اخر الاخبار هنا اخر الاخبار هنا اخر ااالاخبار هنا

عدد الضغطات : 5,280
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز الموضوع المميز المشرف المميز
قريبا
بقلم :
قريبا

العودة   منتديات مشاعرهم الادبية > ۩۞۩الاقـــســــام الادبـــيــة۩ > المكتبه الادبيه لمشاعرهم
تحديث الصفحة الشاعر بدر شاكر السياب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-19-2010, 01:19 PM   #21


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




حملت للنزال سيفك الصديءْ
يهتز في يدٍ تكاد تُحرق السماءْ
من دمها المتقد المضيء ،
تريدُ أن تمزّق الهواء .
و تجمعُ النساء
في امرأةً شفاهُها دمٌ على جليدْ
و جسمها المخاتل البليد
أفعى إذا مشت ، و سادة على الفراش ..
لا تُريدْ
أن تفتح الكوى ليدخل الضيِّاء
كيْ لا تُحسّ أنها خُواء .
و يرفع الشَّرْقُ أمام عينيك الستورْ ،
توشك أن تعانقَ الجَمال عند سُدَّة الأله ،
تكاد أن تراه
يهفُّ وسطَ غيْمةٍ من عَبَقٍ و نور .
تراه في حُلمة نَهدٍ توقد النجوم
بحمرةٍ لها ..
أريتَه يقوم
من قبره ، تحمله سحابةُ الدّخان
ينام تحت ظلَّها الفقير و الشريد :
فهو أميرٌ حوله الكؤوسُ و القيان ،
و بيته العتيد
جزيرٌ من جُزُر المرجان
كأنّ بحراً غاسلاً لسبوسَ بالأجاج
تشربه روحك من صدى إلى القرار
كأن سافو أورثتك من العروق نار ،
و أنت لا تضمّ غير حُلمِك الأبيد
كمن يضمّ طيفَه المُطلّ من زجاج :
حُرقة نرسيس ، و تنتلوس و الثمار !
كأنّ أفريقية الفاترة الكسول
( أنهارُها العراضُ و الطبول
و غابُها الثقيلُ بالظلالِ و المطرْ ،
و قبظُها النديّ .. و القَمَر )
تكورتْ في امرأة خليعةِ العذار
رضعتَ منها السم واللهيبْ ،
قطرتَ فيها سُمّك الغريب ..
كأنّها سحابةُ الدخان و الخَدَرْ
أقمْتَ منها ، بين عالم تَشَدّه نوابضُ النّضار
و بين عالمٍ من الخيال و الفِكَرْ ،
و نشوةٍ جدار
تقبع خلف ظلِّه فلا ينالُكَ البَشَر .
دخلتُ ، من كتابك الأثيم ،
حديقةَ الدم التي تؤجّ بالزّهَرْ ،
شربتُ من حروفه سلافةَ الجحيم
كأنها أثداء ذئبةٍ على القفار
حليبُها سُعار
و فيْئُها نعيم .
غرقتُ فيه ، صكّني العُبابْ
يقذفني من شاطئ لشاطئ قديم ،
حملتُ من قراره محارةَ العذاب
حماتُها إليْكْ
فمُدّ ليَ يديْك
و زحزحِ الصخورَ و التراب





 

قديم 07-19-2010, 01:20 PM   #22


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي





المومس الأجيرة الحقيره
أكثر من حبيبتي سخاءا
أتيتُها مساءا
معانقاً .. أعانق الهواءا
هبّ من القطب على الظهيره ،
مقبّلاً عيونها الخواءا ،
كأنني كيشوت في الأصيل
يركض خلف ظله الطويل
و يطعن السنابل الكسيره
يظنها الأعداء .
ضممتُ منها جثةً بيضاءا
تكفنت من داخلٍ ، و قبرها
في جوفها تناءى .
حملت منها صخرة صمّاءا
تشدني إلى الثرى ،
أرفعها لتلثم الجوزاءا
الحب أن تبذل ، أن تنال ما تريدُ
كانبع إذ يدفق ، لا كالبئرِ ،
كالنار تطوي نحوك السماءا
لا شرر الزناد .
أستزيدُ
فألتقي دمعي ، كغيمة تعيد نفسها للبحر .
أتعلم السحابة المرعدة المبرقة المجلجله
بأن ماءها سيستحيل غيمة إليها مقبله ،
تبذله في الفجر
و تلتقي به قبيل العصر ؟
أريد أن أضمّ ، أن أقبِّلَ
الدم الذي ينبض في الشفاه
كأنما القلب الذي يقبِّلُ .
الجسد الموات لا يحس شهقة الأله
تغور كالمدية حين تقتل
فتبعث الحياة في القتيلِ .
أريد أن أحرق كالحريق من أخيلِ :
في القلب و اليدين و الكعبينِ
و يأكل النار لظى في عيني .
لو كان ما تحسه الحبيبه
الألم ، الدوار .. لا الخواءا
ما كنت مثل غيمة غريبه
ترعد حتى تشعل الهواءا
رعداً
و تأبى الأرض أن تجيبه !



 

قديم 07-19-2010, 01:20 PM   #23


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




و تراجع الطوفان ، لملم كل أذيال المياه
و تكشّفت قمم التلال ، سفوحها ، و قرى السهول ،
أكواخها و بيوتها خِرب تناثر في فلاه .
عركت نيوب الماء كل سقوفها و مشى الذبول
فيما يحيط بهن من شجر .. فآه
آهٍ على بلدي ، عراقي : أثمر الدم في الحقول
حسكا ، وخلّف جرحه التتري ندباً في ثراه .
يا للقبور كأن عاليها غدا سفلا و غار إلى الظلام
مثل البذور تنام في ظلم الثمار و لا تفيق .
يتنفس الأحياء فيها كل وسوسة الرغام ،
حتى يموتوا في دجاها مثلما اختنق الغريق .
جثث هنا ، و دم هناك ..
و في بيوت النمل مد من الجفون
سقف يقرمده النجيع ، و في الزوايا
صفر العظام من الحنايا .
ماذا تخلف في العراق سوى الكآبة و الجنون ؟
أرأيت أرملة الشهيد ؟
الزوج مد عليه من ترب لحافاً ثم نام
متمدداً بأشد ما تجد العظام
من فسحة : سكنت يداه على الأضالع ،
و العيون
تغفو إلى أبد الإله ، إلى القيامة : في سلام .
رمت الرداء العسكري و نشّرته على الوصيد ..
لثمته ، فانتفض القماش يرد برد الموت ،
برد المظلمات من القبور .
يا فكرها عجباً .. ثقبت بنارك الأبد البعيد ،
يا فكر شاعرة يفتش عن قوافٍ للقصيد
ماذا وجدت وراء أمسي و عبر يومك من دهور
" الثأر " يصرخ كل عرق ، كل باب
في الدار . يا لفم تفتَّح كالجحيم .. من الصخور ،
من كل ردن في الرداء ، من النوافذ و الستور ،
من عيني ابنك ، يا شهيد ، تسائلان ، بلا جواب ،
عنك الأسرة و الدروب ، و تسألان عن المصير ،
مذ ألبسته الأم ثوبك في معاركك ، الأثير
و يداه في الردنين ضائعتان ، و الصدر الصغير
في صدرك الأبوي عاصفة تغلف بالسحاب
و رنا إلى المرآة
أبصر فيه شخصك في الثياب .
_ " أبني كان أبوك نبعاً من لهيب ، من حديد ،
سوراً من الدم و الرعود ،
و رماه بالأجل العميل فخرَّ _ واهاً _ كالشهاب ،
لكن لمحاً منه شع وفض اختام الحدود
و أضاء وجه الفوضوي ينز بالدم و الصديد
و كأن في أفق العروبة منه خيطاً من رغاب " .
و تنفس الغد في اليتيم و مد في عينيه شمسه
فرأى القبور يهب موتاهن فوجاً بعد فوج
أكفانها هرئت ..
و لكن الذي فيها يضم إليه أمسه
و يصيح " يا للثار .. يا للثار .. "
يصدي كل فج
و ترنّ أقبية المساجد و المآذن بالنداء .
و ينام طفلك و هو يحلم بالمقابر و الدماء .



 

قديم 07-19-2010, 01:21 PM   #24


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




لوفيقه
في ظلام العالم السفليّ حقلُ
فيه مما يزرع الموتى حديقه
يلتقي في جوها صبح و ليلُ
و خيال و حقيقه
تنعس الأنهار فيها و هي تجري .
مثقلات بالظلال
كسلال من ثمار ، كدوال
سُرّحت دون حبال .
كل نهر
شرفَة خضراء في دنيا سحيقه .
ووفيقه
تتمطى في سرير منشعاع القمر
زنبقي أخضر ،
في شحوب دامع ، فيه ابتسام
مثل أفق من ضياء و ظلام
و خيال و حقيقه .
أي عطر من عطور الثلج وانِ
صعّدته الشفتان
بين أفياء الحديقه
يا وفيقه ؟
و الحمامُ الأسودُ
يا له شلالَ نور منطفي !
يا له نهر ثمارٍ مثلها لم يُقطفِ !
يا له نافورةً من قبر تموز المدمّى تصعدُ !
و الأزاهير الطوال ، الشاحبات ، الناعسه
في فتور عصّرت أفريقيا فيه شذاها
و نداها ،
تعزف النايات في أظلالها السكرى عذارى لا نراها
روّحت عنها غصون هامسه .
وفيقه
لم تزلتثقل جيكور رؤاها .
آه لو روّى نخيلات الحديقه
من بويب كركرات ! لو سقاها
منه ماء المد في صبح الخريف !
لم تزل ترقب باباً عند أطراف الحديقه
ترهف السمع إلى كل حفيف !
ويحها .. ترجو ولا ترجو و تبكيها مناها :
لو أتاها .. !
لو أطال المكث في دنياه عاماً بعد عامِ
دون أن يهبط في سلّم ثلجٍ و ظلامِ !
و وفيقه
تبعث الأشذاء في أعماقها ذكرى طويله
لعشيش بين أوراق الخميله
فيه من بيضاته الزرق اتقاد أخضرُ
( أي أمواج من الذكرى رفيقه )
كلما رفّ جناحٌ أسمر
فوقها و التم صدر لامعات فيه ريشاتٌ جميله
أشعل الجوَّ الخريفيَّ الحنانُ
و استعاد الضمّة الأولى و حواءَ الزمانُ .
تسأل الأموات من جيكور عن أخبارها ،
عن رُباها الربد ، عن أنهارها .
آه و الموتى صموتٌ كالظلامِ
أعرضوا عنها ومروا في سلامِ
و هي كالبرعم تلتف على أسرارها .
و الحديقه
سقسق الليلُ عليها في اكتئابِ
مثلَ نافورة عطرٍ و شرابِ
و خيال و حقيقة
بين نهديكِ ارتعاش يا وفيقه
فيه بَردُ الموت باكِ
و اشرأبّت شفتاكِ
تهمسان العطر في ليل الحديقه .



 

قديم 07-19-2010, 01:23 PM   #25


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




عطرت أيامي بهذا الشذى =من شعرك المسترسل الأسود
الجو من حولي ، ربيع حبا =من خدره النائي إلى الموعد
هذا عبير الحب فجرته =يبحث عن مجرى له في غد
نبع أثيري الخطى ، حالم =بالظلة الخضراء و المسند
و العاشق السكران يحصي على=ثغرك ما في الليل من فرقد
أوقدت مصباح الهوى بعدما=خبا ؛ و لولا أنت لم يوقد
هبت عليه الريح مجنونة =محلولة الشعر ؛ خضيب اليد
الزيت من هذا الشذى و اللظى =من قبلة في الغيب لم تولد
تطفو على العطر خيالاً فلا =ترسب إلا في الفؤاد الصدي
أهم أن أهتف : أنت التي =مثلتها في أمسي الأبعد
و أنت من تحلم روحي بها =على ضفاف الزمن المزبد
تسائل الموج و تومي إلى =كل شراع علها تهتدي
أهم أن أهتف لولا خطى=عابرة في الخاطر المجهد
أطياف حسناواتي استيقظت=هاتفة : يا ذكريات اشهدي
ما نال منا غير أسمائنا=تسخر من آماله الشرد
مكتوبة بالنار ، في شعره=كالصورة الخرساء في معبد


 

قديم 07-19-2010, 01:24 PM   #26


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




يتثاءب جسمك في خلدي
فتُجنّ عروق ،
عريان تزلَّقَ في أبدِ
تُنهيه الرعشة ، فهي شروق
في ليل الشهوة . كل دمي
يتحرق ، يلهث ، ينفجر ،
و يقبّل تغرك ألفُ فم
في جسمي تُنبِتُها سقَرُ
و أحنّ ، أتوق .
و أحس عبيرَك في نَفَسي
ينهدّ ، يدندن كالجرسِ .
و وليمةُ جسمكِ يا واها
ما أشهاها !!
يا فجر الصيف إذا بردا
يا دفء شتائي ، يا قبلاً أتمناها
أحيا منها ، و أموت بها و أضم الأمس
أمسّ غدا
و تعود اللحظةُ لي أبدا .
ما أنأى بيتكِ ، ما أنأى عينكِ
بحار ،
و جبالُ دم : زَمنٌ جمدا
ليعود مدى . و أجنُّ ، أثار
فأحسّ عبيرك في نَفَسي
ينهدّ ، يدندن كالجرسِ .
ما أسعدها ، ما أشقاها ؟!
أرضي ، آسيةُ العريانة
أنا في روما أبكيها و أعيش بذكراها
ألأنك فيها أهواها ؟
من جوع صغارك يا وطني ، أشبعتَ الغرب و غربانه .
صحراء من الدم تعوي ، ترجف مقروره
و مرابط خيل مهجوره
و منازل تلهث أوَّها
و مقابر ينشج موتاها .
و أحس عبيرَك في نَفَسي
ينهدّ ، يدندنُ كالجرسِ .
لو شئتُ لطيفك أوربا
وطناً ، لحملتُ معي زادي
و عبرتُ مرافئها ، و طويتُ شزارغها درباً دربا
أسقيه الشمس و اطعمه قُبلاً و براعم أورادِ .
لكنك أثبتُ في الشرق ..
سأعود فأقطع سلّمنا وثبا
لأضمَّك يا أبدَ الشوقِ
يا نور المرفأ يهدي القلب إذا تاها
يا قصة عنترَ إذ تروى حول التنُّور فأحياها
سأحس عبيرَك في نَفَسي
ينثال و يقرعُ كالجرَسِ



 

قديم 07-19-2010, 01:24 PM   #27


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




مطفأةٌ هي النوافذ الكثار
و باب جدّي موصَدٌ و بيته انتظار
و أطرق الباب ، فمن يجيب ، يفتحُ ؟
تجيبني الطفوله ، الشباب منذ صار ،
تجيبني الجِرار جف ماؤها ، فليس تنضح :
" بويب " ، غير أنها تذرذر الغبار .
مطفأة هي الشموس فيه و النجوم .
الحُقُب الثلاث منذ أن خفقتُ للحياه
في بيت جدي ، ازدحمن فيه _ كالغيوم
تُختصر البحار في خدودهن و المياه .
فنحن لا تلم بالردى من القبور
فأوجه العجائز
أفصح في الحديث عن مناجل العصور
من القبور فيه و الجنائز .
و حين تقفز البيوت من بُناتها
و ساكنيها ، من أغانيها و من شكاتها
نحس كيف يسحق الزمان إذ يدور .
*
أأشتهيك يا حجارة الجدار ، يا بلاط ، يا حديد ، ياطلاء ؟
أأشتهي التقاءكن مثلما انتهى إلي فيه ؟
أم الصِّبا ، صباي و الطفولة اللعوب و الهناء ؟
و هل بكيت أن تضعضع البناء
و أقفر الفِناء أم بكيت ساكنيه ؟
أم أنني رأيت في خرابك الفناء
محدّقاً إليّ منك ، من دمي
مكشّراً من الحجارة ؟ آه ، أيّ برعم
يُربُّ فيك ؟ برعم الردى !! غداً أموت
و لن يظل من قواي ما يظل من خرائب البيوت :
لا أنشق الضباء ، لا أعضعض الهواء ،
لا أعصر النهار أو يمصّني امساء .
*
كأنّ مقلتي ، بل كأنني انبعث ( أورفيوس )
تمصّه الخرائب الهوى إلى الجحيم
فيلتقي بمقلتيه ، يلتقي بها ، بيورديس :
" آه يا عروس
يا توأم الشباب ، يا زنبقة النعيم ! " .
طريقه ابتناه بالحنين و الغناء :
براعم الخلود فتّحت له مغالقَ الفناء .
و بالغناء ، يا صباي ، يا عظام ، يا رميم ،
كسوتك الرواء و الضياء .
*
طفولتي ، صباي ، أين .. أين كلُّ ذاك ؟
أين حياة لا يحدّ من طريقها الطويل سور
كشر عن بوّابة كأعين الشباك
تفضي إلى القبور ؟
و الكون بالحياة ينبض : المياه و الصخور
و ذرة الغبار و النمال و الحديد .
وكل لحن ، كل موسمٍ ، جديد :
الحرث و البذار و الزهور .
و كل ضاحك فمن فؤاده ، و كل ناطق فمن فؤاده
و كل نائح فمن فؤاده . و الأرض تدور
و الشمس ، إذ تغيب ، تستريح كالصغير في رقاده .
و المرء لا يموت إن لم يفترسه في الظلام ذيب
أو يختطفه مارد ، و المرء لا يشيب
( فهكذا الشيوخ منذ يولدون
الشّعر الأبيض و العصيّ و الذقون ) .
*
و في ليالي الصيف حين ينعس القَمَر
و تذبل النجوم في أوائل السّحَر ،
أفيق أجمع الندى من الشجر
قي قدح ، ليقتل السعال و الهزال .
وفي المساء كنت أستحمّ بالنجوم ،
عيناي تلقطانهن نجمةً فنجمةً ، و راكب الهلال
سفينةً .. كأنّ سندباد في ارتحال :
شراعيَ الغيوم
و مرفأي المحال ،
و أُبصر اللّه على هيئة نخلةٍ ، كتاج نخلة يبيضُّ
في الظلام ،
أحسّه يقول : " يا بنيَّ ، يا غلام ،
وهبتُك الحياة و الحنان . و النجوم
وهبتها لمقلتيك ، و المطر
للقدمين الغصّتين . فاشرب الحياه
و عبّها ، يحبّك الإله . "
أهكذا السنون تذهبُ
أهكذا الحياة تنضب ؟
أحس أنني أذوب ، أتعبُ ،
أموت كالشجر .



 

قديم 07-19-2010, 01:26 PM   #28


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




ديوانُ شعرٍ ملؤه غزَلُ=بين العذارى بات ينتقلُ
أنفاسيَ الحرَّى تهيم على=صفحاته ، و الحبُّ و الأمل
و يتلتقي أنفاسُهنَّ بها=وترفُّ في جنباته القُبَلُ
ديوانُ شعرٍ ملؤه غزَلُ=بين العذارى بات ينتقلُ
و إذارأينَ النَّوحَ والشكوى=كلُّ تقولُ : من التي يهوى ؟
و سترتمي نظراتهنَّ على الصَّفحات=، بين سطوره ، نشوى
و لسوف ترتجُّ النهودُ أسىً=و يُثيرها ما فيه من نجوى
و لربَّما قرأته فاتنتي=فمضت تقول : من التي يهوى ؟
ديوان شعري ، ربَّ عذراءِ=أذكرتها بحبيبها النائي
فتحسّستْ شفةً مُقبِّلةَ=و شتيتَ أنفاسٍ و أصداءِ
فطوتْك فوق نهودها بيدٍ=و استرسلتْ في شبه إغفاءِ
ديوان شعري ، ربَّ عذراءِ=أذكرتها بحبيبها النائي
ياليتني أصيحتُ ديواني=لأفرَّ من صَدرٍ إلى ثانِ
قد بتُّ من حسدٍ أقول له :=ياليت من تهواك تهواني
ألك الكؤوسُ و لي ثمالتُها=ولك الخلودُ ، و إنّني فانِ ؟
ياليتني أصيحتُ ديواني=لأفرَّ من صَدرٍ إلى ثانِ
سأبيتُ في نوْحٍ و تستهيدِ =وتبيتُ تحت وسائد الغيد
أو لستَ منّي ؟ إنني نكِدٌ=ما بالُ حظِّك غير منكودِ ؟
زاحمتَ قلبي في محبّته=وخرجتَ منها غيرَ معمودِ
أأبيتُ في نوْحٍ و تستهيدِ=و تبيتُ تحت وسائد الغيدِ ؟



 

قديم 07-19-2010, 01:26 PM   #29


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




ذهبتِ فاستحال بعدكِ النهارْ
كأنه الغروبْ ،
كأنما سحبت من خيوطه النِّضار .
و ظلّل المدارجِ انكسارْ
و مثلها انكسرت ، غام في خيالي الجنوبْ
ينوء بالخريفْ
تعرَّت الكروم و الجداول انطفأنَ ، و الحفيفْ
يموت في ذرى النخيل ، و الدروب ،
بصمتها ، انتظار .
كحّل عينيك سوادٌ نار
تشبّ من قلبكِ ، من براعم النهود ،
يهتف بي إذا نظرتِ : أنتِ في استعار
يا أيّها البركان من ورود .
أواه لو أشد عينيك إلى النهار ،
إلى غدٍ فوق دمي يحومْ .
أي سماء أشعلتها رعشة النجومُ
و أثقل الظلام فيها من ندى المطرْ
نظرت من قرارها إليّ ، كاغيوم
تكنُّ في اربدادها الزَهَرْ !
يا نظرةً تخطفتني ريحها السّموم
إلى الضفاف الخضر من نَهَرْ
غرقتُ فيه ، أشعليني ! أطفئي اللهيبْ
يا نظرةً يشدّ قلبي بالسما وتر
يعزف مرُّها عليه غنوةَ القمر .


 

قديم 07-19-2010, 01:27 PM   #30


الصورة الرمزية سمر محمد
سمر محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 101
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 10-26-2014 (10:09 PM)
 المشاركات : 5,370 [ + ]
 التقييم :  44
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




قد انتصف الليل ، فاطو الكتاب=عن الريح و الشمعة الخابية
فعيناك لا تقرآن السطور=ولكنها العلة الواهية
فأنت ترى مقلتيها هناك=وذكرى من الليلة الماضية
فتطوي على ركبتيك الكتاب=وترنو إلى الأنجم النائية
هنا أنت بين الضياء الضئيل=و بين الدجى في الفضاء الرحيب
و كم من مصابيح تفنى هناك=تنير الثرى و الفراغ الرهيب
مصابيح كانت تذوب=وتنحل في شعرها :
خطانا ، ولون الغروب ،=وما ضاع من عطرها .
و تلقي على ذكريات الشتاء=ستاراً من الأدمع الراجفة
فتخبو مصابيحهن البعاد=بطيئاً ... كما تبرد العاطفة
كما افترقت ، يوم حان الرحيل=يد صافحتها يد واجفة
كرجع الخطى في الطريق البعيد ،=كما انحلت الرغبة الخائفة
و تصغي و لا شيء إلا السكون=وإلا خطى الحارس المتعب
و إلاارتعاش الضياء الضئيل=وخفق الظلال على المكتب
و أسفارك البالية=كأشباح موتى تسير
حيارى إلى الهاوية=_ و حلم ادكار قصير _
و تناسب مثل الشراع الكئيب=وراء الدجى ؛ روحك الشاردة
ترى وجهها كالتماع النجوم=وتطويه عنك اليد الماردة
إلى أن يذوب الضباب الثقيل=وتنهار ألوانه الجامدة
فها أنت ذا تستعيد اللقاء=كما عادت الجثة الباردة
و تمتد يمناك نحو الكتاب=كمن ينشُد السلوة الضائعة
فتبكي مع العبقري المريض=وقد خاطب النجمة الساطعة :
(( تمنيت يا كوكب=ثباتاً كهذا _ أنام
على صدرها في الظلام=وافني كما تغرب ))
و يغشى رؤاك الضياء القديم=بطيئاً .. كما سارت القافلة
ترى الباب مثل انعكاس المغيب=على صفحة الجدول الناحلة
و يغشى رؤاك الضياء القديم=ينير لك الغرفة الآفلة
و يغشى رؤاك الضياء القديم=فيا لانتفاضتك الهائلة !
ترى الباب ألقى عليه الأصيل=ظلالاً من الكرمة العارية
فما كان غير اعتناق طويل=عصرنا به القوة الباقية
وألقيتُ عبء السنين=ورأسي ، على صدرها
فشدت عليه اليمين=وأدنته من ثغرها...
و أيقنت أن الحياة ؛ الحياة=_ بغير الهوى _ قصة فاترة
و أني بغير التي ألهبت=خيالي بأنفاسها العاطرة ...
شريد يشق ازدحام الرجال=وتخنقه الأعين الساخرة


 

موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
الشاعر, السياب, بدر, شاكر


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 03:44 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by عــراق تــ34ــم
تنويه هام : الادارة ليست مسؤولة عن اي عملية تبادل دون علمها