اخر الاخبار هنا اخر الاخبار هنا اخر ااالاخبار هنا

عدد الضغطات : 5,301
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز الموضوع المميز المشرف المميز
قريبا
بقلم :
قريبا

العودة   منتديات مشاعرهم الادبية > ۩۞۩الاقـــســــام الادبـــيــة۩ > المكتبه الادبيه لمشاعرهم
تحديث الصفحة الشاعرة نازك الملائكة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-06-2010, 01:15 PM   #11


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




إن شاء الله

ناديت الوردة ذات صباح : " يا وردة إني عطشى "
فرنت وانتفضت وابتسمت
وجها , قلبا , شفة , رمشا
منحتني العطر , اللون , الحبّ , وما بخلت
فرشت لي خدّيها وحنت
***
وسألت حبيبي أن ألقاه
فتطلّع فيّ وقال : أجل , إن شاء الله..
بضعة ألفاظ ثم مضى
وعد منه وحماس من قلبي ورضى
وغدا أو بعد غد يحضر إن شاء الله..
إن شاء الله..
وعد في شفة الزنبق غطّى المرج شذاه
وتألّق فجر منبثق خلف مسافات مبهوره
ونسائم تعبر في وديان مسحوره
(إن شاء الله ) رؤى أغنية طافحة وندى وصلاه
(إن شاء الله ) تسابيح وصدى أجراس
وبشاشة كأس لامس كأس
(إن شاء الله ) تفجّر أعياد وحياه
وتلاقي أعناب ومياه
***
فجّرت العالم بالخضره
(إن شاء الله ) وجاش البحر وأعطانا
سمكا ولآلي ورشاشا رطّب أوجهنا ورؤانا
(إن شاء الله ) وألف يد مرّت وتيقّظ ألف وتر
وتألّق حولي ألف قمر
وأنا ما زلت أعيش وأحلم أن ألقاه
فمتى يشرق لي فجرك يا (إن شاء الله ) ؟
***
( هل ) و ( متى ) لحن جفون ضارعه وشفاه
هل تحضر ؟ هل يأتي المطر ؟
هل يسخو العطر وينهمر ؟
إن شاء الله
إن شاء الله
ومتى يسري نسغ السكّر
في الرمّان الحامض ؟ والفجر متى يظهر ؟
والشاطىء بعد ضنى الأسفار متى سنراه
إن شاء الله ؟
في الرمّان الحامض ؟ والفجر متى يظهر ؟
والشاطىء بعد ضنى الأسفار متى سنراه
إن شاء الله ؟


 

قديم 10-06-2010, 01:16 PM   #12


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




ثلاث أغنيات شيوعية
-1-
إذا نزل الليل هذي الروابي فقم يا رفيق
نراقبه من ثقوب الدجى في السكون العميق
لعلّ الظلام يعدّ مؤامرة في الخفاء
ويحبكها مع ضوء النجوم وصمت المساء
فهذي الروابي وذاك الطريق
وهذا الدجى , كلّهم عملاء
وسوف نفتّش حتى الأريج وحتّى المطر
نقلّب حتى خيوط الضياء ولون الزهر
ونفضح ما دّبرت كلّ جاسوسة زنبقه
وما روّجته العصافير بالرقص والزقزقه
وإنّا لنعلم أنّ القمر
تآمر فلننصب المشنقه
***
وتزوير سوسنة نذلة وعريش لعين
وتلك الينابيع إنّ دسائسها أبديّه
وهذا الأصيل يذيع أراجيفه الغسقيّه
حذار رفيقي فللورد دين
وهذا الشذى روحه عربيّه
-2-
تحيّة شقائق النعمان
يا لون ما نضمر من حقود
***
وردتنا الشريفة الحمراء
يا راية الكفاح
يا حمرة القتل لك الدماء
***
إن تظمأي فبالدم المعش
أختاه لا نبخل
هيهات يا حمراء أن تعطشي
وثمّ من نقتل
من أجل هذا اللون نجري النجيع
جداولا تنثال
وباسمه نقتل حتى الربيع
ونذبح الأطفال
***
يا غلّة محرقه
بحقدنا نقسم أن تسلمي
يا وردة المشنقه
***
والآن جئناك به فاحتسي
دم كثير فاشبعي وانعسي
يا أخت واحمرّي
-3-
ظلمة , وخز , صراخ في وجودي
الرياح السود ملح في دمي فوق خدودي
وجززت الورد من خدّيه حبّا للسلام
فإذا أشلاؤه تصحو وتحيا من جديد
وأراه باسما منتصبا تحت الظلام
ومن الآفاق ينهال دويّ
عربيّ عربيّ عربيّ
ثمّ ماذا ؟ أصبح الدرب أعاصير وقصفا
الغلام الأرعن الغادر قد أصبح ألفا
هبطوا لم أدر من أين: صبايا وشبابا
أوجه أسقيت السمرة والشمس شرابا
بدّلوا أمني شكوكا ومحاذير وخوفا
وتهاوى حلمي الأحمر للأرض ترابا
لاعنا تسعين مليون محيا
عربيّا عربيّا عربيّا


 

قديم 10-06-2010, 01:19 PM   #13


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




ماذا يقول النهر


ماذا يقول النهر؟
أقصوصة
ينسجها من رقص ضوء القمر
ينسجها من غزل ناعم
يداعب النخل به المنحدر
من نور مصباح يغذّي الدجى
حرارة ويستثير الشجر
من وقع مجداف خفيف الخطى
يشقّ في الظلمة صدر النهر
ماذا يقول النهر؟
أغنية
قديمة , بنت ليال طوال
غنّى أساها مرّة عاشق
والليل سكران بكأس الجمال
مثقلة بالدفء , ما زال في
ألحانها بعض حنين الجمال
وخشعة الهودج تحت الدجى
ووقع أقدام الداة الثقال
***
تسبيحة
من بابل النشوى بعطر البخور
وموكب الكهّان في معبد
دجلة يطوي سرّه والصخور
وذكريات الليل والشمس عن
(مدينة الشمس ) وراء العصور
وعن (حمورابي ) وعن حبّه
وما طوى سفر الزمان الغدور
***
ماذا يقول النهر؟
دعي غلاف السرّ كثّا عميق
لو كشف الزّنبق ألغازه
لم يبق معنى لشذاه الرقيق
دعي غلاف السرّ كثّا عميق
لو كشف الزّنبق ألغازه
لم يبق معنى لشذاه الرقيق


 

قديم 10-06-2010, 01:27 PM   #14


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




أنشودة الرياح
-1-

أيـهــا الــســادرون = مـا الـذي تنـشـدون ؟
مــلء هــذا الـمـدى = فـي الـدجـى حالـمـون
كــم رسمـتـم مـنـى = أطفـاتـهـا الـقــرون
وأغـانــيــكــمــو = كـم طـواهـا السـكـون
***
تـذرعــون الـــذرى = تقـطـعـون الـقـفــار
تحـت سـمـع الـدجـى = وعـيــون الـنـهــار
تطـعـمـون الـــرؤى = بـالـدمـوع الـغــزار
إن دون الــمــنـــى = ألــف ألــف سـتـار
***
وأمـانــيــكــمــو = طـيـف حــبّ نـفـور
أتــظّــنــونــهــا = فـي زوايـا القـصـور؟
دونـكــم فـابـحـثـوا = فـي حـريـر السّـتـور
وأنا للمدى كل عمري مرور

-2-
كـلّ عـمـري ســرى = فـي الـوجـود الجمـيـل
فـي الصـبـاح الـنـدي = والـظــلام الـثـقـيـل
فـوق ســرو الــذرى = فــوق حـقـل النخـيـل
أنــا أمـضـي أنـــا = كــلّ عـمـري رحـيـل
***
وشهـدت هـنـا ألــف = ألــف جـيـل وجـيـل
ولـــدوا وانــطــوو = فـي الـتـراب المهـيـل
ضـحـكـوا أو بـكــوا = فـي الضحـى والأصـيـل
مــا لـهـم مـهــرب = مــن رقــاد طـويـل
***
وسـمـعــت هــنــا =كــلّ جـيـل يـقــول:
"فــي يــدي مـنـبـع = خـالــد لا يــــزول"
وأنــاشــيــدهـــم = قــد طـواهـا الـذبـول
ومـبـانـيــهــمــو = جرفـتـهـا الـسّـيـول
***
أقـبـلــي أقـبـلــي =يــا فـتـاة النـشـيـد
وابـحـثـي بـيـنـهـم = عــن فــؤاد سعـيـد
كـــلّ يـــوم لـنــا = مـنـك حـلـم جـديــد
وأنـــا مـــا أنـــا = غـيـر سـيـر أبـيــد
***

-3-
طــــال تـجـوالـهـا = فـي الفـجـاج الفـسـاح
فــي مــرور الـدجـى = وانـطــواء الـصـبـاح
فــي تـلاشـي الـنـدى = وضـيــاع الــريــاح
إن أحــلامـــهـــا = ملّـكـتـهـا جــنــاح
كـلـمــا ضـيـعــت = فـي الديـاجـي رجــاء
فـتّـحــت قـلـبـهـا = لـلـشـذى والـضـيـاء
إن فـــي روحــهــا = ودمــاهــا نــــداء
لإرتـقــاء الــــذرى = وبـلــوغ الـسـمــاء
يــا فـتـاة الـــرؤى = مــا أحــبّ الـوصـول
حيـن يمضـي الأســى = والـضـبـاب يـــزول
غـيــر أن الـسّــرى = فــي جـديـب طـلـول
والـمــدى شـاســع = والـديــار مــحــول
مــا وجــدت المـنـى = فـي حـمـى الرهـبـان
عــالــم مـغـلــق = قـاتــم الــجــدران
وأطــــلّ عــلـــى = طـرفــك الـحـيــران
شـاطــىء أخـضــر = مـبــرق الــغــدران
إنّــــه شــاطــىء = غـامــض لا يـبـيـن
واعــــد بـالـسّـنـا = كــلّ قـلـب حـزيــن
وهـبـطــت إلــــى = ارضـــه تبـحـثـيـن
أســفـــا إنّـــــه = شـاطــيء العابـثـيـن
-4-
إنبـسـط يــا مـــدى = واختـفـي يــا حــدود
إن أقـــدامـــهـــا = شـردت فــي الـوجـود
كّـلـمــا صّــعــدت = فـي الــذرى والنـجـود
قـابـلــتــهــا ذرى = ومضـت فــي صـعـود
***
إنــهــا رحــلـــة = فــي طـريـق الحـيـاة
بحـثـت عــن دنـــى = تـتـحـدّى الـمـمــات
كـلّـمــا أبــصــرت = رمــة فــي فـــلاة
جـــدّدت عـزمـهــا = بـنــدى الأغـنـيــات
***
يــا فـتـاة الـــرؤى = والـفــؤاد الـرهـيـف
خاطـبـتـك الــدنــى = فـي الظـلام الكثـيـف :
"أنـصـتـي تسـمـعـي = فـي السـكـون حفـيـف
وانـظــري تـبـصـري = أن جـدبــي وريـــف"
***
لــك قـلــب غـفــا = عـن معـانـي الــذرى
لـــك روح ثــــوى = فـي ضـبـاب الـكـرى
لا يـحــسّ الــنــدى = فــي جـفـاف الـثـرى
فاهـبـطـي وابـحـثـي = عـنـد أهــل الـقـرى
***
ربــمــا حــــرّروا = مـقـلــة راســفــه
أغـمـضـت لا تـــرى = روعـــة العـاصـفـه
ربــمــا خّـفـفــوا = حــرقــة لاهــفــه
إن دنـــيـــاهـــم = جّــنــة وارفــــه
ومـضــى بـحـثـهـا = عــن ديــار النعـيـم
لــم يـــزل قلـبـهـا = فـي المـرآقـي يهـيـم
الـقـصـور طــــوت = حلـمـهـا المسـتـديـم
فانـتـهـى سـيـرهــا = عـنـد ديــر قـديــم
أنـصـتـي تسـمـعـي = فـي السـكـون حفـيـف
وانـظــري تـبـصـري = أن جـدبــي وريـــف
لــك قـلــب غـفــا = عـن معـانـي الــذرى
لـــك روح ثــــوى = فـي ضـبـاب الـكـرى
-5-
حــلــم وانــطــوى = فـي الفـضـاء المـديـد
كـلـمــا أخـفـقــت = فــي رجــاء فـريــد
شـيّـدت فــي الــذرى = حلمـهـا مــن جـديـد
لا تـبـالـي الـلـظــى = لا تـبـالـي الـجـلـيـد
***
خيّبـتـهـا الــقــرى = ودجـاهــا الـحـزيـن
إنّ فـــي أرضــهــا = يـشــرا جـائـعـيـن
لــم تـجـد عـنـدهـم = غـيـر دمــع سخـيـن
ومضـت فـي الـسّـرى = لا تـنــي لا تـلـيــن
***
ثــم أرســت هـنــا = عـنـد أهــل اللـحـون
شـعــراء مــشــوا = فـي ظــلال الغـصـون
عــلّ فــي نـايـهـم = بعـض لـحـن حـنـون
لـيـس فـيـه أســـى = لـيـس فـيـه مـنـون
***
حـدّقـي هــا هـنــا = يــا فـتـاة القـصـيـد
إن فـــي كـونـهــم = رجــع لـحـن سعـيـد
انـظــري تـلـمـسـي = فــي الـظـلام المـديـد
نــشــوة غـلّـفــت = قـلـب هــذا النشـيـد





 

قديم 10-06-2010, 01:32 PM   #15


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




مَرَّ القطار

الليل ممتدُّ السكونِ إلى المدَى
لا شيءَ يقطعُهُ سوى صوتٍ بليدْ
لحمامةٍ حَيْرى وكلبٍ ينبَحُ النجمَ البعيدْ،
والساعةُ البلهاءُ تلتهمُ الغدا
وهناك في بعضِ الجهاتْ
مرَّ القطارْ
عجلاتُهُ غزلتْ رجاءً بتُّ أنتظرُ النهارْ
من أجلِهِ .. مرَّ القطارْ
وخبا بعيداً في السكونْ
خلفَ التلال النائياتْ
لم يبقَ في نفسي سوى رجْعٍ وَهُونْ
وأنا أحدّقُ في النجومِ الحالماتْ
أتخيلُ العرباتِ والصفَّ ا لطويلْ
من ساهرينَ ومتعبينْ
أتخيلُ الليلَ الثقيلْ
في أعينٍ سئمتْ وجوهَ الراكبينْ
في ضوءِ مصباحِ القطارِ الباهتِ
سَئمتْ مراقبةَ الظلامِ الصامتِ
أتصوّرُ الضجَرَ المريرْ
في أنفس ملّت وأتعبها الصفيرْ
هي والحقائبُ في انتظارْ
هي والحقائبُ تحت أكداسِ الغبارْ
تغفو دقائقَ ثم يوقظها القطارْ
وُيطِلُّ بعضُ الراكبينْ
متثائباً، نعسانَ، في كسلٍ يحدّق في القِفارْ
ويعودُ ينظرُ في وجوهِ الآخرينْ
في أوجهِ الغُرَباء يجمعُهم قطارْ
ويكادُ يغفو ثم يسمَعُ في شُرُودْ
صوتاً يغمغمُ في بُرُودْ
" هذي العقاربُ لا تسيرْ !
كم مرَّ من هذا المساء؟ متى الوصولْ ؟"
وتدقٌّ ساعتُهُ ثلاثاً في ذُهُولْ
وهنا يقاطعُهُ الصفيرْ
ويلوحُ مصباحُ الخفيرْ
ويلوحُ ضوءُ محطةٍ عبرَ المساءْ
إذ ذاكَ يتئدُ القطارُ المُجْهَدُ
... وفتىً هنالكَ في انطواءْ
يأبى الرقادَ ولم يزلْ يتنهدُّ
سهرانَ يرتقبُ النجومْ
في مقلتيه برودةٌ خطَّ الوجومْ
أطرا فَهَا .. في وجهِهِِ لونٌ غريبْ
ألقتْ عليه حرارةُ الأحلام آثارَ احمرارْ
شَفَتاهُ في شبهِ افترارْ
عن شِبْهِ حُلْمٍ يفرُشُ الليلَ الجديبْ
بحفيفِ أجنحةٍ خفيّاتِ اللُحونْ
عيناهُ في شِبْهِ انطباقْ
وكأنها تَخْشَى فرارَ أشعةٍ خلف الجفونْ
أو أن ترى شيئاً مقيتاً لا يُطَاقْ
هذا الفتى الضَّجِرُ الحزينْ
عبثاً يحاول أن يرَى في الآخرينْ
شيئاً سوى اللُغْزِ القديمْ
والقصّةِ ا لكبرى التي سئمَ الوجودْ
أبطالهَا وفصولهَا ومضَى يراقبُ في برودْ
تَكْرارَها البالي السقيمْ
هذا الفتى.....
وتمرُّ أقدامُ الَخفيرْ
وُيطل وجهٌ عابسٌ خلفَ الزُجاجْ،
وجهُ الخفير!
ويهزُّ في يدِهِ السِراجْ
فيرى الوجوهَ المتعَبة
والنائمينَ وهُمْ جلوسٌ في القطارْ
والأعينَ المترقبة
في كلّ جَفْنً صرخةٌ باسمِ النهارْ،
وتضيعُ أقدامُ الخفير الساهدِ
خلفَ الظلامِ الراكدِ
مرَّ القطار وضاع في قلبِ القفارْ
وبقيت وحدي أسألُ الليلَ الشَّرُود
عن شاعري ومتى يعودْ ؟
ومتى يجيء به القطارْ ؟
أتراهُ مرَّ به الخفير
ورآه لم يعبأ به .. كالآخرينْ
ومضى يسيرْ
هو والسِّراجُ ويفحصانِ الراكبين
وأنا هنا ما زلتُ أرقُبُ في انتظارْ
وأوَدُّ لو جاءَ القطارْ ....


 

قديم 10-06-2010, 01:34 PM   #16


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




مأساة الحياة

عبثاً تَحْلُمين شاعرتي ما
من صباحٍ لليلِ هذا الوجود
عبثاً تسألين لن يُكْشف السرُ
ولن تَنْعمي بفكِ القيودِ
في ظلال الصفصافِ قَضَيتِ ساعاتكِ
حَيْرى تُمضُك الأسرارُ
تسألين الظلالَ و الظلُ
لايعلمُ شيــــــئاً....
أبداً تنظرين للأ ُفق المجهول
حَيْرى فهل تجلّى الخفيُّ؟
أبداً تسأليـــــن...
...صمتٌ مُسْتغلِقٌ أبديُّ
فيمَ لا تيأسينَ؟ ما أدركَ الأسرارَ
قلبٌ من قبلُ كي تدركيها
أسفاً يا فتاةُ لن تفهمي الأيامَ
فلتقنعي بأن تجهليها
أُتركي الزورق الكليل تسِّيرْه
أكفُّ الأقدارِ كيف تشاءُ
ما الذي نلتِ من مصارعة الموجِ؟
وهل نامَ عن مناكِ الشقاءُ؟
آهِ يا من ضاعتْ حياتك في الأحلامِ
ماذا جَنَيْتِ غير الملالِ؟
لم يَزَلْ سرُّها دفينا فيا ضياعهَ
عُمْرٍ قضَّيتِهِ في السؤالِ
هُوَ سرُّ الحياة دقَّ على الأفهامِ
حتى ضاقت به الحكماءُ
فيأسي يا فتاةُ ما فُهمتْ من
قبلُ أسرارُها ففيم الرجاءُ؟
جاء من قبلِ أن تجيئي إلى الدُّنْيا
ملايينُ ثم زالوا و بادوا
ليتَ شعري ماذا جَنَوْا من لياليهمْ؟
وأينَ الأفراحُ و الأعيادُ؟
ليس منهم إلاَّ قبورٌ حزيناتٌ
أقيمت على ضفاف الحياةِ
رحلوا عن حِمَى الوجودِ ولاذوا
في سكونٍ بعالم الأمواتِ
كم أطافَ الليلُ الكئيب على الجو
وكم أذعنت له الأكوانُ
شهد الليلُ أنّه مثلما كان
فأينَ الذينَ بالأمس كانوا؟
كيف يا دهرُ تنطفي بين كفَّيك
الأماني وتخمد الأحلامُ؟
كيف تَذْوي القلوبُ وهي ضياءٌ
ويعيشُ الظلام ُوهو ظلامُ




 

قديم 10-06-2010, 01:34 PM   #17


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




انشودة السلام

أيها السادرونَ في ظلمة الأرض
كفاكم شقاوةً و ذهولا
احملوا نادمين أشلاء موتاكم
و نوحوا على القبر طويلا
ضّمّخوها با لعطر لفّوا بقاياها
بزَهْر الكنارِ و الياسمينِ
و اهتفوا حولها بأنشودة السلامِ
ليهنا في القبر كلُّ حزينِ
اجمعوا الصبية الصغار ليشدوا
بلحون الصفاء و الابتسامِ
أنقذوا الميّتين من ضجة الحرب
ليستشعروا جمال السلامِ
فيم هذا الصراع يا أيها الأحياءُ؟
فيمَ القتالَُ؟ فيمَ الدماءُ؟
فيمَ راح الشُبّانُ في زهرة العُمر
ضحايا وفيم هذا العداءُ؟
أهْو حبُّ الثراءِ؟ يا عَجَبَ القلبِ!
و ما قيمة الثراء الفاني؟
في غدٍ رحلةٌ فهل يدفع الأموات
با لمالِ وحشةَ الأكفانِ؟
كل حيّ غداًإلى القبر مَغْدَاهُ
فهل ثَمَّ في المماتِ ثراءُ؟
افتحوا هذه القبور َو هاتوا
حدثونا أين الغِنى و الرخاءُ؟
انظروا هاهنا على الشوكِ و الرَمْلِ
ثوى الأغنياءُ و المُعْدمونا
أيُّ فَرْقٍ ترى وهل غيرُصمتِ
الموتِ فوق القبور و الراقدينا؟
عجباً ما الذي إذن ساق هذا الكون
للموت و الأذى و الدمارِ؟!
فيم تحدو الشعوب أطماعُ غَرٍّ
يتصَّبى عينيهِ وهجُ النارِ؟
نشوةُ النَّصرِ؟يا لسُخْرية الألفاظ!
يا للأوهام يا للضَّلال!
أيها الواهمون حسبكمو وهماً
وهبُّوا من الكرى والخيالِ
نحن أسرى يقودنا......
إلى ليل عالم مجهولِ
ليس منا من يستطيع فكاكاً
ليس منا غير الأسير الذليلِ
أبداًتأمر الليالي ونمشي
ليس يُجْدي تضرّعٌ أو بكاءُ
ليس يخشى الممات صولةَ جبّارٍ
وما يستثرُهُ الضعفاءُ
هكذا الموت غالبٌ أبدَ الدهْر
ونحن الصَّرْعَى الضعافُ الحيارى
وله النصْرُ والفخارُ علينا
فاندبوا ما دعوتموه انتصار!
أيها العالمُ المخرَّب قد أسفرت
الحرب عن غلاب المنايا
شهدتْ هذه القبور لها بالنصرِ
يا رحمتا لتلك الضحايا
ثم ماذا يا ساكني العالم المحزونِ؟
ماذا من القتال جنيتُمْ؟
وهل وصلتم إلى النجوم البعيداتِ
وهل مِن كفّ العذابِ نجوتم؟
هل تغلَّبتُمُ على الفقر و الأحزان
و السُّقم أيّها الواهمونا
انجوتم من المآثم أم لم
يزل العيشُ فتنةً و مُجُونا
أسفاً لم تزل كما كانت الأنفس
تحيا في إثمها الأبديِّ
لم تزل خمرةُ الضلال رجاء الآدميينَ
في الوجود الشقيِّ
لم تزل في الوجود أغنيةُ الحزنِ
يغنّي بها الضعاف الجياع
لم يزل في الوجود مرضى حيارى
أبداً تعتريهم الأوجاع
كل شيء باقٍ كما كان قبل الحرب
غير الأيتام و الأموات
غير ظلّ من الكآبة و الحَيْرةِ
يمشي على ضفاف الحياةِ
هؤلاء الأيتام بالأمس كانوا
صورة البِشْر المراح الجميل
تحت ظلّ الآباء يقضون عيشاً
ما دَرَوْا غير صَفْوهِ المعسول
وأفاقوا من حلمهم فإذا الأقدار
حرب ٌ و الكون قتلٌ ونارُ
يا عيون الأطفال لا تسألي الدنيا
علام اللَّظَى؟ وفيم الدمارُ؟
في سبيل المجد المزيّف هذا الهولُ
لا كان مجدهم لا كانا
في سبيل النصر المموّه عاد العالم
الحلو في اللهيبِ دخانا
هؤلاء الصَّرعَى على الصخر
و الشوك شباباً و فتيةً و كهولا
كيف كانوا بالأمس آيةَ رؤيا
رسموها فلم تَهِشَّ طويلا؟
أيها الأشقياءُ في الأرض يا من
لم تمتهم قذائفُ النيرانِ
عبثاً تأملون أن يرجع الآن
أعزََّاؤكم إلى الأوطان
انظروا ها هم الجنود يعودونَ
فُرادَى مهشّمي الأعضاءِ
آه لولا بقيةٌ من حياةٍ
لم يُعدّوا في جملةِ الأحياءِ
عبثاً يبحثون في هذه الأنقاضِ
عن أهلهم و عن مأواهم
عبثاًيسألون ما يعلم العابرُ
شيئاً فيا لنارِأساهم
كيف ذاقوا مرارة الخيبة السَّوْداءِ
بعد الآلامِ و الأدواءِ
هل نجوا من براثن الموت و الأسر
لكي يسقطوا أسارى الشقاء؟
أيها الأشقياء يا زُمَر الأحياء
في كلّ قريةٍ و صعيد
آن أن نستعيد ماضي حُبٍّ
هو مفتاحُ حُلْمنا المفقود
ما الذي بيننا من البغض؟ماذا
كان سرُّ القتالِ و الأحقاد؟
أيها الناقمون نحن جميعاً
شَرَعٌ في أيدي الخطوب الشدادِ
نحن نحيا في عالم ليس يُدْرَى
سرُّه فهو غيهبٌ مجهولُ
تطلعُ الشمس كل يومٍ فما كُنْه
سناها؟ وفيم كان الأفولُ؟
ما الذي يُطلع النجوم على الكون
مساءً؟ ما كنْه هذا الوجود؟
أي شيءٍ هذا الفضاءُ؟وما سر
دجاهُ؟هل خلفهُ من حدود؟
نحن هل نحن في الوجود سوى
الجهل مصوغاً في صورة الإنسان؟
كلُّ ما في الأكوان يحكمنا ماذا
إذن سرُّ ذلك الطُغيانِ؟
فيم نطغى؟ وكيف ننسى قوى الكون
وما في الوجود أضعف منّا
ينخرُ الدودُ ما نَشيِدُ ولا تبقى
البراكين و الرياح علينا
فيم نقضي حياتنا في العداواتِ
و نُمضي السنين يأساًوحزنا؟
كيف ننسى أنّا نعيش حياة الورد
سرعان ما يموت و يفنى
لن تدوم الأيام لن يحفظ الدهرُ
كياناً لكائنٍ بَشَريِّ
فلندع هذه الضغائنَ و الأحقادَ
ولنحْيَ في الودادِ النقيِّ




 

قديم 10-06-2010, 01:38 PM   #18


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




شجرة القمر

على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ
وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ
وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءْ
وعند ينابيعها تستحمّ نجومُ السَّمَاءْ
هنالكَ كان يعيشُ غلامٌ بعيدُ الخيالْ
إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجومِ ولونَ الجبالْ
ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسمين الخَضِلْ
ويملأ أفكارَهُ من شَذَى الزنبقِ المُنْفعلْ
وكان غلامًا غريبَ الرؤى غامض الذكرياتْ
وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَدَى الأغنياتْ
وكانت خلاصةُ أحلامِهِ أن يصيدَ القَمَرْ
ويودعَهُ قفصًا من ندًى وشذًى وزَهَرْ
وكان يقضِّي المساءَ يحوك الشباكَ ويَحْلُمْ
يوسّدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغِمْ
ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ
وقد عكستْهُ مياهُ غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ
وما كان يغفو إذا لم يَمُرّ الضياءُ اللذيذ
على شَفَتيهِ ويسقيهِ إغماءَ كأسِ نبيذْ
وما كان يشربُ من منبع الماء إلاّ إذا
أراق الهلالُ عليه غلائلَ سكرى الشَّذَى
وفي ذات صيفٍ تسلّل هذا الغلامُ مساءْ
خفيفَ الخُطَى, عاريَ القدمين, مَشُوقَ الدماءْ
وسار وئيدًا وئيدًا إلى قمَّةٍ شاهقهْ
وخبّأ هيكلَهُ في حِمَى دَوْحةٍ باسقهْ
وراح يعُدّ الثواني بقلبٍ يدُقّ يدُقّ
وينتظرُ القَمَرَ العذْبَ والليلُ نشوانُ طَلْقُ
وفي لحظةٍ رَفَعَ الشَّرْقُ أستارَهُ المُعْتمهْ
ولاحَ الجبينُ اللجينيّ والفتنةُ المُلْهِمهْ
وكان قريبًا ولم يَرَ صيّادَنا الباسما
على التلِّ فانسابَ يذرَعُ أفْقَ الدُّجَى حالما
... وطوّقَهُ العاشقُ الجبليّ ومسّ جبينَهْ
وقبّلَ أهْدابَهُ الذائباتِ شذًى وليونهْ
وعاد به: ببحارِ الضِّياءِ, بكأس النعومهْ
بتلك الشفاهِ التي شَغَلتْ كل رؤيا قديمهْ
وأخفاه في كُوخه لا يَمَلّ إليه النَّظَرْ
أذلكَ حُلْمٌ? وكيف وقد صاد.. صادَ القَمرْ?
وأرقَدَه في مهادٍ عبيريّةِ الرّوْنقِ
وكلّلَهُ بالأغاني, بعيْنيهِ, بالزّنْبقِ
وفي القريةِ الجبليّةِ, في حَلَقات السّمَرْ
وفي كلّ حقلٍ تَنَادَى المنادون: "أين القمر?!"
"وأين أشعّتُهُ المُخْمليّةُ في مَرْجنا?"
"وأين غلائلُهُ السُّحُبيّة في حقلنا?"
ونادت صبايا الجبالِ جميعًا "نُريدُ القَمَرْ!"
فردّدتِ القُنَنُ السامقاتُ: "نُريدُ القَمَرْ"
"مُسامِرُنا الذهبيّ وساقي صدى زَهْرنا"
"وساكبُ عطر السنابِل والورد في شَعْرنا"
"مُقَبّلُ كلّ الجِراح وساقي شفاه الورودْ"
"وناقلُ شوقِ الفَرَاشِ لينبوعِ ماءٍ بَرودْ"
"يضيءُ الطريقَ إلى كلّ حُلْمٍ بعيدِ القَرَارْ"
"ويُنْمي جدائلَنا ويُريقُ عليها النُّضَارْ"
"ومن أينَ تبرُدُ أهدابُنا إن فَقَدْنا القَمَر?"
"ومَنْ ذا يرقّقُ ألحاننا? مَن يغذّي السّمَرْ?"
ولحنُ الرعاةِ تردّدَ في وحشةٍ مضنيهْ
فضجّتْ برَجْعِ النشيدِ العرائشُ والأوديهْ
وثاروا وساروا إلى حيثُ يسكُنُ ذاكَ الغُلامْ
ودقّوا على البابِ في ثورةٍ ولَظًى واضطرامْ
وجُنّوا جُنُونًا ولم يَبْقَ فوق المَرَاقي حَجَرْ
ولا صخرةٌ لم يُعيدا الصُّرَاخَ: "نُريدُ القَمَرْ"
وطاف الصّدَى بجناحَيْهِ حول الجبالِ وطارْ
إلى عَرَباتِ النجومِ وحيثُ ينامُ النّهَارْ
وأشرَبَ من نارِهِ كلّ كأسٍ لزهرةِ فُلِّ
وأيقَظَ كلّ عبيرٍ غريبٍ وقَطْرةِ طلِّ
وجَمّعَ مِن سَكَراتِ الطبيعةِ صوتَ احتجاجْ
ترددَ عند عريش الغلامِ وراء السياجْ
وهزَّ السكونَ وصاحَ: "لماذا سَرَقْت القَمَرْ?"
فجُنّ المَسَاءُ ونادى: "وأينَ خَبَأْتَ القَمَرْ?"
وفي الكوخِ كان الغلامُ يضُمّ الأسيرَ الضحوكْ
ويُمْطرُهُ بالدموع ويَصْرُخُ: "لن يأخذوك?"
وكان هُتَافُ الرّعاةِ يشُقّ إليهِ السكونْ
فيسقُطُ من روحه في هُوًى من أسًى وجنونْ
وراح يغنّي لملهِمه في جَوًى وانْفعالْ
ويخلطُ بالدَّمْع والملح ترنيمَهُ للجمالْ
ولكنّ صوتَ الجماهيرِ زادَ جُنونًا وثورهْ
وعاد يقلِّبُ حُلْمَ الغلامِ على حدِّ شفرهْ
ويهبطُ في سَمْعه كالرّصاص ثقيلَ المرورْ
ويهدمُ ما شيّدتْهُ خيالاتُهُ من قصور
وأين سيهرُبُ? أين يخبّئ هذا الجبينْ?
ويحميهِ من سَوْرة الشَّوْقِ في أعين الصائدين?
وفي أيّ شيء يلفّ أشعَّتَهُ يا سَمَاءْ
وأضواؤه تتحدّى المخابئَ في كبرياءْ?
ومرّتْ دقائقُ منفعِلاتٌ وقلبُ الغُلامْ
تمزِّقُهُ مُدْيةُ الشكِّ في حَيْرةٍ وظلامْ
وجاء بفأسٍ وراح يشقّ الثَّرَى في ضَجَرْ
ليدفِنَ هذا الأسيرَ الجميلَ, وأينَ المفرْ?
وراحَ يودِّعُهُ في اختناقٍ ويغسِلُ لونهْ
بأدمعِه ويصُبّ على حظِّهِ ألفَ لعنَهْ
وحينَ استطاعَ الرّعاةُ المُلحّون هدْمَ الجدارْ
وتحطيمَ بوّابةِ الكوخ في تَعَبٍ وانبهارْ
تدفّقَ تيّارهم في هياجٍ عنيفٍ ونقمهْ
فماذا رأوا? أيّ يأسٍ عميق وأيّة صَدْمَهْ!
فلا شيءَ في الكوخ غيرَ السكون وغيرَ الظُّلَمْ
وأمّا الغُلامُ فقد نام مستَغْرَقًا في حُلُمْ
جدائلُهُ الشُّقْرُ مُنْسدلاتٌ على كَتِفَيهِ
وطيفُ ابتسامٍ تلكّأ يَحلُمُ في شفتيهِ
ووجهٌ كأنَّ أبولونَ شرّبَهُ بالوضاءهْ
وإغفاءةٌ هي سرّ الصَّفاءِ ومعنى البراءهْ
وحار الرُّعاةُ أيسرقُ هذا البريءُ القَمَرْ?
ألم يُخطِئوا الاتّهام ترى? ثمّ... أينَ القَمَرْ?
وعادوا حَيارى لأكواخهم يسألونَ الظلامْ
عن القَمَر العبقريّ أتاهَ وراءَ الغمامْ?
أم اختطفتْهُ السَّعالي وأخفتْهُ خلفَ الغيومْ
وراحتْ تكسّرُهُ لتغذّي ضياءَ النجومْ?
أمِ ابتلعَ البحرُ جبهتَهُ البضّةَ الزنبقيّهْ?
وأخفاهُ في قلعةٍ من لآلئ بيضٍ نقيّهْ?
أم الريحُ لم يُبْقِ طولُ التنقّلِ من خُفِّها
سوى مِزَقٍ خَلِقاتٍ فأخفتْهُ في كهفها
لتَصْنَعَ خُفّينِ من جِلْدِهِ اللّين اللَّبَنيّ
وأشرطةً من سَناهُ لهيكلها الزنبقي
وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَى قمريّ البرُودْ
يتوّجُ جَبْهَتَهُ الغَسَقيَّةَ عِقْدُ ورُودْ
يجوبُ الفضاءَ وفي كفّه دورقٌ من جَمالْ
يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فوق الجبالْ
ومرَّ على طَرَفَيْ قدمَيْه بكوخ الغُلامْ
ورشَّ عليه الضياءَ وقَطْرَ النَّدى والسَّلامْ
وراح يسيرُ لينجز أعمالَهُ في السُُّفُوحْ
يوزِّعُ ألوانَهُ ويُشِيعُ الرِّضا والوضوحْ
وهبَّ الغلامُ مِنَ النوم منتعشًا في انتشاءْ
فماذا رأى? يا نَدَى! يا شَذَى! يا رؤى! يا سماءْ!
هنالكَ في الساحةِ الطُّحْلُبيَّةِ, حيثُ الصباحْ
تعوَّدَ ألاَّ يَرَى غيرَ عُشْبٍ رَعَتْهُ الرياحْ
هنالكَ كانت تقومُ وتمتدّ في الجوِّ سِدْرَهْ
جدائلُها كُسِيَتْ خُضْرةً خِصْبةَ اللون ِثَرَّهْ
رعاها المساءُ وغذَّت شذاها شِفاه القَمَرْ
وأرضَعَها ضوءُه المختفي في الترابِ العَطِرْ
وأشربَ أغصانَها الناعماتِ رحيقَ شَذَاهُ
وصبَّ على لونها فضَّةً عُصِرَتْ من سَناهُ
وأثمارها? أيّ لونٍ غريبٍ وأيّ ابتكارْ
لقد حار فيها ضياءُ النجومِ وغارَ النّهارْ
وجُنّتْ بها الشَّجَراتُ المقلِّدَةُ الجامِدَهْ
فمنذ عصورٍ وأثمارُها لم تَزَلْ واحدهْ
فمن أيِّ أرضٍ خياليَّةٍ رَضَعَتْ? أيّ تُرْبهْ
سقتْها الجمالَ المفضَّضَ? أي ينابيعَ عذْبَهْ?
وأيةُ معجزةٍ لم يصِلْها خَيالُ الشَّجَرْ
جميعًا? فمن كلّ غُصْنٍ طريٍّ تَدَلَّى قَمَرْ
ومرَّتْ عصورٌ وما عاد أهلُ القُرى يذكرون
حياةَ الغُلامِ الغريبِ الرُّؤى العبقريِّ الجُنون
وحتى الجبالُ طوتْ سرّه وتناستْ خطاهُ
وأقمارَهُ وأناشيدَهُ واندفاعَ مُناهُ
وكيف أعادَ لأهلِ القُرى الوالهين القَمَرْ
وأطلَقَهُ في السَّماءِ كما كانَ دونَ مقرْ
يجوبُ الفضاءَ ويَنْثرُ فيه النَّدَى والبُرودهْ
وشِبْهَ ضَبابٍ تحدّر من أمسياتٍ بعيدهْ
وهَمْسًا كأصداء نبعٍ تحدّر في عمْق كهفِ
يؤكّدُ أنَّ الغلامَ وقصّتَهُ حُلْمُ صيفِ
على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاهـا الصَّنَوْبَـرْ
وغلّفهـا أفُـقٌ مُخْمـلـيٌّ وجــوٌّ مُعَنْـبَـر ْ
وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضـي المَسَـاءْ
وعنـد ينابيعهـا تستحـمّ نـجـومُ السَّـمَـاءْ
هنالـكَ كـان يعيـشُ غـلامٌ بعيـدُ الخـيـالْ
إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجـومِ ولـونَ الجبـالْ
ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسميـن الخَضِـلْ
ويملأ أفكـارَهُ مـن شَـذَى الزنبـقِ المُنْفعـلْ
وكان غلامًا غريبَ الرؤى غامض الذكريـاتْ
وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَـدَى الأغنيـاتْ
وكانت خلاصـةُ أحلامِـهِ أن يصيـدَ القَمَـرْ
ويودعَهُ قفصًـا مـن نـدًى وشـذًى وزَهَـرْ
وكان يقضِّي المساءَ يحـوك الشبـاكَ ويَحْلُـمْ
يوسّـدُهُ عُشُـبٌ بـاردٌ عنـد نبـع مغمـغِـمْ
ويسْهَرُ يرمُـقُ وادي المسـاء ووجْـهَ القَمَـرْ
وقـد عكستْـهُ ميـاهُ غديـرٍ بَـرُودٍ عَـطِـرْ
وما كان يغفـو إذا لـم يَمُـرّ الضيـاءُ اللذيـذ
علـى شَفَتيـهِ ويسقيـهِ إغمـاءَ كـأسِ نبيـذْ
وما كـان يشـربُ مـن منبـع المـاء إلاّ إذا
أراق الهلالُ عليـه غلائـلَ سكـرى الشَّـذَى
وفي ذات صيفٍ تسلّـل هـذا الغـلامُ مسـاءْ
خفيفَ الخُطَى, عاريَ القدمين, مَشُوقَ الدمـاءْ
وسـار وئيـدًا وئيـدًا إلـى قمَّـةٍ شاهـقـهْ
وخبّـأ هيكلَـهُ فـي حِمَـى دَوْحـةٍ باسـقـهْ
وراح يعُـدّ الثوانـي بقلـبٍ يــدُقّ يــدُقّ
وينتظرُ القَمَرَ العـذْبَ والليـلُ نشـوانُ طَلْـقُ
وفي لحظةٍ رَفَـعَ الشَّـرْقُ أستـارَهُ المُعْتمـهْ
ولاحَ الجبيـنُ اللجينـيّ والفتـنـةُ المُلْهِـمـهْ
وكـان قريبًـا ولـم يَـرَ صيّادَنـا الباسـمـا
على التلِّ فانسابَ يذرَعُ أفْـقَ الدُّجَـى حالمـا
... وطوّقَهُ العاشـقُ الجبلـيّ ومـسّ جبينَـهْ
وقبّـلَ أهْدابَـهُ الذائبـاتِ شــذًى وليـونـهْ
وعاد به: ببحـارِ الضِّيـاءِ, بكـأس النعومـهْ
بتلك الشفاهِ التي شَغَلـتْ كـل رؤيـا قديمـهْ
وأخفـاه فـي كُوخـه لا يَمَـلّ إليـه النَّظَـرْ
أذلكَ حُلْمٌ? وكيف وقد صـاد.. صـادَ القَمـرْ?
وأرقَـدَه فـي مـهـادٍ عبيـريّـةِ الـرّوْنـقِ
وكلّـلَـهُ بالأغـانـي, بعيْنـيـهِ, بالزّنْـبـقِ
وفي القريةِ الجبليّـةِ, فـي حَلَقـات السّمَـرْ
وفي كلّ حقلٍ تَنَادَى المنادون: "أيـن القمـر?!"
"وأيـن أشعّتُـهُ المُخْمليّـةُ فــي مَرْجـنـا?"
"وأيـن غلائلُـهُ السُّحُبيّـة فــي حقلـنـا?"
ونادت صبايا الجبالِ جميعًـا "نُريـدُ القَمَـرْ!"
فـردّدتِ القُنَـنُ السامقـاتُ: "نُريـدُ القَمَـرْ"
"مُسامِرُنا الذهبـيّ وساقـي صـدى زَهْرنـا"
"وساكبُ عطر السنابِل والـورد فـي شَعْرنـا"
"مُقَبّلُ كلّ الجِـراح وساقـي شفـاه الـورودْ"
"وناقلُ شوقِ الفَـرَاشِ لينبـوعِ مـاءٍ بَـرودْ"
"يضيءُ الطريقَ إلى كلّ حُلْـمٍ بعيـدِ القَـرَارْ"
"ويُنْمـي جدائلَنـا ويُريـقُ عليهـا النُّضَـارْ"
"ومن أيـنَ تبـرُدُ أهدابُنـا إن فَقَدْنـا القَمَـر?"
"ومَنْ ذا يرقّقُ ألحاننا? مَـن يغـذّي السّمَـرْ?"
ولحنُ الرعـاةِ تـردّدَ فـي وحشـةٍ مضنيـهْ
فضجّتْ برَجْـعِ النشيـدِ العرائـشُ والأوديـهْ
وثاروا وساروا إلى حيثُ يسكُـنُ ذاكَ الغُـلامْ
ودقّوا على البابِ في ثورةٍ ولَظًى واضطـرامْ
وجُنّوا جُنُونًا ولم يَبْقَ فـوق المَرَاقـي حَجَـرْ
ولا صخرةٌ لم يُعيدا الصُّرَاخَ: "نُريـدُ القَمَـرْ"
وطاف الصّدَى بجناحَيْهِ حول الجبـالِ وطـارْ
إلى عَرَبـاتِ النجـومِ وحيـثُ ينـامُ النّهَـارْ
وأشرَبَ من نـارِهِ كـلّ كـأسٍ لزهـرةِ فُـلِّ
وأيقَـظَ كـلّ عبيـرٍ غريـبٍ وقَطْـرةِ طـلِّ
وجَمّعَ مِن سَكَراتِ الطبيعةِ صـوتَ احتجـاجْ
تـرددَ عنـد عريـش الغـلامِ وراء السيـاجْ
وهزَّ السكونَ وصاحَ: "لماذا سَرَقْـت القَمَـرْ?"
فجُنّ المَسَاءُ ونادى: "وأيـنَ خَبَـأْتَ القَمَـرْ?"
وفي الكوخِ كان الغلامُ يضُمّ الأسيرَ الضحـوكْ
ويُمْطرُهُ بالدموع ويَصْـرُخُ: "لـن يأخـذوك?"
وكان هُتَـافُ الرّعـاةِ يشُـقّ إليـهِ السكـونْ
فيسقُطُ من روحه في هُوًى من أسًى وجنـونْ
وراح يغنّـي لملهِمـه فـي جَـوًى وانْفعـالْ
ويخلـطُ بالدَّمْـع والملـح ترنيمَـهُ للجـمـالْ
ولكنّ صوتَ الجماهيـرِ زادَ جُنونًـا وثـورهْ
وعاد يقلِّبُ حُلْـمَ الغـلامِ علـى حـدِّ شفـرهْ
ويهبطُ في سَمْعه كالرّصـاص ثقيـلَ المـرورْ
ويهـدمُ مـا شيّدتْـهُ خيالاتُـهُ مـن قصـور
وأين سيهـرُبُ? أيـن يخبّـئ هـذا الجبيـنْ?
ويحميهِ من سَوْرة الشَّوْقِ في أعين الصائديـن?
وفـي أيّ شـيء يلـفّ أشعَّتَـهُ يـا سَـمَـاءْ
وأضـواؤه تتحـدّى المخابـئَ فـي كبريـاءْ?
ومـرّتْ دقائـقُ منفعِـلاتٌ وقلـبُ الـغُـلامْ
تمزِّقُـهُ مُدْيـةُ الشـكِّ فـي حَيْـرةٍ وظـلامْ
وجاء بفأسٍ وراح يشقّ الثَّـرَى فـي ضَجَـرْ
ليدفِنَ هذا الأسيـرَ الجميـلَ, وأيـنَ المفـرْ?
وراحَ يودِّعُـهُ فـي اختنـاقٍ ويغسِـلُ لونـهْ
بأدمعِـه ويصُـبّ علـى حظِّـهِ ألـفَ لعنَـهْ
وحينَ استطاعَ الرّعاةُ المُلحّون هـدْمَ الجـدارْ
وتحطيمَ بوّابـةِ الكـوخ فـي تَعَـبٍ وانبهـارْ
تدفّـقَ تيّارهـم فـي هيـاجٍ عنيـفٍ ونقمـهْ
فماذا رأوا? أيّ يـأسٍ عميـق وأيّـة صَدْمَـهْ!
فلا شيءَ في الكوخ غيرَ السكون وغيرَ الظُّلَـمْ
وأمّا الغُـلامُ فقـد نـام مستَغْرَقًـا فـي حُلُـمْ
جدائلُـهُ الشُّقْـرُ مُنْسـدلاتٌ عـلـى كَتِفَـيـهِ
وطيـفُ ابتسـامٍ تلكّـأ يَحلُـمُ فـي شفتـيـهِ
ووجـهٌ كـأنَّ أبولـونَ شرّبَـهُ بالـوضـاءهْ
وإغفاءةٌ هي سـرّ الصَّفـاءِ ومعنـى البـراءهْ
وحار الرُّعاةُ أيسـرقُ هـذا البـريءُ القَمَـرْ?
ألم يُخطِئوا الاتّهام ترى? ثـمّ... أيـنَ القَمَـرْ?
وعادوا حَيارى لأكواخهـم يسألـونَ الظـلامْ
عـن القَمَـر العبقـريّ أتـاهَ وراءَ الغـمـامْ?
أم اختطفتْهُ السَّعالي وأخفتْـهُ خلـفَ الغيـومْ
وراحـتْ تكسّـرُهُ لتغـذّي ضيـاءَ النجـومْ?
أمِ ابتلـعَ البحـرُ جبهتَـهُ البضّـةَ الزنبقيّـهْ?
وأخفاهُ في قلعـةٍ مـن لآلـئ بيـضٍ نقيّـهْ?
أم الريحُ لم يُبْـقِ طـولُ التنقّـلِ مـن خُفِّهـا
سـوى مِـزَقٍ خَلِقـاتٍ فأخفتْـهُ فـي كهفهـا
لتَصْنَـعَ خُفّيـنِ مـن جِلْـدِهِ اللّيـن اللَّبَـنـيّ
وأشرطـةً مـن سَنـاهُ لهيكلـهـا الزنبـقـي
وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَـى قمـريّ البـرُودْ
يـتـوّجُ جَبْهَـتَـهُ الغَسَقـيَّـةَ عِـقْـدُ ورُودْ
يجوبُ الفضاءَ وفي كفّـه دورقٌ مـن جَمـالْ
يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فـوق الجبـالْ
ومـرَّ علـى طَرَفَـيْ قدمَيْـه بكـوخ الغُـلامْ
ورشَّ عليه الضياءَ وقَطْـرَ النَّـدى والسَّـلامْ
وراح يسيـرُ لينجـز أعمالَـهُ فـي السُُّفُـوحْ
يـوزِّعُ ألوانَـهُ ويُشِيـعُ الرِّضـا والوضـوحْ
وهبَّ الغلامُ مِنَ النـوم منتعشًـا فـي انتشـاءْ
فماذا رأى? يا نَدَى! يا شَذَى! يا رؤى! يا سماءْ!
هنالكَ في الساحةِ الطُّحْلُبيَّـةِ, حيـثُ الصبـاحْ
تعوَّدَ ألاَّ يَرَى غيـرَ عُشْـبٍ رَعَتْـهُ الريـاحْ
هنالكَ كانت تقومُ وتمتـدّ فـي الجـوِّ سِـدْرَهْ
جدائلُها كُسِيَتْ خُضْـرةً خِصْبـةَ اللـون ِثَـرَّهْ
رعاها المساءُ وغـذَّت شذاهـا شِفـاه القَمَـرْ
وأرضَعَها ضوءُه المختفي في الترابِ العَطِـرْ
وأشربَ أغصانَهـا الناعمـاتِ رحيـقَ شَـذَاهُ
وصبَّ على لونها فضَّةً عُصِـرَتْ مـن سَنـاهُ
وأثمارهـا? أيّ لـونٍ غريـبٍ وأيّ ابتـكـارْ
لقد حار فيها ضيـاءُ النجـومِ وغـارَ النّهـارْ
وجُنّـتْ بهـا الشَّجَـراتُ المقلِّـدَةُ الجـامِـدَهْ
فمنذ عصـورٍ وأثمارُهـا لـم تَـزَلْ واحـدهْ
فمن أيِّ أرضٍ خياليَّـةٍ رَضَعَـتْ? أيّ تُرْبـهْ
سقتْها الجمالَ المفضَّـضَ? أي ينابيـعَ عذْبَـهْ?
وأيـةُ معجـزةٍ لـم يصِلْهـا خَيـالُ الشَّجَـرْ
جميعًا? فمن كلّ غُصْـنٍ طـريٍّ تَدَلَّـى قَمَـرْ
ومرَّتْ عصورٌ وما عاد أهلُ القُرى يذكـرون
حياةَ الغُلامِ الغريبِ الرُّؤى العبقـريِّ الجُنـون
وحتى الجبالُ طـوتْ سـرّه وتناسـتْ خطـاهُ
وأقـمـارَهُ وأناشـيـدَهُ وانـدفـاعَ مُـنــاهُ
وكيف أعادَ لأهـلِ القُـرى الوالهيـن القَمَـرْ
وأطلَقَهُ فـي السَّمـاءِ كمـا كـانَ دونَ مقـرْ
يجوبُ الفضاءَ ويَنْثـرُ فيـه النَّـدَى والبُـرودهْ
وشِبْهَ ضَبـابٍ تحـدّر مـن أمسيـاتٍ بعيـدهْ
وهَمْسًا كأصداء نبعٍ تحدّر فـي عمْـق كهـفِ
يؤكّـدُ أنَّ الغـلامَ وقصّتَـهُ حُـلْـمُ صـيـفِ





 

قديم 10-06-2010, 02:32 PM   #19


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




سوسنة إسمها القدس

اذا نحن مُتنا وحاسبنا اللهُ:
قال: ألم أعطكم موطنا؟
أما كنت رقرقتُ فيه المياه مرايا؟
وحليته بالكواكب؟ زينتُهُ بالصبايا؟
وعرشت فيه العناقيد ، بعثرت فيه الثمر؟
ولونت حتى الحجر؟
اما كنتُ انهضت فيه الذُرى والجبال؟
فرشت الظلال؟
وغلفتُ وديانهُ بالشجر؟
أما كنتُ فجرتُ فيه الينابيع، كللتُهُ سوسنا؟
سكبتُ التآلق والاخضرار على المنحنى؟
جعلتُ الثرى عابقاً ليناً؟
أما كنت ضوأت بالأنجم المُنحدر؟
وفي ظلماتٍ لياليكمو ، أما قد زرعتُ القمر؟
فماذا صنعتم به؟ بالروابي؟ بذاك الجنى ؟
بما فيه من سكرٍ وسنا ؟
سيسألنا اللهُ يوماً ، فماذا نقولُ؟
نعم ! قد مُنحنا الذُرى السواقي ومجد التلول
وهُدب النجوم ، وشعر الحقول
ولكننا لم نصُنها
ولم ندفع الريح والموت عنها
فباتت كزنبقةٍ في هدير السيول
نعم ! ودفعنا بأقمارها للأفول
وقامر جُهالنا بالضحى
بالربى
بالسهول
بسوسنةٍ اسمها القدسُ ، نامت على ساقية
الى جانب الرابية
وتُمطر فيها السماءُ خُشُوعاً ، تُصلي الفصول
ويركعُ سُنبلها، تتهجدُ فيها الحقول
وعبر مساجدها العنبرية أسرى الرسول
فماذا صنعنا بوردتنا الناصعة؟
الهي تعلم أنت ، ونعلمُ، ماذا صنعنا
بوردتنا ، قد نزعنا، نزهنا
وُريقاتها ودلقنا شذاها الخجول
وهبنا صباها لأذرع عول
لأشداع عقربةٍ جائعة
فكيف اليها الوصول؟
ونخشى غداّ ان يجيء الضبابُ
وليلُ الضباب يطول
ويفصل ما بين أقدامنا والوصول
وقد تتمطى عصور الضباب بنا ، وتزول
كواكبُنا ثم تأتي السيول
وتجرف شتلاتنا، وتطول
ظلالُ الكآبةْ تغرقُ في غمرات الذُهُول
وتأتي الرياح وتمسحُ جنتنا الضائعة
وتخبو امانينا ، وأمتداداتها الشاسعة
ويطوي الذبول
سنابلنا رب عفوك ، ماذا نقول
وفي عتباتك كيف تُرى سيكون المثول؟
فأنت منحت الجناح الطليق ، ونحن اخترعنا القيود
وهبت لنا القُدس ، ونحنُ
دفعنا بها لليهود..


 

قديم 10-06-2010, 02:34 PM   #20


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




أقوى من القبر

صوت أمي أتى دافئاً كأريج التراب
في مروج فلسطين، صوت أنسياب
لجداول مغمي عليها من العطر. صوتُ
انسكاب
لرحيق كواكب فجرية بيضاء
بضة الاشذاء
* * *
كل يوم تموتين في القُدس، كل صباح
يقتلونك، تنقل أخبار موتك سودُ الرياح
تسقطين شهيدة
في الشعاب القريبة والطُرقات البعيده
ترقدين مُخضبة بدماء العقيدة
تقعين بنابلس مُثخنة بالجراح
وتهيمين ظمأى شريده
في دروب الظلام وحيده
تسكنين جراح القصيدة
فالخيامُ البريئة يُقصف سكانُها وتُباح
والجراحُ التي نشفت حفرتها جراح
والدموعُ القديمةُ تغسلُها
كل يومٍ دموعٌ جديده
خسيء الدمعُ، ان الخيام عنيده
وأماني العدو بليدة
والنجوم بعيدة
* * *
كثُر القتل يا أمي
وتعدد موتُك حين رأيت حمانا
يُستباح ونُرمى ولا نرمي
والعدو يصادر حتى تسابيحنا وكرانا
وطفولتنا ودُمانا
ويعشش ملء بساتيننا وقُرانا
يسكن منا مزق الدم والعظمِ
وترين عدوكِ يا أمي
يتبادل أرضكِ، أرض الجدودِ، هدايا
وله النصر في كل حربٍ، ونحن الضحايا
والمآذنُ والعتباتُ تُساق سبايا
والقرآئينُ حول نحور الصبايا
يقطعون سلاسلها بالسكاكين يا أمي
وتثورين في القبر يا أمي
تستحيلين جُرحاً ينابيعُهُ القانية
تصبغُ الحُلم والموت، أمطارُهُ تهمي
وقصائُدك الدامية
ملحُها يُشعل الحزن والنار في عظمي
وأحسُ لظى غليانك في جسمي
وأضيع كياني وأغنيتي وأسمي
* * *
وأحسُكِ، أمي، في قبرك العربي الحزين
تدفعين الردى في عنادٍ، وتنتصبين
يستحيل تُرابُك عاصفةً، يُصبحُ الياسمين
فوق قبرك لغماً يُقاتل
وعظامُك تُصبح تكبيرة وقنابل
وقصائُدكِ المُحرقات تهز كرى الحالمين
تنهضين من القبر غاضبةً تنهضين
من دمائك ينطلق الصاروخ وتنتفض السكين
من شفاهكِ تنمو المروجُ، وتعلو السنابِل،
وعلى رجع شعركٍ يورق غُصن الجليل
تنهض القُدسُ، تزحف أنهارُنا، يستحيل
صمتنا خنجراً، مدفعاً، ويصيرُ النخيل
لهباً زاحفا ويُقاتل
وتُحاربُ أعداءنا شُرفاتُ المنازل
والشبابيك،
والبحر،
والمُنحنى، والمناجل
ويحاربُ حتى النسيم البليل
وعلى رجع شعرك ينهض كل قتيل
يتحدى صواريخهم، يتحدى المقاصل
وعلى رجع شعرك سوف تسيلُ الجداول
وتحن الحقول لوقع المعاول
ويصير الظلام نهار مشاعل
آهِ، أمي، وتستقبلين
يوم نصرْ، وخضبٍ وضيء الجبين
عربي الجدائل
عربي الجدائل..
المنزل..


 

موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
نازك, الملائكة, الشاعرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 02:23 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by عــراق تــ34ــم
تنويه هام : الادارة ليست مسؤولة عن اي عملية تبادل دون علمها