مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور الشاعر جمال مرسي
سمر محمد
10-07-2010, 12:45 PM
د. جمال مرسي أديب مصري عضو اتحاد الكتاب المصريين..صدر له ديوانان:أصداف البحر و لآليء الروح..و ثالث تحت الطبع بعنوان
أنهار لا تعرف الخوف و ديوان على شرفة القمر (ديوان مشترك مع عدد من شعراء العرب) . يكتب في العديد من الصحف و المجلات
المصرية و العربية. اضافة الى كثير من المواقع و المجلات العربية الموجودة على صفحات الأنترنت
سمر محمد
10-07-2010, 01:03 PM
يا والدي
حينما أقبلَ الشتاء ببرده الشديد و وحشة ليله الطويل
كتبت لوالدي هذه الرسالة
يا والدي ، إني هنا يا والدي=لا زلتُ أقبعُ في جوارِ الموقِدِ
بردُ الشتاءِ أصابني ، خبَّاْتُهُ=تحتَ الثيابِ ، دفنتُهُ في مرْقدي
لا زلتُ أجلسُ و السكونُ يلُفُّني=و الحزنُ يأكلُ في وعائي من يدي
لا زال في جيْبي خطابٌ مُفْعَمٌ=بالشوْقِ منكَ ، و لهفةٌ لم تَبْرُدِ
لا زالتِ الأوراقُ حيرى تكتوي=و يراعتي في غُربتي لم تصمدِ
تشكو إليكَ وحبرها من أدمعي=بطشَ الذئابِ و قَسْوَةَ الزمنِ الرَّدِي
الليلُ يزحفُ نحوَ بابيَ شاهراً=سيفَ الظلامِ ، و قد تَرَبَّصَ بالغَدِ
و الرِّيحُ تعوي خلفَ شُبّاكِ الأسى=هلْ أدْرَكَتْ أني أعيشُ بمفردي ؟
هل أدرَكَتْ أنَّ الرفاقَ تحمَّلوا=قبلَ المغيبِ ، و ليس لي من مُنْجِدِ ؟
أم خافت الريحُ العقيمُ فأقبَلَتْ=نحوي لتلتمسَ الأمانَ و تهتدي ؟
أَتَضَوَّرَتْ جوعاً كنصفِ الأرضِ،أمْ=خارتْ من الحربِ التي لم تُخمدِ ؟
أم أنها جاءت بأسمالٍ لها=تُبدي الأسى من دونِ سابِقِ موْعِدِ ؟
يا والدي ، جاءَ الشتاءُ فيا تُرى=كم من فقيرٍ في الشقاءِ السرمدي ؟
كم من أسيرٍ خلفَ أسوار الردى=أكلَ الخَشاشَ ، و سفَّ رملَ الفدفَدِ ؟
كم من بتولٍ قد أُبِيحَ وقارُها=من ظالمٍ متجبِّرٍ مُتَمَرِّد ؟
كم من غنيٍّ موسِرٍ و مُرَفَّهٍ=أعطى بإخلاصٍ و لم يتردَّدِ !؟
لمّا رأيتُ الليلَ خارجَ غرفتي=مُتَوَشِّحاً ثوبَ الظلام ِالأسوَدِ
و رجعتُ بالعينينِ ألمحُ سِحرَها=و الضوءُ يكسوها، و دفءُ الموقدِ
و الخيرُ ، كلُّ الخيرِ في أرجائها=في حُسْنِها المُتَأَلِّقِ المُتجدِّدِ
أيقنتُ كم حجم النعيمِ أعيشُهُ=و بأنني في السوءِ إن لم أحمَدِ
فَرَفعْتُ كفِّي بالضَّراعَةِ شاكراً=للهِ ، لم أفتُر و لم أتَبَلَّدِ
و دعَوتُ ربي أن يعُمَّ رخاؤُهُ=من كان يتَّبِعُ الرسولَ و يقتدي
و ذكرتُ نبرةَ صوتِكَ الحُلو الذي=جابَ المكانَ كنسمَةِ الصُّبحِ النَّدِي
فرأيتُ كيفَ الصُّبحُ يُسفِرُ ضاحِكاً=من وجهِكَ الغَضِّ الجميلِ الأملَدِ
و سمعتُ شدوَ الطيرِ في همساتِهِ=يحنو على القلبِ العليلِ المُسهَدِ
ألقيتُ حزني في الفضا،أحرقتُهُ=في النَّارِ ، دونَ تكاسُلٍ و تردُّدِ
و حمدتُ ربَّ الكونِ في عليائِهِ=أن كنتَ لي نوراً كنورِ الفرقدِ
سمر محمد
10-07-2010, 01:06 PM
أعرني مِسمعاً
أَعِرنِي مِسمَعاً ، و اْسمَع شَكاتِي = و كَفكِف أَدمُعـاً لـي سَائِبـاتِ
فَمَـا تَوْدِيـعُ أحبابـي يَسِيـرٌ = و قد أَسكَنْتُهُـم أَعمـاقَ ذاتِـي
و رِيمٍ قَد تَرَعرَعَ فـي الحنايـا = عَرَفتُ بِقُربِـهِ صَفوَ الحيـاةِ
رأيـتُ بعينِـهِ الدُّنيـا رَبِيعـاً = و كانـت كالقِفـارِ المُوحِشـاتِ
بَلَوْتُ مشاعري ، فرأيـتُ أَنِّـي = بلا عينيهِ أدنـو مـن مَمَاتـي
كأنِّي غارقٌ فـي لُجِّ بحـرٍ = و في يُمنـاهُ أطـواقُ النجـاةِ
سأهـربُ.. رُبَّما..لَكِـنْ إليهِ = و أركِزُ فـي حديقَتِـهِ رُفاتـي
أموتُ ، فَيَمَّحِي جِسمِي و رَسمِي = و تَبْقَـى مُشْرِقَـاتٍ ذِكْرياتـي
تَـلألأُ فـي نَوَادِيكُـم كَـبَـدْرٍ = و تَلمعُ كالنُّجـومِ السَّاطِعـاتٍِ
و تَبقَى بينكُـم رُوحِـي كَطِفـلٍ = تَنَعَّـمَ فـي أريـجِ النَّرجِسـاتِ
أنا ما غِبتُ عنكم من قُصُـورٍ = و لَكِنْ عاتَبَـت قَلَمِـي دواتـي
أُراجِعُ سِفرَ عُمـري كـلَّ يـومٍ = أُقَلِّبُـهُ علـى كُـلِّ الجِـهـاتِ
و أسألُ في الحوادِثِ أينَ سيفـي = تَثَلَّمَ ؟ أَمْ غدا فـي مُهمَلاتـي ؟
و أينَ يراعتي ؟ يا ويحَ نفسـي = أأنسى أُمَّتي فـي الحادِثـاتِ ؟
و هل مِثلُ اليراعةِ مِـن سِـلاحٍ = إذا ما أَغْرَقَت سُفُنِـي عِداتـي ؟
و وَلَّت دُبرَها في الحَرْبِ خَيلـي = و طاشَتْ عن مَرَامِيهَـا قَنَاتِـي
لِمَن أُبدِي عنِ التقصيرِ عُـذري = و ذَنبي فَاقَ كُـلَّ تَصَوُّراتـي ؟
لِبَغدادَ التـي سَكَنَـت عُيونـي = فَأَدْمَتْ مُقْلَتِـي جُنـدُ الغُـزاةِ ؟
أَمِ الفلُّوجَـةِ العـذراءِ ، نـادَت = فَما وَجَدَت سِوَى سيفِ الجُناةِ ؟
و هل سَيُسَامِحُ الأقصـى مُحِبَّـاً = أسيـراً للعُيـونِ الناعسـاتِ ؟
غَدَوتُ و قَد لَبِستُ ثيابَ غـربٍ = كقومي ، عارياً ضمـنَ العُـراةِ
ظَمِئتُ فَجَرَّعوُنِي كأسَ صَمتِـي = و ثُـرْتُ ، فَغَيَّبـوا بِمُخَـدِّراتِ
طَوانِي الجُوعُ ، أُلْقِمتُ المنايـا = فألجأتُ الجُفُونَ إلـى السُّبـاتِ
ألا مَن يوقِـظُ الأحـلامَ عِنـدي = و يسعى كـي يُحَقِّـقَ أُمْنياتـي
و يُنقِذَنِـي إذا أَحرَقتُ أمسـي = بنارِ الوهمِ فـي بـردِ الشتـاتِ
أناْ العَرَبِـيُّ ، كانَ الماءُ عرشي = فغيضَ الماءُ ، ضَاقَت بي فلاتي
و مِن سَفَهٍ ،جَذَذتُ جذورَ قومي = و بِعتُ بدرهمٍ مجدَ الأُباةِ
و لي لغةٌ ، أضَعتُ سُدىً ، و كانت = هيَ المِشكاةُ في ليلِ السراةِ
تأَمرَكَتِ البلادُ ، فهل سأُبقي = على رَمَقِ الكرامةِفي حياتي ؟
و هل سيجيءُ بعد اليومِ يومٌ = لأعلنَ من قيودِهِمُ انفلاتي ؟
سمر محمد
10-07-2010, 01:08 PM
هو الشعر
هوَ الشِّعرُ أُزجيهِ قصيداً مُغَرِّدا=على البُعدِ و الأزمانِ يبقى مُخَلَّدا
جَعَلْتُ لهُ اْلجوزاءَ تاجاً يَزِينُهُ=و شمسَ الضُّحى عرشاً و بدرَ الدُّجى رِدا
كَسَوتُ القوافي من حريرِ مودَّتي=و جَرَّدتُها إلا من الحقِّ و الهُدى
فكانت لظىً في النائباتِ و في الوغى=و كانت حماماتٍ إذا السيفُ أُغمِدا
و كانت لأصحابي أزاهيرَ روضةٍ=و جاماً بها جَرَّعتُ أعدائيَ الردى
و ما غابت الأوطانُ عن شِعريَ الذي=نَسَجتُ ، و لا الإحساسُ يوماً تَبَلَّدا
بلادي لها في كُلِّ حرفٍ كتبتُهُ=نصيبٌ ، و في قلبي مكانٌ تَفَرَّدا
إذا ما دَعَتني في عظيمٍ ، وَجَدتُني=لها القلبَ و العينينِ و الروحَ و اليدا
هواها مِدادِي ، نيلُها العذبُ في دمِي=و أنسامُها العطرُ الذي فاحَ في المَدى
إذا ما طواني جُنحُ ليلٍ و غربةٌ=يَلُح وجهُهَا في وحشةِ الليلِ فرقدا
خليليَّ سيرا بي إلى مصرَ ، إنَّها=شفائي من الدَّاءِ الذي فِيَّ عربَدا
فلي في رُباها ذكرياتٌ ، عبيرُها=على البُعدِ فَوَّاحٌ ، و إنْ غِبتُ سرمدا
و لولا يقولُ الحقُّ " فامشوا "، لما نَبَتْ=خُطىً تقطعُ البطحاءَ سهلاً و فدفدا
و لِيْ أصدقاءٌ ما تلاقت جُسومُهُم=و لكِن بأرواحٍ تلاقت على الهُدى
إذا ما ادلَهَمَّتْ نائباتٌ ، وَجَدتُهُمْ=هُمُ المنهلُ الدَّفَّاقُ بالخيرِ و النَّدى
فَسُبحانَ من آخى قلوباً قصيَّةً=على الحُبِّ من غير ِالتِقاءٍ و وحَّدا
***
أنا ما نَظَمتُ الشعرَ أرجو بنظمِهِ=نوالاً ، و لا أُرضي بما قُلتُ سيِّدا
و لكنَّني ترجمتُ إحساسَ شاعرٍ=و عطَّرتُ دنيانا بشعرٍ لهُ صَدى
جعلتُ رضا الرحمنِ همِّي و غايتي= فحققتُ ما أصبو إليهِ مُؤَيَدا
سمر محمد
10-07-2010, 01:10 PM
الرزق الحلال
ألا مهلاً بريدَ الصبحِ مهلاً =فقد أوشكتُ أنْ أُنهي الرسالَهْ
تحمَّلْها ، ففيها بعضُ دمعٍ=أَسَلْتُ ، و لا تسلني من أسالَهْ
و فيها اللومُ ، علَّ اللومَ يُجدي=فيأتيني الجوابُ على عُجالَهْ
و بين سطورها نبضاتُ قلبي=تميدُ كشاربٍ حدَّ الثُمالَهْ
و قد زيَّنْتُ بالأشواق طِرسي=و بالتحنانِ توّجتُ المقالَهْ
و من عَبَقِ الجراحِ نثرتُ عطراً=و من نورِ الهمومِ قطفتُ هالَهْ
و ضمَّنتُ الخطابَ عميقَ شوقي=لمحبوبٍ سقاني ما بدا لَهْ ْ
ترفَّقْ يا بريدي بي عساني=أجاوز شامخاً نهرَ الكلالَهْ
فأصنعُ من أحاسيسي جناحاً=إلى وطني ، فأسترضي رمالَهْ
و أسترضي النخيلَ بكلِّ سهلٍ=بوادي النيلِ ، أستجدي ظِلالَهْ
و أطلب صفحَ أهلي أن طواني=بعيداً عنهمُ ليلُ الملالَهْ
و شدَّ وَثَاقَهُ فوقَ اْحتمالي=فدكَّ البعدُ قلبي و احتمالهْ
ألا خبَّرتَ يا مِرسالُ عنّي=بأني لستُ من أهل النذالَهْ
و حفظُ العهدِ بعضٌ من خصالي=و مثلي ليس من ينسى خصالَهْ
و إن طال النوى بالرغم مِنِّي=فإنِّي ما أردتُ لهُ اْستطالَهْ
سعيْتُ لأجلِ رزقٍ من حلالٍ=و جُبتُ الأرضَ عمراً كي أنالَهْ
ركضْتُ وراءهُ برّاً و بحراً=و كدت أطير كي أرقى جبالَهْ
فما نالتْ يميني غير قدْرٍ=قضاهُ اللهُ ربِّي ذو الجلالَهْ
***
أيا عبداً لجمعِ المالِ عُذراً=أتدري ما السبيلُ إلى الضلاله ْ؟
سبيلُكَ في اْغتصابِ المالِ غدراً=فبئس المالُ ، قد أشقى رِجالَهْ
فكُن حَذِراً إذا جَمَّعتَ مالاً=فإن حرامَهُ يُفني حلالَهْ
سمر محمد
10-07-2010, 01:12 PM
صراعات نفس
أعاني من عذابات الليالي =إذا ما مرَّ طيفٌ أو بدا لي
و كان الطيف يحمل بعض رسمٍ=لماضٍ فيهِ فاتنة الجمالِ
تفيضُ عذوبةً كمياهِ نهرٍ=تحلّى بالجواهرِ و اللآلي
و شقَّ طريقَهُ في جدبِ قلبي=كسهمٍ صوَّبتْهُ يدُ المحالِ
فلم تُخطئْ فؤادي ما رمتهُ=و لم تبرح منامي أو خيالي
ألا يا أيها القلبُ المُعنَّى=لقد نفد اصطباري و احتمالي
عهدتك في إبائك مثل بحرٍ=و في الإخلاصِ كالشُّمِّ العوالي
و لكن هل من الإنصافِ أني=أصون عهودَ من وَأدَتْ وصالي
و شادَتْ فوقَ أشلائي قصوراً=من الأوهامِ ، و اغتالت سؤالي
فَكُنْ لي يا فؤادي أنت مني=و لستَ لها و إن جالت ببالي
كلانا مثل طيرٍ في سماءٍ=تسامى فوق طيفٍ أو خيالِ
فَعِشْ للخيرِ إنَّ الخير أبقى=و ذكرُ اللهِ أدعى بانشغالي
و حُبٌّ غير حبِّ اللهِ فانٍ=و إن زانتْهُ نجماتُ الليالي
سمر محمد
10-07-2010, 01:14 PM
أنهار لا تعرف الخوف
( 1 )
للنوارسِ أجنحةٌ من عقيقٍ و ماءِ
و لي دهشةُ الأقحوانِ
لكَ المجدُ تسقيهِ مَن شئتَ
في قُلّةٍ من فَخارٍ و طينٍ
لَهُم أعينٌ من زجاجٍ
و أقدامُ فيلٍ تدوس على حُلمِ عُصفورةٍ
فَتُطِلُّ بعينِ الشموخِ عليهمْ
و تضحكُ
تُشبعهمْ من أوانٍ من النورِ
يكسِرها من يشاءُ
و يشربُ من أَرْيِهَا من يشاءُ
إلى سدرةِ المنتهى .
فضةٌ تترقرقُ
أم صوتُ عبدِ الحليمِ
يسافرُ كالضوءِ في عتمةِِ الأمكنةْ .
و الصبيُّ
يراود قُبَّرةً
حَلَّقَت في المدى
وَقَفَت فوقَ بَسمَتِكَ المُزمنةْ .
تنفضُ الماءَ
عن ريشِها الـ .. بللتهُ أفاويقُ وجدِكَ
حين أتت تشتكي ظلمَه.
بُرتُقالتُكَ انشَطَرَت .
نِصفُهَا القَلبُ
ماج بهِ العشقُ ،
أرَّقَهُ
فارتمى مثلَ عصفورةٍ
في حنايا الخِضَمِّ المسافرِ
و النِّصفُ
ما قد تبقَّى من الليلةِ المُحزنةْ .
( 2 )
حالماً كان يغفو على شاطئ النخلِ
يغسلُ أحلامَهُ بالضياءِ
يُسَبِّحُ باسمِ الذي منحَ الماءَ سطوتَهُ
و الضياءَ عروبَتَهُ
و النخيلَ رجولَتَه
يا صديقيَ
منذ عرفتَ حميميةَ العشقِ
هل كنتَ تعلمُ
أنَّ وراءَ البحارِ سفائنَ
تحملُ صوبكَ سربَ الأواكسِ
و ساعةَ نحسِ
و لحظَةَ بؤسِ
فنمتَ ،
تماديتَ في الحُلمِ
هل كنتَ تعلمُ أنَّ الشياطينَ جاءت
لكي تَسكُنَ الرملَ
و القيظَ
ليس لعينيكَ
لكن
لتلتهمَ الحوتْ .
يا صديقيَ منذ قديمِ الزمانِ
سأكتب في دفتري جملةً واحدةْ :
" لن تموت "
( 3 )
" ميج انا "
تتغلغلُ أغنيةُ النهرِ في أُذُنُ الطينِ
توقظُ كلَّ الدلافينِ
من غفوةِ النومِ
تحتَ رمادِ المتاهةِ
و الصمتِ
تقرعُ أجراسَ مدْنِ الغوايةِ
و الكبتِ
تُرهق سمْعَ وزيرِ الدفاعِ هناكْ .
طفلةٌ كالحمامةِ تهدلُ
فوق الرُّبا
" أعطني النايَ "
كي أُسمِعَ الذئبَ أغنيتي
" غردي يا طيورَ السلامِ أنا طفلةٌ ...... "
علَّهُ ينتهي
من طقوسِ العواءْ .
علَّهُ يتوضَّأ في النورِ
ثُمَّ يُجفِّفُ ما عَلِقَت في مخالبهِ
من بقايا الدماءْ .
( 4 )
غائرٌ أنت مثلُ جراحيَ
ممتشقٌ سيفَ مائِكَ
مرتكبٌ مِن ضروبِ الشجاعةِ
ما ليسَ فِيّْ .
بيد أني أراك حزيناً
تداري دموعكَ بين صخورٍ
و فَيّْ .
إي و ربِّكَ ،
فَكُّ إسارِكَ أصعبُ
أصعبُ
من ذا الزمان العصيّْ .
سوف يأتيك ـ من بعدنا ـ
من يفك قيودَكَ
تصهل في الأرض أفراسُهُ
فتهيم كما أنت في لجةٍ
من عقيقٍ و ضيّْ
ثم تُطوى السماءٌ كطي .....
سمر محمد
10-07-2010, 01:15 PM
مدينة الأشواق
من أي بابٍ في مدينتكِ الرحيبةْ
تَلِجُ الخيولُ إلى مروجكِ يا حبيبةْ
يا قصةَ الظلِّ الوريفِ
و يا صدى فصل الخريفِ
و نسمة الصبحِ الرطيبةْ .
من أيِّ بابٍ
و المدينة أغلقت أبوابها
في وجه من أوحت لهُ
أوهامُهُ
يوماً بأن يجتاحَها
أو يستبيحَ سهولَها الخضرَ الخصيبهْ
***
من أي بابٍ أستطيعْ ؟
و على شواطئِ بحرِكِ اندحر الجميعْ
و تبددت كلُّ الأساطيلُ التي حملت شذا الأزهار
مهراً للربيعْ
و تراجعت مهزومةً
و الموجُ يكتبُ فوقَ وجهِ الرملِ
نصّاً من حكايتها العجيبْةْ .
و النورسُ البحريُّ ينقل للضُّحى
قصصاً رواها البحرُ عنكِ
و لم تزلْ
نقشاً بذاكرةِ المحارْ
وشماً على صدرِ النهارْ
لم تمْحُهُ الشمس اللهيبةْ
***
من أي بابٍ يا حبيبةْ ؟
من بابِكِ البحريِّ أدخلُ للعيونْ
فأنا خبيرٌ بالبحارِ
و بالعيون
و لسوف ترسو في مياهِكِ مركبي
فإذا أمرتُكِ فاركبي
فلقد أتيتُكِ بالهوى الجيّاشِ
بين جوانحي
لن تستطيعي درءَهُ
ـ أبداً ـ
فلا تتعجبي
إن قلتُ أنَّ مدائنَ العينينِ
قد صارت سليبةْ .
و غدت حدائقُ وجنتيكِ
و شهدُ ثغرِكِ
والفؤادُ
و كلُّ ما ملكت يمينُكِ لي ضريبةْ .
***
هذا صباح الإنتشاءْ
هذا صباحُ الفتحِ
أثرتهُ العصافيرُ الطليقةُ بالغناءْ
هذا صباحٌ
للأهازيجِ التي قد أطلقتها الطيرُ لحناً
في الفضاءْ .
لمّا فتحتُ مدينتيكِ
رأيتُ ما لم يستطعْ أحدٌ قبيلي
أن يراهْ
فوددتُ لو أني بقيتُ العمرَ في هذا المتاهْ
هيّا بنا
كي نرسمَ الأحلامَ يا عمري سويّا
فهنا سنبني عُشَّنا
و هنا سنعلنُ حبنا
فلتعلني لمدائن الأشواقِ موْلدَ نجمنا
إني أحبكِ
فانثريها في الفضاءات الرحيبةْ .
عطراً و لحناً صافيا
جابَ البلادَ و جاءَ نحوكِ معلنا
أن المسافة قد تلاشت بيننا
و سكنتُ قلبَكِ يا حبيبةْْ
سمر محمد
10-07-2010, 01:17 PM
يا طائرَ الصبحِ الجميلْ
هذا نداء التمرِ في صبحٍ عليل
هذا دعاء الفجرِ
للطيرِ المهاجرِ كي يعودْ .ْ
كي يرتمي
بعد الغيابِ
و وحشة المنفي البعيدِ
بحضنِ غابات النخيلْ .
هذا صدى طمي الفراتْ
و حنينُ دجلَةَ
للعصافيرِالتي ذاقت مرارات الشتات .
يا طائرَ الصبحِ الجميلْ :
لبِّ النداءَ
وعُد فقد سقط الظلام .
جمِّعْ قواكَ
و ردد اللحنَ الذي كانت تغنيه الفصولْ .
قل :
لن تهونَ كرامتي
قل مثلما كانت تقولْ .
واضرب بأجنحةِ التحدِّي
كي تُذيبَ المِلحَ في جوفِ الغمامْ .
عُد وانتصر للجُرحِ
في وطنٍ جَفَتْ آفاقَهُ شمسُ النهارْ .
ارجع لعُشِّكَ واسترِح
من بعد أن اضناكَ طولُ الإنتظارْ
جمِّع قواكَ
وقمْ إلي الشمسِ الطليقةْ .
فاعقد قِرانَكَ
و اكتُبا بدمِ التوحُّدِ
سِِفرَ ميلادٍ جديدْ.
افرد جناحَكَ حولها
و ارسم على ريش الجناحِ شعاعها.
لا تنتظرنا
إننا تُهنا بغاباتِ الكلامْ .
غرقت سفينتنا ببحرٍ
من خنوعٍ وانهزامْ
ضلّت قوافلنا التي حَمَلَتْ لنا الأمجادَ
من زمنٍ بعيدْ .
عثَرَت خيولُ العزِّ
فانثَلًمً الحسامْ .
ضلَّت قوافلنا فما وجَدَت سوى الحجاجِِ
يرفعُ سوْطَه
و جيوشُ " هولاكو " تُثيرُ النقعَ
في زمنِ الخنوعْ .
"جنكيزُ " لم يشبعْ
و لم يُطفئْ لظى عطشٍ قديمْ .
و جنودُهُ شربت دماءَ النهرِ
لوَّثَتِ الضفافْ .
الناس يا طيرَ الصباحِ
تُساقُ سَكْرَى كالخرافْ .
لا تنتطرْنا
واستمع لصدى السديمْ .
أنقذ بساتين الكرومِ من التصحِّرِ والجفاف
و امسح بكلِّ إبائِكَ المعهودِ دمعَكَ
و انتفِضْ .
رَبِّت على كتفِ العراقْ
خفِّف معاناةَ الملايينِ التي
ذاقت مرار الأسرِ
جُرِّعَت الهوانِ بكأسِ محتلٍ لئيمْ .
يا طائرَ الصبحِ الجميل :
هذا صباحٌ ليس في أصباغِهِ
لونُ الجراحْ
أنسامُهُ..
حَمَلَت شذا زهرِ البنفسجِ و النخيل
لكنَّ خلفكَ جاء صيّادٌ
يُهرولُ بالشِّباكْ .
يُغريكَ بالقمحِ الذي
سَرَقَتْهُ من غيطانِكَ الخضراءِ
أجنادُ الظلامْ
من بعدِ أن رَسَمَتْ ملامِحَ وجهِهِ كَفُّ الربيعْ
احذرْهُ لا تكنِ الضحيةَ من جديد
قاومْهُ
لا تركن ليأسٍ أو خضوع .
هذا نصيبُكَ أن تذوقَ المُرَّ
في خبز الرجوع ْ
لكنَّهُ الوطنُ الجميلْ
أَوَلا تهونُ لإجلِهِ الأرواحُ
في الزمنِ البخيلْ ؟
سمر محمد
10-07-2010, 01:19 PM
في خيمة الليل
أَرَقٌ ، أَرَقْ .
الليلُ يَسكُنُ خَيمَةً شِتوِيَّةً
نَسَجَتْ خُيُوطَتَها الكَوَاكِبُ و النُّجُومُ..
و ثَبَّتَت أَوتَادَهَا فَي الأَرضِ أَرسَانُ الأَرَقْ .
مُتَأَهِّبٌ لِلنَّومِ،
أَرخَى فَوقَ عَينِ الكَونِ سِتراً أَسوَدا .
و على بِسَاطِ الأرضِ نَامَ مُمَدَّدا .
نَظَرَت إلى الأُفْقِ البعيدِ عُيُونُهُ .
هُوَ لا يَكادُ يرى يَدَيهِ
و لَيسَ يَسمَعُ في الفَضَا إلاَّ الصَّدَى
أَحلامُهُ مَاتَت عَلَى شَفَةِ السؤالِ
تَنَازَعَتهَا وَحشَةٌ،
و نُيُوبُ ذئبٍ بَربَرِيٍّ ..
لَم يَزَل يَطَأُ الجِراحَ ، النَّهرَ ،
ضِحْكاتِ الصِّغَارِ ، الوَردَ ،
آياتِ الكِتَابِ ،
منازِلَ الشُّرَفَاءِ ،
مَكتَبَةً ..
بِكُلِّ صَغِيرةٍ و كَبِيرَةٍ زَخَرَت ،
و حِبراً داعَبَت قطراتُهُ وَجهَ الوَرَقْ .
أَرَقٌ ، أَرَقْ .
الليلُ يَسكُنُهُ الأَرَقْ .
و أنا سَأَسكُنُ خَيمَةَ اللَّيلِ الذي أَبصَرتُهُ
يَبكِي لأَوَّلِ مَرَّةٍ
و لَطَالَمَا صَدَرَت عَلَى سَاعَاتِهِ أَحكَامُهُمْ .
هُوَ ظَالِمٌ ،
هُوَ مُظلِمٌ ،
هُوَ بَاعِثٌ لِلحُزنِ فَليُشنَقْ عَلَى بَابِ الفلقْ .
أَو تُحبَس الأَنسَامُ عَنهُ
يَنُوءُ بِالنَّجْمَاتِ ، بِالقَمَرِ المُنِيرِ بِأفْقِهِ ،
بِسكُونِهِ ،
بِجَلالِهِ ،
بِجَمَالِهِ ،
بِسَوَادِهِ ،
يَهوِي إِلَى أَرضِ النِّفَاقِ فَيَحتَرِقْ.
يَا أَنتِ هَيَّا نُوقِدُ النِّيرَانَ ،
أَضيَافُ الدُّجَى قَد أَقبَلوا..
مِنْ كُلِّ فَجٍّ حَامِلِينَ جِراحَهُمْ ، و وُرُوُدَهُم ،
و كُؤُوسَ لَهفَتِهِم إِلَى شَهدِ اللِّقَاءِ
فَهَيِّئِي مِن خَيمَةِ اللَّيلِ الوِسَادَ
و عَطِّرِيني مِن أَرِيجٍ لَيسَ يَعرِفُهُ سِوَانَا
رُبَّما لَو تُهتُ عَنكِ يَدلُّنِي سِحرُ العَبَقْ .
أَرَقٌ أَرَقْ
الليلُ يُوشِكُ أَنْ يَنامَ على ذِرَاعِ الفَجرِ
قد ثَقُلَت عليهِ همومُهُ .
أَتُراهُ يتركني وحيداً ..
لا نديمَ سوى التذكِّرِ ..
حين يقطعُ طيفُكِ القَمَرِيُّ آفاقَ اْغترابي
تاركاً لي قصةَ الحُبِّ الطفوليِّ ،
ابتسامَتَكِ البريئةَ ،
لونَ عينيكِ ،
الرؤى ،
قاموسَ أيامِ الرعونةِ و النَّزَقْ .
أرَقٌ أرَقْ .
الليلُ يَضحَكُ لِي ،
يُوَدِّعُنِي ،
و يَمضِي حَيثُ يَأْخُذُهُ الصَّباحُ إِلى البَعِيدِ
و لَم أَزَل أَقتَاتُ عُشبَ الحُزنِ
أَلتَحِفُ الأَسى ،
و النومُ يأبى أَن يُصَالِحَ مقلتي .
سمر محمد
10-07-2010, 01:25 PM
قصاصات من دفتر قديم
علاقة
ما زلتُ أسألُ
ما العلاقةُ بين وجهِكِ و الصباح
حتى رأيتُكِ
حين غاب الصبحُ يوماً
و استراح .
براءة
هذا الصغيرُ يعودُ بي
لبراءة الزمن الجميلْ
أقضي هناك سويعةً
أبكي على أطلالِهِ
و أنام تحت ظلالِهِ
و تردني متأهباً للقنصِ مثل الثعلبِ
دقات هاتفِ مكتبي
عودي
عودي لعشكِ صاغِرهْ
عودي كفاكِ مكابرهْ
أنا كالنباتِ
و أنتِ لي ماء السحاب
و حياتُكِ الخضرا بدون رجولتي أرضٌ يبابْ
و فراقنا يا مهجتي
سيذيقنا طعمَ العذابْ
إيثار
هيَ لا تفكرُ بالرجوعْ
هيَ لا تحبُّ بأنْ تجوعْ
ألديكَ غير الحُبِّ خبزاً
يا فؤادي كي تبيعْ ؟
تمثال
هوَ لا يطأطِئُ رأسَهُ
هو دائماً لا ينحني
تمثالُهُ في ساحةِ الشهداءِ
فوق دمائهم
و خيالُهُ ـ بالسيفِ ـ
فوق رقابهم
و مؤخراً
ثارت معاولُهُم فشجَّتْ رأسَهُ
في مشهدٍ قد هزني
فإذا بِهِ بعد انتصابٍ ينحني
في المحطة
قالت بكل بشاشةٍ لا تنتظرْ
فقطار عمرِكَ منذ لحظاتٍ عَبَر
قلتُ السعادةُ في انتظاري غيرَهِ
قالت : شبابُ العمرِ ولّى و اندثرْ
ضحكت و واصلتِ المسيرَ
ولم أزل
ـ رغم النصيحةِ ـ
في المحطةِ أنتظرْ
سمر محمد
10-07-2010, 01:27 PM
مأساة طفل عراقي
صوب نحوه الجندي الأمريكي سلاحه فلم يكترث به
و نظر له شذراً و لسان حاله يقول
أنـا طفـلٌ عـراقِـيٌّ أسـيـرٌ=فَحَرِّرْنـي أيـا جُنْـدِيُّ مِـنِّـي
أَزِلْ عن خافقـي تحنـانَ أُمِّـي=وعطف أبي واختي ضَعْهُ عَنِّـي
ومن لُعَبٍ تنامُ علـى سريـري=وأصحـابٍ بحارتنـا أَجِـرْنِـي
أَجِرْنِي من ثرى وطني حبيبـي=ومن حُلْـمِ الطفولـةِ والتمنـي
و من قلمٍ رسمـتُ بِـهِ نخيـلاً=جميـلاً ، فوقـه طيـرٌ يُغَنِّـي
و من نهرٍ يشاركنـي عروقـي=وشمسٍ طالمـا نامـت بجفنـي
أَجِرْنِي مـن نجـومٍ سامرتنـي=و ألقت ضوءها الحاني بعينـي
و من هِـرٍ يقاسمنـي حليبـي=ويأكلُ من إناءِ الطهـي سمنـي
أما أبصرتَ يا جنـديُّ بؤسـي=أما أبصرتَ حين أتيـتَ حزنـي
لـذاك دَهَمْـتَ منزلَنـا مسـاءاً=لتمنَحَنِي .. بنصفِ الليل .. أمني
و عَزَّ عليكَ أنْ تلقـي صغيـراً=بـلا نـومٍ ، فجئـتَ بغيـر إِذْنِ
وفـي يُمنـاكَ رشـاشٌ كبيـرٌ=يُـوزِّعُ طلقـةً فـي كُـلِّ رُكْـنِ
كتبتَ على الرصاصةِ إسمَ أختي=وإسمَ أخي على الأخـرى بِفَـنِّ
و لم تنسَ الرضيعَ فَجِئْتَت تسعى=بِخَزٍّ .. كـي تُكَفِّنَـهُ .. وقُطْـنِ
عطوفٌ أنتَ قـد نـوَّرْتَ ليْلـي=بنيرانٍ تَصُبُّ المـوتَ ، تُفْنِـي
وأسكنتَ الجراحَ صميـمَ قلبـي=وبالغـاراتِ قـد شنَّفْـتَ أُذْنِـي
وجئتَ لكي تُحَرِّرَني ، فمرحـى=بسجـانٍ يُسَلِّمُـنـي لسجـنـي
يقـدِّمُ لـي حليبـاً أو رغيـفـاً=مُسَمَّمَـةً لكـي يرتـاح مِنِّـي
سأفني ..رُبَّمـا .. لكـن بِعِـزٍّ=ولـن أحيـا بِـذُلٍّ أو تَـدَنِّـي
لأني ..حيـن تقتلنـي.. شهيـدٌ=أُجازي بعـد موتِـي دارَ عَـدْنِ
وإنَّـكَ لـن تـرى إلا جحيمـا ً=بأمْـرِ اللهِ ، جَـرَّاءَ التجـنِّـي
سمر محمد
10-07-2010, 01:28 PM
دعاة الشر
أإرهـابٌ مُقَاوَمَتِـي و حُـمـقُ=و إنصـافٌ تَجَبركُـم و حَـقُّ ؟
أَنُصرَتنَـا لِـدِيـنِ اللهِ بَـغـيٌ=و نُصرَتُكـم لإبليـسٍ أحـقُّ ؟
أَمَـنْ رامَ العـدالـةَ مُستـبِـدٌ=مُدانٌ فـي شريعتِكُـم مُحَـقُّ ؟
و مَن سَفَكَ الدِّماءَ ، دِماءَ قَومِي=فـلا لَـومٌ عَلَيـهِ و لا يُحَـقُّ ؟
مَوَازِينُ العَدَالَـةِ فـي اختـلالٍ=إذا قُتِلَ الوفا و اغتيـلَ صِـدقُ
و إنْ قلبُ المُطفِّفِ صَـارَ فظَّـاً=فليـسَ يَلِيـنُ يومـاً أو يـرِقُّ
دُعـاةَ السِّلْـمِ قـد أَوهَمتمُونَـا=بِـسِـلـمٍ فـيــهِ إذلالٌ و رِقُّ
و زَيَّنـتُـم لأُمَّتِـنـا طريـقـاً=خَلَت من دونِهـا للسِّلْـمِ طُـرْقُ
فَسَارَت دونمـا أدنـى شُعُـورٍ=لقاتلِهـا ، كمـذبُـوحٍ يُــزَقُّ
أرى التمييزَ صارَ لَكُـم شِعـاراً=فَبَينَ السُّوُدِ ، بينَ البِِِيِضِ فـرقُ
و في أعماقِكُـم حِقـدٌ تـوارى=و إنْ أخفاهُ عند النُّطـقِ نُطـقُ
خُدِعنـا إذ حَسِبنـا أن تسـاوى=لدى أبواقِكُـم غَـربٌ و شَـرقُ
فكان الشَّـرقُ مَقهُـوراً أسيـراً=و قاهِرُهُ بأقصى الغـربِ طَلـقُ
يعيـثُ بكـلِّ ضاحيـةٍ فسـاداً=فما سَلِمَ العِـراقُ و لا دِمَشـقُ
و لا الأفغانُ باتـوا فـي أَمَـانٍ=عِظامُ المُسلميـنَ دُمـىً تُـدَقُّ
و في الشِّيِشَانِ ، في كَشميرَ مجدٌ=بَكَـتْ أيَّامَـهُ البيـضـاءَ وُرقُ
و لم يستَثـنِ شَيْخـاً أو وَلِيـداً=بِبَيتِ المقدِسِ المَسلُـوبِ حَـرقُ
و كَم مِن مُسلِـمٍ أَدْمَـاهُ سَحـلٌ=بدونِ جَرِيرةٍٍ كانـت ، و سَحـقُ
و إسرائيلُ مثـل الطفـلِ يلهـو=بريئـاً لا يَـعِـقُّ و لا يُـعَـقُّ
تَعَاظَمَ أَمرُها ، صـارتْ وِبَـاءاً=عظيمـاً ، بَـرؤُهُ أمـرٌ يَشُـقُّ
فهل عَمِيَت عُيـونُ العَـمِّ سَـامٍ=فلم ينبض لـهُ بالحـقِّ عِـرقُ
و كيف ، و قد تَرَبَّعَ في الحنايـا=فـؤادٌ أسـودٌ بالشـرِّ عِـلـقُ
لـهُ فـي كـلِّ كـارِثَـةٍ ذراعٌ=و في التَّقتِيلِ و التَّخرِيبِ سَبـقُ
لـهُ الأبـواقُ تنعـقُ باقتـدارٍ=فيا للسمـعِ كـم أدمـاهُ نَعـقُ
دعـاة الشـرِّ يـا أبنـاء سـامٍ=أقيمـوا للخنـا بُوقـاً و طُقُّـوا
فـإن بلابِـلَ الإسـلام تشـدو=و ليس يَهُزُّهَـا طَبـلٌ و نَهـقُ
سمر محمد
10-07-2010, 01:29 PM
عاشق الكنانة
شوقـي لنيلِكِ يـا بــلادي دافــقُ=و القلبُ فـي بحـرِ الصبابـةِ غـارِقُ
لكِ مهجتـي تسـري و كـلُّ جوارحـي=و الفخـرُ لـي أنِّـي مُحِـبٌ وامــقُ
في حُبِّ مصرَ تَسَابَقَـتْ كـلُّ الخُطـى=فـإذا بخطـوي..فـي ثباتٍ..سـابـقُ
و بعشقِهـا سَمَـتِ القلـوبُ و غَـرَّدّتْ=طَرَباً و عشقـاً ، و اْستُهيـمَ العاشِـقُ
و أنـا المُتَيَّـمُ بالنخيـلِ و بالـثـرى=سَهْـمُ الصبابةِ فـي كيانـي مـارِقُ
إنِّي كَصَبٍّ ، لـم يَجُـلْ فـي خاطِـري=أنِّـي سَيُرْدينـي الـغـرامُ الـحـارِقُ
فــإذا الـفـؤادُ مُكَـبَّـلٌ بغرامِـهـا=و إذا بهـا عطـفٌ و حُــبٌّ صــادِقُ
أرضُ الكِنانـة لــنْ يَـقِـلَّ عطـاؤهـا=و النيـلُ بالخيـراتِ دومــاً فـاهِـقُ
و سماءُ مصرَ فلـن تغيـبَ شموسُهـا=مـا دام فـي الأكـوانِ قلـبٌ خـافِـقُ
في الطبِّ ، في الكيمياءِ ، في علم الفضا=في الفـنِّ ، فـي الآدابِ ، كُـلٌّ حـاذِقُ
و العلـمُ فـي شتّـى معاهِـدِ مصرِنـا=نـورٌ هـو المجـدُ العريـقُ السامِـقُ
و على المنابِـرِ لـم يغِـبْ خطباؤنـا=حتّـى يثـوبَ إلـى الرشـادِ المـارِقُ
في الحقِّ لم نخـشَ المـلامَ ، وإننـا=في الحربِ..يدري العالمونَ..صواعِـقُ
و لئِن دعانا للسلامِ حَمامُهُ=فصـدورُنـا للأصـدقـاءِ نـمــارِقُ
دانـت لنـا الدنيـا بسالِـفِ عِلمِـنـا=فتقاسَمَـتْـهُ مـغـارِبٌ و مـشـارِقُ
و تفرَّعت تلكَ الحضـارةُ فـي الدُّنـى=يرقـى بهـا للمجـدِ شعـبٌ واثِــقُ
ما ذلَّ يومـاً ، مـا اْستكـانَ لغاصِـبٍ=كـلاّ ، و لـم تُرهِـبْ خُطـاهُ بنـادِقُ
يـا مصـرُ يـا نـورَ الإلـهِ بإرضِـهِ=أنـتِ البهـاءُ السـرمـديُّ الفـائِـقُ
فالعيـنُ مـن فِـرْدوْسِ ربِّـي حُسنُهـا=و الدمـعُ مـا أُهريـقَ دومـاً صـادِقُ
و الخـدُّ وردٌ ، و الشـفـاهُ جـواهـرٌ=و الشَّعرُ مثـل التبـرِ ، جَـلَّ الخالِـقُ
و القلبُ قـد شمـل العروبَـةَ فضلُـهُ=لـمْ يـألُ جَهـداً مـا دعـاهُ الغـارِقُ
لَـجَّ البعـادُ حبيبـتـي ، فانتابـنـي=مـن طولِـهِ شـوْقٌ سخيـنٌ حــارِقُ
عشـرونَ عامـاً يـا بـلادي هـائِـمٌ=أدمَـتْ خُـطـايَ مـرافِـئٌ و زوارِقُ
لـجَّ البعـادُ فكـان نبضـي سابِـقـي=و مشاعِـري أبـداً إلـيـكِ سـوابِـقُ
لكِ فـي فـؤادي ألـفُ ألـفِ وثيقـةٍ=قـد سطَّرتْهـا مـن دمـايَ حقـائِـقُ
سمر محمد
10-07-2010, 01:31 PM
مللتُ الشعر
مللتُ الشعرَ يا زَهْوَى لأني= وجدتُ الغثَّ يعصفُ بالثمينِ
و قلتُ الإعتزال به ارتياحٌ=لقلبي من قروحي و الأنينِ
فجاء الشعرُ يبكي عند بابي=بدمعٍ .. مثلما الثكلى .. سخينِ
فتحتُ البابَ ، قلتُ ادخل صديقي=نديَّ الحرف وضَّاء الجبينِ
و لا تأبه لقولٍ من حزينٍ=عصاهُ الشعر في يومٍ حزينِ
عَدَلتُ عن القرارِ و قلتُ أمضي=على درب الشقاء بلا خدينِ
فقبَّل وجنتيَّ و قال خذني=رفيقاً في اْرتيابِكَ و اليقينِ
و خاصمني فلم أُبصر سناهُ=و طلعتَهُ البهيَّةَ من سنينِ
عجبتُ من الوفاءِ ، أغابَ حتى=عن الأشعارِ في الزمنِ الضنينِ
سمر محمد
10-07-2010, 01:56 PM
على مشارف اللحن الحزين
( مقطوعة نثرية )
أتساقطُ
أوراقَ خريفْ
أتهاوى ..حباتِ مطرْ
أتبرعمُ زهرةَ عشقٍ بريةْ
تهوي السفرْ
أتلونُ مراتٍِ بالبحرِ
و كثيراً جداً بالشجرْ
أحلمُ مثل جميع الحيرى
أحلامي لا تعرفُ قيداً
لا جدرانَ
و لا أُطُرْ
وأصير كنورسةٍ بحرية
اصدقُ و أصادقُ كلَّ الأشرعة المنفيةْ
أهدأُ
و أثورُ
و أستعرْ
أكفكفُ تارةً دمع الشمسِ
و اربتُ طوراً على كتف القمر
و أُهدهدُ الأرضَ التي دارتْ بنا
و لطالما نَهَشْنا في أعماقها
كالدودِ ينهشُ في أعماقنا
و اقبل الزيتونَ
و الرمانَ
و الثمرْ
أصرخُ فألملمُ كلَّ الصرخاتِ المكبوتةْ
يا كلَّ الشرفاءِ هلمُّوا
أوَ ليس في وجهنا نظرْ ؟
هم يزرعون الخوف فوق شفاهِنا
هم يجعلون الحب فينا يُحتَضَرْ
و على مشارفِ اللحنِ الحزينْ
وقفوا هنالك يضحكون
يقهقهون
و يشربون نخب اغتيال الياسَمِينْ
و يسلبون عذرية الكواكبِ في المدار
فيسقط النهار يتلوه النهارْ
و تقرعُ الأرضُ أجراس الخطر
سمر محمد
10-07-2010, 02:00 PM
الرحيل
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ = من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
ركبتُ البحارَ وجُبتُ السهـولَ = و طِرْتُ وحيداً بغيـرِ رفيـقْ
و ظلَّت عيونُكِ نهـرَ العطـاءِ = إذا ما ظمئتُ رشَفْتُ الرحيـقْ
و في ذاتِ يومٍ شديـدِ التجنِّـي = وجدتُ فـؤاديَ فيـهِ غريـقْ
***
لأنـكِ نـورٌ كنـورِ النهـارْ = وعيناكِ بحرٌ عميـقُ القـرارْ
لأنـكِ حُـبٌّ قـديـمٌ قـديـمٌ = رحلتُ إليـكِ بـدونِ انتظـارْ
و في مقلتيْكِ سبحتُ و خِلـتُ = بأنـي الوحيـدُ بفـنِّ البحـارْ
فما أن بدأتُ إليـكِ ارتحالـي = غرقتُ ببحـرٍ شديـدِ المـرارْ
***
غرقتُ فيا أنـتِ هـل تنقذيـنْ = شراعي و نبضَ فؤادي الحزينْ
تخليتِ عنِّـي كثيـراً كثيـراً = و ذُقتُ بهجرِكِ مُـرَّ السنيـنْ
و عُـدتُ إليـكِ بقلـبٍ جديـدٍ = يُسابقني فـي هـواكِ الحنيـنْ
فهـلاّ مـددتِ يـداً للغريـقِ = فما زال في القلبِ حبٌّ مكيـنْ
***
أنا يا فتاتـي صبـاحٌ جميـلْ = أتى للدُّنـا بعـد ليـلٍ طويـلْ
أنا بسمـةُ الزهرِحيـن يُغنِّـي = فيُصغي إليهِ الضحى و الأصيلْ
أنا شاطئُ البحرِ خبّأْتُ عنـدي = حديثَ الرمالِ و همسَ النخيلْ
فلا يخدعنَّكِ بعضُ انكسـاري = فمنكِ إليـكِ بـدأتُ الرحيـلْ
سمر محمد
10-07-2010, 02:01 PM
حين زارني طيف أمي
أيا طيفَ أُمِّي ، جُل بذهني وخاطري=فجدِّد شبابَ العُمرِ وابعث مشاعري
أتوقُ إلى الصدرِ الحنونِ يضُمني=طويلاً ، فهل يا طيفُ أنت بزائري ؟
مضى من سنين الدمعِ عمرٌ ، ولم يزل=فؤادي بِهِ يسخو ، و إن لم يُجاهِرِ
لَهُ كاضطرابِ البحرِ موجٌ مشابِهٌ=و في الجودِ و الإغداقِ سحرُ المواطِرِ
و في قَولةِ الحقِّ المبينِ لهُ العُلا=فلم يخشَ يا أُمَّاهُ بطشَةَ جائِرِ
و لي فيهِ إحساسٌ يجيشُ صبابةً=و أزهارُ بستانٍ ، و رِقَّةُ شاعرِ
فيا طيفَ أُمِّي عُد فإنِّي و وحدتي=سهرنا ، و في الأعماقِ لوعةُ حائِرِ
نَعُدُّ ثوانينا و نرنو لغفوةٍ=يعودُ بها الحُلمُ القديمُ لحاضري
فإنِّي بلا حُلمٍ كنجمٍ بلا فضا=و إنِّي بلا حُبٍّ كصخرِ المحاجِرِ
و يا وجهَ أمِّي دع يدي تلمسُ الذُّرا=و ترنو إلي العلياءِ ، تشدو كطائرِ
و زدني إلى ما شاءَ ربِّي مغانماً=من الطهرِ و الأخلاقِ زاد المسافِرِ
فإنِّي بأخلاقي على الخلقِ سائِدٌ=و ما سُدتُهُم بالمالِ أو بالجواهِرِ
تعلَّمْتُ حُسنَ الظنِّ منكَ و فطنتي=فما كُنتُ خوّاناً ، و لستُ بغادِرِ
و لكنْ ذئابُ الليلِ غرثى ، تربَّصَت=بلحمي و أعصابي إذا لم أُحاذِرِ
و من لم يكُن مثلي يذودُ بمخلبٍ=قويٍّ ، فما يُغنيهِ طولُ الأظافِرِ
و من لم يكُن في الحقِّ صوتاً مُدَوِّياً=تأذّى بأصواتٍ لأوهى الحناجِرِ
فيا طيفَ أمي عُد كما كُنتَ ناضراً=و لا تنزَعِج ممّا رأيتَ بحاضري
فهذا هو القرنُ الجديدُ و عالمٌ=يتيهُ بأسيافِ الهمومِ البواتِرِ
حروبٌ لها الإنسانُ طُعمٌ و مِشعَلٌ=و نارٌ إذا ما أُضرِمَت لم تُغادِرِ
و لا تتركنِّي بين حزني و أدمعي=شقيّاً ، وهَمِّي فاقَ كلَّ خواطِري
فإن زُرتَني ، شرَّفتَ يا خيرَ زائِرٍ=أتى بالشذا والعطرِ من خيرِ زائِرِ
و إن تهجرِ الأحلامَ عفواً ، فإنني=على العهدِ ، لن أنسى وإن كُنتَ هاجِري
سمر محمد
10-07-2010, 02:03 PM
كيف الهروب
لم أستطـع يـا ساكنـاً وجدانـي=منك الهروبَ و قد ملكـتَ كيانـي
الأمس أنت ، و أنت بسمة حاضري=و غدي، و نبض الحبِّ في شرياني
كيف الهروبُ ، و ما وجدت مرافئي=إلا بعينـك حيـن ضـنَّ زمـانـي
كيف الهروب و انت تسبحُ في دمي=و تعـودُ مشتاقـاً إلـى شطآنـي
و تعـود مُتعبـةً لياليـكَ الـتـي=مضَّيْتهـا دونـي إلـى أحضانـي
فتنـام بيـن الحلـمِ والصدرِالـذي=أضرمـتَ فيـه النـار كالبركـانِ
دعهـا فقـد تلقـى لياليّـا التـي=كحّلتهـا بالسـهـدِ و الأحــزانِ
فتذوب في دفءِ اللقـاءِ مشاعـرٌ=و تقـرُّ بعـد سهادهـا العيـنـانِ
يا من تروم بسيف هجـرِك قتلنـا=أوَ ما كفـاكَ تنائيـاً ، و كفانـي ؟
الناس من حولـي تهيـمُ سعـادةً=و أكاد تفتـكُ بـي يـدُ الحرمـانِ
و البحـر يدعونـي لأُلقـي خلفَـهُ=تلك الهمـومَ الموجعـاتِ جَنانـي
هل لي بعيشٍ ، و الحياةُ جميعهـا=جدبٌ ، و حبكَ روضتي بستاني ؟
كالنهرِ حبُّـك إذ يفيـضُ عذوبـةً=و كسلسلٍ ، ما إنْ ظمِئـتُ روانـي
كقصيـدةٍ لا لـم يقلهـا شـاعـرٌ=قبلي ، و لا خطرت على الأذهـانِ
كالصبحِ أنتَ،وهل يضاهيكَ الضحى=في الحسنِ ،في اشراقـكَ الربّانـي
كالبحـر أنـت و ليتنـي اجتـازُهُ=لجزائـرِ الفيـروزِ و المـرجـانِ
أنت القريبُ برغم بعدكَ و النـوى=و الليـل و القضبـانِ و السجـانِ
فاطلب ، فإن رُمتَ الفـؤادَ وهبتُـهُ=إيــاكَ دون تــردُّدٍ و تـــوانِ
لكنَّ بعـدي عنـكَ لسـت أطيقـهُ=كـلاّ و لا الهجـرانُ فـي امكانـي
سمر محمد
10-07-2010, 02:04 PM
المفترق
كلانا يسير على مُفترقْ = فإمــــا النجــــاةُ وإما الغـــرقْ
وليس أماميَ حلٌ بديلٌ = لقلبٍ هوى ، فاستهيمَ ، فَرَق
فأدمن عشقَ الليالي الطوالِ = يقاسمُ نجماتِهنَّ الأرقْ
ويسهر في حيرةٍ و اشتياقٍ =مع البدرِ فرداً بداجي الغسق
يناجيهُ يا بدرُ أرفقْ بخِلٍّ = إذا غبتَ عنهُ ذوى فاحترق
ويعشق كالصادحاتِ الصباحَ = بروضةِ فُـلٍّ كساه الألق
وتسكرهُ همسةُ العاشقينَ = وبوحُ الحبيب، وسحر العبق
ويطربهُ صوتُ نايٍ حزينٍ = وشدوُ الطيورِ، وسحرُ الشفق
وأصبح كلُّ الوجودِ جميلاً = لديهِ كبدرِ الظلامِ اتَّسق
فمهلاً أيا زهرةََ الروحِ ، إني = أرانا نسير إلى المفترق
رويدكِ ما عاد في العمرِ إلا = خريفُ الفصولِ، وبعض الرمق
وما عاد إلا الودادُ القديمُ = فلا تقتليهِ بهذا النزق
فما كنتِ لي محضَ أكذوبةٍ = ولا قصةً صُغتُها في الورق
ولكن كيانٌ وصرحٌ منيفٌ = بنيناهُ يا غادتي بالعرَق
ولستِ ككل النساءِ اللواتي = عرفتُ، فأنتِ الأحنُّ الأَرََق
فعيناكِ بحرانِ من روعةٍ = وخدّاكِ وردُ الرياضِ ائتلق
وثغرُكِ لو تبسُمينَ انبلاجُ الــ..= صباحِِ ، وشمس الضحى إن نطق
فسبحان من صاغ هذا الجمالَ = فكنتِ الفريدةَ فيمن خلق
أحبكِ حُبّاً يفوق انبهاري = سرى في دمي ، فارتوى ،فانطلق
فجاءكِ يحملُ شوقَ الحبيبِ = وعطرَ الهوى في فؤادٍ صَدَق
وإني أُحبكِ ليس كمثلي = فقد عزَّ مِثلٌ لحبي وشق
فكوني علي العهدِ يا غادتي = وعودي ، فإن الرجوعَ أحق
سمر محمد
10-07-2010, 02:05 PM
قدمت اعتذاري
بريدُكَ جاءنـي بعـد انتظـارِ=فأجج في الضلوع عظيم نـارِ
و كاد لفـرط فرحتـهِ فـؤادي=يطير معانقـاً شمـسَ النهـارِ
شممتُكِ فيـهِ عطـراً سرمديـاً=زكا فانساب في أُفـق المـدارِ
و خِلتُكِ فيهِ بدراً قـد تـراءى=لعيني فـي رداءٍ مـن نُضـارِ
يحدثنـي حديثـاً مستفيـضـاً=عن الأشواق من خلف الستـارِ
ويسكب في الخطاب سنينَ عمرٍ=أضعنا في اشتيـاقٍ واصطبـارِ
أتاني يا ابنة العمريـنِ غيثـاً=نديـاً بعـد جـدبٍ و افتقـارِ
و فوق غلافِـهِ خـطٌ جميـلٌ=تلألأ .. يا حبيبة .. كالـدراري
هو الإبداعُ ، قد صاغته يُمنـى=حبيبـي ، بافتنـانٍ و اقتـدارِ
تخطُّ بهِ الحروفَ و قد تلاقـت=لتبـدأَ بينهـا لغـة الـحـوارِ
كأن الحرفَ يشكو مـا يعانـي=لصاحبهِ ، وينطقُ ، لا يُـداري
تلاقينا على المظـروفِ رسمـاً=و عزَّ لقاؤنا .. يوماً .. بدارِ
كأن الهجـرَ مكتـوبٌ علينـا=فلم يشأ اللقـا غيـرُ الإطـارِ
***
فتحت الظرفَ والنبضاتُ تعلـو=بصدري و الجوى يُذكي أواري
وعيني تخلس النظرات ، تهفو=لأسطرها ، و تنظـر بانبهـارِ
فما وَجَدَتْ سوى سطـرٍ يتيـمٍ=( يقولُ : إليكَ قدمتُ اعتذاري )
سمر محمد
10-07-2010, 02:06 PM
لا .. لن أحبك فاستريحي
لا لن أحبَّكِ ، فْاستريحـي = يا نسمةَ الصبحِ الصبـوحِ
يا غادتـي الحسنـاء قـد = مَنَّيْتِني ، فأذبـتُ روحـي
و فديتُـكِ النفـسَ التـي = عاشت على الأملِ الذبيـحِ
مَنْ أنتِ ، قولـي بالـذي.. = سوَّاكِ أجمَلَهُنَّ ، بوحي ؟
هل أنتِ ضربٌ من خيالٍ.. = مَـرَّ كالفـرسِ الجمـوحِ
أم أنتِ مِنْ بحـرِ الهـوى = حوريَّةٌ ، سكنت صروحـي
إنِّـي رأيتُـكِ مثـلَ أزهارِ = الرياضِ على السفوحِ
فدنـوتُ أقطـفُ زهــرةً = منهنَّ فاْلتَأَمَـتْ جروحـي
و شممتُ عطرَكِ يا مُنايَ.. = فبالـذي أذكاهُ ، فوحـي
من أنـتِ حتّـى تبعثـي = ما ماتَ فيَّ ، و تستبيحي
اَلأِنَّ عيـنَـكِ أومَـــأَتْ = بالحُبِّ من طـرْفٍ مليـحِ
و تَمَكَنَّـتْ أهدابُـكِ الـ.. = حسناءُ من قلْـبٍ جريـحِ
فَوَقَعْتُ في شَرَكِ الغرامِ.. = مُضَرَّجـاً بِـدَمٍ ذبيحِ
و تَرَنَّمَ الثغرُ الذي = غَنَّى كـشـاديَـةٍ صـــدوحِ
و لطالـمـا رَوَّيتِني = من شهدِهِ العذبِ الصريـحِ
و فؤادُكِ الخَفَّاقُ أعلـنَ.. = خُطَّـةَ الحُـبِّ الطـمـوحِ
فأحاطـنـي بِشِـبـاكِـهِ = في رُقعةِ الكـونِ الفسيـحِ
يا حُلْمَ عُمْرٍيَ كلِّهِ = مهما تطاولَ بي نزوحي
إنَّ الشبـابَ و شَـرْخََهُ = قد أصبحـا بمهَـبِّ ريـحِ
و لقـد لقيتُـكِ بعـدمـا = ضَنَّتْ يدُ الزمنِ الشحيـحِ
أفأنـتِ حـقّـاً جنَّـتـي = أم أنت نارٌ في سفُوحـي ؟
سمر محمد
10-07-2010, 02:08 PM
الشعر و المشاعر
لو كانَ بالشِّعرِ المشاعرُ تُشترى=لملأتُ كُلَّ الكونِ فيكِ قصائِدا
و قطفتُ من دُرَرِ القريضِ نفائساً=و نَظَمْتُ مِنْ زُهُرِ النجومِ قلائدا
ما كنتِ سطراً في قصيدةِ شاعرٍ=تَخِذَ القريضَ مكائداً و مصائدا
كيْ يُبْهرَ الإحساسَ قولٌ قالَهُ=و يُحَيِّرُ التفكيرَ عمداً عامدا
لكنَّكِ الحُبُّ الذي ما بعدَهُ=حُبٌّ لِصَبٍّ جاءَ يسعى جاهدا
فأراقَ في كفيّكِ ماءَ شبابِهِ=و أتى بريْحانِ الفؤادِ مُعاهِدا
سَحَرَتْهُ عَيْنَا ظبيَةٍ عربيَّةٍ=و حَداهُ شوْقٌ لم يَزَلْ بِكِ زائِدا
و سَباهُ ثغرٌ قِرْمِزيٌّ فاكتوى=أَتَرَيْنَهُ من بعدِ أَسْرِكِ عائدا
ما هذهِ الدُّرَرُ الحِسانُ رأيتُها=نُثِرَتْ بروْضاتِ الخدودِ فرائِدا
أَوَ ما تُحِسيِّنَ اْرتعاشةَ خافقي=شَهِدَتْ ، و رَبُّ الناس خيرٌ شاهدا
الحُبُّ عندي لم يكُنْ أُكذوبةً=خَسِأَ الذي بَثَّ الدعايةَ حاقدا
الحُبُّ يا أختَ الربيعِ فضيلةٌ=أفنيتُ كُلَّ العمرِ عنها ذائدا
ما غَرَّني فيمن أُحِبُّ جمالُهُ=و الحُسنُ يُغري عابداً و مجاهدا
و لقد رَنَوْتُ إلى الكواكبِ في السَّما=فحفظتُ نجماً في سمائي صاعدا
و نظرتُ في كلِّ القلوبِ ، رأيتُني=أختارُ مِنْ كلِّ البريَّةِ واحدا
فَتَخِذْتُهُ عوْناً إذا ما مسَّني=ضُرٌ ، و كانَ ليَ الزمانُ مُعاندا
يا أنتِ هل تدرينَ أنَّ مشاعري=ليستْ جليداً أو كياناً جامدا
لِيْ خافقٌ بين الضلوعِ عرفتُهُ=حُرّاً إذا طَغَتْ الحوادثُ صامدا
هوَ كاخضرارِ الريفِ يا أختَ الضُّحى=هوَ كالنسيمِ طراوةً، هوَ كالندى
هوَ باذلٌ لكِ كُلَّ فيضِ ودادِهِ=و كأنَّهُ لم يُعطِ إلا رافدا
يا قلبُ كيف عَقَقْتني ، فوهَبتَها=كُلِّي ؟، حسبتُكَ يا فؤادي راشدا
و جَحَدْتَنِي و سَبَحْتَ في لألائها=فَحُرِمْتَ عيشاً في جِناني راغِدا
مالي و حُبُّ أميرةٍ في قصرِها=تَرَكَتْكَ في وَسَطِ الطريقِ مُكابِدا
لا أنتَ ذُقْتَ بقُربِها طعمَ الهوى=كلاّ و لم تسطِعْ نَوَىً و تباعدا
أأميرتي : أهديكِ قلباً نازِفاً=سَطَّرْتُ من دَمِهِ قصيداً خالدا
سمر محمد
10-07-2010, 02:09 PM
بدر أطلَّ
أيـهــا الـبــدرُ أَطَــــلاّ = كـســراجٍ قـــد تـدلــى
و ارتدى ثوبَ الأماني = فغـدا أحـلـى و أحـلـى
جئـتَ مـن بعـد غيـابٍ = فَـزَرَعْـتَ القـلـبَ فُــلاّ
و عَزَفْتَ الشعـرَ لحنـاً = لـــفـــؤادي فـتـســلّــى
بـعـد أن أضـنـاهُ هَـــمٌّ = مُطبقٌ في القلـبِ حـلاّ
و تــغــشّــاهُ ظــــــلامٌ = قد أحـالَ الصبـحَ ليـلا
غبـت يـا بــدرُ فـأهـلاً = يا مُنى نفسي و سهـلا
فاسكـب النـور بعينـي = ثـــم دعـنــي أتَـمَـلّــى
سمر محمد
10-07-2010, 02:11 PM
سمراء
لا لن أقولَ أيـا حبيـبُ وداعـا=سأقولُ قربكَ خفََّـفَ الأوجاعـا
فلقد ملأتَ بفيضِ حبكَ خافقـي=فاملأ بهـا يـا مهجتـي اْلأسماعـا
سمراءُ يا نهراً تفجّر فـي دمي =ما كنتُ بالرجلِ الردئِ طباعـا
لي في الحيـاة مبـادئٌ مـا بِعْتُهـا=أبداً ، و غيـري بالدنيَّـة باعـا
نطقت بحبكِ كلُّ كـل جوارحـي=فرأيـتُ قلبـي للهوى مُنصاعـا
أفَكنتُ أكتم ما ثوى فـي خافقـي=و الحبُّ عطرٌ في فـؤاديَ ضاعـا
من يحجب القمـرَ المنيـرَ بليلـةٍ=يا نجمةً في الأفْقِ، ضـلَّ و ضاعـا
و لقد هُديتُ بنور حبكِ في الدجى=و قلبتُ حين عشقتُكِ الأوضاعـا
الليلُ أصبح لي نهاراً ، و الضُّحـى=كجمالِ روحك ساكَنَ الأضلاعـا
و رأيتُ وجهَكِ في زهورِ حديقتي=كالصبحِ ، لكنْ قد بـدا ملتاعـا
و شممتُ عطرَكِ في فضاءِ تَخيلي=فعرفتُ سِرَّك ِ حين بُحتِ فذاعـا
يا من سكنتِِ صروحَ قلبي ، لم أكن=إلا بقلبـكِ طامـحـاً طمـاعـا
لكنهُ جيشُ الغـرامِ و قـد غـزا=قلبي فأحدث ضجـةً و صراعـا
ما كنتُ أسطيعُ الدفاعَ ، و طالمـا=كنـتُ المنيـعَ صلابـةً و دفاعـا
سمر محمد
10-07-2010, 02:12 PM
ميرنا
" زهرة ربيعية داهمتها نوبة مرضٍ حادة فألزمتها
غرفة العناية المركزة "
كتبت لها أقول :
قَاوِمِيهَا
قاوِمِي تِلكَ المَحَالِيلِ التي قَد عَلَّقُوها
في وَرِيدِكْ .
و الكِماماتِ التي تَحجُبُ عني..
حَبَّتَيْ كرزٍ ،
و أنفٍ مشرئبٍ،
و وُرودٍ في خدودِكْ .
قاومي هذا الشحوبْ .
أشرقي فينا و غَنِّي مثل أمسِ ..
( لم يَئِن بَعدُ الغروبْ .)
ما لِهذا الصَّوتِ أضحى خافِتاً ، تفديكِ نفسي .
ما لِوَجهٍ كالمَرايا قَد تَشَظَّى
و جفونٍ عُلِّقَتْ في سقفِ تلكَ الغُرفةِ الحمقاءِ
لم تُبصِر سِواهُ .
و نداءٍ لم يَعُد يَطرُقُ آذاني صَدَاهُ
حِينَما يَنسَابُ " خالو "
ويكأنَّ الكونَ يُلقي نَفسَهُ في راحتيّا
و العصافيرُ..
تُريقُ اللحنَ شهداً خالصاً في مِسمعيّا
حينما تنساب "خالو"
فتعيدُ القلبَ طِفلاً يا صغيرةْ .
أَعطِنِي هَذي الفَطِيرهْ .
مَشِّطِي تِلكَ الضفيرهْ .
اُركُضِي خَلفي فَقَد هيّأتُ ظهري
هَودَجاً ، لا ، بل حِصاناً للأميرةْ .
حينما تنساب " خالو "
اِنهَضِي " ميرنا " لأجلي
انهضي من أجل " ماما "
قاومي كي تبعثي بعد الدموعِ الإبتساما
ارجعي فالبيتُ يبكي .
و الدُّمَى في الركنِ تبكي .
و كِتابٌ كان مَفتُوحاً على درسِ الحسابِ الصَّعبِ يبكي .
و العَصَافِيرُ التي أَطعَمتِهَا حُبّاً و حَبّاً
أَقبَلَت تَشكُو أَسَاهَا .
أسمعِيها كِلْمةً تُطفي لظاها .
غَرِّدي "ميرنا" فقد جفت ينابيع الغناءْ
غَرِّدي فالقلبُ مِمَّا قد دهاهُ
في عناءْ .
غرِّدي ، للشدوِ طعمٌ غير ما غَنُّوا و قالوا
حينما تنسابُ في الدنيا حروفٌ
تملأُ الأسماعَ " خالو "
سمر محمد
10-07-2010, 02:13 PM
شرود
و أرنو إلى الشمسِ وقت الغروبْ=فأعجبُ من صنعِ ربٍّ حسيبْ
أراها تَأَهَّبُ بعد قليلٍ=لتطفئَ في البحر هذا اللهيبْ
و يلبس هذا الخِضَمُّ الظلامَ=إلى أن يحينَ اللقاءُ القريبْ
أقولُ أيا بحرُ كُن لي أنيساً=بوحشةِ هذا الظلامِ الرهيبْ
فيلقي إلى الشطِّ موجاً شفيفاً=و يُعرضُ عن عاشِقٍ للمغيب
يذوبان في قُبلةٍ ، في عناقٍ=كما يلتقي بالحبيبِ الحبيبْ
و يتركني سابحاً في شرودي=أصافح هذا الجمال العجيبْ
سمر محمد
10-07-2010, 02:15 PM
صوت من القدس
فلسطينُ تصرخُ هل من مجيبْ ؟=و هل من دواءٍ و هل من طبيبْ ؟
و هل تبعثُ الدفءَ شمسُ النهارِ=بليلٍ جفاهُ الكرى و الحبيبْ ؟
بكى فيهِ مسرى النبيِّ الأمينِ=فأُهريق دمعُ الضُّحى و المغيبْ
و صُوِّحَ زهرُ الرياضِ الجميلِ=و أمسك عن شدوِهِ العندليبْ
فأين المروءةُ ، هل داهمتها=جيوشُ الظلامِ البهيمِ العصيبْ ؟
فخلَّفَتِ الصمتَ صمتَ القبورِ=بخافقِ هذا الزمانِ العجيبْ
و أرخت على مقلتيهِ سدولاً=فما عاد يُبصرُ أو يستجيبْ
ففي كلِّ يومٍ تخِرُّ الضحايا=و تسقطُ أشلاؤها في الدروبْ
سلوا " درة " القدسِ عمّا جناهُ=ليرتَعَ فيهِ رصاصُ الغريبْ
و يغتالَ أحلامَ طفلٍ برئٍ=بحضن أبيهِ الحبيب الحبيبْ
و ما ذنبُ " إيمانَ " إذ مزَّقتها=يدُ الغاصبينَ و ما من رقيب ؟
تفتّتُ أحشاءها في برودٍ=رصاصاتُ " شارونَ " عند الغروبْ
و عند الصباحِ ، و عند المساءِ=شهيدٌ و ألفُ جريحٍ نجيبْ
تسيلُ دماهُ بحاراً فتروي= أزاهيرَ عطشى و وادٍ جديبْ
و أعين عالمنا قد تعامت=و ماتت من الإنكسارِ القلوبْ
و أبناءُ صهيونَ في كلِِّ وادٍ=جحافلهم فيهِ ليست تغيبْ
يعيثونَ ظُلماً بِهِ أو فساداً=و يحترفونَ البُكا و النحيبْ
فلا يخدعنَّكَ ما يدَّعيِهِ=دعاةُ السلامِ ، ففيهِ اللهيبْ
و لا يأس يا أمةَ الخيرِ ، إنَّا=حُماتُكِ رغم اشتدادِ الخطوبْ
و مهما استطال الزمانُ و صالتْ=خيولُ العدوِّ بمسرى الحبيبْ
فلابدَّ أن تُشرِقَ الشمسُ يوماً=و تخلعَ ثوبَ الحِدادِ الكئيبْ
و يرجعَ للقدسِ نبضُ الأذانِ=غداة تعودُ لنا يا سليبْ
سمر محمد
10-07-2010, 02:15 PM
سأنقش رسمه نيلاً
بَدَأتُ إليكِ إِبحَارِي
و فُلكِي مِن شِراعِ الشَّمسِ أَشرِعَةٌ .
و مِجدافِي ..
فُوادٌ غَاصَت الذِّكرَى ..
بِهِ ، و ازدانت البُشرى .
و أشعاري ..
تُسَابِقُنِي ..
إلى الوَطَنِ الذي يَسرِي ..
بِأَورِدَتِي ، شَرَايِيِنِي ..
كَأَنسامِ الصَّبَاحِ الغَضِّ ..
أو كَنَوَافِذِ الدَّارِ..
إذا ما استقطَبَت قَمَراً ..
يُنَوِّر حَولَكِ الظُّلمَةْ .
أُخَاطِبُهُ ،
و أَنثُرُ فِي مَدَى عَينَيهِ أَشوَاقِي ..
و أَعطَارِي .
و أَرفَعُ مَجدَهُ هَرَماً يُكَلِّلُنِي .
و أَنقُشُ رَسمَهُ نِيِلاً عَلَى صَدرِي
و ألحاناً بِقِيثَارِي .
و أَكتَحِلُ ..
إذا ما الشَّوقُ أَرمَدَنِي ..
بِطِيبِ ثَرَاكَ يا وَطَنِي .
و أَبتَهِلُ ..
إلى الرَّحمَنِ يَنثُرُنِي ..
هواءً في رُبا وطني .
و أرتَحِلُ ..
حَنيناً في عروقِ الأرضِ
في شِريانِكِ الخَصبِ .
و في الزَّيتُونِ و الرُّطْبِ .
و في هَمَسَاتِ أَزهَارِي .
أُباهِي أَنَّنِي قد جِئتُ من تَارِيِخِكِ الغَضِّ
فَمِن عَينَينِ صَافِيَتَينِ مِثل البَحرِ ..
كان صَفَاءُ أفكاري .
و مِن ثَغرٍ ..
تَبَسَّم مِثلَ نُورِ الشَّمسِ إِن تَضحَكْ ،
و من نَبَضَاتِ سُمَّاري .
و من قِندِيلِ قَريَتِنَا " بِكَفرِ الشَّيْخِ " ،
مِن أَنغَامِ مِزمَارِ ،
نَظَمتُ قَصَائِدي نَشوَى
أُهَدهِدُهَا ..
على نَغَمَاتِ أَوتَارِي .
سمر محمد
10-07-2010, 02:16 PM
هو الشعر أرقى فنون الحياة
هُوَ الشعرُ يرقى بأحلاميـهْ=أُحقــقُ فيهِ مُنى ذاتيـهْ
و أنهـلُ منه سُلافَ الحيـاةِ=و أقطـف أزهارَه الزاهيـه
هوَ البَرُّ إنْ أنت رُمتَ النجاةَ=هو العطـرُ فاحَ بأيّامـيـَهْ
ففيهِ الجمـالُ إذا ما تغــنّى =بهِ العاشــقونَ بألحــانيهْ
و فيهِ النسيبُ و فيهِ المديحُ=و فيهِ الهجـاءُ و مـرثاتيهْ
حماسٌ و فخرٌ و كم من أريبٍ=يُسـدِّدُ من ضـربةٍ قاضـيهْ
و كم ذا ببيتٍ يُبيدُ الطغــاةَ=و يدحــرُ من قوةٍ غــازيهْ
هو الشعرُ أرقى فنونِ الحياةِ=هو البحــرُ دُرّاتُهُ غــاليه
فَغُصْ فيهِ و انعم بما يحتويهِ=و دع عنكَ أعـذاركَ الواهيهْ
سمر محمد
10-07-2010, 02:21 PM
لم يندمل جرحنا بعد
في رثاء المغفور له د. عبد العزيز الرنتيسي
لا زِلتُ في كَمَدٍ من مَوْتِ ياسينِ=حتّى أتى خَبَرٌ أدمى شراييني
لم يبرأِ الجُرْحُ مُذ أدماهُ مُختَبِلٌ=حتّى ثوى غيرُهُ في القلبِ يُدميني
يا حسرةَ النفسِ كادَ الغيظُ يخنِقُها=و النارُ في خافقي أَجَّتْ لتكويني
بالأمسِ (ياسينُ)، ثُمَّ اليومَ أتْبَعَهُ=(عبد العزيزِ) شهيدُ الحقِّ و الدِّينِ
قُلْ للعلوجِ ، كفاكُمْ من مدامِعِنا=نسجَ اْنتصاراتِكُمْ أبناءَ صهيونِ
ما دمعةٌ سَقَطَتْ إلا لتحرِقَكُمْ=و في الصُّدوُرِ بنا غَلْيُ البراكينِ
لا لنْ يطولَ زمانُ العُهرِ يا فِئَةً=من أنجسِ الخلقِ يا نسلَ الشياطينِ
(عبدُ العزيزِ) أبِيٌّ نالَ بُغْيَتَهُ=و للجِنانِ مضى للخُرَّدِ العِينِ
تَزُفُّهُ الحُورُ ، و الأنظارُ ترمُقُهُ=و قد تَنَعَّمَ في روضاتِ نسرينِ
ما كان يُرهِبُهُ موتٌ يُلاحِقُهُ=و لا ثََنَى عزمَهُ تهديدُ مأفونِ
و لا تَرَاجَعَ و القُضبانُ تحْجبُهُ=عن قولةِ الحقِّ ضدَّ الغاصبِ الدُّونِ
يا ساكبَ الدَّمعِ ، كفكفْ دمعَ نائِحَةٍ=ما عاد ينفَعُنا دمعُ المساكينِ
ما عادَ يَنْفَعُنَا إِلاَّ اْنتِفاضَتُنَا=حتّى يَمُنُّ الذي يُعطي بتمكينِ
هذا يُذيقُهُمُ موْتاً بقنبلةٍ=و ذاكَ يَزْرَعُهُ في نصلِ سكِّينِ
و تلكَ تُنجِبُ أطفالاً ، مدافِعُهُم=حِجَارةٌ مِنْ لَهِيبِ اْلصَّخْرِ و الطِّين
ِ(شارونُ) أو (بوشُ) ما عُدْنا نَهَابُهُما=حتّى و إِنْ أطلقا جيشَ الثعابينِ
و من يُرِدْ عِبْرةً ، ففي(الفلوجةِ) ما=يبغاهُ أو في ثرى(يافا) و(جينينِ)
يا باحثاً عن سلامٍ كُلُّهُ كَذِبٌ=ما عادَ سجعُ حمامِ السلْمِ يشجيني
ما لليهودِ عُهُودٌ مُنذُ أَخْبَرَنا=نَبِيُّنا ، قائدُ الغُرِّ الميامينِ
و كَيْفَ نَأْمَنُ قوماً لا أمانَ لَهُمْ=أو نَرْتَضِي حِضْنَ مَنْ يسعى لِيُفْنيني
أَبْواقُهُمْ طَفِقَتْ كالبومِ ناعِقَةً=أنْ نحنُ أُمَّةُ إرهابٍ و تخوينِ
أهلاً بِإِرْهَابِنا إِنْ كانَ يُنْقِذُنا=مِنْ بينِ أنيابِ أَنْجاسٍ ملاعينِ
و كيفَ أنتُمْ إذنْ و البغيُ في دَمِكُمْ=يا عُصبةً غَدَرَتْ كُلَّ الأحايينِ
(عبدَ العزيزِ) هنيئاً طِيبَ منزِلِكُمْ=في دارِ عَدْنٍ بجَنْبَ الشَّيْخِِ (ياسينِ)
قد كنتَ في هذه الدنيا تلازِمُهُ=و شاءَ ربُّك جمعَ (الراءِ) بـ (الشينِ)
سمر محمد
10-07-2010, 09:24 PM
ماذا تقول القصائد
تقولُ القصائدْ .
فتصدقُ حيناً ، و تكذبُ حيناً
تُغنِّي ، تنوحُ ،
تُسِرُّ ، تبوحُ
و كالشمسِ يحجبها عن فضائي
غيومٌ تجيئُ
و أخرى تروحُ
فيسكن جِسميَ بردُ المشاعرِ لو خاصمتني
و يملؤني دفؤها لو تلوحُ
و ليست جميعُ القصائدِ مسكونةً بالضياءِ
و لا ضَمَّخَتها عطورٌ تفوحُ
فمنها الذي كالسرابِ نسيرُ إليهِ
و نحنُ ظِماءْ ،
فنحسبُهُ نبعَ ماءْ
لنرجعَ بعدَ عناءِ الترجُّلِ في روضِ أحلامِنا للوراءْ
لكَ الله يا شعرُ كيف انخدعنا ؟
فلا أنت أطعمتنا القمحَ ،
رَوَّيتنا لبنَ الصدقِ ،
إمّا ظمئنا بيومٍ و جُعنا
و لا أنتَ يا صاحِ غادرتَ آفاقَنا في هدوءٍ
لنُعلنَ أنَّا بفقدِكَ ضِعنا .
لكَ اللهُ يا شعرُ تبقى أبياً برغمِ الجراحِ
و تحيى القصائدْ
فماذا تقولُ القصائدْ ؟
***
تقول معلقةٌ في المديحِ :
لأنتَ الشموسُ و غيرُكَ غيهبْ
و أنتَ المليكُ الذي لا يُضاهى
و لم تنجبِ الأرضُ مثلَكَ مُذ شكَّلتْها يدُ اللهِ
أنتَ السحابُ الذي يمطرُ العطرَ ،
يروي قلوبَ العبادِ
و أنت النَّدَى و الهُدَى و الكَمِيُّ و حامي الذمارِ
و تعلم ما في البحارِ
و شيخُ الطريقةِ ، سيفُ الحقيقةِ ،
ليثُ العرينِ الذي ليس يُغلب
و لو أنصفو ملكاً قد تسلَّق فوقَ رؤوسِ العبادِ
بحدِّ السيوفِ
إلى سُدة الحكمِ يُفنِي و يُرهِبْ
لما كانَ .. و أسفي .. غيرَ أرنبْ
إذا حُمَّت الحربُ يهربْ
***
يموتُ المديحُ
و تبقى القصائدْ .
فماذا تقولُ القصائد ؟
***
تقولُ معلقةٌ في الغزلْ :
أُحبُّكِ يا نبضةً في وريدي
فأنتِ الحياةُ و أنتِ الأملْ
و أنتِ الزهورُ التي أينعت فوقَ أسفلتِ قلبي
و أنتِ أميرةُ عرشي و حبي
و عيناكِ بحرانِ من لؤلؤٍ
أموتُ إذا غبتِ عني
و أحيا على صوتِ عصفورِ قلبِكِ
حين يُغنِّي
فَعِش كيفَ شِئتَ أيا شاعرَ العشقِ
مُت كيف شئتَ ،
إذا كان أطفالنا في العراقِ يموتون جوعاً
و قصفاً و نزفا
و في بيتِ حانونَ ، في القدسِ ، في غزةِ الخيرِ
إلفٌ يغادرُ ـ بالموتِ ـ إلفا
و ما زلتَ في وهمِ غيِّكَ تعزف عزفا
تغازلُ عين المها و الطللْ
فيا للخجلْ
***
يموت النسيبُ المُغالي
و تبقى القصائدْ
فماذا تقول القصائدْ ؟
***
تحدثنا عن هجاءٍ مقيتٍ
و وصفٍ لخيلٍ
و نوقٍ
و هودجْ .
و فخرٍ بأنسابَ من وحيِ خيطٍ من الوهمٍ
تُنسجْ .
تسيرُ بنا للطلاسمِ
للرمزِ ، لللغزِ ، للغيظِ ، للقيظِ
للغارِ تدخلهُ
كي تعودَ بخفيِّ حنينٍ
و لا شيء يُبهج
***
يموتُ الهجاءُ و وصفُ الخيولِ
و فخرُ اللقيطِ
و زهوُ العبيطِ
و لغزُ الحداثةْ .
و تبقى عيونُ القصائدِ تبكي
فماذا تقول عيونُ القصائد ؟
***
تقولُ أنا دُرَّةٌ في محيطٍ عميقِ ،
فَخُض صوبيَ الموجَ ،
فُكَّ إساري
بعزمٍ وثيقِ
قَرَنفُلةٌ في رياضِ الجمالِ
أذيق الذي يستبيه وصالي
شذاً من رحيقي
أنا نجمةٌ في الفضاءِ السحيقِ
فمن طار نحوي بأجنحةٍ من خيالِ
و حلَّق في عالمي لا يُبالي
بطولِ الطريقِ
و همِّ الطريقِ
و خارطةٍ للطريقِ
سأمنحهُ من بريقي
أنا الشمسُ مهما توارت وراءَ الغيومِ
و مالت تجاهَ المغيبِ
أُشِّع الضيا في العروقِ
فمن رامني سوف أمنحه من شروقي .
أنا نسمةٌ تطرق القلبَ
تنأى بِهِ عن عذابٍ و ضيقِ
أنا نبض ثائرْ .
و أسطورة الجمع بين الضحى و المشاعر.
***
تسائلني و الدموع تفيض على وجنتيها :
ألست بشاعرْ ؟
:
:
:
:
:
:
:
:
:
أجيبُ :
و كُلِّي يقينٌ بقولي
أنا لم أكن ذاتَ يومٍ ......... بشاعرْ
و ما كنت في روضةِ الشعرِ
إذ يستبيني
سوى محضِ زائرْ
سمر محمد
10-07-2010, 09:25 PM
لن تهدأ النار
" إلى من دنسوا كتاب ربي "
جودا بدمعِكُما عَينيَّ و انتحِبا=فالخطبُ أبكى شموسَ الكونِ و الشُّهُبا
خطبٌ ألمَّ بنفسي و النهارُ ضحىً=فاهتاجَ خاطرها و اغتمَّ و اضطربا
يا ويحَ نفسي ، و نيراني تُحرّقني=و الحزنُ يُشعلُ في أحشائيَ اللَّهَبا
ما كنتُ من صخرةٍ صمّاءَ يضربها=موجٌ فأرضخُ للموجِ الذي ضربا
لكنني مسلمٌ حرٌ تحرِّكني=إذا ادلهمّت خطوبٌ عزةٌ و إبا
كتابُ ربي و منهاجي و مدرستي=قد دَنَّسَتهُ يدُ الخنزيرِ ، وا عجبا
كلبٌ يُدنِّسُ آياتِ الكتابِ ، فما=مِن عالمٍ ساخطٍ أو حاكمٍ شَجَبا
هبّت شعوبُ بني الأفغانِ ثائرةً=تكادُ تلمس من زلزالها السُّحُبا
و نحنُ نأكلُ من أطباقِ حسرتنا=ذُلاً ، و نقتسمُ الويلاتِ و الكُرَبا
و ندَّعي أننا في أصلنا عَرَبٌ=بئس العروبةُ إن لم تُنطِقِ العَرَبا
ما طائلُ الفخرِ بالأنسابِ في زَمَنٍ=لا يعرفُ الفخرَ و الألقابَ و النَّسَبا
و ليسَ مِن لغةٍ غيرُ التي عَرَفَت=سامٌ ، تجذُّ يدَ المغرورِ و الذَّنَبا
و ليس يثأرُ للقرآنِ غيرُ يدٍ=ناريةٍ ، تُمسكُ القرآنَ و القُضُبا
لن تهدأَ النارُ إلا حين يُطفئها=موجٌ من الغضبِ الدفّاقِ منسكِبا
يا أمةَ الخيرِ ، و الإسلامُ منهجنا=حتّامَ نتْبعُ شيطاناً بنا لَعِبا
في كلِّ يومٍ لهُ حربٌ يؤجِّجها=أبناءُ مِلَّتِنَا كانوا لها حَطَبا
حتّامَ نرقبُ ميلادَ "الصَّلاحِ" ، و لم=نُعِدُّ أُمّاً لَهُ.. يا أُمَّتي .. و أَبَا
حتّى متى و شبابُ العُربِ أفسدَهُ=تلفاز" ناْنسي" و غنجٌ أتقنتهُ "رُبا"
و النائمونَ على فُحشٍ يؤرِقُهُمْ=صوتُ المؤذِّنِ أو إطلالة الخُطَبا
أَلَم يَئِن لجيوشٍ عُلِّبت زَمَناً=أن ترفضَ القيدَ و الإذعانَ و العُلَبا
ماذا تَبَقّى إذا ما دُنِّسَت سِوَرٌ= لو لامَسَت جبَلاً لاندكَّ منقلبا
و نحنُ مَزَّقَنَا صَمتٌ و أَحْرَقَنَا =خِزيٌ و أرَّقَنا مَجدٌ لنا ذهبا
نَلُوُكُ قَاتَ السكوتِ المُرِّ مِن زَمَنٍ=نشكو لغاصبنا الأحزانَ و الوصَبا
ماذا صَنَعنَا و جيشُ اليأسِ يَصلِبُنَا=على جذوعِ الأسى نَهباً لِمَن صَلبا
ماذا صَنَعنَا ، و إِحسَاسٌ بِعِزَّتِنا=يا ويحَ نفسيَ ، مِن أفعالِنا هربا
أليسَ مِن قائدٍ حُرٍ يَجُوزُ بنا=بيداءَ رهبتنا كي نلمسَ الشهبا
أُحسُّ في داخلي بالفجرِ يغمُرُنا=يا أُمَّتِي فاجعلي مِن خَطبِنَا سَبَبا
هيَّا إلى المجدِ و العلياءِ و انتفضي=و لترفُضِي الذلَّ و التزييفّ و الكَذِبَا
كفاكِ نَوماً ، فقد طالَ الرقادُ بنا=و اليوم آَنَ لنا أن نُعلنَ الغَضَبا
سمر محمد
10-07-2010, 09:26 PM
انتفاضة الأقصى
اللهُ أكبرُ يا سيلاً مِن الغَضَبِ=يا قاصفاً من رِياحِ النَّارِ و اللَّهَبِ
اللهُ أكبرُ يا أبطالَ أُمَّتِنا=في سَاحةِ القُدسِ في يافا و في النَّقَبِ
اللهُ أكبرُ كم دَكَّت حِجارَتُكُم=حصناً لباغٍ و أطماعاً لمغتَصِبِ
كم شنَّفت أُذُنِي أخبارُ زلزلةٍ=قَضَّت مضاجعَ مغرورٍ و مُعتجبِ
كم ثار بُركانُكُم يُلقي قذائِفَهُ=في وجهِ أعدائِكُم كالنَّارِ في الحطبِ
لم يُثنِ هِمَّتَكُم بطشٌ و قنبلةٌ=ألقت بها عَبثاً كفٌّ من الرَّهَبِ
شُلَّت ، فما فَرَّقَت في القَتلِ رميتُها=مابينَ طفلٍ بكى من خوفِهِ و أبِ
اللهُ أكبرُ يا أطفالَ أُمَّتِنا=انتم رجالٌ من الياقوت و الذهبِ
لو كنتُ بينكمُ ، كنتُ افتديتكمُ=بالروحِ و القلبِ لا بالشِّعرِ و الخُطَبِ
يا مَن بذلتم لأجلِ القُدسِ أنفُسَكُم=أرواحُنا مَعَكُم في القدسِ لم تَغِبِ
اللهُ أكبرُ يا طفلاً حِجارتُهُ=كانت إلى قلبهِ أحلى من اللُّعَبِ
إضرِب فأعداءُ دينِ اللهِ في فَزَعٍ=رغمَ العتادِ من البارودِ و اليَلَبِ
إضرب فإنَّ يدَ الرحمنِ ضربَتُها=أشدُّ بطشاً من الأرماحِ و القُضُبِ
نُب عن ألوفِ الملايينِ التي احتَرَقَت=أكبادُها لَوعةً مِن شِدَّةِ النُّوَبِ
خمسونَ عاماً و ساحُ القُدسِ في خَطَرٍ=قد دنَّستها جيوشُ الديْرِ و الصُّلُبِ
خمسونَ عاماً و أقصانا منابرُهُ=تدعوا أيا إخوةً في الدينِ و العَصَبِ
هُبُّوا لنجدتنا ، ثوروا لثورتنا=أعطوا حجارتنا دعماً من الشُّهُبِ
" شارونُ " دنَّسنا ، أدمى مشاعِرَنا=" باراكُ " أمطرنا بالحربِ و الحَرَبِ
كم من شهيدٍ روى بالحُبِّ من دمِهِ=مسرى النبيِّ عظيمِ القَدرِ و الحَسَبِ
كم من عزيزٍ أبى طَعناً بعزَّتِهِ=فاهتاجَ مُنتفضاً كالليثِ في الغَضَبِ
يا أمَّة الخيرِ في الأقصى ، رسالتُكُم=قد زيَّنت طُرَّةَ الأنباءِ و الكُتُبِ
فاستبشري أُمَّتِي بالنَّصرِ في وطنٍ=صبَّ اليهود بهِ وبلاً من الكُرَبِ
عمّا قريبٍ يعود الحقُّ مُنتصراً=مهما استطالَ زمانُ الزيفِ و الكَذِبِ
سمر محمد
10-07-2010, 09:28 PM
عطر الغائب
تعود إليّ بُعيد الغياب
سأحمل حلميَ بين الضلوعْ
و أسعى إليكْ
أناديك أقبل
فكم من سنين الحياة تضيعْ
و قد كان عمري كطفل وديع
على ساعديكِ
وهبتُكِ عمري
و أوقدتُ شمعةَ روحي فداءْ.
و عطَّرتُ من عطر قلبِكِ روحي
و هذا الفضاء .
مللت انتظاري..
على باب هذا الظلام العنيدْ
و كم بت أرنو لفجر جديدْ
أعد الثواني
لتحضن كفي
تذوب الأيادي
تكفكف يا أنت هذي الدموعْ
فعدني بألا تفارق ْ
و أن تستلذ رحيق الرجوعْ
و عدني بألا تضيع
فإني إذا غبت عني حبيبي أضيعْ
سمر محمد
10-07-2010, 09:29 PM
للعيون قصةٌ أخرى
ما زلتُ أذكرُ ذاكَ اليوم .
ذكراهُ تَمُر أمامَ عينيَّ كأنها سحابةٌ مُثقلةٌ بالمطر،
و قلبي مُثقلٌ بالهُموم .
إنه يومٌ ليس ككلِّ الأيام .
و كأنَّ الأرضَ فيه قد توقفت عن الدورانِ ..
و الشمسُ قد حجبها الحزنُ ،
فَتَوَارَت خلفَ الغيومِ تبكي،
ليحجبَ عينيها الضياءُ من شِدة الدموع.
لم تَعُد قادرةً على أن تَمُدَّ أشرعةَ الدفءِ إلى شواطئ قلبي.
يا الله ..................!!
كم أشعرُ بالبردِ .
فرائصي ترتعدُ رغم أننا ما زلنا في أولِّ شهرِ أيلولْ .
كُلُّ شيءٍ أصبح كئيباً ؟ ،
حتى الأشجار بَدَت جامدةً و كأنَّ الهواءَ قد توقف..
عن مداعبتها .
فلم تعد تتراقص ،
و لا أفنانُها تتمايلُ طَرَباً مع شقشقات الطيور.
الطيور ؟
و أين الطيور ؟
أَهَجَرَت أَوكارَها هي الأخرى ؟
هل رَفَضَت أن ترى معيَ المشهدَ الأخيرَ ،
فَآَثَرَت الرحيلَ مثلك ؟
لم تقولي شيئاً يومها
و ما زلتِ مُصرةً على ألا تقولي شيئاً
فلقد أَنَبْتِ عيناكِ عنكِ،
و كأنهما راويةٌ يقصُّ عليَّ قصة الرحيل .
نعم الرحيل الطويل .
عيناكِ قالتا كل شيء ،
حتى و إن لم تنبس شفتاك بكلمة .
كانتا شاخصتين ،
تتطلعان إلى الأفق البعيدِ
تقرآن في صمتٍ كتاباً مفتوحاً ،
و تنظران إلى مقعدٍ عند مليكٍ مقتدر،
هناك حيث الحور العين .
يا الله ، كم كانت لحظات قاسية .
و هل أقسى من أن تقول العين كلمة واحدة :
" إني راحلة "
..
..
..
..
سقطت من عيني دمعةً على جبينك الوضاء
و كأنها هي الأخرى تقول لك كلمة واحدة :
سامحيني يا أمي
سامحيني
رحمك الله .
سمر محمد
10-07-2010, 09:31 PM
رفح
" جرحٌ نازفٌ في جسدٍ تأبَّى "
عاشت رَفَح .
سَلِمَتْ رَفَح .
و على الأذانِ نشيطةً تصحو مُهللةً رفح .
و على الجراحِ أبيَّةً ..
ترقى مآذنها رفح .
لتصِخَّ آذانَ العِدا ..
و تُذيقهم طعم الردى .
بحجارةٍ ..
سوداءَ يحسبها اللئيمُ إذا تَلَقّاها شذورٌ من ذهب .
و هِيَ التحدِّي و التشَظِّي ..
والمنايا و اللهبْ .
في كلِّ باسِقَةٍ طَرَح .
***
عاشت رفح .
عاش الأُباةُ يزينهم
ثوبِ الشهادةِ والفَرَحْ .
مُستبشرينَ بجنَّةِ الخُلدِ التي وُعِدَ الشهيدْ.
أو بانتصارٍ ساحقٍ يُودي بأذنابِ اليهودْ .
و يُقرِّب الفجرَ البعيدْ .
عاشت رفحْ .
عاشت برغمِ جيوشهمْ ..
و عتادِهِمْ .
و برغمِ آهات الثكالى ..
و الضحايا ..
و القُرَحْ .
***
عاشت رفح .
عاشت ، وما زلنا نغوصُ ببحرِ أحلامٍ عميقْ .
و طعامنا شهدُ الكلامِ نلوكُهُ ..
ـ لَوْكاً ـ
و نرتشفُ الرحيقْ .
عاشت ، وما زلنا نشيدُ بسحرِ خارطةِ الطريقْ .
يا للطريقْ ،
ضاعت ، ومازلنا نُندِّدُ بالمذابِحِ يا رفحْ .
جينينُ تشهدُ ..
و العراقُ ..
و تكتوي ديرُ البَلَحْ .
حتى استجارَ الشجبُ و التنديدُ ..
و الصمتُ انشَرَح .
***
أوّاهُ يا رفحَ الإباءْ .
يا أختَ جينينَ الصمود .
لا تأبهي بخنوعنا ..
إنّا غُثاءْ .
( ذالٌ و راءْ )
أعجازُ نخلٍ خاويهْ .
في كلِّ يومٍ ننتحي درباً لقاعِ الهاويهْ .
ما عاد في مقدورِنا غيرُ البكاءْ .
غيرُ الصياحْ .
فإليكِ يا رَفَحُ الحبيبةُ فاصلانِ من الصياحْ .
( عاشت رَفَحْ )
( سَلِمَتْ رَفَحْ ).
سمر محمد
10-07-2010, 09:32 PM
أحببتها و لكن
بُح يا حبيبَ القلب بالسرِّ=فكما يقالُ : السِّرُّ في بئرِ
هذي مسامع قلبيَ انفتحت=فانثر بها ما شئتَ من عِطرِ
إني كتومٌ ، لست أعلنها=للناسِ في سِرٍّ و في جهرِ
أحببتُها و الكل يعشقها=و قضيتُ في إرضائها عمري
و رصدتُ مالي كي أتوجَّها=تاجاً من الياقوتِ و الدُّرِّ
لكنها يا صاحِ تؤرقني=ليلاً و حتى مطلع الفجرِ
لا ترتضي غيرَ الضحى و طناً=أو مسكناً غير ضيا البدرِ
الفُلّ إكليلٌ لهامتها=و الورد منثورٌ على الثغرِ
و لأجل عينيها أرقتُ دمي=و حفظت شعراً في الهوى العذري
و سكنتُ دار معاجمي فرحاً=ثم انتقلت لكرمة الشعرِ
فقطفت عنقوداً ،عصرت لها=في كأسها من أجود الخمرِ
قالت فديتُك لست شاربةً=إلا عصيرَ الروحِ و الفكرِ
لملمت أوراقي ، و قلتُ لها=اليومَ أعلن في الهوى فقري
سمر محمد
10-07-2010, 09:33 PM
وصية شهيد
أمّاهُ لا تحزني إنْ جاءَكِ الخَبَرُ=أو قيلَ طالَ بِهِ يا أُمَّهُ السفَرُ
لا تُهرقي دمعَكِ الغالي إذا خَطَرَتْ=يا حبَّةَ القلبِ بعد الغيبةِ الفِكَرُ
قرِّي و نامي و ملءُ العينِ فرحتها=إنِّي هناك بدارِ الخُلدِ أنتظِرُ
لمّا سمعْتُ نداءَ الحقِّ يدعوَني=تسابقَ القلبُ و الإحساسُ و البَصَرُ
فما وجَدْتُ سوى نفسي أقدِّمُها=للهِ ، لم يُثنِها عن عزمِها الخطَرُ
كان الصباحُ جميلاً حينما انطَلَقَتْ=ساقايَ نحوَ العُلا يحدوهُما الظَّفَرُ
كأنَّ أنسامَهُ من جنَّةٍ عَبَقَتْ=روحي ، و أعطارُهُ في الأُفْقِ تنتشِرُ
يا كم تمنَّيْتُ يا أُمّاهُ في صِغَري=نيلَ الشهادةِ ، لم يُنعِمْ بها الصِّغَرُ
حتّى أفاءَ الذي نفسي بقبضتِهِ=بها عليَّ ، و جودُ اللهِ يُذَّكَرُ
أرنو إلى الموتِ ، إن الموتَ في شَمَمٍ=بطعنةِ الرمحِ أو بالسيفِ يُعتَبَرُ
و الموتُ فوقَ فِراشِ الذلِّ في فَزَعٍ=ذنبٌ لصاحِبِهِ ، يا ليت يُغتَفَرُ
لمّا رأيتُ عدوَّ اللهِ في وطني =قد ضاقَ ذرعاً بِهِ المحراثُ و الشَّجَرُ
و أَنَّتِ الروضَةُ الحسناءُ ، إذ عَبَثَتْ=كفُّ اللئيمِ بها و استنجدَ الثمَرُ
و مسجدُ القدسِ يشكو غدرَ مُغتَصِبٍ=يدعو أيا مُسلماً : مَنْ ليْ سينتَصِرُ ؟
يشكو، فلم يستَجِبْ يوماً لصرختِه=إلا القليلُ ، و جُلُّ الناسِ مُستَتِرُ
كأنَّما الأرضُ آذانٌ بها صَمَمٌ=و قلبُ سُكّانِها الجلمودُ و الحَجَرُ
و العالمُ المُبتَلى بالصمتِ مُنشَغِلٌ=بالكأسِ ، باللاعبِ المشهورِ يفتَخِرُ
يهزُّهُ حارسُ المرمى و طلعتُهُ=أو نجمةٌ زيَّنَتْ أعطافَها الدُّرَرُ
و تُذرَفُ الأدمُعُ الحرّى إذا مَرِضَتْ=أو أعلَنَتْ موتَها الأنباءُ و الصُّوَرُ
يهتزُّ عالمنا لو قطةٌ ذُبِحَتْ=و لا يُحَرِكُهُ لو يُذبحُ البَشَرُ
من أجلِ ذاك أيا محبوبتي اْنطَلَقَتْ=روحي كقنبلةٍ في البغيِ تنفجِرُ
و لو مَلَكْتُ سوى الروحِ التي قُبِضَتْ=ألفاً ، لفجرتُها في وجهِ من غَدَروا
أجودُ بالنفسِ كي تبقى كرامتُنا=تاجاً على الرأس يا أُمّاهُ يزدَهِرُ
فباركي يا حياةَ القلبِ تضحيتي=و لا تُبالي ، فإنَّ الموتَ ليْ قَدَرُ
نامي و قرِّي و ملء العينِ فرحتُها =إنِّي هناكَ بدارِ الخُلدِ أنتَظِرُ
هذي وصيَّةُ من أرْضَعْتِهِ شَمَماً=فلتقرئي ما بها إنْ تُسدَلِ السُّتُرُ
سمر محمد
10-08-2010, 07:54 PM
ملحمة الحزن
" دمعة متأججة في رثاء الشيخ أحمد ياسين "
لو أستطيعُ صَمَتُّ يا إخواني=و كتمتُ في جوفي لظى أحزاني
و حبستُ دمعي في العيونِ مُكبَّلاً=كيَدِيَّ في قيدٍ من النيرانِ
لكنَّه قد ثار حين حبستُهُ=بين الجفونِ كثورةِ البركانِ
ما كنتُ صخريَّ المشاعرِ حينما=هجم الأسى بجيوشهِ فغزاني
و كأنَّهُ يدري بأنِّي مُوهنٌ=مِمّا دها كلَّ الورى ، و دهاني
خطبٌ ألمَّ بأُمَّتي ، فتزلزلتْ=من هولِهِ منظومةُ الأكوانِ
خطبٌ ، و كم أعيت خطوبٌ قبلهُ=هجر الكرى جرَّاءها أجفاني
خطبٌ ، و هل بعد ارتحالك شيخنا=و إمامنا (ياسينُ) خطبٌ ثانِ
***
إني نظرتُ إلى الصباحِ رأيتُهُ=مُتوشِّحاً ثوبَ الظلام الجاني
و نظرتُ مُرتقِباً إلى شمس الضُّحى=غابت ، و حلَّ مكانها ليلانِ
و إذا النجومُ بكلِّ ليلٍ صخرةٌ=شُدَّتْ إلى الأوتادِ بالأرسانِ
و رأيتُ عينَ البدرِ تذرفُ دمعها=و الغيمُ جاد بمائهِ الهتَّانِ
و الطير تأبى أن تبُثَّ غناءها=أو أنْ تجودَ بأعذبِ الألحانِ
فسألتُ:ماذا ؟ هل أنا ذات الأنا=و هل الزمان أيا رفاقُ زماني
و هل البسيطةُ لم تزل بمدارها=أم أنها كفَّتْ عن الدورانِ
و سألتُ مَنْ حولي : إصدقٌ ما نما=لمسامعي ، فأصمَّ لي آذاني ؟
باللهِ قولوا أنَّ ما أبصرتُهُ=ضربٌ من التزييفِ و البُهتانِ
بالله قولوا أن أخباراً أتتْ=عبر الأثيرِ تموجُ بالهذيانِ
باللهِ قولوا أنَّ سمعي خانني=ومن الأسى لم تُبصرِ العينانِ
أَوَ ذاكَ ( ياسينُ ) الذي أشلاؤُهُ=كشذورِ دُرٍّ بُعثِرَتْ و جُمانِ
هذي الدماءُ الطاهراتُ عرفتها=أزكى من النسرينِ و الريْحانِ
و الرأسُ مُنتصبٌ كبندٍ شامخٍ=رَكَزَتْهُ فوق الشامخاتِ يدانِ
و العينُ تنظرُ للسماءِ ، كأنّها=ترنو لمقعدها لدى الرحمنِ
و جبينُهُ الوضّاءُ نهرٌ سائبٌ=تجري بِهِ سُفُنُ الرُّؤى بأمانِ
و اللحيةُ البيضاءُ صبحٌ مُسفِرٌ=بثَّ الضيا بضّاً بكلِّ مكانِ
و القلبُ يحتضنُ (السليبَ) ، و نبضُهُ=سمِعتْهُ حين ترنَّمَ الثقلانِ
أرأيتَ غُثرَتَهُ هناك تحرَّقَتْ=شوقاً ، و قد تركتهُ منذ ثوانِ
أرأيتَ مقعدهُ الأبيَّ كمثلِهِ=ليس الأذلَّ كمقعد السلطانِ
يا كم تلازمَ و الشهيدَ أحبّةً=و اليومَ أعجبُ كيف يفترقانِ
كيف استطاع الخِلُّ تركَ خليلهِ=فرداً ، و كان المخلص المتفاني
قولوا بأنِّي واهمٌ و مضلّّلٌ=فيهِ العمى و الجهلُ يصطرعانِ
قولوا بأني مثل سائرِ أمتي= أعمى يسيرُ بموكبِ العميانِ
ما عاد يشغلنا سوى أقواتِنا=و الرقصِ عند معازفٍ و قيانِ
آمنتُ باللهِ العظيمِ حسيبِنا=ما خاب مُلتجِئٌ إلى الديّانِ
هولُ المفاجأةِ العظيمةِ راعني=و صدى الفجيعةِ داخلي أنساني
(ياسينُ) لم يكُ خالداً و مُخلَّداً=إلا بدارِ كرامةٍ و جِنانِ
ملكَ القلوبَ بعطفِهِ فثوى بها=متأنِّقاً كالزهر في البستانِ
***
يا (أحمدُ الياسين) لستَ بميِّتٍ=بل نحنُ ، لكنْ دونما أكفانِ
أنت الشهيدُ ، و إننا يا للأسى=غرقى ببحرِ مذلّةٍ و هوانِ
ما عاد فينا غيرُ صوتِ حناجرٍ=واهٍ برغمِ ضخامةِ الأبدانِ
سقط القناعُ عن الوجوهِ ، فكلُّنا=يا شيخُ نحملُ سحنةَ الإنسانِ
لكنْ إذا حدَّقتَ في قسماتِنا=عربيَّةً في ثوبِ أمريكاني
إنّا غدوْنا كالنعامةِ ، رأسُها=في الطينِ من خزيٍ و من خذلانِ
نجري وراء الغربِ نبغي منهجاً=و أمامنا المنهاجُ في القرآنِ
أخذوا الحضارةَ من معينِ كتابنا=و نروم مجداً في حِمى الرومانِ
السُنَّةُ الغرّاءُ غصنٌ وارِفٌ=و نريدُ ظِلَّ المنهجِ العَلْماني
يا للأسى يا شيخُ من ساساتنا=لاذوا بصمتِ الخانِعِ المتواني
في حِضنِ أمريكا أراهم هُجَّعاً=مستمتعين بلذةِ الأحضانِ
أسيافُهُمْ أضحت دُمَىً أثريّةً=نُقِشَتْ بإتقانٍ علىالجدرانِ
ظَمِئَتْ فما شرِبَتْ دماء عدوها=جاعت فما مُدَّتْ يدٌ بحنانِ
من ليْ بسيفِ اْبنِ الوليدِ أضُمُّهُ=و أجذُّ رأس مُخادعٍ شيطانِ
من لي بجيشِكَ يا (رشيدُ) أقودُهُ=لأَدكَّ حِصنَ مُخنَّثٍ و جبانِ
مَنْ لي برمحٍ سمهريٍّ شامخٍ =من لي بسيفٍ مُصلَتٍ و حِصانِ
سأُعلّم اْبني ، رُبَّما من صُلبِهِ =يأتي (صلاحُ) محطِّم الصُّلبانِ
سأعلمُ ابني أنْ يكونَ مُجاهِداً=بالنفسِ ، لا بمشاعرِ و لسانِ
و أقولُ يا ولدي أبوكَ و جيلُهُ=عجزوا ، فخُذْ ثاراتِ جيلٍ فانِ
***
قتلتك إسرائيلُ ، لا بل ضعفُنا=و كلاهما يا شيخنا سيّانِ
النار تحرقُ و السكوتُ كذالكم=فاعجبْ لصمتٍ حارقٍ أعياني
و اعجب لصاروخٍ يواجهُ مقعداً=يا لاختلال العدلِ و الميزانِ
شارونُ يبني جيشَهُ و عتادَهُ=و نغطُّ في نومٍ لذيذٍ هاني
هم من دمانا أبرياءُ ، و إننا=صُنّاعُ إرهابٍ بكلِّ مكانِ !
إن دُكَّ بُرجٌ، دُمِّرَتْ بغدادُنا=أو مات هِرُّ جِيئَ بالأفغاني
و إذا تعثَّرَ كلبُهُمْ في خطوِهِ=فالعُربُ و الإسلامُ مُتَّهَمانِ
لهم السلاحُ قديمُهُ و حديثُهُ=و لنا الردى أو قبضةُ السجّانِ
خسِئوا ، فإنَّ دماءنا موتٌ لهم=سيروْنَهُ يا شيخُ كلَّ أوانِ
أجسادنا متفجراتٌ أُقِّتَتْ=لتدكَّ حِصن البغي و الطغيانِ
و لسوف نأخذُ ثأرَ كلِّ مجاهِدٍ=بذلَ الدماءَ لنُصرةِ الأوطانِ
***
يا من عبرت بنا حدود خنوعنا=و أضأْتَ قِنديلاً بكلِّ جَنانِ
و زرعتَ في كلِّ القلوبِ محبَّةً=و غرستَ فيها من عظيمِ معانِ
علّمتنا أن الشهادةَ مطلبٌ=ليست تُنالُ براحةٍ و أماني
و بأنّ من رام الخلودَ مضى لهُ=مُتوثِّباً بعزيمةِ الشجعانِ
صليتَ فجركَ ثُمَّ جاوزت المدى=نحو الخلودِ و جنة الرضوانِ
فانعم بصحبةِ أحمدٍ خيرِ الورى=واحصد جزاء البرِّ و الإحسانِ
إن كنت قد فارقتنا في لحظةٍ = فلعلَّ فيها نقطة الغليانِ
سمر محمد
10-08-2010, 07:57 PM
أغنية للحب و البحر
وحيداً
أُطِلُّ على البَحرِ أرقُبُ أمواجَهُ
و الظلامُ رويداً رويداً يسيرُ إليهِ
تَلُفُّ الخِضَمَّ مُلاءَتُهُ
و السكونُ شِراعٌ تَعَرَّضَ في البَحرِ
لَوَّحَ لي بالسَّلامْ .
و لا شيئَ حولِيَ غيرُ الرِّمالِ
تُداعِبُها موجةٌ في هُدوءْ .
و عيناكِ تَرتَسِمَانِ على مَوجَتَينِ
كأنَّهًما قَمَرانِ استفاقا لِتَوِّهِمَا
مِن مَنامْ .
و قلبيَ قاربُ عِشقٍ كبيرٍ
تَحَمَّلَ بالشَّوقِ و الوردِ
و النَّرجِسِ الجَبَلِيِّ
لِيُبحِرَ في مُقلتيكِ
إليكِ
يُصارعَ كُلَّ لُصوصِ البحارِ
ليرسوَ فوقَ شواطئِ قلبٍكِ
حيثُ يطيبُ المُقامْ .
فَهلاَّ فتَحتِ مَوانِئَ عينيكِ للفارسِ العَرَبِِيِّ
فَقَد آَنَ بَعدَ عَناءِ الطَّريقِ الطَّويلَةِ
أن يستريحْ .
يسوحَ بِروضاتِ فًلِّكِ ،
كَرزِكِ .
عِزِّكِ،
يقطفَ ما شاءَ مِنها
و من ثمَّ يغفو على ساعديكِ
و يكتم أسرارَ حِضنِكِ ـ يا عمرَهُ ـ
لا يَبُوحْ .
و كَفُّكِ مثلُ نسيمِ الصَّباحِ
تَمُرُّ بِرِفقٍ على وجنَتَيهِ
و تمسحُ عنهُ غبارَ السِّنينَ
و نزفَ الجُروحْ .
أيا ربَّّةَ البَحرِ :
يعلمُ فارسُكِ العَرَبِيُّ الجَرِيحُ
بأنَّكِ آخرُ أسفَارِهِ
مثلما كُنتِ أَوَّلَهَا للخُلُودْ .
و يعلمُ أنَّكِ مهما ابتعدتِ
فأنتِ القريبةُ
أنتِ الحبيبةُ
أنتِ رسولُ الضِّياءِ إليهِ
و أنتِ الحياةُ و نبضُ الوَرِيدْ .
أُحِبُّكِ يا ربَّةَ البَحرِ مُذ خَلقَ اللهُ هذا الخِضَمَّ
و تَوَّجَكِ العاشقونَ عليهِ المليكَةَ
يأتمرُ الماءُ و الموجُ
دهراً بأمرِكْ .
و أدفعُ عمريَ ، مُلكيَ ، روحيَ
مَهراً لطُهرِكْ .
يُحَدِّثًني البَحرُ عنكِ
و كيف تلوَّنَ من مُقلَتَيكِ
و كيف اكتَسَت شَمسُهُ حينَ نامت
على صَدرهِ فِي الغُروبِ
بتبرِكْ .
يُحَدِّثُني عن لآلئَ خبَّأتِها خلف ثغرِكْ
و عن ليلِهِ المُستَحِمِّ بشَعرِكْ .
و عن موجِهِ كيف صارَ رقيقاً
إذا ما ترنَّمَ كالطيرِ صُبحاً بشِعرِكْ .
و لا يعلمُ البحرُ أنِّيَ أعلمُ عنكِ الذي ليس يعلمُ
لكنَّني لا أبوحُ بِِسِرِّكْ .
و أن السَّعادةَ ،
كُلَّ السَّعادةِ
قد ذُقتُها مُذ وَقَعتُ بأسرِكْ .
و أن الرَّبيعَ الذي عِشتُهُ في فراديسِ عينيكِ
كان الخريفَ قُبيلَ امتِطَائيَ صَهوَةَ بَحرِكْ .
أحبُّكِ يا ربَّةَ البحرِ ، هل تسمعين وجيبَ الفؤادِ
و نبضَ المدادِ
و هل تشعرين بنارِ اشتياقيَ
يا شهرَ زادي ؟
و هل تعلمينَ بأنيَ ما كنت يوماً أبوحُ
بما في الضلوع لغيرِكْ ؟
أيا رَبّةَ البحرِ إني غريقٌ
يرومُ النجاةَ
و لا شئَ ، لا شئَ ينقذُهُ غير إطلالةٍ
من نوافذِ قصرِكْ .
فهل تُشرقينْ
سمر محمد
10-08-2010, 08:00 PM
أنا لستُ هُو
يَتَساءَلُونْ
..
..
..
غَرَقُوا
و ظَلَّ الماءُ يحملُ فوقَ صفحتِهِ
عيونَ الأسئلةْ .
و الفلكُ تجري في هدوءٍ
غيرَ عابئةٍ بما حَمَلَتهُ أجنحةُ الكواسرِ
من قنابلْ .
للبحرِ قِصّتهُ ..
و للرَّملِ امتدادٌ للحكاياتِ القديمةِ
يشرئبُ لها النخيلُ
فتنتشي أطيارُ بابلْ .
للبحر قصتهُ ..
يُخبِّؤها المحارُ ،
و سِرُّهُ الممتدُّ من عينيكِ
للشَّمسِ البعيدةِ
للسنابلْ .
للبحر جُرحي و السنون الغافياتُ على دمي
و لكِ البنفسَجُ
لي بقايا سيفِ عنترةِ الأبيِّ
و ما تَبَقَّى من صِراعاتِ القبائلْ .
لِي يَاسَمينُ الحَرفِ مَوصولاً بِناصيةٍ اغترابِي
كُلَّما حَدَّقتُ فِي ليلٍ ترامى
في الأُفُقْ .
لي قِصَّةٌ
يوماً ستكشفُ سِرَّها لِبنيَّ
ذاكرةُ الوَرَقْ .
أنا لستُ هُوْ
أنا لن أسوقَ لأجلِ مَن باعوا دِمائِي ناقةً
حتى يُطالبَني الغُزاةُ
بألفِ ناقةْ .
أنا من فَتَحتُ على رحيلي في بِحاركِ
ألف فُوَّهةٍ و طاقةْ .
و عَلِمتُ أنَّ هناكَ في بحريْكِ موتي .. رُبَّما
و عَلِمتُ أنَّ هناكَ " فينيقي " سيُبعث مِن رمادي من جديدْ .
هو قد تَبَرَّأ مِن دَمِي
مِن غُثرتي
مِن شِقوتي
و أنا سأمنحُ سيفَهُ للنَّخلِ
أحتملُ انكساراتي و أمضي
فاتركيني
علَّني يوماً أعودْ .
لا تُهرقي دمعاً على قبري
و قولي للذينَ تساءلوا :
رَحَلَ المُقاتِلُ في دَمِي
و غداً سيُبعثُ مِن دَمِي
و غداً يُطوِّقني بعقدِ الياسمين .
سمر محمد
10-08-2010, 08:01 PM
قهوة بالنعناع
و كَأَنَّنِي ..
إذ شَقشَقَت أَطيارُ قَلبِكِ في الصَّباحِ
رَشَفتُ فِنجانِي مَعَكْ .
و جَلَستُ أَنظُرُ مِن نَوَافِذِ مُقلَتَيكِ
إلى حَديقةِ قَلبِكِ المَزرُوعِ بالنَّعناعِ
و النَّسرِينِ
يا ما أروَعَكْ .
لا تَجلِبِي " الكِيكَ " المُحَلَّى
لا تُضيفِي سُكَّراً للبُنِّ
يكفي لو يُلامِسُ .. في اْشتياقٍ .. إصبعَكْ .
فِنجانُ قهوتِنا ،
و طَاوِلَةُ " الفرَندا "،
مَقعدانِ على ضِفَافِ الحَرفِ ،
نَبضُ مَشَاعِرٍ
و عَنَادِلُ الشِّعرِ المُصَفَّى كُلُّهَا تَدعُو
لأنْ تُصغِي إليَّ ، و أَسمَعكْ .
بُوحِي بِسرِّ القَلبِ يا عُصفُورَةَ الرُّوحِ الطليقةَ
حلِّقي
في ذا الفَضَاءِ
تَأَرجَحِي
كَصَغِيرةٍ زَانَت جَدَائِلَها الشَّرَائطُ
دَاعِبِي
بِبراءَةِ الأَطفَالِ سَمْعِي
ثَرثِري إنْ شِئتِ
لا ، لن أمنَعَكْ .
فَلَقَد سَكَنتِ القَلبَ ،
يا سُبحانَ مَن .. كَالسِّرِّ .. في قَلبِ المُغَنِّي أودَعَكْ .
قُصِّي عليَّ حِكايةً تِلوَ الحِكايةِ
و افتحي دِيوانَ دَرويشَ
اقرئي " لوركا "
و " نازكَ "، و " الشَّهاويَّ "
ارجعي بي " لابنِ زيدونَ "
اعزفي ألحانَ " قَيسٍ "
إنَّ أعذبَ ما سَمَعتُ و ما قَرَأتُ من القَصائدِ
كانَ ما يُتلى مَعَكْ .
هذي صحيفةُ صَدريَ البيضاءِ مِن لألاءِ وجهكِ
فارسُمِي قلباً عليهِ حُروفُنا
و تَرَفَّقي
و تَأنَّقِي
فُرشَاتُكِ الزَّرقاءُ حِين تٌداعِبُ الأَوراقَ
تَعزفُ لَحنَ صبٍّ
صاح من أشواقَهُ :
ما أَبدَعَكْ .
إنَّ الذي جَعَلَ الجَمالَ سجيَّة في مُقلتيكِ
هو الذي زَرَعَ البَرَاءَةَ فِي رُباكِ
و بالفضيلةِ مَتَّعَكْ .
يا ربَّة النَّهرِ الذي شَقَّ الجَوانحَ
مُنذ آلافِ السنينَ
و صَبَّ في قلبِ المُغَنِّي أَريَهُ
باللهِ قولي :
أيُّ نَبعٍ في الجِنانِ غذا قديماً منبعَكْ .
و بأيِّ لونٍ كانَ للنَّسرين أن يَغترَّ
إن يوماً أَشَحتِ بوجِهِكِ القَمَريِّ عنهُ
و كانَ يَسكنُ أَضلُعَكْ .
و بأيِّ وجهٍ يَضحكُ التُّوليبُ
يبتسمُ القَرَنفلُ
إن بَكَت وَردَاتُ خَدِّكِ كلَّما ألقي الرَّحيلُ ظِلالَهُ
فوقَ المكانِ
فَلَم يُكَفكِف أَدمُعَكْ .
فنجانُ قهوتِنا يُخَيِّم فوقَهُ صَمتٌ
و رَنَّةُ هَاتِفِي المَحمُولِ تَقطَعُ ما تَبَقَّى مِن ثَوَانٍ
فَاترُكِينِي أطبعُ الحَرفَ الأخيرَ
على جَبِينِكِ
كي أَعُودَ فأقرأ الذِّكرى مَعَكْ .
14/4/2009 م
سمر محمد
10-08-2010, 08:01 PM
الغزالة
إلى الشاعرة والناقدة والأديبة القديرة هيام مصطفى قبلان
يا غزالةْ
سابقي الريح إلى العلياءِ
و اختالي كنجمٍ لامعٍ في ليلنا المهمومِ
و انثالي كنور البدرِ
قد ألقى على الأرض ظلالهْ .
أنت من انتِ صباحٌ لا يُضاهى
أنتِ فجرٌ في سنا الضوءِ تباهى
يا ابنة الكرملِ هل قالت لك الشطآنُ
عن أسرارِ نخلٍ
ما درى عنها سواكِ ؟
عن أحاديث الهوى قد دونتها في كتاب البحرِ
.. يا أنتِ .. يداكِ ؟
عن فؤادٍ
مثلما التوليبِ غضٍّ ،
ألقُ البحرِ استمالهْ .
فرمى الأحزانَ فيهِ
منحَ البحرَ جمالَهْ .
نورسُ القلبِ تلظى من لهيب الشوقِ للشطآنِ
من غدر المواني.
فامنحيه شاطئاً في عينك الخضرا
ففي عينيكِ قد حط رحالهْ .
وشوشي الأصدافَ عنه
و اتركيه
جامحاً مثلَ جوادِ الريحِ
في الآفاقِ
يستهدي خيالهْ .
أنتِ ما أنتِ
كفاحٌ صُبَّ في قلبِ امرأةْ .
أنت ما أنتِ صليلُ الحرفِ
من في النهرِ .. قولي .. وضّأه ؟
فإذا حُمّ القضا
ثم التقى الجمعانِ كان الحرفُ ناراً
تحرق الباغي
فقولي :
من ليومٍ مثل هذا هيّأه ؟
يا ابنة الكرملِ أنتِ يا غزالةْ :
أنت مثل البرتقالة.
نصفها حلوٌ إذا ما السلمُ قد ألقى ظلالَه .
نصفها مُرٌ إذا ما الغدر قد ألقى سلالهْ .
يا ابنة الكرملِ أنتِ النخلُ في الآفاقِ يسمو
يلمس الشمسَ
و في الكرملِ و القدس يمد الجذرَ
في أرض الأصالةْ .
سمر محمد
10-08-2010, 08:02 PM
على شاطئها
نَقَشتُ عَلَى رَملِكِ اْلمَوعِدا=و أَسلَمتُ قَلبِيَ وَجهَ النَّدَى
فَحَطَّت عَلَى شَطِّ قَلبِكِ طَيرِي=و لامَسْتُ فِي عَينِكِ اْلفَرقَدَا
سَمِعتُ بَلابِلَ قَلبِكِ تَشدُو=فَأَرسَلْتُ شِعرِي يَجُوبُ اْلمَدَى
يُعَاتِبُنِي خَافِقٌ لا يَنَامُ=يُنَاشِدُنِي كَي أَمُدَّ اْليَدَا
أَلُوذُ بِبَحرِكِ ، أَكتُمُ سِرِّي=فَهَل كَانَ بَحرُكِ لِي مُنجِدَا ؟
قُصَاصَاتُ أَورَاقِنَا المُلقَيَاتُ=عَلَى شَطِّ ذِكرَايَ لَن تَصمُدَا
و مَقعَدُنَا فِي الفَرَاغِ يُنَادِي=فَمَا مِن مُجِيبٍ و مَا مِن صَدَى
لَكَ اللهُ يَا قَلبُ تَبنِي قُصُوراً =تُرَى هَل سَتَهدِمُ مَا شُيِّدَا ؟
لَكَ اللهُ كَم رَاوَدَتكَ الأَمَانِي=و كَم عَانَقَت فِي رُؤَاكَ الغَدَا
كَلِيمٌ ، كَأَنَّ جِرَاحَكَ نَارٌ=أَبَت فِي جَِنَانِكَ أَن تُخمَدَا
لَهِيبٌ هِيَ الصَّرخَةُ المُشتَهَاةُ=لِطِفلِ الحَقِيقَةِ كي يُولَدَا
مَهَدتُ لَهُ مِن شِذا الذِّكرَيَاتِ=فِرَاشاً و مِن سَلسَلِي مَورِدَا
هُرِعتُ إِلَيهِ و قَد شَابَ رَأسِي=و مَا كُنتُ أَحسَبُ أَن يَجحَدَا
دُرُوبٌ مِنَ الشَّوكِ أَدمَت خُطَايَ=و فَوقَ شِفَاهِي أُجَاجُ الصَّدَى
لَهُ اللهُ سَامَحتُهُ مِن زَمَانٍ=و لِي نَبعُ ذِكرَاهُ لَن يَنفَدَا
وَحِيداً .. إِذَا ضَلَّلَتنِي صُواهُ=سَأَبقَى لَهُ هَادِياً مُرشِدَا
قُلُوبُ العَذَارَى تَقَطِّرُ شَهداً=فَيَا قَلبُ قَد آَنَ أَنْ تَشهَدَا
تُنَاجِيكَ فِي اللَّيلِ أُنثَى القَصِيدِ=و تُهدِيكَ جَفنَ الرُّؤَى المُسهِدا
بِأَيِّ القَوَافِي سَتَمضِي إِلَيهَا=و أَشعَارُكَ النَّازِفَاتُ مُدَى
سَمِعتَ نِدَاهَا و فِي شَفَتَيهَا=يَمَامُ التَوَلُّهِ قَد غَرَّدَا
بِلادٌ تُبَاعِدُ بَينَ صَبَاحٍ=ضَحُوكٍ و لَيلٍ هُنَا عَربَدَا
إِذَا مَرَّ طَيفُكِ كَحَّلتُ جَفنِي=بِأَنوَارِ طَيفِكِ إِمَّا بَدَا
حَنَانَيكِ يَا طُهرَ لَيلِ اغتِرَابِي=و يَا آَخِرَ العِشقِ و المُبتَدَا
سَفِينَةُ شَوقِي سَتَمضِي إِلَيكِ=و إِن بَعثَرَتْنِي رِيَاحُ الرَّدَى
أَنَا يَا بِلادِي شَهِيدُ الوَفَاءِ=و مَا كُنتُ عَن نِيلِكَ المُبعَدا
سَأَنسَى بِأَنَّكِ أَوصَدْتِ بَاباً=و أَنِّي فَتَحتُ الذي أُوصِدَا
كَتَمتُ هَوَايَ و خِلتُ بِأَنِّي=سَأُطفِئُ بِالصَّمتِ مَا أُوقِدَا
أُحِبُّكِ قَد قُلتُهَا مِن زَمَانٍ=و حُبُّكِ فِي خَافِقِي خُلِّدَا
نَوَارِسُ قَلبِي جَفَتْنِي و طَارَت=إِلَيكِ ، و ضَاعَ نِدَائِي سُدَى
تُرَى هَل سَتَرجِعُ يَوماً إِلَيَّ=و قَد عفتُ مِن بَعدِهَا المَرقَدَا ؟
أُحِبُّكِ رَغمَ جِرَاحٍ بِقَلبِي=و لَيلٍ عَلَى مُهجَتِي اْستَأسَدَا
عَلَى شَطِّ غَزَّةَ كَانَ انتِظَارِي=نَقَشتُ عَلَى رَملِهِ اْلمَوعِدَا
رَأَيتُكِ كَالنِّيلِ شَقَّ الحِصَارَ=بِرَغمِ المَعَابِرِ ، رَغمَ العِدَى
فَلُذتُ مِن الخَوفِ فِي مُقلَتَيكِ=و قَبَّلتُ قَلبَكِ ، قَلبَ النَّدَى
هُنَالِكَ عَادَت إِلَيَّ الحَيَاةُ=بِوَجهٍ بَشُوشٍ تَمُدُّ اليَدَا
أَنَا أَنتِ ، لا أَحَدٌ هَا هُنَا=سِوَانَا ، سَنَحيا هُنَا سَرمَدَا
أُخَلِّدُ قِصَّةَ قَلبَيْنِ صَارَا=كِتَاباً لأَهلِ الهَوَى يُقتَدَى
حُرُوفُكِ يَا غَزَّةُ الكِبرِيَاءُ=و سَيفُكِ يَا غَزُّ لَن يُغمَدَا
بِبَحرِكِ أَلقَيتُ كُلَّ هُمُومِي=و أَغرَقتُ لَيلَ الأَسَى الأَسوَدَا
كَأَنِّي و قَد قَبَّلَتْكِ العُيُونُ=أَسِيرٌ ، بِوَصلِكِ قَد قُيِّدَا
أُحِبُّكِ ، إِنِّي نَسَجتُ الحُرُوفَ=لأَجلِكِ يَا أَنتِ أَبهَى رِدَا
فَضُمِّي إليكِ شَتَاتِي و كُونِي=زُهُوراً إِذَا مَا طَوَانِي الرَّدَى
هُوَ النَّهرُ أنتِ،هُوَ الطُّهرُ أنتِ=هُوَ النّوُرُ أنتِ،وأنتِ الهُدى
جَعَلتُ قَصِيدِيَ مَهرَ رِضَاكِ=و قَلبِي الذِي تَملِكِينَ فدا
و أَسلَمتُ أَمرِي لِمَن لا يَنَامُ=و خَرَّ الأَنَامُ لَهُ سُجَّدَا
سمر محمد
10-08-2010, 08:03 PM
عزفٌ على الوترِ السابع
قُولِي : أُحِبُّكَ
و ارحَلِي
ما دُمتِ تَنوِينَ الرَّحِيلْ .
ما دُمتِ أَعدَدْتِ الحَقَائِبَ
و افتَرَشْتِ مَوانِئَ الهَجرِ الثَّقِيلْ .
هِيَ آخِرُ الكَلِمَاتِ مِنكِ
فلا تَضِنِّي
مِثلَمَا ضَنَّت عَلَى قَلبِ المُتَيَّمِ
مُهجَةُ الزَّمَنِ البّخِيلْ .
هِيَ كِلْمةٌ
يا رُبَّما أَحيَتهُ مِن بَعدِ المَمَاتِ
و رُبَّما
عَادَت بِأَشلاءِ المُعَذَّبِ فِي هَوَاكِ
مِنَ الشَّتَاتِ
و رُبَّما
زَرَعَتْهُ فِي رَوضِ الأَمَانِي شَامِخاً
مِثلَ النَّخِيلْ .
قُولِي أُحِبُّكَ ،
و اجعَلِيهَا آخِرَ الأَنغَامِ
تَسكُبُهَا طُيُورُكِ فِي مَسَامِعِهِ
و آخِرَ زَهرَةٍ تَنمُو عَلَى شَفَتَيكِ
يَقتُلُهَا الذُّبُولْ .
ما كُنتُ أَحسَبُكِ البَخِيلةَ لَحظَةَ التَّودِيعِ ،
لا تُلقِينَ نَظرَتَكِ الأخِيرَةَ
قَبلَما يُغرِي شِراعَ فُؤَادِكِ المَجنُونَ
بَحرُ الأُمنِيَاتِ
و رِحلَةُ السَّفَرِ الطَّوِيلْ .
و يُقِلُّكِ البَحرُ الخِضَمُّ إلى جَزِيرَتِكِ البَعِيدةِ
حَيثُ لا قَلبٌ يُرَوِّيكِ
كَمَا قلبِ المُغَنِّي حين أفنى عُمرَهُ
يَسقِيكِ مِن سلسالِ نهرٍ سَلسَبِيلْ .
و يُرِيقُ فِي كَفَّيكِ مَاءَ حَيَاتِهِ
فَجَحَدْتِهِ
و تَرَكتِهِ طُعماً لأَنيَابِ السُّهَادِ
و لُقمةً
لِذِئابِ لَيلٍ مُستَبِدٍّ
تَنهشُ الحُلمَ الجَمِيلْ .
قُولِي أُحِبُّكَ وارحَلِي
و خُذِي حَقَائِبَكِ التي حَمَّلتِهَا بِالذِّكرياتِ
فإنَّنِي لَن أَمنَعَكْ .
و نَوَارِسُ القَلبِ المُعّذَّب .. يَا سُعا .. لَن تَتْبَعَكْ
و أنا
سَيَصلِبُنِي الفَرَاغُ عَلَى جُذُوعِ الوَقتِ
أَجتَرُّ الدَّقَائِقَ ،
و المَفَارِقَ ،
و الحَرَائِقَ ،
أَستَعِينُ عَلَيكِ بِالنِّسيَانِ يا نَيسَانَ حُلمٍ مُستَحِيلْ .
قُولِي أُحبُّكَ و ارحَلِي
لا تَقرَئِي كَلِمَاتِ أُغنِيَتي الحَزِينةَ
لا تُرِيقِي دَمعَةً بَعدِي
و إنْ قلَّبْتِ سِفرَ الذِّكرياتِ فَلا تَقُولِي
هَا هُنَا كَانَ اللِّقاءُ
و هَا هُنَا
كُنَّا نَجُوبُ مَدِينَةَ الأَحلامِ
نَلهُو كَالفَرَاشِ
إذا دَعَاهُ .. لحفلةِ الرقصِ .. الضِّياءُ
و هَا هُنَا
ضَحِكَت لَنَا شَمسُ الصَّباحِ
و بَارَكَت خُطُوَاتِنَا شَمسُ الأَصِيلْ .
لا تَنظُرِي لِلخَلفِ نَظرَةَ مُشفِقٍ
أو تَحسَبِي
أَنِّي كَمَا جَبَلِ الجَلِيدِ إذا تَفَجَّرَ فِيهِ بُركانٌ يَسِيلْ .
أناْ مَن عَرَفتِ ،
اْلفَارِسُ الحُرُّ النَبِيلْ .
لو مِتُّ أُبعَثُ مِن رَمَادِي مِثلَمَا الفِينِيقِ
مُمتَشِقاً زُهُورَ صَبَابَتِي
أَرعَى شُؤُونَ إِمَارَتِي
و أُضَمِّدُ الجُرحَ الذي خَلَّفْتِهِ
أَناْ أَلفُ نيلْ .
سَأَظَلُّ رَمزاً لِلعَطَاءِ و إِن تَقَلَّبَتِ الفُصُولُ
فَلَن أَجِفَّ
و لَن أَغُورَ و لن أمِيلْ.
فَلتَرحَلِي ، لَن أَمنَعَكْ
قَلبِي مَعَكْ
لابُدَّ يَوماً ترجعينْ إليه .
سمر محمد
10-08-2010, 08:06 PM
مواساة
( إلى الصديق أبي عبد الرحمن معوض* مواساة له في وفاة والدته رحمها الله و أسكنها فسيح جناته)
قلبي تفطَّرَ من أساهُ كأنَّما=هوَ قلبُكَ المَوجُوعُ تَحتَ ضُلُوعي
و دموعُ عينِكَ حينَ أَجَّجها النَّوى=فكأنَّها فوقَ الخُدودِ دُموعي
و إذا شموعُكَ أُطفِئَت بِرحيلِها=أَوْقدتُ من جَمرِ الرَّحيلِ شموعي
صِنوانِ نحنُ ، فإن حَزِنتَ تَصدَّعت=جُدرانُ قَلبِ خليلِكَ المَوجُوعِ
واسيتُ نفسي بالدموعِ لفقْدِها=و رَثَيتُ بالشِّعرِ الحزينِ ربيعي
هِيَ أُمُّكَ ال حَمَلَتكَ تِسعاً بطنُها=و هيَ الزُّلالُ الصِّرفُ في ينبوعي
شمسُ الوضاءة أشرقَت من وجهِهَا=و جبينُها بَدرٌ أَوانَ طلوعِ
و فُؤادُها رَوضاتُ فُلٍّ زَيَّنَت=جدبَ الحياةِ بروعةٍ و نصوعِ
و يمينُها البيضاءُ تقطرُ سلسلاً=.. إثرَ الوُضوءِ .. بِسهلِها المزروعِ
و حديثُها الأذكارُ ، مَنطقُها الدعا = للهِ في صلواتِها بخشوعِ
يبكي عليها البيتُ ، يبكي أهلهُ=من هولِ فقدٍ .. يا أُخيَّ .. مُريعِ
تبكي عليها سُبحةٌ ، كم لازَمَت=يَدَها ، و شَالٌ نَاصعٌ بدموعِ
يبكي أنيسُ حياتِها و سميرُها=من وحشةٍ بالبيتِ حين رجوعِ
لكنها الأقدارُ ، ليس لحُكمها =رَدٌّ ، تَجِيءُ بيقظةٍ و هجوعِ
و لقد عرفتك صابراً يا صاحبي=في النَّائباتِ ، و لستَ بالمخدوعِ
لما أتى الناعي نَبَستَ مُحَوْقلاً :=ما كنتُ للرحمن غير مُطيعِ
و سَكَبتَ مُحتسباً دموعَ مودعٍ=أُمّاً .. حُرِمتَ حنانَها .. بخضوعِ
فاصبر ، عسى الرحمن يجمع شملها=بكَ تحتَ بَيرقِ أحمدَ المرفوعِ
سمر محمد
10-08-2010, 08:06 PM
زهرة اللوتس
إلى الشاعر العربي الكبير : محمد محمد الشهاوي
قلت و أنا أقف بجانبه مخاطباً سريره الذي يرقد عليه مريضاً
يا سريراً : عليه طودٌ ينامُ=كن حريراً ، عليكَ مِنِّي سلامُ
كن رقيقاً فإن فوقك بدراً=أمَّ جمعَ النجومِ ، فهْوَ إمامُ
تَوَّجَتهُ الرُّبا أميراً عليها =و اصطفتهُ القلوبُ و الأحلامُ
إنَّهُ النيلُ في الجوانحِ يجري=ترتوي من فيوضهِ الأقلامُ
سَهِرَت عينُهُ على الشِّعرِ فرداً=فرعاهُ ، و المُدَّعون نيامُ
و سقاه الشعورَ من فيض روحٍ=حلَّقتْ في فضائها الأنغامُ
فنما الشِّعرُ في الصدور فتيّاً=بعدما خارَ واستباهُ سَقامُ
يا سريراً أراكَ ترنو إليه=مُشفقاً تكتوي ، و لستَ تُلامُ
و همى من عينِ الوسادةِ دمعٌ=حينما ضنَّت بالدموع أنامُ
لا تخف يا سريرُ ، فالله يرعا=هُ ، و قلبي لابن الكرامِ مُقامُ
"زهرةُ اللوتسِ" الأصيلةُ تأبى=هجرةً ، فاسترحْ ، و ليست تُضامُ
"قلتُ للشعرِ " هل عرفتَ أميراً= خيله الريحُ ،و اليراعُ حسامُ
و القوافي جنودهُ ، و المعاني=بينها و الأميرِ عشقٌ ، هُيامُ
ابن " عينِ الحياةِ " يحيى بقلبي=و أنا عاشقُ الضحى ، هل أُلامُ
بيننا يا مُستغربينَ غرامٌ=لا يضاهيه في القلوبِ غرامُ
فدعوني إلى " الشَّهاويِّ " أصغي=صوته العذبُ بلسمُ و سلامُ
سمر محمد
10-08-2010, 08:08 PM
عندليب البيان
إلى الشاعر الصديق : د. عمر هزاع
أَمِيرَ القَوَافِي ، بَشِيرَ النَّدَى=عَبِيرَ الأَقَاحِي ، سَفِيرَ الهُدَى
سَلِيلَ الكِرَامِ ، صَلِيلَ الحُسَامِ= رَفِيعَ المَقامِ ، وَسِيعَ الجَدا
أُنَادِيكَ يا صِنوَ رُوحِي ، و أَدرِي=بِأَنَّكَ أَهلٌ لِهَذا النِّدا
و أُزجِي إِليكَ رَبِيعَ الشُّعُورِ=و أَبعَثُ شَوقِي يَجُوبُ المَدى
يُفَتِّشُ عَنكَ بِقَاعِ البُحُورِ=أَيَا دُرَّةَ البَحرِ و المُنتَدى
و يَسأَلُ عَنكَ ذُرَا الشَّامِخَاتِ=فَفِي الأَوجِ تَسكُنُ مُسْتَفرِدا
تُطِلُّ عَلَينَا بِقَلبٍ رَؤُوُمٍ=و عَينٍ تَجُودُ بِقَطرِ النَّدى
فَلا غَابَ ذِكرُكَ عَن عَاشِقِيكَ=و لا ضَاعَ جَهدُكَ فِيهُمْ سُدى
كَأَنَّكَ يا عَندَلِيبَ البَيَانِ=لِسَانُ الفَصَاحَةِ إِنْ غَرَّدا
كَأَنَّكَ لَحنٌ يَجُوبُ الفَضَاءَ=و بَعدَكَ كُلُّ الغِنَاءِ صَدى
إِذا السَّيفُ أُغمِدَ كُنتَ الخَمِيلَ=و كُنتَ الصَّليلَ إِذا جُرِّدا
و كُنتَ الصَّبُورَ عَلَى النَّائِبَاتِ=و ذَا مِرَّةٍ فَوقَ بَأْسِ العِدا
إِذا رَامَ حَوضَكَ خَصمٌ عَنِيدٌ=سَقَيْتَ خُصُومَكَ كَأسَ الرَّدى
و إِن رَامَ دِفأَكَ قَلبٌ عَمِيدٌ=بَسَطتَ ضُلُوعَكَ كَي يَرقُدا
تَجُودُ بِكُلِّ نَفِيسٍ لَدَيكَ=كَأَنَّ لِكُلِّ نَفِيسٍ يَدا
فَسُبحَانَ مَن بِالضِّياءِ كَسَاكَ=لَهُ صَفوَةٌ يَجتَبِي للنَّدى
و سُبحَانَ مَن قَد حَبَاكَ القَرِيضَ=كَنَهرٍ.. إِذا شاءَ .. لَن يَنفَدا
هُوَ الشِّعرُ يَسكُنُ فِي مُقلَتَيكَ=تُتَوِّجُهُ بِالوَفَا عَسجَدا
تُعيدُ لَهُ بُردَةَ الأَوَّلِينَ=و مَا كَانَ هَمُّكَ أَن تُحمَدا
هُوَ الشِّعرُ طِفلُكَ تَحنُو عَلَيهِ=و تَخشَى عَلَى اْبنِكَ أَن يُوأَدا
تُدَفِّؤُهُ يَا زَكِيَّ الفُؤَادِ=بِقَلبِك خَشيةَ أَن يَبرُدا
فَقُل لِي بِرَبِّكَ مَن لِلقَصِيدِ=إِذا غَابَ عَنهُ الذي جَدَّدا
و أَلبَسَهُ حُلَّةً مِن بَهَاءٍ=و أَنجَاهُ مِن بَطشِ مَن بَدَّدا
أَرَى "هِندَ" تَحكِي ، و" زِيشانَ" تَبكِي=و "دَعدٌ" تريق دَماً أسودا
و وَالِدةٍ لَم تَزَل فِي دِمَاكَ=أُصُولَ الحِكَايَةِ و المُبتَدا
و طِفلٍ بِغَزَّةَ كَم ضَمَّدَتهُ=يَداكَ ، يُصَرِّخُ مُستَنجِدا
و أُختٍ نَذَرتَ لَهَا كُلَّ شِعرٍ=تَذُودُ عَن العِرضِ مُستَأْسِدا
و قَلبي الذي ضَعضَعَتهُ الخُطُوبُ=يُنَادِيكَ عُد فَارِساً ، سَيِّدا
أَتَترُكهُ فِي اصطِرَاعِ العُبابِ=غَرِيقاً يَمُدُّ إِليكَ اليَدا ؟
و تَمضِي وَحِيداً بِدَربِ الشَّقاءِ=و عَهدِي بِقَلبِكَ أَن يُنجِدا
" أَبَا حَفصَ " : نُورُ القَنَادِيلِ يَخبُو=إِذا لَم يَجِد زَيتَكَ المُوقِدا
و أَنتَ شَهِدتَ المَخَاضَ العَسِيرَ=و شَاهَدتَ يَا "عُمَرُ" المَولِدا
فَكُنتَ الغَيُورَ و كُنتَ الصَّبُورَ =و كُنتَ الحَصُورَ و كُنتَ الفِدا
نَمَا طِفلُنَا بَينَنَا فِي هُدُوءٍ= و نَالَ الصَّدَارةَ و السُّؤدَدا
فلم ينسَ عطفَكَ وهْوَ صغيرٌ=فكيفَ سينساكَ إن يرشُدا
و لَم يَكُ في طَبعِهِ مُذ تَرَبَّى =عَلَى الخَيرِ يَا صَاحِ أَن يَجحَدا
فَعُد و املأِ البيتَ شدواً جميلاً=و لا تُرهِقَنْ جَفنَكَ المُسهَدا
سمر محمد
10-08-2010, 08:09 PM
عزف منفرد
سكونٌ
و صمتٌ
و ليلٌ طويلٌ ..
يُخَبِّئ حُزنَينِ في مِعطفي .
فأهربُ من خِنجرِ الذكرياتِ
إلى شُرفة القلبِ
و القلبُ قد أثقلتهُ الهمومُ
لأرفعَ رأساً تقاطرَ منهُ الغَمامُ
و أينعَ
صار سنابلَ قمحٍ
تَهَاوَت عليها الطيورُ التي داعبتها يداكِ
و حَطَّت على كَتفيكِ صباحَ انتشاءِ القصيدة .
أيا بلسمَ الجُرحِ قد أثخنتنا السؤالات طعناً
فأي ثيابٍ تليقُ بسيدةِ القصرِ
غير ثيابِ القصيدِ
و قد أغلقت مُدُنُ الرملِ أبوابَها
حين جُبتُ شوارعَها في مسائِي الحزينِ
أُفَتِّشُ عن وَجهكِ القمريِّ
لأسرقَ بعضَ الوضاءةِ منهُ
أوزعها مثلَ أرغفةِ الخبزِ يأكلُ منها الغنيُّ الفقيرُ ،
الفقيرُ الغنيُّ فيشتدَّ عودُهْ .
و يبقى الضياءُ بوجهكِ نهراً يفيض ، يفيضُ
و لا ينقضي .
أيا ربَّة الشعرِ هلاّ أعنتِ الفقيرَ
ليقبس من نورِ وجهكِ حرفاً
عسى أن تعودَ إليه القصيدةُ ترفُلُ في ثوبها الغجريِّ
منمنمةً باليواقيتِ و هو يُمارسُ عشقَ النخيلِ
على شاطئِ النيلِ
تقتاته الذكرياتُ
يُداعبُ مِنديلَكِ المَرمريَّ و يمسحُ عن مقلتيهِ دموعاً
يُناجيهِ هل مرَّ طيفُ الهُيامِ هُنا اليومَ
أم راودتهُ المنافي
فأضحى شريداً كَكُلِّ البلادِ الشريدةْ .
هنا كُنتُ يا أختَ مَنفايَ أعزفُ لحنَ الرجوعِ الأخيرِ
فكسَّر جندُ الخليفةِ عودي
فحفَّظتُ لحنيَ قُبَّرةً ذاتَ يومٍ تَعَلَّمَتِ اللحنَ منكِ
و لكنَّها لم يسعها فضائي
فطارت إليكِ
و حطت برفقٍ على كتفيكِ
فهل آنَسَتكْ ؟
25/10/2008
سمر محمد
10-08-2010, 08:10 PM
بين لونٍ و لحن
تَغِيبِينَ عَنِّي ..
فَيَنهَشُنِي مِخلَبُ الوَقتِ
تَقتَاتُ نَارُ المَقَاعِدِ قَمحَ انتِظَارِي
و تَلدَغُنِي فِي يَمِينِي عَقَارِبُ سَاعَتِيَ المُشرَئِبَّةِ مِثلِي
لِوَقعِ حُضُورِكِ ،
صَوتِ الأَسَاوِرِ فِي مِعصَمَيكِ ،
و نَبضِ التَّمَنِّي .
تَغِيبِينَ عَنِّي ..
و عَينِي تُرَاقِبُ بَوَّابَةَ البَحرِ
عَلَّك تَأتِينَ فِي رَكبِ أَموَاجِهِ النَّاعِمَاتِ
يُزَيِّنُ رَأسَكِ تَاجٌ مِنَ اليَاسَمِينِ
و يَرقُصُ .. مِن فَرَحٍ .. فَوقَ صَدرِكِ
عِقدٌ مِنَ الأُقحُوَانِ
تَنَامِينَ يَا عُمرَ زَادِ القَصِيدَةِ
يَا بَحرَهَا
كَالنَّوَارِسِ مَا بَينَ هُدبِي و جَفنِي .
فَأَحمِيكِ مِن أَعيُنِ النَّاظِرِينَ
لِلَونِ الضُّحَى فِي جَبِينِكِ
لَونِ السَّنَابِلِ فِي شَعرِكِ الذَّهَبِيِّ
و لَونِ التَّمَرِّدِ
فِي ثَغرِكِ القِرمِزِيِّ
و أَحمِيكِ مِن جَمرَةِ الشَّوقِ تَحتَ ضُلُوعِي
و مِن حُمقِ عَينِي .
تَغِيبِينَ عَنِّي ..
فَأُبصِرُ أَرضِيَ غَيرَ التي رَاوَدَت
قَمَراً فِي السَّمَاءِ
عَنِ الحُسنِ فِي مُقلَتَيهَا
و أُبصِرُ شَمسِيَ غَيرَ التي أَرسَتِ النُّورَ عُمراً
عَلَى شَاطِئَيهَا
و أُبصِرُ رَوضَاتِيَ الخُضرَ قَد غَالَهَا خِنجَرُ الجَدبِ
أَدمَت مَنَاجِلُ نِسيَانِ مَوعِدِنَا
وَجنَتَيهَا
فَلا غَيثَ يَبعَثُ تِينِي
و لا نِيلَ يَروِي لَظَى يَاسَمِينِي
و مَا مِن عَنَادِلَ فَوقَ شُجَيرَاتِهَا اليَابِسَاتِ تُغَنِّي .
تَغِيبِينَ عَنِّي ..
فَيَنهَلُ صَبَّارُ صَبرِيَ مِنِّي
و تَغدُو وُرُدُ القَصِيدَةِ شَوكاً
لِتَنخَزَ عُصفُورَ شِعرِي
ويَترُكَنِي دُونَ عَينَيكِ أَرتِقُ ثَوبَ القَصِيدَةِ
أَعزِفُ وَحدِيَ أَلحَانَ حُزنِي .
تَغِيبِينَ عَنِّي ..
فَأَبحَثُ فِي دَفتَرِ الذِّكرَيَاتِ عَنِ الأَمسِ
عَن طِفلَةٍ طَالَمَا سَكَبَت فَوقَ ثَوبِيَ أَلوَانَهَا الزَّاهِيَاتِ
و فُرشَاتُهَا طَالَمَا رَاوَدَت فِي التَّخَيُّلِ وَجهِي
فَأَضفَت عَلَيهِ ابتِسَامَاتِهَا الحَانِيَاتِ
لِيُشرِقَ بَينَ أَصَابِعِهَا
بَينَ لَحنٍ و لَونِ .
تَغِيبِينَ عَنِّي ..
فَأُبصِرُنِي فِي مَرَايَا غِيابِكِ كَهلاً
تَخُطُّ عَلَى وَجنَتَيهِ يَدُ الرِّيحِ
يَوماً جَدِيداً مِنَ المِلحِ
و الجُرحِ
تَرسُمُ فِي صَفحَةِ العُمرِ خَيطاً طَوِيلاً
بِلَونِ ابيِضَاضِ العُيُونِ مِنَ الحُزنِ
يَربِطُ قَلبِي بِحَبلِ التَّمَنِّي .
تَغِيبِينَ عَنِّي ..
فَأَشعُرُ أَنِّي المُغَيَّبُ مِن لَوعَةِ الفَقدِ
مِن غَيرِ خَمرٍ و دَنِّ
أُحَدِّقُ فِي صُورَةٍ فِي يَمِينِي
أُحَدِّثُهَا فِي هُدُوءٍ
أُسَائِلُهَا أَينَ أَنتِ ؟!
فَتَصمُتُ
تَصمُتُ
تُوقِظُ طِفلَ الهَوَاجِسِ فيَّ
لِيَذبَحَنِي نَصلُ ظَنِّي .
19/9/2010م
سمر محمد
10-08-2010, 08:11 PM
آخر ما حدَّث به المغنِّي
لحظة
هِيَ لَحظَةٌ
قَد كان يعلمُ أَنَّها مَوتُ بَطِيءْ .
و لَطَالَمَا
خَافَ المُغَنَّى أَن يُدَندِنَ لَحنَهَا
أو أَنْ تَجِيءْ .
لَكِنَّهَا جَاءَت ، و أَتْبَعَهَا سُؤَالٌ
يا تُرى :
مَن كانَ .. يَا صَوتَ الرَّبَابةِ ..
مُذنِباً و مَنِ البَرِيءْ ؟
عصفورة
وَقَفَت عَلَى الأَغصَانِ تَعزِفُ لَحنَهَا العَذْبَ الطَّرُوبْ .
فَتَحَ النَّوَافِذَ كُلَّهَا
قَالَ : ادخُلِي
دَخَلَت ، فَهَيَّأ قَلبَهُ أُرجُوحَةً ،
مَكَثَت قَلِيلاً
ثُمَّ قَالَت :
آنَ لِلقَلبِ المُعَذَّبِ أَن يَغِيبْ .
أَتُرَاهُ يَسطِيعُ الحياةَ
و مُهرَةُ الأحلامِ ضَلَّت دَربَهَا
فِي مَهمَهِ العُمرِ الجَدِيبْ ؟
وصية
" و لَكِ اعتِذَارُ بَنَفسَجَاتٍ ذَابِلاتْ "
فَلتَقرَئِي :
ـ هَذِي وَصِيَّةُ مَن تَهَيَّأَ لِلرَّحِيلِ ـ
قَصَائدَ الحُزنِ النَّبِيلِ عليهِ
إِن حَانَ المَمَاتْ .
ارتطام
فِي هَدأَةِ اللَّيلِ الطَّوِيلِ
تَجَاذَبا .. بِالهَمسِ .. أَطرَافَ الحَدِيثْ .
رَقَصَت أَغَانِيهُ الشَّقِيَّةُ فَوقَ وَردَةِ ثَغرِهَا
نَامَت كَمَا طِفلٍ بَرِيءٍ
فِي حَدِيقَةِ صَدرِهَا
مَكَثَت طَوِيلاً ،
لَم تُفِقْ ،
إلا عَلَى صَوتِ اْرتِطَامِ الحُلمِ
فِي صَخرِ القَرَارِ
و لا مُغِيثْ .
سؤال
هَل ظَلَّ فِي أَزهَارِ رَوضَتِهِ أَرِيجْ ؟
أَو جَاءَ يَومٌ
ـ فِي أَجِندَتِهِ ـ
بَهِيجْ ؟
مُذ غَابَ صوتُ النَّايِ عَنهُ
و كُلُّ أُغنِيَةٍ يُرَدِّدُهَا نَشِيجْ .
صبح
مَا لَونُ وَجهِكَ يا صَبَاحْ ؟
إِنِّي أَرَاكَ اليَومَ فِي لَونِ الجِراحْ .
صراخ
صَوتُ المُغَنِّى ـ قَالَهَا الجُمهُورُ ـ شَاخْ .
و عَلَى المَقَاعِدِ كَانَ يَجلِسُ سَاخِطاً
يَتَبَادَلُ النَّظَراتِ
و الصَّيحَاتِ
و اللَّعنَاتِ
لا يَدرِي بِأَنَّ يَمَامَةً كَانَت بِحَنجَرَةِ المُغَنِّي
حِينَ طَارَت
خَلَّفَت هذا الصُّراخْ .
عطر
ذَهَبَت إِلى " البُوتِيكِ "
كي ما تَشتَري لِحَبِيبِهَا العِطرَ الفَرِيدْ .
دَخَلَت عَلَيهِ ، و بَسمَةٌ تَعلُو الشِّفاهَ
و قَلبُهَا رَاضٍ سَعِيدْ .
وَجَدَتْهُ ذِكرَى عُلِّقَت فِي صَدرِ بَيتِ الشِّعرِ
مِن حَبلِ الوَرِيدْ .
شواء
مَاذَا أَعَدَّ لَكِ المُغَنِّي اليَومَ
مِن أَكلٍ لَذِيذْ ؟
جَاءَ المُغَنِّي بِالقَصِيدَةِ ،
فَوقَهَا قَلبٌ حَنِيذْ .
جدار
نَهرَانِ مِن مَاءٍ و نَارْ .
سَارا تَضُمُّهُمَا الضِّفَافُ
و تَحتَفِي بِهِمَا القِفَارْ .
اليَومَ ...
بَينَهُمَا جِدارْ .
نشاز
عَبَرَت إِلَى أَيقُونَةِ النِّسيَانِ نَشوَى بِامتِيَازْ .
تَرَكَتهُ فِي رَوضِ التَّذَكُّرِ وَحدَهُ
لا شَيءَ يُؤنِسُهُ سِوَى ذِكرَى
و قَلبٍ نَازِفٍ
و رَبَابَةٍ
تَستَحضِرُ اللَّحنَ النَّشَازْ .
ترنيم
ـ تَرنِيمُ : هَيَّا أَغلِقِي البّابَ الكَبِيرَ
فلا أُرِيدُ سماعَ حِسّْ .
ـ اهمِسْ حَبِيبِي ،
مَا أُحَيلَى أَن تبوحَ بما تُحِسّْ .
ـ ( سَأَظَلُّ أَذكُرُ أَنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي ) :
" هَذا الذي قَالَ المُغَنِّى .. قَبلَ أَن تغتالَهُ ليلاهُ .. أَمسْ . "
قميص
هَذا القَمِيصْ
سَيَظَلُّ يَذكُرُ أَنَّ عِطرَكِ فِيهِ حِينَ لَبِسْتِهِ يَوماً
فَكَيفَ يَبِيعُهُ بِكُنُوزِ قَارُونٍ
بِرَغمِ شِرَائِهِ مِن قَبلِ مارِقَتَينِ
بِالسِّعرِ الرَّخِيصْ .
لارا
خَرَجَت إِلى الغَابَاتِ تَلهُو و الفَرَاشَ ،
جَناحُهَا وَاهٍ مَهِيضْ .
خَرَجَ المُغَنِّي بَاحِثأ فِي الغَابَةِ السَّودَاءِ عَن " لارا "
و نَادَى
ثُمَّ نَادَى
ثُمَّ نَادَى
لَم يَكُن إلا عواءَ الذِّئبِ
و الأَنوَاءَ
و الأَصدَاءَ
لِلصَّوتِ العَرِيضْ .
صاحبة البلاط
صَدَحَ المُغَنِّي لَيلَةً
فِي قَصرِ صَاحِبَةِ البَلاطْ .
كَانَت عَلَى كُرسِيِّهَا
كالشَّمسِ يَسعَى حَولَهَا الرَّهطُ الغَفِيرُ مِن الجَوَارِي ،
و البِطَانَةِ ،
و الحَوَارِيِينَ ،
تُعطِي النُّورَ ، تُعطِي الدِّفءَ ، تُرسِي العَدلَ
فِي كُلِّ الجِهَاتِ
من الخليجِ إلى الرِّباطْ .
سأل المُعَنَّى :
كَيفَ جَارَت بَعدَ عدلٍ ،
أَلهَبَت قَلبَ المُغَنِّى بِالسِّياطْ ؟
حظ
لا تَنصَحِيهِ
فَلَم يَعُدْ يُجدِيهِ .. بعدَ اليومِ .. وَعظْ .
فِي بَحرِ عَيْنَيكِ اترُكِيهِ و عُودَهُ
و لتمنحيهِ
ـ لِكي يُواصِلَ رِحلَةَ الغَرَقِ الجَمِيلةَ ـ بعضَ حَظّْ .
شموع
مَاذَا وَرَاءَكِ يَا شُمُوعْ ؟
هَل كَانَ لَيلُكِ حَالِكاً
فَجَرَت عَلَى خَدَّيكِ هَاتِيكَ الدُّمُوعْ ؟
آهة أخرى
عَزَفَ المُغَنِّى آَهَةً أُخرَى
و أَسكَنَهَا الفَرَاغْ .
فَاعجَبْ لِحُزنٍ مِنهُ أَلحَانٌ تُصَاغْ .
مخيف
يا قِصَّةَ الظِّلِّ الوَرِيفْ .
يا مُنتَهَى اللَّحنِ الشَّفِيفْ .
الكَونُ إلَّم تَمنَحِيهِ النُّورَ مِن عَينَيكِ
ـ يا لَيلَى ـ
مُخِيفْ .
شاي بالنعناع
نَظَرَت إِليهِ و دَمعُهُ يَجرِي عَلَى صَدرِ الوَرَقْ .
صَبَّت لَهُ الشَّايَ المًنَعنَعَ
ناولته شَرِيطَ أَقرَاصِ " المُنَوِّمِ "
ثُمَّ قَامَت لِلسَّرِيرِ ،
و لم يزل
يَتلُو على سَمْعِ الفجيعةِ
مَا تَيَسَّرَ مِن حكاياتِ الأَرَقْ .
مزاد
مَن يَشتَرِي عُودَ المُغَنِّي
و الرَّبَابَةَ ،
و البِيَانُو ،
و البُزُكْ .
هَلَكَ المُغَنِّي فَافتَحُوا بَابَ المَزَادِ
فَلا وَرِيثَ لِمَن هَلَكْ .
وصية أخرى
قَالَ اقرَئِي إِنْ تَذكُرِيهِ عَلَيهِ فَاتِحَةَ الكَلامْ .
و ضَعِي عَلَى قَبرِ المُغَنِّي يَاسَمِينَكِ
و السَّلامْ .
سيزيف
سِيزِيفُ يَرفُضُ أَن يُحَمَّلَ صَخرَتَينْ ؟
جُلمُودَ " زَايوسَ " ،
ثُمَّ صَخرَتَها التِّي كَتَبَت عَلَيهَا بِالعَرِيضِ:
" الآنَ بَيْنْ "
احتمال
لَيلٌ يُقَتِّلُ كُلَّ شَيءٍ فِي فَضَاءِ الحُلْمِِ
فِي كُلِّ اتِّجاهْ .
هُوَ وَحدَهُ نَاجٍ
فَقَد مَنَحَتهُ فِي الحُلمِِ الحَيَاهْ .
نوم
فِي مَرفَأِ الأَحزَانِ مَركَبُهُ سَتَرسُو .
سَيُمَدِّدُ الجَسَدَ الهَزِيلَ
و فَوقَ صَدرِ المَوجِ يَغفُو .
لا تُزعِجُوهُ
فَإِنَّهُ مِن بَعدِ رِحلَتِهِ الطويلةِ
فِي صِرَاعِ المَوتِ
يَسلُو .
آخر ما حدث به المغني
شَهَقَ المُغَنِّي شَهقَةً :
" لُعِنَ الهَوَى "
ثُمَّ ارتَمَى
فَوقَ الأَرِيكَةِ و استَوَى
سمر محمد
10-08-2010, 08:11 PM
قهوة بالنعناع
و كَأَنَّنِي ..
إذ شَقشَقَت أَطيارُ قَلبِكِ في الصَّباحِ
رَشَفتُ فِنجانِي مَعَكْ .
و جَلَستُ أَنظُرُ مِن نَوَافِذِ مُقلَتَيكِ
إلى حَديقةِ قَلبِكِ المَزرُوعِ بالنَّعناعِ
و النَّسرِينِ
يا ما أروَعَكْ .
لا تَجلِبِي " الكِيكَ " المُحَلَّى
لا تُضيفِي سُكَّراً للبُنِّ
يكفي لو يُلامِسُ .. في اْشتياقٍ .. إصبعَكْ .
فِنجانُ قهوتِنا ،
و طَاوِلَةُ " الفرَندا "،
مَقعدانِ على ضِفَافِ الحَرفِ ،
نَبضُ مَشَاعِرٍ
و عَنَادِلُ الشِّعرِ المُصَفَّى كُلُّهَا تَدعُو
لأنْ تُصغِي إليَّ ، و أَسمَعكْ .
بُوحِي بِسرِّ القَلبِ يا عُصفُورَةَ الرُّوحِ الطليقةَ
حلِّقي
في ذا الفَضَاءِ
تَأَرجَحِي
كَصَغِيرةٍ زَانَت جَدَائِلَها الشَّرَائطُ
دَاعِبِي
بِبراءَةِ الأَطفَالِ سَمْعِي
ثَرثِري إنْ شِئتِ
لا ، لن أمنَعَكْ .
فَلَقَد سَكَنتِ القَلبَ ،
يا سُبحانَ مَن .. كَالسِّرِّ .. في قَلبِ المُغَنِّي أودَعَكْ .
قُصِّي عليَّ حِكايةً تِلوَ الحِكايةِ
و افتحي دِيوانَ دَرويشَ
اقرئي " لوركا "
و " نازكَ "، و " الشَّهاويَّ "
ارجعي بي " لابنِ زيدونَ "
اعزفي ألحانَ " قَيسٍ "
إنَّ أعذبَ ما سَمَعتُ و ما قَرَأتُ من القَصائدِ
كانَ ما يُتلى مَعَكْ .
هذي صحيفةُ صَدريَ البيضاءِ مِن لألاءِ وجهكِ
فارسُمِي قلباً عليهِ حُروفُنا
و تَرَفَّقي
و تَأنَّقِي
فُرشَاتُكِ الزَّرقاءُ حِين تٌداعِبُ الأَوراقَ
تَعزفُ لَحنَ صبٍّ
صاح من أشواقَهُ :
ما أَبدَعَكْ .
إنَّ الذي جَعَلَ الجَمالَ سجيَّة في مُقلتيكِ
هو الذي زَرَعَ البَرَاءَةَ فِي رُباكِ
و بالفضيلةِ مَتَّعَكْ .
يا ربَّة النَّهرِ الذي شَقَّ الجَوانحَ
مُنذ آلافِ السنينَ
و صَبَّ في قلبِ المُغَنِّي أَريَهُ
باللهِ قولي :
أيُّ نَبعٍ في الجِنانِ غذا قديماً منبعَكْ .
و بأيِّ لونٍ كانَ للنَّسرين أن يَغترَّ
إن يوماً أَشَحتِ بوجِهِكِ القَمَريِّ عنهُ
و كانَ يَسكنُ أَضلُعَكْ .
و بأيِّ وجهٍ يَضحكُ التُّوليبُ
يبتسمُ القَرَنفلُ
إن بَكَت وَردَاتُ خَدِّكِ كلَّما ألقي الرَّحيلُ ظِلالَهُ
فوقَ المكانِ
فَلَم يُكَفكِف أَدمُعَكْ .
فنجانُ قهوتِنا يُخَيِّم فوقَهُ صَمتٌ
و رَنَّةُ هَاتِفِي المَحمُولِ تَقطَعُ ما تَبَقَّى مِن ثَوَانٍ
فَاترُكِينِي أطبعُ الحَرفَ الأخيرَ
على جَبِينِكِ
كي أَعُودَ فأقرأ الذِّكرى مَعَكْ .
سمر محمد
10-08-2010, 08:12 PM
من جذوة الشعر
مِن جَذوَةِ الشِّعرِ أجَّ الشِّعرُ مُلتَهِبا=في دَاخِلي ، يُطلِقُ البُركَانَ و الغَضَبَا
كانَ الرَّمَادَ الذي يُخفِي بِدَاخِلِهِِ=شَمسَ الحَقِيقَةِ و الأَقمَارَ و الشُّهُبا
رَبَّيتُهُ نِصفَ قَرنٍ فِيَّ ، أُطعمهُ=مِن سَلَّةِ الحرفِ تِينَ الحُبِّ و العِنَبا
َأسقِيهِ من مُهجَتِي رَاحاً ، و أُلبِسُهُ=مِمَّا أفاءَ الهَوَى أَثوَابَهُ القُشُبا
سِرّاً أُقَبِّلُهُ ، جَهراً أُدَلـِّلُهُ=عُمراً أُبَادِلُهُ الأَقلامَ و الكُتُبا
حَتَّى نَمَا عَاشِقاً رُوحَ الجَمَاِل و ما=أَضفَى الجَمَالُ على أبياتِهِ حِقَبا
يَبكِي إذا دَمِعَت عَينُ الجمالِ دَماً=يَشدُو إذا فَرِحَت دَقَّاتُهُ طَرَبا
يَرنُو بِمُقلةِ مَفتُونٍ بِفاتِنَةٍ=يُحيلُ قَشَّتَهُ مِن أَجلِهَا ذَهَبا
حَسِبتُهُ غَضَّ عَن أَحدَاثِ أُمَّتِهِ=طَرْفاً ، و عَن نُصرَةِ المُستَضعَفِينَ نَبَا
و خِلتُهُ شَاخَ أو جَفَّت مَنَابِعُهُ=فَجَاءَ يَصرُخُ : نَبعِي بَعدُ ما نَضَبَا
و كَيفَ يَنضَبُ أو تَنأى رَوَافِدُهُ=إنْ أَجدَبَ الرَّوضُ في الأَوطَانِ و استُلِبا
أو عَربَدَ الظُّلمُ في أَرجَائِهِ ، فغدا=كالنار ثائرةً إن أُلقِمَت حَطَبا
يا غَزَّةَ الخَيرِ : جِئتُ اليَومَ مُعتَذِراً=و الذَّنبُ مِن خَجَلِي قَد شَقَّنِي إِرَبَا
أَتَيتُ أَركُضُ نَحوَ البَابِ فِي شَغَفٍ=تَحتَ الجَوَانِحِ قَلبٌ مَاجَ مُضطَرِبَا
نَادَاكِ ، نَادَاكِ يا بِنتَ الكِرامِ : دَمِي=يَفدِي تُرابَكِ ، يَفدِي النَّخلَ و الهِضَبا
يا من ضَرَبتِ لنا فِي العِزِّ أَمثِلةً=و فِي الصُّمودِ بَلَغتِ الأَوجَ و السُّحُبَا
و بِالتَّصَبُّرِ نِلتِ المَجدَ عن ثِقَةٍ=حَتَّى بَلَغتِ الذُّرا فِي عِزَّةٍ و إِبَا
فلا رِجَالُكِ ما صَالَ العِدا رَكَعُوا =و لا حِصَانُكِ مَا حُمَّ القَضَاءُ كَبَا
و لا صِغَارُكِ و الأَلعَابُ بُغيَتُهُم=بَكَوْا ، و إنْ حَطَّم البَاغِي لَهُم لُعَبا
كانت حِجَارَتُهُم قَوساً و رَاجِمَةً=للهِ دَرُّ يَمِينٍ أَطلَقَت لَهَبَا
للهِ دَرُّ شَبَابٍ رُوحُهُم رَخُصَت=حَتَّى يَعِيشَ تُرَابُ الأَرضِ مُنتَصِبَا
يا غَزَّةَ الخَيرِ و الأَمجَادِ : أَرَّقَني=أَنَّا غَدَونَا غُثَاءَ السَّيلِ ، و الخَشَبا
لا مُنكِرٌ في فَلاةِ التِّيِهِ مُنتَفِضٌ = كَلاَّ ، و لا مُخلِصٌ فِي أُمَّتِي شَجَبَا
ما عَادَ بِي أَمَلٌ فِي أُمَّةٍ عَرَبٍ =باللهِ ، بِاللهِ لا تَستَصرِخِي العَرَبَا
إنِّي أتيتُكِ يا غزّاهُ مُعتَذِراً=و فِي سِجِلِّ غِيَابِي لم أَجِد سَبَبَا
فَلتَغفِري ذَنبَ مَن أَشقَتهُ قَافِيَةٌ=و لتَرفَعِي عَنهُ يا قَطرَ النَّدى عَتَبَا
سمر محمد
10-08-2010, 08:22 PM
لوعة الغُرباء
في ليلةٍ مـن باهـرِ الأضـواءِ
فاحتْ بعطرِ الروضـةِ الغنَّـاءِ
و ترنَّمَتْ فيها عصافيرُ الهـوى
تشدو بلحـنٍ رائـعِ الأصـداءِ
خَفَقَتْ لهُ كلُّ القلوبِ ، تمايَلَـتْ
من سكرةِ الألحانِ و الصهبـاءِ
لكنَّ قلبي لم يـزل فـي ذِكـرةٍ
أقصَتْهُ عن نورٍ و عن ضوضاءِ
مُتنحياً في ركنِـهِ عـن عالـمٍ
مُتغيِّـرِ الألـوانِ كالحـربـاءِ
في عزلةٍ أصبو لها كالعاشقيـنَ
و زُمـرةِ الزُهّـادِ و الشعـراءِ
قد كنتُ فيها شارداً ، و كأننـي
عادتْ بيَ السنواتُ ألـفَ وراءِ
يومَ التقينا ها هنـا ، فتسللـتْ
كفّي لتقطِـفَ نجمـةَ الإمسـاءِ
و تداعب البدرَ المنيرَ فتصطلي
بالنـارِ مثـل فراشـةٍ حمقـاءِ
أو تمسح الدمعَ الذي أَهْرَقْتِـهِ
فوقَ الخدودِ يتيهُ فـي خُيـلاءِ
في عزلتي إني هنـا محبوبتـي
لا زلتُ أشكو لوعـةَ الغُرَبـاءِ
و مخاطباً نفسي ، و ما بي جِنَّةٌ
حتّامَ تبقى حَيْرتـي و شقائـي
فتجيبني : يا صاحبي عِشْ واقعاً
لا تلتحِفْ في الليـلِ بالظلمـاءِ
اُخرجْ ، فإنَّ حياتنـا كخميلـةٍ
مرويَّـةٍ بالـمـاءِ لا بـدمـاءِ
فيهـا أزاهيـرٌ تبايـن لونُهـا
و تنوَّعَت في الحُسنِ و الأسماءِ
فيها من الأطيارِ أسرابٌ ، فمـا
نعبُ الغـرابِ كرقـةِ الورقـاءِ
يا صاحبي ، إن الحياةَ كمسرحٍ
و الـكـلُّ أدى دورَهُ بسـخـاءِ
هذا غنيٌّ ، هكـذا يبـدو بهـا
ليس الغِنى بجواهـرٍ و كساءِ
إنَّ الغِنى أن تطمئنَّ ، و ترتدي
ثوبَ العفـافِ مُرَصَّعـاً بإبـاءِ
يا صاحِ دع عنكَ الهمومَ ، فإنها
تسري كَسُـمِّ الحيّـةِ الرقطـاءِ
نحِّ التشـاؤمَ جانبـاً ، فكأنَّـهُ
في سطـوِهِ كغمامـةٍ سـوداءِ
تمضي السنونُ بحُلوِها و بمُرِّها
و بما حَوَتْ من راحةٍ و عنـاءِ
و يظـلُّ أمـرُ اللهِ فينـا نافـذاً
بالحقِّ ، لا بشريعـةِ الغوغـاءِ
فاقنع بحكـم اللهِ فـي عليائِـهِ
لا يملـكُ الإنسـانُ ردَّ قضـاءِ
سمر محمد
10-08-2010, 10:35 PM
إطلالة على العام الجديد
العيشُ في تِلـكَ الحيـاةِ مُحَيِّـرُ
و هُمُومُها في كُـلِّ يـومٍ تَكْبُـرُ
تَربُو اْلهُمُومُ تصيـرُ بُنْيانـاً علـى
صَدْرِي ، و ناراً في الفُؤادِ تَسَعَّـرُ
مَا إِنْ يفيقَ اْلعَقْلُ مِـنْ أَحْدَاثِهَـا
حَتَّى يَرَىَ أُخْرَىَ تَهِـلُّ و تَظْهَـرُ
عَـامٌ يَـرُوحُ و تَنْقَضِـي أَيّامُـهُ
و يَجِيءُ آَخَـرُ بِاْلخَفَايَـا يَزْخَـرُ
عامٌ مَضَى و اْلقَتْلُ تَرْعَـى خَيْلُـهُ
فِينَا ، و أَشَْبـاحُ المَنَايـا تَسْكَـرُ
و نَظَلُّ نَرنُـو لِلْجَدِيـدِ ، لَعلَّـهُ
يَمْحُو خَطَايَـا سَابِقِيـهِ و يَغْفِـرُ
فيخيبُ ظنُّ مُؤَمِّـلٍ ، و يَخُونُـهُ
سَعيٌ ، و كَمْ ضَلَّ الطريقَ مُفَكِّـرُ
***
عامٌ مَضَى،و جَحَافِلُ اْلتَّخْرِيبِ فِي
أَرْضِ اْلعِرَاقِ،و لَيْسَ فِيِنَا مُنْكِـرُ
جَاءَتْ كَأَسْرَابِ الجَرَادِ ، سِلاحُهَا
جُـوعٌ يُمَزِّقُهَـا و حِقـدٌ أغْبَـرُ
و يَقُودُهَا بُـوشُ اْلـذي إِرْهَابُـهُ
مَا كَانَ يَجْهَلُـهُ لَبِيـبٌ مُبْصِـرُ
حَرْبٌ لأَجْلِ صَلِيبِـهِ قَـدْ شَنَّهَـا
و لَهَا يُكَرِّسُ جُهْـدَهُ و يُسَخِّـرُ
ضَجَّتْ بِهَا اْلبَيْدَاءُ و البحرُ اْشتَكَى
و اْلتَاعَتْ اْلدُّنْيَـا و أنَّ اْلأَخْضَـرُ
حَربٌ على اْلإِرْهَابِ ، ذَاكَ شِعَارُهَا
و المُسْلِمُونَ لَهَـا وَقُـودٌ أَحْمَـرُ
بالأمسِ " جَيْحُونَ" اْستُبيحَ وَقَارُهُ
و اليومَ دَنَّسَ دِجلَـةَ اْلمُسْتَعْمِـرُ
و غَداً إِلَى اْلنِّيلِ اْلعظيـمِ مَسِيـرُهُ
يسبي الحرائِرَ في البـلادِ و يأسِـرُ
حتَّى إذا الأنهـارُ غربـاً حُوِّلَـتْ
أو غِيِضَ مَنْهَلُنَا و جَـفَّ اْلمَصْـدَرُ
قِيِلَ اْخسَئوا يا حَالِمِيـنَ بِشَرْبـةٍ
فَاْلمَـاءُ مِـنْ فَضَلاتِنَـا يَتَقَـطَّـرُ
***
أواهُ يا قدسَ اْلعُرُوبَـةِ كَـمْ بِنَـا
مِنْ حَسْرَةٍ بَيْـنَ اْلحنايـا تَنْحَـرُ
شَارُونُ دَنَّسَ حُرْمَةَ اْلأقْصَى،و لَمْ
يَأْلُ اْلجُهُودَ و رَاحَ مِنَّـا يَسْخَـرُ
فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْكَ يَا عَامَ اْلأسَـى
يُخْتَارُ مِنْ بَيْـنِ اْلدِّمَـاءِ اْلأَطْهَـرُ
عَيْنُ "الأبتْشـي" تَنْتَقِـي بِبَرَاعَـةٍ
أَهْدَافَهَا و مِـنَ الفَضَـاءِ تُفَجِّـرُ
القـردُ يَفْعَلُهَـا و يَدْعَـمُ فِعْلَـهُ
فِي بيتِـهِ المُسْـوَدِّ ذِئْـبٌ أَزْعَـرُ
و نُسَاقُ خَلْفَهُمَا لِسِلْـمٍ زَائِـفٍ
و نَقُولُ بِالسِّلْمِ (اْلسَّلِيِبُ) يُحَـرَّرُ
أوَ ما دَروْا أن الحُقُوقَ تَضِيـعُ إِنْ
أَصْحَابُهَا عَنْهَا غَفَـوْا أَوْ أَدْبَـرُوا
و بِغَيْرِ حَدِّ اْلسَّيْفِ لَيْسَ يُعِيدُهَـا
قَلْـمٌ يُوَقِّـعُ خَانِعـاً أَوْ دَفْـتَـرُ
و بـلا رُدَيْنِـيٍّ فَلَيْـسَ يَهَابُنَـا
مَنْ كانَ يَجْهَرُ بِاْلخَنَـا أَوْ يُضْمِـرُ
***
يا أَيُّهَـا اْلعَـامُ الجديـدُ تَرَفُّقـاً
بِقُلُوبِنَـا ، إنَّ اْلقُلُـوبَ تَفَـطَّـرُ
ماذا تُخَبِئُ تَحْتَ طِمْـرَيْ قَـاِدمٍ
غَيْرَ اْلأَسَى و نُيوبِ لَيْـثٍ يَـزأَرُ
خَمْسُونَ أَعْلَنَتِ اْلمَجِيءَ فَأَرْسَلَـتْ
جُنْـداً تُسَابِقُهَـا إِلـيَّ و تُنـذِرُ
و النَّفْسُ فِي غَيٍّ تَتُـوُقُ لِصَبْـوَةٍ
و لَقَدْ تُسافِرُ في الضَّلالِ و تُبحِـرُ
لَوْلا هِدَاَيَةُ خَالِـقِ الدُّنْيـا لَمَـا
كَفَّتْ ، فَفَاضَتْ بِاْلغِوَايـةِ أَنْهُـرُ
خَمْسُونَ تَرْسُمُ للضياعِ خريطـةً
فوق الوجوهِ و بالدِّمَـاءِ تُسَطِّـرُ
مَرَّتْ أَمَامَ اْلعَيْـنِ مـرَّ غَمَامَـةٍ
حَدَّقْتُ فيهـا شَاخِصـاً أَتَذَكَّـرُ
فَرَأَيْتُ ما يُدمِي اْلعُيوُنَ مِنَ اْلبُكـا
و يُذِيِبُ قَلْـبَ جلامِـدٍ فَتَفَجَّـرُ
كمَْ فِي بِـلادِ المُسْلِمِيـنَ مُشَـرَّدٍ
كَمْ دَمْعَةٍ فَـوْقَ اْلخُـدودِ تحـدَّرُ
كَمْ مِنْ أَسِيرٍ خَلْفَ جُدْرَانِ اْلأَسَى
سَجَّانُـهُ المُتَجَـبِّـرُ اْلمُسْتَكْـبِـرُ
ما ذَنْبُ طِفْلٍ فِي حَدِيقَـةِ بَيْتِـهِ
يَأْتِيِـهِ مَـوْتٌ غَـادِرٌ و مُدَبَّـرُ
ما ذَنْبُ سَيِّـدَةٍ تُهَدْهِـدُ طِفْلَهَـا
تَدْمَى لَهَا عَيْنٌ و سَـاقٌ تُكسـرُ
ماذا عليكَ و أَنْتَ تُوِقـدُ شَمْعَـةً
يا عَامُ بِاْلفَـرَجِ القَرِيِـبِ تُبَشِّـرُ
قَدْ زَادَ شَوْقِي لِلسَّـلامِ و لَهْفَتِـي
لِلْخَيْرِ فِي اْلدُّنْيـا أَعَـمُّ و أَكْبَـرُ
و خَلاصُنَا اْلإِسْلامُ يَجْمَعُ شَمْلَنَـا
فَهُوَ اْلأَمَانُ ، هُوَ اْلرَّبيـعُ المُزْهِـرُ
***
رباه :قلبي مُذْ عَرَفْتُ إلى الهُـدَى
درَْبِي ، بِذِكْرِكَ يـا إلهـي مُقْمِـرُ
سمر محمد
10-08-2010, 10:42 PM
بيضة السندباد
(النسر والحمامة)
رأيت الأمس رؤيا أرَّقتني = وألقت في الكرى شوك القتادِ
وقضّت مضجعي حتى كأني = نسيت بفعلها طعم الرقادِ
رأيت حمامةً بيضاء طارت = وفي أعقابها نسرٌ رمادي
يلاحقها إذا حلّت بسهلٍ = ويطردها إذا نزلت بوادِ
فإن حطّت بوارفةٍ ونادت = فما من مستجيبٍ للمنادي
ويحسب سامعوها أن سجعاً = ترددهُ عليهم صوت شاد
وأن دموعها العذراءَ درٌ = يزين صدر سُعدى أو سعاد
فينصرفون عنها وهْي ثكلى = ويعتذرون عن فهم المرادِ
ويحتجون أن النسر فظٌ = غليظ الطبع منزوع الفؤاد
وخلف النسر رُخٌّ أفعوانٌ = يموِّلهُ ويسخو بالعتاد
ويحمل عنه أوزاراً جساما = بأية ملتقىً أو كلِّ ناد
وينصرهُ على ظلمٍ وينسى = عقاب الله في يوم التناد
وينسى أن عمر الظلم يومٌ = ودولتهُ تؤول إلى النفاد
وأن الحق باقٍ ليس يفنى = ورايتهُ إلى يوم المعادِ
****
وشاء الله للورقاءِ نصراً = فراغت في المنام من الأعادي
وباضت بيضةً في حجم طودٍ = عظيمٍ راسخٍ صعبِ القياد
سألت مفسرَ الأحلام عنها = أجاب لعلها للسندباد
سمر محمد
10-08-2010, 10:50 PM
عَينَاكِِ
عيناكِ بحرانِ تاهت فيهما سُفُنـي=و الهُدْبُ أسطورةٌ كالحُبِّ في وَطَنِي
كلاهمـا نافـذٌ كالسهـمِ طعنـتُـهُ=ذا في الفؤادِ و ذا في سائرِ البَـدَنِِ
يا حُلْوَة َالطرْفِ ، يا وسنانةً أَبَـدَاً=ماذا فَعَلْتِ بـذاكَ الفاهـمِ الفَطِـنِ
أسهرتِهِ مثل نجمٍ تـاهَ فـي فَلَـكٍ=لا ذاق طعمَ الكرى، كلا ولا الوَسَنِ
كأنَّ سِرْبالَـهُ شـوكٌ ، ومَرقـدَهُ ُ=جَمْرٌ ، وأيامهُ فيضٌ مـن الشَّجَـنِ
عينـاكِ أغرقَتـا مُدْنـاً بأكملِهـا=فمن إذا غَرِقَـتْ مُدْنـي سينقذُنـي
و من سينقذُني مـن جَـوْرِ فاتنـةٍ=جارت فما نطقت بالحُبِّ من زَمَنِ
وكُنـتُ أقـرأهُ فـي كُـلِّ تمتمـةٍ=كَبَوْحِ عصفورةٍ للصُّبْـحِ والفَنَـنِ
وكُنتُ ألمحـهُ فـي كـلِّ ناظـرةٍ=هل خانني بَصَرِي عمداُ فأغرَقَنِـي
دقَّاتُ قلبكِ كـاد القلـبُ يسمعُهـا=قبل انطلاقتها كاللحنِ فـي أُذُنـي
كانت رسالةَََ عشقٍ أنـتِ أحرُفُهـا=وأنتِ عطرٌ زكا منهـا فأدهَشَنِـي
وأنتِ نرجسـةٌ أوراقهـا رَقَصَـتْ=على لُحُوني أنا ، في السِّرِّ والعَلَـنِ
ماذا تغيَّـرَ فيـكِ الآنَ يـا امـرأةً=أَغَرَّكِ الحُسْـنُ أم إطـراءُ مُفْتَتَـنِ
أم ظن ثغرُكِ .. يا لميا .. صبابتنا=ترمي عزائِمَنا بالضعـفِ والوَهَـنِ
إن كان غرَّكِ في العينينِ صفوهُما=أو أنني فيهما قد أَبْحَـرَتْ سُفُنِـي
فالبحرُ من غيرِ رسَّـامٍ يُصَـوِّرُهُ=غدا كقبرٍ ، وموجُ البحـرِ كالكَفَـنِ
والدرُّ .. في قبضةٍ ليست تُقَدِّرُهُ =حجارة ٌ في الثَّرى بِيعَتْ بلا ثَمَـنِ
سمر محمد
10-08-2010, 10:54 PM
يا والدي
حينما أقبلَ الشتاء ببرده الشديد و وحشة ليله الطويل
كتبت لوالدي هذه الرسالة
يا والدي ، إني هنا يا والدي=لا زلتُ أقبعُ في جوارِ الموقِدِ
بردُ الشتاءِ أصابني ، خبَّاْتُهُ=تحتَ الثيابِ ، دفنتُهُ في مرْقدي
لا زلتُ أجلسُ و السكونُ يلُفُّني=و الحزنُ يأكلُ في وعائي من يدي
لا زال في جيْبي خطابٌ مُفْعَمٌ=بالشوْقِ منكَ ، و لهفةٌ لم تَبْرُدِ
لا زالتِ الأوراقُ حيرى تكتوي=و يراعتي في غُربتي لم تصمدِ
تشكو إليكَ وحبرها من أدمعي=بطشَ الذئابِ و قَسْوَةَ الزمنِ الرَّدِي
الليلُ يزحفُ نحوَ بابيَ شاهراً=سيفَ الظلامِ ، و قد تَرَبَّصَ بالغَدِ
و الرِّيحُ تعوي خلفَ شُبّاكِ الأسى=هلْ أدْرَكَتْ أني أعيشُ بمفردي ؟
هل أدرَكَتْ أنَّ الرفاقَ تحمَّلوا=قبلَ المغيبِ ، و ليس لي من مُنْجِدِ ؟
أم خافت الريحُ العقيمُ فأقبَلَتْ=نحوي لتلتمسَ الأمانَ و تهتدي ؟
أَتَضَوَّرَتْ جوعاً كنصفِ الأرضِ،أمْ=خارتْ من الحربِ التي لم تُخمدِ ؟
أم أنها جاءت بأسمالٍ لها=تُبدي الأسى من دونِ سابِقِ موْعِدِ ؟
يا والدي ، جاءَ الشتاءُ فيا تُرى=كم من فقيرٍ في الشقاءِ السرمدي ؟
كم من أسيرٍ خلفَ أسوار الردى=أكلَ الخَشاشَ ، و سفَّ رملَ الفدفَدِ ؟
كم من بتولٍ قد أُبِيحَ وقارُها=من ظالمٍ متجبِّرٍ مُتَمَرِّد ؟
كم من غنيٍّ موسِرٍ و مُرَفَّهٍ=أعطى بإخلاصٍ و لم يتردَّدِ !؟
لمّا رأيتُ الليلَ خارجَ غرفتي=مُتَوَشِّحاً ثوبَ الظلام ِالأسوَدِ
و رجعتُ بالعينينِ ألمحُ سِحرَها=و الضوءُ يكسوها، و دفءُ الموقدِ
و الخيرُ ، كلُّ الخيرِ في أرجائها=في حُسْنِها المُتَأَلِّقِ المُتجدِّدِ
أيقنتُ كم حجم النعيمِ أعيشُهُ=و بأنني في السوءِ إن لم أحمَدِ
فَرَفعْتُ كفِّي بالضَّراعَةِ شاكراً=للهِ ، لم أفتُر و لم أتَبَلَّدِ
و دعَوتُ ربي أن يعُمَّ رخاؤُهُ=من كان يتَّبِعُ الرسولَ و يقتدي
و ذكرتُ نبرةَ صوتِكَ الحُلو الذي=جابَ المكانَ كنسمَةِ الصُّبحِ النَّدِي
فرأيتُ كيفَ الصُّبحُ يُسفِرُ ضاحِكاً=من وجهِكَ الغَضِّ الجميلِ الأملَدِ
و سمعتُ شدوَ الطيرِ في همساتِهِ=يحنو على القلبِ العليلِ المُسهَدِ
ألقيتُ حزني في الفضا،أحرقتُهُ=في النَّارِ ، دونَ تكاسُلٍ و تردُّدِ
و حمدتُ ربَّ الكونِ في عليائِهِ=أن كنتَ لي نوراً كنورِ الفرقدِ
سمر محمد
10-08-2010, 10:56 PM
أنشودة الحب والأمل
صُبحٌ وضئْ
زمنٌ يروحُ ولا يجئْ
أَسرِج حِصانكَ واستعدَّ للحظةِ الأملِ الفريدةْ
يا قلَّما تلقي الشموسَ وقد كساها الفجرُ
أثواباً جديدةْ .
هيَ لحظةُ الميلادِ ، فاقنِصها
ولا تُلقِ العنانَ لدمعةٍ سوداءْ
حلِّق بشِعرِكَ
خلفَ حدِّ الإنهزامِ و قُل سأبدأ من هنا
ومن الرؤى
سأقضُّ نومَ البحرِ ،
لن أدعَ المياهَ تحاصرُ الشطآنْ .
ولسوف أُخمدُ ثورةَ الريحِ التي عاثت فساداً
في الزمانِ وفي المكانْ .
يا أيها البدرُ الذي لامستَ آفاقَ السماءْ
لا لن تكونَ ـ بُعيدَ هذا اليومِ ـ
مُنفرداً بنجماتِ الفضاءْ
فابدأ ترانيمَ الوداعِ
وقل لهنَّ الآنَ قد حُمَّ القضاءْ
بدرٌ سيولدُ في الرمادْ
و سيستقلُّ سفينةَ الصبحِ
المُسربلِ بالورودْ
وسيلبسُ التاج الذي صَنَعَتهُ من أحلامهِنَّ البيضِ
نجماتُ البلادْ
يا بحرُ قِف خلفَ الشواطئِ
وانتظر
واقرأ كتابَ الفجرِ
قد حملتهُ كفُّ الريحِ
في وضحِ النهارْ
وسَقَتهُ أزهارُ الرياضِ أريجَها
قف وانتظر
أوَ ما رأيتَ الخيلَ تعدو ،
والصهيلْ
والصبحُ يركبُ صهوةَ الأملِ الجميلْ
وكأنَّهُ مَلَكٌ
يُتوِّجُ بالضيا هامَ النخيلْ
وكأنهُ ،
وقد استعادَ فُتُوّةَ الزمنِ الذي أضحى حكاياتٍ
تُقصُّ علي الصغارْ
يُلقي بليلٍ قد تربَّص بالحقولِ وبالمدارْ
في قاعِ بئرٍ
لم تصلهُ الجانُ في الزمنِ البوارْ
ما عُدتُ أُبصِرُ
في عيونِ النخلِ آياتِ الشحوبْ
كلا ولم اسمع لرملِكَ ـ يا عتيَّ الموجِ ـ
أصداءَ النحيبْ
هيَ لحظةُ الميلادِ فاحزم ما تبقَّى
من حقائِبَ للسفرْ
لا تنتظر
لم يبقَ ما ألقيه في أُذنيكَ
فانعم بالفرارِ أو انحسر.
أمواجكَ الزرقاء خُذها
لا تدع سفناً ولا جُثثاً
ولا قشّاً بِهِ تتعلقُ الذكرى
أو الليلُ الطويلْ
خُذ ما تبقّى من عويلْ
وارحل إلى الجُزُرِ البعيدةْ
ما عادَ يتَّسِعُ المكانُ لشاطئينِ ، ونجمتينِ
ولا لأوهامٍ جديدةْ
خُذ ما تبقّى من حكاياتٍ عتيقةْ
فلقد وُلدتُ الآنَ من رحمِ الحقيقهْ
وفراشتي الحمقاءَ .. من ضوئي المديدِ .. طردتها
و نفضتُ عن كفِّي غبارَ القهرِ
والصحراءَ
والمُدْن البليدةْ .
ولسوف أخرجُ من محاراتِ التوجُّسِ
و الهزيمةِ والبداياتِ الشريدةْ
لأعيشَ حراً هائماً
.. كالنسرِ ..
في جو القصيدة .
سمر محمد
10-08-2010, 11:00 PM
حتى أنت أيها البابا
إني عَذَرتُ اليومَ فيكَ لَساني=و وَهَبتُ كي أقتصَّ منك بياني
و مَنَحتُ شِعري(كُلَّ شِعري) من دمي=ناراً تثورُ عليكَ كالبركانِ
فإذا عصاني أو نأى بِعَرُوضِهِ=أحرقتُهُ و بَرِئتُ من هَذَيانِي
ما طائلُ الشِّعرِ الذي نزهو بِهِ=إِن لم يكن ردعاً لكلِّ جبانِ
و لِمَ القوافي أُسِّسَتْ إن لم تَذُد=عمَّن سرى في هديهِ الثقلانِ
يا أيها " البابا " و لستَ بوالدٍ=إلا لمثلِكَ عابدي الصُّلبانِ
أجرمتَ حينَ رميتَ بُردةَ أحمدٍ=برذاذِ مُجترئٍ على الطوفانِ
ما عكَّرت بحرَ النبوةِ قطرةٌ=من حِبرِ حَبرٍ أسودِ الأضغانِ
ما زالت النارُ التي في داخلي=من فَعلَةِ "الدنْمركِ" في غليانِ
و أتيتَ أنتَ لكي تُزيدَ أُوَارَها=بقبيحِ قولٍ مارقٍ شيطاني
فَأَبَنتَ ما في قلبِ كلِّ مُخَنَّثٍ=منكم تجاهَ نبيِّنا العدناني
قُل ما تشاءُ عن البريَّةِ كُلِّها= إلا محمدَ يا أبَ "الفتِكانِ"
إلا رسولَ اللهِ فاحذر ، إنَّهُ=مُتربِّعٌ في العقلِ و الوجدانِ
و إذا شَقَقتَ عن الصدورِ وجدتَهُ=في كلِّ قلبٍ راسخَ البنيانِ
و إذا نظرتَ إلى العيونِ رأيتَهُ=غمرَ العيونَ بفيضِهِ النوراني
نفديِهِ بالأرواحِ ، فهو حبيبنا=و شفيعُ يومِ العرضِ و الميزانِ
حمل الأمانة هادياً و مُبشِّراً= بالسُّنَّةِ الغرَّاء و القرآنِ
و على يديهِ تأدَّبت أحلامُنا= لمّا كسانا حُلَّةَ الإيمانِ
أتلومنا في حُبِّهِ و هو الذي =للخيرِ كان المخلصَ المتفاني
و لكل مكرمةٍ سعى متلطفاً=كي ما يحققُ عِزَّةَ الإنسانِ
بالحُبِّ لا بالسيفِ ينشرُ دعوةَ ال=باري و يحطِمُ شوكةَ الطُّغيانِ
بالحُبِّ ليس بغيرِهِ جمع الأُلى=و التابعينَ بكلِّ كلِّ زمانِ
فاحفظ لسانَكَ أيها "البابا" فما=كنا لنصمتَ عن رُغاءِ جبانِ
ستثورُ أُمتُنا لأجلِ نبيِّها=شرقاً و غرباً ثورةَ البركانِ
سمر محمد
10-08-2010, 11:01 PM
فجرٌ يولد
( مهداة إلي روح الشهيدة آيات الأخرس )
خرجت كالشذى
من زهورِ حديقتها
أشرقت كالصباحاتِ
وانسربت في المدى
وسرت كالنسائمِ
حين تداعب وجه الندى
لم يكن غيرُ طيرِ الصباحِ ـ
صديقاً لها
لم يكن غيرُ رجعِ الصدى
لم يكن حينما انطلقت للخلودِ
سوى بضعِ ( آياتِ ) ذكرٍ حكيمٍ ترددها
وحكايةِ أرض ٍ تراودها
ويقينٍ بموتٍ يُخلِّدُها سرمدا
لم يكن غيرُ نور الهُدى
ودَّعت أمسها
قبَّلت أُمها
داعبت وطناً غرَّدا
مسحت فوق شعرِ البلادِ
وقامت تُميت الردى
تُعلنُ الموْلدا
سمر محمد
10-08-2010, 11:03 PM
كيف أشدو ؟
"بكائية على إبواب مدينتي"
كيف أشدو؟
وموجُ التذكرِ عاتٍ
ولحنُ الصِّبا في فؤادي حزينْ
ثمَّ هل يُسعف اللحنُ طيراً
جناحاهُ في مُدُنِ القيظِ
( تلك التي لم يزرْها الهواءُ )
والقلبُ في واحة الياسمين
هل سيمنحني البحرُ قوتَهُ
وأنا أمتطي حُلُماً واهياً
وحِصاناً من القشِّ
قد ضعضعتهُ رياحُ الحنينْ
لم يعد من سنا الوجهِ
غيرُ تجاعيدِ دهرٍ عنيدٍ
وآثارِ عشرٍ عِجافٍ مضتْ
بعد أن نخرت ـ مثلما السوسِ ـ
قمحَ السنينْ
أيها النهرُ يا صاحبي:
قد أتيتكَ معتذراً
أطلب الصفحَ
فاجعل ضفافَكَ لي واحةً
بعد أن هدَّني مِرفأٌ وسفينْ
جئتُ أطلبُ صفحَ النخيلِ
وألثمُ طميَ الضفافِ
وأروي صدى العمرِ يا واحةَ المتعبينْ
جئتُ والشوقُ يحدوَني
للقاءٍ
رسمْتُ معالمَهُ
بخيالٍ غنيٍّ..وقلبٍ أمينْ
جئتُ أبحثُ عن وجهِ أمي
وكم كنتُ أرجو لو انتفضَتْ
كي تعنفَني
حينما ضاع مني الصِّبا
والهوى
والخدينْ
جئتُ ألبسُ ثوبَ أبي
وأشمُ عبيراً
شذاهُ بأردانِهِ
وأمزقُ سِفرَ النوى
عند بابِ العرينْ
جئتُ يا وطني
للحبيبةِ
للأمسِ إذ راودَ الصبحَ عن لونِهِ
جئتُ للطفلِ في داخلي
لبساتينِ كرْمٍ وتينْ
فمشيتُ بكلِّ الدروبِ
لمستُ شِغافَ القلوبِ
بحثتُ هنا وهنا
كلُّ شيءٍ مضى لم يكن ممكنا
كلُّ شيءٍ لريحِ التغيّرِ كان انحنى
وبقيتُ أنا
سابحاً في خضمِّ الأسى والعنا
باحثاً عن أنا
في قرارٍ مكينْ
سمر محمد
10-08-2010, 11:55 PM
يوماً ستندملُ الجراح
لا لَنْ تَهُونَ كرامتـي = ورُجولتي وشهامَتـي
حتّـى وإن دكَّ العِـدا = بيتـي بـذي الدبابـةِ
أو أفزعوا طفلي فلـم = يهنـأْ بطعـمِ الراحـةِ
فلقد عقدتُ العـزمَ أن = أمضي بمحضِ إرادتي
لأحررَ الأقصـى ، وذا = واللهِ أقصـى غايتـي
فلئن أعِـش، فبعـزةٍ = بين الـورى وكرامـةِ
ولئن قُبِضْتُ لخالقـي = فسيحملُ اْبني رايتـي
***
يا عصبةَ البغي ارجعي = عن قُدسنا وَتَورَّعـي
فالنارُ فـي أحشائِنـا = والنارُ بيـن الأضلُـعِ
تَكْوي فلولَ الشـرِّ إنْ = عاثَتْ بتلـكَ الأَرْبُـعِ
حقـي تـلألأَ زاهياً = مثـلَ النجـومِ اللُمَّـعِ
أَفَتُنْكِرِيـهِ وَلَــمْ أَزَلْ = مُستيقظاً لـم أَهْجَـعِ
أناْ مسلمٌ ، دينُ الهدى = ديني وحقِّـي مِدفعـي
سأذود عـن راياتـه = عُمري وأصحابي معي
***
يـا أُمَّتـي لا تركنـي = لليأسِ أو تستسلمـي
فلسوف تُشرق شَمْسُنَا = من جوفِ ليـلٍ مُعتـمِ
ولسوفَ تبتسم الدُّنـا = فلتفرحـي ولتبسُمِـي
و جراحُنا حتـى وإنْ = نَزَفَتْ كَبُرْكَـانِ الـدَّمِ
لابُـدَّ مـن يـومٍ بـهِ = تَشفَى بأمـرِ المُنْعِـمِ
عُودي لآياتِ الكتـابِ .. = ونهـجِ خيـرِ مُعَلِّـمِ
و لتسلكي دَربَ الهُدَى = صَوْبَ العُلا و الأنْجُـمِ
سمر محمد
10-08-2010, 11:57 PM
فتجملي بالصبر يا بغداد
سَقَطَ القِناعُ ، و بَانَت الأحقادُ=فتجمَّلي بالصبرِ يا بغدادُ
لا يرهبنَّكِ إن رأيتِ جحافلاً=بالغدرِ والحقدِ الدفينِ تُقادُ
جاءت لتزدردَ الفراتَ ، و ما دَرَت=أنَّ الفرات لغاصبيهِ عتادُ
و نخيلُ دجلةَ شامخٌ ، لا ينحني=للمعتدينَ ، كأنّهُ أوتادُ
و ثراكِ - لو علم الغزاةُ - جواهرٌ =لكنّهُ لو دنَّسوهُ قتادُ
سَقَطَ القناعُ ، فبانَ وجهٌ أسودٌ=يغشاهُ من قلبِ الصليبِ سوادُ
طاغوتُ هذا العصرِ جنَّ جنونُهُ=فقد الصوابَ ، وغابَ عنهُ رشادُ
قد ظنَّ لمَّا ألَّهُوهُ بأنهُ=فِرعونُ في أُمَمٍ خَلَت ، أو عادُ
ما دارَ في خَلَدِ الغريرِ وجندِهِ=أنَّ الجبالَ الشُّمَّ لا تنقادُ
فأتاكِ يحسبُ أنهُ في نزهةٍ=تُلقى عليهِ زنابقٌ و وِرادُ
أو أنهُ كالفاتِحِ المغوارِ ، قد=فُتِحَت بنظرةِ مقلتيهِ بلادُ
لا تتركيهِ يعودُ حيّاً سالماً=بل مزقيهِ ، فداؤكِ الأولادُ
صُبِّي جحيم الغيظِ في أحشائِهِ=كي تُطفئي ناراً بِهِ تزدادُ
بغدادُ نُوبِي عن شعوبٍ قد أَبَت=ذُلاً بأعناقِ الرجالِ يُرادُ
سقط القِناعُ ، تَكَشَّفَت سَوءَاتُنا=فجميعُنا لو تعلمينَ جمادُ
متفرجونَ ، فلا نُحرِّكُ ساكناً=وعراقنا بيد الطغاة يُبادُ
أين العروبةُ ، أين غَيرةُ مسلمٍ=أين الأُلى ، و العزُّ ، والأمجادُ
أين الجيادُ ، و قد عَلَتْ صهواتِها=فرسانُ ، ذلّت عندها الأجيادُ
بعناكِ بالصمت الذي بعنا به= قدسَ العروبةِ ، فاشترى الأوغادُ
من كلِّ صَوبٍ ينسلونَ ، كأنهم=إذ جيَّشوا تلك الجيوشَ جرادُ
فُتِحَ المزادُ ، فأقبلوا ، فتحالفوا=فتقاسموا ، فتكشَّفَت أحقادُ
زعموا بأنكِ تسقطينَ فينقضي=في لحظةٍ ما خططوا ، و أرادوا
و بأن موتَكِ موشِكٌ و مُحَقَّقٌ=فَرِحَ اليهودُ وغَرَّد الموسادُ
كذبوا ، فإني ما رأيتكِ صلدةً=و أبيَّةً كاليومِ يا بغدادُ
كلا ولم أُبصر بطولاتٍ كما=أبصرتُ يومَ تكالبَ الأضدادُ
و كأنَّ نخلَ الرَّافِدَينِ .. و قد سما ..=ليطالَ آفاق السما أطوادُ
وحصاكِ في أيدِ الصغارِ مدافعٌ=يهوي بِهِ طيرانُهُم ويُصادُ
و ترابُكِ الغالي يُفجر نفسَهُ=في وجهِ من جاروا عليكِ ، و حادوا
صبراً حبيبتنا ، فهذي محنةٌ=من هولِها تتفطرُ الأكبادُ
لا تيأسي ، فالضيقُ يأتي بعدهُ=فَرَجٌ ، وبعد الإبتدارِ حصادُ
ولَرُبَّ بائقةٍ يُظَنُّ بُعيدها=موتٌ ، فيأتي بعدها ميلادُ
سمر محمد
10-09-2010, 12:00 AM
في ذكرى ملحمة العبور
( النصر * السلام * التنمية )
خيول النصر عادت من جديدِ =تصولُ ، تجولُ في الأفقِ البعيدِ
أتت بالعزِّ في سيْناءَ تزهو=كنور الشمسِ أشرقَ في الوجودِ
سنابكها مخضّبةٌ ، و تعدو=تثير النقعَ في الأرض الكديدِ
يزينُ متونها السممرُ الغوالي=حُماة النيل أفلاذ الكبودِ
رفاق السيفِ ، صنّاع التحدّي=بُناة المجد بالكفِّ الحديدِ
إذا الهيجا دعت ، لبّوْا سراعاً=أتينا طائعينَ إلى الخلودِ
***
و كان الصبرُ ملحمةَ التصدِّي=و الاْستنزافُ مفخرة الصمود
و رُبَّ رصاصةٍ كانت تُدوِّي=تذكّر يا رفيقي بالوجود
أعِدْ بالله نغْمتها علينا=أعد باللهِ عهد " ابن الوليدِ
و ردَّدْ بالرصاصِ لحونَ فخرٍ=و سطِّرْ بالدما بيت القصيدِ
فإنّا من ورائك ما بخلنا=ببذلِ طريفِ مالٍ أو تليدِ
دعوْنا ربنا في كلِّ حينٍ=و جُدنا في الركوعِ و في السجودِ
فيا ربَّ الورى حقق رجانا =و ثبِّت في الوغى و على الحدودِ
***
و عطَّّرَت الزمان طيوبُ يومٍ=من الأيامِ مشهودِ مجيد
كأنّ مقاتلي أُحدٍ و بدرٍ=ملائكةٌ تلوِّح من بعيدِِ
فباليُمنى تشدّ على الأيادي=و باليُسرى تكلّلُ بالورودِ
و تسقي الجُندَ في صحراءِ سينا=و في الدلتا و في أقصى الصعيدِ
***
و كان " الصفرُ " بعد الظهرِ جمراً=إذ الطيرانُ زمجرَ كالرعودِ
فذوّبَ خطَّ بارليف المُسمّى=بخطِّ الردعِ ، ذوَّب كالجليدِ
و شُيِّدت المعابرُ شامخاتٍ=على الأحزانِ محكمةَ المشيدِ
بناها القومُ لا يخشوْن موتاً=و هل يرتاع ذو قلبٍ شديدِ
سعى للخلدِ في جنات عدْنٍ=فحاز النصر بالخطوِ الوئيدِ
و من سهِرَت لهُ في اللهِ عينٌ=جزاهُ اللهُ جنات الخلودِ
فيا مصر اهنأي دوماً و قرّي=فإن عبورَكِ الميمونِ عيدي
يمرُّ العمرُ عاماً بعد عام=و ذكراه الحبيبةُ في وريدي
هي النغم الجميل بهِ تغنَّتْ=طيور الحُبِّ ، تجهرُ بالنشيدِ
سمر محمد
10-09-2010, 12:04 AM
أُحمِّلك السلام
أُحَمِّلُكَ السلامَ ، فكُنْ سفيري=إلى الوطن المخلَّدِ في ضميري
إلى مصر الحبيبةِ و السواقي=بوادي النيلِ ، و الرملِ الطهورِ
و أخلعُ فوقَ رأسِكَ من ودادي=فَوَزِّع دون بخلٍ أو قصورِ
و قبِّل أهلَنا في أرضِ سينا=و في أسوانَ و الثغرِ الجسورِ
و قاهرةِ المُعِزِّ ، و كلِّ شبرٍ=بكفر الشيْخِ ساكنة الشعورِ
تركتُ طفولتي فيها ، و إني=أتوقُ لصدرها الدافي الوثيرِ
و يأخذني حنيني و اشتياقي=لنرجِسِها و رائحةِ البخورِ
و ترنو مقلتيَّ إلى سماها=فأُبصرُ في الفضا هالاتِ نورِ
يضيئُ جمالُها ظُلماتِ دربي=إذا ما القلبُ أخفقَ في المسيرِ
و أسدَلَتْ الدروبُ ستارَ شجوٍ=على الأحلامِ في الليلِ العسير
فيا من للحبيبةِ سوف تمضي=حثيثاً عُدْ ببعضٍ من عبيرِ
فإني دون أحبابي غريبٌ=و حين أعود في خيرٍ كثيرِ
سمر محمد
10-09-2010, 12:05 AM
إلى عَالمٍ لَيسَ فِيهِ سِوَانَا
سَنَمضِي بَعِيداً
إلى عَالمٍ لَيسَ فِيهِ سِوَانَا
و مَا لِيَ غَيرُ شَوَاطِئِ عَينَيْكِ أِرسُو عَلَيهَا
و أُبحِرُ منها.. إذا أَنكَرَتني المَرَافئُ .. صَوْبكِ
صَوبَ البِلادِ التي قُوتُها العِشقُ ،
أَنهَارُهَا مِن حَلِيبِ الأماني.
حَدَائِقُها ،عُشبُهَا ، بَحرُهَا ،
زَقزَقَاتُ العَصَافِيرِ، رَجعُ الأغاني .
سَنَمضِي إِلى حَيثُ لا وَقتَ يَسلبُنَا بَهجَةَ العمرِ ،
خُبزَ السَّعَادةِ ، نَارَ الخُصُوبةِ ،
ماءَ المَعَانِي .
كأن الزمانَ بلا ساعةٍ تضبط الوقتَ ..
تسرقُ منا اللقاءَ الجميلْ .
إذا أَعلَنَتْ مَوعِداً للرحِيلِ الثواني .
سَنَمضِي إذاً للزمانِ البعيدِ ،
المكانِ البعيدِ ،
فَنَعبُرُ كُلَّ محيطاتِ أحزاننا
حيث لا يَعرِفُ الناسُ عَنَّا
و لا يَقرَبُ الدمعُ مِنَّا
و لا يَقتُلُ الحُلمَ ذو صَولَجَانِ .
هناك سنفتحُ للحبِّ مليونَ بابٍ ..
و مِن ثَمَّ نُغلقُ كُلَّ المَوَانِي
سمر محمد
10-09-2010, 12:07 AM
القنديل
ليل المريضِ إذا علمتَ طويـلُ
و نهـارُهُ كالراسيـاتِ ثقـيـلُ
و كلاهما لا فرقَ بينهما سـوى
ذا حالـكٌ جـداً ، و ذاك قليـلُ
يا أيها الساري بجسمي إننـي
مما دهاني مـن هـواهُ عليـلُ
و الجسم واهٍ من عذابات الهوى
مُتَضعضعٌ من هولِـهِ مهـزولُ
رَشَقَتْ عيونُ الرئمِ فيهِ سهامَها
و الرئمُ في شرعِ الجمالِ جميلُ
فلئن أَغَرْتَ عليَّ بعـد سهامِـهِ
فلقـد تـدكُّ جحافلـي فأميـلُ
و لئن تركتَ الغزوَ إنِّـي ميِّـتٌ
من دونِ غزوٍ بالهوى مقتـولُ
فارفقْ بقلبي رحمةً بِي ، إننـي
رغم الجوى في غربتي قنديـلُ
سمر محمد
10-09-2010, 12:10 AM
غرقت قلوعي في بحار هواكِ
نبضاتُ قلبي لا ترومُ سواكِ= ثارت عليَّ ، فصرتُ في مرماكِ
مُذ صوَّبَتْ عيناكِ سهماً نافذا= للقلبِ ، صار القلبُ من قتلاكِ
لم أدرِ إلا و الشِّباكُ تحوطني=و العينُ تأسرُ خافقي و شِباكي
و أنا الذي في الصيدِ كانت صولتي =غَرِقَتْ قلوعي في بحارِ هواكِ
لو كنتُ أعلمُ أنَّ حبَّكِ قاتلي = و بأنني سأكونُ من غرقاكِ
كنتُ اتخذتُ وسائلي محبوبتي = و تَحَصَّنَتْ نفسي لكي ألقاكِ
لكنَّ عينيكِ استباحت مهجتي= فسحرتني في لحظةٍ ببهاكِ
أدركتُ أني رغم كل تجاربي = لا زلتُ نجماً خافتاً بسماكِ
سمر محمد
10-09-2010, 12:12 AM
أفراح الجنوب
هـذا صـبـاحٌ كـلُّـهُ تغـريـدُ=و كأنَّ ثـوبَ الصادحـاتِ جديـدُ
وكأنَّ وجهَ الأرضِ أشـرقَ باسمـاً=بعـد الدمـوعِ ، وأدبـر التنهيـدُ
مالـي أرى الوديـانَ زادَ بهاؤهـا=فالأَرْزُ يشدو ، و الغصـونُ تميـدُ
و الزهرُ فـي زِيٍّ قشيـبٍ ناضِـرٍ=و التـلُّ زاهٍ ، و الغديـرُ سعـيـدُ
و تلألأت بيـروتُ فـي أنوارهـا=و تطوَّقـت بالنرجسـاتِ الجِـيـدُ
هذا ، وقد كسر الجنـوبُ إسـارَهُ=من بعدِ مـا غَلَّـت يديـهِ قيـودُ
و تبدَّلـت أحزانُـهُ فـي لحـظـةٍ=فرحـاً يعُـمُّ ربوعَـهُ ، و يزيـدُ
ماذا اختلاف اليومِ عن أمسٍ مضى=هل جاء بعـد الإنتظـار العيـدُ ؟
فتكلَّلـت بالفخـرِ آسـادُ الشـرى=و ترنَّمَـت بالإنتـصـارِ الغـيـدُ
و تزيَّنت شمسُ الضحاءِ ، فأوشَكَت=أن تأسِـرَ الألبـابَ وهْـيَ بعيـدُ
يا لافتخاري و انبـلاجُ مشاعـري=رحـل العـدوُّ الغاصـبُ العربيـدُ
ولّى فـراراً فـي ظـلامٍ دامـسٍ=و الخِـزْيُ فـي أدبـارِهِ معقـودُ
اللهُ أكـبـر زلـزلـت أركـانَـهُ=الله أكـبـرُ مـدفـعٌ و نـشـيـدُ
اللهُ اكـبـرُ ردَّدَتْ أصـداءَهــا=أرضُ العروبةِ ، و السما و البيـدُ
اللهُ أكـبـرُ تسـتـردُّ مكانَـهـا=في كـلِّ قلـبٍ مؤمـنٍ و تسـوُدُ
شتَّان بين اليومِ و الأمـس الـذي=قـد كـانَ ، إنَّ المُنقضـي لبليـدُ
رحـلَ اللئيـمُ بخيْلِـهِ و بِرَجْلِـهِ=شُلَّتْ خُطاهُ اليـومَ ، فهْـو قعيـدُ
يبنـي حزامـاً آمنـاً و مكهربـاً=فوق الثرى مـن خوفِـهِ و يشيـدُ
و اللهِ إن شيَّـدْتَ صرحـاً سامِقـاً=و مُلَغَّماً ، بالحـقِّ سـوف يبيـدُ
هذي بداياتُ الطريقِ إلـى الـذي=أحرقتَـهُ يـا أيـهـا الرِّعـديـدُ
لبنانُ ، جئـتُ مهنِّئـاً و مُبارِكـاً=من مصرَ ، يحدوني إليـكَ قصيـدُ
و مُبشِّـراً قـدسَ العروبـةِ أنَّـهُ=عمّا قريـبٍ يـا "سليـبُ" تعـودُ
سمر محمد
10-09-2010, 12:13 AM
الشاعر يرثي نفسه
( هو العمر )
هو العمرُ ساعاتٌ تَمُرُّ ، و لا ندري=أَيُختَمُ بالخيراتِ عُمرٌ أمِ الشَّرِّ
فلا يفرحَنْ لاهٍ و يغتَرُّ ماجِنٌ=فما بعد قَصْرٍ في الحياةِ سوى القبرِ
و لا يَحسَبَنْ مُستهتِرٌ أنَّ رَبَّهُ=نَسِيٌّ ، مَعاذَ اللهِ ، بلْ صَاحبُ الأمرِ
إذا قالَ كُنْ للشيءِ في أي لحظةٍ=يَكُنْ نافِذاً أمرُ القديرِ على الفَوْرِ
تَفَكَّرتُ في شيْبٍ غزاني ، و لمْ أَزَلْ=صغيراً على شيْبٍ تناثَرَ كالدُّرِّ
فقلتُ: جنودُ اللهِ تُنذِرُ غافلاً=بزحفٍ توالى كلَّ يومٍ على الشَّعرِ
فهل يستفيقُ القلبُ من بعدِ غفوةٍ=أمِ استعذَبَتْ دَقَّاتُهُ رِبقَةَ الأسرِ ؟
و هل آنَ لليلِ الذي طالَ مُكثُهُ=رحيلٌ ، فما أقسى الحياةَ بلا فجرِ
نَظَرتُ إلى خمسينَ ولّتْ ، رأيتُها=كتاباً ، حَوَت صفْحاتُهُ رحلةَ العمرِ
قرأتُ الذي بين السطورِ ، وجدتني=(و خمسينَ مَرَّت) نقطةً آخرَ السطرِ
بقايا اْمرئٍ قد ضَعضَعتْهُ يدُ الهوى=و غَالتْ أمانيهِ العِذابَ يدُ الدَّهرِ
و يا طالما الإبحارُ أغرى سفينَهُ=فما نالَ من بحرٍ سوى قبضةِ الصِّفرِ
و كم لامَسَتْ أقدامُهُ أرضَ فتنةٍ=و أغرتهُ غِيدٌ ، كُنَّ في نَضرةِ البدرِ
و كم ضاقت الدنيا عليهِ ، فلم يكن=..إذا اشتدت البلوى.. سوى جلمدٍ صخرِ
صَبورٍ على دِقِّ الأمورِ ، جليلِها=و هل خابَ في دنياهُ مَنْ لاذَ بالصبرِ ؟
خليليَّ إنْ مِتُّ اْذكراني بطيِّبٍ=و لا تفضِحَا أمري و لا تهتِكا سِتري
و كُونا على عهدٍ قطعنا ، فلم أزل=وفياً على عهدي ، أميناً على سِرِّي
و إن شئتما بَوْحاً فقولا لزوجتي=قرينُكِ لم يغدِرْ ، و لا اقتاتَ من غدرِ
و لا أطعمَ البيتَ الذي كنتِ شمسَهُ=حراماً..كذا طبعُ الشريفِ.. مع الفقرِ
و ما من رصيدٍ عندَهُ غيرِ حُبِّهِ=و حبرٍ و قرطاسٍ و بيتٍ من الشِّعرِ
يقول اقرأي يا أم رامي و رتِّلي=على روحِهِ إن مات آياً من الذكرِ
و قولا لمن أحببتهم إنني امرئٌ=إلى اللهِ أسعى جاهداً ، فاقبلوا عذري
لعلِّي إذا ما أُحكِمَتْ قبضةُ النَّوَى=أَكُنْ ذكرةً في خاطرِ الأصدقا تسري
فإن كنتُ قد أخطأت يوماً ، فسامحا=و إلا فَخُسرٌ إنْ تَكَفَّنْتُ في وزري
و لا تحرما خِلاً إذا أُودِعَ الثرى=دعاءاً ، عسى يجديهِ في وحشةِ القبرِ
سمر محمد
10-09-2010, 12:15 AM
ما بينَ الوَاحِدِ و العَشَرَةْ
ما بينَ الوَاحِدِ و العَشَرَةْ=حِكَمٌ و دروسٌ مُعتَبَرَةْ
و خفايا لا يَدري عنها=إلا مَوهُوبٌ بالفِطرةْ
***
الواحِدُ .. سُبحانَ الواحِدْ=صَمَدٌ و الكُلُّ لَهُ عابِدْ
خَلَقَ الأكوانَ و سيَّرَها=بعظيمِ الحِكمةِ و القُدرَةْ
***
و اثنانِ..الغارُ يَضُمُّهما=و يَمينُ اللهِ حِمىً لهُما
قد أَعمَت أعيُنَ كُفّارٍ=بالبابِ ، فعادوا في حسرةْ
***
و ثلاثةُ أَيْمَانٍ عُقِدَتْ=أنَّ المَوءُودَةَ لو سُئِلَتْ
قالت وَأَدَتنِي أمريكا=في الكُوفَةِ ، بغدادَ ، البصرةْ
***
أربعةٌ قد قَضَّت نومي=و أهاجتْ أشجاني ، هَمِّي
دَيْنٌ ، حُسَّادٌ ، أحقادٌ=و صديقٌ قد خان العِشرةْ
***
و الخمسةُ .. كفٌّ ذي خمسةْ=للبطشِ بحقٍّ أو خِسَّةْ
و بِسِلمٍ مُدِّت لعَدوٍّ=لا يعرفُ ما الكفُّ الحُرةْ
***
و " السِّتُّ " إذا غَنَّت ، سَكِرَت =بالشدوِ الأُمَّةُ و انتَصَرَت
فَاعجَبْ لِِغِِِناءٍ يَنصُرُنَا=مِن دُونِ سيوفٍ مُحمَرَّةْ
***
و السَّبعَةُ .. لا تَعنِي طبعاً=أن تُصبحَ نَسراً أو سَبعاً
في لحظةِ خَمرٍ لو قُضِيَت=لَتَلاشَت و انقَضَتِ الفِكرَةْ
***
و الرقْمُ الثَّامِنُ أَوحَى لِيْ =أن أرسمَ من وحي خيالي
فَرَسَمتُ الثَّوْرَ بهيئَتِهِ=ينزو ، و العالمُ كالهِرَّةْ
***
و التِّسعةُ تجتذبُ التِّسعةْْ=و يُضافُ بجانبها تِسعةْ
فيكونُ الناتجُ مسخرةً=و شعوباً تعملُ بالسُّخرَةْ
***
و أخيراً أختِمُ بالعَشَرةْ=كَلِمَاتٍ من صاحبِ خِبرةْ
مَن يرضَ العيشَ على ذُلٍّ=وطَأَتهُ الأقدامُ الحُرَّةْ
سمر محمد
10-09-2010, 12:16 AM
ما عدتَ حتى خائني
ما عـدتَ حتـى خائنـي = ما عدتَ تسكن في فـؤادي
ما عـدت نبضـةَ خافقـي = كلا ، و لا رعش الأيـادي
ما عـدت شمسـاً نـوَّرت = يومي ، و لا أنت اتقـادي
كـلا و لسـتَ بجـمـرةٍ = في مهجتي أو في رمـادي
أنت الذي بعـتَ الهـوى = و جعلتَ نارَ الحـزن زادي
و سعدتَ حيـن تركتنـي = طُعمـاً لأنيـابِ السـهـادِ
يـا قاتلـي بالأمـس ، لا = تفرحْ ، و حاذرْ من عِنادي
هـا أنـت عُـدتَ مكبـلاً = بالدمـع ، فانعـم بالقيـادِ
ها أنت عُدتَ و أدمعُ الـ .. = عينيـنِ تغمـر كــل وادِ
ها أنـت ترجونـي لكـي = أصفو ، فَذُقْ طعمَ البعـاد
لا لن أحققَ مـا تريـدُ = ..فلسـتَ أهــلاً لـلـودادِ
إنـي نزعـتُـكَ شَـوْكـة = ًو جعلتُ من صبري عتادي
و طويـتُ آخـرَ صفحـةٍ = في قصةِ العشقِ الرمـادي
قد كنـتَ أمسـاً مُسهـداً = و الآن أنـعـم بالـرقـادِ
سمر محمد
10-09-2010, 12:17 AM
الفلة البيضاء
أُرفقي بالفؤادِ عند اللقاءِ=أو دعيني مُحلِّقاً بسمائي
يا لَقلبي ، منذ ارتَأَتكِ عيوني = لم يَعُد لي ، وخابَ فيهِ رجائي
آهِ يا فُلّتي الجميلةُ ، مالي=و ولوعي بالفُلةِ البيضاءِ
كنتُ يا أجملَ الزهورِ خليّاً=مالكاً أُفْقي ، سابحاً بفضائي
لا أُبالي بالعاشقينَ ، و مالي=خبرةٌ في عشقِ المها و الظِّباءِ
فأصابتني ذات يومٍ سهامٌ=أوقعتني في الأعينِ النجلاءِ
أَسَرَتني ، و الحبُّ قيدٌ جميلٌ=نرتضي ، رغم السهدِ و اللأواءِ
يكتوي من لظاهُ عبدٌ فقيرٌ=و غنيٌّ في السادةِ العظماءِ
فدعيني ، إنَّ الفؤادَ كسيرٌ=لم يزل من جُرحِ الهوى في عناءِ
***
ضحكت فُلَّتي ففاحَ شذاها=و تَثتَّت كالغادةِ الميساءِ
و هَوَت و الشحوبُ يذوي بغصنٍ=و تهاوت من قسوتي و جفائي
ويحَ قلبي ، ماذا فعلتُ بغصنٍ=كان عطري و واحتي و دوائي
سمر محمد
10-09-2010, 12:21 AM
مصر
قصيدة في دمي
أَرسَلْتُ رُوحِي بِمَا يَجرِي بِهِ قَلَمِي=تَحُومُ يا مِصرُ فَوْقَ النِّيلِ و الهَرَمِ
تُعانِقُ الرَّملَ في "سَيْناءَ" ، تَلثُمُهُ=و تَحضِنُ النَّخلَ رمزَ الطُّهرِ و الشَّمَمِ
و تَعزِفُ اللَّحنَ في "بلطيمَ"،تَسمَعُهُ="طابا" ،فَتَغرَقُ "شَرمُ الشَّيْخِ" في النَّغَمِ
لَمَّا تَرَكتُ رُبوعَ الأهلِ في وَطَنِي=تَخَاصَمَ الجَفنُ و الرُّؤيا ، فَلَم يَنَمِ
كَأَنَّما في نُجُومِ اللَّيلِ قَد رُبِطَتْ=أهدَابُهُ بِحِبالِ الشَّوْقِ و الأَلَمِ
مِصرُ التي سَكَنَتْ فِي خَافِقِي أَبَداً=مهما تَغَرَّبَ جِسمِي أَو نَأَت قَدَمِي
أعودُ للأمسِ في أفياءِ جَنَّتِها=فأنهَلُ الحُبَّ مِن سَلسالِها الشَّبِمِ
و أَسمَعُ الهَمسَ ، هَمسَ النِّيلِ مُنتَشِياً=بَينَ الخُزامَى مَعَ الإِصبَاحِ و الغَسَمِ
و النخلُ يرقصُ في زهوٍ و في طَرَبٍ=رَقصَ الخُيولِ على ترنيمَةِ النَّغَمِ
و التُّوتُ يَحكِي إِلَى الجُمَّيْزِ قِصَّتَهُ=إن باتَ يَشكُو مِنَ الأحزانِ و السَّقَمِ
و البحرُ صافٍ و قاعُ البَحرِ في أَلَقٍ=و الفُلكُ تَجرِي بِأَشواقٍ على نَهَمِ
يا أيُّها البحرُ هل أبصَرتَ قريَتَنا=في بَرِّ مِصرَ و قَد حَيَّتْكَ بالعَلَمِ
كم سَافَرَت عبرَ عَيْنَيْكَ الجُمُوعُ ، فَلَم =تَحفَل بِمَاخِرَةٍ تَكتَظُّ بالنَّسَمِ
كم كُنتَ هَادِئَ طََبعٍ كانَ مُكتَسَباً= من أُمَّةٍ دينُها في شَاهِقِ القِمَمِ
دينٌ على العدلِ قد قامت دعائمهُ=لولا رجالٌ على الإخلاصِ لم يقُمِ
و أَشرَقَت شَمسُ إِيمانٍ و مَعرِفةٍ=بالرِّفقِ و الحَزمِ و القِرطاسِ و القَلَمِ
يا أيُّها الشِّعرُ لا تَهجُرْ مخيَّلتي=قم فاسقني جَوْهَراً مِن صَادقِ الكلِمِ
كي ما أدافعُ بالأشعارِ عَن وَطَنٍ=طَالَت ثَرَاهُ يدُ الأحقادِ و النِّقَمِ
أَرضَ الكِنَانِةِ يا فِردَوْسَ خالقنا=عَينِي تَتُوقُ إلى اللُّقيا ، فَلَم تَنَمِ
لا زِلتِ كالبَدرِ إِشراقاً بِذاكِرَتِي=كَالدُّرِّ فِي عُنُقِ الأَيَّامِ مُنتَظِمِ
تَصبُو إِليكِ قُلوبُ المُغرَمينَ ، كما= تَصبُو إلى الجَنَّةِ العذراءِ في الحُلُمِ
أنتِ العَرُوسُ و قَدْ زَفَّتكِ أَفئِدَةٌ=للنيلِ يا مُهجَتِي فِي ثَوبِ محتشِمِ
أنتِ العروسُ ، لكِ الأرواح نُمهِرُها=كي ما ننالُ الرِّضا يا مَنبعَ الكَرَمِ
حَزَّمتُ أَمتِعَتِي حتّى أَعُودَ إلى =عَينَيكِ أَفدِيِهِمَا يا أُمَّنا بِدَمِي
هل تقبلينَ فتىً قد عَقَّ والدةً=فَجَاءَ يَسكُبُ دَمعَ الحُزنِ و النَّدَمِ ؟
سمر محمد
10-09-2010, 12:22 AM
عندما تعاتبني ابنتي
تُسائلني سُليمى كُلَّ حينٍ=و تعجبُ حين لا تجدُ الإجابَةْ
و تنبهر انبهاراً إن رأتني=و وَجهِي لابسٌ ثوبَ الكآبَةْ
و صدري مِرجَلٌ بالحُزنِ يغلي=يكاد يُذيبُني مما اصابَهْ
فتُلقي نفسها في حِضنِ قلبي=كعصفورٍ غفا في حِضن غابةْ
و أسئلةٌ تُحيِّرُها تَدَاعَت=على أعتابِ صمتي في غرابَةْ
ألستَ أبي و تعرفُ كل شيئٍ=و أنت البحرُ لا أخشى عُبابَهْ ؟
ومنك بكل فخرٍ و اعتزازٍ=تعلمتُ القراءةَ والكتابَةْ ؟
وأبصرتُ الشجاعةَ والتحدِّي=إذا أبديتَ رأيكَ في صلابَةْ
ألم تقصصْ علىَّ غداة يومٍ=حكاياتٍ أذابتني إذابَةْ ؟
و كم حدثتني عن مجدِ قومي=كلاماً سغتُ يا أبتي شرابَهْ
فخِلتُ بأننا للأمس عُدنا=إلى عهد النبوةِ والصحابَةْ
فهذا جيشُ عمروٍ قد تراءى=وعمروٌ شامخاً يجلو حِرابَهْ
ويفتحُ بلدةً من بعد أخرى=بصوتِ الحقِّ لاصوتِ الربابَةْ
إلى أن أبصَرَت عينايَ أرضاً=تُهانُ، وغاصباً يأبى انسحابَهْ
وحاخاماً يهودياً جباناً=يكيلُ لأمتي جهراً سِبَابَهْ
و أبناءُ العروبةِ قد تواروْا=وراءَ الصمتِ يفترشونَ بابَهْ
يُحملقُ بعضُهُم في البعضِ حيناً=و يُغضي دونَ أن يُبدي عتابَهَْ
وكنتَ تقولُ أنَّ الحرفَ نورٌ=يُضئُ شُعَاعُهُ وجهَ الكتابَةْ
أصارَ كلامُكَ الماضي سراباً=كمثل كلام عِشقٍ أو صبابَةْ ؟
يُخَطُّ على الحوائطِ في الليالي=فما إن جاءَهُ صبحٌ أذابَهْ
لماذا لم تَقُـل للخوفِ كَلاَّ=وتنضو عنكَ في حزمٍ ثيابَهْ ؟
***
تُعاتبني سُليمى ثُمَّ تمضي=وتتركُني أُفتِّشُ عن إجابَةْ
تُذكِّرُني بيومٍ كُنتُ طِفلاً =أُداعِبُ والدي نفـسَ الدعابَةْ
سمر محمد
10-09-2010, 12:26 AM
أنا ..
و ابنتي لما نجحت
جاءت إليّ مهرولةْ .
و البِشْرُ يغمر مقلتيها .
و الوردُ بالفرشاةِ يكتبُ لونَهُ ..
في وجنتيها .
و حدائقُ الرُّمّانِ كانت ترتوي ..
من نهر فرحتها الذي يجري على خدِّ الصغيرةْ .
عصفورةٌ خضراءُ حطَّت فوق هاتيكَ الضفيرة .
قِمريةٌ سَكَبت أهازيجَ الصباحِ بمِسمعي
لَعِبَت معي
أكلت معي
شَرِبَت حليبَ الفجرِ شهداً . .
و ارتمت في أضلعي .
أنفاسها متسارعةْ .
و النورُ يشرق من محياها كشمسٍ ساطعةْ .
ليضيءَ لي كلَّ الجهاتِ الأربعة .
قالت أبي :
هاكَ الشهادةَ ، قد نجحتُ و مرّ عامْ .
ما خابَ ظَنُّكَ فيَّ حينَ رَجَوْتَنِي الأُولى ..
و حققتُ المرامْ .
أنا في الحسابِ أجبتُ أصعبَ مسألةْ .
لمّا سُئلتُ عن القضيةِ يا أبي ..
ببراءةِ الأطفال قُلتُ: الحلُ يأتي ربما
في ألف عامْ .
هم ضيَّعوا وقتاً طويلاً في محاورة اللئامْ .
و الحل يكمنُ في الحسامْ .
و صَمَتُّ حين سُئلتُ كالبسطاء من قومي ..
أنحيا في سلامْ ؟
فلقد رأيتُ الصمتَ يا أبتاهُ .. أبلغَ من كلام .
و أنا أرى الأطفالَ مثلي يُذبحونَ
بكل أرضٍ مسلمةْ .
و يُحَرَّقونَ لكي تعيشَ العولَمةْ .
و سُئلتُ عن لغتي فقلت اُستُبدِلَتْ
بالإنجليزي
و الفرنسي
و اللغاتِ الغابرةْ
لكنني ما كنتُ أنسى أنها لغةُ الكتابِ الآسرةْ.
أحببتها
أحببتُ مبتدأي و أحببتُ الخبرْ.
و عشقت حسانَ بن ثابتَ
و الفرزدقَ و ابن زيدونَ الأغَرْ .
و مسحتُ بالممحاةِ كل محاولةْ .
للنيلِ من لغةٍ أضاءت في الحنايا كالقمر .
أَسُرِرتَ يا أبتي ؟
ألستُ برائعةْ ؟
أوَ لم تكن كلُّ الإجابة مقنعةْ ؟
أنا لن أُغَيِّرُ ما كتبتُ إذا بلغتُ الجامعةْ ؟
***
سَأَلَتْ ، و خلَّتني غريقاً ..
في خِضَمِّ الأسئلةْ
مُتعجباً أنْ كان من صُلبي أنا ..
هذي الفتاةُ المذهلةْ
سمر محمد
10-09-2010, 12:28 AM
أين الوفاء
أَيْنَ الوفا ؟ قَطَّعتُ حَبلَ رَجَائِي=و هَلِ اختَفَى مِن هَذِهِ الغَبراءِ ؟
أينَ الجُذورُ الضَّارِباتُ أَصَالَةً=في عُمقِ أَرضٍ ضُمِّخَت بِرِياءِ ؟
لا زِلْتُ أُهرِقُهَا دُمُوعاً مُرَّةً=و أنا الذي لم أَستَكِن لِبُكاءِ
لكنَّها الأيامُ تُبدي للورى=ما يَستَثِيرُ حَفِيظَةَ العُقَلاءِ
جَرَّبتُهَا ، فَرَأَيتُ ناساً في الثرى= منها ،و ناساً في رُبا الجوزاءِ
دَالت ، فلا فِرعَونُ خلَّد نفسَهُ=كلا و لا قَارُونُ في الأحياءِ
لم يَبقَ إلا وَجهُ مَن سَمَكَ العُلا=و لَهُ تذلُّ بيارقُ العُظَماءِ
يا غافلاً ، لا تَأمَنَن دُنيا بَنَت=في كُلِّ ضاحيةٍ صُروحَ شقاءِ
شَغَلَت مُحبِّيها ، فَذاكَ لثروةٍ= يَسعى ، و ذاكَ لشُهرةٍ وعلاءِ
و على مَسَارِحِها لَهَى ذو شهوةٍ=ما بين كأسٍ أُترِعَت و نساءِ
و العاقلُ الفَطِنُ الذي لم تُثنِهِ =عَن هِمَّةِ الأحرارِ و النُّبَلاءِ
إن راودتهُ بحُسنِهَا عن نفسهِ=لم يُفتَتَن بجمالِها الوضَّاءِ
جَعَلَ العفافَ إذا ابتلتهُ رِداءَهُ=أنعم بِهِ من حُلَّةٍ و رداءِِ
حدَّقتُ في الدُّنيا فَلَم أَلمَح بها=ما يُسْكِنُ الأفراحَ عينَ الرائي
و بذلتُ من جَهدي لأُثبتَ أنني=أَخطَأتُ في ظَنِّي و في آرائي
فَوَجَدتُُ مِن أُختِ الزوالِ إجابةً=تُدمي القلوبَ ، تطيحُ بالحكماءِ
الأصدقاءُ كأنَّما أَودَت بِهِم=رِيحُ الغُرورِ ، و قبضةُ الخُيَلاءِ
كُلٌّ يُحدِّثُ نفسَهُ عن نفسِهِ=أن ليسَ قُدَّامِي و ليسَ ورائي
يا للصديقِ ، سِهامُهُ إن صُوِّبَت=سَكَنَت من الخٍلاّنِ في الأحشاءِ
ما أصعبَ الغدرَ المقيتَ على امرئٍ=ظَنَّ الحياةَ الروضَ بالرُّفَقاءِ
فيجيئهُ موتٌ يُقَوِّضُ حُلمَهُ=مِن خلفِهِ بخناجرِ الأهواءِ
يا صاحبيَّ ترفَّقا بي ، إنِّني= مِمَّا بُليِتُ بِهِ لفي ضَرَّاءِ
ذهبَ الوفا ، حتى كأنَّ وجودَهُ=ضَربٌ من الأوهامِ كالعنقاءِِ
ما هذه الدنيا ؟ أدارُ تناحرٍ=يُسعى لخِطبةِ وُدِّها بِدِماءِ ؟
أم أنها سُوقٌ لبيعِ مبادئٍٍ فيها =ببخسٍ للورى و شِراءِ ؟
آمنتُ باللهِ الذي دانت لَهُ=كُلُّ الدُّنا ، و بَسَطتُ كفَّ رجائي
لو لم يَكُن قلبي يُشِعُّ بنورِهِ=لَكَرِهتُ في هذي الحياةِ بقائي
سمر محمد
10-09-2010, 12:29 AM
شرود
و أرنو إلى الشمسِ وقت الغروبْ=فأعجبُ من صنعِ ربٍّ حسيبْ
أراها تَأَهَّبُ بعد قليلٍ=لتطفئَ في البحر هذا اللهيبْ
و يلبس هذا الخِضَمُّ الظلامَ=إلى أن يحينَ اللقاءُ القريبْ
أقولُ أيا بحرُ كُن لي أنيساً=بوحشةِ هذا الظلامِ الرهيبْ
فيلقي إلى الشطِّ موجاً شفيفاً=و يُعرضُ عن عاشِقٍ للمغيب
يذوبان في قُبلةٍ ، في عناقٍ=كما يلتقي بالحبيبِ الحبيبْ
و يتركني سابحاً في شرودي=أصافح هذا الجمال العجيبْ
سمر محمد
10-09-2010, 12:32 AM
أبتاه
( صرخة ألم )
أَبَتِي و نَبضَ الحُبِّ فِي شِرياني=يَفديِكَ خَلفَ الجَانِحاتِ جَنانِي
أَهرَقتُ دمعَ العينِ حُزناً واكتوى =قلبي و أجَّت داخلي نيراني
أَأَراكَ ثانيةً و قد طالَ النَّوى =أَم كانَ للأقدارِ رأيٌ ثانِ ؟
أَتَضُمُنِي في حِضنِكَ الحاني إذا= ضاقت على ابنِكَ فُسحةُ الأحضانِ ؟
فأرى أصابعَكَ النَّدِيَّةَ تعتلي =كَتِفِي ، تُرَبِّتُ فوقَهُ بحنانِ
و تَجُوسُ في شَعرِي وفي وَجهِي =لِتَمسَحَ لمسةَ الأحزانِ عن أجفاني
أأرى سحائِبَها و قد هَطَلَت على= خَدَّيَّ تروي روضةَ الرمانِ ؟
أم أنَّ ما مَنَّيتُ نفسي نَيلَهُ =أضحى كرؤيا حالمٍ و أماني ؟!
قد كنتَ لي وطناً ألوذُ كطائرٍ =في حِضنهِ ، إن أنكَرَت أوطاني
و اليومَ هل يسطيعُ حِضنٌ مثقلٌ= بالداءِ يحويني كمثلِ زمانِ ؟
آهٍ و آهٍ من بلادٍ غرَّبت= سُفُنِي ، و ألقت بي هناكَ أُعاني
ما بينَ دمعيَ حين أذكرُ أنني =قد لا أراكَ ، و بينَ ليلٍ جانِ
آهٍ و آهٍ من مسافاتٍ بَدَت =وكأنَّها لِي قبضةُ السجَّانِ
لم أستطع منها فِكاكاً كي أرى= بعد الجفافِ ربيعكَ النُّوراني
كي أَلمَسَ الصدرَ الحنونَ يَضُمُّني=و تَقَرَّ حينَ لقائنا العينانِ
و أجوبَ في عينيكَ مُدْناً ، دُورُها =مُستبشراتٌ حينما تلقاني
عادت بيَ الذكرى لبيتٍ ضَمَّنا=شيّدتَهُ أبتي على الإيمانِ
كم نازعتني فيهِ كُلُّ صَبَابَةٍ =لِفِراشِهِ ، للبابِ ، للجُدرانِ
للذكرياتِ المُورقاتِ سعادةً=منثورةً في سائرِ الأركانِ
فهناكَ كانَ الصَّوتُ يصدحُ دافئاً =مُتَرَنِّماً بالذِّكرِ والقُرآنِ
و هنا ، بِغُرفَتِيَ الصَّغيرةِ شمعةٌ =مازلتَ تُوقدها من الوجدانِ
كم كُنتَ تسألها إذا ضَوَّأتَها =عَنِّي و عن أُمِّي و عن إخواني
و هناكَ عُصفورٌ على شُبَّاكنا =قد كان يسكبُ أعذبَ الألحانِ
أتراهُ حينَ مرضتَ كفَّ عن الغِنا= حزناً عليكَ ، فلاذَ بالطيرانِ ؟
يا ليتني قد كنتُ طيراً مثلَهُ =لَجَعَلتُ كفَّيكَ النَّدى أغصاني
و رَجَعتُ بعد تَغَرُّبي أرعاكَ في =مرضٍ تُكابِدُ هَولَهُ و تُعاني
أُلقي بنفسي تحتَ رِجلِكَ علَّني =أحظى بعفوِ الواحدِ الدَّيَّانِ
و أُريقُ دَمعَ العينِ مُعتَذِراً لِما= قَصَّرتُ في بِرٍّ و في إحسانِ
أبتي تَجَلَّد يا رعاكَ اللهُ في= خَطبٍ مَرِيرٍ ، شَرُّهُ أبكاني
ما زِلتَ صلداً والخطوبُ هزيلةٌ =إن تلقَهَا بعزيمةِ الفُرسانِ
فاصبر ، فإنَّ الصَّابرينَ جزاؤهم= يومَ القيامَةِ جَنَّةُ الرحمنِ
سمر محمد
10-09-2010, 12:34 AM
دعاء
دعوتُكَ ربي و من لي سِواكا=فيا ربِّ حقق دُعا من دعاكا
دعوتُكَ و القلبُ في فرحَةٍ=يناجيكَ يا خالقي في عُلاكا
و أنتَ البصيرُ و أنتَ العليمُ=بحالي ، و نورُ الحجا من ضياكا
رأيتُكَ ربِّيَ في كل شيءٍ =فزادَ اليقينُ بقلبٍ رآكا
ففي الزرعِ في الضرعِ في الإنسِ بانت= بدائعُ صُنعِكَ ، بعضُ نداكا
بسطتَ لنا الأرضَ أرسيتَ فيها=جبالاً و أنتَ رفعتَ السِّماكا
لكَ الحمدُ في كلِّ طلعةِ صبحٍ=و إنْ نَوَّرَ البدرُ لي في سماكا
و بينَ يديَّ كتابُكَ أتلو=و تنهلُ روحيَ فيضَ بهاكا
أنا مسلمٌ قد شربتُ الأمانَ=و ذُقتُ النعيمَ الذي في رُباكا
و عدلُكَ يا ربُّ فاقَ الوجودَ=فلا تحرمنْ كل عبدٍ رجاكا
دعوتُكَ أرجو فسيحَ الجنانِ=و من شدةِ النار أرجو فِكاكا
سمر محمد
10-09-2010, 12:37 AM
الورد و الحسك
" حين باح لي أحدهم برغبته في الزواج بأخرى "
يا حسرتي .. يا لوعتي=على الذي يحدث لكْ
سَل يا صديقي صاحباً=نفسَ الطريق قد سلكْ
أردتُ غيرَ زوجتي=أخرى و قلت ذي مَلَكْ
خطبتُها في لحظةٍ=كدتُ أطيرُ في الفلكْ
أعطيتُها كلَّ الذي=أبي اقتناهُ و مَلكْ
و ما جنيتُ بعدَها=غيرَ افتراءاتٍ و شكْ
و عدتُ مهزومَ الخطى=و القلبُ واهٍ قد هلكْ
قَبَّلتُ رأسِ زوجتي=و قلتُ كُلِّي كُلِّي لَكْ
قالت بصوتٍ خافتٍ=يا صاحبي لن أقبلكْ
فأنتَ خُنتَ عهدَنا=فاذهب إلى ذاكَ الملكْ
ضيَّعتُ نفسي عندما=بِعتُ الورودَ بالحسكْ
سمر محمد
10-09-2010, 04:24 AM
لا تعتذر
لا تعتذرْ
يا مَن تربَّعَ في الحنايا
بعدما نَضَبَت فيوضاتُ الصبابةِ
في قناتي .
و غدوتَ لي قمراً تلألأَ
في خريفِ العمرِ ،
شمساً أشرَقَت لتضئَ لي أعماق ذاتي .
ما كنتُ أحسبُ أنَّ حُبَّكَ ساكني
حتى لمستُكَ في الخلايا .
و رأيتُ وجهَكَ مشرقاً
متبسماً
لي في المرايا .
كالنهرِ منساباً بجدبِ قريحتي
يروي غصوني الذابلاتِ .
أنتَ المدادُ لأحرفي
أنتَ النقاطُ على الحروفِ
براءةُ الكلماتِ .
ما الشِّعرُ إِن لم يقتبس
من عذبِ صوتِكَ
سحرِ قولِكَ
جملةً أو قافيةْ .
ما الشعر إن لم تغدُ عيناكَ المكحلتانِ
بالليلِ المكللِ بالنجومِ
الأغنيةْ .
ما الشعرُ إن لم يغدُ ثغرُكَ
للقوافي راويةْ .
الشعر وحيٌ من فؤادِكَ
رائعُ الخفقاتِ .
فانثر عبيركَ في المدى
و املأ بصوتِكَ يا مُنى نفسي مَسَامعَ عاشقٍ
أنتَ المُفوّه و الوجودُ لكَ الصدى .
لقد اعتليتَ العرشَ
صرتَ أميرَ كل قصيدةٍ
فاصدح .. رعاك الله .. في كل المحافِلِ
ناشراً نورَ الصباحِ بحالِكِ الظلماتِ .
و انثر على قلبي المتيمِ أعذبَ النسماتِ .
إني تنسمتُ الربيعَ
و عطرَ قلبكَ حين عطرتَ الحياةَ
غدوتَ لي كلّ المُنى
فيما مضي من عمرنا
و بما ستمنحهُ الزمانَ الآتي .
سمر محمد
10-09-2010, 04:25 AM
ما كنت محض قصيدة
ما كنتِ همسةَ شاعرٍ=ما كنتِ وهماً يا أميرهْ
ما كنتِ محضَ قصيدةٍ=أضفَتْ على قلبي سرورَهْ
لا تظلمي إحساسَ صَبٍّ ..=باتَ لا يُخفي شعورَهْ
العينُ تفضحُ ما بِهِ=أَرِقَت ، فلا نامت قريرهْ
و القلبُ يحكي نبضُهُ=عن قصةِ الحُبِّ المثيرهْ
يا ربَّةََ الحُسْنِ الذي=أعطاهُ وجهُ البدرِ نورَهْ
رِفقاً بقلبِ مُتَيَّمٍ=يهواكِ يا ذات الضفيرهْ
أنا لستُ من خانَ الهوى=كلا ، و لا كنتِ الغريرهْ
فَتَبَصَّري من قبلِ أن=تودي بنا الطُرُقُ العسيرهْ
و تذكَّري كم قلتِ لي=بِكَ سوفَ أبتدِأُ المسيرهْ
أنتَ الأميرُ ، أسَرتَني=و سعادتي أنِّي أسيرهْ
هل كنتُ في وهمٍ أنا=أمشي لخاتمةٍ مريرهْ
فظننتِ بي ظنَّ الذي=قد باعَ أو أفنى ضميرهْ
أنا ما سلوتُكِ لحظةً=رغم انشغالاتٍ كثيرهْ
و لسوفَ ينبضُ خافقي=بهواكِ دوماً يا أميرهْ
سمر محمد
10-09-2010, 04:26 AM
صباحكَ سُكّر
مهداة للأديب د. سلطان الحريري
صباحُكَ سُكَّرْ .
صباحكَ أشهى من الكركديه الذي أحتسيهْ .
و من نسمةٍ داعبت روضةَ الفُلِّ
أنقى و أطهرْ .
و من شاطئِ اللاذقيةِ
حيثُ اقترفتَ جنايةَ عشقِ النخيلِ
و عشقِ الكتابةِ فوقَ الرمالِ
أُحبكَ يا موطناً للجمالِ
أحبكَ أكثرْ .
أحبكَ يا شامُ مُهراً له الريحُ تُطوى
لهُ الروحُ تُمهر .
و حين تُطِلُّ عليَّ بوجهٍ كمثلِ حليبِ الصباحِ
و سمتٍ كما الفارسِ العربيِّ القديمِ
يُطوقني ساعداكَ
و يغمرني ناظراكَ
و تطبع فوق جبينيَ قُبلةَ شوقٍ .
أضمكَ للصدرِ
أدعوكَ كي ما تشاركني قهوةَ الصبحِ
تزعم أنك أشعثُ أغبرْ .
و ما زال يعبَقُ بالثوبِ رملُ الطريقِ الطويلِ
من الجامعِ الأُمَويِّ إلى ضِفَتَيِّ اللظى و العجاجِ
فأضحكُ ،
تضحكُ ،
نضحكُ أكثرْ.
***
حديثُكَ سُكَّرْ .
حديثكَ يا صاحبي نهرُ عنبرْ .
هسيسُ الندى للزهورِ
و شدوُ الحساسينِ فوقَ الغصونِ
إذا الصبحُ أسفرْ .
و أُذْنايَ تلميذتانِ تجيدانِ فهمَ دروسِ البلاغةِ
و النحوِ و الصرفِ
و الشدوِ و العزفِ
فانثر عبيركَ
لا تكترث بالتي في يساركَ
تنذرُ أنْ حانَ وقتُ الرحيلْ .
متى كان للوقتِ سلطانُهُ في اللقاءِ الجميلْ ؟ .
تمهل قليلاً
و دعني لأغوار بحرك أنظرْ .
و زدني هطولاً
فبستانُ عمريَ يا صاحِ أقفرْ .
***
صباحُكَ سُكَّر .
وداعك يا صاحبي فيَّ أثَّرْ .
و فنجان قهوتك المرمريُّ الذي وشوشته شفاهكَ
ما زال بالشهد يقطر .
و في ركنِهِ قد نأى مثل طفلٍ حزينٍ
يفتشُّ عنكَ
و يصبو إلى لمسةٍ من حريرِ يديكَ
إلى رشفةٍ من شذا شفتيكَ
تُذيبُ و تُسكِرْ .
و لَوَّحتَ ، لوَّحتَ حتى اختفيتَ
و لم تُبقِ لي غير ذكرى
و شوقٍ زرعتَ بأعماق قلبي
و حلمٍ مضى في ثوانٍ
و يا ليتَهُ دام أكثر .
سمر محمد
10-09-2010, 04:27 AM
قطوف من حديقةِ الروح
رمانة
شامخةٌ أنتِ
أغصانُكِ الخضراءُ مَاسَتْ
و تَدَلَّت لتنهلَ من نهرِ الحياةِ رِقَّةً و أنفةْ .
مادت معها قلوبنا بالأغنياتِ
مُذ كُنا صِغاراً
و كانت أحلامُنا على قدرِ أَعمارِنا
نَرنُو إلى ظِلِّ أوراقك التي تقطرُ سحراً
أشهى من حَبَّات الندى في صبحٍ ربيعي السنا .
أما و قد كبرنا
و كبرت معنا أحلامنا
فدعينا لا نخرج من محارات الدهشة
و أصداف الانبهار ....
و أرضعينا من حليب الفجر .
مطر
أنتِ غيمة مثقلة بالعشق
و قلوبنا كالصحاري القاحلة
أمطرينا كي تنبت لنا قلوباً خضراء
عودة
( عيناكِ بحران تاهت فيهما سفني )
هكذا قالت الأشعار
و أقول :
( عيناك الشاطئ و المرسى )
فهل آن لسفُني التائهة
في بحريكِ
أن تعود لشاطئيك .
غزالة
لماذا أنت شاردة مني
أيتها الغزالة
أفتح لك صدري
و أنت تفتحين نافذة للهروب
كلما اقتربت منكِ
تطلقين سيقانك للريح
أما كللتِ من المسيرِ
وحدك
كما مللت الانتظار وحدي
أما آن لنا أن نستريح .
عزوف
ماثلة بوجهها
تتأمل مرآة الماء
تهرب منه
لأنها لا تحب السكون
نجوى
يا نجمة في السماء عالية
في الأرض متسع لأحلام الطامحين
غفوة
لا تحدث الضوضاء
النرجس غفا لتوه على كتف الحديقة
و أنا أغفو على كتف النرجس
لا تيأس
لا تيأس إن طال الليل
أو كفت الأطيار عن التصديح
فالفجر آت
يعقبه عصفور يغني
سراب
هذا الذي تراه في الصحراءِ
و تسعى خلفه و أنت شديد الظمأ ..
تحسبه ماءاً ،
ليس سراباً
لكنه هيَ .
مفارقة
من السهل جدا أن تجد قلوباً تحبكْ
و لكن من الصعب
أن تحافظ عليك .
مطر
أبرقي
أرعدي
أمطري
فلا برقك يخلبني
و لا هزيمك يحركني
و لا مطرك يحيي جدب فصولي .
مقايضة
سيدتي ..
لو قايضتك بجميع نساء العالمِ ..
فأنا الخاسر .
أنتٍ لا يشبهكِ إلا أنتِ .
نكتة
ضحكتُ
حين كانت ابنتي تردد على مسامعي
نشيداً حفظته لتوها في المدرسة .
تذكرت أنها
..
..
لم تدخل المدرسة بعد .
نصيحة
لا تنظر طويلاً إلى القمر الساطع
في السماء
فبعد قليل سيختفي .
و لكن انظر للقمر الساطع في نفسك .
عنفوان
قابلته بعد مدة طويلة لم أره خلالها
كان بنفس عنفوانه القديم
يمسح زجاج السيارات .
قصر
لا تقترب من سور هذا القصر العالي
فقد تسقط على رأسك حجرة
تدك كيانك
فإن أساسه غير متين .
سمر محمد
10-09-2010, 04:28 AM
زهرة الجلنار
للبحر للطيرِ للأغصانِ أغنيةٌ=لا يسمعُ اللحنَ من في أذنِهِ صَمَمُ
و ليس يُبصرُ نورَ الشمسِ من مُنِعوا =و لا تَنَعَّمَ بالأعطارِ من زُكِموا
ترى كثيراً من الأقرانِ قد قرأوا=لكنْ قليلٌ من الأقرانِ قد علموا
ترى كثيراً من الأحجارِ مؤتلقاً=لكن يميِّزُها عن بعضها فَهِمُ
فكن حكيماً تنل في الناس منزلةً=فإنما العقلُ تاجُ المرءِ و الحِكمُ
يا " جُلَّنارُ " و قد ردَّدتُ أغنيةً =للبحر هل ضنَّت الأمواجُ و النَّغَمُ
أرى اليراعةَ جفَّ الحِبرُ في فمِها=و في يمينكِ غنَّى الحبرُ و القلمُ
أنت القصيدةُ و الأشعارُ لو نَطَقَت=قالت : لسيدةِ الأشعارِ نحتكمُ
فلتسكبي النورَ في الأجواءِ يا ألقاً=قد زانَهُ النبلُ و الإيثارُ و الكرمُ
سمر محمد
10-09-2010, 04:29 AM
صباحُ الخيرِ سيدتي
صباحُ الخيرِ سيدتي
صباحٌ فاحَ بالنعناعِ أَسكَنَهُ بأوردتي .
و دَاعَبَنِي ..
شُعاعٌ أَرسَلَتْهُ عيونُكِ العَسَليَّةُ اللونِ
و أَرسَى مَركَبَ اسمِكِ يا عروس البحرِ
يا لحناً على شَفَتِي .
أحرِّكُها
فينطِقُ كُلُّ حرفٍ فيهِ بالسِّحرِ
و يقفزُ مثل راقصةٍ
كواها السيرُ فوقَ الشوكِ
و الجَمرِ .
لَكِ الحُبُّ الذي يَنسابُ شلالاً
ليرويَ ما تصحَّر في رياضِ الروحِ
مُلهِمَتِي .
مَدَدتُ يَدِي إليكِ فأنقذي قلبي
من الطوفان إن شئتِ .
يَمامةَ عُمريَ المسلوبِ من كَفَيَّ
يكفيني ..
غناؤُكِ حينَ أسمعُهُ ،
ليُلهِبَ جمرةَ الشوقِ التي لم تَخبُ في رئتي .
سَئِمتُ العيش منفياً
بعيداً عن لظى شفتيكِ ،
عن عينيكِ
يا أنتِ .
أمامي دربُ أشواكٍ
مَشيتُ إليكِ ،
أنفاسي تُسابقني أنا وحدي
أَحُذُّ الخطوَ لا ألوي على وجدي
أُقَلِّبُ فِيهِ طَرفِي
علَّني ألقى التي أودت
بعينِ القلبِ للسُّهدِ .
أُناديها
فيرجع لي صدى صوتي
كأنَّكِ فيهِ أغنيةٌ
تُرَدِّدُها
عَنادلُ صَوتِكِ المُنسابِ في أُذُنِي
تقولُ ارجِعْ .
و في حُبِّي فلا تطمعْ .
نصيبُك أن تسيرَ الدربَ فرداً
تسكبُ الألحانَ ،
لا تُسمَعْ .
أنا ما زلتُ من جُرح الهوى أبكي على نفسي
أنامُ على قضيضِ الجمرِ
يكويني لظى أمسي .
مُغَلَّقَةٌ نوافذُ قلبيَ المَسكُونِ بالآهاتِ ،
باليأسِ .
و أنتَ الحلمُ يأتيني
كموجٍ داعبَ الشطآنَ أغراها
بعطرِ البحرِ
ثم ارتدَّ صوبَ البحرِ في الحينِ .
كغيم أنبتت أمطارُهُ غاباتِ نسرينِ .
أتى كي يطفئَ النيرانَ في جوفِ البراكينِ .
و يبعثَ ما ذوى من عشبِ آمالي
بصوتٍ مثلما القيثارِ يشجيني .
أأفتح بابيَ الموصودَ
في وجه الهوى و العشقِ من زمنِ .
فتسري نبضةُ الأشواقِ
في بدني ،
فتكويني .
أنا ما زلتُ بين النارِ و الفردوسِ ،
بين هواجسِ النفسِ .
أحدثني
فيعلو داخلي همسي .
و ينبض كلُّ عِرقٍ باسمِكَ المَنقُوشِ في حِسِّي .
و يَردَعُنِي حديثُ العقلِ
يا أملاً
بدا كصعوبةِ الطيرانِ
للشمسِ .
فأغفو في رياضِ الحلمِ لا ألوي على أحدٍ
أُريحُ من الهوى رأسي .
سمر محمد
10-09-2010, 04:30 AM
على مسرح هالة
سِرحَانُ : ذِئبٌ فِي قَوَامِيسِ اللغةْ .
و الهَالَةُ : الضَّوءُ الَّذي يَلتَفُّ حَولَكَ يا قَمَرْ .
:
:
:
:
:
:
:
:
أَستَغفِرُ اللهَ العَظِيمَ ،
جَعَلتَ لِلسِّرحَانِ ضَوءً كي يَعِيثَ بِظُلمِهِ
و يَبُثُّ قُبحاً فِي الفَضَاءِ عَلَى مَسَامِعِ أُمَّةٍ
بَرِأَت مِنَ السَّفَهِ الذي بَثَّتهُ هَالَةُ
في غِيابِ ضَمِيرِهَا
لِتَظَلَّ نَجماً فِي سَمَا إِعلامِهَا
و تَفُوزَ بالتَّحلِيقِ و التَّصفِيقِ " فَبْرَكَةً "
و بِالتَّلفِيقِ
فِي عَرضِ الصُّوَرْ .
و تُرَصِّعَ العُنُقَ الذي قَد أَثقَلَتهُ جَوَاهِرٌ
بِاللاَّمِعاتِ مِنَ الدُّرَرْ.
و تَجُوبَ بَارِيسَ الكَبِيرَةَ
تَنتَقِي عِطرَ المَسَاءِ لِسَهرَةٍ وَردِيَّةٍ
و دُرُوبَ لَندَنَ لِلفَسَاتِينِ التي تُبدِي مَفَاتِنَ جِسمِهَا
و تَصَدَّرَت لِلعُمرِ " بالمَكيَاجِ "
تُخفِي كُلَّ هَاتِيكَ السِّنِينِ وَرَاءَ قَهقَهةِ النَّدَامَى
حِينَمَا يَحلُو السَّهَرْ .
" فتياتُ لَيلٍ " .. هَكَذا قَد عَنوَنَت .
و تَخَيَّرَت لِحِوارِهَا
مَن سَاقَهُنَّ الفَقرُ أَو حُبُّ الظُّهُورِ
مَعَ النُّجُومِ اللاَّمِعَةْ .
يا وَيحَهَا
كَم غَرَّرَت بِالطُّهرِ هَذِي الخَادِعَةْ.
كي ما تُضِيءُ شُمُوسُهَا
ـ إِن كَانَ مِن ضَوءٍ لَهَا ـ
كُلَّ الجِهَاتِ الأَربَعَةْ .
يَا بِنتَ سَرحَانَ اتَّقِي يَوماً يَشِيبُ الطِّفلُ فِيهِ
و تَذهَلَنَّ المُرضِعَة ْ
مَا هَكَذا مِصرُ التِّي صَوَّرتِهَا
ـ لِلنَّاسِ ـ
بِالوَجهِ القَبيحِ المُحتَقَر .
مِصرُ الحَضَارَةُ و النَّضَارَةُ و الطَّهَارَةُ
و الرِّسَالاتِ الغُرَرْ .
مِصرُ المَسَاجِدُ ، و الأَذَانُ يَفُوحُ عِطراً فِي رُبَاهَا
يُنبِتُ التَّقوَى
كَمَا تُحيِي بَوَارَ الأَرضِ زَخَّاتُ المَطَرْ .
مِصرُ الحُسَيْنُ ، الأَزهَرُ ِ ، الخانُ الخَلِيلِي
كُلُّ حَيٍّ أو زُقَاقٍ كَافَحَ الشُّرَفَاءُ فِيهِ
كَي تَظَلَّ كَرَامَةُ المِصرِيِّ تَاجاً
فَوقَ هَامَاتِ البَشَرْ .
مِصرُ العُبُورُ مِنَ الهَزِيمَةِ بِانتِصَارٍ قِد تَحَقَّقَ
بالعَزِيمَةِ
ذَلِكَ اليَومَ الأَغَرّْ .
مِصرُ الكَرَامَةُ و الشَّهَامَةُ لا يُدَنِّسُ ثَوبَهَا
برنامجٌ لا يَرتَقِي بِالذَّوْقِ
أَو يُذكِي ضِرَامَ الفِتنَةِ العَميَاءِ
مِن بَعضِ الشَّرَرْ.
مِصرُ التِّي أَحبَبتُهَا و أَحَبَّهَا مِثلِي مَلاَيِينُ العِتَاقِ
أَصَالَةً
و تَفَوُّقاً فِي العِلمِ و الأَخلاقِ
لَيسَت دَاعِرَةْ .
هِيَ فَوقَ كُلِّ مُؤَامَرَةْ.
هِيَ فَوقَ كُلِّ مُحَاوَلاتِ الطَّامِعِينَ النَّافِثِينَ سُمُومَهُم
كَالحَيَّةِ الرَّقطَاءِ
فِي وَجهِ القَمَرْ .
فَلتَلعَبِي دَوراً خِلافَ الدَّورِ
فَوقَ مَسَارِحِ الهَزلِ المَقِيِتِ
الآنَ يَنسَدِلُ السِّتارُ و يَسقُطُ البَطَلُ المُظَفَّرُ
ـ مِثلَمَا قَد أَوهَمُوهُ ـ
بِهُوَّةِ النِّسيَانِ ، يَبكِي فِي خَوَرْ .
و يُصَفِّقُ الجُمهُورُ
يَضحَكُ بَعدَهَا .
سمر محمد
10-09-2010, 04:31 AM
طِر يا حَجَر
كان يرجم اليهود بحجره الذي يزهو في يمينه منشداً له
طِر و كُنْ جمراً وناراً يا حَجَرْ =وسهاماً من لهيبٍ و شَرَرْ
ولتُذِقْ مُحتلَّ أرضي علقماً=حين تهوِي فَوقَ خَوَّانٍ غَدَر
دنَّسَ الأقصى و مَسرَى المُصطَفَى=و استباحَ الشَّمسَ و اغتَالَ القَمَر
و تَمَادَى سَادِراً فِي غيِّهِِ=يَحرِقُ الأَزهَارَ حَرقاً و الشَّجَر
فَأَحَالَ الرَّوضَ جَدباً ، بَعدَمَا=كانَ فِي ثَوبِ اخضِرارٍ وثَمَر
طِر ، و من يُمنى أبِيٍّ فانطلقْ=شامخاً واسلب حِجاهُم والنَّظَر
ثمَّ بسم اللهِ فاسقط فوقهم=مثل جُلمودٍ تهاوى من سقر
أَنتَ أَسمَى ، أَنتَ أَمضَى سَطوةً=مِن رَصَاصاتِ المنايا والضَّرَر
قد حباكَ الله منهُ قُوةً=تُرهبُ الباغي وتُردِي مَن كَفَر
فَاختَرِق أَكبَادَهُم و افتِك بِها=و انفَجِر لا تَترُكَنْ مِنهُم أَثَر
كَم يَهُودِيٍّ تَوَارَى خَائِفاً=سائلاً ـ من خَوفِهِ ـ أين المفر
جَمَّدَ الرُّعبُ الذي جَرَّعتَهُ=قَلبَهُ فَانهَارَ يَبكِي فِي خَوَر
وانزوى في الرُّكنِ يَشكُو حَالَهُ=سَاكِباً دَمعَ التَّرَجِّي كَالمَطَر
وسَرَت عبرَ الفَضَا أَبوَاقُهُ=أَدرِكُونِي ، ضِقتُ ذَرعاً بِالحَجَر
طِر و دَمِّرهُم فَقَد تُقنَا إِلَى=فَرحَةِ اللُقيا بِنَصرٍ مُنتَظَر
أو جِنانٍ رَائِعَاتٍ ، فَوحُهَا=ضَاعَ فِي الآَفَاقِ ضَوعاً وانتَشَر
لَيسَ عِندِي يا رَفِيقِي مِدفَعٌ=لا ، ومَالِي سَاتِرٌ عِندَ الخَطَر
غير قرآنٍ بقلبي صُنتُهُ=أرتوي من فيضِهِ الصَّافِي الأَغَر
و دُعَاءٍ طَالَمَا رَدَّدتُهُ=خَاشِعاً للهِ أَرجُوهُ الظَّفَر
أُمَّتِي يَا رَبُّ هذا حَالُهَا=غيرُ خافٍ عَنكَ فَاجبُر مَا انكَسَر
و انصرِ الدِّينَ الذي تَوَّجتَهُ=عِزةً تَسمُو عَلى هَامِ البشر
سمر محمد
10-09-2010, 04:32 AM
جواز مرور
و كنتُ صَغِيراً
يُراودُنِي حُلُمٌ لا يَغِيبُ عَنِ العَينِ لَيلَةْ .
و يَملأُ أَجفانَ طِفلِيَ ،
يَبسِمُ لي كلَّ صبحٍ
إذا أذَّنَ الدِّيكُ ، سَبَّحَ بِاسمِ الذي يَمنحُ الكَونَ
هذا الضِّياءَ
و يُرخِي على الكَونِ سُدْلَه .
أَنَامُ فَأُطبِقُ جَفنَيَّ أَخشَى انفِلاتَ الرُّؤَى
مِن جُفُونِي
تُهَدهِدُنِي فَهْيَ أَكبَرُ مِنِّي
و أَكبَرُ مِن عَقلِ طِفلٍ إِذَا سَارَ فِي الشَّمسِ يَرهَبُ ظِلَّهْ .
و كُنتُ إِذا مَا استَفَقتُ أَقُصُّ عَلى أُمِّيَ الحُلمَ
تَضحَكُ لِي ثُمَّ تَأخُذُنِي فِي الحَنَايَا
لِأَرتَشِفَ الحُبَّ كُلَّهْ .
تُفَسِّرُ لِي مَا رَأَيتُ بِنَومِي
تَقُولُ : إِذا صِرتَ مِثلَ أَبِيكَ
سَتَملِكُ بَينَ يَديكَ جَوَازاً تَمُرُّ بِهِ عَبرَ كُلِّ الحُدُودِ
بِدونِ مُضَايقةٍ أو مَذَلَّةْ.
تُحَلِّقُ كَالطَّيرِ فَوقَ البِحَارِ لِتَسكُنَ كُلَّ البِلادِ البَعِيدَةْ .
و كُلَّ البِلادِ القَرِيبَةْ .
و كُلَّ البِلادِ التِّي تَنطِقُ الضَّادَ
تُسمَى بِلاد العُرُوبَةْ .
فَلَمَّا كَبِرتُ
تَحَقَّقَ لِي نِصفُ مَا فَسَّرَتهُ الحَبِيبَةْ .
و نِصفٌ شَوَتهُ شُمُوسُ المَنَافِي
تَجَمَّدَ فِي زَمهَرِيرِ البِلاِد الغَرِيبَةْ .
تَمَزَّقَ ،
لَم يَبقَ مِنهُ سِوى صُورَةِ الطِّفلِ
تَأكُلُ مِن جِسمِهِ ألفُ عِلَّة.
فَأَحرَقْتهُ .
سمر محمد
10-09-2010, 04:32 AM
راحل
راحلٌ مِنِّي إليكِ
راحلٌ مِنِّي إلى عينِ الغزالَهْ .
راحلٌ للفجرِ من ظلمةِ ليلٍِ
دقَّ أوتاداً بقلبي
و تَمَطَّى ـ عابثاً ـ يأبى اْرتِحالَه .
أمتَطِي صهوةَ أحلاميَ
لا ألوي على ليلٍِ
و لا حزنٍ ـ كما الأشجارِ ـ قد ألقى ظلالَهْ .
زادُ أسفاريَ قلبٌ
قد سَقَتهُ غَيمتا عينيكِ عشقا
فارتمى في حِضنِكِ الدافئِ شوقا
أسلمَ النبضَ إليكِ
فاشطريهِ ( مثلهم )
في مُنتَهَى عينيكِ نصفَيْ برتقالهْ
حَدِّقي في كلِّ نصفٍ
و اقرئي لُبَّ الرِّسالهْ .
***
راحلٌ و الحُبُّ زادي
و الهوى الموَّارُ قِرطاسي ،
مِدادي .
و خريفُ العُمرِ قد ألقى على ظهري جِبالَهْ .
هل سيُغريكِ شراعٌ
رفضَ الإبحارَ في بحرِ الضَّلالَهْ ؟
مَزَّقَتهُ الرِّيحُ فرداً
و رَمَتهُ
فانتقى شُطآنَ عينيكِ ..
إلى أهدابِِها شَدَّ رِحالَهْ ؟
استحالهْ .
هل سيغريكِ يراعٌ
كَسَرَتهُ عسكرُ الوالي
لأنِّي لم أبعهُ للخنا أو للعِمالَهْ ؟
استحالَهَْ .
هل سيُغري جيدَكِ المُزدانَ ياقوتاً و دُرّاً
تاجرٌ مثلي فقيرٌ
أفقَدَتْهُ الأسهمُ الحمقاءُ مالَهْ ؟
استحالَهْ .
هل سيُغري حَبَّتَيْ كرزٍ
شفاهٌ كمَّموها ؟
أو عصافيراً على صدركِ
كَفٌّ قَطَّعوها ؟
هل سيُغريكِ قصيدٌ أو مقالَهْ ؟
استحالَهْ .
أنتِ يا بحريَّةَ العينينِ ضَربٌ من نساءٍ
لم أجد في هذه الدُّنيا مِثالَهْ .
أنتِ نهرٌ من عبيرٍ
ليتني أبحرتُ فيهِ من زمانٍ
ليتني ذًقتُ زلالَهْ .
كيفَ أشرقتِ بدربي ؟
و سكبتِ النّوُرَ وضَّاءً بقلبي
فاستمالَهْ .
يا فراديسي ،
و يا كلَّ ألأحاسيسِ التي قد عِشتُها
مُذ صَوَّبَت عَيناكِ سهماً نافذاً للقلبِ
أَردَتهُ قتيلاً
هل سيُغريكِ رحيلي ؟
و ربيعي ..
طمَسَت كَفُّ التجاعيدِ جَمَالَه .
سمر محمد
10-09-2010, 04:35 AM
على صعيد عرفات
صباحٌ جديدٌ قد أطلَّ على الدُّنى=يُبَشِّرُ بالغفرانِ و الرَّحَمَاتِ
و شمسٌ بَدَت للعينِ حسناءَ ، تزدهي=تُشِعُّ السَّنا و الخيرَ في عَرَفَاتِ
و ريحٌ من الجنَّاتِ هَبَّت زكيَّةً=فللهِ من أعطارِها الرَّائِعاتِ
دموعٌ كما الأنهارِ تجري ، كأنَّها=هيَ الدُّرُّ منثوراً على الوَجَناتِ
إلى مكَّةَ الغرَّاء ترنو بصائرٌ=و للبيتِ تهفو من قديمٍ و آتِ
و تصبو قلوبُ المؤمنينَ لقبلةٍ=توحِّدُها من بعدِ طولِ شتاتِ
فتصطفُ في نظمٍ بديعٍ ، كأنَّها=فرائدُ عقدٍ نُظِّمَت بأناةِ
و تعنو لباريها و مبدِعِها الذي=يُقلِّبُها ، تدعوهُ كلَّ صَلاةِ
تعاليتَ يا ربَّ الحجيجِ ، فما لنا=سِوى بابِكَ المفتوحِ في الأَزَماتِ
قصدناكَ يحدونا رجاءٌ و فرحةٌ=و جِئنا وفوداً من جميعِ الجِهاتِ
فلم يُثنِنا بحرٌ ركبنا ، و لا خَبَت=مصابيحُ سعيٍ أُوقِدَت في فلاةِ
فقد كنتَ يا ربَّ الأنامِ أنيسَنا=و نورُكَ منجاةٌ من العَثَراتِ
قصدناك شُعثاً خاضعينَ ، فهب لنا=إذا ما التقى الجمعانِ عِزَّ ثباتِ
و مكِّن لنا يا ربُّ أسبابَ نُصرةٍ=على كُلِّ جبَّارٍ بأرضِكَ عاتِ
طغى فامتطى خيل الغرور بخسةٍ=كفرعونَ في أيامِهِ السابقاتِ
عراق الإباءِ الحُرُّ يدعو و يشتكي=إليك أيا الله ظلم الطغاةِ
فكم دنَّسوا بيتاً بذكرِكَ عامِراً=زكا بين مرتاديه عطرُ الدعاةِ
و كم أحرقوا أرضاً و دَكُّوا منازلاً= و كم روَّعوا من فِتيَةٍ و بناتِ
و هذا هُوَ الأقصى يبثُّ شكاتَهُ=و يدعوكَ كالحُجَّاجِ في الصَّلَوَاتِ
و مِحرابُهُ المكلومُ يأسى لمِنبَرٍ=و باحاتُهُ تُكوَى بنارِ الجُناةِ
فحَرِّرْهُ يا رحمنُ من أسرِ ظالمٍ=و خَلِّصهُ من أغلالِهِ المهلكاتِ
إذا ما تَخَلَّى عنهُ قومي ، فمن لَهُ=سِواكَ ، و في يمناكَ طوقُ نجاةِ
سمر محمد
10-09-2010, 04:36 AM
يا بحر قُل لحبيبتي
يا بَحرُ قُل لِحَبِيبَتِي :
إِنِّي أُحِبُّكِ رَغمَ أَشوَاكِ المَسَافَةِ
و البعَادْ .
و أَبِيعُ عُمرِي ( كُلَّ عُمري )
كَي أَفُوزَ بِنَظرَةٍ سِحرِيَّةٍ
تَطوِي المَسَافَةَ و البِلادْ .
و أُقِيمَ حَفلَ لِقَائِنَا
فِي رَوضَةٍ نِيليَّةٍ
قَد ضَوَّأَتهَا مِن قَنَادِيلِ المُحَيّا شَهرُ زَادْ .
يا بَحرُ قُل لِحَبِيبَتِي :
مَا زِلتُ رَغمَ الرِّيحِ
رَغمَ خُرُوقِ أَشرِعَتِي و مَوجٍ عَابِثٍ
بِسَفِينَتِي
فِي لُجِّ بَحرِكِ سِندِبَادْ .
أَقتَاتُ مِن عُشبِ اْنتِظَارِي و اْصطِبَارِي
أَمتَطِي ظَهرَ العِنادْ .
و سَأَقطَعُ البَحرَ الخِضَمَّ إِلَيكِ سَابِحَةً ضُلُوعِي
أَقطَعُ البِيدَ التي قَد بَاعَدَت بَينِي و بَينَكِ
مَاشِياً فَوقَ القَتَادْ .
يَا بَحرُ قُل لِحَبِيبَتِي:
إِنِّي أَرَاكِ الآنَ تَغتَسِلِينَ فِي عِطرِ البَنَفسَجِ
تَسكُبِينَ النُّورَ فِي أُفْقِي
لَعَلِّي أَهتَدِي بِضِياءِ وَجهَكِ
فِي دَيَاجِي غُربَتِي
يا وِجهَتِي لِلنُّورِ
يا دَربَ الرَّشَادْ .
و أَرَاكِ تُلهِيكِ الفَرَاشَاتُ التِّي قَد حَلَّقَت
فِي ضَوءِ قَلبِكِ
بَينَمَا عَينَاكِ تَرقُبُ صُورَتِي
و يَمِينُكِ النَّعنَاعُ مُمسِكَةٌ بِدِيوَانِي الجَدِيدِ
تُحَدِّقِينَ بِأَحرُفٍ فَاضَت بِحُبِّكِ
فَارتَوَى مِنهَا المِدَادْ .
يَا شَهرَ زَادِ قَصَائِدِي
أَوحَشتِنِي جِدّاً
فَطَوَّعتُ المَنَامَ لِكَي أَرَاكِ
بِرَغمِ أَنَّكِ لَم تَغِيبِي لَحظَةً عَن خَاطِرِي
فَأَتَيْتِ لَكِنَّ القَرَاصِنَةَ اْقتَفَوْا آَثَارَ خُطوَتِكِ الرَّشِيقَةِ
و اْستَبَاحُوا نِيلَ دَمعِكِ
تَاجَ شَمسِكِ
و الخَلاخِلَ و السِّوارَ
و أَسلَمُوا عَيْنَيْكِ ظُلماً لِلسُّهَادْ .
فَشَهَرتُ سَيفاً مَاضِياً
و قَطَعتُ رَأسَ الظُّلمِ ، حَارَبتُ الفَسَادْ .
فَنُفِيتُ عَنكِ
و غَيَّبُوا عَينَيكِ خَلفَ البَحرِ
لَكِنْ مَا اْستَطَاعُوا قَتلَ حُبِّكِ فِي الفُؤَادْ
يا بَحرُ قُل لِحَبِيبَتِي :
لَونُ القَصَائِدِ يَا عَرُوسَ البَحرِ
مُذ أَخَذَت خُطَايَ الرِّيحُ قَسراً عَن تُرَابِكِ بَاهِتٌ
و الشِّعرُ وَشَّحَهُ السَّوَادْ .
سمر محمد
10-09-2010, 04:37 AM
إلى الشاعر و الناقد الصديق عبد الله جمعة
أَنتَ و النَّهرُ .. يَا أَنَا .. صِنوَانِ= حَارَ فِي وَصفِ المُغدِقَيْنِ بَيَانِي
أَنتُمَا سَلسَبِيلُ شَهدٍ و نُورٍ=و مِدَادُ الحَيَاةِ لِلإِنسَانِ
فَحَيَاةٌ فِي قَطرَةٍ ، و حَيَاةٌ=مِن فُيُوضَاتِ عَالِمٍ نورَانِي
أَيُّهَا النَّهرُ هَل سَيَفضَحُ شِعرِي=لَكَ يَوماً مَا لَم يَقُلهُ لِسَانِي ؟
هَل سَيُفشِي مَا خَبَّأتهُ ضُلُوعِي=عَن حَبِيبٍ سُكنَاهُ كُلُّ جَنَانِي ؟
عَن حَبِيبٍ رَغمَ المَسَافَةِ يَبقَى=كَدِمَائِي تَنسَابُ فِي شَريَانِي
هُوَ مِنِّي كَالهُدبِ يَستُرُ عَينِي=و بِعَينَيهِ قَد رَأَيتُ مَكَانِي
و كِلانَا شَطٌّ يُعَانِقُ مَوجاً= كَحَبِيبَينِ حِينَ يَلتَقِيَانِ
فَيَبُوحَانِ بِالهَوَى فِي صَفَاءٍ = و يَذُوبَانِ رِقَّةً فِي حَنَانِ
أَيُّهَا النَّهرُ : هَل عَرَفتَ خَلِيلِي=أَنتَ مِنهُ ، و مِنكُمَا عُنفُوَانِي
فَارِسُ الثَّغرِ ، عَندَلِيبُ القَوَافِي= نَاثِرُ الدُّرِّ ، تُرجُمَانُ المَعَانِي
سَيِّدُ البَحرِ ، شَامِخٌ كَمَنَارٍ= إِن يَضِلَّ الشِّرَاعُ بِالرُّبَّان
سَابِرُ الغَوْرِ ، كَالنُّطَاسِيِّ عِلماً=يَانِعُ الزَّهرِ ، عَاطِرُ البُستَانِ
لا تَلُمنِي يَا عَاذِلِي فِي هَوَاهُ=فَالهَوَى مِنحَةٌ مِنَ الرَّحمَنِ
و قَدِيماً ( رُبَّ أَخٍ ) : حَيثُ قَالُوا=كَانُوا يَدرُونَ أَنَّنَا أَخَوانِ
جَمَعَتنَا رَغمَ التَّنَائِي حُرُوفٌ=و سَقَتنَا بِالحُبِّ أَرْيَ الدِّنَانِ
فَتَلاقَت فِي ذَا الفَضَاءِ عُقُولٌ=و قُلُوبٌ مِن طِينَةِ الأَوطَانِ
عُشبُهَا الخَيرُ ، و الوَفَاءُ زُهُورٌ=مَاؤُهَا الصِّدقُ مِن عُيُونِ الجِنَانِ
يَا صَدِيقِي و حَرفُ "عَينِكَ" شَمسٌ=لاقَتِ "الجِيمَ " ، فَالتَقَى العِيدَانِ
عِيدُ نَصرٍ ، و عِيدُ مِيلادِ نَجمٍ=فِي القَنَادِيلِ سَاطِعٌ كُلَّ آَنِ
سمر محمد
10-09-2010, 04:38 AM
سِنِمَّار
تَبّاً لِغَيرَتِكِ الحَمقَاءِ تَخنُقُنِي=و تُوقِدُ النَّارَ فِي قَلبِي و أَحشَائِي
و تَزرَعُ الشَّكَّ فِي أَجوَاءِ مَملَكَتِي=فَتُنبِتُ الشَّوكَ بَينَ الجَمرِ و المَاءِ
نَعَمْ تَغَارِيِنَ ، ذَا حَقٌّ ، أَأُنكِرُهُ ؟!=و قَد وَهَبتُكِ مِن دِفئِي و أَفيَائِي
و صُغتُ مِن ذَهَبِ الأَشعَارِ أَسوِرَةً=و مِن نَفَائِسِهَا عِقداً لِحَسنَائِي
يَا مَن جَعَلتُ لَهَا الجَوزَاءَ مُتَّكَأً =و الشَّمسَ في أَلَقٍ تَسخُو بِأَضوَاءِ
و النَّجمَ تَاجَ عَلاءٍ فَوقَ هَامَتِهَا= و البَدرَ حَارِسَهَا مِن غَدرِ أعدَاءِ
هَل قَصَّرَتْ لُغَتِي عَن مَنحِ سَيِّدَتِي=فَيضَ المَشَاعِرِ فِي جَهرٍ و إِخفَاءِ ؟
و هَل رَضِيتُ سِوَى العَليَاءِ مَنزِلَةً=حَتَّى تَدُكَّ بِنَارِ الشَّكِ عَليَائِي ؟
جَعَلتُ مَهرَكِ نَبضَ القَلبِ مُذْ نَبَتَت =تَحتَ الضُّلُوعِ زُهُورُ الحَاءِ و البَاءِ
و شِدتُ بِالصِّدقِ قَصراً أَنتِ رَبَّتُهُ=فَشِدتِ بِالشَّكِّ قَصراً فَوقَ أَشلائِي
هِيَ القَصَائِدُ يَا حَسنَاءُ ، يَأخُذُنِي= فِيهَا الخَيالُ إِلَى " لَيْلَى" و " لَميَاءِ "
هِيَ القَصَائِدُ ، قَد أَلبَستُهَا حُلَلاً=مِنَ الضِّيَاءِ ، فَكَانَت بَدرَ ظَلمَائِي
أُنثَى القَصِيدِ عَرُوسُ فِي مُخَيَّلَتِي=زُفَّتْ إِلَىَّ بِلا رَقصٍ و ضَوضَاءِ
أَزُورُ فِي غَفلَةِ الحُرَّاسِ خَيمَتَهَا=فَتُلهِبُ الشَّوقَ فِي دَلٍّ و إِغرَاءِ
أَضُمُّهَا ضَمَّةَ المُشتَاقِ مُرتَشِفاً=رُضَابَهَا العَذبَ فِي صُبحٍ و إِمسَاءِ
يُغرِي الفُؤَادَ أَرِيجٌ مِن مَفَاتِنِهَا=فَيَنتَشِي دُونَمَا كَأسٍ و صَهبَاءِ
أُنثَى القَصِيدةِ أُنثَى لَيسَ يُشبِهُهَا=فِي الحُسنِ فَاتِنَةٌ مِن جِنسِ حَوَّاءِ
أَمهَرتُهَا أَرَقِي ، أَسكَنتُهَا وَرَقِي=أَطعَمتُهَا حُرَقي ، جَادَت بِأَبنَاءِ
هم من كَوَاكِبِ "بُرجِ الشِّعرِ" نَبتُهُمُ=و أُمُّهُم فِي سَمَاءِ الشِّعرِ جَوزَائِي
فَهَل تَغَارِينَ مِمَّن بِتُّ أَعشَقُهَا=عِشقِي لِعَينَيكِ يَا طِبِّي و أدوَائِي ؟
و مَن تَفُوحُ عُطُورِي مِن حَدَائِقِهَا=و مَن تُخَفِّفُ فِي الأَسفَارِ أَعبَائِي
و هَل تَغَارِينَ إِن صَوَّرتُهَا وَطَناً=رَأَيتُ فِي عَينِهِ سَهلِي و بَيدَائِي
يَنسَابُ نِيلُ إِبَائِي مِن مَنابِعِهِ=فَتَستَقِيمُ عَلَى الإِخلاصِ حَوْبَائِي
أُنثَايَ يَا زَفرَةَ الأَشوَاقِ فِي رِئَتِي=قَد جَفَّفَ الشَّكُّ فِي عَينَيكِ خَضرَائِي
قَد كُنتُ "سِنْمَارَ " إِذ شَيَّدتُ مِن وَلَهِي =لَكِ " الخَوَرنَقَ " يُغرِي كُلَّ بَنَّاءِ
فَكُنتِ وا شِقوَةَ "النُّعمَانِ " قَاتِلَتِي=مُذ بَعثَرَتْ رِيحُكِ الهَوجَاءُ أَشيَائِي
سمر محمد
10-09-2010, 04:39 AM
و ما بينهما
غِيَابٌ رَاحَ يُنذِرُ بِالغِيَابِ= حُضُورٌ جَاءَ يُنبِئُ بِاغتِرَابِي
يَنَابِيعٌ تَفَجَّرُ في ضُلُوعِي=و مَا زَالَ اللَّظَى يَكوِي إهَابِي
صَحَارَى التِّيهِ تَشرَبُ مِن عُيُونِي=ومَا زِلتُ المُحَدِّقَ فِي السَّرَابِ
أَطِيرُ عَلَى جَنَاحٍ مِن يَقِينٍ=لأَسقُطَ فِي دَيَاجِيرِ ارتِيَابِ
ويَجنَحُ بِي خَيَالٌ ، أنتِ فِيهِ=كَوَمضِ البَرقِ فِي عَينِ السَّحَابِ
عَلَى أَغصَانِكِ الخَضرَاءِ تَلهُو=فَرَاشَاتُ التَّمَرِّدِ و التَّصَابِي
و فِي جَنَّاتِكِ الفَيحَاءِ ، يَتلُو=حَمَامُكِ مَا تَسَطَّرَ فِي كِتَابِي
أَنَا نِصفَانِ ، نِصفٌ فِي هُدُوئِي=و نِصفٌ قَد تَوَارَى فِي عُبَابِي
أَنَا شَمسَانِ ، شَمسٌ فِي جَبِينِي=و شَمسٌ قَد أَشَعَّت فِي ثِيَابِي
أَنَا مَطَرٌ ، بِرَغمِ هَزِيمِ رَعدِي=بِهِ رَوَّيتُ أَزهَارَ الرَّوَابِي
أَنَا مَا كُنتُ ظِلاًّ ، بَيدَ أنِّي=أُظَلِّلُ مَن تَعثَّرَ مِن صِحَابِي
أَحِنُّ و لَستُ أَحنِي رَأسَ شِعرِي=و أَحنُو مَا حَيِيِتُ عَلَى المُصَابِ
سَلِي عَنِّي إِذَا أُنسِيتِ قَدرِي=أَنَا الحَادِي ، و غَيرِي فِي رِكَابِي
أُحِبُّكِ ، لَم تَزَل بِدِمَايَ تَسرِي=و فِي عَينَيَّ يَفضَحُني شِهَابِي
أُحِبُّكِ ، لا أُمَارِي فِي شُعُورِي=و مَا كُنتُ المُزَايِدَ و المُرَابِي
فَلاَ يَغرُرْكِ أَنِّي قَد تَنَاهَى =إِلَى عَيْنَيكِ حُبِّي و انتِسَابِي
و لا يَغرُرْكِ أَنَّكِ كُنتِ بَدراً=أَطَلَّ عَلَيَّ فِي لَيلِ اكتِئَابِ
فَإِن كُنتِ الأَمِيرَةَ فَوقَ عَرشِي=فَقَد شَيَّدتُ عَرشَكِ مِن شَبَابِي
وَهَبتُكِ مَا تَمَنَّى كُلُّ أُنثَى=و لَم أَحصُدْ سِوَى شَوكِ الغِيَابِ
مَنَحتُ لِقَلبِكِ الخَفَّاقِ نَبضِي=سَلِيهِ يُجِبْكِ يا ذَاتَ الحِجَابِ
سَلِي عَينَيكِ كَم كَفكَفتُ دَمعاً= و ثَغرَكِ كم تروَّى مِن رُضَابِي
سَلِي يُمنَاكِ كَم نَامَت بِكَفِّي=و خَوفَكِ كَم تَحَصَّنَ فِي هِضَابي
سَلِي اللَّيلَ الذِي نَهَشَ الأَمَانِي=بِمِخلَبِهِ ، و مَزَّقَهَا بِنَابِ
يُجِبْكِ بِأَنَّنِي مَن كُنتُ أَقضِي=عَلَيهِ ، بِلا سُيُوفٍ أو حِرابِ
فَيَهرُبُ مِثلَمَا الجَانِي طريداً=هُرُوبَ الوَحشِ مِن آسَادِ غَابِ
و كَانَت ضِحْكَتِي تَنسَابُ فِيهِ=إِلَى أُذُنَيكِ كَالخَمرِ المُذَابِ
و كُنتُ أُضِيءُ كُلَّ شُمُوعِ قَلبِي=لأَجلِكِ فِي ذَهَابٍ أو إِيَابِ
و كَم سَهِرَتْ عَلَيكِ عُيُونُ شِعرِي=و نِمتِ عَلَى السَّكِينَةِ فِي جَنَابِي
أَيَا وَطَناً يَتِيهُ النِّيلُ فِيِهِ= أُعَاتبُهُ فَيُصغِي للعِتَابِ
و أَعزِفُ عِندَهُ لَحناً حَزِيناً =فَيَسحَرُنِي بِأَلحَانٍ عِذابِ
و أُغرِقُ فيِهِ كُلَّ سِنينِ يَأسِي=و أَستَهدِيِه يُلهِمُنِي صَوَابِي
أغارَ النيلُ ، أم ضلّت خطاهُ=و من كالنيلِ عوناً في المُصابِ ؟
أَتُوصِدُ كُلَّ بَابٍ في عُيُونِي=و فِي قَلبِي أُوَارِبُ كُلَّ بَابِ ؟
و تَترُكُنِي عَلَى وَلَهي وَحِيداً=أُفَتِّشُ فِي خَيَالِي عَن جَوَابِ
سمر محمد
10-09-2010, 04:40 AM
سراب
تبادلا السؤالَ و مضت فلم يعرف من هي و لم تعرف من هو
فأنشد يقول :
مَن أَنتِ يَا فَجراً تَوَضَّأَ بِالسَّنَا=مَن أَنتِ قُولِي ، كَي أُجِيبَكِ مَن أَنَا ؟
أَلقَت بِكِ الأَقدَارُ فِي دَربِي ، و مَا=أَلفَيتُ دَرباً رَاقَنِي مُذ ضَمَّنا
و كَأَنَّهُ مِن نُورِ وَجهِكِ أَشرَقَت=جَنَباتُهُ ، فَهَدَى خُطَايَ إِلَى الهَنَا
عَامَانِ مُذ كَانَ اللِّقاءُ ، و خَافِقِي=مُتَرَنِّحٌ بَينَ الصَّبَابَةِ والعَنَا
أَصحُو عَلَى شَوقٍ ، أَبِيتُ عَلَى جَوَىً=وأَشُمُّ فِي رَوضِ التَّذَكُّرِ سَوسَنَا
وأُبِيحُ لِلعَينِ اختِلاسَ طُيُوفِ مَن= زَرَعَت ، و رَاحَت بِالبِذَارِ و بالجَنَى
وعَنَادِلُ القَلبِ الشَّغُوفِ تَرَنَّحَت=مِن خَمرِ عُصفُورٍ بِثَغرِكِ دَندَنَا
و نَسَائِمُ الجَنَّاتِ فَاحَت بِالشَّذَا =فَعَرَفتُ مَن تَخِذَت رُبَاهَا مَسكَنَا
مَن أَنتِ ، قَد جَفَّ السُّؤالُ عَلَى فَمِي=و اْخضَوضَرَت فِي القَلبِ أَشجَارُ الضَّنَى
و تَأَجَّجت نَارُ التَّوَلُّهِ فِي دَمِي=مِن نَظرَةٍ قَلَبَت بِعَيْنَيَّ الدُّنَى
فَشَمَالُهَا كَجَنُوبِهَا ، و صَبَاحُهَا=كَمَسَائِهَا ، و المُستَقِيمُ المُنحَنَى
و نُوَاحُهَا كَصُدَاحِهَا ، و عَرَاؤُهَا=كَكِسَائِهَا ، والفَقرُ فِيِهَا كَالغِنَى
مَن أَنتِ قُولِي ، أَينَ بَوْصَلَةُ الهَوَى=تَهدِي سَفِينَةَ مَن لِحُبِّكِ أَذعَنَا
لَو كُنتِ خَلفَ الشَّمسِ جَئتُكِ طَائِراً=لأُرِيقَ فِي كَفَّيْكِ أَنهَارَ المُنَى
أَو كُنتِ خَلفَ البَحرِ جِئتُكِ سَابِحاً=لا المَوجُ يُثنِينِي هُنَاكَ و لا هُنَا
عَامَانِ و الدَّربُ الطَّوِيلُ يَقُودُنِي=لِلآَلِ ، مَا فَتَرَ الفُؤَادُ و مَا وَنَى
عَامَانِ أَبحَثُ فِي مَوَانِي اْلقَادِمِيـ ..=نَ ، اْلرَّاحِلِينَ ، و كَم سَأَلتُ الأَعيُنَا
و نَظَرتُ فِي كُلِّ القُلُوبِ فَلَم أَجِدْ =لِطُيُورِ قَلبِيَ غَيرَ قَلبِكِ مَوطِنَا
عَينَاكِ غَيَّرَتَا خَرِيطَةَ عَالَمِي اْل =بَدَوِيِّ ، مُذ أَشرَقْتِ فِيهِ تَمَدَّنَا
و جَبِينُكِ المِرآَةُ يَفضَحُ لَحظَةً=دَارَت بِهَا كَأسُ التَّسَاؤُلِ بَينَنَا
و يَمِينُكِ النَّعنَاعُ مُذ لَمَسَت يَدِي=و حَرَارَةُ اللُّقيَا تُرَاوِدُ أَرعَنَا
لَوْلاكِ قَرَّت عَينُهُ بِمَنَامِهَا=و ارتَاحَ مِن أَرَقٍ عَلَيهِ تَشَيْطَنا
يا ظَبيَةً عَرَبِيَّةً لَم تَترُكِي=لِقَتِيلِ حُسنِكِ غَيرَ حُلْمٍ هَيمَنَا
و شَرَدتِ لا عُنوَانَ غَيرَ " أُنُوثَةٍ "=و سَرَابِ غَانِيَةٍ إِذَا ابتَعَدَتْ دَنَا
و قُصَاصَةٍ بَيضَاءَ نَوَّرَ فَوقَها:=" مَن أَنتَ قُل لِي كَي أُجِيبَكَ مَن أَنَا "
سمر محمد
10-09-2010, 04:40 AM
عازفة البيانو
اسكبي اللحنَ شجيا=و انثريهِ في فضائي
غرِّدي ما دمتُ حيّا=" أنتِ لي سِرُّ بقائي"
أنتِ أعطيتِ وجودي=جَذوةً بعدَ انطفاءِ
و سقيتِ العمرَ شهداً =بعدما ضَنَّت سمائي
فارتوى زهرُ خريفي=و جَرَت فيهِ دمائي
أسمِعِيني اللحنَ صبحاً=و احتويني في المساءِ
ضمِّخي بالعطر قلبي=و اغسليني بالضياءِ
يا ضيائي : أنتِ مِنِّي=و كلانا من نقاءِ
واصلي عزف البيانو=إنَّ سمعي في اشتهاءِ
إصبعٌ ذي أم نسيمٌ=مرَّ بي في خُيَلاءِ ؟
لامَسَت أوتارَ قلبي=فارتَقَى صوبَ ذُكاءِ
فسقاها من عيون ال=حُلمِ حدَّ الإرتواءِ
"دو رِ مي فا" "صُل لَ سي دو"=رائعٌ لحنُ الوفاءِ
فاعزفيه باقتدارٍ=يا ربيعي و رجائي
سمر محمد
10-09-2010, 04:42 AM
أما آن أن تستجيب القوافي
إلى الشاعرة و الفنانة التشكيلية : راضية العرفاوي
لماذا تخلَّيتَ يـا شِعـرُ عنـي= فسلَّمتَنِـي للرجـا و التمنِّـي
أُرَوِّي قوافيكَ مِن فيضِ قلبـي = فأجني حصيدكَ قمـحَ التجنِّـي
أقولُ سترجعُ لـي بعـد نـأيٍ = فتهربُ ، تهربُ ، تهربُ مِنـِّي
و قد كنتَ طفليَ ، لا أستريـحُ = إذا لم تَنَـمْ مُستريحـاً بعينـي
أما آنَ يـا شعـرُ ردّ الجميـلِ = سألـتـُكَ باللهِ ، لا تخذُلـنِّـي
أما آنَ أن تستجيـبَ القوافـي = لإكـرامِ مَـن بالوفـاءِ تُغنِّـي
أيا ربَّةَ الشعرِ هذا قريضي = بعيدِكِ يزهو ، و لـن يعصيَنِّـي
أَخُـطُّ إليـكِ بحبـرِ الـوفـاءِ = حروفاً ترقرقُ مثل اللُجـيـنِ
و أُزجـي إليـكِ قوافـلَ شعري = محمَّلَـةً بالـوفـا دونَ مَــنِّ
فأنتِ الأصيـلةُ بنتُ الكرامِ =و ما خابَ في طيبِ أصـلِكِ ظني
و أنتِ أيا " بنت تونسَ " نجـمٌ = يشعُّ التألق في كلِّ فـنِّ
و يأبى عطـاؤكِ إلا السمُـوقَ = و يأبى السقوطَ ببئـرِ التدنـي
عرفتُ حروفَكِ مثل الزهورِ= يفوحُ شـذاها لإنـسٍ و جِـنِّ
سأهديكِ في يوم عيدكِ طوقاً = من الياسمينِ الذي يأسرنِّي
ألا فاقبليهِ و كلّ دعائي=بعمرٍ مديدٍ ، و طيب التمني
سمر محمد
10-09-2010, 04:43 AM
و نطقتها
في رثاء الصديق و المربي الفاضل : شوقي عبد الوهاب
و تَرَكتَنا ، و رَحَلتَ وَحدَكَ يا غَرِيبْ=عَزَّ المُقامُ عَلَيكَ فِي دُنيا اللَّهِيبْ
فَحَزَمتَ أَمتِعَةَ الرَّحِيلِ مُسَافِراً=مِن دُونِما زَادٍ ، سِوَى قَلبٍ رَطِيبْ
و دُعَاءِ آَلافٍ و عِلمٍ نَافِعٍ =زَرَعَتْهُ يُمناكَ الشَّرِيفَةُ في القُلُوبْ
هَل كُنتَ تَعلمُ يا رَفِيقي بِالنِّهَا=يَةِ فَامتَطَيتَ الرِّيحَ لِلوَطَنِ الحَبيبْ ؟
لَمَّا دَعَاكَ ثَرَاهُ طِرتَ بِلَهفةٍ=لِتَنَامَ كَالعُصفُوُرِ فِي الصَّدرِ الرَّحِيبْ
و أَخَذتَ آَخِرَ قَطرَةٍ مِن نِيلِهِ=فَغَسَلتَ مَا عَلقَت بِثَوبِكَ مِن ذُنُوبْ
كفَّنتَ نَفسَكَ بِالثَّرى ، و سَتَرتَهَا=مِن عُريِ أَيَّامٍ رَمَتكَ عَلىَ الدُّرُوبْ
و تَرَكتَ خَلفَكَ أَدمُعاً حَرَّى تَسِيلُ..=كَمُزنَةٍ فِي مَهمَهِ العُمرِ الجَدِيبْ
و تَرَكتَ أَزهَاراً بِدَارِكَ لَم تَزَل=عَطشَى فَتَروِيهَا مَرَارَاتُ النَّحِيبْ
يا صَاحِبي : لا زَالَ صُبحُكَ مُشرِقاً=فَلِمَ اْستَكَانَت شَمسُ صُبحِكَ للمَغِيبْ ؟
و لمَ اْستَكَنتَ لِسَطوةِ الحُمَّى ، فَلَم=يُوقِظْكَ عِندَ الفَجرِ صَوتُ العَندَليبْ ؟
و دُعَاءُ " نِرمِينَ " الذي صَعَد السَّما=ءَ على جَنَاحِ النُّورِ للرَّبِّ الحَسِيبْ ؟
"شَوقِي" : و قَد أَجَّجتَ شَوقِي لِلِّقَا=فَمَتَى سَيَجتَمِعُ الغَرِيبُ مَعَ الغَرِيبْ ؟
و كَأَنَّنِي أَرنُو إِلَيكَ و حَولَكَ ال=حُورُ الحِسَانُ مُضَمَّخَاتٍ بالطُّيُوبْ
و قُطُوفُ فَاكِهَةٍ دَوَانٍ مِنكَ فَاقْطِفْ..= مَا تَشَاءُ بِأَمرِ رَحمَنٍ مُجِيبْ
يا صَاحِبي : مَا زَالَ صَوتُكَ صَادِحاً=فِي مِسمَعَيَّ كَصَدحِ قُبَّرةٍ لَعُوبْ
كَخُشُوعِ قِديسٍ ، كَرِقِّةِ مُدنَفٍ=نَاجَىَ ، فَأَبكَىَ اْلأُفْقَ و السَّهلَ الخَصِيبْ
أُوصيك ، لا ، لا تُوصِنِي ، بَل عُد إِلى=بَيتٍ يَتُوقُ لِصَوتِكَ العَذبِ الرَّطيبْ
عُد لِلزُّهَيرَاتِ ، اْرتَقَبنَ يَمِيَنَكَ ال=بَيضَاءَ ، تَسقِيِهِنَّ مِن عَذبِ الحَلِيبْ
لا ، لن أعودَ ، نَطَقتَهَا فِي لَحظَةٍ= بِشِفَاهِ رَاضٍ بالقَضَا : مَوْتِي قَرِيبْ
سمر محمد
10-09-2010, 04:44 AM
غيبوبة
ماذا دَهَاكْ ؟!
أَهِيَ النِّهايَةُ لَوَّحَت بِيَمِينِهَا
أم طَوَّقَت شَمسَ الغُرُوبِ يَدَاكْ ؟
عَينَاكَ فِي الأُفْقِ البَعِيدِ ، و ضَوءُ نَجمِكَ خَافِتٌ
و القَلبُ مُرتَعِشٌ عَلَى كَفِّ انتِظَارِكَ
للذي يَأتِي يَقِيناً
بَعدَ يَومٍ رُبَّمَا ،
أو بعدَ ثَانِيَةٍ ، و ما ..
زَوَّدتَ رَاحِلَةَ الخُلُودِ بِغَيرِ مَاءِ الشِّعرِ ،
سَطَّرَ فِي كِتَابِ العُمرِ بَعضاً مِن رُؤَاكْ .
هُم تَارِكُوكَ
عَلَى بِسَاطِ الرِّيحِ وَحدكَ
حَيثُ تَأخُذُكَ المَسَافةُ لِلمَسَافةِ
و الرَّحِيلُ إِلى النَّعِيمِ أو الهَلاكْ .
يا أَيُّهَا الجَسَدُ المُسَجَّى بِالدُّمُوعِ و بِالعَرَقْ :
مَا لِي أَرَى أَنهَارَكَ اللا تَعرِفُ الخَوفَ
اْستَكَانَت لِلغَرَقْ ؟
و بَنَفسَجَاتٍ طَالَمَا أَبَتِ الذُّبُولَ
الآنَ تَذوِي ،
بَعثَرَتْهَا الرِّيحُ فِي كُلِّ اْتِّجَاهٍ
لَم تَدَع فِي جِسمِكَ المَهزُولِ بَعضاً مِن شَذَاكْ .
تَقتَاتُ مِن عُشبِ الرَّحِيلِ الآنَ وَحدَكَ
يَرتَعُ الفَيْرُوسُ فِي نَعنَاعِ قَلبِكَ ،
يَحتَسِي البُنَّ " المُحَوَّجَ "
مِن دِمَاكْ.
فَتَغِيبُ عَن هَذَا الوُجُودِ سُوَيْعَةً
و تُفِيقُ ،
صَوتُ أَبِيكَ فِي أُذُنَيكَ ،
أَطيَافٌ أَمَامَكَ كَالفَرَاشَاتِ المُزَركَشَةِ ،
اْحتِضَارُكَ لَيسَ يَمنَعُهَا بِأَن تَأوِي إِلَيكَ ،
لِنُورِ مِصبَاحٍ تَدَلَّى مِن خَيَالِكَ ،
رُوحُ أُمِّكَ وَحدَهَا تَنثَالُ نُوراً مِن نَوَافِذِ
غُرفَةٍ غَجَرِيَّةٍ
و يَمِينُهَا تَمتَدُّ نَحوَكَ كَي تُجَفِّفَ مَا تَصَبَّبَ مِن جَبِينِكَ ،
سَاعَةٌ فَوقَ الجِدَارِ تَسَلَّلَت مِنهَا العَقَارِبُ
لِلسَّرِيرِ
و " زُخمَةُ " الشَّيخِ المُعَلِّمِ لَم تَزَل تَقفُو خُطَاكْ .
يَا أَيُّها الطِّفلُ الشَّقِيُّ :
أَمَا حَفظتَ "الفَجرَ" و "الفُرقَانَ" بَعدُ ؟ ،
أَلَم تَحُلَّ الوَاجِبَ اليَومِيَّ بَعدُ ؟ ،
أَلَم تَزَل مُتَعَثِّراً فِي جَدوَلِ الضَّربِ
الذي عُلِّمتَ بَعدُ ؟ ،
لأَضرِبَنَّكَ بِالعَصَا
فِهيَ الجَزَاءُ لِمَن عَصَى
فَتَفِرُّ مِن فَزَعٍ إلى أَحضَانِ أمِّكَ
هَل تَفِرَّ اليَومَ مِمَّن قَد أَحَاطَكَ بِالشِّبَاكْ .
قَد صَارَ أَقرَبَ مِن رَفِيفِ الهُدبِ ،
أَقرَبَ مِن شَرِيطِ الذِّكرَيَاتِ ،
و مِن مَحَالِيلِ الطَّبِيبِ و حُقنَةِ التَّخدِيرِ
تَسرِي فِي الوَرِيدِ
تَغِيبُ عَن دُنيَا الهُمُومِ هُنَيْهَةً
عَن دَمعِ أَطفَالِ العِرَاقِ ،
حِصَارِ غزةَ ،
جُوعِ إِفرِيقيَا ،
زَلازِلَ بِنجِلادشَ ،
تَستَفِيقُ عَلَى دَوِيٍّ هَائِلٍ ،
أَبوَاقِ إِسعَافٍ ، و جَرحَى ، و انشِغَالٍ عَنكَ
فَاْصمُتْ
إِنَّهُ المَوتُ الذي قَد جَاءَ يُنذِرُ بِالغِيابِ
اْلآنَ يَلقَاهُم هُنَاكْ .
و تَظَلُّ وَحدَكَ سَابِحاً
و مُسَبِّحاً
عَينَاكَ فِي الأُفقِ البَعِيدِ و ضَوءُ نَجمِكَ خَافِتٌ
و غُيُومُ ذِكرَى الأَمسِ
قَد غَطَّت سَمَاكْ .
28/6/2010 م
سمر محمد
10-09-2010, 04:45 AM
مدينةُ السَّرابِ
فَرقٌ كَبِيرٌ
أَنْ تَكُونَ يَمِينُكَ البَيضَاءُ فِي نَارٍ
و يُسراكَ الشَّقِيَّةُ فِي الجَلِيدْ .
فَرقٌ كَبِيرٌ أَن تَهَاوَى فَوقَ رَأسِكَ صَخرَةٌ
أَو أَن تَحُطَّ عَلى يَدَيكَ حَمَامَةٌ
أَو زَهرَةٌ
فَرقٌ كَبِيرٌ بَينَ شَهدِكَ و الصَّدِيدْ .
يا أَيُّهَا المَسكُونُ بالحُزنِ العَتِيقِ
هُنَاكَ بَونٌ شَاسِعٌ
بَينَ القَتَامِ اْندَاحَ فِي أُفْقٍ ،
يُسَاقِطُ جَمرَهُ فَوقَ الغُصُونِ و بَينَ ضَوئِكَ
يَبعَثُ الآَمَالَ فِي القَلبِ العَمِيدْ .
مَا زِلتَ تَبحَثُ فِي مَنَامِكَ عَن رُؤىً
غَيرِ التِي زَارَتكَ عُمراً
لَم تَحَقِّقْهَا
و لَنْ ...
فَانفُض يَدَيكَ مِن القَتَامِ ، مِن الأَنَامِ
مِن الرُّؤى
و اْرحَل إِلَى النَّجمِ البَعِيدْ .
خَمسُونَ لَم تَمنَحْكَ غَيرَ كَثِيبِ رَملٍ
فِي فَلاَةِ التِّيِهِ
مَا إِن كُدِّسَت ذَرَّاتُهُ نَثَرَتهُ رِيحٌ عَاصِفٌ ،
و مَدِينَةُ الأَحلامِ وَهمٌ كَاذِبٌ
هِيَ كَالسَّرَابِ
و أَنتَ يَقتُلُكَ الصَّدى
فَاصرِف عُيُونَكَ عَن حَدَائِقِهَا ،
و عَن يَنبُوعِهَا العَسَلِيِّ ،
عَن قَصرٍ مَشِيدْ .
ما زِلتَ تَزرَعُ يَاسَمِينَكَ فِي القُلُوبِ ،
و أَنتَ فَلاَّحٌ أَصِيلٌ
كَيفَ خَانَتكَ البَصِيرَةُ
أَنَّ زَرعَكَ قَد يَجِفُّ إذا تَقَلَّبَتِ الفُصُولُ
و أنَّ مَاءَكَ قَد يَغُورُ
و أنَّ جَهدَكَ قَد يَبِيدْ ؟
يا أَيُّهَا البَحَّارُ قَد رَجَمُوكَ بالمَوجِ العَتِيِّ
فَأَحدَثُوا خَرقاً كَبِيراً فِي شِراعِكَ
هل سَتغَرَقُ يَا أَمِيرَ البَحرِ
أم تُعطِي القَرَاصِنَةَ السِّلاحَ
لِيَذبَحُوكَ مِن الوَرِيدِ
إِلَى الوَرِيدْ ؟
يَا أَيُّها المَسكُوُنُ بالنِّيِلِ / الفُرَاتِ
القُدسِ/ أَطفَالِ النَّضَارِةِ
مَا لَهُم قَد جَهَّزوا نَعشاً بِحَجمِ الكَونِ
سَارُوا فِي جِنَازَتِكَ الكَبِيِرَةِ يَضحَكُونَ ،
يُقَهقِهُونَ ،
و يَحتَسُونَ نَبِيذَ أَدمُعِهِم عَلَيكَ
و أَنتَ حَيٌّ فِي عُرُوقِ النَّرجِسِ الجَبَلِيِّ
تَبسِمُ مِثلَمَا الفَجرِ الوَلِيدْ .
لا لَن تُشكِّلَ عالماً أنَّى تشاءُ
فَوَجهُ أَرضِكَ غَابَةٌ
فِيهَا ذِئَابٌ تَستَبِيحُ بَرَاءَةِ التُّولِيِبِ
فِي زَمَنِ التَّرَدِّي و اْندِيَاحِ سَحَائِبِ الفُسفُورِ
و البَارُودِ
و اْستِنسَاخِ مَوتٍ تِلوَ مَوتٍ
مِن دِمَاءِ حَمَامَةٍ و عُرُوقِ زَيتُونٍ وَئِيدْ .
لا لَن تُشَكِّلَ عَالَماً
و الحُلمُ أَبعَدُ مِن حَرِيرِ يَدَيْنِ
كُبِّلَتا بِأَصفَادِ الحَدِيدْ
فَاهرُب بِحُلمِكِ عَن عُيُونِ الحَاقِدِينَ
هُنَاكَ تَلقَاهَا تُلَوِّحُ فِي انتِظَارِكَ
بِالأَمَانِي ، و الوُرُودْ .
و اشكُر لِمَن أَهدَتكَ أَجنِحَةَ التَّوَهُّجِ
كَي تُحَلِّقَ فِي فَضَاءٍ لَيسَ فِيهِ سِوَاكُمَا
و عَلَى حَرِيرِ الصَّدرِ نَمْ
و احلُم هُنالِكَ مِن جَدِيدْ .
سمر محمد
10-09-2010, 04:46 AM
دموع ملتهبة
" في رثاء القطة إندي .. قطة البيت الأبيض المدلله
قِف حِداداً
و اسكبِ الدمعَ الغزيرْ .
و انتحبْ حزناً عليها ،
.. لا علينا ..
أيها القِطُّ الغريرْ .
كيف لا تبكي على " إندي "
و قد أسكنتَها عشرينَ عاماً بيتَكَ الأسودَ
حتى أصبحَت فرداً من البيتِ الكبيرْ .
كيف لا تذرفُ دمعاً حارقاً و النارُ في قلبِكَ تغلي
و عيونُ القطَّةِ السوداءِ طيفٌ
أينما سِرتَ يسيرْ .
هل تبلّدتَ شعوراً ؟!
أم تعوَّدتَ على موتِ الضميرْ ؟!
ها هنا كانت " أُنيدي "
تشرب " الدَّمَّ " المُصَفَّى
من يديْ جزارِ أمريكا الخطيرْ.
ها هنا كنتَ تغذِّيها
و كانت .. عنوةً .. تأكل من لحمِ الضحايا
في رُبا بغدادَ
في غزّةَ
في كل الثغورْ .
ها هنا كانت بعينيها ترى
كلَّ الخياناتِ التي دبَّرْتَ سِرّاً و جِهارا
و القراراتِ التي أعلنتَ ليلاً و نهارا
و لَكَم بالت على الأوراقِ في أدراجِ ذاكَ " المستديرْ " .
كيف لا تبكي عليها ؟!
يا غبياً ليس يدري ما الوفاءْ
يا ذليلاً لم يَذُقْ يوماً سوى طعمِ الحذاءْ .
هذه المسكينةُ السوداءُ لا ذنبٌ لها
لمَّا رماها بين كَفَّيْ قاتلٍ
حظٌّ عسيرْ .
كيف لم تستخدمِ "الفيتو" على الموتِ الذي أودى بإندي؟
كيف لم تفرض عقوباتٍ على كلِّ القبورْ ؟
كيف لم تُرسلْ جيوشاً ،
طائراتٍ ،
بارجاتٍ ،
تقصف الجرثومةَ الحمقاءَ قصفاً
قبل أن تسريَ في الجسمِ الصغيرْ ؟
هل تبلَّدْتَ شعوراً ؟!
أم تَعَوَّدْتَ على موتِ الضميرْ ؟!
كيف لا تبكي عليها
و دموعُ الأمِّ " لورا " و ابنتيها
لم تزل تجري على الخدِّ وفاءً ..
و مَعَزَّه .
و دِما " إندى " لديكم ..
يا دعاةَ السِّلمِ أغلى من دِما أطفالِ غَزَّه .
و حياةُ القطةِ السوداءِ أسمى
من معاناةِ الأسيرْ .
و دمارٌ خلَّفَتهُ الآلةُ الحمقاءُ في بغدادَ أوهى
من ليالٍ لم تَذُق " إندُ " الكرى فيها
لأن الخادمَ الكسلانَ قد نامَ
و لم يحفلْ بإعدادِ السَّريرْ .
لم يجهِّزْ رِغوةَ " الشمبو " لإندي
لم يُرشرشْ فوقها أزكى العطورْ .
لم يُفَرِّشْ سِنَّها .. عمداً .. بمعجونِ " الضحايا "
و افترى .. إفكاً و زوراً .. أيَّ زورْ .
قال و الحسرةُ في عينيهِ تبدو :
" إنها فرَّت لبيتِ القطِّ " مور " .
كيف لم تجتث رأسَ الخادمِ الكسلانِ
مثل آلافِ الضحايا
كيف من أجلِ " أُنيدي " لا تثورْ ؟
هل تبلَّدتَ شعوراً ؟!
أم تعوَّدتَ على موتِ الضميرْ ؟!
ماتت المسكينةُ السوداءُ قهراً
لم تُرِد عيشاً رغيداً
وذليلاً
بين أنجاسِ القصورْ .
لم تُرِد سُكنى بيوتٍ
شِدتَها .. عُمراً على الأشلاءِ .. من حقدٍ و جورْ .
إنها إندي المليحهْ
إنها إندي الجريحهْ
ربما راودتها عن نفسِها يوماً
و داريتَ الفضيحهْ
فوأدتَ القططَ السوداءَ أحياءً كآلافٍ سقيتَ الموتَ
في كأسِ الثبورْ .
ماتت المسكينة السوداءُ قهراً .
فَضَّلَتْ حريَّةَ الموتِ على العيشِ المريرْ .
فعزائي
و رثائي
أيها الهِرُّ الكبيرْ .
13/1/2009 م
سمر محمد
10-09-2010, 04:47 AM
و أينع زهر الحب
مهداة إلى: د. عبد الرحمن السليمان
لن يَحجُبَ الغَيمُ نُورَ البَدرِ في الظُّلَمِ=و لن تَنَالَ كُراتُ الطِّينِ مِـن هَـرَمِ
إنَّ البُغـاثَ إذا مـا قارَبَـت أُفُقـاً=مُلكَ النُّسُورِ ، هَوَت مِن حُرقة الرُّجُمِ
و الذَّرُّ إن تَنمُ فـي جنبيـهِ أجنحـةٌ=لن يستطيعَ بها طيـراً إلـى القِمَـمِ
فَنَم قَرِيرَ جُفونٍ ، أنـتَ فـي دعـةٍ=و عينُ شَانِيكَ فِي سُهدٍ ، فَلـم تَنَـمِ
فَكَّرتُ فِي عَالمٍ قَد مَـاجَ مُضطَرِبـاً=دِماؤُهُ اْختَلَطَت فَوقَ الثَّـرى بِدَمِـي
فِي غَزَّةَ اْنتفضَ الأَبطالُ ، تَسبِقُهُـم=أَرواحُهُـم لِجِنـانِ الخُلـدِ و النِّعَـمِ
و القُدسُ في شَمَمٍ ضَجَّـت مَآذِنُهـا=فَهَلَّلَت مُهَجُ الحُجَّـاجِ فـي الحَـرَمِ
اللهُ أكبرُ يا أَقصَى ، فَهَـل جَنَحَـت=عَنكَ العُقُولُ إلـى التَّشهِيـرِ بالكَلِـمِ
اللهُ أكبرُ يا بَغـدادُ ، هَـل رُمِيَـت=جِراحُ دِجلَةَ في بَحـرٍ مـن الظُّلَـمِ
و صارَ هَمُّ بَنِي الأَوطَـانِ و أَسَفِـي=نَهشَ الأَدِيمِ و قَرمَ اللَّحمِ فـي نَهَـمِ
قامَت قِيامَـةُ غَـربٍ رَامَ نَهضَتَـهُ=و نَهضَةُ العُربِ في الأَوحَالِ لَم تَقُـمِ
يا يَاسَمِينَةَ قَلبِـي ، حَـرِّرِي لُغَتِـي=كي أُطلِقَ الحَرفَ مِن قِيثَارَةِ النَّغـمِ
أَحبَبتُ عَينَيكِ يا مِصرَ التي سَكَنَـت=قَلبِي ، و أَينعَ زَهرُ الحُبِّ فَوقَ فَمِي
و يا شَآمُ اذكُريِنـي عِنـدِ صَاحِبِنَـا=و بلِّغِيـهِ سَـلامَ النِّيـلِ و الـهَـرَمِ
قُولِي لَهُ : أَنتَ فِي قَلبِ "الجمال" مَدَىً=مِن الجَمَالِ و فِـي عَينَيـهِ كالحُلـمِ
رأيـتُ فَارِسَـهُ لَـم يَحـنِ هَامَتَـهُ=إلاّ لِخالِقِ هـذا الكَـونِ مِـن عـدَمِ
سيفُ الكَرَامَـةِ فـي يُمنـاهُ تَسبِقَـهُ=كَفُّ تَخضَّبَ بِالنِّسرِيـنِ مـن كَـرَمِ
" يَاسينُ " أَغبِطُ حَرفَ الياءِ إذ نَبَسَت=بِهِ شِفـاهُ أبٍ فـي النَّـاسِ محتـرمِ
نهرٌ من العِلمِ لَـم تَنضَـب مَنَابِعُـهُ=لا زِلتُ أَنهلُ مِـن سَلسَالِـهِ الشَّبِـمِ
قَد شَادَ فِـي قَلبِـهِ للخَيـرِ جَامِعـةً=يحَارَ فِي وَصفِهَا .. مِن عَجزِهِ ..قَلَمِي
اُسكُبْ لَهُ يا ابنَـهُ قـولاً بِمِسمَعِـهِ :=" دَع من أسـاءَ لجبـارٍ و مُنتَقِـمِ "
و ارجع فأرضيَ بعد الهجرِ مُجدِبَـةٌ=تَرنُو إلى قطرةٍ مـن غيثِـكَ العَمِـمِ
سمر محمد
10-09-2010, 04:48 AM
لأنكِ أنتِ
لأنكِ أنتِ ..
أُحبكِ أنتِ.
و ما كُنتُ أَرْضَى ..
لِقلبٍ يُغرِّد بين الحنايا..
و يرقصُ كالغُصنِ لو داعَبَتْهُ..
نسائمُ صُبحٍ ..
سِوى أنْ يبوحَ بحبِّكِ أنتِ .
و يُعلنُ ثورتَهُ في الضلوعِ ..
على العينِ إنْ أَبْصَرَتْ غيرَ حُسنَكِ
أو لم تنمْ كي تراكِ...
ملاكاً بِحُلْمِي ..
يُضيءُ شموعي..
و يُنقذُني من بحارِ أنيني
و فيضِ دموعي ..
إذا غِبتِ أنتِ .
***
فراشاتُ عِشقيَ قد غادرتني
تُحلِّقُ في نُورِ شمسكِ أنتِ .
و لو تكتوي بلهيبِ الشعاعِ ..
و نارِ الصراعِ ..
و لو كان يُرهِقُ ضوءُ المجرةِ ..
كُلَّ العيونِ..
و كانَ اْرتحالُ الفراشاتِ ضرباً ..
من اللغوِ ،
بعضَ الجنونِ ..
فليست تحيدُ فراشاتُ عِشقيَ..
عن دربها .
و ليست تثوبُ ..
ـ إذا كان في العشقِ بعضُ التجاوزِ ـ
عن غيِّها .
لقد أَدْمَنَتْ طيرَها في الفضاءِ الرحيبِ ..
برغمِ اللهيبِ .
لأنكِ يا مُنية النفسِ بدرٌ ..
بليلِ الغريبِ .
لأنكِ أنتِ
***
لأنك أنتِ الصباحُ الوضيُ ..
و أنتِ فُيوضاتُ نهرٍ من السِّحرِ يجري..
ليرويَ جدبَ فصولي .
و يبدرَ في قيظِ عمري ربيعاً ..
مُوَشَّىً بعقدٍ من الأقحوانِ .
لأني غريبٌ بهذا الزمانِ
هُرِعتُ إليكِ .
و خبَّأتُ رأسيَ في ناهديْكِ
و في مُقلتيكِ..
وجدتُ مكاني .
فأعلنتُ أني أحبكِ أنتِ
لأنكِ أنتِ .
***
لأنكِ أنت ِ ملاكي الجميلُ
و عينُكِ أوحتْ إلى البحر زرقتَهُ ..
و اشرأبَّ النخيلُ .
و من حُمرةِ الوجنتينِ ،
لُجَيْنِ الجدائِلِ ،
كَرْزِ الشِّفاهِ ، و نورِ الجبينِ ..
يغارُ الأصيلُ .
لأنكِ عطرٌ سَرى في وريدي
و بلسمُ جُرحِ الزمانِ العتيدِ
لأنكِ نيلُ
وجدتُ شراعي إليكِ تميلُ
فقاتلتُ صمتي .
لأجلكِ أنتِ .
سمر محمد
10-09-2010, 04:49 AM
أصداف البحر و لآليء الروح
1- فراشة
حلّقَت..
حولَ مصباحِ غرفةِ نوميَ..
مدبرةً، مقبلةْ .
كنتُ أحسبُها قد أتت..
كي تؤانسَني .
فإذا بها جاءت ..
لكي تُسقطَ القنبلةْ .
2- مرايا
ننتشي فرحاً ..
حين ننظرُ في عين مرآتنا .
ثم نهربُ منها..
لأنها تكشفُ سوءاتنا
3- براءة
طفلتي سَأَلَت مرةً تبتغي المعرفةْ.
كيف جئتُ، و من أينَ ؟
فاحترتُ كيفَ أجيبُ ؟
ولم أوتَ ـ بعدُ ـ الشجاعةَ والمعرفةْ .
4- شموخ
أيها الجبلُ المُرتقي صهوةَ النجمِ ..
خلفَ السحابْ .
أفلا قُلتَ لي ..
كيفَ صرتَ هناكَ ..
ونحنُـ هنا ـ لم نزل في التراب ؟
5- بدر
طولَ عمري أرى البدرَ ..
هالةَ نورْ .
إلى أن قيلَ لي ..
إنه من صخور .
ما تغيّر فكري ولا مذهبي .
إنهُ عالمي ،
إنهُ صاحبي .
6- اشتراكية
هذه الأرضُ ليست مشاعاً لأجلكَ ..
كي تشتري ..
أو تبيع .
هذه الأرضُ مقبرةٌ للجميع .
7- حرب
إنّها الحربُ قد أُعلِنَت .
طَرَفانِ هما الخاسرانِ ..
أنا و أنا .
8- جنازة
كلُّ مَن سارَ خلفَ جنازتهِ ..
ميِّتٌ مثلهُ .
إنهُ الحلمُ في وطني
9- مفارقة
طفلتانِ ..
تسيرانِ في شارعٍ واحدٍ ..
تنظرانِ لبعضهما في عَجَبْ .
طفلةٌ ..
ثوبها من ذَهَبْ .
و شبيهتها، قد طواها السَّغّبْ .
10- انكسار
انحناءُ أفانينِ صفصافةٍ ..
للجداولِ تلثمها خجلا ..
ليس يعني لها ذِلَّةً و انكسارْ .
بينما ، رجلٌ ينحني ..
لأميرٍ أو امرأةٍ..
ليسَ غصناً و لا رجلاً .
11- حرية
حين تُخلدُ للنومِ ذات مساءْ.
فلتجاهد لكي تكبحَ الحلمَ..
تمنعَهُ عن عيونِكَ ..
تحبسَهُ في دهاءْ
ذا..
لأنكَ حينَ تُفيقُ..
سيُلقي بكَ الجُندُ في السجنِ ..
متهماً بالرؤى .
13- معادلة
النسورُ التي تُسقطُ القنبلةْ .
فوق معمورةٍ آهلةْ .
لا يُقالُ لها قاتلةْ .
و العصافيرُ إن زقزقَت آملةْ .
فلها المقصلةْ .
يا لها من معادلةْ .
سمر محمد
10-09-2010, 04:50 AM
و تسألني
و تسألني ..
عن الأشواقِ فاتنتي .
و عن قلبٍ ..
تَنَازَعَهُ الجوى و السهدُ ..
يا للسهدِ إمّا استعذبتهُ الروحْ .
و تسألني ..
و تعلمُ أنها أملي
و بُغيةُ قلبيَ المجروح .
و تعلمُ أنها وطنٌ لأشعاري
شذاها في رُباهُ يفوح .
تقولُ اْبعد .
و من قلبي فلا تقرب .
و من نهري فلا تشرب .
خيالكُ طائرٌ مُتعَبْ
و قلبي مهرةٌ للريح .
و بينكما مساحاتٌ ..
بِعُشبِ الحزنِ مزروعةْ .
أحاسيسٌ من الحرمانِ موجوعةْ .
و دونيَ أبحرٌ ماجت
براكينٌ ..
دمٌ مسفوح .
***
دعيني يا رياحيني
أهِم في جنةِ الخدينِ
علّي أنهل النهرا
و أُرسي فوق شُطآنِ الهوى العُمرا
و في فِردَوسِكِ الأَبَدِيِّ
أَنثُرُ مُهجَتِي شِعرا
و ثغركِ لو يحدثني
يعودُ الشِّعرُ مًفترّا
و في عَينينِ كالفَيرُوزِ أُبصِرُِني
و أُبصِرُ قَلبيَ الضائعْ .
يُحَلِّقُ في فَرَادِيسِكْ
و يَسكنُ في أَحاسِيسِكْ
و في تِلكَ الجنانِ يَسُوحْ .
أنا عُصفورةٌ طارت على أفنَانِكِ الخضرا
ظمِئتُ ..
فَكُنتِ لي مروى
و كنتِ لخافِقِي سَلوى
لِعَلّكِ إنْ وصلتِ القَلبَ ..
عَادت يا مُناهُ الروحْ .
سمر محمد
10-09-2010, 04:51 AM
سيدة الحلم ( مقطوعة نثرية )
سأنام ..أنام
بيَ ودٌ أن أطبق أجفاني
بيَ شوقٌ للأحلامْ
و لي زمنٌ لم اهنأ بالنومِ
أرقي يصلبني على شرفات الأيام
فأطل بحزن الإنسان على الإنسان
يا سيدةً دوماً تسكن أحلامي
هل أبحر في عينيك الزرقاوين بمجدافٍ مكسور ؟
و شراعٍ خرقته الريح ؟
يا سيدةً دوماً تسكن أحلامي
هل تأتين الليلة ؟
هل يأتي من أغفو على صدره ِ
و هو يقص عليَّ حكايات علاء الدين
أو قصة ليلي و المجنون ؟
و يهدهدني و يغني لي أحلى الأنغام
يا سيدةً دوماً تسكن أحلامي ؟
أين أنت الآن و أين منامي ؟
أين جوادك ذاك الأشقر ؟
و القصر الذهبيُّ و أعمدة المرمر ؟
أين الخُدّام ؟
لا ابصرُ إلا طرقاتٍ غير معبدةٍ
و بقايا إنسان و غلام
يتسلق سور القصر المهجور
بحثاً عن كسرة خبزٍ يحرسها ثعبانٌ أرقط
أو قطعة لحمٍ في فم التنين
لا ابصر إلا أسماكاً مفترسة
توشك أنت تلتهمَ البحرَ
و البحر حزين ْ
لا اسمع إلا أصوات ذئابٍ فرحت بوليمة أغنام .
و الدنيا من حولي
كدخان يخنقني
فأشد الأغطية على رأسي
حتى لا ابصر لا اسمع لا أتنفس
يا سيدتي
فأنام
و أمنِّي نفسي أن تأتي ذات مساء
نستلقي تحت شجيرة نبقٍ
نتحدث عن عشٍ يجمع كل الفقراء الأيتام
نتجول بالحلم سنينا لا يأتي الحراس
لا اشعر بالجوع
لا شوق بي لطعام
يكفيني أن انظر في عينيك الحالمتين طويلا فأراني
لا اتعب لو سرت حياتي إليك على الأقدام
من زمن سقوط الوردة في ثانية
لزمانٍ يجهل لغة الأرقام
يا سيدة دوماً تسكن أحلامي
جئت إليك ببعض زماني .
معذرة لو أن هدايايَ إليك أحزان و حطام
إني لا املك في دنيايَ سوى قلبٍ
يترنح بين الحلم و بين اللحظةْ
في زمنٍ نضجت فيه الآثام
في زمنٍ يا سيدتي
عزت فيه علينا الأحلام
سمر محمد
10-09-2010, 04:52 AM
لحظة حزن
.... يا كم تمنى المرء ألا يعيشها أو أن تمر به .
و لكنها تحدث رغماً عنه و لا يعرف أسباباً لها ، أو ربما يعرف أسبابها و لا يريد إقناع نفسه بها .
يحاول إخفاءها عن عيون الآخرين و لكنها رغماً عنه تخرج من بين جوانحه،
فتظهر على عينيه و في قسمات وجهه .
كنت أسأل نفسي و أنا أرنو للقمر الساطع في السماء أناجيه فيضحك لي و هو يبادلني المناجاة ،
أتراني أكون أنانيا لو أشركته في حزني و لو للحظات و هو الضاحك المبتسم لي أبداً ؟
أم أن قمة التماهي أن يشاركني البدر حزني مثلما كان شهيدا على فرحي / فرحتي به و معه ؟
لكن قمري الليلة كان على غير عادته فقد رأيته حزيناً مثلي ..
و يا سبحان الله .. حتى في حزني أراه منصهراً معي !!
فهل يا ترى قد شعر بحزني فبادلني إياه ؟
أم أن هناك ما أحزنه هو الآخر ؟
سألته ، فأجاب : أخشى ....
و تركني بإجابته المفتوحة في حيرتي و غاب متوارياً خلف الغيوم
لست أدري ، لعله ذهب للقاء نجمٍ بعيد ....
أو لعله آثر ألا يريني دموعه و قد عودني على ابتسامته .
و لما كانت ( أخشى ... ) مفتوحة على عدة احتمالات ،
فقد طرحت السؤال مرات و مرات على نفسي واضعاً نفسي مكان قمري
هل يخشى المرء حدوث مفاجأة قد تكون / أو لا تكون سعيدة فتشعره بلحظة حزن ؟
هل يخشى حضور الغائب أو ضياع الحاضر ؟
ارتشفت رشفةً أخرى غصت بعدها في بحر التأمل و التفكير العميق ،
فلم أخرج منه بإجابة شافية .
سمر محمد
10-09-2010, 04:53 AM
و تلاقينا
مِنْ زمانٍ ..
حينما كُنا صِغارا
نسبقُ الريحَ ، ونطوي الأرضَ
ليلاً.. ونهارا
في ثيابٍٍ
من سناالضـوءِ
وأحلامٍ لها حجمُ صِبانا
وعيونٍ
سـافرت عبر السماواتِ
فعادت ..
تحملُ الأنجمَ أهـدابا
وعادت
تحملُ الشمسَ دِثارا
حينما جُبنا قُرىً كنا رسمناها سوياً
بقلوبٍ
في اخضرارِ الريفِ
حين تُهديهِ السحاباتُ الجميلاتُ
اخضرارا
لم يكن للوقـتِ سلطانٌ علينا
وكأنَّا
قد غرسنا في ضـلوعِ الوقتِ نصـلا
وصلبنـاهُ على جذعٍ ،
وهِمْنا
نقطفُ الحُلمَ جِهارا
***
وكبُرنا
في عيونِ الناسِ
أجساداً وأفعالاً ـ كما قالوا ـ
و لكنْ
في عيونِ الحُلمِ
ما زلنا صِغارا
نُمسكُ الظِلَّ
ونجـري خلفَ أطيـافِ الفراشاتِ
( التي أعيت خُطانا )
ثم نستلقي
على شـاطئِ بحـرٍ
( لونهُ من لونِ عينيكِ )
عميقٍ
يُبحر الرُّبَّانُ فيهِ
( فوق عمرِ البحرِ عمراً )
ثُمَّ يرتدُّ
ولم يبْلغْ قرارا
كنتُ أبني لكِ قصراً من رمالٍ
لونها كالتبرِ
من إشعاعِ مغرورٍ تدلّى
فوق وجه الرملِ
أحلى
من جبينِ الشمسِ نوراً وازدهارا.
فاسكنيهِ
أنتِ يا كلَّ مُنايا
ربَّةُ القصـرِ فتيهي
بدِّلي ما شئتِ فيهِ من أثاثٍ
بدلي غُـرفـةَ نومٍ
فاجعليها من عبيرٍ
واجعلي البهـوَ منارا
غيِّري الحُرَّاسَ من بابٍ لبابٍ
وأْمري كلَّ الوصيفاتِ
لكي يُسـرجنَ
ـ من نورِكِ يا عمري ـ
قناديلَ حياتي
غيِّري لحنَ العصافيرِ التي نامت
على شُباكِ قلبي
بابتهالاتِ العذارى
***
كم لعِبنا في مروجٍ
سلَّمت للعطرِ( في أنفاسكِ العذراءِ) نفسا
ولفُرشاتِكِ
ودياناً و نخلا
كي تصـوغيها ـ كما تبغينَ ـ لحناً
وزهـوراً ، وعطـوراً
وتُحيليها لُجيناً ونُضـارا
ثُمَّ هبَّت ـ يا ملاكي ـ ريحُهُم
تعصفُ بالقلبينِ ، حقداً
من لدُنْ من حسدوا الليلَ
على بدرٍ
أضاءَ العمرَ لم يشكُ الدياجي
كي يكونَ الأُنسَ
في ليلِ السهارى
فافترقنا
كلُّ قلبٍ في طريقٍ
وشربنا كأسَ هجرٍ
أضرمَ الوجدانَ نارا .
حِقبةٌ من عمرنا مرَّت ولا ندري مداها
كلُّ ما ندريهِ عنها
أنها حلمٌ مريعٌ
كم تمنينا ـ لكي ننساهُ ـ موتاً
أو فِرارا
***
وتلاقينا
كأنَّ الميْت يصحو( يا ملاكي )
فاسكبي ثلجاً علي رأسي
لكي أشْعرَ
أنِّي لستُ في أضغاثِ حلمٍ
و اجعليني
ألمسُ الشَّعرَ
وأجني زهرةَ الخدِّ
وأروي عطشَ العمرِ
من العينينِ و الثغرِ مِـرارا
ابسُمي كي تضحكَ الدنيا
وتأتي
بعد أن ولَّت
وخلَّتنا حيارى
غرِّدي كي يرجعَ الشدوُ
لعصفورِ الكناري
بعد أن كاد الجوى يُفنيهِ حزناً
و وجيباً و انهيارا
***
يا لقلبي
إنهُ أنتِ أخيراً
إنهُ وجهكِ
لم تعبثْ بِهِِ كفُّ الليالي
إنّهُ نفسُ السنا
قـد زادهُ العمرُ وقـارا
ليتني أسطيعُ أن أقطفَ أزهارَ الروابي
ليتني في نزقِ الأمسِ
لكي أجني الثمارا
إنه أنتِ أخيراً
و مسافاتٌ بطولِ الأفْقِ
قد أرخت على الأمسِ ستارا
فافترقنا
سمر محمد
10-09-2010, 04:54 AM
الكرنفال
يُسامرُني النِّيلُ كُلَّ مساءْ .
و نَخلاتُهُ الباسِقاتُ امتدادُ الحكايا .
فمن عهدِ فِرعَونَ
تُرهِفُ سَمعاً ،
و ليست تَبُوحُ بِسِرٍّ يُقالْ .
و هذي المراكبُ تُقبلُ ، تُدبرُ ،
تُسكِرُ ، تُبحِرُ في لُجَّةٍ من بهاءْ .
يسامرها قمرٌ..
مدَّ في الماءِ أشرعةً من لُجينْ .
و ما زلتُ أرقبُ موعدَهُ بين عُشبٍ و ماءْ .
و طاولةٍ قد تسوخُ قوائِمُهَا في الترابِ ..
لَتَشهدُ أني مددتُ إليهِ يدَ الوقتِ
لم يأتِ ،
لم يشهدِ الكرنفالْ .
و جاء شتاءٌ ،
و راح شتاءْ .
أما زلتَ تنظرُ يا نيلُ مثليَ في أعينِ القادمينَ ،
و في أعينِ الراحلينْ ؟
صبوراً رأيتُكَ رغم ازدحامِ المدينةِ،
رغم الضجيجِ ،
و رغم العناءْ .
كلانا سيجلس منتظراً
ربما ..... !!!
رُبَّما..
ربما
..
..
لستُ أدري .
و لستُ أُحسِّ سوى قسوةِ الوقتِ يمضي ثقيلاً
ثقيلا.
كلانا سينظرُ في وجهِ صاحبِهِ كالمرايا..
طويلاً ،
طويلا.
هلُمَّ إذاً كي تُقاسِمَني قهوةَ الليلِ،
أغفو على موجةٍ حانيةْ .
أراكَ حزيناً ،
و حزنُكَ حزني ،
ودمعُكَ يُشعلُ أتراحيَ العاتيةْ .
لأني أعيشُ زمانَ البلاهةِ ،
عصرَ التقزمِ و الإنكسارْ.
يُقَتِّلُنا صمتُنا كل يومٍ .
و حينَ تُراق دماءُ المدينةِ ..
نبكي قليلا.
و تُغتالُ أحلامُنا كلَّ يومٍ ..
فنبكي قليلا.
و من ثَّمَ ننسى.
كأنّا شربنا كؤوسَ البلادةِ في مرقصِ الليلِ ..
حتى الصباحْ .
فيا نيلُ لا تسأَلَنْ عن قروحيَ
لا تنكأِ الجُرحَ ،
دعني أَعِشْ لحظةَ الانتظارْ .
و قم واصلِ السيرَ نحو الخلودْ.
تظلُّ كما أنت نبعَ العطاءْ
و نحنُ غثاءْ .
فما زلتَ تشهدُ ما يعترينا
و تبكي لأجلِ المدينةِ ..
ُتهرقُ ماءَكَ في كُلِّ عرقٍ،
تُقَبِّلُ أعينَنَا كل يومٍ.
و تزرع فينا بذور الإباء .
و نحن غثاءْ .
و ما زلتَ تصرخُ فينا " انهضوا "
و تشحذُ هِمَّةَ كلِّ سقيمٍ ، و كلَّ خنوعٍ ..
يولولُ من حسرةٍ كالنساءْ.
و نحنُ غُثاءْ
أيا صاحبي النيلُ واصلْ مسيرَكَ،
دعني هنا.
و لا تنسَ موعِدَنا كلَّ يومٍ
تعود إليَّ ، فتلقي السلامْ .
تسامرني ثم تمضي
فيرحلُ معْ شاطئيك الكلامْ
و أبقى وحيداً ..
وحيداً..
وحيدا
أغوصُ ببحرٍ من الذكرياتْ.
سمر محمد
10-09-2010, 04:55 AM
إبحار
بدأتُ إليكِ إبحاري..
وفُلكي من شعاعِ الشمسِ أشرعةٌ.
وأشعاري..
تسابقني..
إلى الوطنِ الذي يحيا بوجداني.
و يسري في شراييني
كأنسامِ الصباحِ الغضِّ..
أو كنوافذِ الدارِ..
إذا ما استقطَبَت قمراً..
يُضيء حوالك الظلمه.
أخاطبُهُ..
وأنثرُ في مدى عينيهِ..
أشواقي وأعطاري.
وارفعُ مجدَهُ هرماً يُكللني.
وأنقشُ رسمَهُ نيلاً علي صدري.
وأكتحِلُ..
إذا ما النوحُ أرمدني..
بطيبِ ثراكَ يا وطني.
وأرتحلُ..
حنيناً في عروقِ الأرضِ..
في شريانِكَ الخصبِ..
وفي الزيتونِ والرطْبِ..
وفي همساتِ أزهاري.
أُباهي أنني قد جئتُ..
من تاريخِكَ الغضِّ.
فمن عينينِ صافيتينِ مثل البحرِ..
كان صفاءُ أفكاري.
ومن ثغرٍ..
تبسَّم مثل نورِ الصبحِ إن يضحكْ.
ومن نبضاتِ سُمَّاري..
ومن قِنديلِ قريتنا..
"بكفرِ الشيخِ"..
من أنغامِ مزمارِ..
نظمتُ قصائدي نشوى..
أُهدهدها..
على ألحانِ أوتاري.
سمر محمد
10-09-2010, 04:56 AM
المُبتَلَى
أنا المُبتَلَى بِالقَصِيدَةْ .
فَهَل مِن مُدَاوٍ لِمِثلِ ابتِلائِي ؟
و هَل مِن طَبِيبٍ يُخَلِّصُنِي مِن عَنَائِي و دَائِي ؟
و هل يَعلَمُ النَّاقِمُونَ
بأنِّي سَكَبتُ المَشَاعِرَ
لا لأُتاجِرَ
لا ، أو أُرائِي .
و لا بِعتُ شِعرِي بِبَخسٍ لأُرضِيَ ذا صَولَجَانٍ
و لا فِي المَراقِصِ عَلَّقتُ صَوتَ قَصِيدِيَ
فَوقَ حَنَاجِرِ أَهلِ البِغاءِ .
و مَا كُنتُ أَسعَى إِلى شُهرَةٍ
تَرفَعُ اسميَ فَوقَ رُؤُوسِ البَرَايَا
و تَنقُشُهُ فَوقَ نَجمِ السَّماءِ .
فَلِمْ تَقطَعُونَ وَرِيدَ حُروفي ؟
و لِمْ تَركُضُونَ وَرَائِي ؟
و مَا كُنتُ غيرَ امرِئٍ مُبتَلىً بالقصيدةْ .
أُفَتِّشُ في بَحرِهَا عَن مَعَانٍ جَدِيدَةْ .
و أرسُمُهَا وَطَناً ـ لا حُدودَ لَهُ ـ
أو خَريِدَةْ .
و أجعَلُهَا شَوكَةً في حُلُوقِ المُغَاليِنَ
أو جَمرَةً في جُفُونِ المُرائي .
أَنَا شَاعِرٌ يَزرَعُ القَمحَ ،
قَمحَ البَشَائِرِ
يَروِيهِ مَاءَ المَشَاعِرِ
فِي تُربَةِ الفُقَراءِ
فَتَنمُو سَنَابِلُهُ فِي القُلُوبِ
و تَنثُرُ فِي ذا الفَضَاءِ طُيُوبِي
و تَبعَثُ فِي النَّفسِ مَيْتَ الرَّجاءِ
أَنَا شَاعِرٌ
صَدقَ الشِّعرَ وَعدا
أَخَذتُ عَلَى عَاتِقِي أَن أَكُونَ
لِرَوضِ القَصَائدِ وَرداً و وِردا
فَيَجرِي لِوديَانِهَا عَذبُ مَائِي .
و لَم يَخلَعِ الشِّعرُ فَوقِيَ
أَردِيَةً مِن ثَرَاءِ
فَلِم تَقطَعُونَ وريدَ حُرُوفِي ؟
و لِمْ تَركضُونَ وَرَائِي ؟
خُذُوا كُلَّ هَذِي الدَّوَاوِينِ عَنِّي
خُذُوا كُلَّ فَنِّي
خُذُوا قَلَمِي ، وَرَقِي ،
هَذِه الكُتْبَ نبعَ العطاءِ
خُذُوا ما تَشَاءُونَ مِنِّي
و لَن تَستَطِيعُوا سَبِيِلاً إِلَى كِبرِيَائِي
أنا المُبتَلَى بِالقَصِيدَةْ .
و ذاتَ صباحٍ فَتَحتُ الجَرِيدةْ .
أُفَتِّشُ فيها عَنِ اْسمِي و رَسمِي
فَمَا أَبصَرَت مُقلَتِي غيرَ صُورَةْ .
نَعَم صُورَتِي عُلِّقَت
فوقَ بابِ الحَوادِثِ
تَرشقُها أَسهُمُ الأصدِقاءِ
يُرِيِقُونَ فَوقَ السُّطُورِ دِمائِي
يُبِيحونَ لحمي
و عَظمِي
و حُلمي
و ما قَد تَبَقَّى مِنَ المُبتَلَى بِالغِنَاءِ
و يَبتَدِعُونَ قَصَائِدَ
تُدمِي القُلوبَ
تُحِيلُ دُمُوعَ المآقي دَماً في رِثائي
فَيَا لَبَلائِي
و تأتِي الرَّسَائِلُ مُثقَلَةً بالدُّمُوعِ الغَزِيرَةْ .
تُزَيِّنُ صَدرَ الجَريدَةْ
و تَنعَى بِكُلِّ الأَسَى مُبتَلَىً بالقصيدةْ .
سمر محمد
10-09-2010, 04:57 AM
لنا وحدنا تغني الطيور
تمهل قليلاً
فقلبي الذي أثخنتهُ الجراحْ
يتوق إليكَ لنورِ الصباحْ
لفجرٍ بعيدْ
يطلُّ على مهجتي مثل عيدْ
فيرسم فوق الشفاهِ الحياةَ
و يبدر في مهجتي الانشراحْ
أمدُّ إليكَ يديَّ فخذني
و كفكف دموعي التي قد أبيحت
على الخدِّ تجري
فما زلت بلسمَ جرحي العتيدْ
و نبض الوريدْ
أطلُّ على الغدِ في مقلتيكَ
فأبصرُ نفسي
كعصفورةِ الصبحِ
مدَّت إليك الجناحْ
نطير معاً في الفضاءِ البراحْ
لنا وحدنا الشدوُ
دون الطيورِ
شجيٌّ مُباحْ
دعِ الأمسَ عُد من جديدْ
سأنسى التباريحً
أنسى الجراح
لأنكَ كنتَ دواءَ الجراحْ
سمر محمد
10-09-2010, 04:58 AM
قالت جملتينِ و سافَرَت
عَزَفَت على أوتارِ قلبيَ
من لحونِكَ يا وطنْ .
كالصبحِ جاءت من بعيدٍ
بعد ليلٍ
كانَ سَافَرَ في فضاءاتِ المجرةِ
حاملاً كل النجومِ
لترسمَ الفجرَ الجميلَ على عيونِ القلبِ
حينَ غَفَت على كتفِ الظلامِ
و داعبت حُلُماً تبرعمَ في الحنايا
منذ آلافِ السنين.
جاءت " شَجَنْ " .
جاءت لتبعثَ موتَ أزهاري التي ذَبَلت ،
و عاثت في حدائقها الرياحْ .
جاءت بأغنية الصباحْ :
" قم يا وطنْ ."
قُمْ فاغسلِ الوجهَ الذي نَقَشَت عليهِ
ـ بريشةِ القهرِ ـ الضياعَ
يدُ الزمنْ .
قُم فاقتلِ الموتَ الذي في القلبِ يبني عُشَّهُ .
و على نياطِ القلبِ يُعلنُ سطوةَ النمروذِ
حين يعيثُ في كلِّ البدنْ .
فاحت من الأطرافِ
مُنذ غَدَت لتمّوزَ الفريسةَ
و الحبيسةَ
ـ يا فتى الأحلامِ ـ
رائحةُ العفنْ .
ما لي أراكَ و قد تحجّر وجهُكَ المرويُّ
من نهرِ الحياءِ
تَسَمَّرَت قدماكَ
و ارتعدت يداك َ
و أنتَ تحملُ بعضَ جُرحي يا حبيبي
قد عرفتُكَ شامخاً كالنخلِ
تضربُ في الثرى جذراً
و في أُفُقِ السماءِ يسافرُ السَّعَفُ الأبيُّ
لكي يلامسَ نجمةً .
لا تستبيكَ الريحُ رغم عُتوِّها.
لا يسكنُ الخوفُ العروقَ
و لا مدائنُ عينِكَ البحريةُ الشمَّاءُ
عاثَ بها الوَهَنْ .
أناْ منكَ ،
أنتَ بناظريَّ حدائقُ الرُّمّانِ و الليمونِ
في جفنيكَ أهربُ من جحيمِ الطائراتِ
فتُطبقُ الأهدابَ
تحمي لائذاً بترابِكَ الذهبِ المضمَّخِ باللبنْ .
أناْ منكَ أغنيةٌ صداها قد ترددَّ
في فضاءِ الكونِ
أنت ليَ السكنْ .
جاءت شَجَنْ .
جاءت و في اليمنى شموعٌ
أوقدتها من لهيبِ الإنتظارِ
و باليسارِ
تناولت عُشبَ الربيعِ هديةً للجدبِ
في قلبٍ جَفَتهُ الهاطلاتُ
و عَربَدَت فيه الإحَنْ .
صنَعَت من الحُزنِ المُخَيِّمِ في العيونِ..
مراكباً للشمسِ
قالت جُملتينِ و سافرتْ
كنسيمِ صُبحٍ ،
و ارتَقَت
دَرَجاً إلى العلياءِ حيثُ مكانُها
لِتشِعَّ في أرضِ الخطيئةِ شمسُها
و تُميطَ عنها مِن أذى مَن عربدوا
بِشَمَالِها و جنوبِها .
قالت كُليماتٍ
سأتركُ فيكمُ النورَ الذي أرسلتهُ لظلامِكم
فلتهنأوا.
و سأترك البحرَ الذي عشقتهُ أجنحةُ النوارسِ
هادئا .
والموجُ يلثمُ في اشتياق مسافرٍ لذويهِ
من بعد الرجوعِ مرافئا .
و يعاقرُ الرُّبّانَ
و الحيتانَ و الجزرَ البعيدةَ والسّفنْ .
جاءت شجن .
جاءت كبرقٍ خاطفٍ خلبَ العيونَ
و سافرت نحو البعيدْ .
نقشت رسالتها الأخيرةَ من دموع القلبِ
قالت : لن أعودْ .
طارت كعصفورٍ طليقٍ
بيدَ أن أريجها
و صدى حديثٍ ممعنٍ في الصدقِ
باقٍ في الفؤادِ
و خالدٌ عبر الزمنْ .
سمر محمد
10-09-2010, 05:00 AM
مَدَدتُ يَداً
هَا هيَ يدي أَمُدُّها إليكِ
و ها هيَ أشرعةُ قلبي قد هيأتها لتستقليها
كي تبُحري بي في عالمٍ من السعادةِ
عالمٍ لا يوجد فيه سِوانا
لا حاجةَ لي فيهِ إلى شمسٍ تُشع دفأها،
فأنتِ شمسي .
و لا لأشجارٍ أتفيَّأ ظلها من وهجِ الظهيرة ،
و لفحِ المشاعرِ ،
فأنت روضتي و أشجاري .
و إذا جنَّ عليَّ الليل و اشتدت ظلمته ،
كنتِ القمرَ الذي يُضيئه ،
و يفرد علي جنباتهِ أجنحةَ النور.
أشم عبيرَ أنفاسِك ..
فكأنني أشم أطيب الأزاهير .
و أسمعكِ تصدحينَ فأحسُّ بفرحة العنادلِ ،
و هديلِ الحمائمِ ،
و همساتِ الكناري .
أتمايلُ معكِ طرباً ..
و كأنني غصنٌ أخضر وقفت عليه أطيارُ قلبِكِ ،
تعزف أجملَ ألحانِ الهوى في مسمعيَّ .
هأنذا أمد إليك يدي
فتلمسي دفأها
و استشعري نبضاتِ الحُبِّ في رعشاتها
احتضنيها بقوةٍ
و دعيني أضُمكِ إلى صدري
و أغمض عيني
فأراكِ في عالمي الورديِّ حمامةً بيضاء ..
جاءت مسرعةً ،
بعد عناءِ رحلةِ العمرِ المسافرِ للمغيبِ ،
لتستريحَ على نافذةِ قلبي ..
تنظر إليَّ فتجدني أبادلها الهديلْ .
أقول لها اقتربي ..
فمن عينيكِ ، و إليكِ ..
سأبدأ الرحيل الجميلْ .
و أنا مشتاق من زمنٍ ..
لرحيل يشطرني ،
يجعلني أتشظى
فتبعثرني الريح في فراديس بهائك .
سيدتي ..
ما أجمل أن نعيشَ الحبَّ الصادقَ
في زمنٍ تحكمهُ المادةُ
و قوانينُ القوةِ
دعينا نُرسي مبدأ البقاء للأكثر حباً
في زمنٍ
ندر فيه أن نجد حباً ..
أو حبيباً صادقاً
سمر محمد
10-09-2010, 05:01 AM
لا شيئَ يَسُرّْ
مختلفاً كان صباحي هذا
عن كل صباحْ .
و كأني في يومٍ آخرْ
أو فصل آخر غير فصول العام .
أو عامٍ آخر غير سنين العمرْ .
أتجرع ظلمة ليلي الموصول بهذا الصبحْ .
تتمكن موجات البرد القارس من أوصالي
تذوي أزهار حديقة روحي
إذ جافاها النورُ ...
و خاصمها العطرْ .
و طيور القلب ال...كانت تشدو كل صباحْ
ظلت قابعةً في أعشاش الوجدانْ
تستجدي اللحن فلا يسعفها الصوتْ
تقتات القهرْ .
و أنا ..
و أنا الماثل قُدَّام عيونٍ من لون البحرْ
لا شيئَ يَسُرْ .
و حياتكِ ..
لا
شيئ
يسرْ .
هل تدرين لماذا ؟
:
:
:
:
:
هل تدرين لماذا يا شمسَ الصبحِ
ال ... غابت عن عيني ساعة
فاختنق الفجرْ ؟
سمر محمد
10-09-2010, 05:02 AM
أعياد
صَبَاحُكِ عيدُ .
و كُلُّ صَبَاحٍ رأيتُكِ فيهِ
و شَقشَقَ عُصفُورُ ثَغرِكِ فوقَ نَوَافِذِ قَلبِي
ليمحُوَ حُزنَ اْغتِرَابِي ،
و يُوقدَ شَمعةَ ليليَ ،
عِيدُ .
و كُلُّ ابتسامةِ شَوقٍ زَرَعتِ بِصَحرَاءِ عُمرِي
و رَوَّيتِها مِن يَنَابِيعِ قَلبِكِ ،
عِيدُ .
و حُبُّكِ عِيدُ .
و قَلبُكِ عِيدُ .
و طِفلُكِ هذا المُدَلَّلُ حينَ ارتدى في صَباحِكِ
ثَوباً جديداً ،
تَوَضَّأ من نُورِ وجهِكِ ،
صلَّى بمحرابِ عَينِكِ ،
مَدَّ ـ إلى كفِّكِ اليَاسَمِينِ ـ شِفاهَ صَدَاهُ
أتاهُ هِلالُكِ
بشَّرَهُ أَنَّ عِيدَكِ عيدُ .
و أَنَّكِ سوفَ تَجُودينَ في العِيدِ أكثرْ .
ستُعطينَهُ مِن رُضَابِكِ سُكَّرْ.
و مِن رَوضةِ الخَدِّ .. يا عُمرَهُ.. اليَاسَمِينَ المُعَطَّرْ .
و بَشَّرَهُ ..
أَنَّهُ سَوفَ يَغفُو بِدَوحَةِ صَدرِكِ
تَرعاهُ تِلكَ الحَمَائِمُ
تَسقِيهِ مِن كَوْثَرٍ في الضُّلُوعِ تَفَجَّرْ .
و تَصنَعُ مِن سُنبلاتِ جَنانِكِ خُبزاً
لِكُلِّ فَقِيرِ
و من خيطِ وَصلِكِ ثَوباً
لكلِّ أسِيرِ
فيأتيهِ مِن بَعدِ أَسرَيْنِ عِيدُ .
و فَرحتُهُ حينَ أَبصَرَ في مُقلَتَيكِ البِلادَ الحَزِينَةَ
تَخلعُ ثَوبَ الحِدادِ
ـ و في الحُلمِ ـ
تَنزِعُ ذُلَّ القِيادِ
و تَبعَثُ مَجدَ الأَوَائلِ ،
عِيدُ .
و حينَ رأى النِّيلَ يَختالُ في كِبرياءٍ
بِكُلِّ الشَّوَارعْ .
و صَوتَ المُؤَذِّنِ في القُدسِ يَعلُو
على صَوتِ كُلِّ ذَلِيلٍ
و خَانِعْ .
و دِجلةَ يَمسحُ دَمعةَ حُزنٍ جَرَت فَوقَ خَدِّكِ ،
عِيدُ .
و شَدوُكِ عِيدُ .
و صَوتُكِ حِينَ يَقولُ " أحبُّكَ " ،
عِيدُ .
و لَمسةُ كَفَّيْكِ
حينَ امتدادِ الفَرَاشَاتِ فَوقَ سَرِيرِ ضِيَائِكِ ،
عِيدُ
و حينَ أَصَاخَ الوُجودُ لِصَوتِ الوَلِيدِ
و زَفَّت عَصافِيرُهُ الخُضرُ
بُشرى اْنبعاثِ الوَضَاءةِ
مِن رَحِمِ النُّورِ ،
عيدُ .
فَيَا رَبَّةَ العِيدِ ،
يا بَهجَةَ العِيدِ :
هَل أَنصَفَتْكِِ القَوَافِي ؟
و ما كانَ شِعرُ المُعَنَّى سِوَى نَبضةٍ في الفؤادِ الذي
ـ حِينَ حَطَّت طُيُورُكِ فَوقَ أَفَانِينِهِ اليَابِسَاتِ ـ
اْمتَطَى صَهوَةَ الحُلمِ
حَيَّاهُ عيدُ ،
و أحياهُ عيدُ .
19/11/2009 م
سمر محمد
10-09-2010, 05:03 AM
هوَ البحرُ أنتِ
لِزَامٌ عَلَيكِ
لِزَامٌ عَلَيَّ
ـ و نَحنُ نَخُوضُ الخِضَمَّ الجَدِيدَ
أَيَا رَبَّةَ البَحرِ و اليَاسَمِينِ المُطرَّزِ بِالحُزنِ ـ
أَن نَتَرَوَّى .
هُوَ العُمرُ كَالمَاءِ مُنفَلِتاً
مِن أَصَابعِ نَشوَتِنَا
رَاقِصاً كَالسَّرَابِ عَلَى وَقعِ رِيحٍ
تُضَاجِعُ نَخلةَ أَيَّامِنَا البَاقِيَهْ .
أَيَنبُتُ نَعنَاعُ شَوقٍ
عَلَى صَخْرَتيِّ انتِظَارِي ؟
أَمِ المَوتُ والرِّيحُ يَقتَلِعَانِ جُذُورَ اصطِبَارِي ؟
عَلَى بَابِ قَصرِكِ
أَفنَى وَحِيداً
تُدَثِّرُنِي بِالمِياهِ يَدُ البَحرِ
تَحمِلُنِي للنِّهايَةِ أَموَاجُهُ العَاتِيَهْ .
هُوَ البَحرُ عَينَاكِ ..
فَلتَرفُقِي
إِن حَمَلتِ عَلَى هُدبِ مَوجِكِ
قِصَّةَ أَمسِيَ
لِلهَاوِيَهْ .
هُوَ البَحرُ سِرِّي و طُهرِي
و أَنتِ جَزِيرَتُهُ النَّائِيَهْ .
فَكَيفَ سَتُقلِعُ مِنِّي إِلَيكِ مَرَاكِبُ أَحلامِيَ الوَاهِيَهْ ؟
و كَيفَ تُقَاوِمُ طَيشَ الرِّمَاحِ ،
جُنُونَ الرِّيَاحِ
و تِلكَ الجِرَاحِ الَّتِي أَنبَتَت فِي ضُلُوعِ الكَلِيمِ
أَزَاهِيرَ أَحزَانِهِ القَانِيَهْ .
هُو البَحرُ أَنتِ .
دَعِينِي ،
و مَا قَد تَبَقَّى مِنَ العُمرِ أُرسِي الشِّراعَ
عَلَى شَاطِئِ النُّورِ
فِي شَفَتَيكِ
فَأَقتَاتُ كَالطَّيرِ عُشبَ الأَمَانِي
أُدَاوِي جِرَاحِي بِصَوتِكِ حِينَ يَقُولُ : حَبِيبِي
و نَبضُكِ فِي رِحلَةِ العُمرِ زَادُ الغَرِيبِ
أَشُدُّ بِهِ ظَهرَ لَحْظَاتِيَ الفَانِيَهْ .
فَلا تَهجُرِي الرَّوضَ
يا أُقحُوانَتَهُ الزَّاهِيَهْ .
هُوَ البَحرُ أَنتِ
أُحَدِّثُهُ كُلَّ لَيْلَهْ .
عَنِ الطِّفلِ فِيَّ تُعَاوِدُهُ الذِّكرَيَاتُ
عَنِ الطِّفلِ يُمسِكُ ظِلَّهْ .
يُسَابِقُهُ فِي الحُقُولِ الفَرَاشُ
فَيَسبِقُهُ كَي يَفُوزَ بِقِطعَةِ حَلوَى
تُقَدِّمُهَا كَفُّكِ الحَانِيَهْ .
هُوَ البَحرُ أَنتِ
أُحَدِّثُهُ عَن أَدَقِّ التَّفَاصِيلِ
عَن نَزَقِ الوَلَدِ الغَجَرِيِّ الذي ضَعضَعَتهُ المَوَانِئُ
و هْوَ يُنَقِّلُ أَقدَامَهُ فِي البِلادِ البَعِيدَةِ
بَحثاً عَنِ الخُبزِ
يَحرُسُهُ أُخطُبوطُ المَرَافِي
عَنَ الثَّوبِ
يَستُرُهُ مِن هَجِيرِ الشَّوَارِعِ ، بَردِ المَنَافِي
عَنِ الخَيطِ يَرتِقُ أسمَالَهُ البَالِيَهْ .
هُوَ البَحرُ أَنتِ
أُحَدِّثُهُ عَن بِلادِي التي أَثخَنَتهَا الجِرَاحَاتُ طَعنَا
و عَربَدَ فِيهَا لُصُوصُ البُنُوكِ
و ظُلمُ المُلُوكِ
و ضَاقَ بِهَا النِّيلُ ذَرعاً فَأَلقَى بِأَشرِعَةِ الصَّمتِ
فِي البَحرِ حُزنَا
فَمَا كَفكَفَ الفَجرُ أَدمُعَهُ الجَارِيَهْ.
هُوَ البَحرُ أَنتِ
أُرَاوِدُهُ .. مَا تَبَقَّى مِن العُمرِ .. عَن نَفسِهِ .
فَيحمِلُهُ المَدُّ نَحوِي
و يُبعِدُهُ الجَزرُ عَنِّي
يُعَاتِبُنِي نَورَسُ القَلبِ إِن غِبتُ عَنكِ
و إِن غِبتِ عَنِّي
فَيَزجُرُهُ نِسرُ صَدِّكِ يَا طِفلَتِي القَاسيَِهْ
هُوَ البَحرُ أَنتِ .
فَإِن جَفَّ بَحرُكِ ،
كُلُّ المُحِيطَاتِ بَعدَكِ،
كُلُّ الفَضَاءَاتِ بَعدَكِ ،
لا تَحتَوِينِي .
فَكُونِي .....
و كُونِي .....
و كُونِي ....
29/4/2010 م
vBulletin® v3.8.9, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd by