصادرتــه بسـوط الجلاد و عصـا المؤدب - كما يقول الإمام الغزالي - لـ هو شخـص غير قارئٍ للتاريــخ , الفكـر الجزئي للفرد و الكلي للجمـاعــة قد يخطـئ و يضل , إنَّـه لن يقــوّم أو يعــدل إلا بفكــر آخــر فالفكــر لا يسقـط و لا ينقـض إلا بفكــر آخــر .
النافذة الرابعــة : ( صنـاعة الكلام )
في التراث الجاهلي لم تردنـا مـادة (فكـر) بلفظهـا , أمّـا في القرآن الكريـم وردت في صيغـة الماضي و المضارع نحو 18 موضـع و جاء معناها في الدعـوة للنظـر في أكثر من 34 موضـع !!
لقد كان العـرب الجاهليين أكثرالناس حظـاً في زخـرفـة الكلمــة و يبقى ذلك منـطقيـاَ في مفهوم عصرهـم , أما غير المسـوغ هو استمراره بزخــم بالـغ في عهد الدول الإسلاميــة بعدمـا فتــح الإسلام رحـاباً للعقــل و آفـاقاً للقلــب لم تفتـح من قبــل و دعا إلى قراءة كتـاب الكـون و التفكيـر فيـه , (أعـطانا المفتـاح ولم نعـي) .
لقد وقــف العقــل العربي على (قفا نبــكِ) وقوفــاً أعجـز و شلَّ عن المعـرفـة و الإبتكـار , كحقـل مغناطيسي هائـل جذب العقل و الوجدان (كما يشبهه الدكتور المبارك) .
النافـذة الخامســة : ( أمثلـة بائسـة / غير أنهـا ابتدت و انتهــت بهــم )
الإهتمـام البالغ في الشعـر و النثــر و تأليفها و طبعها و نشرها أدت إلى نظـرة دونيــة إلى أهـل المعرفـة في علـم المادة , خذ مثلاً :
* سيف الدولـة يهب آلاف الدنانير لقصيـدة قيلــت , يرى أنّ 4 دراهــم في اليوم كافيــة للفارابي .
*عانى الكنـدي كثيراً و ألجـأتـه ظروفــه إلى العزلــة عن النّــاس .
* قضــى ابن الهيثــم بقيــة عمــره يكســب قــوت يومــه من نســخ الكتــب .
علــومٌ ابتدت بالأوائــل وبهم انتهـــت , جابر بن حيـان و شيء لا مثيل له في الكيميـاء و عمل الخوارزمي المذهل في الجبــر , و لم يتقـدم العـرب في علم البصـريات شيئـاً بعد ابن الهيثــم , و ابن سينـا و ابن النفيس و أمثالهــم , ماذا لو تلقــوا من حكامهـم تعضيـداً و تمويلاً و تشجيعـاً و فتح مدارس لينهـم منهم تلاميــذهم ؟
ربمــا لكنـا الآن أهـل السيـادة و كشـف أسرار المادة و قوانينهــا .
يقــول ابن خلـدون في مقدمتــه :
(( ثمَّ ظهـر في المشــرق جابر بن حيـان كبير السحــرة ..... لأن إحـالة الأجسـام من صورة إلى أخرى إنمـا يكون بالقـوة النفسيــة لا بالصنـاعة العلميــة))
لو حمـل أحد علم جابر لما وقـع ابن خلدون في هذه الركـاكـة العقليــة .
إنه ليحزن المتـأمـل أن يجـدها مواهــب أفراد لا اهتمام جماعات و إبداع أشخاص لا توجـه أمــة !
النافذة السـادســة : ( ولسنا اليوم عنهـم ببعيــد )
خذ هذه الإحصائيات من د. عبدالله الرشيــد نائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز العلمية في الرياض /
- متوسط إنفاق الفرد العربي على تعليمه هو 399 دولار يقابلها 6500 دولا في الدول الصناعيـة في نفس المدة
- المتفرغين للبحث العلمي في العرب لا يزيد عن 27 شخص لكل مليون و في إسرائيل وحدهـا 767 شخـصـأً .
- ما يخصص للبحث العلمي من الناتـج القومي لا يزيد عن 35 من كل 10 آلاف على غرار 280 في اليابان و 300 في إسرائيلـ . .
* (حقيقة هنا لا أملك إحصائيات جديدة بعد عهد الملك عبدالله الزاخر)
النـافذة السابعــة : ( نحن نهجـوا و لا نحـل )
أقل مجهودات العقل بذلاً لتهديـك بأن قوة الغــرب التي صيرتهـم مالكيـن للثـروة و النفوذ إنمـا هي في صناعتهــم للإبـداع و الإختــراع .
و لكـن كيف انتقــل الملتفــون بـ قطع الليل المعروفـة بـ عصور الظلام من الظل إلى دائـرة الإشراق و الإيراق ؟
بصـدق / تجربـة تحتاج التأمل و القراءة بأخذ جميلهــا وفق دينـنــا الحنيف , و لنقف عليهـا و ندع وقوفنــا نبــكِ على ذكرى أمجادٍ و أطلال !
النافذة الثامنــة : ( نظـرة في البحـوث العلميــة اليـوم )
إنّ البحوث العربيــة اليـوم في الغالب تفتقــر إلى الدهشــة , حتى في علوم المادة إنـنــا نراكــم معلومــات مكررة بلا إبداع و لا إضافـة و ننظر لأهل العلم من الغرب بسذاجـة مفرطـة أصبحنـا نقتات على عقولهــم حتى في بحوثنا العلميــة , إذن ما الفائــدة ؟
بحوثنـا أصبحــت وسيلــة لا غايـــة .
العذر على الإطالــة .
مسـحــة كفوف المودعيــن قبل الرحيــل :-
كن شيئــاً .