#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
همسات بعد مضي رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
همسات بعد مضي رمضان العنود المحيسن الحمد الله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، أشهد أن لا إله إلا الله أصدق القائلين، وأعدل الحاكمين أشهد أن محمدًا عبده ورسوله خير المرسلين، وقائد الغُر المحجلين.. أما بعد: فأوصيكم إماء الله بتقوى الله في السِرِّ والعلن، ينجيكم من الهلاك الهالكين، ويتولاكم فيما يتولى به عباده الصالحين. ها قد رحل عَنَّا خير الشهور ومضى مع الراحلين، رحيله خير شاهد على أن الله يورث الأرض ومن عليها. مضى هذا الشهر الكريم وقد أحسن فيه ناسٌ وأساء فيه آخرون وهو شاهد لنا أو علينا، شاهد للمتميز بصيامه وقيامه، وعلى المُقصِّر بغفلته وإعراضه، ولا ندري هل سنُدرِكه مرة أخرى أم يحول بيننا وبينه هادم اللذات ومُفرِّق الجماعات.. فسلام الله على شهر الصيام والقيام، لقد مرّ كلمحة برق، وغمضة عين، كان مضمارًا يتنافس فيه المتنافسون، وميدانًا يتسابق فيه المتسابقون، فكم من أكفٍ ضارعة دفعت! ودموع ساخنة ذرفت !وعبرات حرّاء قد سكبت! وحُقَّ لها ذلك في موسم المتاجرة مع الله، موسم الرحمه والمغفرة والعتق من النار.. معاشر الأخوات.. لقد مرّ بنا هذا الشهر المبارك كطيف خيال مرّ بخيراته وبركاته مضى من أعمارنا وهو شاهد لنا أو علينا بما أودعناه فيه فلتفتح كل واحدة مِنَّا صفحة محاسبة لنفسها.. ماذا عملنا فيه؟ وماذا استفدنا منه؟ وما أثره في نفوسنا؟ وما ثمراته في واقعنا؟ وما مدى تأثيره على العمل والسلوك والأخلاق؟ فائدة: رمضان مُكفِّرٌ للذنوب وقد مضى، وهناك أمور مكفِّرةٌ طول العام هي: - «من قال: سبحان الله وبحمده حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» (رواه البخاري). - و«من توضأ مثل وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه» (مُتفقٌ عليه). - وركعتي الوضوء تُكفِّر الذنوب وغيرها من مكفرات الذنوب. وبعد مضي هذا الشهر لنا همسات أهمسها في أذانكن وأقول: الهمسة الأولى: 1- من الذي إستفاد من رمضان؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا وإحتسابًا غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر» (مُتفقٌ عليه). من قام رمضان.. من قام ليلة القدر.. فمغفرة الذنوب لهذه الأشياء الثلاثة كلها مُكفِّرة للذنوب.. صيامه وقيامه وقيام ليلة القدر، والتكفير بالصيام والقيام يكون بعد تمام الشهر، أما التكفير بقيام ليلة القدر لمن قامها سواءً عَلِمَ بها أم لم يعلم، ولذلك بعد معرفتنا لفضل قيام رمضان وصيامه فقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم ممن يدرك رمضان ولم يغفر له، فقال: «من أدرك رمضان ولم يُغفر له أبعده الله» (رواه الحاكم في المستدرك: [4/148]). أي طرده من رحمة لأنه أدرك هذا الشهر الكريم ففرَّط فيه ولم يستغله في الطاعة فلم يغفر له، وهذا الذى فرَّط في الطاعة في رمضان فهو لتفريط في غيرها من باب أولى فيستحق الطرد والإبعاد من رحمة الله ونحن لدينا تقصير في صيامنا وقيامنا.. ولذلك أهمس تلك الهمسة الثانية: 2- التوبة من تقصيرنا في هذا الشهر وكثرة الاستغفار وهو الدعاء بالمغفرة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يغفر فيه إلا لمن أبى»، قيل: ما من أبى؟ قال: «من أبى أن يستغفر الله» (رواه عبد الغني المقدسي في فضائل شهر رمضان) قال إبليس: أهلكت الناس بالمعاصي وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، والاستغفار يختم به العمل الصالح. كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه للأمصار أن يختموا شهر رمضان بالاستغفار وصدقة الفطر. فالصيام يحتاج إلى استغفار نافع وعمل شافع. كان بعض السلف إذا صلى الصلاة استغفر الله فيها كاستغفار المُذنِب لذنبه.. المهم أن نُكثر من الاستغفار بعد هذا الشهر لعلى الله أن يتجاوز عنَّا ما حصل من المعاصي. الهمسة الثالثة: هل قُبِلَ العمل أم لا؟ لقد مضت الأعمال من صيام وقيام وزكاة وصدقة وختم للقرآن ودعاء وذكر وعمرة ولكن هل قُبِلَ العمل أم لا؟ يقو ل الله عزوجل: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} [المائدة من الآية:27]. كان السلف يحرصون على العمل الصالح ثم يخافون أن لا يُقبَل منهم يقول علي رضي الله عنه: "كانوا لقبول العمل أشد اهتمامًا من العمل". لم تسمعوا قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين}، وكان أحد السلف يقول في آخر ليلة من رمضان: "يا ليت شعري من المقبول فنهيه؟ ومن المحروم فنعزيه؟ من بيننا من حظه فيه القبول والمغفره ومِنَّا من حظه فيه الطرد والإبعاد، يقول كعب رضي الله عنه: "من صام رمضان وهو يُحدِّث نفسه فيه إذا خرج رمضان عصى ربه، فصيامه عليه مردود، وباب التوفيق في وجهه مسدود". ومن علامات التقوى الامتناع من الفسق بعد رمضان. الهمسة الرابعة: 4- مواصلة العمل بعد رمضان.. مواصلة الطاعة والعبادة بعد رمضان، العبادات ليست في وقتٍ دون وقت بل هي مشروعة كما شرعها الله فصيام في العام كله وليس في رمضان فقط، والقيام في السنة كلها وليس في رمضان فقط ورب رمضان هو رب الشهور كلها، فلا بُدَّ من الحرص على صيام الست من شوال والاثنين والخميس وثلاثة أيام البيض وصيام دواد صيام يومٌ وفطر يوم. الهمسة الخامسة: عدم الاغترار بما حصل من الطاعات..بعضهم اجتهد في الطاعات، فإذا كانت النفس سيئة والطبع متعفِّن يقول له الشيطان رصيدك في غاية الارتفاع فلا عليك ما عملت! فيُصاب بالغرور والعُجب ولكن آية في كتاب الله تمحو ذلك كله قوله تعالى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6]. وفي الأثر: "لو أن رجل يُجَرُّ على وجهه من يوم وُلِد إلى يوم يموت هرب في مرضات الله تعالى لحقَّره يوم القيامة" أي لأُريَ عمله لا يساوى شيء ولذلك الناس لا يدخلون الجنة بأعمالهم ولكن برحمة الله وليست الأعمال الصالح ثمن لدخول الجنة ولكنها سبب لدخول الجنه. الهمسة السادسة: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النحل من الآية:92].. إن كنت ممن تحقق بالتقوى واشتغل بالطاعة إياك والرجوع للمعاصي، وترك الطاعات "فبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان".. ومن مظاهر نقض العهد منها ما يلي: 1- تضيع للصلوات من تأخيرها عن وقتها. 2- الاشتغال بالأغاني والأفلام، والتبرُّج والسفور. 3- التنافس في الذهاب لأماكن الفسق والفجور ومعصية الله من السفر خارج البلاد لمعصية الله. 4- هجر القرآن وترك نوافل العبادات. هناك أموار تُغذِّي القلب حتى يُقبِل على الطاعات منها ما يلي: 1- الصلاة والمحافظة عليها خاصةً الفجر. 2- القرآن الكريم وتلاوته. 3- ذكر الله تعالى والمحافظة على الأذكار. 4- الصحبة الصالحة. 5- الدعاء. الهمسة السابعة: 7- لا يشترط أن يكون بعد رمضان كما كان في رمضان؛ لأنه لا يأتي في مثله مغفرة وعتق ولا نقول كونوا كما كنتم في رمضان ولكن لا للانقطاع عن الأعمال. استمرو في العمل وإن كان قليل والمواظبة على العمل الصالح سببٌ لحُسن الخاتمة وهذا من شكر النِّعم الاستمرار على الطاعة. همسة -أقول لكم- وأخيرًا: رمضان نقطة بداية وليس نقطة نهاية: شهر رمضان فرصة للتغير، فرصة لكسب المزيد من المهارات ففي رمضان نتعلم كيف ننظم الوقت نأكل في موعدٍ مُحدَّد ونمسِك عن الطعام في وقتٍ مُحدَّد، ونتعلم في رمضان التوازن بين غذاء الروح: (الدعاء، والصيام والصلاة... إلخ) وغذاء الجسد نتعلَّم من رمضان الصبر والمسامحة والإيثار، فنحن كمن عنده ثلاجة عندما أصلحها في مركز الصيانة تركتها ولم تستعملها بل تركت أكلها يفسد، فنحن عندما نكون قادرين على المضي في طريق الهداية والإيمان نتوقف ونُهمِل أنفسنا ونتصالح مع الشيطان ونُركِّز على البدن بالغذاء ونُهمِل الروح فلا بُدَّ لنا من متابعة العمل الصالح وطلب العلم النافع. فاللهم يا مُقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك.. اللهم تقبَّل مِنَّا رمضان صيامه وقيامه، وأعده علينا أعوامٌ عديدة، وأزمنةٌ مديدة بعِزّ الإسلام والمسلمين. ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
اللهم بلغنا رمضان
|
رد علي الموضوع |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|