كنت صغيرا حينها لم يتجاوز عمري العاشرة عندما كنت أجوب السهول وأنزل الأودية وأتسلق الجبال. كان أخي الأكبر يرعى الماشية وقد أبدع بالعزف على الناي.....وكان عمي الذي يساويه في السن يشاركه الغناء حين يعزف......تعودت بعد العصر أن أذهب للقائهم وهم عائدون من المرعى, فأعتلي قمة أحد الجبال وأنادي بأعلى صوتي ايذانا بانتهاء اليوم خاصة أنهم لا يملكون ساعة تدلهم على الوقت......لم أكن أعرف يومها أنني كنت أوقظ الطبيعة من سباتها فتبدأ بالنداء كلما ناديت وكأنها تداعبني وتسليني وتشعرني أن لا أخاف من الذئاب السارحة بالمكان....كان صوتي الطفولي ينتقل من بطن جبل لبطن جبل آخر, ومن صخرة لأخرى حتى ينسل اخيرا في الكهوف ومجاري الأودية المتعرجة.......ذهب الكثير من عمري على هذه الذكريات الجميلة ورجعت لنفس المكان وبدات أنادي بنفس النداء ولكن بصوت خشن مختلف, ولكن ليس هنالك ما يردد خلفي........لست أدري ما السبب, أهو عيب في صوتي بعد أن أفسدته المدنية أم أن الجبال قد خرست وتحتاج لصوت طفل لإنطاقها؟


الدكتور بكري البشايره/العزام
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

اقتباس