][ لَيْلَة الْقَدْر
][
هِي إِحْدَى لَيَالِي شَهْر رَمَضَان و أَعْظَمَهَا قَدْرَا ،
حَيْث يُؤْمَن الْمُسْلِمُوْن أَنَّهَا خَيْر مِن أَلْف شَهْر ،
و هِي الْلَّيْلَة الَّتِي أَمَر الْلَّه فِيْهَا جِبْرِيْل بِإِنْزَال الْقُرْآَن
مِن الْلَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى مَكَان فِي سَمَاء الْدُّنْيَا
يُسَمَّى "بَيْت الْعِزَّة" ،
ثُم مِن بَيْت الْعِزَّة صَار يُنَزِّل بِه جِبْرِيْل ،
عَلَى مُحَمَّد صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم مُتَفَرِّقا ،
عَلَى حَسَب الْأَسْبَاب و الْحَوَادِث ،
فَأَوَّل مَا نُزِّل مِنْه كَان فِي غَد تِلْك الْلَّيْلَة
نَزَل خَمْس آَيَات مِن }*~ سُوْرَة الْعَلَق .
لَيْلَة الْقَدْر فِي الْقُرْآَن وَ الْأَحَادِيْث الْنَّبَوِيَّة
][ سُوْرَة الْقَدْر][
{ إِنَّا أَنْزَلْنَاه فِي لَيْلَة الْقَدْر *و مَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقَدْر *
لَيْلَة الْقَدْر خَيْر مِن أَلْف شَهْر * تَنَزَّل الْمَلَائِكَة و الْرُّوُح فِيْهَا
بِإِذْن رَبِّهِم مِن كُل أَمْر * سَلَّام هِي حَتَّى مَطْلَع الْفَجْر }.
قَال رَسُوْل الْلَّه مُحَمَّد صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم
:
« تَحَرَّوْا لَيْلَة الْقَدْر فِي الْعَشْر الْأَوَاخِر مِن رَمَضَان » .
قَال رَسُوْل الْلَّه مُحَمَّد صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
:
« مَن قَام لَيْلَة الْقَدْر إِيْمَانا وَ احْتِسَابا
غُفِر لَه مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبِه ».
عَن ام الْمُؤْمِنِيْن عَائِشَة بِنْت أَبِي بَكْر
رَضِي الْلَّه عَنْهَا و ارْضَاهَا أَنَّهَا قَالَت
:
« يَا رَسُوْل الْلَّه ، أَرَأَيْت إِن عَلِمْت
أَي لَيْلَة لَيْلَة الْقَدْر مَا أَقُوْل فِيْهَا ؟
قَال }*~ " قَوْلِي :
الْلَّهُم إِنَّك عَفُو كَرِيْم تُحِب الْعَفْو فَاعْف عَنِّي " » .
عَن عَبْد الْلَّه بْن أَنَبِي أَنَّه قَال
:
« يَا رَسُوْل الْلَّه ،
أَخْبَرَنِي فِي أَي لَيْلَة تَبْتَغِى فِيْهَا لَيْلَة الْقَدْر ؟
فَقَال :
" لَوْلَا أَن يُتْرَك الْنَّاس الْصَّلاة إِلَا تِلْك الْلَّيْلَة
لَأَخْبَرَتْك " » .
][ تَعْظِيْم لَيْلَة الْقَدْر ][
يُؤْمِن الْمُسْلِمُوْن بأن الْلَّه
عِظَم أَمَر لَيْلَة الْقَدْر}*~ فَقَال تَعَالَى :
{ وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقَدْر }
أَي أَن لِلَيْلَة الْقَدْر شَأْنا عَظِيْمَا
و بَيْن أَنَّهَا خَيْر مِن الْف شَهْر }*~ فَقَال :
{ لَيْلَة الْقَدْر خَيْر مِّن أَلْف شَهْر }
أَي أَن الْعَمَل الْصَّالِح فِيْهَا يَكُوْن ذَا قَدْر عِنْد الْلَّه تَعَالَى
خَيْرا مِن الْعَمَل فِي أَلْف شَهْر .
و مَن حَصَل لَه رُؤْيَة شَيْء مِن عَلَامَات لَيْلَة الْقَدْر
يَقَظَة فَقَد حَصَل لَه رُؤْيَتُهَا ،
و مَن أَكْثَر عَلَامَاتِهَا }*~ لَا يَظْهَر إِلَّا بَعْد أَن تَمْضِى ،
مِثْل : أَن تُظْهِر الْشَّمْس صَبِيّحَتْهَا لَا شُعَاع لَهَا ،
أَو حَمْرَاء ، أَو أَن لَيْلَتَهَا تَكُوْن مُعْتَدِلَة ،
لَيْسَت بَارِدَة و لَا حَارَّة ،
و مِن اجْتَهَد فِي الْقِيَام و الْطَّاعَة و صَادَف تِلْك الْلَّيْلَة
نَال مِن عَظِيْم بَرَكَاتُهَا فَضْل ثَوَاب الْعِبَادَة تِلْك الْلَّيْلَة .
قَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم :
" مَن قَام لَيْلَة الْقَدْر
إِيْمَانا و احْتِسَابا غُفِر لَه مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبِه "
رَوَاه الْبُخَارِي
.
][ قِيَام لَيْلَة الْقَدْر ][
و قِيَام لَيْلَة الْقَدْر }*~ يَحْصُل بِالصَّلَاة فِيْهَا
إِن كَان عَدَد الْرَّكَعَات قَلِيِلا أَو كَثِيْرا ،
و إِطَالَة الصَّلَاة بِالْقِرَاءَة أَفْضَل }*~
مِن تَكْثِيْر الْسُّجُود مَع تَّقْلِيْل الْقِرَاءَة ،
و مَن يَسَّر الْلَّه لَه أَن يَدْعُو بِدَعْوَة فِي وَقْت سَاعَة رُؤْيَتِهَا ،
كَان ذَلِك عَلَامَة الْإِجَابَة ،
فَكَم مِن أُنَاس سَعِدُوْا مِن حُصُوْل مَطَالِبِهِم ،
الَّتِي دُعُوٓا الْلَّه بِهَا فِي هَذِه الْلَّيْلَة .
ثُم قَال الْلَّه تعَالىَّ :
{ تَنَزَّل الْمَلَائِكَة و الْرُّوْح فِيْهَا بِإِذْن رَبِّهِم مِّن كُل أَمْر }
و يُرْوَى عَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم أَنَّه قَال
:
" إِذَا كَانَت لَيْلَة الْقَدْر ،
نَزَل جِبْرِيْل فِي كَبْكَبَة (أَي جَمَاعَة) مِن الْمَلَائِكَة ،
يُصَلُّوْن و يُسَلِّمُوْن عَلَى كُل عَبْد قَائِم أَو قَاعِد يَذْكُر الْلَّه ،
فَيَنْزِلُوْن مِن لَدُن غُرُوْب الْشَّمْس إِلَى طُلُوْع الْفَجْر " .
فَيَنْزِلُوْن بِكُل أَمْر قَضَاه الْلَّه فِي تِلْك الْسَّنَة
مِن أَرْزَاق الْعِبَاد وَءَاجَالِهِم إِلَى قَابِل ،
و لَيْس الْأَمْر كَمَا شَاع بَيْن كَثِيْر مِن الْنَّاس
مِن أَن لَيْلَة الْنِّصْف مِن شَعْبَان :
هِي الْلَّيْلَة الَّتِي تُوَزِّع فِيْهَا الْأَرْزَاق
و الَّتِي يُبَيِّن فِيْهَا و يَفْصِل مَن يَمُوْت
و مَن يُوْلَد فِي هَذِه الْمُدَّة
إِلَى غَيْر ذَلِك مِن الْتَّفَاصِيْل مِن حَوَادِث الْبَشَر .
بَل تِلْك الْلَّيْلَة هِي :-
{ لَيْلَة الْقَدْر }
كَمَا قَال ابْن عَبَّاس تُرْجُمَان الْقُرْءَان فَإِنَّه قَال فِي قَوْل الْقُرْآَن :
{ إِنَّا أَنْزَلْنَاه فِي لَيْلَة مُّبَارَكَة إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِيْن (3)
فِيْهَا يُفْرَق كُل أَمْر حَكِيْم (4
) }
هِي { لَيْلَة الْقَدْر
} :-
فَفِيْهَا أَنْزَل الْقُرْءَان و فِيْهَا يُفْرَق كُل أَمْر حَكِيْم
أَي كُل أَمْر مُبْرَم أَي أَنَّه يَكُوْن فِيْهَا تَقْسِيْم الْقَضَايَا
الَّتِي تَحْدُث لِلْعَالَم مِن مَوْت و صِحَّة و مَرَض و غِنَى و فَقْر
وَغَيَّر ذَلِك مِمَّا يَطْرَأ عَلَى الْبَشَر مَن الْأَحْوَال الْمُخْتَلِفَة
مِن هَذِه الْلَّيْلَة إِلَى مِثْلِهَا مِن الْعَام الْقَابِل .
ثُم قَال الْلَّه تَعَالَى :
{ سَلَّام هِي حَتَّى مَطْلَع الْفَجْر }
فَلَيْلَة الْقَدْر سَلَام و خَيْر عَلَى أَوْلِيَاء الْلَّه ،
و أَهْل طَاعَتِه الْمُؤْمِنِيْن ،
و لَا يَسْتَطِيْع الْشَّيْطَان أَن يَعْمَل فِيْهَا سُوَءا أَو أَذَى ،
و تَدُوْم تِلْك الْسَّلَامَة حَتَّى مَطْلَع الْفَجْر .
عَن عَائِشَة رَضِى الْلَّه عَنْهَا قَالَت :
" قُلْت : يَا رَسُوْل الْلَّه إِن عَلِمْت لَيْلَة مَا أَقُوْل فِيْهَا ؟
قَال }*~ قَوْلِي :
الْلَّهُم إِنَّك عَفُو تُحِب الْعَفْو فَاعْف عَنِّي" .
و كَان أَكْثَر دُعَاء الْنَّبِي فِي رَمَضَان و غَيْرِه
:
" رَبَّنَا ءَاتِنِا فِي الْدُّنْيَا حَسَنَة
و فِي الْآَخِرَة حَسَنَة و قِنَا عَذَاب الْنَّار " .
][ عَلَامَات لَيْلَة الْقَدْر ][
إِن لِلَيْلَة الْقَدْر عَلَامَات أَشَار إِلَيْهَا
الْرَّسُوْل مُحَمَّد صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم مِنْهَا :-
*ان تَطْلُع الْشَّمْس لَا شُعَاع لَهَا بَعْد تِلْك الْلَّيْلَة
" قَد يَكُوْن لَإِن الْمَلَائِكَة تُغَادر أَلْأَرْض بَعْد الْفَجْر
فَتَحْجُب هَذِه الْكَائِنَات الْنُّوْرَانِيَّة
الْشُّعَاع الْقَادِم مِن الْشَّمْس إِلَى الْأَرْض " .
* و أَنَّهَا لَيْلَة لَا حَر فِيْهَا و لَا بَرْد
لِقَوْل الْقُرْآَن " سَلَام هِي حَتَّى مَطْلَع الْفَجْر " .
مِمَّا تَصَفَّحْت و أَعْجَبَنِى }*~ فَأَحْبَبْت نَقَلَه لَكُم ..