|
|
|
رد علي الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||
|
||||||||
الاعجاب بالنفس !!!!
هو اغترار المرء بنفسه و اعتباره لها فوق ما هي عليه من علم أو مال أو جاه، و ينشأ عن الجهل بحقيقة النفس و قيمتها و خفة العقل. و ينأ عنه الكبر و الصلف و العناد و الفخفخة و الاعتداد بالرأي و الاستخفاف و الازدراء بالغير و التهاون بالحقوق. و هو كما رأيت من أخبث الرذائل و مستنقع قذر ينبعث منه كثير من مفاسد الأخلاق.
و قد انتشر داؤه في كثير من البيئات الإسلامية، فأفسد عنها أخلاقها، و شوه غرائزها، و عطل مواهبها، و خرب ضمائرها و ذممها. يولد زيد من أبوين فيحتضنانه في خمائل الرفاه و الثراء، و لا تنفتح عيناه إلا و قد مات أبوه و ترك بين يديه ثروة طائلة لا يدري من أين دخلت، و لا يعرف كيف يتصرف فيها، فيدخله الزهو و الغرور و الإعجاب، فيرى نفسه كأنه في قمة جبل (القصَيْر الأحمر)[2] و الناس تحته منكسة الرؤوس، خاشعة الوجوه كالعبيد إزاء سيدها، رهن إشارته، تأتمر لأمره، و تنهي لنهيه، لا رأي إلا رأيه، و لا صواب إلا صوابه. يتخيل المسكين لغروره أن دراهمه تصرف إلى كل شيء و أنها معنى لكل شيء، هي الدين، هي العقل، هي الفكر، هي الرأي، هي العلم، هي الأدب، هي الفضيلة، هي الحق، هي الصواب، هي كل شيء. فإذا قيل الدين قال أنا، و إذا قيل العقل قال أنا، و إذا قيل الفكر و الرأي قال أنا، و إذا قيل العلم قال أنا، و إذا قيل الأدب و الفضيلة قال أنا. و لم يدر هذا المغرور أن فلوسه ليست بشيء إذ لم تكن تلك، و أنه خلو من كل شيء إذا خلا عن تلك، و لكن الإعجاب يبلغ بالمرء ما يبلغ الدخان المتصاعد في الجو، فإذا انتهى إلى ما انتهى إليه تبدد ذرات في الفضاء و أصبح لا شيء. من أجل تلك الدعاوى الفارغة يدعي الحق له في كل شيء، فتنفعل نفوس الضعفاء و الغوغاء بذلك، فتصبح في الحال من شيعته و أنصاره لتأثير ذلك الوهم عليها، و تلتف حوله فتقبل لإقباله، و تدبر لإدباره من غير ترو منها و لا شعور إذ احتل دماغها بشدة تأثيره كما يحتل الجان دماغ المصروع، فيتكلم عن لسان الجان و يتحرك عن إرادته، و لا يملك من إرادته هو شيئا، و قد حكم أمثال هؤلاء على أنفسهم بالفناء في شخصية مستعبدهم. و كم يتيه هذا المغرور بنفسه إذا رأى التفاف الغوغاء و البسطاء حوله،و كم يتشامخ و يعطس زهوا و إعجابا، إذ يتخذ تلك المظاهر الخلابة لبلههو بلادته كحجة قاطعة على صحة رأيه و استقامة نظره، و عند هذا تحدثه نفسه الزاهية بالدخول في المعامع، و تشييد مركز ممتاز فيها ليختلب به عقول الخاصة كما اختلب عقول الغوغاء من العامة، فهناك يصطدم بحصون و أسوار حديدية من عزة الحق و صولته، فيرجع خاسئا و هو حسير يقلب كفيه على ما كان عليه اعتماده و معوله من مجرد الفلوس و جموع الغوغاء التي تذهب إذا صهرتها نار الحق كما يذهب الزبد جفاء. هنالك تتمزق أغشية بلادته فيدرك حقا أن دراهمه ما هي إلا دراهم، و لن تتصرف بحال إلى تلك المآثر العظيمة، و أنه لم يود به و يرده في هوته إلا الإعجاب و الغرور و أنه لا سبيل في الحقيقة إلى تلك المآثر إلا سبيلها المسلوك، و لا باب لها إلا بابها المطروق، فيصبح إما ثائبا إلى رشده راجعا إلى حظيرة الحق و الصواب مقدرا قيمة نفسه بشبره، وازنا قدره بميزانه، و إما مذموما مدحورا قانعا بالإخفاق و الخيبة و الحرمان. يولد عمرو بين أسرة تتعشق العلم و تباهي به، فيودعه أبوه معهدا علميا، و لا يتذوق عسيلة العلم إلا و قد مات أبوه عن ثروة طائلة، فيصبح و هو طفل الأمس و تلميذ اليوم يعد نفسه من الإعجاب و الغرور بالأسرة و القبيلة علما و مالا، و هو أجهل من حماره، و أفقر نفسا من فأره، يذهب به الإعجاب مذاهب بعيدة جدا يرى فيها إسته في الماء أن أنفه في السماء، و أنه أهل لأن ترد إليه و تصدر إليه الجموع، و نظره لا يتجاوز نظر اليربوع، إنه العلامة الكبير المصلح، و هو لا يفرق بين ..[3] الأرض و الأرضح، و أنه هو الوالي الصالح الذي إذا غضب على أحد لا يفلح و وجهه كالح، و قلبه حالك ما زال غضب الله لهما …… . لا عجب، فالإعجاب يصور للمرء كل شيء مقلوبا، الإصلاح إفساداو الإفساد إصلاحا، الطاعة معصية و المعصية طاعة، الدين كفرا و الكفر دينا، الحلال حراما و الحرام حلالا، الواجب محرما و المحرم واجبا، الحق باطلاو الباطل حقا، العلم جهلا و الجهل علما، الورع سفها و السفه ورعا، الأفاضل أراذل و الأراذل أفاضل، و هكذا يقلب الصور و الأوضاع و الأشكالو الألوان، لكن هذا في نظر المغرور فقط، أما في نظر الحقيقة و الواقع فالأمور كلها هي هي لا تتبدل و لا تتغير. و قد يتأثر بعض الغوغاء بمثل هذا، فيحسب لغروره أنهم إنما تأثروا لفضله و مآثره، فيزداد زهوا و إعجابا، و يتخذ ذلك كبرهان على صحة حدسه و تخمينه، فيتخيل أن حوله قوة يمكنه أن يبلغ بها مآربه، فتحدثه نفسه بالدخول إلى معترك الحياة. و لمجرد ما يجد الجد و يحمى الوطيس يجمد دمه، و يتعقد لسانه و يذهب عنه رشده و صوابه. فأين ذلك العلم الغزير و الشقشقة الهذرية؟ و أين ذلك المال الواسع؟ تبخر مع دخان الإعجاب و الغرور، و لم يبق منه لا أنصافو لا أثلاث و لا أرباع. و أين تلك الغوغاء و السلاح المفلول؟ كل ذلك ذهب شذر مذر إزاء عزة الحق و صولته. و هل أجدى الإعجاب شيئا؟ كلا، لا نقيرا و لا فتيلا. قد يوبخ مثل هذا المغرور ضميره و يشخص له عاقبة الإعجاب من الخيبة و الإخفاق، عسى أن يشفق على نفسه فينزلها منزلتها، و لا يحملها ما لا طاقة لها به، و لكن سرعان ما يهجم عليه شيطانه فيوسوس له و ينفخ في أوداجه فيزداد تعاظما و شموخا و لكن في الفضاء، و لا يلبث أن يخر منه فيهوى في مكان سحيق. و لقد صدق الحكيم، إذ قال: "أخوف ما أخافه على الرجل إعجابه بنفسه" يولد بكر بين عائلة مفتونة بحب الجاه و التسلط على رقاب الناس فيرضع ذلك اللبن المسلول، فيحبو و يقوم و يمشي على رقاب الناس، ثم يشبو يترعرع و هو بين عائلته كالنخلة السحوق بين الفسائل، فيذهب به الإعجاب بنفسه إلى عنان السماء، فيتخيل أنه يطير بجناحي نسر في جو السماء، و هو لم يشعر أنه إنما يقفز في عشه بجناحي خفاش، و أنه باب المحامد و المصالح و هو عين كل مفسد طالح، و أنه يترجم عن المطالب و الرغائب و هو ترجمان المثالب و المعائب، و أنه الساعي بين الهيئات لإيجاد الالتحام والارتباط و هو الساعي بين الجموع بالفساد المعطل، الخلاط الملاط و الموقد كل فتنة بوقيدة الوشاية و الخيانة و النفاق و السبب في كل نبوة و كل شقاق. قد يتأثر بعض الأغبياء مما يرون فيه من لسانين في فيه. إما لداعي الغباوة، و إما لداعي الإفساد، و إما لداعي العصبية الجاهلية،فيتظاهرون بالالتفاف حوله فيحسب لغروره منهم ذلك لمكانته و منزلته و ظله لا يتجاوز أنفه فتحدثه نفسه -التي نفخ فيها الشيطان فتضخمت- بالنزول إلى الميدان فيركض فيه مع فرسان الحق، و لكن أنى له من مسابقتها و هو لم يعد للسباق إلا أرجل الخيلاء و الإعجاب. يأخذ في الجري فيتعثر في أول المضمار، و تخونه رجلاه فيسقط معفرا في التراب فتدوسه سنابك الحق فيبقى بين بكاء و عويل لا يجديه لسانه الطويل و لا جمعه الذليل، فيعيش أحقر من ذباب و أهون من ذرقة على باب.. تلك هي عاقبة الغرور و الإعجاب بالنفس. و قد رأيت أيها القارئ الكريم أن المغرورين المعجبين بنفوسهم، و إن اختلف سبب إعجابهم من ثروة و علم و جاه لكنهم يتفقون في الخيبة و الحرمان و اصطدامهم في سور الحق الحديدي، و لا مخلص لهم من ذلك إلا معرفة الإنسان نفسه و قياس قدره بشبره "و قد عاش من عرف قدره". و ليس قيمة الإنسان بماله أو علمه أو جاهه، و لكن بما يحسنه من فضائل الأعمال، و هذا إنما يكون بالتعليم الصحيح، و التربية الصحيحة، و مجالسة الأخيار، و مجانبة الأشرار، و الاهتداء بكتاب الله و سنة رسوله الكفيلين بالعز و السعادة في الحال و المآل، و الله الموفق للخير و الكمال. {منقووول لعموم الفائده} ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك |
12-05-2011, 12:37 PM | #2 |
فلـسفـة شـاعـر
|
و ليس قيمة الإنسان بماله أو علمه أو جاهه، و لكن بما يحسنه من فضائل الأعمال، و هذا إنما
يكون بالتعليم الصحيح، و التربية الصحيحة، و مجالسة الأخيار، و مجانبة الأشرار، و الاهتداء بكتاب الله و سنة رسوله الكفيلين بالعز و السعادة في الحال و المآل، و الله الموفق للخير و الكمال. طرح مميز وجميل كل الشكر لك أخيتي |
اقتباس |
12-05-2011, 01:00 PM | #3 |
ملكة الحــــــرف والكلمة
|
غلاتي
ايمااان حمد ومن أنا لارى من حولي عدم وانظر اليهم بنصف عين وكأنهم لا شيء للاسف تغيرت قلوب البشر واصبحت صلبة يابسة كالحجر دون رحمة نتعامل مع الانسان وكأنه عدم وننسى انه علينا مخافة الله وعلينا ان نكون اتقياء ليرتاح الضمير مما داخله من وسخ الايام وتعب السنين نعم غلاتي التقوى هي اساس مهم بحياتنا لتحييا ضمائرنا من خلالها فان مات الضمير فنحن نصبح عدم دون قيمة لذا علينا بمخافة الله لنرضي انفسنا ومن حولنا لننام بضمير هاديء مرتاح ونغمض اعيننا دون تعب لنرى الاخرين من حولنا كما يجب ان نراهم دون ان نعلوا عليهم بنظرة تكبر وغرور مودتي |
اقتباس |
رد علي الموضوع |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|