اخر الاخبار هنا اخر الاخبار هنا اخر ااالاخبار هنا

عدد الضغطات : 5,301
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز الموضوع المميز المشرف المميز
قريبا
بقلم :
قريبا

العودة   منتديات مشاعرهم الادبية > ۩۞۩الاقـــســــام الادبـــيــة۩ > اســـراب البــــوح
تحديث الصفحة كفاح أم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1  
قديم 05-06-2009, 10:36 AM
فقيد مشاعرهم والحرف والكلمه
محمود فالح مهيدات غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 17
 تاريخ التسجيل : Apr 2009
 فترة الأقامة : 5724 يوم
 أخر زيارة : 09-08-2011 (10:49 AM)
 المشاركات : 591 [ + ]
 التقييم : 11
 معدل التقييم : محمود فالح مهيدات is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي كفاح أم



كِفَاحُ أُمٍّ

كانتْ ليلةُ شتاءٍ باردةٍ، وباردةٍ جداً ... والسَّماءُ تعانقُ الأرضَ بِهطولٍ مطريًّ شديدٍ، ثُمَّ صَحِبَ المَطَرَ تَساقطٌ كثيفٌ للثلجِ، فاكتَسَتْ الأرضُ حُلَّةً بيضاءَ.

وهناك، في حَيٍّ قديمٍ مِنْ أحْياءِ البلدةِ، تَقْبَعُ غرفةٌ صغيرةٌ مبنيةٌ مِنَ الحَجَرِ والطِّينِ ... لها بابٌ خشبيٌّ ونافذةٌ صغيرةٌ ... يتسلَّلُ مِنْ شُقوقِ البابِ وحنايا النافذةِ شُعاعٌ خافِتٌ حَزِينٌ مُنبعثٌ مِنْ سِراجٍ كئيبٍ يعملُ بالكازِ. ومِنْ هناك، تنبعثُ أصواتٌ خافتةٌ يكادُ يخنقُها البردُ القارصُ، وتتصارعُ حشرجاتٌ حزينةٌ تتمردُ على الألمِ لتُسبِّحَ اللهَ تعالى وتحمَده.

دعاني الفُضُولُ إلى الاقترابِ مِنْ ذلكَ البيتِ الحَزينِ، فإذا بهِ يُؤْوِي أرملةً تحتضنُ أطفالَهَا الثلاثةَ وتضُمُّهُمْ إلى جَناحَيْهَا لتَدْفِئَتِهِمْ، وكأنَّهَا طائرٌ في عُشِّهِ يحتضنُ أفرَاخَهُ ويَضُمُّهًمْ تحتَ جَناحَيْهِ ... الأطفالُ يَتَضوَّرونَ جُوعاً، والأمُّ بيَدِهَا مِسْبَحَةٌ طويلةٌ تَذْكُرُ اللهَ وتُسَبّحَهُ وتمَجِّدُهُ وتَحْمَدُه على كُلِّ حَالٍ.

لمْ أتمالكْ نفسي ولمْ أستطع إيقافَ عَبَراتٍ انهَمرَتْ مِنْ عَينيَّ كما ينهمرُ المَطَرُ في تلك الليلةِ، فَتمرَّدَ الدَّمْعُ وانهمرَ، وقلبي يتفطّرُ ألَمَاً لذلك المشهدِ ... فذهبتُ إلى دارِنا، ووضَعْتُ ما تيسَّرَ مِنْ طَعامٍ في وِعَاءٍ، وأخَذْتُ نقوداً كنتُ قدْ ادَّخَرْتُها ليومِ العِيدِ الذي سيحلُّ بَعْدَ بِضْعَةِ أيامٍ .. وعُدتُ إلى تلك الغرفةِ البائسةِ الكئيبةِ ...

طَرَقْتُ البابَ ... مِينْ ؟!! ... أنا ... وَضَعْتُ الوِعَاءَ على عَتَبَةِ البابِ مِنَ الخَارجِ وَصُرَّةُ النُّقودِ فوقَ الوِعاءِ، ثُمَّ تَراجَعْتُ لِئَلا ترانيَ تلك المرأةُ المجاهدةُ ... وبَعْدَ أنْ تأكَّدْتُ بأنها قدْ أخَذَتْ الوِعاءَ والنقودَ، أقْفَلْتُ راجعاً إلى دارِنا.

لقدْ جَافاني النَّوْمُ في تلك الليلةِ، تَمثَّلْتُ قولَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ بأنَّ امرأةً تزاحِمُهُ على بابِ الجَنَّةِ، وهي امرأة ماتَ عنها زوجُهَا بعدَ أن حمَّلها أمانةً جسيمةً .. فَنَذَرَتْ نفسَها لرعايةِ أبنائِها الأيتامِ وتربيتِهِمْ ... فقلتُ في نفسِي: هنيئاً لكِ أيتُها الأمُّ الصابِرَةُ المكافحةُ دخولَكِ الجنةَ مَعَ نبيِّ الهُدَى والرَّحمَةِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.
عَزَفَتْ تلكَ الأمُّ عَنِ الزَّواجِ وآثرَتْ تربيةَ أطفالِهَا الذين فقدوا حَنانَ الأبِ ... لتكونَ لَهُمُ الأمَّ والأبَ في آنٍ واحِدٍ ... كَبِرَ الأطفالُ وشَبُّوا وتَزوَّجُوا وأنْجَبُوا، وشَقَّ كلٌّ طريقَهُ فِي مُعْتَرَكِ الحَياةِ، وسَجَّلوا نَجاحاً كبيراً ثَمرةً لجهودِ أمِّهِمُ المكافحةِ ... وما زالتْ تلكَ المرأةُ تَتَنَسَّمُ الحَياةَ مُبتهجةٌ وهي تشاهدُ فَلَذَاتِ كَبِدِهَا وأحفادَهَا يتسابقونَ على خِدْمَتِهَا طَلباً لِرضَاهَا، وليتنسَّموا نَفَحاتِ الجنَّةِ تحتَ قَدَمَيْهَا ... وما زالتْ تلك الغُرْفةْ ماثلةً شاهدةً على قِصَّةِ كِفَاحٍ ومعاناةٍ، شامخةً لتبقى جُزءًا مِنَ الذِّكرَياتِ ....!!!
...محمود فالح مهيدات/ أبوكارم ...

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك





 

الكلمات الدلالية (Tags)
كفاح


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 02:29 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by عــراق تــ34ــم
تنويه هام : الادارة ليست مسؤولة عن اي عملية تبادل دون علمها