|
|
|
رد علي الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
05-05-2010, 03:46 PM | #11 |
|
59- طيران الإنسان في السماء قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) الأنعام0 يبين الله تعالى أن جميع دواب الأرض والطيور هي أمم مثل الناس، ومعنى أن كل نوع أو جنس منها أمة أنها تتبع نفسها، وتعمل لأجل ذاتها، وهو الملاحظ في تصرفات جميع الدواب والطيور0 ليس حديثنا عن أنواع الدواب والطيور وسلوكهن هو موضوع كتابنا 00 إنما كان استشهادنا بهذه الآية لإشارة عجيبة جاءت فيها ألا وهي قوله تعالى: ( ولا طائر يطير بجناحيه ) 00 فنحن على علم ويقين أن كل ما يسمى بطائر لا يطير إلا بجناحيه 00 فلماذا جاء ذكر الجناحين ؟0 جناحا الطير هما اللذان يمكنان الطائر من الطيران، فلولا دفع الطائر للهواء بجناحيه بقوة مرات كثيرة لما ارتفع الطير في السماء، فالجناحان هما مصدر قوة الطائر اللذان وهبهما الله تعالى له للسير في السماء، والانتقال خلالها إلى الأماكن القريبة أو البعيدة0 الطيور أجناس، وأنواع من الكائنات الحية التي تعيش على هذه الأرض، وتتكاثر وتحافظ على نوعها 00 وهي أمم مثلنا كما صرحت بذلك الآية0 لكن هناك طيور أخرى لها أجنحة لكنها ليست أممًا مثلنا، ولا مثل الطيور وتستطيع أن تطير بأفضل من الطيور وأسرع منها، وتبلغ ما لا تستطيعه الطيور0 هذه الطيور هي الطائرات المعدنية الصناعية؛ فهي تطير، ولكن ليس بقوة جناحيها إنما تطير بقوة دفع محركاتها ونفاثاتها، وما الأجنحة إلا للمساعدة على الطيران والاتزان 00 لهذا ميز الله تعالى الطير الحي الذي يطير بجناحيه عن هذه المخترعات التي شابهت الطيور وليست منها 00 إنها لفتة لطيفة لما يكون عليه الحال في المستقبل 00 وقد كان 00 وأصبحت هذه الطائرات التي لا تطير بجناحيها تعد بالعشرات بل بمئات الآلاف ويسافر في بطنها مئات الملايين في كل عام0 60- الهبوط بالمظلات من السماء قال تعالى: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15) الحج0 هذه آية أخرى تشير بلطف كبير إلى أحداث ستحدث في المستقبل في الأرض وفي السماء بعد زمن طويل من نزول القرآن0 ومعنى الآية في التفاسير أنه من كان يظن أن الله سبحانه وتعالى لن ينصر نبيه، أو ينصره هو، فليطلب حيلة توصله إلى السماء لأنها الجهة التي يأتي منها النصر، أو فليمدد بحبل إلى سقف بيته لأن سقف كل بيت سماؤه، ثم ليقطع عن الأرض فيخنق نفسه أو يختنق بغيظه، هل يذهب ذلك ما يجده من الغيظ ؟0 وكيف تطلب الحيلة لبلوغ السماء ؟ قالوها وفهموا مراد الآية، ولم يكن عندهم علم ولا تصور عن الكيفية0 اليوم ملكنا الحيلة، وملكنا السبب الموصل للسماء، فكيف يكون القطع؟ هل القطع المطلوب عن الأرض ؟ أم القطع عن السبب بعد بلوغ السماء ؟0 كل ذلك قد حصل في زماننا وأصبح من المألوفات التي لا ننكرها فالإقلاع بالطائرات يقطع الاتصال بالأرض ويجعلها بعيدة عنها في بطن السماء 00 وهذا يحدث في كل لحظة في الأرض والآلاف منها في السماء في كل وقت0 وترتب على الانتقال إلى بطن السماء بالطائرات القفز بالمظلات من بعضها، وقطع الاتصال بها، والنـزول إلى الأرض بأمان 00 يحصل ذلك في الحرب وفي السلم، وأصبحت هناك فرق استعراضية تمتع الناس بالتشكيلات التي يشكلونها في الجو0 ومعنى الاختناق بالحبل لا محل له في فهم الآية لقوله تعالى "ثم لينظر" فكيف ينظر من هلك بالاختناق 00 وكيف يذهب غيظه وقد ذهبت نفسه 000 ولكن المراد والواضح البين في هذه الآية هو الهبوط بالمظلات، والذي قد عرفه الإنسان أخيرًا ويفعله ويتدرب عليه0 فهذه الآية وما كان مثلها من الآيات التي أشارت بلطف لأمر يعد غيبيًا وقت نزول القرآن، حتى لا يحدث اضطرابًا لدى ضعفاء العقول وضعفاء الإيمان من الناس 00 ثم يأتي بعد ذلك زمان يبين ما ورد في الآية ويجليه ليعلم الناس أن علم الله سابق لكل شيء 00 وما وجود الأشياء وحدوثها إلا بإذن الله تعالى0 61- النفاذ من أقطار السموات قال تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن0 قد عرفنا معنى الأقطار واستدللنا بمعناها على أن للسموات حدودًا 00 وما بعد حدودها لا يعد منها0 وتطرقنا إلى معنى سلطان، وقلنا بأنه الوقود الشديد الاحتراق والإضاءة عند اشتعاله، وهو نفسه الذي أعطى القوة الدافعة للصواريخ والمركبات الفضائية في عملية النفاذ إلى الفضاء الخارجي؛ للتغلب على جاذبية الأرض ومادة السموات معًا0 ولكننا لم نتكلم عن النفاذ، النفاذ هو الدخول في الشيء وتعديه، والنفاذ على نوعين نفاذ يتجاوز الشيء ويقطع علاقته به، ونفاذ يكون لجزء منه ويظل له تعلق به؛ كالسهم الذي يتجاوز الرمية بالخروج منها بعد دخولها، ونفاذ يكون بخروج السهم من الطرف الثاني، ولكن تبقي منه بقية عالقة بالرمية0 ولكل نوع من هذا النفاذ عمله في النفاذ من أقطار السموات والأرض، فالنفاذ الذي فعله الإنسان أيضًا على نوعين: نفاذ تعدى السموات وبقي مرتبطًا بالأرض عن طريق الجاذبية فاتخذ مدارًا له حول الأرض 00 وفي هذا النوع من النفاذ كل الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض0 ونفاذ يقطع علاقته بالأرض والسموات، وهو الذي يخرج من جاذبية الأرض؛ لينطلق في آفاق الكون بعيدًا عن الأرض وجاذبيتها 00 وهذا قد حصل في الذهاب في مركبات فضائية إلى القمر والمريخ والزهرة، وما أرسل إلى بقية المجموعة الشمسية وخارجها0 62- النـزول من السماء الآيات التي جاء فيها ذكر نزول المطر وغيره، من غير تحديد كثيرة، ونستشهد بآيتين منها فقط؛ قال تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) البقرة0 وقال تعالى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) سبأ0 مادة نزل تستعمل في إيصال ما لا تستطيع أنت الوصول إليه0 فالله تعالى ينـزل لنا المطر؛ لأننا لا نستطيع الوصول إليه، وأنزل إلينا الكتاب؛ لأننا لا نستطيع أن نصل إليه ونأتي به، ومن ذلك إنزال الذين كفروا من أهل الكتاب من صياصيهم0 فكل ما ينـزل من السماء هو مما لا نستطيع أن نأتي به أو نصل إليه والانتفاع به 00 والنـزول من السماء وصف آخر لنوع من الحركة التي لا تحكم للإنسان فيها، ولا يراد بها طبيعة الحركة، بل يراد بها العلاقة بين النازل والمنـزل إليه0 وعلى ذلك يفهم نزول الله إلى السماء في أي وقت شاء، فلا يقاس عليه نوع من الانتقال أو الحركة؛ لأن النـزول لا يراد منه ذلك، بل فيه بيان أن الناس لا يستطيعون الوصول إلى الله عز وجل، لكن الله تعالى هو الذي يصل إليهم، وهو تعالى الذي يكون قريبًا منا بالكيفية التي يشاؤها سبحانه وتعالى لنفسه0 ونزول الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا أفردنا له بابًا في آخر الكتاب0 63- الخرور من السماء الخرور: السقوط بسرعة وشدة من فقدان الشيء تمالكه لنفسه، والمحافظة على بقائه ثابتًا في موضعه، أو على طريق سيره0 قال تعالى في آيات عديدة: - : (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) مريم. : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (26) النحل0 : (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) سبأ0 : (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) الأعراف0 : (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) السجدة0 تخر الجبال عندما لا تقدر على الثبات في مكانها إذا انشقت الأرض، وخرت جثة سليمان عليه السلام ولم تثبت عندما أكلت دابة الأرض منسأته التي كان عليها متكؤه، وخر موسى صعقًا عندما لم تتمالك نفسه أمام رؤية دك الجبل أمام عينيه، ويخر المؤمن ساجدًا لله إذا ذكر بآياته0 أما آية الحج فتتحدث عن أمر آخر، عن الخرور من مكان لا ثبات فيه، هو الخرور من السماء0 قال تعالى: (حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) الحج0 ما الذي أوصله إلى السماء حتى خر ؟ 00هل خر من مكان عال في السماء من رأس جبل أو بناء شامخ ؟ 00أو أنه وصل إلى السماء بطريق أخرى كما يرتفع الطير في جو السماء ؟ 00أو وصل إليها بطريق مجهولة غير معروفة لدينا ؟ مادة خر تستعمل فيما أحدث صوتًا من سرعة جري، أو سقوط، أو اندفاع نفس بغير إرادة، كالغطيط الذي يحدثه النائم000 ولكن كيف تخطفه الطير؟0 الخطف: استلاب الشيء نفسه، أو بعضه، أو أخذ شيء والذهاب به سريعًا0 الطيور الجارحة تهاجم الطيور الأخرى في الجو لافتراسها ولكن هذه الطيور لا تكون في وضع الخرور من السماء، بل هي تحاول وتحاور للإفلات منها0 هل من ينـزل بالمظلة يكون في وضع من الخرور من السماء 00 لكن ما الذي يلتقطه في السماء وهو في سرعة في أثناء الهبوط ؟ أو هل سيحدث هذا في المستقبل؟ أو أن الطائرات والصواريخ المرسلة في السماء تعترضها صواريخ فتحطمها0 أو أن المظلة هي تخطف الذي يخر من الطائرة بعد القفز منها، فتحمله فتطير به متحكمة به، فيهبط بها ببطء حتى يصل الأرض سالمًا0 أيًا كان التصور في هذه الآية فقد أنبأت بفعل يقوم به الإنسان قبل قيامه به بقرون طويلة؛ من ركوب للطائرات، والقفز بالمظلات الذي هو نوع من الخرور من السماء قبل فتح المظلة في الألعاب البهلوانية، التي يقومون بها أو بعد فتح المظلة 00 فهذا حال المشرك بالله كحال المعتمد على المظلة تهبط به ولا ترفعه، أو تهوي به الريح آخذة به إلى مكان سحيق حيث يكون في ذلك هلاكه0 64- جو السماء قال تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79) النحل0 الجو: وسط البيت حيث تكون حركة أهل البيت، والجو: كبد السماء وبطنها، حيث تكون حركة الطيور والسحاب والهواء، والجواء: محلة القوم وسط البيوت حيث تكثر حركة الناس وانتقالهم بين البيوت، وجوانية الإنسان: باطنه وسره، وجاوى بالإبل وهي بعيدة فهاجت وهي مقبلة، والجوة: لون الحديد عندما يتغير ويصدأ، وجوى الطعام والمكان واجتواه: لم يوافقه فكرهه، والجوى: الهوى الباطن، والمرض، والسل وشدة الوجد من عشق أو حزن، والجوي: الماء المنتن الذي تغير0 فاستعمال مادة جوى كان في المكان أو الموضع الذي يكون في حركة واضطراب وتغير0 وجو السماء باطنها الذي يظهر فيه الحركة والاضطراب، فترى السحب سابحة فيه، والطيور طائرة ومهاجرة فيه، وهذا الاضطراب هو سر حركة السحب وطيران الطيور وخاصة المهاجرة التي تستعين بالتيارات التي تقلل من جهدها، وتوفره لتقطع به آلاف الكيلو مترات0 65- السحاب في السماء السحاب الذي في السماء له دلالة من اسمه على نوع آخر من الحركات في السماء، فالسحاب من اسمه يدل على عملية السحب التي تجري له في السماء من فوق البحار إلى البر0 السحاب في أول أمره ينشأ ليكون فوق البر أو البحر، يبدأ خفيفًا0 قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) الروم0 ثم يجعله ثقيلاً قال تعالى: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) الرعد0 فإذا ثقل احتاج إلى دفعه وسوقه فقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) الأعراف0 وقال تعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) فاطر0 وفي حركته يمر على كل شيء دونه قال تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل0 والسحاب سحاب فوق البحر أو فوق البر قال تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) النور0 وفي سقوطه انتهاء سحبه وفقدانه لصفته قال تعالى: (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) الطور0 وهذا السحاب، في دورة مائية، فمرة يكون سحابًا في السماء، ومرة يكون ماء في الأرض، فهو مما سخره الله تعالى بين السماء والأرض؛ أي ارتبط بهما معًا، وليس هناك فاصل بينهما قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) البقرة0 66- جبال في السماء جاء تشبيه الجبال والتشبيه بالجبال في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم: تشبيه السحب بالجبال في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) النور0 وتشبيه الأمواج بالجبال في قوله تعالى: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) هود0 وتشبيه مرور الجبال بالسحاب في قوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل0 هذا الربط بين الجبال والماء في حالاته الثلاث؛ الغازية والسائلة والجامدة له أكثر من دلالة: - أن الجبال مرت في هذه المراحل الثلاث، فالجبال البركانية تخرج في بداية تكوينها سائلة ومعها كميات من الغازات، وبعض هذه الغازات كالكبريتات والدخان تتكثف على فوهات البراكين وحولها، وينتهي أمر السائل البركاني إلى تكون الجبال طبقة فوق طبقة0 - أن تشبيه حركة الجبال بمرور السحاب التي جاء اسمها من حركة سحبها، هو الدال على حركة الأرض حول نفسها، وهو بمثابة حركة ومرور للسطح أو القشرة على مركز الأرض أو الأجرام السيارة وتوابعها في المجموعة الشمسية 00 ونحن نتعرف على حركة الأجرام حول نفسها من مراقبة تغير وضع نتوءات الجبال المستمر في اتجاه ثابت 00فتغييرات السطح التي أهمها الجبال هي الدالة على حركة الأجرام المشاهدة حول نفسها 0 والسحاب في الحالة الغازية الصرفة لا يرى، وليس الغاز في كل حالاته غازًا صرفًا، فالدخان في حالة غازية، ولكنه يتكون من أجزاء صلبة دقيقة، يمكن جمعها ككتل صلبة والسحاب غاز وهو يتكون من حبات سائلة في أحجام صغيرة، وقد تكون جامدة أيضًا من برد صغير 00 أما إذا لم يكن بين جزيئات الغار ارتباط واتصال فتكون في حالة غازية خالصة0 - أن تشبيه الأمواج بالجبال في علوها يعطي نفس الصورة للبر بجباله 00 فالنظر من أعلى إلى وجه البر كالنظر إلى أمواج في كل اتجاه متباينة الارتفاعات لكنها ثابتة في مواضعها 00 وما ارتفاع الجبال وانثناءاتها إلا بسبب قوى الدفع التكتونية والتصادم للصفائح القارية؛ فكونتها كما تكون قوة دفع الهواء الأمواج على وجه الماء0 - إن رؤية السماء بغير اختلاف فيها لا يدل على حقيقتها، فالسماء فيها ارتفاعات وانخفاضات كوجه البر من الأرض 00 وهذا معلوم في حركة الطائرات، وما تواجهه من المطبات الهوائية 00 لذلك يحدد سير الطائرات في خطوط لتقليل أثر تضاريس الأرض في تضاريس السماء 00 إن كان هذا يعلمه الخاصة، فالعامة تعرف الأمطار على الجبال والمرتفعات أكثر بكثير من المطر على المناطق المنخفضة بسبب تأثير تضاريس الأرض في طبقات السماء 00 فلا عجب إن شبهت السحب بارتفاعها وتنوع أشكالها أو مما لا يرى مما هو معلوم من حقيقتها أن تكون في السماء جبال كالأرض0 - أنه جاء ذكر جبال في السماء مع ذكر البرد؛ لأن البرد في الحالة الصلبة، كما هو حال الجبال وكذلك فإن البرد يتكون بسبب تيارات هوائية ترفع قطرات الماء المتكثفة إلى أعلى؛ حيث تنخفض درجات الحرارة دون الصفر، ويزداد حجمها ووزنها مع تكرار عملية الخفض والرفع، حتى تصل إلى حجم يثقل على الهواء حمله فينـزل بشكل برد0 - أن النظر إلى السحاب من أعلى من حيث تبلغ الطائرات في ارتفاعاتها تراها تحتك كأنها جبال لكنها في السماء0 وأهم خصائص الجبال أنها ثابتة فجاءت آيات كثيرة بينت اتخاذها بيوتًا وأكنانًا ومكانًا للاعتصام للإنسان وغيره0 وقد سميت القرون الأولى من الناس بالجِبِلَّة من نفس مادة جبل في آيتين؛ في قوله تعالى: (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) الشعراء0 وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) يس ووجه ذلك أن هؤلاء الأقوام السابقين هم في حالة موت وسكون لا حراك لهم، ومن ناحية أخرى قدمهم كما هو الحال في الجبال أيضًا، وثالثة تعلق الناس بهم، والالتجاء إليهم، والتمسك بسيرهم من الضلال، كما الحال في اللجوء إلى الجبال للاعتصام بها0 67- بكاء السماء قال تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) الدخان0 ورد في تفسير هذه الآية أقوال كثيرة: أن موضع صلاة الإنسان، ومصعد عمله في السماء يبكيان عليه إذا مات، وذكر أقوال كثيرة على بكاء السماء عند مقتل الحسين رضي الله عنه ، مما لا يصح عقلاً ولا نقلاً، وقد قتل سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه وثلاث من الخلفاء الراشدين عمر، وعثمان، وعلى بن أبي طالب رضي الله عنه ، وعلي أفضل من ابنه الحسين وما رأى الناس شيئًا مثل ذلك0 وكيف تبكي السماء على من فاز بالجنة فأصبح من المقربين في الفردوس الأعلى؟!0 وروى الترمذي حديثًا في هذا الباب وقد ضعفه:[(3178) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه ِ صلى الله عليه وسلم مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَلَهُ بَابَانِ بَابٌ يَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ وَبَابٌ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ فَإِذَا مَاتَ بَكَيَا عَلَيْهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ يُضَعَّفَانِ فِي الْحَدِيثِ *] سنن الترمذي0 وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ، في كسوف الشمس، يوم مات ابنه إبراهيم في عشرات الأحاديث الصحيحة نذكر واحدًا فقط: (983) حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ النَّبي ِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا) رواه البخاري0 أقول على نفس منهج الرسول صلى الله عليه وسلم: السموات والأرض هما خلقان من خلق الله، آيتان من آيات الله، لا يبكيان على أحد ولا يضحكان لأحد0 وأما النفي في قوله تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ) فهذا النفي للبكت، وليس للبكاء، وأصلها بكتت حذفت إحدى التاءين من أجل الثقل والحذف في مثل هذا في اللغة والقرآن كثير0 التبكيت: لغة التوبيخ والتقريع والتعنيف واستقبال المرء بما يكره، وبكته: ضربه بالعصا وبالسيف0 وعلى هذا المعنى والنفي الوارد في الآية أنه لم يأتهم ما يكرهون من السماء ولا من الأرض 00 فعندما تسمع ذلك أو تفهمه 00 تظن أنه لم يأتهم أي عذاب، فنفي أن يكون أصابهم من العذاب القليل هو نفي للعذاب الشديد0 ولكن الله تعالى ختم الآية بما ينفى هذا الفهم الذي تولد في صدر الآية فقال تعالى: (وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) أي لم يتركهم الله دون عذاب ولم يمهلهم0 إذن ما الذي الحدث ؟ لقد أغرقهم في اليم 0 فختمت الآية بما يوافق صدرها0 ولو كان "بكت" من البكاء لا من البكت لاختل المعنى لأن نفي البكاء يدل على العذاب الموجب له، ولما احتاج القول إلى نفي أنهم لم يكونوا منظرين لأنهم قد عذبوا فعلاً0 فالآية نفت البكت وليس البكاء والسماء والأرض لا يبكيان على أحد، وحمرة السماء التي قيل فيها ما لا يستحق الوقوف عليه، ظاهرة طبيعية نتيجة انكسار الضوء عند المغيب فافهم ذلك0 68- والسماء ذات الرجع قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) الطارق0 وهذه صفة أخرى من صفات السماء تبين حقيقة من حقائق السماء 00 فبعد أن تعرف الإنسان على مكونات السماء الغازية وجد أن هناك دورة للمياه، ودورة لكل عنصر من عناصر الغازات0 فالماء الذي ينـزل من السماء، ويسقط على الأرض، إما أن يتجمع ويجري لينتهي في البحار، وإما أن يلج في الأرض ليخرج ينابيع وأنهارًا، ومن كل تسقى الأرض، وما يسقى به يلج بعضه أيضًا في الأرض، وإما أن يتبخر مباشرة من البر قبل أن يلج في الأرض ثانية، وإما أن ينتح من سطوح أوراق النبات الذي امتصه، أو يتبخر من سطوح البحار ليرجع مرة ثانية إلى السماء في دورة مستمرة في الأرض0 أما غاز الأكسجين فإن الإنسان والحيوان يتنفس هذا الغاز، وكذلك النبات في الليل، ويمتص الجميع هذا الغاز لعمليات الاحتراق الداخلية في هذه الكائنات الحية في البر والبحر، أو في احتراقها بعد موتها عندما تتحول إلى وقود من فحم، وخشب، وبترول، وغاز الميثان، وغير ذلك، مخرجة ثاني أكسيد الكربون0 وغاز ثاني أكسيد الكربون تمتصه النباتات محررة الأكسجين فتكتمل دورة من الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بين الكائنات الحية وجو السماء، ونفس الدورة أيضًا تحدث بين صخور الأرض، وبين جو السماء بوساطة الماء0 أما أكسيد النيتروجين فينـزل مذابًا مع الماء، فتستفيد منه النباتات بوساطة البكتيريا، ليعود ثانية نيتروجينَ إلى الجو بعد تحلل النباتات0 نلاحظ أن جميع عناصر الجو ترجع إليه ثانية بعد تحولها في الأرض، والكائنات الحية، مصداقًا لقوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) الطارق0 هذا غير رجوع ما يرتفع فيها من الطير والغبار والإنسان في طيرانه، وحتى لو خرج إلى الفضاء فلا بد له من الرجوع لأنه لا مستقر للكائنات الحية إلا في الأرض، وبفعل الجاذبية يعود أيضًا ما يقذف فيها ثانية إلى الأرض0 [ ;509254][FONT="Simplified Arabic"][COLOR=#333333] 69- إرسال السماء مدرارًا قال تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (6) الأنعام0 : (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) هود0 : (يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) نوح0 جاء في هذه الآيات الثلاث إرسال السماء عليهم مدرارًا وليس إرسال الماء من السماء مدرارًا0 وذكر ذلك بهذه الصورة هو تقرير من الله العالم بحقيقة مكونات السماء، فالمطر النازل المسبب للأنهار، وكثرة الخيرات لا تأتي إلا بمطر كثير، ومعه ما ذاب فيه من غازات السماء؛ أكاسيد النيتروجين ، والأكسجين ، وثاني أكسيد الكربون ، وما علق فيها من غبار، وكل المذكور هو مادة السماء، فنـزول المطر بهذه الصورة هو إرسال للسماء لأن ما أرسل هو جزء منها ويدوم أثره في التربة فتجري منه الأنهار، وينبت الزرع، ويكون سببًا لكل خير، فتكثر الأموال، ويكثر البنون ويزدادون قوة إلى قوتهم0 وإذا نزل المطر بغزارة فإن لا ترى فوقك، وأمامك، وأسفل منك إلا المطر 000 وإنك لا ترى من السماء إلا المطر 000 فلا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب 00 فالسماء كلها مرسلة عليك إذا كانت مدرارًا0 70- إسقاط السماء كسفًا وصف تعالى السماء بأنها مجموعة كسف، ومنها السحب في خمس آيات؛ ثلاث منها في باب الوعيد والتهديد؛ قال تعالى: (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) الشعراء0 : (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) سبأ0 : (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) الإسراء0 وآية جعل فيها تعالى السحاب كسفًا: قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) الروم0 وآية اختلطت فيها التسمية على الناس عن واقع الحال: : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) الطور وسبب هذا الاختلاف في التسمية مرجعه أن السحاب سمي بهذا الاسم، وهو في حالة الحركة الأفقية والمرور على ما تحته 00 أما إذا تغير حاله فاسود من تراكمه، واختفت حركته، ولم تعد تلاحظ فيه، وسقط على الأرض مطرًا، أو بردًا، فتسميته لا تصلح للحال الجديد وهذا التغير الذي حدث له0 مادة كسف هي في التغيير المؤقت الذي يطرأ على الشيء، ثم يعود بعد ذلك لحالته الأصلية0 فكسف حال المرء في الصحة والغنى والمكانة: تغير مؤقت يحدث له0 والسحاب في تغير دائم في أثناء حركته، وهو نفسه قد تغير من الانتشار والاختفاء بين أجزاء السماء إلى التجمع والظهور بشكل سحاب0 وكل أجزاء السماء قابلة للتغير من حالتها الغازية إلى السائلة أو الصلبة، وإن كان بخار الماء هو أكثرها استجابة للتغييرات من غيرها إلا أن الإنسان يسيل غازات السماء لحاجاته في بعض الأمور0 وكسوف الشمس هو تغيرها بسبب وقوع القمر في مسار ضوئها الواصل إلى الأرض، وكسوف القمر هو تغيره بسبب وقوع الأرض بين الشمس والقمر على مسار ضوء الشمس المرسل إلى القمر0 وقد غلب على الناس، وفي الوسط العلمي تسمية تغير الشمس بالكسوف، وتغير القمر بالخسوف، والصحيح كلا الأمرين كسوف، أما الخسوف فهو الغياب الذي لا عودة بعده0 فقد قال تعالى في هلاك قارون الذي لا عودة له إلى الدنيا بعد هلاكه: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) القصص0 وقال تعالى في خسوف القمر يوم القيامة الذي لا عودة للقمر بعد جمعه بالشمس: (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) القيامة. وإليك جدولاً بما ورد من الكسوف والخسوف في كتب الأحاديث التسعة الأكثر شهرة وتقديمًا فقط: ينكسفان 37 ينخسفان 6 انكسفت الشمس 32 انخسفت الشمس 5 يكسفان 1 يخسفان 30 كسوف القمر 2 خسوف القمر - كسوف الشمس 22 خسوف الشمس - كسوف الشمس والقمر 5 خسوف الشمس والقمر 1 الكسوف 75 الخسوف 14 المجموع 174 51 من الجدول يتبين لنا أن الكسوف استعمل أضعاف الخسوف، وما ذكر من خسوف الشمس في قصة كسوفها أنها كسفت كاملة، وهذا ما يدل عليه في طول كسوفها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف لسورة البقرة في الركعة الأولى، وفي الثانية قرأ دونها، مع أن ملاحظة كسوف الشمس لا يكون حتى يغلب تأثيره على الشمس، ولا يلاحظ ذلك في بدايته، وبعض ألفاظ هذا الجدول لم يرد في الأحاديث، لكن ورد في التبويب لهذه الأحاديث0 ولم يرد لفظ خسوف الشمس منفردة ولا القمر منفردًا مع أن كسوف القمر حدث يتكرر كل عام0 فلفظ الكسوف والخسوف ورد للشمس وورد للشمس والقمر، ولفظ الخسوف لم يرد للقمر إلا مقرونًا مع الشمس، ولم يرد وحده، فصرف الخسوف للقمر، والكسوف للشمس لا دليل عليه، أو لا اتفاق عليه، ولا يتناسب مع دلالة هذين اللفظين، فالكسوف جزئي ومؤقت، ثم يرجع الحال كما كان والخسوف دائم بغير عودة، وقد استعمل الخسوف علامة على كلية الكسوف، ولفظ الكسوف هو الأعلى وهو الأكثر ورودًا في الأحاديث التي جاء فيها ذكر حدث وحيد كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم 0 ولعل ما يفسر كثرة ورود " ولا يخسفان لموت أحد" هو من تناسب الألفاظ؛ فالخسوف الذي يفيد الغياب بلا عودة يناسب الموت الذي لا عودة بعده للحياة الدنيا0 وكذلك جاء لفظ "خسوف" عند ذكر الثلاثة الخسوف التي هي من علامات يوم القيامة الكبرى، وفيها غياب لا رجعة بعده0 وعدم التفريق بين اللفظين والوقوف على خصائص كل لفظ هو الذي يجعل السامع والناقل للحديث لا يرى في نقله غضاضة إن قال خسف أو كسف، أو يفطن لذلك 00 لهذا جاء في الأحاديث اللفظان في قول واحد لحدث واحد . يتــــــــبع |
اقتباس |
05-05-2010, 03:48 PM | #12 |
|
71- ما بين السماء والأرض وما بين السموات والأرض لفظ ما بين السماء والأرض لفظ يدل على شيء ثالث له علاقة بهما معًا، وقد يفهم على أنه شيء ثالث فاصل بينهما 00 وهذا الفهم لا يصح في كل أحواله، وقد يكون خاطئًا0 فالمصلح بين اثنين مثلاً لا يكون مع أحدهما، بل هو معهما معًا، ولولا ذلك لما استطاع الإصلاح بينهما0 قال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) الحجرات0 وقال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) النساء0 وإذا كانت السماء تبدأ من وجه الأرض 00 فأين هذا الفاصل بينهما ؟0 فما بين السماء والأرض هو شيء ثالث غيرهما له علاقة وارتباط بهما معًا، ووجه هذا الارتباط بينهما في الحالة التي عليها السموات والأرض: - أن يكون الذي بينهما جزء منه في الأرض وجزء منه في السماء، وهذا الذي عليه جميع النباتات التي لها جذور في الأرض وفروعها في السماء، ولو في شيء يسير منه0 - أو أن يكون الذي بينهما يرتكز على الأرض، وجسمه وحركته في مادة السماء، وهذا الذي عليه الإنسان والدواب، فالحركة له في بطن السماء، في نفس الوقت الذي يرتكز في سيره على الأرض0 - أو أن يكون الذي بينهما تارة يكون على الأرض، وتارة يكون في السماء، وهذا الذي عليه الطيور الطائرة، وكذلك الماء مرة يكون سحابًا ومرة ماء ساكنًا في الأرض أو جاريًا على وجهها، وما يثار من غبار يرتفع في السماء ثم يرجع إلى الأرض0 وقد جاء ذكر ما بين السماء والأرض في آيتين فقط؛ : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) الأنبياء0 : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) ص0 أما ذكر ما بين السموات والأرض فقد جاء في ثماني آيات:؛ : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) الدخان. : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) الحجر0 : (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) طه0 : (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) الفرقان0 : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4) السجدة0 لاحظ في هذه الآيات أنه لم يأت ذكر لليل والنهار، ولا للشمس والقمر، ولا ذكر للإنسان، بفعل بدني يقوم به، أو قد قام به مما سنبينه في المبحث التالي مع بقية الأمثلة0 72- لا يجتمع ذكر الليل والنهار أو الشمس والقمر مع القول "وما بينهما" في آية واحدة الآيات المتعلقة في هذا المبحث كثيرة، تزيد على خمس وثلاثين آية، وعرضها جميعًا مع ما فيها يطول 00 لذلك اقتصرنا على بعضها كأمثلة عن البقية: : (ِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) البقرة0 : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) آل عمران0 : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) الأنعام0 : (ِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الأعراف0 : (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) الزمر0 هذه الآيات الخمس المختارة تبين عدم ذكر "ما بينهما" مع ذكر الشمس والقمر والليل والنهار أو ما يكون منهما من الظلمات والنور0 والعلة في عدم ذكر ما بينهما أن الشمس والقمر والليل والنهار هما سبب ما بينهما من وجود الحياة في الكائنات الحية النباتية والحيوانية، فبدون الشمس وضوئها وحرارتها تنعدم الحياة، وهما سبب في حركة الكائنات الحية وطيران ما يطير منها أو سكونها وخلودها للنوم0 وكذلك في تبخر الماء، وتشكل السحب، وسقوط المطر كله بسبب تقلبات الليل والنهار في الصيف والشتاء0 فذكر الشمس والقمر، والليل والنهار الذي يكون عنهما يغنى عن ذكر ما بينهما، لأنهن سبب فيما كان بين السموات والأرض، وكذلك لا يجتمع ذكر الناس بأفعالهم مع القول ما بينهما؛ لأن الإنسان هو مما بينهما وفعله وحياته متعلقان بكل ما بين السموات والأرض من كائنات حية واستعمال الماء وبناء البيوت والأبنية0 ونختار من الآيات ثلاثًا كأمثلة لتوضيح وبيان ما أشرنا له: قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) ق0 : (مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) الأحقاف0 : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) الروم0 في آية "ق" لم يذكر فعل للإنسان، والإعراض والتفكير الواردان في آيتي "الأحقاف" و"الروم" هو عمل ورفض قلبي وعقلي، وليس عملاً بدنيًا، فذكر ما بينهما لا يتعارض مع ما ذكرناه0 أما في آيتي آل عمران والأعراف التاليتين: : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) آل عمران. : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الأعراف0 ففيهما فعل للإنسان ؛ ففي الآية الأولى قيام وقعود وعلى جنبه، وفي الثانية النظر، ولا يكون إلا بالعيون مع تقلب الوجه في السماء 00 فانظر إلى دقة التعبير القرآني، ومراعاته لأدق التفاصيل التي يعجز عنها البشر0 وآية أخيرة تحتاج الوقوف عليها في سورة الشعراء ذكر فيها "ما بينهما"0 في قوله تعالى: (قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) الشعراء0 لما ذكر "ما بينهما" مع أن الشروق والغروب من فعل الشمس، فبالشروق تفيق الكائنات الحية، وبالغروب تأوي إلى بيوتها وتسكن حركتها 00 إلا أن المراد بذلك، والله تعالى أعلم، لم يرد ذكر الجهة التي تشرق منها الشمس والجهة التي تغرب فيها فقط ولم تشر الآية مباشرة إلى المكان الذي بينهما الذي فيه حركة الناس والكائنات الحية المتأثرة بالغروب والشروق؛ لذلك حسن ذكر "وما بينهما" للدلالة على الناس والكائنات الحية0 ولما كان هذا القول في الأصل من قول موسى عليه السلام في الرد على فرعون في المحاورة بينهما، وأراد موسى عليه السلام مع ذكر المشرق والمغرب ذكر الناس لإعلام فرعون ومن معه أن الذي يحرك الناس ويسكنهم هو الله، وليس فرعون ، فكان ذلك أكثر شدة على مدعي الألوهية؛ فرد ردًا شديدًا بقوله: (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) الشعراء0 73- بث الدواب في السموات والأرض أخبر تعالى في سورة الجاثية أنه بث الدواب من دون تحديد المكان، وإن كانت الدابة قد سميت باسمها لأنها تدب على الأرض للوصول إلى حاجاتها، فقد قال تعالى: (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) الجاثية0 ثم ذكر تعالى أنه بث الدواب في كل الأرض من المنخفضات فيها إلى رؤوس الرواسي، قال تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) لقمان0 وقال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) البقرة0 ثم ذكر تعالى أنه بث الدواب في السموات والأرض: : (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) الشورى0 نحن نعيش في بيئة من السماء والأرض، فالسماء من أمامنا ومن خلفنا كما هو الحال مع الأرض، فأنت محاط بهما معًا في حياتك كلها، وفي مسكنك الذي تسكن فيه، ومعك في ذلك جميع دواب الأرض0 فانظر إلى قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) سبأ0 وتأمل قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) النحل "من دابة" أي من دابة في الأرض وفي السموات، فكلها يسجد لله، فهذه الآية توافق آية الشورى التي قبلها0 فالدواب، وإن كانت سميت بالدابة لأنها تدب بحركتها على الأرض لتصل إلى ما تريد، فإن جسمها يتحرك في بطن السماء القريب من الأرض دون أن تفارق الأرض؛ سواء أكانت الأرض شديدة الانخفاض كغور الأردن، أم شديدة الارتفاع كالقمم التي تغطيها الثلوج الدائمة0 ولماذا سميت الدابة بهذا الاسم ؟0 ولماذا سمي الدب من دون الحيوانات التي تدب على الأرض بهذا الاسم ؟0 ولماذا سميت الأرضة بدابة الأرض في القرآن الكريم ؟0 قال تعالى: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) سبأ0 وهل تحافظ الدواب عند انتقالها إلى السماء ومفارقتها الأرض على الصفة التي حملتها في اسمها ؟0 فال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) الأنعام0 جاءت مادة "دبب" لكل متحرك يريد الوصول إلى حاجاته، والتواصل مع غيره، فخص بالحيوان دون النبات؛ لقدرتها على التحرك والانتقال والتواصل0 واختصت ذوات الأربع بهذا الاسم أكثر من غيرها لقدرتها على حمل الأثقال على ظهرها وتوصيلها إلى أماكن بعيدة0 ولما كان الفرس من الدواب الأكثر استعمالا للركوب، والانتقال، والوصول إلى الأماكن، والأهداف في السلم والحرب خص بالدابة أكثر من غيره0 والدب؛ لاستطاعته الوصول والعيش في أماكن لا يقدر الإنسان على الوصول إليها في الأقطاب، والبقاء فيها زمنًا طويلاً، سمي بالدب0 أما تسمية الأرضة بدابة الأرض فلأنها لا تفارق الأرض أبدًا، فإن تسلقت حائطًا، أو نباتًا بنت لها عليه من طين الأرض مسكنًا وممرًا، وهي في حركتها وانتقالها تسعى للوصول إلى السقوف، وما علا من الأشياء والأماكن فوق مساكنها0 ولما كانت الدواب تصل بحركتها لما تحتاجه، واستعملنا الدواب للوصول بها إلى حاجاتنا ذكر تعالى: (وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) وهي إشارة للطائرات الصناعية التي حلت مع غيرها محل الدواب في استعمالها، وخصها بالذكر لأنها هي الأسرع في الوصول إلى حاجات الناس وتوصيلها، ولم تسم هذه الصناعات بالدواب لأنها لا تصل إلى الأشياء بفعل نفسها، وليس لها حاجات تسعى للوصول إليها، إنما هي حاجات من صنعها، أما الدواب فلها حاجات خاصة بها، والإنسان استفاد من قدرتها فاستخدمها وسخرها لحاجاته0 وهل الذي ورد في آية (يس) يشمل كل ما يركبه الإنسان ؟0 قال تعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) يس0 الخلق غير مختص بذات الروح فقط، وقوله تعالى: (وخلقنا لهم من مثله ما يركبون) بعد ذكره تعالى للفلك الذي صنعه نوح عليه السلام بأمر من الله، وهو بغير روح، له دلالته على أن خلق الله لما يركب ليس مقصورًا على ذوات الأرواح؛ كالخيل، والبغال، والحمير، وغير ذلك مما يركب، ولم يكن قد هجن وروض في زمن نوح عليه السلام، بل هو شامل لكل ما يصنعه الإنسان للركوب، كان عمله في البر أو البحر أو الجو، مما يعجب الإنسان من قدرته على الحركة في الأرض أو في السماء0 وقد جاءت هذه الآية في منَّ الله على البشرية بنجاتهم في الفلك إذ لولا نجاة من كان في الفلك لهلك الجنس البشري، فكانت النجاة لنا جميعًا0 ولولا تقدم المواصلات البرية والبحرية والجوية، وسرعتها، وقدرتها على حمل المقادير الضخمة من المواد الغذائية، والأثقال لهلك كثير من الناس المحتاجين في أقاصي الأرض للمواد الغذائية في السلم، وفي الحرب، وفي المجاعات، والنكبات من زلازل وغيرها، وهذا يتناسب مع الفهم بأن الله خلق لهم من مثله ما يركبون0 وفي الآيات التي ذكرت الخلق ذكر البث فقال تعالى: "وبث من دابة" أو "بث فيها" أو "فيهما من دابة" والبث أن يولد من الشيء شيء كثير يتعاظم ويتزايد، فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) النساء0 فمن نفس آدم وحواء كل هذه المليارات من البشر0 وقال تعالى: (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) الواقعة0 فمن كتلة الجبل المتماسكة يخرج هباء بعد هباء كثير حتى يملأ السماء 0 وقال تعالى: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) القارعة0 فتشبيه حال الناس يوم القيامة بالفراش المبثوث الذي يثير بعضه بعضًا ويهيجه، والفراش مما يكثر نسله، فكل فراشة تضع مئات من البيض الذي يتحول إلى فراش بعد مروره بأطوار في زمن قصير0 وقال تعالى: (وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) الغاشية0 الزرابي: البسط والنمارق، ولمعرفة سبب تسميتها بهذا الاسم ننظر في أخواتها في الجذر؛ فمن ذلك الزريبة؛ وفيها تحشر الماشية، وفي الزرابي تحشر الخيوط فيكون لها وبر طويل ذو ألوان كثيرة، ورسوم، فزرابي النبات إذا اصفر واحمر وفيه خضرة، أي تجمعت فيه ألوان كثيرة، ووصفها بأنها مبثوثة مما انبث فيها من الألوان والرسومات والصور، وهي من الكثرة في كل مكان، أو أنك تستطيع أن تبسطها من كل جوانبها، وأنها منتشرة بكثرة في الجنة0 وقال تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يوسف0 عندما يبث الإنسان حزنه ويكثر من ذكره، فيؤثر هذا البث في السامعين فيحزنون لحزنه، وقد كان هذا الفعل من يعقوب عليه السلام، وكان مؤلما لأبنائه ويضايقهم، فبين أن بث شكواه، وما يجده في نفسه، موجه إلى الله، وليس إليهم؛ لأنه سبحانه وتعالى بيده إنهاء هذا الحزن، ورد يوسف عليه السلام وكشف ما حدث له0 فالدواب قد تكون كائنات حية، وبثها يكون بتناسلها وكثرة ذريتها، فتنتشر في الأرض، وقد تكون مصنوعات لها منفعة الدواب، وتقوم مقامها، وهي ثقيلة في حركتها، وقد يسمع صوت لحركتها وانتقالها، والطائرات، والسفن، والقطارات، والشاحنات الشديدة الثقل، التي لا يساوي ثقلها كائنًا حيًا، مما تعجب من قدرتها على الحركة أو الطيران بهذا الثقل الذي يبلغ أحيانًا مئات الأطنان، وتعجب من سرعتها وهي تحدث صوتًا عظيمًا عند تحركها لإيصال من يركبها إلى الأماكن البعيدة، فأحدثت بين البشر اتصالاً لم تقدر عليه الدواب من قبل0 وقد خص الله تعالى ربط الدواب الحية بالأرض لتمييزها عن الدواب المصنوعة التي تسير في السماء، وإن كان لبعضها قدرة على الطيران في السماء 00 ووجد بعض العناكب في طبقات عالية في السماء لكنها محمولة رغمًا عنها بتيارات الهواء0 وهل هناك بعد قوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) دابة أخرى في غير الأرض والسموات ؟0 لم تأت أية إشارة صريحة في القرآن على وجود دواب في غير الأرض، فكل الآيات التي ذكرت بث الدواب ذكرت أن بثها كان في الأرض، وآية واحدة فقط ذكر بثها في السموات مع الأرض، ولم تأت آية فذكرت بثها في السموات فقط، مع أن مفهوم السموات هي هذه الغازات التي غلفت الأرض وأطبقت عليها من كل الجهات0 وذكر السموات (بالجمع) مع الأرض والدواب التي لا تعيش إلا في الأرض في مسألة بث الدواب لهو دليل واضح على ارتباط السموات مع الأرض وشدة القرب والالتصاق بينهما يتـــــــــبع |
اقتباس |
05-05-2010, 03:49 PM | #13 |
|
74- من الأحاديث التي شوشت فهم السموات وسعتها: (ما بين كل سماء وسماء خمسمائة عام) : (3216)حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ ( وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ) قَالَ ارْتِفَاعُهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَسِيرَةُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ رِشْدِينَ و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَارْتِفَاعُهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قَالَ ارْتِفَاعُ الْفُرُشِ الْمَرْفُوعَةِ فِي الدَّرَجَاتِ وَالدَّرَجَاتُ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ * سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن0 قال علماء الحديث في رشدين بن سعد: أحمد بن حنبل: مرة أرجو أن يكون صالح الحديث / ومرة ضعفه، يحي بن معين: لا يكتب حديثه، عمر بن الفلاس: ضعيف الحديث، أبو زرعة الرازي: ضعيف الحديث، أبو حاتم الرازي: منكر الحديث، فيه غفلة، وقال أحمد بن حنبل عن دراج: حديثه منكر0 : (8472) حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ مَرَّتْ سَحَابَةٌ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ قَالَ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعَنَانُ وَرَوَايَا الْأَرْضِ يَسُوقُهُ اللَّهُ إِلَى مَنْ لَا يَشْكُرُهُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَا يَدْعُونَهُ أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ فَوْقَكُمْ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ الرَّقِيعُ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ وَسَقْفٌ مَحْفُوظٌ أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الَّتِي فَوْقَهَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ سَمَاءٌ أُخْرَى أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سموات ثُمَّ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعَرْشُ قَالَ أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ ثُمَّ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا هَذَا تَحْتَكُمْ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَرْضٌ أَتَدْرُونَ مَا تَحْتَهَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَرْضٌ أُخْرَى أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرَضِينَ ثُمَّ قَالَ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ دَلَّيْتُمْ أَحَدَكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى السَّابِعَةِ لَهَبَطَ ثُمَّ قَرَأَ ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) * مسند أحمد باقي مسند المكثرين0 قال علماء الحديث في الحكم بن عبد الملك: أحمد: روى عن زهير أشياء مناكير، يحي بن معين: ضعيف ليس بثقة وليس بشيء، أبو حاتم الرازي: مضطرب الحديث، أبو داود: منكر الحديث، النسائي: ليس بالقوي0 (1676 حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ عَنْ عَمِّهِ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَدْرُونَ مَا هَذَا قَالَ قُلْنَا السَّحَابُ قَالَ وَالْمُزْنُ قُلْنَا وَالْمُزْنُ قَالَ وَالْعَنَانُ قَالَ فَسَكَتْنَا فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قَالَ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ وَمِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ رُكَبِهِنَّ وَأَظْلَافِهِنَّ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ قَالَ عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ * مسند أحمد مسند بني هاشم 0 قالوا في يحيى بن العلاء: وكيع بن الجراح: يكذب، أحمد بن حنبل: كذاب يضع الحديث، يحيى بن معين: ليس بثقة، عمرو بن الفلاس: متروك الحديث، أبو داود السجستاني: ضعفوه، أبو زرعة الرازي: في حديثه ضعف0 3220 حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالُوا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَأَصْحَابُهُ إِذْ أَتَى عَلَيْهِمْ سَحَابٌ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا فَقَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ هَذَا الْعَنَانُ هَذِهِ رَوَايَا الْأَرْضِ يَسُوقُهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْكُرُونَهُ وَلَا يَدْعُونَهُ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهَا الرَّقِيعُ سَقْفٌ مَحْفُوظٌ وَمَوْجٌ مَكْفُوفٌ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ سَمَاءَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سموات مَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ بُعْدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا الَّذِي تَحْتَكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهَا الْأَرْضُ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا الَّذِي تَحْتَ ذَلِكَ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ تَحْتَهَا أَرْضًا أُخْرَى بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرَضِينَ بَيْنَ كُلِّ أَرْضَيْنِ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّكُمْ دَلَّيْتُمْ رَجُلًا بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَالَ وَيُرْوَى عَنْ أَيُّوبَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالُوا لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالُوا إِنَّمَا هَبَطَ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ وَعِلْمُ اللَّهِ وَقُدْرَتُهُ وَسُلْطَانُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ كَمَا وَصَفَ فِي كِتَابهِ *سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن0 4100 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ كُنْتُ فِي الْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّتْ بِهِمْ سَحَابَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ قَالُوا السَّحَابَ قَالَ وَالْمُزْنَ قَالُوا وَالْمُزْنَ قَالَ وَالْعَنَانَ قَالُوا وَالْعَنَانَ قَالَ أَبو دَاود لَمْ أُتْقِنِ الْعَنَانَ جَيِّدًا قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا بُعْدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قَالُوا لَا نَدْرِي قَالَ إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً ثُمَّ السَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سموات ثُمَّ فَوْقَ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ أَظْلَافِهِمْ وَرُكَبِهِمْ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِمُ الْعَرْشُ مَا بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ عَنْ سِمَاكٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ سِمَاكٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ * سنن أبي داود كتاب السنة0 قالوا في عبد الله بن عميرة، الذهبي: لا يعرف، ابن عدي: ضعفه، العقيلي: ضعفه، إبراهيم الحربي: لا أعرفه، الترمذي: حسن حديثه، وابن حبان وثقه0 وقالوا في الوليد بن أبي ثور، يحي بن معين: ليس بشيء، ابن نمير: كذاب، أبو زرعة الرازي: منكر الحديث يهم كثيرًا، أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه، يعقوب بن سفيان وصالح جزرة: ضعيف0 189 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ كُنْتُ بِالْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ وَفِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ قَالُوا السَّحَابُ قَالَ وَالْمُزْنُ قَالُوا وَالْمُزْنُ قَالَ وَالْعَنَانُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالُوا وَالْعَنَانُ قَالَ كَمْ تَرَوْنَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ قَالُوا لَا نَدْرِي قَالَ فَإِنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا إِمَّا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ سَنَةً وَالسَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سموات ثُمَّ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِنَّ الْعَرْشُ بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ اللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى * سنن ابن ماجة كتاب المقدمة0 الأحاديث التي ذكرت البعد ما بين كل سماء وسماء كلها ضعيفة، ومخالفة للآيات التي بينت حقيقة السموات، فالكاذبون فيها لا يعرفون أن معنى ما بينهما هو ما اشترك معهما، وليس فاصًلا بينهما، ولا فاصل بين السماء والأرض، ولا بين السموات والأرض، ولا بين السموات نفسها0 والحمد لله الذي وهب للأمة من العلماء الذين كشفوا حقيقة الرواة، ولولا جهد هؤلاء العلماء للعب في ديننا اللاعبون0 وهذه الأحاديث يستشهد بها ممن لهم كلمة مسموعة وشهرة بين المسلمين من الخطباء والدعاة دون التحقق من هذه الأحاديث فزادت شهرتها بين المسلمين ظانين أنهم لم يستشهدوا بها إلا على أنها صحيحة، ثقة بالمحاضر أو بالداعية فصاروا يحتجون بها 00 وحقيقة صحتها قد بيناها لكم، فلا يصح منها شيء ، ولا يجوز الاستشهاد بها، ولا يبنى عليها عقيدة في ذلك0 75- أطت السماء وحق لها أن تئط 2234 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مُوَرِّقٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ قَالَ أَبو عِيسَى وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ * الترمذي0 4180 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ * ابن ماجة0 20539 حَدَّثَنَا أَسْوَدُ هُوَ ابْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مُوَرِّقٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ لَوْ عَلِمْتُمْ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ وَلَخَرَجْتُمْ عَلَى أَوْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ قَالَ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ * أحمد0 هذه الأحاديث رويت عن طريق مجاهد عن مورق عن أبي ذر رضي الله عنه، ومجاهد بن جبر المخزومي توفي (102هـ) في مرو بلد إقامته ومورق بن مشمرج العجلي توفي (105هـ) وبلد إقامته البصرة، وأبو ذر توفي عام 32هـ في الربذة بعد اعتزال الناس فيها وترك الشام والمدينة وبين وفاة مورق وأبي ذر 73 سنة، وحتى يسمع منه يحتاج أن يكون في سن البلوغ، إضافة إلى سني اعتزال أبي ذر، وبلدا الإقامة لهما مختلفان، فعلى هذا حتى تصح هذه الأحاديث يجب أن يكون هناك بينهما اتصال، وأن يكون مورق قد تلقى العلم من أبي ذر، وأن يكون مورق قد بلغ قرابة التسعين من عمره عند موته أو يزيد0 هذا من ناحية، وناحية أخرى أن إبراهيم بن مهاجر راوي هذه الأحاديث ضعيف، ضعفه البخاري رحمه الله وغيره0 فهذا الحديث الذي يكثر الوعاظ من الاستفتاح به ليس صحيحًا، ولا يبنى عليه عقيدة، ولا حكمًا في هذا الأمر، ولمخالف لحقيقة السموات كما صورها القرآن 00 وذكرنا له ولغيره من باب تنبيه الناس الذين ألفوا سماعها إلى ضعفها وبطلانها وعدم الصحة بالاحتجاج بها0 76- الأرض والسموات في الكرسي كحلقة في فلاة الأحاديث التي ذكرت [ما السموات والأرض في الكرسي إلا كحلقة في أرض فلاة] لم يرد منها شيء في الكتب التسعة الأكثر شهرة في كتب الأحاديث، وذكرت في كتب الأحاديث الأخرى0 وقد ورد ذكر ذلك في ثلاثة عشر حديثًا، كلها ضعفها الشيخ الألباني، وبعد تضعيفها في كل طرقها، قال: بمجموعها صحيحة يقوي بعضها بعضًا 00 هذه التقوية من بعضها لبعض عند بعض العلماء لا يعطي القلب الطمأنينة الكافية لاعتقاد ما جاء فيها، لأنها ضعيفة كلها، ومخالفة لصريح ما في القرآن، وتعارض حقيقة السموات كما صورها القرآن0 وقد كان بيني وبين سليم الهلالي (أحد تلاميذ الشيخ ناصر) اتصالاً للسؤال عن هذه الأحاديث فأخبرني أنه لا يصح في هذا الباب شيء، وأن الشيخ رحمه الله تعالى قد تراجع عن رأيه هذا، (أي أن بعضها يقوي بعضًا فتصبح صحيحة)، ولا أدري هل دون الشيخ تراجعه هذا، أم ظل حديثًا بينه وبين تلاميذه0 ([COLOR="red"]ذكر هذه الأحاديث جميعًا في السلسلة الضعيفة يتــــــــبع |
اقتباس |
05-05-2010, 03:49 PM | #14 |
|
77- عرض الجنة عرض السموات والأرض قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران0 وقال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد0 تبين آية آل عمران مدى سعة الجنة فهي في عرضها واتساعها عرض السموات والأرض0 00 لكن لماذا عرضها عرض السموات والأرض معًا ؟ ولماذا لم يوصف عرضها بعرض السموات فقط أو عرض الأرض فقط، أو أن يكون عرضها عرض السموات وعرض الأرض بجمع عرض كل منهما ؟0 ارتباط السموات بالأرض هو ارتباط لا بد منه لصلاح الحياة، فدون هذا الارتباط لن تكون هناك حياة 00 فأي اتساع يكون للأرض يكون معه اتساع للسموات0 ولو فرضنا أن السموات هي الكون بكل ما فيها من نجوم وكواكب ومجرات، وليست طبقات غازية تغلف الأرض، وهي مبنية عليها 00 فكم سيكون اتساع الجنة 00 وبمن ستملأ ؟!0 ولو أن الأنس والجن من أولهم إلى آخرهم، وأن جميعهم استحقوا الجنة، وأعطي كل واحد منهم مجموعة شمسية من نجوم مجرة التبانة لما استطاعوا أن يملؤوها0 فكيف إذا كان أهل الجنة يسكنون معًا، ويتكئون على سرر متقابلين، ويطاف عليهم في مواضع جلوسهم بولدان مخلدون وغلمان لهم 00 وأن من كل مائة أو ألف واحدًا في الجنة والباقون في النار0 فقد تدل هذه الآية على أن الجنة هي بحجم الأرض والسموات فقط أو قريبًا من ذلك في مكان ما من الكون الذي لا مالك له إلا الله، والذي لا يعلم مكانها إلا الله0 أما آية الحديد فكان وصف عرض الجنة كعرض السماء والأرض فجاءت السماء بلفظ المفرد0 والفرق بين الآيتين أن الآية الأولى قال تعالى فيها "وسارعوا "، وفي الثانية "وسابقوا"، والمسارعة تكون للخير الكثير؛ لتنال منه القدر الأكبر، والمسرع يسبق فينال أكثر ممن تأخر، لهذا جاءت صيغة السموات بالجمع مع المسارعة، والمسابقة تكون للخير الأقل أو الأفضل؛ للفوز به دون الآخرين، والقليل في هذا يكون أعلى منـزلة وقدرًا من غيره، والسابق هو الفائز بالأفضل، فجاءت الصيغة بالإفراد مع المسابقة، فتبعًا لكل منهما جاء وصف العرض بالسموات والأرض، وجاء الوصف بالسماء والأرض، وفي هذا دلالة أخرى على أن السماء المفردة في الرؤية هي السموات جمعًا عند الدخول في تفاصيلها، والأرض أفردت في القرآن ولم تثنَّ، ولم تجمع، كما جمعت السماء0 ومعنى آخر لعرض السموات والأرض هو العطاء الذي يعرض فيهما مما عرفه الإنسان من أنواع الرزق، وخاصة الفاكهة التي كثر ذكرها في آيات القرآن الكريم، فقد بين تعالى أن فرع الشجرة المباركة يكون في السماء بكل ما تحمل من عطاء، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) إبراهيم0 وهذا العطاء في الدنيا له في الآخرة مثيل، بنفس الاسم الذي عرفة الإنسان في الدنيا، وعرف طيبه وحسنه، وهو في الدنيا للمؤمن والكافر: (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) الإسراء، وهو في الآخرة خالص للمؤمنين: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) الأعراف، فلما ذكر عرض السماوات والأرض لم يؤت بأداة التشبيه: الكاف، وذكرت مع السماء المفردة لأن العطاء هو بعض عطاء الجنة0 كلا المعنيين؛ الاتساع والعطاء، مقصودان في تشبيه عرض الجنة بعرض السماء والأرض، أو عرض السموات والأرض، والله تعالى أعلم 00 والمطلوب هو المسابقة والمسارعة لنيل هذا العطاء الواسع، لتكونوا من القلة الناجين يوم القيامة، الذين ينالونه، وينالون ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر0 78- زوال السموات والأرض قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) فاطر0 الزوال مفارقة الشيء مكانه، وزوال صفته، كزوال الحي ومفارقته للحياة بالموت، قال تعالى: (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) إبراهيم0 وكزوال الجبال من أماكنها ببسها وذهابها هباء منثورًا قال تعالى: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) إبراهيم وقد شاهد العلماء تفجر (السوبر نوفا) وفي الواقع أن كل الأجرام في الكون قابلة للانفجار إذا توفرت لها الظروف، ومنها الأرض بالسموات التي تحيط بها0 والله تعالى يمسك السموات والأرض من الزوال فزوال الأرض هو زوال للسموات؛ لأن السموات ممسوكة ومحفوظة بفعل قوة الجاذبية الأرضية0 فهذه الآية تدل على قبول الأرض والسموات للزوال، بل تفيد أكثر من ذلك، تفيد أن الظروف مهيأة لزوال السموات والأرض، ولكن لطف الله وقبضته عليها هما المانع لهذا الزوال0 وإذا زالت السموات والأرض فإنها ستذهب في فراغ الكون الواسع0 فأين يذهب الكون إن كان هو السموات ؟!0 79- مقاليد السموات والأرض مادة "قلد" استعملت في جمع الأشياء وحشرها؛ ولذلك جاءت تسمية القلادة، حيث تحشر حباتها في سلكها أو خيطها، والقلادة التي توضع في عنق الدابة لحشرها وربطها في مكانها، وكذلك تقليد الهدي بقلادة من لحاء الشجر يوضع في عنقها، أو أي علامة لتعرف أنها هدي، فهي لا تباع بعد ذلك، ووجب نحرها في مكة، وجاء ذكرها في آيتين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا (2) المائدة0 وقال تعالى: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) المائدة0 وتقلد الأمر ألزم نفسه به، وقلده غيره ألزمه به 00 وكل ما خلق الله تعالى وما فيها، هو مجموع ومحشور في ملك الله، ولا يخرج عنه أينما كان 00 وملك الله واسع لا يعلمه إلا هو سبحانه 00 ومن هذا الملك السموات والأرض، فقال تعالى أيضًا في آيتين: (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12) الشورى0 : (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63) الزمر0 والمقاليد جمع إقليد، أو مقلاد، وهي المفاتيح، والمفاتيح للخزائن، والخزائن هي لجمع الغالي والنفيس وحشرهما فيها لحفظه، لذلك جاءت التسمية بالمقاليد، ففي السموات والأرض جمع الله تعالى وحبس وحشر فيهما رزق الإنسان، ومن كل ما ينفعه، ويمكِّن له العيش في الأرض0 وبعد اطلاع الإنسان على حال الأجرام الأخرى، وخلوها من الهواء الذي لا غنى لنا عنه في عملية التنفس، وخلوها من الماء الذي منه كل شيء حي، وخلوها من التربة الصالحة لإنبات النبات، وخلوها من سموات تحفظها ندرك كم من النعم والأرزاق التي حشرت في الأرض والسموات، وحرمت منها الأجرام الأخرى 00فمن هذه المقاليد التي لا يتحكم فيها إلا هو سبحانه وتعالى، يبسط الرزق للناس مؤمنهم وكافرهم في الحياة الدنيا، والكافر هو المحروم الخاسر الذي لا ينال إلا ما كتب له في الدنيا، وليس له في الآخرة إلا النار0 80- السماء ذات البروج جاء ذكر البروج في القرآن في خمس آيات: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ(78) النساء0 (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) الفرقان0 (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) الحجر0 (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى (33) الأحزاب0 (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) النور0 (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) البروج0 مادة برج جاءت في كشف ما خفي وتوارى خلف شيء آخر0 فالبرج الذي هو الحصن أو الركن من الحصن، يكشف ما خلف الحصن وحوله، وهو كذلك مكشوف ويرى من بُعد لارتفاعه وعلوه0 وتبرج المرأة أن تظهر ما خفي من زينتها، والبرَج أن يحيط بياض العين بسواده في العيون الواسعة فلا يخفى من سوادها شيء0 والبروج الاثنا عشر في السماء معروفة، ويحسب وقت خروجها عند ظهورها في المشرق بعد مغيب الشمس، فذلك يضمن لها ظهورها طوال الليل، وإلا فإنها تظهر في غير ذلك، وفي ساعات من أول الليل أو آخره، ولكن عند شروقها بعد مغيب الشمس يجعل رؤيتها أطول وقت ممكن من ساعات الليل ويرى كل ليلة (9-10) أبراج من مجموعها0 وقوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) وصف لها دائم فهي تظهر ما خفي وراءها من الكواكب والنجوم والشمس والقمر زيادة على كشفها ما يكون فيها؛ لأنها أكثر المواد شفافية من أي شيء آخر كأمثال الماء والزجاج0 ولولا هذه الصفة لكانت السماء معتمة تحجب الضوء والحرارة، أو حابسة لهما، ولما صلحت الأرض للحياة فيها0 81- حقيقة الفضاء لم يأت ذكر للفضاء بهذا الاسم في القرآن الكريم، وجاء ذكره في أحاديث بمعنى الخلاء الذي لا شيء فيه يستر ما يكون فيه0 أصل الفضاء الفراغ الذي بين البيوت أو الأمكنة التي ليس فيها مانع يمنع من الانتقال خلاله إلى الأطراف والجوانب الأخرى0 الفراغ الذي بين الكواكب والنجوم لا أثر له في التحكم في الحركة، ليعيق الحركة أو يساعد على زيادة الحركة 00بل الذي يتحكم في الحركة جاذبية الأجرام الكونية وبعدها 00 غير أن أبعاد الأجرام وحركتها قد تقع على خط السائر في الفضاء فيلتقي معها أو لا يكون هنالك التقاء0 الفضاء لا تأثير له لكنه وسط للانتقال، وتبادل تأثيرات الأجرام بعضها في بعض0 82- كيف ينير القمر السموات السبع ؟ قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) يونس0 وقال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) الفرقان0 وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) نوح0 وصف تعالى أشعة القمر بأنها نور في الآية الأولى، وبأنها نور في السموات السبع، ولا يكون الشيء نورًا حتى ينير ما حولك، ولا تسميه أو تحكم عليه بأنه نور من رؤيتك له فقط، وقد أطلق النور على ضوء القمر فقط؛ لأنه نور خالص بلا حرارة يسببها للأرض0 إنك وأنت على الأرض لا تستطيع أن ترى كثيرًا من أجرام المجموعة الشمسية، وأكثرها وضوحًا للناس الزهرة المسماة بنجمة الصبح أو المساء، وتصور نفسك أنك تقف على المريخ أو الزهرة، فهل تستطيع رؤية الأرض من هناك ؟ ولو رأيتها فهل تسميها نورًا ؟ فكيف بالقمر وهو لا يساوي إلا (1/81) من حجم الأرض! فهل تسميه نورًا أيضًا كما تسميه على الأرض؟ الجواب معروف فرؤية القمر متعسرة أكثر من رؤية الأرض، ولن يستطيع القمر أن يضيء أقرب الأجرام إلى الأرض فكيف بما هو أبعد أو كان خلفه حيث يقع القمر بينه وبين الشمس!0 والله تعالى يقول الحق، وقوله الحق، والحق الذي يقوله تعالى أن القمر ينير السموات السبع 00 وهذه الآية تدل دلالة قطعية على أن السموات غير الكون، وأن السموات هي طبقات الغاز التي تلف الكرة الأرضية، فلما استطاع ضوء القمر أن يخترق هذا الطبقات، ويصل إلى وجه الأرض وينير ما عليها فقد أنار ما مر عليه من السموات، فلما أنار أقرب السموات إلى الأرض وهي في ذات الوقت أبعدها عن القمر كانت إنارته لما هو أقرب إليه من الأمور التي لا يختلف عليها اثنان، فبهذا يكون القمر قد أنار جميع السموات، كما أخبرنا سبحانه وتعالى بذلك، وهو أعلم بما خلق وحدود ما خلق0 آية سورة نوح آية تقطع على كل مجادل جداله في حقيقة السموات كما صورها القرآن بأنها الغلاف الغازي بكل طبقاته المحيطة بالأرض، وأنها هي مع الأرض جزء يسير من الكون، وليستا كل الكون0 ومن وقف في حيرة من أمر السموات، وحيرته هذه الآية، فشط في تفكيره، وجعل في كل سماء قمرها أو أقمارها، فقد نسي أن هذا القول جاء على لسان نوح عليه السلام وهو يخاطب قومه فيما يشاهدونه، وليست فكرة مجردة مجهولة المعالم0 يتــــــــبع |
اقتباس |
05-05-2010, 03:50 PM | #15 |
|
83- كيف يرى قوم نوح عليه السلام السماء سبعًا طباقًا ؟ كيف يرى قوم نوح عليه السلام السموات سبعًا طباقًا ؟0 سؤال يحير المتدبر، لمن آمن بالله ربًا، وبمحمد رسولاً، وبالقرآن كتابًا منـزلاً من الله، لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنـزيل من حكيم حميد 00 كيف يخاطب نوح عليه السلام قومه مذكرًا لهم أن رؤيتهم للسموات السبع الطباق هو من فعل الله في خلق السموات ؟0 لا تأتي الإجابة عن هذا السؤال إلا من دراسة ما هي أسباب الطوفان؟ وكيف حدث الطوفان؟ وكيف انتهى الطوفان؟ وما النتائج التي ترتبت عن هذا الطوفان؟ وما التأثيرات التي حدثت للأرض، والتأثيرات التي حدثت للسموات؟ فالطوفان لم يكن حدثًا أريد به هلاك قوم نوح عليه السلام فقط؛ فقد كان يكفي لهلاكهم عذاب دون ذلك بكثير0 فهل كانت السموات قبل التأثيرات والتغييرات التي تعرضت لها الأرض والسموات تظهر طبقاتها كما يظهر قوس قزح ألوان الطيف التي يتكون منها الضوء0 نحن على يقين أن قوم نوح لم يكن عندهم من العلم، والإمكانيات، والآلات التي تؤهلهم للتحقق من ذلك 00 وحتى نحن مع هذا التقدم العلمي لم نقف على حقيقة السموات السبع بوجه من التفصيل المحدد 84- تزيين السماء الدنيا تزيين السماء الدنيا بزينة الكواكب، وبالمصابيح، والذي قد ورد في بعض الآيات من الأمور التي أشكلت على الناس كثيرًا، فجعلوا النجوم من ضمن السماء، وجعلوا الكون المرئي هو ضمن السماء الدنيا 00 لذلك يحتاج هذا التزيين إلى الإفاضة فيه من غير تطويل لجلاء الأمر 00 فهو من الآيات التي تبين حقيقة السموات كما وصفها القرآن، وليس كما فهمه العامة وبعض أهل العلم0 التزيين هو جعل الشيء في رؤية العين أو الاعتقاد أجمل وأفضل وأحسن مما هو عليه فقال تعالى في عدة مواضع: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) الكهف (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) الكهف0 (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) القصص0 وقد تكون هذه الزينة لمعتقد في القلب، ما يجعل صاحبه يستهين بالتعب، والمشاق التي يعانيها جراء هذا الاعتقاد الذي يؤمن به0 وقال تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) الحجرات0 وقد لا يكون في الشيء أو العمل أي حسن بل هو من القبائح الشديدة فقال تعالى في آيات عدة: (كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) الأنعام0 (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) النمل (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) الحجر (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر0 (وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) غافر0 (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) محمد0 أما تزيين السماء فجاء في خمس آيات منها آيتان لم تحدد السماء فيهما بالسماء الدنيا: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) الحجر0 (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) ق0 (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فصلت0 (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) الملك0 (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) الصافات0 تزيين السماء الدنيا قد ذكر في هذه الآيات من الأمور المشكلة التي تبدو للوهلة الأولى أن كل ما نراه هو السماء الدنيا فقط؛ لأنه ذكر أن زينتها هي الكواكب والمصابيح، وبهذا المفهوم تكون هذه الآيات خالفت مجمل ما وصفت به السموات في القرآن الكريم0 ولن تجد في القران الكريم ما هو متضارب ويخالف بعضه بعضًا، وإن حصل الظن في بعض الأمور كهذا الأمر إنما يأتي ذلك من قصور الفهم، وعدم التدبر وبذل الجهد لفهم الأمر على حقيقته، وقد وقعت في ذلك، وصرفت النظر عن هذا الكتاب، لما كان عندي من فهم سلمت فيه لأفكار حملتها مع صغري من غير فقه في اللغة، ولا اطلاع واع على ما في كتاب الله عز وجل0 ولبيان ذلك لا بد من فهم لمعاني المسميات (الدنيا، والزينة، والكواكب، والمصابيح) حتى يتجلى المراد بالزينة0 الكواكب جمع كوكب؛ وكوكب كل شيء معظمه مثل: كوكب العشب، وكوكب الماء، وكوكب الجيش، وكوكب الأرض: نبات، والكوكبة: الجماعة، والكوكب: سيد قومه، وغلام كوكب إذا ترعرع وحسن وجهه ، وغالب استعمال كوكب في اجتماع جمع، أو مفرد بارز على جمعه كالنجم والغلام الحسن الوجه 0 وجاء ذكر الكواكب في القرآن الكريم في خمسة مواضع: في رؤيا يوسف عليه السلام ؛ قال تعالى: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) يوسف0 وتأويلها كان بسجود أخوته له، فلما سجد الآباء سجد الأتباع من البنين والنساء، فكان كل واحد منهم كنجم في كوكبه وقال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) الأنعام0 والسماء مليئة بالنجوم، ولكن ما رآه إبراهيم عليه السلام، هو جمع متميز في السماء، أو نجم متميز بين مجموعته، فأمكن تحديده، وأعجب ذلك إبراهيم عليه السلام في صغره، حيث كان يخفيه أبوه عن أعين الناس، فرأى ذلك في ليلة خرج فيها من سردابه، وإلا فإن رؤية النجوم والكواكب تتم في كل ليلة0 وقال تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) النور0 الكوكب هنا على التشبيه؛ فهو مشبه به لشدة نوره الذي يعلو كل ما حوله من زواهر النجوم وخوافتها0 وقال تعالى في أحداث يوم القيامة: (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2) الانفطار0 فلا يكون الانتثار إلا للمكون من أشياء كثيرة، كنثر الحب والبذور عند زراعة الأرض، فالكواكب عددها كبير بما يلحقها من نجوم صغيرة وأجرام صغيرة، وانتثارها تفرقها بما يكون من ذلك الفعل خفاء أكثرها فلا يرى منها إلا العدد القليل0 ومع تفجر البحار وتحول الجبال إلى هباء منثور في يوم تكون السماء فيه كالمهل، يتعذر رؤية النجوم سوى عدد قليل متفرق في السماء مما اشتدت إضاءتها0 وقال تعالى: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ(6) الصافات0 السماء مليئة بالنجوم، وكثرة نجومها لا تجعلها زينة، ولكن ترتبها في مجموعات كثيرة، ذات أشكال عديدة منها النيِّر ومنها الخافت هو الذي جعلها زينة للسماء0 أما الدنيا فجاءت صفة للحياة الأولى، والسماء الأولى، فالحياة الدنيا هي التي نعيش فيها، وتحيط بنا من يوم مولدنا إلى يوم وفاتنا، والسماء الدنيا هي السماء الأولى القريبة المحيطة بنا ونعيش في جوها0 والدنيا من الدنو، وهو شدة القرب مع الإحاطة، فقد وصف تعالى نزول جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) النجم، فقد وصل إليه حتى أحاط به وحضنه بين ذراعيه كما دلت عليه قصة نزوله على الرسول صلى الله عليه وسلم أول مرة بغار حراء0 والزينة لا تكون زينة إلا إذا اتصفت بأمور عديدة أهمها: • أن هذه الزينة تضاف إلى الشيء إضافة ولا تكون أصلاً فيه0 • أن تظهر الزينة ما أضيفت إليه بمظهر حسن لم يكن فيه من قبل0 • أن توضع الزينة على المضاف أو تظهر عليه في أوقات معينة، وتنـزع منه أو تفارقه في أوقات أخرى، فلا تلازمه كل زمنه0 • أن تكون هذه الزينة مختارة للشيء بما يناسبه، فيكون هناك تناسب بينهما، فما يناسب اللون الأبيض لا يناسب اللون الأسود، وما يناسب صغير السن لا يناسب كبير السن، وما يناسب النحيف لا يناسب السمين، وما يناسب الأنثى لا يناسب الذكر0 • أن تتناسب الزينة مع شكل الشيء وشكل العضو، فزينة اليدين غير زينة العنق، وهذه غير زينة الأذن، أو الأصابع، أو الأنف، أو الشفتين0 • أن تكون الزينة ذات ترتيب بأشكال متميزة؛ كترتيب العقود ولو بعثرت على صاحبها بغير نظام لما عدة زينة0 • أن تعد الزيادة تلك عند الناس المستعملين لها زينة، فما يعد زينة عند أقوام، وفي بعض المناطق، هو عند غيرهم من باب الجهالة والسخافة، كما تفعل بعض القبائل في إفريقيا في آذانهم وأنوفهم وشفاههم0 • أن الزينة لا تنحصر على وضع الأشياء على الأجسام والأشياء، بل منها ما يكون بالتملك والإضافة والزيادة، كالخيل والأولاد والأموال؛ لأنها تعد من الفضل لهم على غيرهم، وقد تكون الزينة في الأعمال التي يراها صاحبها قدرة له، وفضلاً على غيره فيراها حسنة0 هذا وقد جاء ذكر تزيين السماء بالكواكب والمصابيح مقيدًا بالسماء الدنيا في ثلاث آيات فقط، وفقًا لشروط الزينة يتبن لنا أن الكواكب والمصابيح ليست من السماء، وهي مضافة إليها إضافة، وأن ترتيبات النجوم والكواكب بالتنوعات الكثيرة واختلاف ضوئها، وتناسبها مع لون السماء في الليل، هو الذي جعلها زينة للسماء الدنيا في الليل، وتنـزع منها هذه الزينة في النهار حيث يغلب ضوء الشمس نورها، ويحجبها عن الرؤية، وهذه الكواكب والنجوم التي أعطت للسماء الدنيا هذه الصورة الجميلة لصفحة السماء بالليل هي ما نراه في طبقات الغازات القريبة من الأرض، حيث يكون الغاز ذا كثافة كبيرة وضغط جوي بالنسبة للطبقات العليا، وله قدرة على تشتيت الضوء بما ينتشر فيها من ذرات الغبار وجزيئات الماء، وإذا خرجنا من طبقات الغاز انعدمت هذه الزينة وأصبح الفضاء الخارجي قطعة شديدة السواد، فيها نقاط بيضاء لا تلألؤ لها، وأصبحت ظلامًا موحشًا0 فالآيات التي تحدثت عن تزيين السماء الدنيا تحدثت عن رؤية الكواكب في طبقة الغاز القريبة من الأرض، وتنتهي هذه الرؤية بتعدي هذه الطبقة إلى الفضاء الخارجي، والكواكب هي هي في مواضعها وبعدها الشاسع عن الأرض0 فتزيين السماء الدنيا كان بالكواكب، والمصابيح، أما تسميتها بالكواكب فلأنها سميت بذلك لمضاعفة ضوئها على سائر النجوم، وأما المصابيح فللتغير الشديد في حالها حتى أصبحت ذات درجة حرارة عالية، وشديد الإضاءة، ولولا ذلك لما وصل إلينا ضوءها0 ولم يذكر تعالى تزيين السماء بالنجوم؛ لأن النجوم تفيد الزوال، والزينة زيادة وإضافة0 أما التزيين للسماء وليس للسموات، فإن الزينة بها تختفي قبل تجاوز طبقات الغاز التي بنيت منها السموات0 أما وصف السماء بالسماء الدنيا فعلى أمرين؛ إن أريد بها أقرب السموات إلى الأرض فهي المزينة بالكواكب والنجوم بمفهوم الزينة وشروطها التي بيناها0 وإن أريد بالسماء الدنيا التي هي موجودة حاليًا في الحياة الدنيا فهي أيضًا المزينة، أما في الآخرة فأهل الجنة في ظل ظليل، وظل ممدود، ويسير الراكب، كما ورد في الحديث ، تحت ظل الشجرة مائة عام لا يقطع ظلها، وكذلك لا يأتي عليهم ليل يكشف عن النجوم فأنى لهم رؤية النجوم أو الكواكب إن بقي لها وجود! هذا ولم يرد ذكر الزينة للناس في الجنة لما بنيت عليه من معانٍ تدل على النقص الذي لا يصلح لأحوال الناس الكاملة والدائمة في الجنة0 وورد لفظ وحيد إشارة إلى الزينة في الآخرة بلفظ ضمير الغائب في قوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) الأعراف0 ولفظ الضمير للغائب يدل على ذات الشيء دون صفته، واستعماله في القرآن يأتي في مواضع كثيرة عندما يكون الاسم دالاً على صفة لا يحسن ذكرها، أو لا يناسب ذكره في ذلك الموضع من الآية، وما ذكر في هذه الآية مما هو مستهلك من الرزق، وما أخرج الله لعباده من الأرض، وله مثيل في الآخرة، واستهلاكه يفيد أنه غير دائم لكن استمراره يأتي من تجديده بغيره0 وجاء ذكر تزيين السماء دون تحديدها بالدنيا، ودون ذكر للكواكب والنجوم في آيتين من الآيات التي سبق ذكرها، ويرجع ذلك إلى أن السماء مزينة بالنهار بما جعل الله فيها من زرقة خفيفة تناسبها، وبما يرى فيها من سحب وغيوم متنوعة، وهذه الرؤية لها أكثر ما تكون في النهار، لذلك لم يأت ذكر للكواكب فيها، فقد جاء في آية الحجر: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) الحجر0 فجاء مع الزينة ذكر البروج، وهي بسبب شفافية السماء الشديدة التي مكنت رؤية ما خلف السموات من كواكب ونجوم والشمس والقمر في الليل، والسحب وما يعرج فيها في النهار0 وجاء في آية (ق) ذكر بناء السماء فقال تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) ق0 ولولا أن السماء هي بناء لما حمل هذا البناء أجزاء دقيقة من الغبار ومن الماء اللذين يسببان تشتت الضوء في السماء فترى فيها هذه الزرقة على الخلفية المظلمة للآفاق بعدها، والنظر إلى السماء، وإلى زينتها الواردة في الآيتين يكون في النهار، ويكون في الليل0 يتـــــــبع |
اقتباس |
05-05-2010, 03:52 PM | #16 |
|
85- الآفاق هو الاسم لما فوق السموات الآفاق جمع أفق، والأفق هو طرف الأرض أو السماء البعيد الذي يبقى أمامك مهما تقدمت إليه في سيرك 00 هذا وأنت تسير على وجه الأرض، أما إذا خرجت إلى الفضاء فلا حدود لأطراف الكون، ففي كل اتجاه نجوم وكواكب، وبعد التوغل في الفضاء قليلا لا تدري أين موقع الأرض إلا بحسابات قد عُلمت سابقًا، وإلا كان الضياع الذي لا عودة بعده في حسابات من يفكر في غزو للفضاء السحيق0 وقد ذكر تعالى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، لجبريل عليه السلام مرتين؛ الأولى بالأفق المبين، أو الأفق الأعلى، عند بعثه نبيًا وهو في غار حراء قد غطى السماء وسد الأفق بجناحيه فقال تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) التكوير0 (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) النجم0 والمرة الثانية كما يوضحه قوله تعالى: ((وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) النجم0 وجاء في الحديث أنه رآه في المرة الثانية على خلقته التي خلقه الله عليها بستمائة جناح0 ففي هذه الآيات ذكر للأفق ومكانه في الأعلى فوق السماء0 أما قوله تعالى في سورة فصلت: : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصلت0 الآفاق في الآية لم تحدد، ولكنها تشمل آفاق الكون وآفاق الأرض، أما آفاق السماء فهي مع الأرض إذا لم تفارق الأرض، أما إذا فارقتها باتجاه الفضاء، وما أسرع أن تفارقها فتكون قد خرجت منها 00وقد تعلم الإنسان من كل ذلك الشيء الكثير من الآيات الدالة على قدرة الله في هذه الآفاق الأرضية أو الكونية0 فالتسمية التي تصلح لما بعد السموات من الكون هي الآفاق؛ لأنها بلا حدود، تنتهي عندها، فلا ينقطع المسير فيها عند حد لا يمكن تجاوزه، لا في الواقع ولا حتى في التقدير لضعف علم الإنسان بما وراء المرئي من هذا الكون الشاسع الأبعاد0 86- الآفاق لا لون لها رأينا أن ما بعد السموات لا بد أن يكون له تسمية، وهذه التسمية قلنا أن أصلح الأسماء يوافق حالها هو تسميتها بالآفاق 00 فما لون الآفاق ؟ الآفاق لا لون لها، ولو قلنا إن لونها أسود، فيعنى ذلك أنها شيء، وأنها مادة 00 أما الآفاق فهي ليست بمادة توصف، وإن كانت أجرام الكون فيها تسبح 00 فهي خلاء بلا مادة لها حيز مؤثر0 انظر كيف وصف الله رؤية ما بعد السموات قال تعالى: (لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) الحجر0 فلو فتح الله تعالى بابًا من السماء، وليس بابًا في السماء ، لأن بابًا في السماء يبقيك فيها ولكن بابًا من السماء يخرجك منها 00 كذلك لم يحدد الخروج بليل أو نهار فالأمر فيهما سواء 00 فلا شيء بعد السماء حول الخارجين يرى، فيقع في أنفسهم أن أبصارهم سكرت، أي حبست عن النظر؛ لأن مادة سكر في حبس الشيء مكانه، ومن ذلك سميت الخمر بالمسكر لأنها تحبس العقل في مكانه عن العمل في الإدراك والتفكير قال تعالى في أربع آيات: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) الحجر0 (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) النحل0 (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) الحج (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) ق0 وكذلك سمي السكر بالسكر لأنه يحبس في مكانه، ويسمح للماء بالتبخر في عملية استخراجه وتكريره0 فلو فتح لهم بابًا في السماء لقالوا ذلك؛ لأن عيونهم مفتوحة، وقبل ذلك بقليل كانوا يبصرون، ولم يحدث لأبصارهم شيء، وظنوا أكثر من ذلك أنهم قد سحروا0 وانظر إلى صيغة الجمع في قوله تعالى: (لقالوا إنما سكرت أبصارنا) وانظر إلى الرحلات الفضائية ففي كل رحلة يرسل مجموعة من الرواد ولا يرسل رائد وحده0 فكل من يخرج إلى الفضاء يحس بنفس الوصف القرآني 000فضاء مظلم موحش، وما النجوم فيه إلا نقط بيضاء لا تلألؤ لها، ولا تأثير لها في ظلمة شديدة السواد0 فالآفاق لا لون لها 00 لأنها لا شيء0 87- لماذا لم يتحدث القرآن عن خلق الكون ؟ عرفنا حدود السموات فلماذا لم يحدثنا سبحانه وتعالى عن باقي الكون ؟0 إن من أعظم المصيبات التي تصيب الإنسان أن يستعظم الإنسان نفسه، وأن يرى أن له من الأهمية ما يوجب أن يطلع على كل شيء، وأن يعرف كل شيء0 وقد استعظم المشركون أنفسهم كأمثالهم من الأمم السابقة، فطلبوا أن يروا الله عز وجل، وأن تنـزل الملائكة عليهم، وأن يسألوا أنبياءهم من المعجزات التي يريدونها وتعظم في أنفسهم0 بل عبدوا آلهة يتحكمون بها، ولا تتحكم هي بهم، فقد عبد العرب أصنامًا من تمر إذا جاعوا أكلوها، ومن خشب إذا بردوا تدفئوا على خشبها، وعبدوا أصنامًا قابعة في أماكنها لا تلاحقهم ولا تطلع على جرائمهم0 لقد حدثنا الله بحديث صدق، وهذا الحديث كان على قدر ما نستطيع أن نتحقق منه، ولو بعد حين00وما لا نستطيع أن نصل إليه أو نتوصل إليه فلماذا نريد معرفته؟ وكيف لنا أن نتحقق منه ؟0 الكون واسع جدًا، وليس بالمقدور في عمرنا القصير وقدراتنا الضئيلة، أن نتعرف على كون أبعاده لا تحصر، ونحن نعلم أن الحياة الدنيا لها نهاية ليست بالبعيدة، فلماذا نضيع عمرنا فيما لا يجلب علينا نفعًا 00 بل أين المفر ؟0 القرآن تحدث عن الأمور التي ترتبط بالإنسان، مما يصلح حياته في الدنيا والآخرة، ومما يزيده إيمانًا ويقينًا، أن هذا الكتاب هو من عند الله، وأن الذي أنزل هذا الكتاب هو الذي عنده علم الماضي، وتفاصيل الحاضر، وعلم الغيب، وأن كل الأمور تجري بعلمه وبإرادته، وأن ما وعد به أو توعد به واقع لا محالة، فما على الإنسان إلا أن يكون عبدًا لله، يسعى لإرضاء الله، ويخشى عقابه، ويطمع في نيل النعيم الذي عنده 00 فإن فعل ذلك فقد فاز، وإن أعرض كان من الأخسرين 00 ولم يطلب منه أن يعرف كيف بدأ الكون وكيف سينتهي أمره 00 إلا أمر السموات والأرض التي فيهما يعيش الإنسان في هذه الحياة الدنيا التي مآلها إلى زوال قريب كما أعلمنا تعالى بذلك 000 فلينهض الغافلون والنائمون عما ينتظرهم قبل فوات الأوان فيكونوا من أصحاب الجحيم0 88- هل يصح تسمية الكتب المنـزلة من الله بالكتب السماوية ؟ بعد أن عرفنا حقيقة السموات، وأنها أغلفة غازية تحيط بالأرض من جميع جهاتها 00 فهي خلق من خلق الله ارتبط بالأرض لا بغيرها، ولها أبعاد محددة لا تزيد عن بضع مئات من الكيلومترات في الأكثر على الوصف الذي جاء في القرآن 00 فهل يجوز لنا بعد ذلك نسبة الكتب الإلهية التي أنزلها الله تعالى على عباده وتسميتها بالكتب السماوية ؟0 السموات ليست مكانًا منه يصدر الوحي وإنما هي ممر لهذا الوحي قال تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) السجدة0 وأمر الله بشأن الأرض وأهلها تأتي به الملائكة حاملين لهذا الأمر من الله إلى ملائكة لله في السماء، وعند نقل الأمر بين الملائكة تتاح الفرصة للجن لاستراق السمع، ليجعلوا مما سمعوا فتنة للناس لإضلالهم بادعائهم علم الغيب0 والجن تستطيع رؤية الملائكة فقد عاش إبليس معهم قبل كفره وقبل طرده من الجنة0 ولقد رأى الملائكة عندما أقبلت في نصرة المجاهدين في غزوة بدر، فقد جاء في سورة الأنفال: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) الأنفال0 وقد كان يجري من الجن استراق السمع زمنًا طويلاً حتى بعث محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا فمنعوا من ذلك قال تعالى: (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) الجن0 وقد أشار تعالى في عدة آيات إلى وجود هؤلاء الملائكة في السماء فقال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) الإسراء0 (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) يس0 (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) الملك0 (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) الملك0 وقد يكون من أفعالهم لتنفيذ أمر الله ما يبينه قوله تعالى في هاتين الآيتين: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162) الأعراف0 (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) العنكبوت0 أو ينـزل عليهم آية مادية يبصرونها ترعبهم وتخيفهم فتذل أعناقهم لها فقال تعالى: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) الشعراء0 أو ينـزل عليهم حجارة من السماء أصلها من الأرض كما فعل بقوم لوط فقال تعالى: (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) الحجر0 أو يكون إنزال هذه الحجارة من السماء بناء على طلبهم الذي يستخفون به من عذاب الله فقال تعالى: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) الأنفال0 وإن سأل سائل كيف يطلبون إنزال الحجارة والسماء هي غازات وليس فيها حجارة 00 فالجواب على ذلك أن سقوط النيازك، وهي قطع صخرية معروفة للناس منذ القدم، بل كانوا يبحثون عن الحديد في أماكن سقوطها، 00 واليوم نعلم أن مصدر هذه الحجارة ليست السماء، إنما السماء مكان مرورها إلى الأرض عندما تجذبها الأرض أو عندما تعترض مسارها، وكذلك فإن مقذوفات بعض البراكين قد تصل مسافات بعيدة، لكنها غير معروفة بأرض العرب، وما زال بعض الأحياء من كبار السن لم ينس قصة أصحاب الفيل ورميهم بحجارة من سجيل0 وينـزل الله من السماء غير الحجارة البركات، والمراد به الماء لأنه سبب للبركة في النبات والعشب وتكاثر الأنعام، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) الأعراف0 (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) ق0 أو ينـزل مائدة من السماء كما أنزل على عيسى عليه السلام والحواريين فقال تعالى: : (ِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) المائدة0 : (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) المائدة0 والمائدة من الأطعمة التي يعرفها الحواريون، وكل عناصر الأغذية التي تصلح للإنسان ويتناولها من مكونات السماء، وقدرة الله على إيجادها من عناصرها دون إنبات هي قدرة ممن أوجد الحياة بالنبات والحيوان، وقدرة من كون المركبات الغذائية في الأنسجة 00 فسبحان من لا تحد قدرته بشيء0 السماء ينـزل منها ملائكة، رزق، حجارة ، مائدة، عذاب ورجز من عذاب، أما كتاب من السماء، فهذا لا يصح لأن الكتب التي أنزلت هي من عند الله وطريق نزولها إلى الأرض هو السماء0 أما سؤال أهل الكتاب النبي صلى الله عليه وسلم أن ينـزل عليهم كتابًا من السماء 00 هذا الكتاب سيكون من مادة يصنع منها 00 من ورق، أو جلد، أو خشب، أو عظم، أو أي شيء آخر مكتوب عليه 00 ولم يقصدوا أن يأتيهم بوحي من الله، لكنهم يريدون شيئًا مصنوعًا عليه كتابة، ويرون سقوطه عليهم من السماء بما لم يعرفوه من قبل، فطلبهم أمر يسير، لكن جهلهم بالله عز وجل هو الكبير، فقال تعالى: (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) النساء0 وقد طلب المشركون مثل طلب أهل الكتاب، فقال تعالى في طلبات المشركين من النبي صلى الله عليه وسلم: (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) الإسراء0 لقد جاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم بكتاب من عند الله هو وحي منه، وهذا أعظم من نزول رقعة تراها العين حتى يؤمنوا لو كان لهم عقول يفقهون بها0 وهذه الكتب التي أنزلت من الله على الناس هي كتب ربانية ونسبتها إلى السماء هي نسبة غير حقيقية قد لا يجوز النطق به حتى لا يكون هناك فهم خاطئ بعد أن وضحنا حقيقة السموات كما صورها القرآن0 89- أين أبواب السماء ؟ الباب لا يكون إلا في شيء، وهذا الشيء يكون مانعًا أمام عملية الدخول أو الخروج إلا من هذا الباب0 جُعل الباب لحفظ ما في الداخل، ومنع من في الخارج من الدخول، لا لمنع الداخل من الخروج، ويوضح ذلك قوله تعالى: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) الحديد0 فباطن السور المضروب فيه الرحمة، وهي الجنة، وظاهره؛ أي خارجه، من قبله العذاب، أي نار جهنم 000 فهذا السور ضرب لمنع الكفار من الخروج من النار ودخول الجنة، وجعل باب فيه هو للدخول منه إلى الجنة لمن لم يكتب الله عليه الخلود في النار0 أبواب كل سماء لها عملان تمنع ما كان خارجها من الدخول إلا من أبوابها0 قال تعالى: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) القمر0 وفتح أبواب السماء في الآية هو فتح أبواب السماء التي تلي الأرض مباشرة للمطر في السماء التي بعدها، وقد ثبت أن بعض المطر لا يصل الأرض، ويرفع قبل وصوله إلى الأعلى بتيارات هوائية قوية، وبعض المطر يتبخر مرة ثانية قبل وصوله إلى الأرض، وتمنع تكثفه0 وتمنع كذلك الأبواب من كان داخلها من الخروج إلا من أبوابها، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) الأعراف0 وقال تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) الحجر0 وهذه الأبواب خاصة بالناس فلا تفتح إلا بإذن من الله0 أما قوله تعالى: (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) النبأ0 فهذا من أحوال يوم القيامة، وقد يراد بفتح الأبواب لما في الداخل من الخروج، ولما في الخارج من الدخول؛ لأنه تعالى وصفها بالواهية أيضًا0 وما أراد الدخول إلى السماء بعنوة يحترق كما يحصل للشهب والنيازك0 ولا يحدث الاحتراق لها إلا بعد الوصول إلى طبقات الغاز ذات الضغط العالي والقريب من الأرض0 والسماء هي مادة شديدة الشفافية وأبوابها من جنسها، فغير ممكن تحديد موضعها إن كان لها موضع محدد، والأرجح أن أكثر أبوابها متنقل، فمن الملاحظ أن بعض المناطق الصحراوية لا تمطر أو لا يسقط عليها المطر إلا مرة كل عشر سنوات0 وقد أدرك العلماء هذه الخاصية للسموات، فهم يختارون وقت إطلاق المراكب إلى الفضاء، ويختارون الظروف الملائمة للإطلاق، والساعات المناسبة، ويختارون المناطق التي يطلقون منها مراكبهم 000 وعند الدخول ثانية يراعون كل ذلك حتى لا تدمر المراكب الفضائية ويهلك من عليها، حتى قيل إن هناك مناطق في السماء لا يمكن الخروج أو الدخول منها وإليها، وتجربة الدخول أو الخروج منها يعد مغامرة كبيرة أو خطرة0 يتــــــــبع |
اقتباس |
05-05-2010, 03:53 PM | #17 |
|
90- الحدود التي ينتهي عندها غزو الفضاء قال تعالى: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) طه0 تبين هذه الآية، بكل وضوح، أن الله تعالى خلقنا من الأرض، وفيها يعيدنا ترابًا وعظامًا، ومنها يخرجنا مرة أخرى 00 فهل في هذه الآية ما يسكن أنفسنا، ويريحنا من عناء لن يفيدنا ؟0 نعم فيها كل الراحة لنا 00 لنفكر في آخرتنا بدل أن نفكر كيف نفر من أرضنا 00 لنفكر كيف نتصالح ونتعاون على الأرض بدل أن نبحث عن حياة لا وجود لها في مكان آخر من الكون 00 لنفكر كيف نحافظ على الأرض والسموات للأجيال بعدنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها بدل إفسادها0 ألم يلاحظ الناس أنه لم يمت أحد من رواد الفضاء إلا في طريق العودة إلى الأرض أو قبل مغادرتها؟ .. لماذا ؟ لأن الله تعالى قال، وقوله الحق، أنه لن يموت أحد خارج الأرض ولن تكون هناك جثة لأحد يموت في مركب يسبح بعيدًا في الفضاء، أو على أرض غير هذه الأرض، ولو أرادوا فعله لما كتب لهم النجاح فيه، ولن يستطيعوا فعله0 أما إن مات على الأرض فقد يرسل بعض أجزائه لأن بعثه يوم القيامة وإنباته من جزء يسير منه0 91- لماذا تحتاج كلمات الله من المداد بأكثر من ماء البحر وسبعة أمثاله وأكثر من ذلك ؟ قال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) الكهف0 وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) لقمان0 قد تبين من رصد الكواكب والنجوم التي ترى عبر السماء بالمراصد الفلكية الضخمة، وبتلسكوب (هالي) الذي يدور في الفضاء أن عدد النجوم كم هائل، ففي الكون المرئي أكثر من مائة ألف مليون مجرة، وفي كل مجرة من مائة إلى ثلاثمائة ألف مليون نجم 00 وما الأرض في الكون إلا كحبة رمل من رمال شواطئ البحار في الكرة الأرضية 000 ولو مثلنا حجم الأرض بحبة حمص ووازنا كل أجرام الكون بحجم الأرض، ومثلناها كذلك بحبات حمص لغطت وجه الأرض 00 ثم نظرنا بعد ذلك إلى الآية الأولى التي افترضت تحول البحر إلى مداد، وإلى الآية الثانية التي افترضت تحول البحر ومن بعده سبعة أبحر إلى مداد للأقلام التي صنعت من جميع أشجار الأرض ما نفدت كلمات الله0 فعمّ إذن ستتحدث كلمات الله ؟ هل عن الأرض وأهلها ؟ الجواب سيكون لا 00 فالأرض وما عليها لا تحتاج كل هذا الحبر أو المداد بلفظ الآية0 فعمّ إذن ؟ إنها ستتحدث عن ملك الله الواسع 00 عن كل هذا الكون المترامي الأطراف وما فيه 00 وعن علم الله الواسع 00 وعما لا نعرف ولا يصل علمنا لمعرفته 00 فسبحان الله عدد ملكه ومداد كلماته وزنة عرشه0 92- وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء قال تعالى: (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31) الشورى0 وقال تعالى: (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22) العنكبوت0 تبين آية الشورى أن الناس لن يعجزوا الله في الأرض 00 فللأرض حدود تنحصر فيها، وإن لم تكن الأرض معروفة بكل بقاعها وقاراتها وجزرها حين نزول القرآن00 فأين يفرون من الله ؟0 وكذلك لم يكن للإنسان عمل في السماء بعيدًا عن وجه الأرض 00 فجاءت آية العنكبوت مبينة أن الناس لن يعجزوا الله في الأرض وكذلك لن يعجزوه في السماء بعيدًا عن الأرض لقوله تعالى "ولا في السماء"0 فآية العنكبوت أنبأت بما سيكون عليه الإنسان من استعمال السماء 00 فقد جاء هذا الزمان الذي رأينا فيه استعمال الإنسان للسماء بكثافة 00 مليون إنسان يوميًا يركب الطائرات التي تتنقل في أرجاء الأرض عبر السماء وأصبح لها خطوط لسيرها في الجو كما للمواصلات الأخرى خطوط على وجه الأرض0 وبلوغ الإنسان القدرة على الانتقال في السموات، والنفاذ إلى الفضاء، لن يعطيه ذلك أن يكون معجزًا لله 00 وما يحمل معه إلا قليلا يبقيه قي السماء لساعات عديدة، يرجع بعدها مضطرًا إلى الأرض للتزود منها بكل ما يحتاجه00 فأين المفر؟ 00 وسبحان الله علام الغيوب الذي أبلغنا بلطف فيما كان وما يكون 00 وصدق الله العظيم الذي قال عن كتابه 00(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) القيامة0 93- وأنا كنا نقعد منا مقاعد للسمع قال تعالى: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) الجن0 إذا كانت السماء من مادة غازية فكيف تقعد الجن فيها ؟!0 وهل القعود يشترط فيه أن يكون على مكان صلب ؟0 لفظ القعود يراد به ترك العمل والرغبة فيه؛ بسبب الشعور بالعجز حقيقة، أو لكبر السن، أو خوار الهمة، أو التفرغ لأمر آخر وانتظاره: قال تعالى: (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف0 قال تعالى: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) التوبة0 قال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) الإسراء0 فقعود الجن في السماء لاستراق السمع هو التفرغ له، وترك ما دون ذلك، أو الانشغال بغيره، حتى يحين الوقت الذي يتمكنون فيه من استراق السمع، بالكيفية التي تمكنهم من فعل ذلك0 يتــــــــــبع |
اقتباس |
05-05-2010, 03:53 PM | #18 |
|
94- هل توجد مـخلوقات أخرى في الكون ؟ تبين لنا من كل الأدلة والآيات التي مرت معنا في هذا الكتاب أن الحديث كان عن السموات والأرض والحياة التي فيهما، وبث الدواب فيهما، ولا يتعلق إلا بهذه الأرض، وما لحق بها من السموات التي أحاطت بالأرض مشكلة هذه الأغلفة الغازية0 وقد تبين لنا أن الأجرام السيارة التي تدور حول الشمس لا يصلح منها شيء للحياة، ولا لسكنى الإنسان فيها، ولا حتى الذباب والبعوض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر 00 وفوق ذلك أنه لو كانت هذه الأجرام صالحة للحياة فإن طريق الوصول إليها طريق طويل0 وللوصول إلى الأجرام الأقرب التي تتشكل منها المجموعة الشمسية يكون الإنسان قد خسر الكثير من وزنه وقدرته، ووهنت عظامه قبل أن يصلها، لأنه لن يصلها إلا بعد شهور أو سنين طويلة تكون قواه قد أنهكت، وقد يصل إلى درجة من الإنهاك والعجز، فيفشل في مهمته0 هذا بالنسبة لأجرام تعد شديدة القرب من الأرض، فكيف بالوصول إلى سائر الكون ؟، بل يحتاج للوصول إلى أقرب النجوم إلينا إلى آلاف السنين إن كان حوله أجرام باردة غير مشتعلة تصلح للحياة 00 أي إنسان سيعيش آلاف السنين! إنه سينشئ له ذرية في هذا الدرب البعيد لتواصل رحلتها عنه بعد هلاكه لو قدر له أن يفعل ذلك، فإذا كان فقدان الجاذبية يوهن العظام، فإن تكون الأجنة بدون جاذبية يشوهها تشويهًا كبيرًا، ولم ينشر عن التجارب في الفضاء على تكون الأجنة حتى لا تصاب البشرية بصدمة كبيرة، فيوجد رأي عام ضد أبحاث الفضاء والسفر في الفضاء في رحلات طويلة0 والحقيقة القائمة أننا لم نجد، ولن نجد، غير الأرض مكانًا صالحًا للحياة، ولن نستطيع أن نعرف إن كان هناك حياة أخرى على جرم آخر في الكون0 وأهم من هذا وذاك أن القرآن لم يحدثنا عن أي حياة غير حياة البشر التي نعرفها، وهي سائرة إلى فناء، لتكون بعدها الحياة الآخرة، فمن أراد الخلود فعند الله الخلود 00 والسبيل إليه الإيمان بالله والعمل برضاه0 : (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62) الواقعة0 : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)[COLOR=#333333] العنكبوت0 : [COLOR="Blue"](وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47) 95- بديع السموات والأرض (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) البقرة0 الإبداع هو إخراج الشيء عن المألوف إلى جديد ينشأ على غير مثال سابق فيه، أو في غيره0 وإبداع السموات والأرض هو قطع للماضي الذي سارا عليه وإخراجهما بصورة جديدة لم تكن فيهما، ولا في غيرهما فأصبحا مسخرين للحياة والعيش فيهما، وقد تبين لنا أن الأرض بما يحيط بها من سموات لا مثيل لها في المجموعة الشمسية، وما بعد ذلك لا نستطيع التحقق إن كان هناك مثيل لهما أو لا إلا بعلم من الله 00 والله لم يعلمنا بشيء عن ذلك0 96- الأرض هي مركز السموات وليست مركز الكون حقيقة السموات، كما صورها القرآن بكل وضوح وجلاء، فرق بين الكون والسموات، وعدم التفريق هو الذي جعل الصراع قويًا بين الكنيسة والعلم، رفضت الكنيسة فكرة دوران الأرض حول الشمس بكل ما أوتيت من قوة، لأن هذا يخالف فهمهم الخاطئ المنسوب إلى الإنجيل0 أما نحن المسلمين فكتابنا هو كلمات الله المحفوظة بلفظ لا قدرة للبشر أن يأتوا بمثله 00 فإن حصل خطأ أو عجز عن فهم تفسير آية على الوجه الأقرب إلى الحق، جاء جيل آخر من العلماء فبينوا فيه ما لم يسبق معرفته أو الحديث عنه 00 كل ذلك لأن العلماء يتعاملون مع نص ثابت وليس مع تفسير قد يكون عاجزًا عن بلوغ الحقيقة0 واليوم يعلم العالم والمتعلم أن الأرض ليست مركز الكون، بل هي جرم صغير من المجموعة الشمسية، وكذلك الشمس نجم من نجوم مجرة التبانة، وهي كذلك ليست مركزها، وهذه المجرة ليست مركز المجرات ولا مركز الكون0 فالأرض كما بينته الآيات هي مركز السموات المحيطة، والمطبقة عليها من كل الجهات0 والسموات والأرض هي جزء يكاد لا يذكر في هذا الكون الشاسع لضآلة حجمهما، لولا تفضيل الله لهذه الأرض بجعلها صالحة للحياة التي هي فيها0 97- ما بين السماء والأرض فيما يراه الناظر [COLOR=#333333]مع أن السحاب يسبح في السماء، والطير تطير في السماء، ومبتدأ السماء من وجه الأرض التي هي قائمة عليها كبناء فوقها، وفروع الأشجار في السماء، إلا أن هناك رؤية ظاهرية في النهار لزرقة في السماء تعرف بها السماء، وأصبح ينظر إلى هذه الزرقة على أنها السماء، وقد بينا أن هذه الزرقة ناتجة من تشتيت الضوء في السماء بسبب وجود جزيئات الماء، والغبار الذي يصل إلى عشرات الكيلومترات من طبقات الهواء التي لها كثافة، وهذه الزرقة لا ترى بيننا وبين الشمس، ولا بيننا وبين السحاب، ولا بيننا وبين الجبال البعيدة، لأن هذه الزرقة تحتاج إلى خلفية الفضاء المظلمة بعدها حتى تمكننا من رؤية هذا التشتيت الضعيف الذي نراه كزرقة في السماء0 وبين هذه الزرقة التي في السماء وبين الأرض مسافة مقدرة برؤية العين، وقد سميت بالسماء كما سمي المطر والسحاب بالسماء لأنه جزء منها، وهي تمثل سماكة السماء أو تمثل الجزء الذي بيننا وبين هذا البعد الظاهري0 وقد جاء التمثيل بهذا البعد الظاهري بين الأرض والمرئي من السماء على أنه السماء في أحاديث عديدة كالحديث الذي رواه البخاري (21676) وغيره: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِنْهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْفِرْدَوْسُ أَعْلَاهَا دَرَجَةً مِنْهَا تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ الْأَرْبَعَةُ وَمِنْ فَوْقِهَا يَكُونُ الْعَرْشُ وَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ) 98- الإسراء والمعراج وحقيقة السموات حادثة الإسراء والمعراج أوجدت بعض المفاهيم التي قد تعارض في ظاهرها حقيقة السموات كما صورها القرآن، ولما كان هذا القرآن الكريم هو كلام الله، والله تعالى هو الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به في السموات، ثم إلى ما فوقها حتى انتهى إلى سدرة المنتهى 00 فلا يعقل أن يكون هناك اختلاف بينهما في تصوير حقيقة السموات0 وفي قصة الإسراء والمعراج مسائل لا يحسن تجاوزها وعدم الوقوف عليها، لأنها تجلي حقيقة السموات: • تهيئة جسد الرسول صلى الله عليه وسلم لرحلة الإسراء والمعراج0 • الدابة التي ركبها صلى الله عليه وسلم في الإسراء وعليها عرج إلى السموات0 • رؤية الأنبياء عليهم السلام في السموات0 • رؤية النيل والفرات في السماء0 • مكان سدرة المنتهى0 • مكان البيت المعمور0وقبل الحديث عن الإسراء والمعراج لا بد من الإشارة أن هناك اختلافًا في النظر إلى الإسراء والمعراج هل كان الإسراء والمعراج بالروح أم بالروح والجسد؟0 الإسراء يكاد يكون عليه اتفاق أنه تم بالروح والجسد، لكن المعراج هو محل الخلاف، والرأي الراجح فيه أنه كان بالجسد والروح أيضًا لقوله تعالى: (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) النجم0 فقوله تعالى "ما زاغ البصر" يدل على أن الرؤية كانت مباشرة، وليس رؤيا علم، تحتمل أن تكون عن طريق المنام أو الوحي0 فإن كان الإسراء والمعراج بالروح فقط، أو كانا رؤيا بالمنام فالحديث يضيق عن هذا الحدث، وأما إن كان الإسراء والمعراج بالروح والجسد فعند ذلك يتسع البحث والدراسة في بيان حقيقة السموات بهذه الحادثة0 يتــــــــــبع |
اقتباس |
05-05-2010, 03:54 PM | #19 |
|
99- تهيئة جسد الرسول صلى الله عليه وسلم لرحلة الإسراء والمعراج سؤال يطرح نفسه: كيف يستطيع بشر أن يتحمل هذه الرحلة والعروج إلى الفضاء ؟0 نستطيع أن نرد على هذا القول بأن قدرة الله عز وجل كافية للرد على هذا السؤال، لأن الله عز وجل هو الذي أراد لمحمد صلى الله عليه وسلم هذه الرحلة المليئة بالمخاطر، وفوق قدرة الجسد البشري، فما كان فيها هو من باب المعجزات الإلهية التي لا تحد القدرة الإلهية فيها بحد0 لكن وردت هناك أمور في قصة الإسراء والمعراج قد تكون فيها إجابة شافية، ومعجزات لا يقدر عليها البشر 00من ذلك أن المنطلق في هذه الرحلة يحتاج أن يكون جوفه صلى الله عليه وسلم فارغًا، وجسمه محميًا من النـزف، عندما يتعرض لقلة الضغط، وكذلك يحتاج إلى التنفس في جو لا يصلح للتنفس فيه، أو حتى لا غاز فيه 00 وقد جاء في أحاديث بروايات عديدة في مجملها ما يفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أُمِّن له التغلب على هذه المشاق جميعًا عن طريق شق جوفه من نحره إلى مراق بطنه، فنظف جوفه وغسل قلبه بماء زمزم، وجيء بطست من ذهب مليء بالحكمة والإيمان [أشياء مادية وهذه غير المعاني الحسية التي تحمل نفس الاسم] لتحمي جسده صلى الله عليه وسلم ، وتعطيه الأمان في هذه الرحلة ، فحشي منها قلبه ولغاديده [عروق حلقه]، وسكبت في صدره وجوفه ثم أطبق عليها0 لماذا فعل بالرسول صلى الله عليه وسلم ذلك ؟0 أول إعداد لجسد الرسول صلى الله عليه وسلم هو تطهير جوفه حتى لا يكون في حاجة لقضاء الحاجة، ولأنه سيكتب له دخول الجنة فلا يصح أن يكون في بطنه من خبث بقايا الطعام شيء، ثم ملء الفراغ الذي في صدره وبطنه حتى لا تتجمع السوائل في الرئتين والأمعاء بسبب قلة الضغط والسرعة 00 فالطيار أثناء طيرانه يلبس بدلة تحشر عروق رجليه، تمنع من تجمع الدم فيهما من جراء سرعة الانطلاق أو سرعة الدوران، لئلا ينخفض ضغط الدم في الدماغ فيصاب عند ذلك بإغماء، فكيف الحال في جو قليل الضغط، أو عند انعدامه، وبسرعة قد تساوي أضعاف السرعة المعروفة التي يطير بها الطيارون للطائرات الحربية الأسرع من الصوت0 وثانيًا: إن الذي يصاب بنـزف داخلي يعطي مواد في دمه لمنع هذا النـزف، فحشي القلب الذي يوزع الدم على كل أعضاء الجسم، وحشي العروق بهذه الحكمة التي تحكم الجسم لتعطي أمانًا لجسد الرسول صلى الله عليه وسلم 0 ويبقى أمر التنفس فإن حاجة الإنسان للتنفس هو لحفظ الجسم في درجة ثابتة، وعند بذل طاقة يزيد هذا الاحتراق، فيحتاج إلى التخلص من ثاني أكسيد الكربون واستبدال بالأكسجين 00 فإذا كان في هذه الحكمة التي حشي بها قلب النبي صلى الله عليه وسلم وعروقه وملئ بها صدره وجوفه تعطي جسده صلى الله عليه وسلم حرارة ثابتة، وتحافظ عليها، وتغنيه عن الاحتراق الداخلي في الخلايا، فإن حاجته للتنفس تكون قليلة، ولا يحتاج للتنفس الشديد والسريع، فيكون جسده الشريف في أمان عند ذلك 00 وهناك من المخلوقات ذات السبات الشتوي التي يكاد ينعدم تنفسها طوال عدة أشهر في سباتها بالتنظيم الإلهي الذي وضعه سبحانه وتعالى لها 00 فعناية الله برسوله ونبيه أعظم، ودون الحاجة لهذا السبات0 وكذلك فإنه يعطى في الدم ما يكون فيه علاج لو تنفس مواد كيميائية أو إشعاعية، والفضاء مليء بالإشعاعات الضارة، فقد تكون هذه الحكمة والإيمان اللذَين أخذهما الرسول صلى الله عليه وسلم يؤمنان له السلامة من كل ذلك، وتحكمان جسمه من التهاوي أو الضرر0 100- الدابة التي ركبها النبي سبحانه وتعالى في الإسراء والمعراج أما الدابة التي حملت الرسول صلى الله عليه وسلم فلها عدة أوصاف: فأما تسميتها بالدابة فلا يقتضي أن تكون ذات روح؛ لأن الدابة سميت لقدرتها على الحركة والانتقال، والوصول وإيصال من تحمله إلى مبتغاه، خلافًا للنبات الذي لا يفارق مكانه 00 فكيف بها إذا تحركت مرتفعة في السماء، ووصلت وأوصلت من عليها حيث يريد، أو يراد له0 وأما تسميتها بالبراق ليدل اسمها على شدة عكسها للضوء ولمعانها، ولمعان البرق معروف، وقد سمي السيف بإبريق للمعانه، وكذلك للدلالة على مدى سرعتها، والسرعة مطلوبة لأداء المهمة في وقت قصير جدًا0 وضم أول حروف بُراق حاله كحال كل كلمة ضم أولها، فيه إشارة إلى الباطن؛ فضم أول المصادر الدالة على أصوات يفيد أن هذه الأصوات مصدرها الباطن مثل: (ثُغاء، رُغاء، عُواء، نُباح، صُراخ، 00) وضم أول الأفعال المبنية للمجهول للدلالة على أن الفاعل مستور في باطن يجعله مجهولاً غير معلوم مثل: (كُتب وقُرئ 000)، وكذلك ضم أول الفعل المضارع (يُريدُ ، يُحبُ ، 00) ليدل على أن هذه الأفعال؛ أفعال قلبيه مصدرها نفس الفاعل، وضم آخر الفعل المضارع للدلالة على أنه ما زال داخلا في الفعل، ومستمرًا فيه، ولم ينته بعد منه فيخرج منه، وجعلت الضمة علامة للفاعل للدلالة على أن مصدر الفعل هو من نفس الفاعل، وليس واقعًا عليه، وجعلت واو الجمع علامة تدل على الجمع لكون الجمع يكون من الالتفاف حول شخص أو فكر يكونان بمثابة الباطن لهذا الجمع، وكذلك علامة لرفع جمع المذكر السالم لأن هذا الجمع هو لمن حملوا في أنفسهم صفات معينة، والضمة هي أخت الواو0 وكل استعمالات الواو وأختها الضمة، فيها إشارات للباطن في كامل اللغة والنحو، لكن المجال يضيق عن بيانها واستقصائها، وما أوردناه في الدلالة القوية على ذلك0 فضم أول براق يدل على أن هذه الدابة لها باطن وفيه يتم الركوب ولو كان الدخول إليها من أعلاها0 وأما وصفها فوق الحمار ودون البغل فلبيان مقدار ارتفاعها وأن فيها طولاً0 وأما وصف لونها بالبياض فهذا اللون هو المطلوب ليكون عاكسًا وحاميًا لمن فيها من شدة الحرارة في الفضاء والطبقات العليا من السماء0 وورد في أحاديث أخرى وصف آخر، غير الوصف بالدابة، فقد جاء فيها أن جبريل عليه السلام جاء للرسول صلى الله عليه وسلم "فوكزه في ظهره فقام إلى شجرة فيها كوكري طائر، فقعدت في أحدهما، وقعد جبريل في الآخر، فنشأت بنا حتى بلغت الأفق "وفي رواية" فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي" (جاء في تفسير ابن كثير - أول سورة الإسراء - وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو البزار في مسنده 58 حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا سعيد بن منصور حدثنا الحارث بن عبيد عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينا أنا نائم إذ جاء جبريل عليه السلام فوكز بين كتفي فقمت إلى شجرة فيها كوكري الطير فقعد في أحدهما وقعدت في الآخر فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي ولو شئت أن أمس السماء لمسست فالتفت إلى جبريل كأنه حلس لاط فعرفت فضل علمه بالله على 000 ثم قال ولا نعلم روى هذا الحديث إلا أنس ولا نعلم رواه عن أبي عمران الجوني إلا الحارث بن عبيد وكان رجلا مشهورا من أهل البصرة ورواه الحافظ البيهقي في الدلائل (2368) عن أبي بكر القاضي عن أبي جعفر محمد بن علي بن دحيم عن محمد بن الحسين بن أبي الحسين عن سعيد بن منصور فذكره بسنده مثله ثم قال وقال غيره في هذا الحديث في آخره ولط دوني أو قال دون الحجاب رفرف الدر والياقوت ثم قال هكذا رواه الحارث بن عبيد ورواه حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن محمد بن عمير بن عطارد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في ملأ من أصحابه فجاءه جبريل فنكت في ظهره فذهب به إلى الشجرة وفيها مثل وكري الطير فقعد في أحدهما وقعد جبريل في الاخر فنشأت بنا حتى بلغت الأفق) وجاء في شعب الإيمان ج1/ص175 – 176 (رقم 155) حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني أنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الديبلي حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ حدثنا سعيد بن منصور ثنا الحارث بن عبيد الأيادي عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينا أنا قاعد إذ جاء جبريل عليه السلام فوكز بين كتفي فقمت إلى شجرة فيها مثل وكري الطير فقعدت في أحدهما وقعد في الآخر فسميت حتى إذا سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي ولوشئت أن أمس السماء مسست فالتفت فإذا جبريل عليه السلام كأنه حلس لاطئ فعرفت فضل علمه بالله عز وجل علي، ورواه حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن محمد بن عمير بن عطارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم: فوقع جبريل مغشيا عليه كأنه حلس فعرفت فضل خشيته على خشيتي فأوحي إلي نبيا ملكا، أو نبيا عبدا، أو إلى الجنة، فأوما إلي جبريل وهو مضطجع أن تواضع، فقلت لا بل نبيا عبدا0 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج1/ص75: رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح0 وجاء في عمدة القاري ج17/ص20 : ومنهم من قال بوقوع المعراج مرارا منهم الإمام أبو شامة واستندوا في ذلك إلى ما أخرجه البزار وسعيد بن المنصور من طريق أبي عمران الجوني عن أنس رفعه قال: بينا أنا جالس إذ جاء جبريل عليه الصلاة والسلام فوكز بين كتفي فقمنا إلى صخرة مثل وكري الطائر فقعدت في أحدهما وقعد جبريل في الآخر فارتفعت حتى سدت الخافقين الحديث وفيه فتح لي باب من السماء ورأيت النور الأعظم قيل الظاهر أنها وقعت في المدينة0 هذا المشهد يدل على أن الدابة في باطنها هي مركبة ذات مقعدين 00فوكر الطائر لا يكون مكشوفًا بل يكون في بطن شجرة أو جبل أو أرض 00 وفي هذه الشجرة وكران وكان النبي صلى الله عليه وسلم من وكره الذي قعد فيه يستطيع أن يقلب طرفه وهو فيه، فدل على شفافية ما حوله كأنه زجاج، يمكنه من الرؤية خارج الوكر الذي قعد فيه0 وإذا علمنا أن الشجرة سميت بهذا الاسم لأنها وقفت على ساق، فابتعدت بفروعها وأغصانها عن الأرض، فلما ملكت هذه المركبة القدرة على مفارقة الأرض بنفسها سميت بالشجرة أو ارتفاعها على قوائم تبعدها عن الأرض وتستند عليها0 والشجرة لم تسم إلا بجزئها الذي فارق الأرض دون النظر إلى الساق أو الجذور والدليل على ذلك قاله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) الفتح0 فما فوق مجلس النبي صلى الله عليه وسلم هو الشجرة في هذه الآية مع أن لها ساقًا بجانبه وجذرًا في الأرض تحته0 والدليل الآخر في قوله تعالى: (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) إبراهيم0 فهذه الشجرة ميتة مقطوعة عن جذرها لا خضرة فيها ومع كل ذلك فقد سميت بالشجرة0 فلا تعجب إن سميت هذه الدابة أو المركبة أيضًا بالشجرة؛ من فعلها في مفارقتها في أعظم مفارقة للأرض إلى السموات؛ وإلى سدرة المنتهى 00 لتحمل أول رائد إلى الفضاء بقدر ة الله؛ وبتهيئة لم تعرف البشرية لها مثيل من بعد0 ولا يكن عجبك من تسمية الدابة بالشجرة وأنت قد تعلق فكرك بصورة الشجرة الحية الخضراء، وأنها لن تكون شجرة إلا بهذه الصفة 00 فلعل عجبك مرده التقصير في معرفة تسمية المسميات بأسمائها، وهو أشرف علم في اللغة وذروة سنامه، وقد أعطى تعالى هذه القدرة لآدم ليسمي المسميات بأسمائها، ولينشئ لغة يتخاطب بها بنوه فيما بينهم، ويناجون ربهم، وليعلوا في بيانهم ليستقبلوا كلام ربهم، عندما ينـزل عليهم، قال تعالى: (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) البقرة0 فقد أعطاه تعالى بما فضله على الملائكة وبين فضله عليهم بهذا العلم 0 وقال تعالى: (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الرحمن فمن رحمته تعالى أن حدد عبادته بكلماته، فعلم القرآن 00 ولكن من سيستقبل هذا القرآن والعمل به ؟ فخلق الإنسان 00 ولكن كيف له أن يتلقى القرآن ؟ فعلمه البيان0 من معرفة سبب تسمية المسميات بأسمائها يتولد لنا علم واسع شريف، غفلت عنه الأمة بعلمائها قرونًا طويلة؛ من لدن نزول القرآن إلى يومنا هذا0 وقد سمى العرب النقطة في ذقن الغلام بالشجرة 000 فلك أن تسأل كيف يكون ذلك ؟0 لأنها موضع اعتماد الرأس على الكف ليبقى مرفوعًا عند الاستلقاء بوضع معين0 فهي دابة لقدرتها على الحركة والانتقال والوصول إلى المراد من الأمكنة، وهي شجرة لارتفاعها واستنادها على قوائم، وهي صخرة لكونها جماد وليس كائن حي 000 فجاء تنوع الوصف مراعاة لتعدد الأوصاف0 ولا بد من الإشارة لرواة الحديث السابق عند البيهقي؛ فرواته عنده كلهم ثقات، إلا الحارث بين عبيد؛ فرتبته صدوق يهم، وقد روى له مسلم في صحيحه عددًا من الأحاديث، وروى البخاري لغيره أحاديث وقال: وتابعه عليها الحارث بن عبيد وفلان وفلان ، فإن صح هذا الحديث فقد أشار إلى ما سبق ذكره وبيناه 0 وقد يصح القول ويصدق إن قيل بأنه كان هنالك للرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من معراج، فكثير من الأحاديث ذكرت أنه صلى الله عليه وسلم انطلق من المسجد الحرام إلى السماء الدنيا، ثم باقي السموات دون أن يكون هناك ذكر للمسجد الأقصى، أو أن يكون هذا المعراج في زمن غير زمن الإسراء، وقد يكون قبل زمنه لأنه قد بدا من الأنبياء عدم معرفة سابقة بمبعث النبي عليه وعليهم الصلاة والسلام، وهو الذي قد صلى بهم في بيت المقدس في ليلة الإسراء0 وجاء في رواية أنه صلى الله عليه وسلم ، بعد صلاته ركعتين في المسجد الأقصى جيء له بالمعراج الذي تعرج فيه أرواح الأنبياء، وعلى هذه يكون المعراج غير الدابة التي ركبها من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى0 هذه الأحاديث تدل على أن المعراج كان للنبي صلى الله عليه وسلم بالروح والجسد ، وليس بالروح فقط، وهذا هو الرأي الغالب لقوله تعالى: (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) النجم0 يتـــــــــبع |
اقتباس |
05-05-2010, 03:54 PM | #20 |
|
101- رؤية الأنبياء في السموات لقد رأى صلى الله عليه وسلم في السموات ثمانية أنبياء على هذا الترتيب: في السماء الدنيا آدم عليه السلام0 وفي السماء الثانية عيسى ويحيى أبناء الخالة عليهما السلام0 وفي السماء الثالثة يوسف عليه السلام0 وفي السماء الرابعة إدريس عليه السلام0 وفي السماء الخامسة هارون عليه السلام0 وفي السماء السادسة موسى عليه السلام0 وفي السماء السابعة إبراهيم عليه السلام0 فهؤلاء الأنبياء هم موجودون في أماكن من السموات، وما أوسع السموات، فمر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فإن كانوا أرواحًا بلا أجساد فمن المحال رؤيتهم، والله يصرف من يشاء من الدخول عليهم أو الاقتراب منهم، والأرواح بعد قبضها ترفع إلى السماء ثم ترد ثانية، كما أفادته أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإن كانوا أجسادًا فمعنى ذلك أن وجودهم في هذه السموات كان وقت المعراج فقط؛ لإيماننا أن أجساد الأنبياء جميعًا في قبورهم سوى (عيسى عليه السلام) وقد قال تعالى عن يونس عليه السلام: (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) الصافات، ولقوله صلى الله عليه وسلم [يدفن النبي في المكان الذي يقبض فيه]00 فكيف يكون جسده بعد ذلك في سماء من السموات ؟0 هذا وقد رأى صلى الله عليه وسلم في الإسراء موسى عليه السلام يصلي في قبره0 فالكل يؤمن أن أجساد الأنبياء في قبورهم إلا عيسى عليه السلام0 فلكرامة من الله للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولحكمة أرادها الله تعالى كان وجودهم في طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين إلى ربه، ومن ذلك تخفيف الصلوات من خمسين إلى خمس بسبب نصح موسى لمحمد عليهما الصلاة والسلام أن يسأل ربه أن يخفف منها، ولو كان الأمر غير هذا لقلنا أين إسماعيل وإسحاق ويعقوب؟ وأين داود وسليمان وزكريا ؟وأين بقية الأنبياء ؟ ولماذا يوزعون في السموات ولا يجمعون في سماء واحدة وفي مكان واحد كما جمع عيسى ويحيى في السماء الثانية؟ وكذلك لم يحدث الرسول صلى الله عليه وسلم أهل مكة إلا عن الإسراء ؟ ولم يأت بذكر عن المعراج0 وإذا استرجعنا في أنفسنا أن السماء واسعة جدًا، فأكبر الطائرات التي تحمل المئات من الناس عندما ترتفع كثيرًا تكاد لا ترى بالعين المجردة، فكيف لنا رؤية أحد من الناس لو كان موجودًا في مكان ما في السماء ؟0 إن كان ما رآه هو أرواح الأنبياء فكيف لنا رؤيتهم؟ 00 فنحن لا نرى الأرواح ولا جنس الجن ولا الملائكة، وهم معنا ومن حولنا فكيف نرى من بعد عنا؟ وأنهم حين مر هو وجبريل عليهم، كانوا في حجاب، فاحتاج أمر الدخول عليهم طرق الأبواب وإلى الاستئذان فكيف لنا أن نرى ما كان داخل الحجاب دون إذن وقدرة من الله0 وحتى لا ننسى يجب أن نستحضر في فكرنا أن حقيقة السموات مأخوذة من عشرات الأبواب التي وردت في مئات الآيات القطعية الثبوت، فلا ينسف ما ورد في القرآن بضع أحاديث إن لم يمكن التوفيق بينها، والتوفيق بينها قائم، والمخالفة لهذه الحقيقة لا مكانة لها في الأحاديث الصحيحة0 هناك مناطق معروفة في السماء عند أهل الاهتمام في غزو الفضاء لا يحسن الخروج أو الدخول منها، فليس كل أبواب السماء مفتوحة للدخول أو الخروج في أي وقت يشاءون، فهم يرصدون المكان والوقت المناسبين للخروج إلى الفضاء أو الرجوع منه والله تعالى أعلم0 102- العروج إلى السماء الدنيا بينا أن المقصود بالسماء الدنيا إما السماء الأولى وإما السماء التي في الحياة الدنيا التي تبدل بغيرها يوم القيامة، والعروج إلى السماء الدنيا في الأحاديث يدل على أن المقصود بها السماء الأولى لذكر باقي السموات بعدها، والسماء الدنيا واقعة بين حدين؛ الحد الأول هو وجه الأرض، والحد الثاني بداية السماء الثانية، أما حدها الأول وجه الأرض؛ فكل الكائنات التي تعيش على وجه الأرض وتتحرك عليها هي أيضًا في الجزء الأسفل من السماء الدنيا، وتتحرك فيه، وهذا الحد لا يحتاج للوصول إليه إلى عروج ، أما فوق ذلك حتى نهاية السماء الدنيا وبداية الثانية فيحتاج إلى العروج إليه0 ولما كانت السماء من مادة شديدة الشفافية فلا يحس بوجود السماء في الجزء الأسفل منها، ولكن الإحساس بها يكون عندما تظهر باللون الأزرق، بسبب تشتيت الضوء فيها جراء جزيئات الغبار والماء، وهذا التشتيت هو ضئيل جدًا لا يمكن الإحساس به إلا في طبقة سميكة على خلفية سوداء، فهو لا يرى ما بينك وبين الغيوم، ولا ما بينك وبين الشمس أو القمر، ولا ما بينك وبين الجبال 00 لذلك صار الإحساس بالسماء الدنيا هو إحساس بالجزء العلوي منها دون باقيها، ونطلق على ما نراه بالسماء 00 فالارتفاع والعروج فيه أصبح يعد عروجًا إلى السماء الدنيا00 وأصبح الجزء غير المرئي أو غير المحس به بحاسة البصر كأنه فاصل بين الأرض وبين السماء0 والتعامل مع السماء في آيات القرآن هو تعامل مع حقيقتها لا على الرؤية القاصرة لها 00 وقد بينا أنه لا يوجد فاصل بين السماء والأرض غيرهما 00وما بين السماء والأرض قد بيناه بأنه ما اشترك معهما؛ فيكون جزء منه في الأرض، وجزء منه يكون في السماء، كالنباتات والأشجار، وإما أن يكون مرة في السماء، ومرة على الأرض، أو فيها، كالماء مرة يكون في الأرض، ومرة يتبخر فيكون في السماء، والطيور التي مرة تكون في السماء، ومرة تكون على الأرض، أو في أعشاشها داخل الأرض0 فالعروج إلى السماء الدنيا ورد في حادثة الإسراء والمعراج ولم يرد هذا العروج في القرآن الكريم، والألفاظ التي رويت بها الأحاديث لا تصل بقوة بلاغتها وفصاحتها ما عليه كلمات وألفاظ القرآن الكريم0 103- رؤية النيل والفرات في السماء رؤية النيل والفرات ليلة الإسراء والمعراج في السماء الأولى، وفي السماء السادسة، وفي السماء السابعة، وما بعد السماء السابعة، دليل على أن السموات السبع شيء يسير، منها تستطيع أن ترى النيل والفرات، ولو ابتعدت أكثر من ذلك، واستمر ابتعادك، فستختفي معالم الأرض شيئًا فشيئًا، ثم يصل الأمر إلى اختفاء الأرض كلها0 وسؤال يقف المرء عنده00 لماذا الرؤية للنيل والفرات من دون الأنهار؟ 00 لماذا مثلاً لم يذكر دجلة وهو قريب ويجتمع مع الفرات في مصب واحد في شط العرب؟0 الجواب عن ذلك حددته أحاديث عدة في الإسراء والمعراج0 روى أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه رأى أربعة أنهار في معراجه، وسأل عنهما جبريل عليه السلام، فقال: أما الظاهران فالنيل والفرات وأما الباطنان فنهران في الجنة0 وفي الأحاديث التي رواها أبو هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم: النيل والفرات وسيحان وجيحان من أنهار الجنة0 والجمع بين الأحاديث أن النهرين اللذين في الجنة في حديث مالك بن صعصعة هما سيحان وجيحان في حديث أبي هريرة0 ولماذا جاءت هذه الأحاديث بهذه الصورة ؟0 إذا عرفنا أن الجنة سميت بهذا الاسم المشتق من مادة (جنن) وهذا جذر يفيد ستر الشيء وعدم رؤيته حتى نقف عليه 00 فأول الجنات في الأرض، ولا تكون الجنات إلا من الأشجار المثمرة التي تحتاج إلى الماء الجاري، كانت هذه تنشأ في بطون الأودية بين الجبال وفي المنخفضات، فهي في ستر حتى نقف على حافة هذه البطون فنطلع عليها 00 هذه الجنات هي التي سبقت التسمية إليها في بادئ الأمر قبل تمكن الإنسان من بناء السدود وشق القنوات وحفر الآبار التي مكنت الإنسان من إنشاء جنات في السهول والمناطق المكشوفة0 ومن هذه المادة "الجنين" الذي نعرف مكانه في البطن ولا نقف عليه حتى تضعه أمه ويخرج إلى الدنيا0 "والجن" جنس مستور لا نستطيع رؤيته حتى يمكن الله عز وجل من رؤيته لبعض الناس في الدنيا وللجميع في الآخرة0 "والجنون" ستر للعقل حتى يزول فيفيق منه0 "وجنة النعيم" مستورة في الدنيا ولا يمكن رؤيتها إلا في الآخرة لمن أنعم الله عليه في دخولها0 لذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى الأنهار الأربعة كان اثنان منهما يجريان في مناطق مكشوفة، وهما النيل والفرات بالنسبة لمكان الرؤية له فوق بيت المقدس، واثنان كانا يجريان في بطون الأودية بين الجبال وهما سيحان وجيحان0 وعدم ذكر دجلة دل ذلك على بعده عن الرؤية، وأن سيحان وجيحان هما أقرب منه، وفي بعد يساوي بعد النيل والفرات أو يقارب بعدهما من مكان المعراج الذي عرج منه رسول الله صلى الله عليه وسلم 0 فأين يقع سيحان وجيحان ؟0 سيحان وجيحان نهران في الأناضول جنوب تركيا الآن يصبان في البحر المتوسط في منطقة أضنة القريبة من الحدود السورية، وهما يجريان بين الجبال، وبعدهما يقارب بعد النيل والفرات عن بيت المقدس0 وقد يقاس بعد هذه الأنهار عن بيت المقدس ومعرفة مدى الرؤية من تحديد ارتفاع السماء السابعة0 وأما وصف هذه الأنهار الأربعة بأنها من الجنة في بعض الأحاديث فجميع منابع هذه الأنهار في بطون الأودية بين الجبال، وكثير من الأنهار حالها كحال هذه الأنهار، ويمكن رؤية ذلك والتحقق منه كلما ازداد الارتفاع أكثر أثناء المعراج0 وأما لماذا هذه الأنهار دون غيرها ؟ 000 فلقربها دون غيرها من بيت المقدس مكان المعراج 000 والسؤال عنها لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرها من قبل أو مر عليها، ولأن الاستئذان في السموات، والسلام على الأنبياء الذين مر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الوقت الكافي لملاحظة هذه الأنهار0 وأما ربط الأنهار الأربعة بسدرة المنتهى 00 فإما لأن الرؤية كانت من عند أصلها 00 فجاء النقل كأن هذه الأنهار تنبع من أصلها مرة "وإذا أربعة انهار" ومرة "يخرج من أصلها أربعة أنهار" 00 فقد بينا أن الأنهار الأربعة لها منابع ولها مجارٍ اثنان منها يجريان في ظاهر من الأرض وهما النيل والفرات واثنان يجريان بين بطون الأودية بين الجبال حتى يصبا في البحر وهما سيحان وجيحان0 وأما كيف تمت الرؤية لهذه الأنهار في الليل، فقد تكون الدابة التي ركبوا فيها، وكانوا يقلبون أبصارهم من داخلها، هي في حال يتضاعف الضوء الداخل إليها كالمناظير الليلية فيروا من داخلها ما لا يستطيعون رؤيته بالعين المجردة0 يتــــــــــبع |
اقتباس |
رد علي الموضوع |
الكلمات الدلالية (Tags) |
السماوات, القرآن, حقيقة, صورها, كما |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|