منتديات مشاعرهم الادبية

منتديات مشاعرهم الادبية (https://moh99d.com/vb/index.php)
-   بقـــلمي (القلم الحــر والنقاش الجاد)
(https://moh99d.com/vb/forumdisplay.php?f=42)
-   -   غصات الرحيل .. أول تجربه قصصيه .. حصري لمشاعرهم (https://moh99d.com/vb/showthread.php?t=7220)

فتون عنفوان الضاد 03-06-2011 07:03 PM

غصات الرحيل .. أول تجربه قصصيه .. حصري لمشاعرهم
 
غصات الرحيل

في التاسع والعشرين من المحرم لعام 1426للهجرة وقبل ساعات قليلة من يومه الأخير تستقر برأسه عينان خلت من كل شيء إلا حركة تضج سكون بياضهما تطرق أجزاء جسده أوجاع توقظ فيه الألم لا يُسكت عويلها إلا الصبر تراه شبح إنسان جفت من أطرافه الحياة يومه كالأمس وسابقه يحدق في الأفق يُبصر ألاَّ شيء قطع ضجيج تأمله صوت رفيقة دربه بسؤال مل سماعه :
كيف حالك اليوم ؟
الحمد لله لا أزال أتنفس الوجع .
تجاهلت جوابه وأرادت أن تبعث في أعماقه بعضا من التفاؤل الذي رأته هاربا على إثر ساعاته المهرولة إلى الرحيل قائلة وقد تصنعت ابتسامة تشق جلباب الخوف:
- أرى دماء الحياة تضج ازدحاما بوجنتيك
- لا تجزعي إن رأيتها تجف بعروقي .قالها وهو معلق بصره بالسماء
- تجاهلته مرة أخرى وأسندته على صدرها الذي طالما وجد فيه أنسه وراحته وبعثر فيه مخاوفه لسنين خلت وقدمت له كأس حليب دافئ ما إن انتهى من شربه حتى أخرجه من فاه ممزوجا بتلك الدماء التي ضجت بها عروقه على إثرها تلاقت عيناهما معلنة احتراقهما بدمع أيقنا معها دنو ساعة الرحيل
- سارعت إلى لملمة أوصال روحه المتناثرة قبل مجيء فلذات كبده كي لا يجزعوا من هول المرأى تصارع مخاوفها وتتجرع مرارة قلقها بينماحلقت به أجنحة الذاكرة لمرسى زمن تولى لن يعود يوما يحتسي أيامه الحلوة والمرة، ويتلذذ بمذاقاته قبل أن تتسرب من روحه الحياة قطرة قطرة عادت إليه مجددا لمست جبينه تسربت منه حرارة حمى اكتوت بها يديها حاولت أن تخرجه من صمته القاتل مخففة ذاك الألم الذي تسرب إلى أعماقه قالت له :
- لا عليك يا أبا محمد خروج الدم ليس دلالة الموت ..
- نظر إليها مبتسما :لست بالطفل الغر الذي لا يعي حقيقة الأمر اليوم معك وغدا تحت الثرى.
- استغفر ربك يا رجل الأعمار بيد الله لا نعلم متى تكون ساعة الأجل ..
- يا أم محمد .. إنها نهاية المطاف يا رفيقة الدرب .. أبنائك أصبحوا رجالا .. وبناتك أمهات
إياك بعد موتي أن تتخذي رجلا أخر هنا بيتك ولن يسلبه منك أحدا .. اجمعي كلمتهم على قول واحد
محمد أبا لكم من بعدي ولن ينالكم معه سوء بإذن الله .. وصيتي لكم فيصل فقد عبثت به الحياة وقسوتها
تلمسوا حاجاته دون جرح تفقدوا أبنائه وانظروا حال زوجاته يا أم محمد : هذا المنزل مأوى لكِ وبناتك إن خذلهن أزواجهم يوما وغدرت بهم الأيام.. انقطع كالامه بدخول أبنائه
الصمت يطبق من جديد لا يشق سكونه إلا عينان تتسعان على حين غرة وشفتان ترتجفان ورجفة تجتاح جسده وبرد يعتري أوصاله ليطلب منهم أغطية إضافية تبعث فيه الدفء..
أعينهم منصبة عليه تتابع حركاته وسكناته تلاحق حشرجة أنفاسه بهلع وخوف يشهدون اليوم الأخير من عمر عالمهم بدت الحروف تتطاير مبعثرة من بين شفتيه لم يعد قادرا على لفظ حرف الراء متسائلا بعد أن ابيضت عيناه :
النور .. النور ..
ليكرر بعدها : لماذا أطفأتموه .. لماذا الدنيا يعمها الظلام
تختلط من حوله جلبة الأصوات وسط عويل نسوة وصراخ أطفال لا يسكتها إلا ندائه ابنه البكر وقد ثقل لسانه :
يا محمد
- بجانبك يا أبي .
- إخوانك و أخواتك ..
- ما بالهم يا غالي
- اصنع لهم طعام عشاء يا بني .
- سأفعل أبتي لتطمئن 0
يعود من جديد للسؤال عن بقية بنيه محمد .. سعود .. عبد العزيز .. ماجد .. فيصل
كلماته المخنوقة تتوغل في شرايينهم أُرخوا لها عنان دموعهم متوسدين أنينه المكتوم أخذ لسانه يهلث بمحمد من جديد
- محمد .. محمد .. محمد
- لبيك وسعديك أبتي ..
- هل تناول إخوتك عشاءهم ؟.
- نعم يا غالي أرح نفسك لا تهلكها بالحديث 0
- إذا سارع يا بني واحفر لي حفرة في باطن الأرض تواري جثماني 0
- ما أن انتهى من جملته حتى ذوت ساقاه اللتان ذاب فيهما اللحم وبدت كقصبتين تخبو كقطعة موت ما دهست يوما رمل الوقت الذي تساقطَت من ثُقوبه جثث أيام كابد فيها صدق القلوب وكذبها فرح الحياة و شقائها رائحة الموت تعبق بالمكان
شفق التلاشي لاح من قرب وإبليس يمارس طقوس غواته حتى آخر لحظة ليعلنها في وجهه مرددا :
- عبد الله ..مسلم ... مسلم ...عبد الله
- عطشان أسقوني رشفة ماء ..
يبللون شفتاه ويسقونه بغصن ريحان وماء زمزم حتى يرتوي ولم يعد بعدها سوى زفرات روح متساقطة تذوي الواحدة تلو الأخرى ودمع عين رقراق لا ينتهي وأصوات تضج بالشهيق والنحيب وأخرى تلهج بالدعاء وتتلو بعض من سور القرآن ..
تمتد من وسط الجمع يد تغمض تلك العينين الشاخصتين وتتمتم ببعض الوداع القاتل قائلة بصوت يهيج القلوب :
- يا أبا محمد :سامحك الله بقدر ما يعلمون ولا يعلمون ..
- سامحك الله بعدد ذرات الرمل وأوراق الشجر وحبات المطر
فأنت الذي أعرتني فسحةً من صلصال الأمل حين صفعني الآخرون بكفوف الوجع
أنت الذي علمتني أول حروف الصبر حين كشرت الأيام عن أنياب قسوتها
أنت الذي أعطى لأيامي ملامح فرحها وبدد عنها شبح الحزن
سامحك الله أبا محمد فأيُّ الرجال كنت ؟ وأي النساء أنا من بعدك ..
سقطت دمعة حارة من عينه اليسرى ومعها سقطت أخر أنفاسه لتعلن مسرحية حياته نهايتها وتتوقف إلى الأبد .

سعود بن محمد 03-06-2011 11:05 PM

لله درك على هكذا سرد وطرح وعبارات واسترسال
قرأتها بتمعن وكنت أشعر كأني اشاهد مسلسل ىروي قصة الصراع مع الالم والكفاح وحرص على استكمال دور بالحياة برغم العزج والالم والمعاناة فمازال عقله الباطن يمارس دور الاب

لله درك فقد استطعتي بقلمك ومشاعرك ان تجبري الدمعة على النزل من عيني تذكرت امي رحمها الله وهي تلفظ انفاسها الاخيرة



كنت هنا واتمنى ان لاتحرمينا من هذا القلم ولا من اطلالتك



سعود بن محمد



::

بحر التحدي 03-07-2011 05:13 PM


الكاتبة القديرة / فتون
كم كانت جميلة تلك الكلمات رغم الألم الذي يغطيها
وعندما قرأتها ووجدت بداخلها مثل تلك الأسئلة
كيف حالك اليوم ... أرى دماء الحياة تضج بوجنتيك
فيجاوبها ويقول : الحمد لله لا أزال أتنفس الوجع
فتتجاهله
ثم ينظر الى ألا شـــــي
كانت تلك الابتسامات تترجم صدق الاحاسيس بينهما
وكانت تلك الضمة على صدرها لتشفي غليلها وعليلها
كان رحيل لابد منه فقد كتب أجله
وعندما قالت :
سامحك الله أبا محمد فأيُّ الرجال كنت ؟
وأي النساء أنا من بعدك ..
سقطت دمعة حارة من عينه اليسرى ومعها سقطت أخر أنفاسه لتعلن مسرحية حياته نهايتها وتتوقف إلى الأبد

وما أصعب تلك اللحظات عندما يعيشها الانسان مع من يحب

عنفوان الضاد
كتبتي فأبدعتي

مودتي واحترامي سيدتي

قلب الحياة 03-07-2011 05:33 PM

عنفوان الضاد

أنتي مبدعه ،، وما أجمل قصتكِ ، شعرنا بالمعاناة و أحسسنا الألم ~

ابداااااااااااااااااااااااع ،،

ذكرى الغالي 03-08-2011 05:34 AM

http://kll2.com/upfiles/hIf85121.gif

تقديري واحترامي
لشخصكـ وبوحك الراقي
ذكرى الغالي

هدوء البحر 03-08-2011 06:23 PM

القصة الرائعة المحبوكة تنتقل بإحساسك الى الأعلى ومعها تعلو أحاسيسك و ينعكس اثرها الجميل على نفسيتك ذاك النهار . أنا قرات قصة ( غصات الرحيل ) و التي ابدعت نسجها أختي الكاتبة المبدعة الفتون عنفوان الضاد . و لاشك ان العنوان يلعب دورا رئيسيًا بعتبارهـ عنصرًا خارجيًا ينعكس جو النص الداخلي .. فكلمتا العنوان ( غصات .. الرحيل ) هما حكاية و اشكالية يعكسان ملامح النص الاجتماعي الحزين و بالتالي فإنهما يشاركان الكاتبة الحزينة في تدخل نفسيتها على الجو العام للنص بل أحيانا على واقع النص و خصوصا في الحوار الذي يدور بين الأب و ابنه محمد و الذي يعتبر هذا التدخل هو تدخل خارجي يؤثر على كينونة النص و لاشك أن الكاتبة الفتون عكست روحها و همها التي ترى انها اشكالية الالم والفراق و الوفاء و كأنها تصوغها بطرح قصصي ليتم معالجتها بإسلوب حوار رائع بين الاب و ام محمد الوفية لزوجها اثناء مرضه ..
اعتمدت الكاتبة الأسلوب السردي في تأليف القصة حيث استمتعنا بحوار حي و رائع بين الشخصيات و خصوصا الاب و أبنائه و الكاتبة قدمت الشخصيات مع وصف جميل للحالة النفسية للشخصيات ..
أختي الغالية الفتون شكرا لك على هذه التحفة الرائعة .. أنت مبدعة ياصديقتي .

شجون الليل 03-09-2011 04:06 PM

http://forum.sedty.com/imagehosting/1228_1238409424.gifمشاركه مميزه الكاتبه فتون عنفوان الضاد
ومعلومات قيمه ح
بانتظارك دائما بشوق
لحسن الاختيار والطرح

محمد ال مهيد 03-10-2011 10:29 PM

صح فكرك

طرح راائع

وتجربه جديد موفقه لاينقصها شي

اتت متماسكه في الفكره وعلى شكل مسلسل

لنا الشرف بحصريه النص لنا نسخه منها الى حفظ الحقوق

وبانتظار القادم

محمد

فتون عنفوان الضاد 03-12-2011 04:35 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعود بن محمد (المشاركة 97175)
لله درك على هكذا سرد وطرح وعبارات واسترسال
قرأتها بتمعن وكنت أشعر كأني اشاهد مسلسل ىروي قصة الصراع مع الالم والكفاح وحرص على استكمال دور بالحياة برغم العزج والالم والمعاناة فمازال عقله الباطن يمارس دور الاب

لله درك فقد استطعتي بقلمك ومشاعرك ان تجبري الدمعة على النزل من عيني تذكرت امي رحمها الله وهي تلفظ انفاسها الاخيرة



كنت هنا واتمنى ان لاتحرمينا من هذا القلم ولا من اطلالتك



سعود بن محمد



::


سعود بن محمد
تواجدك قبس من نور
شكرا على حضورك وثناءك على ما نزف القلم

فتون عنفوان الضاد 03-12-2011 04:37 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بحر التحدي (المشاركة 97312)
الكاتبة القديرة / فتون
كم كانت جميلة تلك الكلمات رغم الألم الذي يغطيها
وعندما قرأتها ووجدت بداخلها مثل تلك الأسئلة
كيف حالك اليوم ... أرى دماء الحياة تضج بوجنتيك
فيجاوبها ويقول : الحمد لله لا أزال أتنفس الوجع
فتتجاهله
ثم ينظر الى ألا شـــــي
كانت تلك الابتسامات تترجم صدق الاحاسيس بينهما
وكانت تلك الضمة على صدرها لتشفي غليلها وعليلها
كان رحيل لابد منه فقد كتب أجله
وعندما قالت :
سامحك الله أبا محمد فأيُّ الرجال كنت ؟
وأي النساء أنا من بعدك ..
سقطت دمعة حارة من عينه اليسرى ومعها سقطت أخر أنفاسه لتعلن مسرحية حياته نهايتها وتتوقف إلى الأبد

وما أصعب تلك اللحظات عندما يعيشها الانسان مع من يحب

عنفوان الضاد
كتبتي فأبدعتي

مودتي واحترامي سيدتي


الكريم : بحر التحدي
قراءة لا مست كبد الحقيقة لقصتي
شكرا لحضورك المميز الثري سيدي


الساعة الآن 11:55 PM.

Powered by vBulletin Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by عــراق تــ34ــم