وحاصل ما سيق في معنى الحديث أن يصوم المرء شهر رمضان امتثالاً لأمر الله عز وجل, لا عادةً وتقليداً, ولا استطباباً وحِمْيَةً, ولا لأي غرض دنيوي, وأن يصومه بعزيمة صادقة, مريداً ثواب الله عز وجل, لا يبدي جزعاً ولا تذمراً, ولا يلتفت بقلبه إلى مخلوق ليرثي لحاله, ويشفقَ عليه ويمدّ له يد العون من أجل صيامه.
كما يجب على الصائم أن يحبس نفسه عن جميع المعاصي والمخالفات الشرعية, ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « الصيام جُنَّة, فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث, ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم».
والرفث الكلام الفاحش والجماع ومقدماته, والجهل يشمل جميع المعاصي كما أفاده الحافظ ابن حجر, بل وحكى اتفاق أهل العلم على ضرورة سلامة الصيام المحقق للتقوى والمؤثر في مغفرة الذنوب من جميع المعاصي, فقال رحمه الله:" اتفقوا على أن المراد بالصيام هنا صيام من سلم صيامه من المعاصي قولا وفعلا" [الفتح 4/109] , وجاء في الصحيحين أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يدع قول الزور والعمل به, فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» يقول الحافظ ابن حجر: "المراد بالزور هنا الكذب, والجهل, والسفه"[الفتح 4/117] والكذب والجهل والسفه يشمل جميع المعاصي القولية والعملية.
|