03-19-2011, 01:10 AM | #91 |
كاتبة
|
بطاقة امستردام: كآبة التحفُّظ والتقينا في بهو الفندق آخر الليل في آخر العالم. يا للسخرية السوداء ، في ذلك "الاحترام" المتحفظ الجاد المتبادل بيني وبينك! نحن اللذين غطسا مرة في البحر مسحورين بضوء الغروب الوردي في مقهى الشاطئ بكامل أناقتهما، دون أن يخلعا ثيابهما ، أو يُلاحظا أن ذلك حدث لهما وأنهما مبتلان، ويتبادلان قُبلات البراءة أمام بقية الزبائن! يا للسخرية السوداء، في حب كان عفوياً كالريح والموج والتنهد، وصار مع الزمن صداقة لزجة، مثل كعك شاي بعد الظهر في فندق باريسي فخم! من قلَّمَ أظافرنا أيها الشقي.. الزمن أم الضجر؟ وكيف رضينا بالتحوّل من فهدين في غابة ملونة ترقص في الريح إلى كلبَيْ زينة يرتديان قميصين حاكتهما عجائز الثرثرة والشائعات بأيدٍ مثقلة بأساور الندم والذهب؟ تصافحنا كغريبين! هل لذراعك نبضات، وهل لقلبي دقات، وخلف "حقيقاتك" وحقيقاتي، هل تبقّى لنا وجه تحت القناع؟ |
اللهم بلغنا رمضان
اقتباس |
03-19-2011, 01:13 AM | #92 |
كاتبة
|
بطاقة من أثينا: المطالعة
أحاول عبثاً قراءة الأبجدية الإغريقية للتماثيل في المتاحف ذات الغبار المضيء، وأتذكر كيف كنتُ أتهجَى أطلس جسدك مغمضة العينين، وأتعلم القراءة بطريقة برايل... أتذكر كيف علّمتني دروس الفصاحة: صوت التقاء النار بالماء. شيء بين الصراخ والتنهد، في مهرجان الحواس. ... وكان الليل يهتدي بجسدك ، ويخترع المنارات. معك وعيت أن المنارة عتمة عاشقة كقلبي، أضاءت بأبجديات حبك... معك اكتشفت المطالعة في ملكوت ظلماتك. |
اللهم بلغنا رمضان
اقتباس |
03-19-2011, 01:13 AM | #93 |
كاتبة
|
بطاقة من شتاد السويسرية
أيها البدوي الجميل الذي يتحدّاني بصدقه. أربكتني حين كتبتَ لي رسالة الأشواق بخط يدك مذيلة بتوقيعك، مع الختم الخاص بمكتبك إمعاناً في التحدّي، وفي الحاشية هذه العبارة: "إذا كان يمتعك نشر هذه الرسالة، فلا تترددي، وليكن ما يكون". سارعت إلى إحراق رسالتك خوفاً من الإغراء.. لماذا لم تنجني من التجربة؟ أمعن هرباً إلى الثلج. تختلط وجوه أحببتها تتطاير نحو الضوء ثم تذوب ويبقى وجهك الصحراوي المشعّ. ترانا سنعرف معاً تلك اللحظات الهزلية العذية الصادقة الملقبة بالحب؟ أم سأبقى امرأة وحيدة فوق الثلج، سعيدة بحكاية حبها مع الحب وكراهيتها للحبيب؟ |
اللهم بلغنا رمضان
اقتباس |
03-19-2011, 01:15 AM | #95 |
كاتبة
|
بطاقة من نيويورك: الفراق
لا تقل لي إننا افترقنا لأنني رحلت... لقاؤنا صار فراقاً. الفراق هو أن نجلس متلاصقين في "كارنيجي هول"، نصفق لأغاني الحب، وكل منا يحتضن عود قلبه، ويتابع عليه عزفه المنفرد، وحيداً في غرفة عمره. الفراق هو أن نجلس إلى مائدة واحدة في الـ "غرينتش فيلاج" ، وكل منا يهيم وحيداً في مجرّته، كوكباً تكسوه الثلوج، مهرولاً في مدارات الظلمة الصامتة. لم أقتل شيئاً برحيلي، كان كل شيء قد مات، فحرّرتُ به شهادة وفاة! أنا الصرخة لا القاتل... من القاتل؟ أنت؟ أنا؟ الآخرون؟ ما الفرق؟ جثة الحب ثقيلة، والرحيل ولادة |
اللهم بلغنا رمضان
اقتباس |
03-19-2011, 01:20 AM | #96 |
كاتبة
|
حب في غرناطة
أطرق الليل برأسه مهموماً، فانسللت من وجومه واضرمت الحرائق في الذاكرة عند منتصف الليل في غرناطة... ومضيت في قطار الغجر والغيتار... لأقطف لك ضوء القمر عن رؤوس الأشجار، أخطّ بمائة بطاقة بريدية لعينيك... رفيقي البوم، أمير الطيران الليلي والدهشة والأسرار. حين أتذكرك، يلوح ضوء آخر النفق. بكل ذلك الحب العتيق المسوّر بالصمت، أكتب لك بالأثير فوق الريح، وأخطّ أعذب رسائل الحب الخفي كي أمزقها! أسطّر أكثرها رقة، بأصابع من الشوك لجسد من الأسلاك الشائكة. مثلك أنا، لا أؤمن بالحب من الرسالة الأولى، والفتوحات العاطفية على صهوة مكالمة هاتفية، لكنني أعرف أننا التقينا منذ قرون، في هذه التلال الغرناطية المحيطة بقصر الحمراء، وها أنا أسري خارج الزمان روحاً تسعى إلى أنفاسك الأليفة. أنصت إلى ثرثرة النيلوفر والبنفسج عنا، والماء الحيّ في نوافير "جنة العريف" يروي كالحكواتي حكاية حبنا الأندلسية، والأشجار تنصت على زند الماء العاري، وأنا مزدهرة بلقائك بعد قرون من تيهك عني بين العصور والنساء... في أيام غابرة كان لقاؤنا الأول. يومها كنا سادة نرفل في العزّ، لا نتسول تأشيرات سفر على بوابات القارات العدوانية. ها نحن نلتقي من جديد خارج الزمان والمكان. أتأملك . عيناك سوداوان كالحبر الصيني، أغمس فيهما أبجديتي وأخطّ لك هذه البطاقة البريدية الغرناطية. ويصرخ الليل: "أوليه"! |
اللهم بلغنا رمضان
اقتباس |
03-19-2011, 01:21 AM | #97 |
كاتبة
|
سحر العلاقات العسيرة ها نحن نتلو من جديد الأكاذيب العاطفية العتيقة كلها ونصدّقها! ونؤكد أننا روح في جسدين، ونستمتع بهراء كهذا، ونخط القصائد في إثباته! ها نحن نضحك طويلاً لنكات عادية، ويشتعل الكون بضوء غير عادي، حين تلتقي نظراتنا في مهرجان الأوكسحين المستعادة. أي أحمق لا يستسلم لحبه، بدلاً من الانكباب على دراسته علمياً وموضوعياً بعد تشريحه في المختبر؟ وهل عليّ اعلان منع التجول داخل شراييني، لتكف عن الركض هكذا في دورتي الدموية؟ استسلم لسقوطي معك إلى النجمة في قبة السماء، أغطي شفتيك بأصابعي كي لا تحاول أن تفسّر أو تبرر. كي نقبل الأشياء على علاتها. كي نحب علاتها! كي أحب طاقتك المذهلة على خداع الذات والصدق مع الشعر في آن، كي تحب غدري الوقح وقدرتي على النسيان، وترضى بحبي الوعر. ثمة ما يجعل حبك محبرة شاسعة، أجهل كيف أخطّ كلمة الحرية بغير حبرها! |
اللهم بلغنا رمضان
اقتباس |
03-19-2011, 01:23 AM | #98 |
كاتبة
|
جماليات الخيانة أحب خياناتك لي، فهي تؤكد أنك حي، عاجز عن الكذب وارتداء الأقنعة. توجعني الأقنعة أكثر من وجعي بالخيانة! أحبك لأنك متناقض. لأنك أكثر من رجل واحد. لأنك الأمزجة كلها داخل لحظة تأجج. أحب إيذاءك البريء لي وأنيابك التي لا ترعف خبث مصّاصي الدماء. أحب طعناتك لأنها لم تأتِ مرة من الخلف، ومع شاعر مبدع مثلك أنام ملء جفوني عن شواردي جنونك، فأنت لا تزال طفلاً نقياً، في بلاد لابسي القفازات البيض على أظافرها الخناجر. أحبك لأنك تتسلل هارباً من مجدك. لتعود متسولاً على أبواب الشوق. أحبك لأنني أتسلق معك المدارات لكواكب الخرافة والدهشة. أحبك لأنك حين نتواصل، أصير قادرة على فهم الحوار بين النوارس والبحر. رجل مثلك، لا تقدر على احتوائه عشرات النساء، فكيف أكونهن كلهن مرة واحدة يا حبيبي؟
|
اللهم بلغنا رمضان
اقتباس |
03-19-2011, 01:24 AM | #99 |
كاتبة
|
اغفر لنا فنحن لا نعلم... كم يشبه حبنا للبنان حب الولد لأمه. لا يعرف مدى لهفته عليها إلا حين يكاد يخسرها. من زمان ونحن لا نجهل أن لبنان يقع على خط الزلازل والهزّات بالمعاني كلها. زلزال في لبنان؟ زلزال جديد هو الأعنف منذ أربعة عقود ونيف؟ بل الزلزال في قلوبنا... ذلك الوطن الغالي الذي احتوانا جميعاً كيفما كنا ومن أية حانة أو مقبرة جئنا... وأياً كان المهرجان الطاووسي أو المصحّ العقلي الذي قذف بنا إليه... للبنان الحبيب أهمس عبر قارتين وموتين: سلمت لنا أيها المأكول المذموم. جئناك متعبين ثقيلي الأحمال، فأرحتنا. أكلنا من لحمك وشربنا من دمك وعثنا فساداً في أرضك وفخّخنا جرحك ، وآويتنا... حماك الله من شرورنا وزلازلنا وعسى أن تغفر لنا فنحن من فئة الذين لا يعلمون... وسلمت لنا واحة حرية تحتضن حتى أعداءها.. سلمت أيها الوطن الجميل القتيل.. ومباركة قيامتك كل مرة... |
اللهم بلغنا رمضان
اقتباس |
03-19-2011, 01:26 AM | #100 |
كاتبة
|
الأحد: لا أريد أن أستريح
لا أريد مجاملة الصدأ، على شفاه حنّطتها الرتابة الجافة القحطية. لا أريد الذهاب إلى محاضرات موبوءة بمقولات متشابهة كالأحذية أمام مدخل معبد بوذي. أريد أن يقترب العشب مني، وينمو فوق جلدي المقدد. تعبتُ ممن يهيل الحزن فوقي والرمل ويحاول وأدي في تلك القوالب الجاهزة. لم يعد ثمة وطن أو حبيب يستطيع تعليقي على حبال الذل والانتظار مثل ثوب نصف مهترئ غسلوه طويلاً بالمطهرات من الحياة والحب والشوق وشهية التحليق. لم يعد ثمة من يستطيع قصّ أجنحتي وهي تعانق الريح كالمراكب الذاهلة في عواصف العصر، أو حرماني من رحلاتي بين مكتبات العالم وأسرارها وحرياتها وغاباتها. سأمضي مع المجهول حتى قاع السماء أو قمم الأعماق... فقدري أن أكون نورساًَ يرحل بعيداً عن مهرجانات الأقنعة والببغاوات والرياء... وحبك يطلق سراحي من ذلك كله إلى المدى ويهمس: أمطري حيث شئتِ، فقلبك النورس عندي ! |
اللهم بلغنا رمضان
اقتباس |
رد علي الموضوع |
الكلمات الدلالية (Tags) |
السلام, الكاتبة, غاية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|